|
هواجس ثقافية 137
آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 7954 - 2024 / 4 / 21 - 12:22
المحور:
الادب والفن
راسموس والمسلمين استطاع راسموس أخذ المسلمين إلى ملعبه، أن يعري الواقع السويدي الحالي. إن يقول للجميع أن اللاجئ القادم من الدول والبلدان الشرقية عنيف، لا يليق به أن يعيش في حضارتنا الاوروبية. لقد أوصل رسالته على أكمل وجه. ستقولون عنه نازي عنصري حقود كريه، هذا ليس مهمًا، المهم أنه كان يضحك، ونحن نبكي.
محاربة الإرهاب مفهوم عنصري محاربة الإرهاب، عمل سياسي متقن بدقة للتغطية على الأزمة البنيوية للنظام برمته. فن إدارة الصراع المصنع، لامتصاص الحمولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مستوى العالم وفي داخل كل دولة، دون حل أي أزمة أو مشكلة. إنها ممارسة سياسية مضللة، مخادعة، كاذبة. وعمل فضفاض غير مقيد بمرجعية. يمارسه من يصنعه، ثم يتبرأ منه. إنه أفضل اكتشاف قدمته الدولة الأمريكية لقطيعها. به، تحولت إلى مرياع كبير، منزوع الخصيتين، في رقبته جرس، ويقود خرافه الضالة وراءه من مكان إلى آخر. إن وراء هذه السياسة، إخفاء لعجز الدولة المعاصرة عن حل مشاكل العالم، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والوطني. ويتسم بأنه لا أخلاقي. وبهذه السياسة العاجزة، يتآكل هذا العالم، ويصبح مثل حجر الرحى، يدور حول نفسه، يكرر ذاته، ويدور في المكان ذاته. قلنا، إن الدولة والسياسة، فاعل رجعي، يخافان من المستقبل، يريدان إبقاء الحياة تحت وصايتهما في المكان ذاته، بيد أن الثانية تجبر الأولى على الخضوع لإرادتها، والسير في ركابها.
الرغبة في الخضوع بناء مفهومي متكامل جاء بعد الاستقرار والزراعة يبدو أن الرغبة في الخضوع جزء من التكوين النفسي للبشر، يعطيهم إحساس مزيف بالأمان. لهذا فإن الايديولوجيات الخلوصية، الشمولية ضرورية لجزء كبير من الناس. وهذه الظاهرة التاريخية، المعاصرة تحتاج إلى قراءة ودراسة عميقين للخروج من هذه القضية باستنتاجات حقيقية وعميقة. لم يكن ستالين، هتلر، موسوليني، جمال عبد الناصر، هيروهيتو، ماو تسي تونغ، غيفارا، أردوغان، الأنبياء والرسل، ظاهرة عابرة أو فقاعة مرت في الزمن. إنما هي متجذرة في التكوين النفسي للبشر، ترى الخلاص في القائد الكاريزمي، في فكره وممارساته، في وجوده في قمة السلطة أو المكانة. إنه يعطيها الثقة بالنفس والشعور بالأمان والاحساس بالقوة. ربما أن مفهوم القطيع، العودة للحيوان القائد، ما زال معشعشًا في لا شعور الإنسان المعاصر. لم يخرج منه إطلاقًا إن الخوف الوجودي، يدفع الإنسان لطلب الحماية، حتى لو كان تمثالًا من تمر. ولهذا نرى أن الدين يدخل قلوبهم الناس، أسرع بكثير من أي فكر عقلاني ناضح بالحقيقة. إن امتزاج الدين بالسلطة، أو وجود أحدهما عمليًا على أرض الواقع، يشكل مخرجًا لأزمة الإنسان الخائف على مصيره.
يتبع الخضوع وبيع الذات رغبة الجامحة بالتذلل في بنية الإنسان النفسية هناك رغبة شديدة في الخضوع، في التذلل للقوي والنوم تحت جناحيه. السلطة كبنية هي سادية ومازوخية في الأن ذاته، تلتقط الفرد أو المجتمع تضعه على مشرحتها، تفككه، تتعامل معه وفق بنيتها، تمارس عليه التسلط والإخضاع من خلال موقعها السادي والمازوخي. تمارس عليه اللين والقسوة، تستمر على هذا النحو كشعرة معاوية، شد ورخي، لكن المقبض يبقى بيدها، بيد أنها تبقى على حذر، على مسافة من كل من حولها بالرغم من أن المقبض بيدها. هذا يدل على أن السلطة ليست كتلة صلبة جامة كليًا، ليست بنية جاءت من ذاتها لذاتها، ليست كتلة عماء صماء مطلق، مهمازها يتلون في كل لحظة. هذا التناقض بين المأزوخية والسادية سيستمر، لأن السلطة ليست بنية أصلية، أصيلة، هي بنية مركبة، جاءت إلى الإنسان من خارجه، إلى الأن لم تروض بنيويًا، لم تفكك، تناقضها منها وفيها، لكن لا بديل مفهومي قائم إلى هذا اليوم، ليستطيع أن يمسك لجامعها أو حاول أن يوقفها لتفكيكها وكسرها ووضع حد لها. السلطة كيان جامد، ميت، عدمي، بيد أن الإنسان لم يخلق بديلًا موضوعيًا لها، لم يخلق قيمًا مفهوميًا معاكسًا لها، لهذا هي باقية.
الولايات المتحدة دولة بربرية الولايات المتحدة أفسدت أغلب الدول والأنظمة القائمة سواء بالترغيب أو الترهيب. في الحقيقة ليس صعبًا إفساد الأنظمة أو الطاقم الحاكم في أية دولة، بنية الدولة قائم على الخضوع للأقوى والإفساد. الفساد ضرورة من ضرورات الدولة. والدولة الغير فاسدة ليست بدولة. الدولة تعتمد على الروح المهزومة، على النكوص والخذلان سواء لنفسها أو لطاقهما الحاكم و للأخرين. بنية الدولة بنية خانعة، خاضعة، يسيرها حصان أهوج، لا يرى ولا يسمع أو يشم. تسير الدولة بمجموعة من العميان بيدهم الكرباج سواء كان مخفيًا أو بارزًا، وبيدها المهماز تمسكه وتسير العطالة والسكون الذي في داخل نفسها والمجتمع إلى اللأهدف، وبيدها الكرباج، تسوس من لا يتسوس، أي تذلل له الخضوع. اليوم أصبح الفساد أيديولوجية الدول، يصنعون الناس على مقاسهم، وأغلب الدول شبوا على الميوعة وتعلموا من هذه الأمريكا كل فنونها في السياسة واليوم يريدون لهم حصة في المكانة العالمية. الدولة الامريكية دولة عسكرية إلى هذه اللحظة بيافطة ديمقراطية. أنها دولة مخيفة وقاسية، دعنا من الإنسان العادي فهو مجرد شيء نافل لا قيمة له ولا وزن، مدجن، في الحقل السياسي. من أين جاء بايدن أو ترامب، أليسوا من بنية الدولة. لا شك أن الدولة الاستبدادية عارية واضحة، فاسدة من أعلى القمة والمستوى السياسي إلى أصغر واحد فيها. لكن امريكا على المستوى العالمي بربرية، فاسدة. يا رجل تتجسس على كل حلفاءها وخصومها، هي دولة بوليسية على المستوى العالمي، لكن على مستوى مجتمعها حولت إنسانها إلى شيء، خواء لا يعرف ماذا يدور حوله.
مملكة الطبيعة هي الحرية، ودون قيود منذ أن ودع الإنسان مملكة الطبيعة، وهو يعيش آلام الفقد والحرية والأطمئنان. حاول ولا يزال يحاول جاهدًا تفسير سبب هزيمته الداخلية دون أن يطرق باب الحرية والحقيقة. لجأ إلى الفلسفة لتفسير الحياة، أسباب أمراضه واضطرابه وقلقه وتوتره، بيد أنه لم يفلح. أسس علم النفس لمعالجة أمراضه، للالتفاف على الحقيقة، وبرر حروبه وصراعاته الذاتية دون جدوى، ولم ينفعه علم الاجتماع وبقية العلوم الإنسانية لمعرفة هذه الغربة الداخلية الكامنة فيه. يعلم السبب، بيد أنه يتعامى عن طرح سؤال الحقيقة، لأنه غير قادر، أو لأنه غير راغب في ترك الزيف والمدنية الزائفة. الإنسان مستمتع بهذا الإذلال الذي هو فيه، ويتذمر في الوقت نفسه منه، يحب القيد ومن داخل القيد الذي كبل نفسه فيه يريد الحرية، يريد الحياة الزائفة ويتكلم عن حبه للحقيقة. من الموقع المزيف، يناضل للوصول إلى الحقيقة، يا لهذا التناقض الكاذب. كل الفلسفات جاءت لتكذب على الحقيقة، لتكذب على الحرية. والحرية هي اللاستقرار واللاسكون، أما القيد فهو الاستقرار والسكون، لهذا نحن مستمتعون به.
النورس هذا النورس الأبيض القابع في صدري ما زال يحلق بعيدًا، لم تتعب جناحاه من الرفرفة في محاولة القبض على السماء. ولم يمل من ضرب الماء بالماء بحثًا عن نفسه في هذا الوجود المدهش. ما زال يلمس تلك الجدران العتيقة الواقفة هناك، صامدة، تقرع كؤوس الزمن بالزمن، تحاكيه وتعاتبه. متعة الوجود أن لغته تنتشلنا من سرنا وترمينا بسره. لم يعد لنا بيت أو مكان نلجأ إليه، ولا باب ولا نافذة نطل منها على بعضنا. لن نرى الشروق الرقيق بعد اليوم، ولا الليل الحنون. وستموت معنا الحكايات والأماني والأحلام. وستموت الألوان.
الدولة كمفهوم هي المفرخة لكل العيوب لماذا ينتج الواقع شعبويون أو نخب شعبوية؟ جذر المشكلة هو الدولة أو المشروع النخبوي الذي يدار من قبل ممثليه. لو لم تكن الدولة متموضعة على أساس تمييع الواقع وإعادة تشكيله وفق مقاساتها ومقاسات النخب لما انتجت شعبويون. الدولة هي مفرخة لصناعها. اذًا المحاكمة الأولى يجب أن تكون للدولة في المقام الأول. الحقيقة والبحث عن الصدق ليس من مهمات الدولة. مهمتها هي إعادة إدارة أزمة الواقع وإنتاجه وتدويره ومراكمته ليحط رحاله في عب وجيب النخب. بتقديري لو نشتغل على الدولة أفضل من الشغل على اتباعها. وهنا جذر المشكلة وخادم الامير امير كما يقول المثل.
الولاء لا تقدم ولاءك لكائن من يكون. كن أنت، كن مع نفسك، حبها حتى تستطيع أن تحب الحياة. ولا تكن كالعبد السعيد الذي يلهث وراء النصر، وكأنك في سباق لحيازة الموت، وإزدراء الحياة.
الولاء يأتي قبل الولاء مُوالاتك للآخر، الطاعة، قائم في بنية الواقع، أنت أداة تنفيد. حتى أولئك الذين يلقون الأوامر، فهو في بنية الواقع، جزء لا يتجزأ من بنية الواقع. الأمر والنهي، رموز كامنة في لا شعور الإنسان، في بنيته النفسية والسلوكية والممارسة، منذ حمورابي وقبله وبعده.
أنا والأصدقاء الكثير من الأصدقاء يعتقدون أنني إنسان كئيب، أو لدي كآبة مرضية أو حزين، يأتي هذا من خلال ما يقرءونه على صفحتي. أريد القول، أنني لا أعرف الكآبة اطلاقًا، ليس على المستوى المرضي أو على المستوى الشخصي أو الطبيعي. بمجرد أن أضع رأسي على الوسادة، خلال بضع دقائق أو أقل أغرق في النوم بعمق، لا أفيق إلا إذا ذهبت إلى الحمام. غسلت حياتي كلها من المسؤوليات العامة والخاصة، وأغلب ما تعرضت له من أذى، الكثير من المسؤوليات، جاءت إلي من الأخرين، من البيت الذي عشت فيه قبل السجن، والبعض الأخر منه بعد السجن، فالأباء يأكلون الحصرم، والأبناء يضرسون، هكذا يقول المثل. فالمال والسيارة والأطفال والزواج، والعمل، كلها مسؤوليات عامة، البعض منها لا بد منه، والأخر من الممكن الاستغناء عنه.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس ثقافية مقتطفات 136
-
هواجس ثقافية مقتطفات 135
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 134
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 133
-
هواجس ثقافية مقتطفات 132
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 131
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 130
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 129
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 128
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 127
-
هواجس في الثقافة ــ 126 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 125
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 124 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 123 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 122 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 121
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 120 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 119
-
هواجس في الثقافة مقنطفات 118
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 117 ــ
المزيد.....
-
مغني الراب الأمريكي بي ديدي يواجه تهما جديدة بالاعتداء الجنس
...
-
موقع عبري يقدم رواية جديدة بشأن مسار هروب كبار المسؤولين الأ
...
-
هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية تطلق معرض جدة للكتاب
-
تونس تودع الفنان فتحي الهداوي بعد مسيرة امتدت 40 عاما
-
مريم شريف تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان البحر الأحمر السي
...
-
وفاة الممثل التونسي الكبير فتحي الهداوي
-
--شكرا لأنك تحلم معنا--: فيلم كوميدي في زمن التراجيديا
-
التمثيل الضوئي للحد من انبعاثات الكربون
-
الفيلم الوثائقي -الخنجر- يشارك في مهرجان الظاهرة السينمائي ا
...
-
فوز عبارة ادبية مُلهِمة للكاتبة العراقية أسماء محمد مصطفى في
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|