أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي 2024: تأثير الحروب والصراعات المسلحة على العمال والكادحين، والحركة النقابية - محمد بن زكري - لا عيد عمال تحت سلطة الكليبيتوقراط















المزيد.....

لا عيد عمال تحت سلطة الكليبيتوقراط


محمد بن زكري

الحوار المتمدن-العدد: 7994 - 2024 / 5 / 31 - 22:47
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي 2024: تأثير الحروب والصراعات المسلحة على العمال والكادحين، والحركة النقابية
    


العالم كله يعرف أن ليبيا كإقليم جيوسياسي ، لم تعد تتوفر على أي عنصر من عناصر مقومات الدولة أو وحدة الكيان ، ما عدا الاسم الرسمي والاعتراف الدولي . فمنذ العام 2014 تفككت ليبيا فعليا إلى دولتين (غير معلنتين رسميا) ، وذلك جرّاء انقلاب برلمان طبرق على الإعلان الدستوري ، رافضا الامتثال لحكم المحكمة العليا ، المنعقدة بكامل دوائرها مجتمعة ، في قضية الطعن الدستوري رقم 17/61 ق ، الصادر (6 نوفمبر 2014) ، حكما باتا نافذا ، بعدم دستورية العملية الانتخابية (يوليو 2014) وحل مجلس النواب - الحالي - الذي انبق عنها . ويقضي حكم المحكمة العليا (في الطعن الدستوري رقم 16/61 ق) ، بأن كل ما يصدر عن مجلس النواب - المنحل دستوريا - هو والعدم سواء .
وأخذا في الحسبان ، أنه لم يشارك في تلك العملية الانتخابية سوى نحو 18% من عدد الناخبين ، مقارنة بانتخابات العام 2012 . فحتى لو سلمنا جدلا بدستورية انتخابه ، فإنه قد أنتُخب كمجلس نواب مؤقت (انتقالي) لمدة 18 شهرا فقط . وبذلك فقد انتهت ولايته اعتبارا من تاريخ 20 أكتوبر 2015 . ومنذ ذلك التاريخ فإنه ليس غير كيان مافياوي مغتصب للسلطة ، لا يستحق أعضاؤه درهما واحدا من الرواتب الفلكية (زائدا الامتيازات الفاحشة) التي خصُّوا بها أنفسهم .هذا علاوة على أن عددا منهم فاقدون للجنسية الليبية ، بقوة القانون (ويجب أن يعاملوا في ليبيا معاملة الأجانب) ، ولا يحق لهم الترشح للانتخابات البرلمانية أصلا . وقد مارسوا الغش عمدا ، فأخفوا حقيقة كونهم يحملون جنسيات دول أجنبية ، كي يصلوا إلى السلطة ؛ كوسيلة مضمونة (ومحمية بالحصانة النيابية المقيتة) للكسب السهل ، وكأقصر طريق للإثراء السريع الفاحش وغير المشروع ، في نظام الفوضى والغنائم الذي يحكمه قانون واحد هو قانون الفساد .

وبرفض برلمان طبرق الامتثال لأحكام أعلى هيئة قضائية دستورية في الدولة الليبية ، متمسكا بالمكاسب الشخصية لأعضائه ، برئاسة المدعو عقيلة صالح ، واستقواء برلمان طبرق بالعصبية القبلية في الشرق الليبي ، وتبادله الحماية والاحتماء مع التشكيلات المسلحة التي يقودها العسكري المتقاعد - المواطن الأميركي - خليفة حفتر ، بدعم خارجي ؛ انقسمت ليبيا فعليا إلى كيانين منفصلين لكل منهما حكومته وأجهزته الإدارية الخاصة ، يتقاسمان سلطة الأمر الواقع المفتقدة كليا إلى الشرعية ، ويتقاسم فيهما الحكام الجدد غنائم المال العام ، نهبا فاحشا للميزانيات العامة الممولة بعائدات بيع النفط .
وباقي المهزلة يعرفه كل الشعب الليبي المغلوب على أمره ، ويعرفه كل العالم .. بالتفصيل الممل .

أما آخر فصول المهزلة الليبية ، المستمرة على مسرح العبث السياسي .. مفتوحةً على المجهول ؛ فهو الاحتفال بعيد العمال تحت سلطة الكومبرادور في نظام الغنائم الكليبتوكراسيّ !
ففي دولة فاشلة يهيمن فيها - على كل مواقع السلطة واتخاذ القرار - تحالف مليارديرات الراسمالية الطفيلية المقتاتة على الموازنات العامة ؛ من أرتال الوكلاء التجاريين وأباطرة تجارة الاستيراد وتجارة الجملة (الكومبرادور) ، والتكنوقراط النيوليبراليين ، وأثرياء القبائل (يسمونهم الوجهاء والأعيان) ، وتجار المخدرات ، والمهربين ، والمضاربين بالعملة في السوق السوداء (الرسمية) .. وما إلى ذلك ؛ مِمّن تَجمع وتُوحّد بينهم عوامل : الفساد (بكل أشكاله) ، ونهب المال العام ، وخيانة الأمانة الوطنية ، و (سفه) امتيازات السلطة المغتصَبَة ، والتآمر ضد سيادة الدولة ، وسياسات إفقار وتجويع الشعب ..
أقول إنه في هذه الدولة مضرب الأمثال بالفشل (أضحوكة العالم) ، الموبوءة بكل تلك الآفات السلطوية ، من أعداء الشعب الليبي المنكوب بنظام فقراير ، وكسابقاتها من حكومات ساسة الصدفة والنكرات الآتين من المجهول والطافحين من قاع المجتمع ؛ أصدرت حكومة الوحدة التحاصصية - المنبثقة عن لجنة الـ 75 (المرتشية) في جنيف ، بقيادة العرابة الأممية ستيفاني ويليامز - بيانا بروتوكولياً شكليا فارغا من المحتوى ، تهنئ فيه عمال ليبيا بعيد العمال العالمي ، واعدة ايّاهم بأنها : "(مستمرة !!!) في دعمهم ، وأنهم في سلّم أولويات عملها " . فيا عمال ليبيا وشعبها المُجَوَّع والمُرَكَّع ، صدِّقوا تكاذيب حكومة الكومبرادور البلوتوقراطية ، فأنتم شغلها الشاغل ! ألم يبشروكم منذ اثنتي عشر عاما بالخير (اللي جاي) ؟!

وفي هذه الدولة الفاشلة ، التي جعل منها برلمان طبرق - المارق ومنعدم الوجود دستوريا - مسخرة يتندر بها العالم . يوغل رئيس وأعضاء المافيا التي تسمي نفسها مجلس النواب الليبي ، في الاستخفاف بعقول سبعة ملايين إنسان - يشكلون نسبة 99% من الشعب الليبي - يعيشون حياة الذل والمهانة ، تحت مستوى خط الفقر المطلق ، في بلاد تطفو فوق بحار من النفط والغاز ؛ فيتقدم أولئك الكليبتوكراسيّون في برلمان طبرق ، المملوك لصاحبه عقيلة صالح " بخالص التهاني وأطيب الأمنيات إلى عمال ليبيا بمناسبة عيد العمال " ، في الوطن الذي " ينعم بالأمن والاستقرار " حسب قولهم (!) ؛ وذلك بعد أن كان رئيس المافيا قد أصدر فرمانه رقم 15 لسنة 2024 بخفض قيمة الدينار الليبي ، عَبْر فرض ضريبة (إضافية) بنسبة 27% على سعر الصرف الرسمي {وليس 17% كما ورد في مقال لي سابق ، بعنوان : ’’ اغتيال الاقتصاد الليبي والقضاء على الدولة الليبية ‘‘ . واعتذر عن الخطأ} . يُنظر الرابط :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=827365
فرئيس برلمان طبرق (الانتقالي / ذي العمر الافتراضي 18 شهرا) المستمر في السلطة 10 سنوات متواصلة (من 2014 إلى 2024) ، بقوة فرض الأمر الواقع ؛ أصدر فرمانه بفرض ضريبة الـ 27% تلك ، كي يدفع الليبيون - إجباراً ورُغماً عنهم - تكلفة فاتورة الفساد المالي لحكام ليبيا الجدد الكليبتوقراط ، الذين استنزفوا برواتبهم ونفقات رحلات سياحتهم السياسية وفساد ذممهم المالية ، مواردَ الخزانة العامة للدولة من عائدات بيع النفط . وذلك إضافة إلى قرار مافيا بنك ليبيا المركزي ، الصادر يوم الأربعاء الأسود (16 ديسمبر 2020) ، بخفض سعر صرف العملة الوطنية ، من حوالي 1,37 دينار مقابل 1 دولار ، إلى 4,48 دينار مقابل 1 دولار ، في عهد مافيا حكومة ما يسمى الوفاق الوطني ، لغرض إطفاء الدين العام ؛ على حساب المواطنين ذوي الدخل المحدود وأصحاب المعاشات الهزيلة (المتآكلة) ، من ضحايا سياسات الإفقار والتجويع ، لسلطة تحالف الكومبرادور الكليبتوقراطية لنظام فقراير .
يحدث ذلك ، بينما كشف تقرير للبنك الدولي عن ليبيا GDP ، أن دخل ليبيا خلال الفترة من 2012 إلى 2022 ، بلغ ترليون و 426 مليار دينار ، وأن ما تم صرفه يبلغ 503 مليار دينار فقط خلال نفس الفترة . فأين أختفى مبلغ الترليون دينار ؟
وحسب تقرير البنك الدولي ، فإن سعر الدولار ينبغي أن يكون نصف 0,50 دينار ليبي ، ولا يصل إلى أكثر من 6 دنانير ، كما فرضه رئيس برلمان طبرق ومحافظ مصرف ليبيا المركزي على الشعب الليبي .
https://data.albankaldawli.org/indicator/NY.GDP.MKTP.CD?locations=LY
لكن فيما عدا دولة ليبيا الفاشلة ، هل يوجد برلمان في العالم استمر في السلطة مدة 10 سنوات متواصلة ، رغم أنه أصلا برلمان مؤقت ومنتخَب لفترة انتقالية مدتها سنة ونصف فقط ؟ وهل يوجد محافظ بنك مركزي يستمر في المنصب منذ أكتوبر 2011 حتى اليوم ؟

ولست أنا من يطلق على حكام ليبيا الفبرائرية صفة المافيا ، بل إن السيد عبد الله باتيلي ممثل الأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا المنتهية ولايته ، هو من شَهَد في حوار مع أخبار الأمم المتحدة ، بأن " ليبيا أصبحت بشكل متزايد وكأنها دولة مافيا " وأن كل القادة الانتقاليين في ليبيا ، يتقاسمون ثمار الحكم ولم يكونوا مهتمين باستقرار البلاد ؛ لتأتي شهادة باتيلي تأكيدا إضافيا لشهادة سلفيْه غسان سلامة و ستيفاني ويليامز ، من موقع المسؤولية أمام التاريخ . يُنظر الرابط :
https://news.un.org/ar/interview/2024/05/1130921
وقبل عبد الله باتيلي ، كانت ستيفاني ويليامز قد صرحت بأن : النخبة الحاكمة في ليبيا ، لا يهمهم غير مصالحهم الشخصية ، يقايضون سيادة بلادهم بثمن بخس ، يستمتعون بالسياحة السياسية بين عواصم الدول الأجنبية .. لنيل الشرعية التي فشلوا في الحصول عليها من مواطنيهم .
وكان غسان سلامة قد صرح بأن : ليبيا بلد تستبد به نخبة سياسية فاسدة ، وما يحدث في ليبيا ليس مجرد فساد .. بل هو افتراس للمال العام ، ينهبون الملايين ويهربونها إلى الخارج ، وفي ليبيا يولد كل يوم مليونير جديد .

وعودة إلى مهزلة عيد العمال في دولة ليبيا الفاشلة ، القابعة تحت حكم الكومبرادور الكليبتوقراط ؛ فإن حكام نظام الغنائم الفبرائري ، هم بحكم تضارب مصالحهم الخاصة والطبقية ، مع مصالح الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي [تضارب المصالح بين التاجر والمستهلك ، وتضار المصالح بين العامل ورب العمل في القطاع الخاص] ، لا يتوفرون مطلقا على أدنى درجة من المصداقية ، في بيانات التهنئة والاحتفال بعيد العمال . بل يلبسون أقنعة المهرجين في مهزلة الاحتفال بيوم أول أيار ، أوّلاً : بقصد التضليل وتزييف الوعي ، وثانياً : نكاية ساذجة بحاكم ليبيا السابق العقيد معمر القذافي ، الذي كان قد جعل من عيده الخاص (الفاتح من سبتمبر) عيدا للعمال في جماهيريته العظمى ؛ التي كانت قد انتكست بها (ثورة مضادة) باسم مشروع ليبيا الغد (النيوليبرالي) ، قبل أن تُسقِطها انتفاضة فبراير الشعبوية ، مدعومة بتدخل عسكري مباشر من قوات حلف الناتو .

ومما له أبلغ دلالة ، على أن نظام ما بعد فبراير ، ما هو إلا إعادة إنتاج لأسوأ ما كان خلال العشرية السوداء الأخيرة (النيوليبرالية) للنظام قبل فبراير ، أنّ الكثيرين جدا من حكام نكبة فقراير ، كانوا عناصر قيادية نشطة - مقربين من سيف الإسلام القذافي - في مجموعة مشروع ليبيا الغد ؛ فلا عجب أن يواصلوا تطبيق وصفة صندوق النقد الدولي لإعادة هيكلة الاقتصاد الليبي نيوليبراليّاً ، فيعطلوا دور الدولة الضامنة ، ويغِلِّوا يدها عن التدخل في اقتصاد السوق الحرة (المنفلتة من كل القيود) ؛ خدمة لمصالح الأوليغارشيا المالية المهيمنة ، ضد مصالح الجماهير المغبونة المطحونة ، وانحيازا إلى القطط السِّمان أرباب العمل ضد العمال خصوصا والأجراء عموما . مع إعمال استراتيجية العلاج بالصدمة ، لتطويع الشعب وشلّ قدرته على المقاومة ، وتحييده تماما عن التأثير في مجريات الأحداث ؛ بالترافق مع حملات تزييف الوعي الفردي والجمعي (وعي تناقض المصالح الطبقية) ، وإطلاق الوعود الكاذبة بعمل الحكومة (حكومة الكومبرادور) على تلبية مطالب الشعب ، على غرار أكاذيب بيان برلمان عقيلة وبيان حكومة الدبيبة بمناسبة عيد العمال العالمي ، استخفافا بالعقول وضحكا لئيما على الذقون ، وتخديرا للمغفلين ؛ بانتظار الذي يأتي .. ولا يأتي أبدا (الخير اللي جاي) .
ففي دولة ليبيا الفاشلة ، والمفككة ، و المنقسمة واقعيا بفعل (الفوضى الخلاقة) إلى دولتين من دول الموز ، يتنازع فيهما الحكام الجدد من شداد الآفاق ، لاكتساب شرعية مزورة ، صُنِّعت داخل فنادق الخمسة نجوم في عواصم العالم ، بمعزل عن إرادة الشعب الليبي ، ويتصارعون فيما بينهم لنهب المال العام (السايب) ..
ودون أن تطرف لهم عين حياء ، لا يتورعون عن التشدق بحديث الإفك عن عيد العمال ، بينما هم جميعا ودون استثناء ، قد صاروا من أصحاب الملايين المتسكعة حول العالم في بنوك السرية المصرفية والملاذات الضريبية . وصعدوا قفزا بهلوانيا من مستوى الطبقة الوسطى (المستورة) ومستوى الفقر المدقع ، إلى مُلاك عقارات وأصحاب ملايين (سائلة ومنقولة) وتوكيلات تجارية وشركات مساهمة وخاصة ، بما راكموه من ثروات سوداء ؛ بوسائل السطو على المال العام ، واستغلال جهود العمال ، واستنزاف مدخرات الموظفين العموميين وذوي الدخل المحدود .
وباستغلال المناصب السياسية للتربح والإثراء السريع ، تحولوا بسرعة الضوء من أصحاب دكاكين بسيطة إلى أصحاب مولات ومُركّبات تجارية فخمة ، وصاروا يمتلكون مشاريع خطوط تعبئة المواد الغذائية المصنعة بالكامل - وفي أحسن الأحوال نصف المصنعة - في الخارج ، والمنتهية الصلاحية للاستعمال الآدمي ، يستغلون فيها العمال بعقود إذعان مجحفة ، وبأدنى الأجور ، ولا يلتزمون بالتغطية الضمانية الواجبة للعمال .
وفي دولة ليبيا الفاشلة ، والمنهكة جراء استشراء الفساد ، حيث تقبع ليبيا في ذيل القائمة ، ضمن العشر دول الأكثر فسادا في العالم ، لتحتل المرتبة 170 سنة 2023 ، من أصل 180 دولة شملها المسح ، مرتفعة درجة واحدة عن العام 2022 حين جاءت في المرتبة 171 ، على مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية ؛ يمضي حكام ليبيا الجدد - كسابقيهم خلال العشرية السوداء الأخيرة (النيوليبرالية) من حكم القذافي - في تزييف كل شيء ، بعد أن تمكنوا في زمن الغفلة ، من الوصول إلى السلطة ومواقع اتخاذ القرار ، عبر صندوق العجائب ، وبأصوات الجماهير الرثة ؛ فوضعوا أديهم على الانتفاضة (الشعبوية) العمياء ، وسرقوا دماء آلاف الشباب الأغرار من أبناء الفقراء ، ضحايا (ثورة التكبير) المدعومة بالتدخل العسكري لحلف الناتو ، و سرقوا شعارات الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية (عدالة توزيع الثروة القومية) إلخ تلك الشعارات الطوباوية ، وانتهى بهم الأمر إلى تزييف رمزية عيد العمال . وتلك هي النتيجة الحتمية المترتبة بالضرورة عن سلطة حكم أوليغارشية ، تمثل مصالح الكومبرادور ، بالتحالف أيديولوجيّاً مع أقصى اليمين ، بشقيه : النيوليبرالي (أطفال الأنابيب التكنوقراط أتباع مدرسة شيكاغو للاقتصاد) ، والديني (تجار الفتاوى الدينية مدفوعة الثمن حسب الطلب) ؛ المرتبطة ارتباط تبعية مطلقة بالراسمالية العالمية ، في مرحلتها الأشد توحشا ، من هيمنة الشركات العابرة للقومية ودكتاتورية راس المال المالي المعوْلمة .

إن واقع الحال ، هو أن ليبيا ليس فيها طبقة عاملة ، بالمفهوم المتعارف عليه في أدبيات علوم الاجتماع والسياسة والاقتصاد السياسي ، ذلك أنه ليس ثمة من وعي عمالي بوحدة المصلحة الطبقية للعمال ، وليس ثمة من نقابات عمالية مستقلة عن السلطة . والأشد سوءً هو أنه ليس في ليبيا عمال ، بل أجراء أذلاء مستعبَدون ، يعانون أبشع أشكال الاستغلال من طرف أرباب شركات القطاع الخاص وأصحاب الأعمال بمختلف فئاتهم ؛ حيث الشغل أقرب إلى نظام السخرة ، بموجب عقود إذعان مجحفة .. بل دون عقود عمل أصلا . فلا استقرار في الخدمة ، ولا ضمان اجتماعي (فيما عدا الشركات الكبرى) ، ولا حقوق من أي نوع للمستخدَمين ، فقانون علاقات العمل الجديد (رقم 12 لسنة 2010) من قوانين (الانفتاح) لمشروع ليبيا الغد النيوليبرالي (المعيب و السيء أصلا) ، معطل واقعيا عن التنفيذ في جوانبه القليلة جدا العادلة . ولم تعد ثمة من علاقة بين رب العمل والأجير غير علاقة العبودية والاسترقاق والاستغلال البشع ؛ الذي يصل حد الابتزاز الجنسي والتحرش بالنساء العاملات ، حتى في مؤسسات وشركات القطاع العام والجهاز الإداري للدولة .
فعن أي عيد عمال يتحدث حكام دولة ليبيا الفبرائرية الفاشلة ، المؤتمرون بأوامر صندوق (النكد) الدولي ؟ و أيُّ عيد عمال هذا الذي تحتفل به حكومة الكومبرادور والصيرفة الإسلامية ، التي يديرها التجار وهواة السياسة عديمو الكفاءة ، من الانتهازيين والنيوليبراليين والثورجيين السابقين القافزين من سفينة نظام الفاتح من سبتمبر الغارقة ؟!

وإنه في ليبيا التي لا يتجاوز عدد سكانها سبعة (7) ملايين نسمة ، والتي تتمتع بدخل عال من عائدات بيع النفط ؛ يعيش 40% من السكان في دائرة خط الفقر والعوز ، حسب تصريح لوزير الاقتصاد والتجارة في حكومة (الوحدة الوطنية) . وفي تقرير للبنك الدولي عن نسبة الفقر في ليبيا سنة 2024 ، أن 46% من الأسر لا تستطيع تلبية حاجاتها الصحية في ظل غياب شبكة الامان الاجتماعي ، وفي منطقة تازربو بلغت نسبة الفقر 80% ، تليها منطقة جالو بنسبة فقر 70% .
وحسب تقرير البنك الدولي للعام 2023 ، ارتفعت معدلات البطالة في ليبيا الى 19.6% ، غير أن الرقم الحقيقي أعلى بكثير . وفي بلد قليل عدد السكان ، ويأتي في صدارة الدول المنتجة للنفط في أفريقيا ؛ لا وجود لتامين ضد البطالة ، إذْ لا وجود لتشريع يقرر تعويض بطالة للمعطلين عن العمل ، فعشرات آلاف الشباب خريجي الجامعات والمعاهد العليا - بمن فيهم الأطباء والمهندسون - لا يجدون أية فرصة عمل ، ويعيشون عالة على آبائهم المحالين على معاش تقاعدي يساوي الحد الأدنى للأجور ، ما اضطر أعدادا كبيرة من الشباب حاملي المؤهلات الجامعية إلى العمل بالأجر اليومي لسد الرمق ، جراء سياسات الإفقار والتجويع التي تعتمدها حكومة الكومبرادور البلوتوقراطية ، تطبيقا لتوصيات صندوق النقد الدولي . وحسب بيانات لوزارة العمل أن عدد الباحثين عن عمل ، المسجلين في مكاتبها حتى نوفمبر 2023 ، بلغ 200 الف معطل عن العمل (وطبعا بلا تعويض بطالة) .
ثم بعد كل ذلك ، ويا للعجب العجاب ! فإنه في نظام الكليبتوكراسي ودكتاتورية الأوليغارشيا ، يجد حكام ليبيا الجدد الفاسدون ، فائضا من (صحة الوجه) ليلوكوا حديث الإفك عن عيد العمال ، تحت سلطة الكومبرادور الخنبوقراط !
(Abulios Zekri)



#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا هو (حوارهم المتمدن) !
- اغتيال الاقتصاد الليبي والقضاء على الدولة الليبية
- إسرائيل (العظمى) فوق القانون الدولي
- الأسلمة أسّست للتعريب ، والتأسلم قاد إلى الاستعراب (احتلال ا ...
- لسنا أسرى لرُهاب 7 أكتوبر ، وإسرائيل دولة مارقة
- الإله الشمس و أعياد الميلاد / كريسماس
- إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 3
- إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 2
- إيمان بـ (الوراثة) جبرا ، و ليس بـ (التعقل) اختيارا
- إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 1
- كان حاكما فوق التصنيف و لم يكن مواطنا عاديا !
- لم أكن شيطانا أخرس أو شاهد زور
- من زوايا رؤية أخرى
- الولايات المتحدة : أفول الحُلم و ضلال الاتجاه
- خدعوكم فقالوا إنها ثورة ! (2/2)
- خدعوكم فقالوا إنها ثورة ! (2/1)
- عشتاريات
- عيد المغيرة بن شعبة
- بلد غنيّ و شعب فقير و حكام (مْخانب) 2/2
- بلد غنيّ و شعب فقير و حكام (مْخانب) 2/1


المزيد.....




- مصر.. هكذا رد علاء مبارك على سؤال عن -سيدة- تدعي أنها ابنة ح ...
- ترامب يستهدف الهند برسوم جمركية نسبتها 25 %
- ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على الهند بسبب صفقاتها مع ...
- موحا الزياني مغربي أذاق الفرنسيين مرارة الهزيمة
- مجلة أميركية: العنف بغزة ليس حربا بل تطهير عرقي تمهيدا لطرد ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يرفض وقف بيع القنابل والبنادق لإسرائيل ...
- تحطم مقاتلة أمريكية -إف- 35- في كاليفورنيا.. وهذا ما حدث للط ...
- وسط طلقات الرصاص والهروب من الموت.. إليك قصة 3 نساء يكافحن ل ...
- الفلسطينيون، بثلاثة مناصب رئاسية، وحكومة، وبلا دولة
- هآرتس: لا تمنحوا نتنياهو صكّ براءة حيال ما يفعله بغزة


المزيد.....

- كراسات شيوعية:الاتحاد الأوروبي يغرق في الأزمة: من أجل أوروبا ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي 2024: تأثير الحروب والصراعات المسلحة على العمال والكادحين، والحركة النقابية - محمد بن زكري - لا عيد عمال تحت سلطة الكليبيتوقراط