|
مخاطر الهيمنة الثقافية في ظل ضرورة الحفاظ على الهويتين الأمازيغية ، والعربية في الدول العربية .
حسن ابراهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 7986 - 2024 / 5 / 23 - 20:47
المحور:
الادب والفن
في سياق التطور التاريخي العربي ، والإنساني ظهرت متغيرات متعددة مست العديد من جوانب الحياة العامة ، والخاصة للمواطنين العرب ، نستهدف من خلال هذه التوطئة الوقوف عند البعض من هذه الظواهر ، وتأثيرها السلبي على الحياة العامة ، والخاصة للمواطنين في الدول العربية . نود التأكيد على كون الهيمنة الثقافية تعتبر عاملا مهما في حصول هذه المتغيرات بفعل العولمة ، ونتائجها السلبية على حياة المواطنين ، وسلوكياتهم ، ومواقفهم . في نفس الوقت نعتبر العامل الداخلي يعتبر حاسما في ما ورد ، ويتعلق الأمر بالمناخ الداخلي بهذه الدول كشرط أساسي لاستقبال قيم جديدة في إطار صراع ثقافي محلي وطني يصارع هذه الهيمنة . ففي الوقت الذي تنتصب قيم محلية إقليمية وطنية لتثبت صلاحيتها ، واستمراريتها ، تصارعها قيم كونية تبدو غريبة على مجتمعاتنا العربية . بمعنى أن الهيمنة الهيمنة الثقافية ، والوسائل المستعملة من أجلها ، كل ذلك ساهم في إحداث هزات متعددة على مستوى بعض القيم ، لذلك نتغيا الوقوف عند البعض من هذه المتغيرات حيث يلعب الهاتف ، وسائل التواصل الاجتماعي ، وتكنولوجيا الاتصال دورا مهما في إحداث هذه المتغيرات . بمعنى ما أنه إذا كان سايس بيكو ما فرض واقعا جديدا في دولنا العربية ، باللجوء إلى القوة ، ضمن إطار تقسيم الدول العربية ، إذا كان الأمر كذلك فإن العولمة وتحت شعارات خادعة تمكنت من ممارسة الغزو للعقل العربي ، والتأثير عليه بتوجيهه وفقا لاستراتيجية محكمة تنفذ لحظة بلحظة . إذا كان منظرو سايكس بيكو فرضوا غزو العالم الثالث بالقوة العسكرية ، فإن العولمة تغتصب قيمه باستعمال التكنولوجية ، من منطلق كون هذا العالم متخلف بالتالي وجب مساعدته من أجل الانتقال من طور التخلف إلى طور التقدم . بمعنى أن العولمة تشتغل بنفس الاستراتيجية التي اشتغل بها منظرو سايكس بيكو مع اختلاف الوسائل ، في ظل التطور التاريخي لها ، بالتالي أصبحت الوحدة مطلب العولمة بعدما كان التجزيء مطلب سايكس بيكو . وفي سياق التتبع لانعكاسات هذه الظاهرة على المجتمعات العربية نشير على سبيل المثال إلى ما للهاتف المحمول من تأثير سلبي انعكس على دور الأب في التربية ، فإذا كان إلى زمن قريب صاحب سلطة ، مكنته من تمرير قيم وطنية للتنشئة في إطار قيام الأسرة بدورها ، فإن الهاتف المحمول تمكن من سحب هذه السلطة من الأب ، وبالتالي طفق يفقد دوره من حيث التربية على هذه القيم النبيلة ، التي تمكنت من بناء الهوية ، والشخصية الوطنيتين سابقا ، بمعنى أن أساس انخراط التنشئة مستقبلا في الواقع يبرمج دون هذه القيم . لست متأسلما ، ولست ضد استعمال الهاتف المحمول ، وإنما ضد استعماله لطمس الهويتين الأمازيغية ، والعربية ، وتعويضهما بهويات أجنبية بغزو عقول المواطنين ، وربطهم بالتفاهة طوال الوقت ، وما يترتب عن ذلك من خلق طرق تفكير تفتقر إلى العلم ، ومستجداته . إن هذه السلطة التي طفق يفقدها الأب داخل الأسرة وتجريده من القيام بمسؤوليته ، هذا المعطى له حضور نسبي على مستوى المدرسة العمومية ، حيث نلاحظ تراجع جودة التعليم، بالتأثير السلبي على التعلمات ، ومنع المتعلمين من اكتساب تعلمات جديدة تمكنهم من بناء شخصياتهم وفقا لقيم وطنية كانت الى زمن قريب أساس التربية داخل المدرسة العمومية ، وفقا لتوجيهات تتغيا تعزيز هذه القيم ، بمعنى أن انتزاع سلطة الأب داخل الأسرة ، وتربية التنشئة على أساس التفاهة ، قد طفق ينتقل إلى المدرسة على أساس العلاقة بينهما ، بالتالي فسلطة الأستاذ أيضا مهددة ، وما يترتب عن ذلك من ضعف دوره بخصوص تربية التنشئة على هذه القيم . بالتالي أصبحنا أمام واقع تجلياته تتمثل في إفراغ عقول التنشئة من قيم وطنية ، ومن معرفة مسنودة إلى أدوات التحليل ، والتفكيك ، والنقد ، ومن تم بناء معارف وفقا لبناء شخصيات لن تتمكن من التفاعل مع الواقع ، وما يفرزه من معضلات على أساس التحليل ، والنقد ، وبناء مواقف موضوعية تجاه الظواهر أساسها العلم ، والمعرفة . إلى جانب ذلك نلاحظ أن من بين تجليات هذا الوضع هيمنة اللغة الأجنبية على حساب اللغتين الامازيغية ، والعربية ، ولقد تم اللجوء الى مختلف الوسائل من أجل تسييد هذه الهيمنة ، أ قصد هيمنة اللغتين الفرنسية و الإنجليزية في سوق الشغل ، في العديد من الشركات الأجنبية بالدول العربية ، مما يفيد أن القوة الاقتصادية يصاحبها قوة لغته 1 . إنه وفقا لذلك ومن خلال الملاحظة يتبين اغتيال الهويتين الامازيغية ، والعربية في الدول العربية ، مما يحتم الوقوف عند ه من قبل المثقفين ، وغيرهم وممارسة الضغط على الحكومات العربية نفسها لإعداد برامج ثقافية وغيرها لمواجهة هذه الهيمنة ومخاطرها . أقصد اعداد برامج بأبعاد اقتصادية ، سياسية ، وثقافية قوامها الابداع ، بعد الحسم مع التقليد وسلبياته . 1- مخاطر الهيمنة الثقافية ثقافة القوة أم قوة الثقافة د . سالم المعوش ص 82 2 - نفسه ص 93
#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأبعاد الوطنية ، الإنسانية ، والجمالية في ديوان شعر تحت عنو
...
-
ثقب يدنس الحذاء .
-
موج يقرع المآسي .
-
تبديد رقابة اللهو .
-
الاتصال والانفصال والعوامل المساعدة على تحقيقهما برواية تحت
...
-
السارد وتأطير وظائف الشخصيات برواية تحت عنوان أنطوان البائس
...
-
التحكم في الجيش ودفعه للهو للتحكم في المجتمع بروسيا من خلال
...
-
وأد الجدران .
-
رُهاب يرعى الأصفار.
-
ذئاب خلف المرآة .
-
نبيذ الأُوار .
-
أعشاب من العبث .
-
ترهل قلة سقراط .
-
أشياء تشبه دماء المستحيل .
-
ضيق النتفة
-
إبرة تشخِر داخل القماش .
-
تضاريس الخيانة .
-
قيمة الحرية بالرواية الموسومة الغثيان لجان بول سارتر.
-
شهوة دفن الغواصات .
-
عين زوبعة على الركح .
المزيد.....
-
المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها
...
-
أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ
...
-
الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
-
كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
-
6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
-
فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
-
قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
-
أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال
...
-
بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون
...
-
السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621
...
المزيد.....
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
المزيد.....
|