|
هواجس في الثقافة مقتطفات 134
آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 7952 - 2024 / 4 / 19 - 20:48
المحور:
الادب والفن
أنهم لا يقرءون النصوص. من يقرأ النص يتأنى في إعطاء رأيه فيه، يفكر فيه، يلجأ إلى الاعتدال والتمحيص لمعرفة مرام النص، أبعاده وأهدافه وإلى اين يذهب أو يتوقف. لم يأت النص من فراغ أو من حيز خالي من أي مادة، أنه محمول، حامل على ظهره وجوفه وبطنه ومؤخرته حمولات وأبعاد وغايات ومصالح سياسية واقتصادية. الحصيف هو القارئ، الذي يتوقف عند كلمة أو إشارة او فاصلة أو نقطة، ويبحث في أبعاد النص. القارئ الناقد، الباحث عن المعرفة لا يدخل في حروب ضد النص، أنما يفككه، يزيح العقد من خيوطه الكثيرة، ليصل إلى الطريق السالك. الدين نص سياسي بامتياز، سواء أردنا أو لم نرد، ووراءه أهداف اقتصادية. لا يمكن للنص أن يحمل سيفًا ويقاتل دون مرابح على الأرض، هذا محال. وهل تذهب الجيوش للقتال دون مكاسب؟ هؤلاء المساكين، وقود النص، لا يدركون أنهم مجرد حشو، شيء نافل لا قيمة له، جنود في حروب لا ناقة لهم ولا جمل. ويموتون سعداء.
هل كان هناك خلاف بين النظام العربي والنظام السوري؟ في الجوهر لا خلاف، ولا في المظهر، أنه نظام أمني، لا سياسي. لا يوجد نظام عربي عليه قيمة وطنية أو إنسانية. نقول إنه نظام أمني، شرطي أو عسكري، لأنه يقود مجتمعه بالعنف، بالعصا والكرباج. وأن الإنسان فيه مجرد من أي قيمة على كل الصعد، وليس في جعبته أي مشروع وطني أو اجتماعي، وليس في ذهنه تحسين مجتمعه. يسود هذه البلاد الفقر والذل والقهر والحرمان والغربة والضياع بسبب هذا النظام. الحاكم العربي ديوث، وهل هذا الأخير يصلح للبناء والحرية، في الحقيقة مكانه الطبيعي هو في الماخور يقدم العهر لزبائنه.
الولايات المتحدة الأمريكية لقد انخفض مستوى الدولة الأمريكية من كونها دولة مهيمنة منذ الحرب العالمية الثانية وإلى قبل عشرين سنة، وإلى دولة عظمى قبل أثنتا عشرة سنة، اليوم بعد تدخلها في أوكرانيا بالنيابة وفشلها، تحولت إلى قوة عظمى، ركيكة في الممارسة السياسية والتصرف. لقد أخطأت أوروبا، وستدفع ثمن هذا الخطأ الجسيم، أنها دخلت في حرب بالنيابة عن الولايات المتحدة، لا ناقة لها ولا جمل. العمق الأوروبي هو روسيا على المدى البعيد، استراتيجيًا، سيعودون إلى بعضهما متأخرًا، ولكن بهذه العودة سيكون هناك مراكب كثيرة قد احترقت، سيمتد إلى إعادة إنتاج نفسها، وإعادة تقييم التاريخ وقرأته من جديد. كانت أوروبا هي الأقدار على حل المسألة الأوكرانية مع روسيا سلميًا، أن تأخذ بيد اوكرانيا وروسيا إلى شاطئ السلام. هذه الحرب المكلفة جدًا، لن تستمر إلى ما لا نهاية كما تظن الولايات المتحدة، إن التمزقات والتصدعات على المستوى العالمي يسير بقوة كبيرة بعد أن تمزق النظام العالمي القديم، دفعت وستدفع دول كثيرة إلى الخروج من تحت العباءة الامريكية، لتبحث عن مصالحها في مكان أخر. واتمنى من كل قلبي أن لا تتحول السويد وفلندا إلى أوكرانيا أخرى، اتمنى أن لا يدخلا الناتو، لأن هذه الولايات المتحدة تعمل بشكل حثيث إلى تحويلهما إلى مجرد وقود نووي لمصلحتها، ستحارب بهما، هذا أكثر من واضح. كان المحيط المتجمد الشمالي منطقة منزوعة من السلاح النووي، خالي من السلاح النووي، بيد أن دخولهما، السويد وفلندا، وبضغوط امريكية واضحة، سيدفع روسيا إلى نصب صواريخها النووية بالقرب من هاتين الدولتين المحايدتين اليوم، لكن إذا كان قرارهما إيجابي، أي الموافقة، سيمتلئ هذا المحيط بالأسلحة النووية على حدودهما. ولن يشعرا بالأمان بعد اليوم. أريد القول، إذا تخلت الولايات المتحدة عن الناتو في يوم ما، وهذا وارد جدًا، ماذا ستفعل أوروبا لحماية أمنها في حال بقاء عداءها لروسيا؟ العبث لم يأت من روسيا أو أوروبا منذ العام 1945 وإلى اليوم. العبث بمصائر كل الدول والشعوب جاء من الولايات المتحدة. إن رد الفعل الروسي ليس فعلًا حقيقيًا أو رغبويًا، أنه إحساس بالذل، بالهزيمة التي منيت بها على يد الولايات المتحدة. في كل مكان كانت الولايات المتحدة تحاصر روسيا، لم تترك مكان لم تطعنها. أنا أحلل بشكل موضوعي دون إدخال مشاعري او عواطفي في اي نص. ديوجين قال: إما تنتصر روسيا أو نهاية العالم. هذا الكلام الخطير من فيلسوف روسي يحمل في طياته قهر ما بعده قهر. عندما انهار الاتحاد السوفييتي، كنت في السجن، قلت في نفسي: ـ لماذا قضت الولايات المتحدة على هذه الدولة وانهتها من الوجود؟ هذا خطأ كبير، بغياب الاتحاد السوفييتي سيختل التوازن العالمي. اليوم نقطف نتائج هذه السياسات الرعناء. الوضع الاجتماعي الامريكي والسياسي مخيف جدا. ماذا إذا دخلت هذه الأخيرة في حرب أهلية وهذا وارد؟ مستقبل روسيا في أوروبا والعكس صحيح، ولن يلجوا إلى السلاح وانما التعاون. إسرائيل ولدت دولة إسرائيل من علاقة سفاح، من أب غامض ومجهول، وأم مريضة، وعند الطلق جاء الطفل عبر ولادة قيصرية صعبة للغاية، بل مشوهة. هذا الطفل المشوه أعطى لنفسه الحق أن يكون ممثلًا لليهود في العالم كله دون أن يوكله أي يهودي عاقل أو محترم على وجه هذه المعمورة. في العام 1960 تم أختطاف إيخمان من قبل الموساد الإسرائيلي في مدينة بويس أيرس في الأرجنتين، وتم ترحيله إلى إسرائيل، ثم تقديمه إلى المحاكمة واعدامه. الرجل ضابط ألماني، نازي، تمت إدانته قبل أن يدان من أي جهة، أو محكمة سواء في نورمبرغ أو غيرها، كما لم يرد أسمه في أي ملف من ملفات التحقيق المتعلقة بمحاكمة نورمبرغ. كل إنسان بريء إلى أن يدان بقرار من المحكمة المخولة بمحاكمته، سواء كانت عالمية أو محلية، أي من قبل موطنه. لكنها السياسة، أنها فوق القانون، خاصة إذا كانت إسرائيل ووراءها الولايات المتحدة. يحق للبعض أن يتجاوز كل القوانين والأعراف، وعلى الأخر أن يمتثل أو يموت تحت ذرائع براغماتية دنيئة.
الكلمة أمانة في العنق الكلمة التي أكتبها أغار منها، أخاف عليها منها علي، أن تأخذني إلى الرغبات، إلى العراء، فاتعرى معها وبها ومنها، ومن ذاتي. إن تفجر في عقلي شغف الانتماء إلى هذا الكون الذي ينفصل عني يومًا بعد يوم. الكلمة هي التي تبقيني مستيقظًا في سبات هذا العالم البعيد.
سلمان رشدي أديب، روائي. والرواية هي نقوش فنية متداخلة بين الحقيقة والخيال والواقع، جزء منها ممكن يكون فانتازيا، وجزء منها خيال، وجزء نهل من الواقع، مثله مثل الرسام أو العازف أو النحات. الخميني أفتى بقتله، ولم يصدر من أي جهة دينية أو رسمية في العالم تحريم هذا الفعل الشنيع. المؤمنون يتجازون الخيال مع أنه خيال، في الأنجيل والتوراة القرآن، ويعتبروها حقائق ويعبدوها، ويمنعون الروائي من تحقيق فرحه في نسجه خياله. أليس هو داؤد الذي قتل مئتي فلسطيني للحصول على القلف العائد لهم، مقابل أن يتزوج ابنة الملك شاول. من هو صاحب الخيال الذي أنجب يسوع ابن مريم من الروح، وتكلم في اليوم الثامن؟ من هو الذي يستطيع أن يجامع تسع نساء خلال ليلة واحدة، وعلى اغتسال واحد، وله طاقة أربعين رجل؟ من هو الذي سيملك سبعين حورية في الجنة، ولكل واحدة سبعين وصيفة؟ هل هذا خيال أم لا؟ لماذا يحق للدين أن يطلق العنان لخياله ويحرم الروائي؟
عملية السلام مع إسرائيل الكثير من الناس في بلادنا يعتقد، أو يظن، أن عدم إنجاز عملية السلام مع إسرائيل سببه تعنت النظام العربي. أكاد أبكي على الكثير من الأصدقاء لأنهم يظنون أن المشكلة هي عند الحكام العرب، وهذا عائد لعدم معرفتهم أوفهمهم لخبايا السياسة، وألعابها، لهذا سأطرح سؤالًا منطقيًا: هل النظام العربي رافض للصلح مع إسرائيل، ولماذا؟ وهل يملك النظام العربي قرار نفسه حتى يرفض؟ إسرائيل لم تكن جاهزة للسلام مع النظام العربي في العام 1995، وليست جاهزة اليوم أيضًا. وعندما أراد رئيس وزراء إسرائيل، أسحق رابين، توقيع أتفاق سلام مع الأنظمة العربية، قتلته إسرائيل. وبكلام أدق، المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الحاكمة لهذه الدولة لم تكن جاهزة
امرأة مجروحة ـ أذهبوا. لا تشفقوا علي يا جبناء، يا أنذال. أذهبوا إلى عاركم. الموت هو الحرية المطلقة. إن الموتى هم من سيقتلوننا. إن الأصنام والموتى هما من أخذ قرار الموت. هو ذاته، حامل الوردة أو الزنبقة في يد، وفي اليد الآخرى السيف، وإن وراء البسمة الحنونة حقد دفين، هو ذاته الغير متصالح مع ذاته، لا متصالح مع ذاته. القاتل إنسان ضعيف التكوين، مهزوز، مكسور من الداخل، ضعفه سيكسركم، سيمزق أجنحتكم دون أي إحساس بالعار. يقول المثل: ضربة الضعيف قاسية جدًا لأنها تأتي على حين غرة، هذا الإنسان حول الحياة إلى بيمارستان كبير. كانت سارة تصرخ وتبكي وتدور حول الوتد وحول نفسها. صوت آهاتها كان يصطدم بصخور الجبال، وأعماق الوديان، ويعود الصدى محملًا بوزنه الفائض. خيم حزن فوق الحزن الإضافي، ووجع آخر فوق الوجع الجاثم فوقهم. والكلمات المبعثرة ظلت مبعثرة لا يمكن لضمها أو رتقها. تعرت سارة من ثيابها بالكامل، بان عريها الجميل. وقفت على قدميها، وباعدت بينهما، وبالت على كل الاتجاهات، وأشارت إلى نفسها وإلى مكمن جمالها: ـ هذا، وأشارت إلى موضع الخجل والجمال، إلى فرجها، يخرج القاتل والمقتول، ولا تملّ الحياة من لعبة الموت والحياة. لن أرحل معكم. ليقتلوني هنا فوق هذا الوتد. بصقت على الجميع، على الرجال والنساء. نزعت الغطاء عن رأسها بحركة عصبية سريعة، بان شعرها الأشيب، وصدغها، ووجهها الموجوع بوضوح. بانت التجاعيد، ومحراث الزمن، وتعب السنين في الفلاحة والسقاية، وجبل روث الحيوانات وصناعة الأكواخ من اللبن، وإنجاب الرجال وإطعامهم ورعايتهم وحلب الأبقار والأغنام والماعز وصنع الجبن واللبن والزبدة وتربية الدجاج. نكشت شعرها وجلست أمام الريح تبكي: ـ إلى أين ستذهبون أيها المجانين؟ بمجرد أن تتركوا بيوتكم ستصبحون عالة على أنفسكم. من سيحمل عاركم؟ لن يحترمكم التاريخ. لنبق هنا، ونموت هنا بدلًا من الهروب إلى الأمام. إلى أين ستهربون؟ الحكومة هي الله، وإذا خذلتكم لا راع لكم إلا ذئاب البراري. لنذهب إلى براري الجبال، ونموت هناك موت الشجعان، لتتلذذ الحيوانات باللحم الميت، هذا خير من أن نضع أنفسنا تحت رحمة الآخرين. بصقت على فرجها مرات ومرات: ـ تفوه عليك. تفوه لأنك بلا خجل، لأنك تنجب السفلة والمجرمين وقطاع الطرق. زمنك مائع ورخو ومجنون. لماذا عشنا لنرى ما نراه؟ من سيصدق هذه الحكاية، حكايتنا؟ هذا الجنون؟ من سيصدق أنها قررت قتل الأطفال الأبرياء؟ أين أنت يا من تسمي نفسك الله؟ هل أنت كائن حقيقي وترى وتشاهد وتصمت؟ قل لنا ماذا فعلنا حتى يتم تصفيتنا دون أي شعور بالعار؟؟
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 133
-
هواجس ثقافية مقتطفات 132
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 131
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 130
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 129
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 128
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 127
-
هواجس في الثقافة ــ 126 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 125
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 124 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 123 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 122 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 121
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 120 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 119
-
هواجس في الثقافة مقنطفات 118
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 117 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 116 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 115 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 114 ــ
المزيد.....
-
مروان حامد يتحدث عمّا -يثير الاهتمام- في فيلم -الست- ويشيد ب
...
-
مسرحية -الفيل يا ملك الزمان-.. إسقاطات رمزية على مأساة غزة
-
رحيل المخرج العراقي قيس الزبيدي أحد أبرز رموز السينما الوثائ
...
-
دمياط المصرية في المصادر العربية وكتب الرحالة والمؤرخين
-
سحب الجنسية الكويتية من فنانين وإعلاميين يثير مزيدا من الجدل
...
-
وزير الإعلام العماني: الفيلم الوثائقي -الخنجر- ثري ومبهر بصر
...
-
إيران: إطلاق سراح مغني الراب توماج صالحي بعد إلغاء حكم بإعدا
...
-
لوكاشينكو يدعو وزير الثقافة الجديد لترتيب الأوضاع أو الموت
-
12 دولة تشارك في مهرجان -تشيخوف- المسرحي الدولي عام 2025
-
مسقط: RT كما -الخنجر- العماني ينبغي الحفاظ عليها كشكل من أش
...
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|