أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ادم عربي - العقل المثخن بجراح التعصب !















المزيد.....

العقل المثخن بجراح التعصب !


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7964 - 2024 / 5 / 1 - 22:12
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الولاءُ القَبَلِيُّ أو التَّعَصُّبُ القَبَلِيُّ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ لَدَى العَرَبِ في القَرْنِ الحَادِي وَالعِشْرِينَ الَّذِينَ لا يَزَالُونَ مُتَمَسِّكِينَ بِهِ، يُعَدُّ مِنَ السِّمَاتِ البَارِزَةِ لِلْعَصْرِ الجَاهِلِيِّ، وَهُوَ الزَّمَنُ الَّذِي كَانَ يَسُودُ فِيهِ الجَهْلُ بَيْنَ العَرَبِ، إِلَى جَانِبِ ظُرُوفٍ أُخْرَى سَيِّئَةٍ .
العَصَبِيَّةُ، بِشَكْلٍ عَامٍّ، تَأْتِي مِنْ كَلِمَةِ "عَصَبَةٍ"، وَالَّتِي تَعْنِي مَجْمُوعَةً مِنَ الأَشْخَاصِ، أَوِ الحَيَوَانَاتِ، أَوِ الطُّيُورِ. كَمَا فِي القَوْلِ: "إِذْ قَالُوا لِيُوسُفَ وَأَخِيهِ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ". وَتَشِيرُ العَصَبِيَّةُ إِلَى التَّطْرُّفِ وَالمُبَالَغَةِ فِي الانْحِيَازِ وَالدِّفَاعِ عَنِ الجَمَاعَةِ الَّتِي يَنْتَمِي إِلَيْهَا الفَرْدُ؛ وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ التَّعَصُّبِ يَشْمَلُ التَّعَصُّبَ القَبَلِيَّ وَالعَشَائِرِيَّ، وَكَذَلِكَ التَّعَصُّبَ الدِّينِيَّ وَالقَوْمِيَّ.
التَّعَصُّبُ يُعَتَبَرُ سُلُوكًا مَرْفُوضًا وَغَيْرَ مَحْمُودٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَتَعَلَّقُ بِتَعَصُّبِ الشَّخْصِ لِأَفْكَارِهِ الْخَاصَّةِ ، فَالشَّخْصُ الْمُتَحَيِّزُ لِأَفْكَارِهِ، الَّتِي غَالِبًا مَا تَكُونُ مُورُوثَةً أوْ تعود لغيره وَلَيْسَتْ مِنْ إِبْدَاعِهِ الشَّخْصِيِّ، يُظْهِرُ تَقْدِيرًا مُفْرِطًا لَهَا وَلا يَتَخَلَّى عَنْهَا حَتَّى إِذَا أُثْبِتَ خَطَؤُهَا بِأَدِلَّةٍ دَامِغَةٍ؛ فَهُوَ يَتَّبِعُ مَنْطِقَ "الْعَنْزَةِ وَلَوْ طَارَتْ".
وَلا تَعْتَقِدُوا أَنَّ الْآخَرَ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي بِيئَةٍ تَسُودُهَا الْعَصَبِيَّةُ وَالتَّحَيُّزُ؛ فَهُوَ دَائِمًا مَوْجُودٌ، وَلَكِنْ كَعَدُوٍّ مُبِينٍ أَوْ كَكَيَانٍ غَرِيبٍ؛ وَقَدْ يَسْتَغِلُّ بَعْضُ الْمُتَعَصِّبِينَ الدِّينَ لِتَشْوِيهِ صُورَةِ هَذَا الْآخَرِ، مِمَّا يُسَهِّلُ عَلَيْهِمْ اسْتِثَارَةَ الْعَوَاطِفِ الدِّينِيَّةِ لِأَتْبَاعِهِمْ فِي صِرَاعِهِمْ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْآخَرِ.
تَجَنَّبُوا الاعتِقادَ بِأَنَّ المُجتَمَعاتِ التي تَهيمِنُ عَلَيها العَصَبِيّاتُ القَبَلِيّةُ أَوِ الدِّينِيّةُ أَوِ القَومِيّةُ، وَالتي تُعامِلُ الآخَرَ كَعَدُوٍّ مُبِينٍ أَو مُحتَمَلٍ، قادِرَةٌ عَلى إِنجابِ أَفرادٍ يَقُولونَ: قَد أَختَلِفُ مَعَكَ في الرَّأيِ، لَكِنِّي عَلى استِعدادٍ لِلمَوتِ أَوِ القِتالِ مِن أَجلِ حَقِّكَ في التَّعبِيرِ الحُرِّ عَن رَأيِكَ، بَل إِنَّ مِثلَ هذِهِ المُجتَمَعاتِ تُنجِبُ فَقَط أُولئِكَ الَّذِينَ يَقُولونَ: مَن لَيسَ مَعَنا فَهُوَ ضِدَّنا.
يا أَيُّها الإِنسانُ، اِعرِف ذاتَكَ… اِعرِف مَن أَنتَ؛ وَأَنا مُتَأَكِّدٌ أَنَّ القَلِيلَ جِدًّا مِنَ النّاسِ يمكِنُهُمُ الادِّعاءُ بِأَنَّهُم يَعرِفونَ حَقًّا مَن هُم.
نَحْنُ في زَمَنِ الهوِيَّةِ الَّتِي لا تَزَالُ غَامِضَةً لَنَا، وَالَّتِي تشْكِلُ جُزْءًا لا يَتَجَزَّأُ مِنْ كَوْنِنَا أَحْفَادَ القَرْنِ الحَادِي وَالعِشْرِينَ ، مِنْ خِلالِ الذَّاتِ، أَوِ الذَّاتِ الْمُتَضَخِّمَةِ، نَتَسَلَّقُ دَرَجَاتِ سُلَّمِ الهُوِيَّةِ، مُرُورًا بِالتَّعَصُّبِ الأُسْرِيِّ، وَالعَشَائِرِيِّ، وَالقَبَلِيِّ، وَالوَطَنِيِّ، وَأَخِيرًا الدِّينِيِّ. وَفِي نِهَايَةِ هَذَا السُّلَّمِ، قَدْ نَصِلُ إِلَى القِمَّةِ، حَيْثُ نَشْعُرُ بِالانْتِمَاءِ الإِنْسَانِيِّ العَمِيقِ، وَهُنَا يَفْقِدُ التَّعَصُّبُ قِيمَتَهُ وَمَعْنَاهُ.
فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، كُنْتُ أَجْلِسُ مَعَ أَصْدِقَاءَ، مِنْهُمْ مَنْ هُمْ لُبْنَانِيُّونَ، وَتَحَدَّثَ إِلَيَّ أَحَدُهُمْ (وَهُوَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ) عَنْ شَخْصٍ مَا، مُشَيِّدًا بِهِ وَمُعْتَرِفًا بِفَضْلِهِ رَغْمَ كَوْنِهِ مِنَ الشِّيعَةِ، هَذَا الْمَوْقِفُ أَثَارَ حَيْرَتِي، فَصَدِيقِي اللُّبْنَانِيُّ، الَّذِي يظْهَرُ تَعَصُّبًا لِطَائِفَتِهِ الدِّينِيَّةِ، لَا يُمَارِسُ الشَّعَائِرَ الدِّينِيَّةَ وَلَا يَعْرِفُ الْكَثِيرَ عَنِ الإِسْلامِ، سَوَاءً كَانَ سُنِّيًّا أَوْ شِيعِيًّا ، فَهَلْ هُنَاكَ عَلَاقَةٌ سَبَبِيَّةٌ بَيْنَ التَّعَصُّبِ الدِّينِيِّ أَوِ الطَّائِفِيِّ وَبَيْنَ ضَعْفِ الإِيمَانِ وَالْمُمَارَسَةِ الدِّينِيَّةِ؟.
صَدِيقِي الَّذِي يَرَى الْعَالَمَ عَلَى أَنَّهُ مُقَسَّمٌ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ فَقَطْ، عَشِيرَتُهُ وَبَقِيَّةُ الْعَالَمِ، أَقْنَعَنِي بِأَنَّ الْجَهْلَ وَالتَّعَصُّبَ مُتَلاَزِمَانِ.
الْعَصَبِيَّةُ الَّتِي تَقُومُ عَلَى أَسَاسِ الدَّمِ هِيَ فِي حَدِّ ذَاتِهَا جَهْلٌ، لِأَنَّهُ فِي عَصْرِنَا لَا تُوجَدُ مَجْمُوعَةٌ بَشَرِيَّةٌ يُمْكِنُهَا أَوْ يَحِقُّ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالنَّقَاءِ الْعِرْقِيِّ، فَالْعِرْقُ النَّقِيُّ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الأَسْطُورَةِ مِنْهُ إِلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِلَى الْخَيَالِ مِنْهُ إِلَى الْوَاقِعِ ، فلَوْ كَانَتِ الْعَصَبِيَّةُ لَا تُعَمِي الأَبْصَارَ وَالْعُقُولَ، وَلَا تَمْحُو الْمَنْطِقَ مِنْ أَذْهَانِ الْمُتَأَثِّرِينَ بِهَا، لَكُنَّا نُجَادِلُهُمْ بِأَفْضَلِ الْحُجَجِ دُونَ الشُّعُورِ بِالْحَاجَةِ إِلَى إِثْبَاتِ وُجُودِ النَّهَارِ، لِأَنَّ الْمُطَالِبِينَ بِدَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرُونَ، وَلَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُ الْفَهْمِ إِذَا كَانَ النَّهَارُ نَفْسُهُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.
لأُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الصِّلَةَ بِالدَّمِ لَا تُضَاهَى فِي قُوَّتِهَا وَأَهَمِّيَتِهَا وَقِدَمِهَا، أُودُّ أَنْ أَقُولَ: إِذَا نَظَرْتُمْ إِلَى أَجْسَادِكُمْ بِعَيْنَيْنِ عِلْمِيَّتَيْنِ صَافِيَتَيْنِ مِنْ غَشَاوَةِ الْعَصَبِيَّةِ وَالتَّحَيُّزِ، سَتَجِدُونَ أَنَّ بَعْضَ مُكَوِّنَاتِ أَجْسَادِكُمْ تَعُودُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ عَشَرَ مِلْيَارَ سَنَةٍ ، الْعَصَبِيَّةُ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ شَكْلِهَا، هِيَ مُخَدِّرُ الشُّعُوبِ، وَخَاصَّةً الْفُقَرَاءِ. إِنَّهَا تُعْمِي الْعُيُونَ وَالْعُقُولَ، تَمْحُو الْعَقْلَانِيَّةَ، وَتَقْتُلُ الْمَنْطِقَ وَالْحِكْمَةَ فِينَا، تُصَوِّرُ الْآخَرَ كَعَدُوٍّ لَدُودٍ وَشَيْطَانٍ رَجِيمٍ، مَمَّا يَجْعَلُنَا نَتَحَوَّلُ إِلَى وُحُوشٍ فِي صِرَاعِنَا مَعَهُ، وَكَأَنَّنَا لَا نَسْتَطِيعُ الْعَيْشَ إِلَّا فِي حَالَةِ الْحَرْبِ وَبِالْحَرْبِ ضِدَّهُ.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في يوم العمال العالمي ...تحديات وأزمات!
- في يوم المراة العالمي!
- في يوم العمَّال العالمي!
- بلنكن وحل الدولتين!
- الليل لي!
- اتذكر!
- لا أستحق هذا!
- هل من الممكن نفي الراسمالية!
- الى التي لا اعرفها!
- التخلق باخلاق العبيد!
- في الديموقراطية العربية وهل نستحقها!
- يا سيدتي..
- اشرعت نوافذي
- بعد ١٠٥ اعوام على ثورة اكتوبر الاشتراكية! الح ...
- إكليل الشوك!
- الجدل بيين هييجل وماركس باختصار شديد !
- بعد ١٠٥ اعوام على ثورة اكتوبر الاشتراكية!- ال ...
- روسيا، التي تنجر إلى عمق أوكرانيا، تفقد قبضتها على الصراع عل ...
- خطة ترومان لتدمير الاتحاد السوفيتي!
- الانتهازية الاخلاقية!


المزيد.....




- هيفاء وهبي وبوسي تغنيّان لـ-أحمد وأحمد-.. وهذا موعد عرض الفي ...
- أول تعليق من روسيا على الضربات الأمريكية في إيران
- الأردن: -إدارة الأزمات- يؤكد محدودية تأثير مفاعل ديمونا حتى ...
- -ضربة قاضية حلم بها رؤساء عدة-.. وزير دفاع أمريكا عن الهجمات ...
- إعلام إيراني: قصف إسرائيلي على مدينة بوشهر الساحلية ووسط الب ...
- صور أقمار صناعية ومعلومات استخباراتية.. إيران نقلت اليورانيو ...
- طلب رد دائرة الإرهاب: المحامي أحمد أبو بركة يطالب بمحاكمته أ ...
- أبرز ردود الفعل الخليجية على قصف إيران.. دعوات للتهدئة وتحذي ...
- مضيق هرمز تحت المجهر.. هل يتحول الرد الإيراني إلى بوابة الحر ...
- أي مستقبل للحرب بعد الضربات الأمريكية على إيران؟


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ادم عربي - العقل المثخن بجراح التعصب !