أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - امرأة وتسع مطارات-3














المزيد.....

امرأة وتسع مطارات-3


حنين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 10:39
المحور: الادب والفن
    


الحلقة الثالثة

مطار البحرين والساعة متأخرة بعض الشيء، لعلها التاسعة ليلاً بتوقيت هاته الحورية النائمة على إيقاع همسات البحر، لم أجد شيئا أفعلهُ بانتظار مواصلة رحلتي سوى اللعب بجهاز الام بي 3 الجديد الذي أهدتني أمي إياه ساعات قليلة قبل مغادرتي الجزائر...أسجل صوتي وأنا اقول أشياء من قبيل الهذيان واللا معنى في وصف المكان والعابرين بامتعتهم إلى مجاهيل بعيدة لا اعرفها ولا تعرفني.

ثم توقفتُ فجأة، أطفأت جهازي الصغير ودسسته في جيب جاكيتي لأتحسس برفق ظرف الرسالة المحمّل بهلوستي الألمانية، ابتسمتُ وأنا أسترجعُ حادثة فرانكفورت و جملة النادل الأيطالي التي ألقاها على مسامعي بعد أن راقبني طويلا وأنا أكتبُ قصيدة"فرانكفورت" مع كوب الشاي المحلى زيادة الذي أحضره لي بنفسه.

يشتهر الإيطاليون بتشابه مزاجيتهم بالمزاجية العربية، ولعلّ هذا ما جعل النادل يتردد قليلا فقط قبل أن يتجرأ على الاقتراب ليروي فضولا اعتراهُ وارتجف بين شفتيه طويلا، انتظرني حتى انتهيتُ من القصيدة الأولى... ألقيت بالقلم وارتشفت بعض الشاي،فاقترب و سألني بانجليزية مكسورة: هل تحتاجين شيئا؟

وابتسم بينما تسمرت عيناه على الورقة تماما، رفعتُ رأسي ونظرتُ إليه ثم ابتسمتُ وأجبتهُ بإنجليزيتي المائلة نحو الفرنسية قليلا: لا شكرا...أحتاج فقط بعض الهدوء لأكمل قصيدتي. ابتهج النادل وهو يكتشف أنه كان شاهدا حيا على ميلاد قصيدة حقيقية، وأبدى بانجليزيته ذاتها وبكسورها ذاتها رغبته في معرفة ما كتبتُه فقلت له بإنجليزيتي وميلها الفرنساوي ذاته: إنها قصيدة غزل تتحدث عن فراق حبيب نسيته في مطار آخر... تأمل النادل الورقة، النادل الذي نسيت ما كان اسمهُ : باولو... بابلو.. أو شيء من هذا الوزن، ثم نظر إليّ ثانية ففهمتُ أنه كان يريد معرفة اللغة التي أكتب بها، قلتُ له: إنها بالعربية.
انفجرت دهشةٌ مدى عينيهِ وقال: هل أنت عربية؟
ابتسمتُ وأنا أجيبهُ: نعم.
ربما بدا غريبا للنادل الذي لم يستطع تصديقي أن يرى فتاة عربية تشبهني، وتكتبُ قصائد غزلية في مطارات بعيدة غير آبهة بالعالم الذي اختصرته في أغنية جميلة تمتمت بها شفتاها للحنين الأخير.
وقبل أن اغادر المقهى حاملة معي رغبة جديدة في الكتابة ألقى النادل بمحبة وتبجيل جملةً اخيرةً الى عروبتي: " أنت تستحقين الاحترام لأنك رغم كونك عربية تكتبين الشعر."
تلك الجملة التي بقيت تتردد في روحي أمدا طويلاً راسمة في الأفق المدجن بالغواية آلاما عميقةً، آلامُ الانتماء الى قبيلة ليت بالتأكيد من نفس رأي نادل ايطالي في مقهى الماني.
أعرفُ في النهاية ان الكثير من الرجال العرب لا يحترمون المرأة عموما والشاعرة خصوصا... وأعرفُ انّه لم يكن خياري أن أكون امرأة ولا أن أكون شاعرةً... ولكنني اخترتُ ان اكون أقوى من سيف شهريار وأكثر تمردا من كل النساء حولي، وعليّ أن اتحمل مسؤولية قراري إلى آخر لحظةٍ من انفاس امرأة مجنونة ومنفية ومنتحرة... غادرت مطار فرانكفورت حاملة في جيبها ثلاث قصائد و وسام احترام من رجل غربي.

استيقظت من غفوتي وأنا أستعدُ للتحليق بعيدا عن البحرين، تاركة ورائي بلادا وعدتها بزيارة أطول نأكل فيها الايس كريم سويا في شوارعها، وحاملةً حلما أزرقا راح يرتسم أمامي...
أخرجت جهاز الام بي 3 من جيبي، وضعتُ اغنية هادئةً ... وابتسمتُ للمطار القادم: مطار مسقط!!!

يتبع



#حنين_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصة الفالس الأخيرة....
- أمرأة وتسعة مطارات -2
- الصمت أنتَ.. ,انا مواويلُ العراق يا حبيبي
- سكَّرٌ وقهوة
- رسالة إلى عاشق عربي
- الستائر البنفسجية
- مواسم الزيتون والألم
- وطن من الياسمين
- طريق الحزن
- هنا القاهرة
- الطريقُ إليكَ
- اشتهاء لمساحة حنين أخرى
- امرأة عربية في مقها ألماني
- ماذا سأفعل حينما أشتاقُ لكْ ؟
- فرانكفورت...
- الهروب باتجاه الموت
- : أتوفيق كيف انطفأت ؟؟؟ - ثلاثة وثلاثون عاما بعد رحيل رجل
- من ذا الذي يرثي جراحا بالغزل ؟؟؟
- امرأة على هامش وطن
- بيروت والحب ...والخطر


المزيد.....




- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...
- تنزانيا.. تضارب الروايات حول مصير السفير بوليبولي بعد اختطاف ...
- باقة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصص الملهمة في مهرجان الدو ...
- حريق دمر ديرا تاريخيا في إيطاليا وإجلاء 22 راهبة
- الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحم ...
- هنا يمكن للمهاجرين العاملين في الرعاية الصحية تعلم اللغة الس ...
- قطر تطلق النسخة الدولية الأولى لـ-موسم الندوات- في باريس بال ...
- الممثل توني شلهوب يقدّم إكرامية بنسبة 340? إلى عربة طعام.. ش ...
- الموسيقى الكاميرونية.. أنغام متجذّرة وهوية نابضة
- جيل تيك توك: نهاية الأيديولوجيا أم تحولها؟


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - امرأة وتسع مطارات-3