أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - حقيقة حرب غزة: سيناريو صفقة القرن الخشن















المزيد.....

حقيقة حرب غزة: سيناريو صفقة القرن الخشن


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 7907 - 2024 / 3 / 5 - 13:27
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


ثمة فئة قليلة هي التي قدمت تصورا بأن صفقة القرن التي خرج بها دونالد ترامب للمرة الأولى؛ لم تمت برحيله عن البيت الأبيض وقدمت الشواهد والأدلة على استمراها في عهد جو بايدن، في حين كانت هناك "موجة رائجة" تستسهل مقاربة السيناريوهات الراهنة وفق المعارف السياسية القديمة إرث القرن الماضي، مرتكنة إلى مراكزها المستقرة وعلاقاتها والمسارات السياسية التي استقرت فيما بعد تفاهمات اتفاقية عام 1979م، وتفاهمات ما بعد أوسلو والشرق الأوسط الكبير، وكذلك ارتباك المشهد النخبوي والمعرفي العربي فيما بعد الثورات العربية في القرن الحادي والعشرين، لتوجه هذه الموجة المؤسسات العربية الرسمية وشبه الرسمية وجهة تعتمد على رطانات منتهية الصلاحية، وتهدر الموارد التي كان من الممكن توجيهها في الطريق الصحيح لمواجهة مخططات صفقة القرن، ومشروع "الصدام الحضاري" وتمثلاته في المنطقة العربية (برنارد لويس وتلامذته)، في ملف فلسطين وفي كافة ملفات التناقضات الإقليمية الأخرى.

رمضان 2024م: الشهر السادس للحرب
فمن وجهة نظر معينة؛ وبينما تُتِمٌّ حرب جيش الاحتلال الدموية شهرها الخامس وتدخل شهرها السادس مع مقدم شهر رمضان المعظم؛ تشي النظرة من بعيد لما يحدث داخل الأرض الفلسطينية وما يدور في الفضاء الإقليمي والمشهد الدولي، أنه لا جديد على أرض الواقع.. المخططات الصهيونية والأمريكية وسيناريو صفقة القرن يتم تطبيقه فعليا، ولكن بشكل خشن وليس بشكل ناعم كما كان يظنون أنه سيجري لو لم تحدث عملية طوفان الأقصى.
فالمخططات تجرى للتهجير والتفريغ والهيمنة الكاملة؛ وتحويل الفلسطينيين الذي قد يبقون داخل فلسطين التاريخية إلى حضور جيوثقافي هامشي و"منزوع الدسم"، أي مجرد أيادي عاملة ومشاريع اقتصادية يتم دمجها في شبكة اقتصادية كبرى تسيطر عليها "إسرائيل" والدول العربية المتعاونة معها (دول "الاتفاقيات الإبراهيمية" بشكل أساسي)، وهذه هي الصور الأوضح التي قد لا يراها البعض أو يتجاهل البعض النظر إليها.


خياران: إما الموت جوعا وقصفا أو التهجير طوعا
فما يحدث على الأرض هو حصار وتجويع وقتل وإرهاب دولة وعملية إبادة جماعية بالفعل؛ حيث أن الحرب تستمر بلا أفق سوى القتل بالقصف الجوي والحصار والتجويع، لكي يصل للفلسطينيين اليقين أنه لا سبيل للحياة سوى عبر التهجير "الطوعي" خارج فلسطين..
وهذا هو لب صفقة القرن، ومن وجهة نظر متشائمة يعتقد البعض أن هناك خلخلة مستمرة وتفكيك مستمر للإرادة العربية لكي تقبل مصر والأردن تهجير أهل غزة والضفة، ومن وجهة نظر أقل تشاؤما يرى البعض أن الضغوط الداخلية والخارجية قد تؤدي لقبول أشكال من التهجير أو الهجرة الطوعية أقل فجاجة، لكنها تحمل المضمون نفسه.


طائرة للمساعدة وطائرة للقتل والإرهاب!
المساعدات الجوية التي تقدمها مصر والأردن والإمارات وقطر وفرنسا وأمريكا؛ لا يمكن أن تكون بديلا عن المساعدات البرية والشاحنات التي تحمل تجهيزات الإعاشة والمواد الطبية والإمدادات الغذائية وخلافه، أمريكا تقيم جسرين جويين إلى فلسطين المحتلة جسر بيمنيها وشبه جسر بشمالها، جسر للأسلحة التي تقتل الفلسطينيين يتوجه إلى سلطة الاحتلال "إسرائيل" مباشرة، وبعض طائرات المساعدات الهزيلة الأخرى إلى قطاع غزة المحاصر لا ترقى أبدا لكلمة جسر جوي، إنما هي تسمية على سبيل السخرية، حيث ترسل أمريكا بيمينها السلاح الذي يقتل المدنيين والعزل، وبشمالها ترسل فتات المساعدات لتدعي أنها بريئة من حصار الفلسطينيين وقتلهم جوعا وقصفا، وعريا وبردا.

المعضلة: غياب سيناريوهات إنهاء الحرب
المشكلة الرئيسية أنه رغم المساعدات الجوية وتراجع دولة الاحتلال مؤقتا عن اجتياح مدينة رفح على الحدود المصرية الفلسطينية؛ وتهديد مصر باستمرار الجسر الجوي حتى ولو رفضت دولة الاحتلال التنسيق، تبقى المشكلة غياب أفق إنهاء الحرب، وغياب الضغوط على الاحتلال لوقف استهداف المدنيين في مراكز المساعدة ولعربات المساعدات وعربات الإسعاف! ووقف القصف الجوي نفسه للمدنيين.
أمريكا و"إسرائيل" تضغطان بهدف قبول حماس لاتفاقية تجردها من أوراق التفاوض المستقبلية، وتتركها بالفعل مكشوفة ومعها الشعب الفلسطيني أمام جيش الاحتلال ليستمر سيناريو الضغوط وصولا إلى الاختيار الحتمي: الموت إما جوعا أو قصفا، أو قبول التهجير الطوعي بأي شكل كان.

عجز المؤسسات الأممية
الأمم المتحدة عاجزة، مجلس الأمن يكبله الفيتو الأمريكي، المحكمة الجنائية الدولية تتعرض لضغوط لا حصر لها، محكمة العدل الدولية اختصاصها وفق التكييف القانوني الراهن يسعى لتكوين رأي استشاري فقط إذا سمحت لها أمريكا وحلفاؤها بذلك، من هنا تبدو آلة الحرب مستمرة وأنه لا أفق واضح للضغط على الاحتلال لوقف القصف والحصار والإرهاب.
وإذا استمر الأمر كذلك؛ فإن ما يحدث حقيقة ليس إلا مشروع صفقة القرن بكامل هيئتها وزخرفها وطحينها وضجيجها، ولكن في شكل خشن وليس ناعم، شكل سلط الأضواء فجأة على عمليات التضييق وحصار الفلسطينيين، وكشف عن سيناريو التهجير العلني إلى سيناء في مصر وإلى الأردن.

ردا على دعاة الاستلاب للصهيونية
ويبدو أن عملية طوفان الأقصى فقط سلطت الضوء على المخططات ووضعت الشعوب العربية أمام المأزق الوجودي، كان البعض يتخيل أن الصفقة انتهت والبعض الآخر خُدع في نعومية خطاب المشترك الديني و"الاتفاقيات الإبراهيمية" أو قُل "الصهيونية الإبراهيمية" في حقيقة الأمر، وهذا أبلغ رد على المزايدين المترفعين والعقلانيين أهل السلام والاستقرار، الذين يسألون لماذا قامت المقاومة الفلسطينية بالمواجهة وعملية طوفان الأقصى في ظل تفوق الاحتلال عدة وعتادا! فالأفضل لهم وفق وجهة نظر البعض الاستسلام للهزيمة الحضارية، وتسليم أنفسهم مستلبين لها دون حراك أو مقاومةّ.

المواجهة الخشنة: استعداد تأخر كثيرا
في فترة دونالد ترامب حاول البعض التصدي لخطاب الاستلاب الناعم للصهيونية والترويج للاتفاقيات الإبراهيمية، عبر خطاب وحجاج جيوثقافي ناعم قوي يؤكد على الذات العربية وآليات تماسكها واستعادة حضورها. ولكن هذا الشكل الخشن من خلخلة الجغرافيا الثقافية العربية، يحتاج إلى سياسات كلية وإجراءات دبلوماسية على مستوى الدول دفاعا عن الحد الأدنى الباقي من ثوابت "مستودع الهوية" العربي، وقبل أن ينفرط العقد تماما وندخل في مرحلة الاضمحلال الحضاري والهزيمة الكبرى، ذلك رغم أن الاستعداد الخشن لمواجهة الصفقة تأخر كثيرا لكن ربما مازال في الإمكان إنقاذ الموقف، ومحاصرة السيناريوهات ووقف النزيف.

موقف عربي يعتمد الحد الأدنى
نحن في حاجة إلى موقف سياسي عربي واضح وحاسم وموحد قدر الإمكان رغم التناقضات الماثلة للقاصي والداني، موقف سياسي يقوم على حد أدنى من المشترك بين الداخل الفلسطيني، وحد أدنى من التوافق العربي، ثم تصعيد العمل الدبلوماسي ضد "إسرائيل" وأمريكا في كافة المحافل الدولية، بالتنسيق مع كافة القوى الدولية الأخرى.
إذا لم نكسر الجمود السياسي في الأفق الدبلوماسي الدولي لوقف الحرب والعدوان؛ فإن صفقة القرن قادمة بخشونتها ونعومتها، لا فرق بين دونالد ترامب و"صفقة القرن" الأولى، أو جو بايدن و"صفقة القرن" المعدلة، كلاهما أمريكا وكلاهما يمثل خرافة التفوق والحضارة المطلقة وتصورات الصدام الحضاري، والمسألة الأوربية القديمة.

طوفان الأقصى: ما قبل الغرق بلحظات
دون أفق أو استراتيجية عربية واضحة لوقف الحرب فما هي البدائل الحقيقية التي ستبقى أمام الفلسطينيين؟! سوى الموت جوعا وعطشا أو قصفا، أو الهجرة والنجاة طواعية!
ليتم تنفيذ صفقة القرن ولكن بطريقة خشنة زاعقة، وليس بطريقة صامتة قاتلة كما كان يحدث قبل عملية طوفان الأقصى، وقبل أن تضع العملية الجغرافيا الثقافية العربية في مأزق وتهز سباتها الطويل، وتكشف دعاة الاستلاب العربي للصهيونية والمروجين لصفقة القرن وورثة طبقة التطبيع القديمة.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ضرورة إزاحة جيوثقافية مصر فيما قبل 7 أكتوبر
- عملية رفح الباردة: سياسة حافة الهاوية بين الاسترتيجي والتكتي ...
- الصهيونية وتعالقات الحضارة المطلقة: الماركسية والليبرالية وا ...
- حرب غزة: بؤرة الصدام الحضاري الثالث وأفق المستقبل
- فلسطين والأفريقانية: بين جنوب أفريقيا التحريرية وأثيوبيا الع ...
- مبدأ الجيوثقافية المستدامة: البدائل السياسية للعرب فيما بعد ...
- الأزمة والمسارات: محور المقاومة وسؤال اللحظة الاستراتيجية
- تناقض الاستراتيجي والتكتيكي: 2024م وتفاقم أزمة الجغرافيا الث ...
- توزان الرسائل الأمريكية: ضرب الزوراق وسحب حاملة الطائرات
- التوازن الجيوثقافي للحرب: حتمية تراجع أمريكا والممكن العربي
- الحرب بين الأوراس والأطالسة والعرب: الوعي الجيواستراتيجي وتو ...
- المأزق المصري: تكتيك الحشود الدولية بين ضرب العراق وحماية إي ...
- محددات التراجع الأمريكي والفرصة العربية لدعم المقاومة
- مصر والكتلة الجيوثقافية الثالثة: استراتيجية الخروج من الأزمة
- ناقوس الخطر: اختزال التمثيل والعدو المطلق للجيوثقافية الغربي ...
- الجيوثقافية والميتا أيديولوجي: مصر والمقاومة الفلسطينية مشتر ...
- هل حان موعد الاستقطاب المصري الجيوثقافي الثاني في الحرب!
- هل حقا هناك هدنة.. العدوان على الضفة الغربية!
- إعلان الدولة الفلسطينية: الرهان المصري الثاني في المعركة الد ...
- الذات العربية وحرب غزة وقوة إيران الناعمة: كي لا تسقط الأندل ...


المزيد.....




- مشتبه به في إطلاق نار يهرب من موقع الحادث.. ونظام جديد ساهم ...
- الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟
- بشار الأسد يستقبل وزير خارجية البحرين لبحث تحضيرات القمة الع ...
- ماكرون يدعو إلى إنشاء دفاع أوروبي موثوق يشمل النووي الفرنسي ...
- بعد 7 أشهر من الحرب على غزة.. عباس من الرياض: من حق إسرائيل ...
- المطبخ المركزي العالمي يعلن استئناف عملياته في غزة بعد نحو ش ...
- أوكرانيا تحذر من تدهور الجبهة وروسيا تحذر من المساس بأصولها ...
- ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعدا ...
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو أثار غضبا كبيرا في ال ...
- مصر.. الداخلية تكشف حقيقة فيديو -الطفل يوسف العائد من الموت- ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - حقيقة حرب غزة: سيناريو صفقة القرن الخشن