أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - مبدأ الجيوثقافية المستدامة: البدائل السياسية للعرب فيما بعد الحرب















المزيد.....

مبدأ الجيوثقافية المستدامة: البدائل السياسية للعرب فيما بعد الحرب


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 7853 - 2024 / 1 / 11 - 22:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


تقف القضية الفلسطينية الآن مجددا في مفترق طرق؛ تحديدا في البحث عن المسارات السياسية لما بعد حرب غزة.. فأيا كان الوضع التكتيكي على الأرض وتطور الحرب في الأرض الفلسطينية المحتلة بين الفلسطينيين وبين قوات الاحتلال، سيكون على المفاوض العربي والدبلوماسية العربية أن تملك تصورا سياسيا تطرحه وتعرف كيف تدير المعركة أو التدافع الإقليمي والدولي حوله.

مبدأ "الجيوثقافية المستدامة"
وحق الأجيال القادمة في استكمال المسار

بداية يجب التأكيد على أن التصور السياسي الذي على المفاوض العربي العمل من خلاله؛ لابد أن ينبع من قلب الجغرافيا الثقافية العربية، وليس عليها أن يخالفها، أو يتخلى عن قيمها، أو ثوابتها الثقافية بكامل أبعادها ومكوناتها.
وعليه أيضا أن يكون تصورا مستداما بمعني أن التصور السياسي الذي سيتحرك به المفاوض العربي، عليه في كل الأحوال ألا يقدم تعهدات أو اتفاقيات طويلة المدى تنتقص من قدرة الأجيال القادمة في الدفاع عن الحقوق العربية.
وهذا مبدأ سياسي مهم للغاية في هذه المرحلة المتراجعة من تاريخ الذات العربية في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وهو المبدأ الذي يمكن أن نسميه مبدأ "الجيوثقافية المستدامة" الذي يرى بأن أي تصور أو اتفاق سياسي عربي، يجب عليه أن يحتفظ بحق الأجيال القادمة ولا يقطع عليهم الطريق في الدفاع عن مستودع هويتهم، بكامل مكوناته وتصوراته، حتى لو كانت الظروف الراهنة غير مواتية فعلى المفاوض العربي الاكتفاء المرحلي بما هو متاح وممكن، دون مصادرة تقضي على الحق المستدام للأجيال القادمة في استكمال الطريق، عندما يتغير الظرف التاريخي وتستعيد الذات العربية ما لها في المستقبل القريب أو البعيد.

المسار السياسي لمقاربة ما بعد صفقة القرن
وليس ما بعد حرب غزة

من هنا يمكن الإشارة إلى أن المفاوض العربي ليس عليه الآن أن يطرح تحرير كامل القدس الشرقية والغربية، ولكن ليس عليه أيضا أن يقبل بتفاهمات صفقة القرن وهيمنة الاحتلال والصهاينة اليهود على القدس وعلى المسجد الأقصى، ليس على المفاوض العربي والدبلوماسية العربية أن يعلن اليوم قيام الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وفق حدود ما قبل 1967م، ولكن ليس عليه أيضا أن يقبل الاعتراف بدولة الاحتلال مجانا، ويشارك في أوهام "الاتفاقيات الإبراهيمية".
بوضوح أكثر على المفاوض العربي على المستوى السياسي والجيوثقافي أن يبدأ تصوره ومفاوضاته، انطلاقا من الوعي بأننا لسنا في مرحلة ما بعد حرب غزة، ولكننا في مرحلة ما بعد الاتفاقيات الإبراهيمية وصفقة القرن، على المفاوض العربي أن يزكي الدماء الفلسطينية الطاهرة وينطلق من أن هدف عملية طوفان الأقصى العسكرية وما تلاها من حرب دخلت في شهرها الرابع الآن، كان القضاء على تفاهمات صفقة القرن و"الصهيونية الإبراهيمية" الناعمة، وينطلق مجددا من شرعية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفق القرارات الأممية والحقوق المستقرة له، ويُجْهِزُ تماما على صفقة القرن وتبعاتها.

جولة بلينكن
وتكتيكات تفجير التناقضات وإدارتها

وفي سياق النظر إلى المفاوض في المقعد المقابل للذات العربية ودبلوماسيتها على طاولة المفاوضات؛ سنجد المفاوض الأمريكي بخبراته المتراكمة في العصر الحديث، التي تعتمد على تفجير التناقضات في مستودع هوية الشعوب المستهدفة وفق تصورات نظريات الصدام الحضاري التي خرجت في نهايات القرن العشرين مع فوكويا وهنتنجتون وبرنارد لويس، وأبلغ دليل على ذلك جولة بلينكن الأخيرة في المنطقة العربية وما أصبح معروفا بالشرق الأوسط.
ففي جولته إلى تركيا حاول استمالتها إلى أجندته التفاوضية او إملاءاته، عن طريق الحديث عن صفقة الطائرات المقاتلة الأمريكية المجمدة إلى تركيا، وفي السعودية تحدث عن التطبيع ومخاطر اتساع الصراع في إشارة مضمرة إلى وقوع السعودية في حصار الكماشة الشيعية بين إيران والحوثيين في الجنوب ولبنان وبعض شيعة العراق الموالين في الشمال، وفي مصر استخدمت الإدارة الأمريكية –ووكيلها الصهيوني في المنطقة- التكتيك القديم نفسه حيث تواكبت زيارة بليكن مع تكتيك العصى والجزرة حيث أعلنت بنك "جي بي مورجان" خروج مصر من إحدى المؤشرات الاقتصادية الهامة التي تمنح الاقتصاد ثقة عالمية، وفي الوقت نفسه صرحت وزيرة الخزانة الوقوف إلى جانب مصر في محنتها وظرفها الاقتصادي! وقبلها بقليل أعلنت أثيوبيا تمددها في البحر الأحمر باتفاق مع دولة "أرض الصومال" عبر ميناء بربرة!

الجغرافيا الثقافية بوصفها أولوية

والدرس المستفاد من المقاربة الأمريكية في السياسات الخارجية تجاه المنطقة العربية أنها لا تحترم الجغرافيا الثقافية العربية وثوابتها، وتعتمد على تكتيكات تفجير التناقضات في مستودع الهوية العربي (إرث نظريات الصدام الحضاري)، من ثم يجب على الذات العربية والمفاوض العربي أن يعمل وفق سياسات مضادة تعتمد على تفكيك التناقضات وإدارتها واستعادة الجغرافيا الثقافية بوصفها المادة الرابطة/ اللاصقة للكتلة الجغرافية العربية، بدونها لا توجد لها جغرافيا سياسية داخلية فاعلة وناجحة، ولا جغرافيا سياسية إقليمية "جيوبولتيكية" متكاملة، ولا جغرافيا جيواستراتيجية دولية تحترمها القوى الدولية أو القوى الغربية تحديدا.

الجانب الصهيوني والأفق المسدود

وكذلك يجب على المفاوض العربي أن يعي بالمسار السياسي وجذوره الجيوثقافية التي وصلت لها الصهيونية ودولتها الآن، في حقيقة الأمر دولة الاحتلال لا تملك أفقا للسلام منذ تسعينات القرن الماضي بعد اغتيال إسحاق رابين، والسكتة القلبية لمشروع السلام واتفاقيات أوسلو، وجُل الحكومات التي تولت الصدارة منذ ذلك التاريخ حتى الآن حكومات متطرفة لا تريد حل الدولتين الذي توقف مع اغتيال رابين، ولا تريد حل الدولة الواحدة مع استمرار صدور القوانين العنصرية التي تميز بين أصحاب الأرض من الفلسطينيين العرب، وبين المستوطنين من الصهاينة "الإسرائيليين".
لذا فحقيقة الأمر التي على المفاوض العربي الاعتراف بها أنه لا يوجد شريك سياسي في حكومة الاحتلال الحالية يقبل بالفلسطينيين لا في حل دولة واحدة ولا حل في دولتين، من ثم عليه أن يبنى تصوره التفاوضي وفق هذه الرؤية الواقعية للمفاوض الأمريكي صاحب نظريات الصدام الحضاري، والمفاوض الصهيوني صاحب نظريات النفي الحضاري التام والتهجير للفلسطينيين خارج حدود فلسطين ما قبل 1967 وخارج حدود دولة الاحتلال نفسها التي أعلنت وفق قرار التقسيم عام 1947م.

خاتمة: الإجهاز السياسي على صفقة القرن

من ثم يبقى أمام المفاوض العربي طريق وحيد للسير فيه؛ وهو طريق وضع الطرف الآخر الأمريكي والصهيوني أمام الوقائع التاريخية والحصول على الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني بوصفه شعبا تحت الاحتلال، مع التأكيد على الثوابت الجيوثقافية العربية، والخروج بأقل الخسائر من على طاولة المفاوضات الحالية، بعنوان واضح وهو الإجهاز على تفاهمات صفقة القرن، والمطالية باحترام القرارات الأممية ذات الصلة.
مع وضع خطة عمل عربية لتجاوز وإدارة التناقضات الجيوثقافية التي تفجرت تمهيدا لاستعادة الكتلة الجغرافية العربية لنفوذها وروابطها الثقافية، والاقتصادية والسياسية، بما يضمن للأجيال القادمة حقهم المستدام في استكمال المسيرة عندما تصبح الظروف مواتية.. لأن طوفان الأقصى صنعت تمددا في الجغرافيا الثقافية العربية سيحتاج بعض الوقت حتى تستجيب له الجغرافيا السياسية، وتتغير الدورة الحضارية والجيوثقافية لصالح الذات العربية، وهذا هو مبدأ "الاستدامة الجيوثقافية" الذي لا يصادر على حق الأجيال القادمة في الدفاع عن مستودع هويتها بكامل مكوناته.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة والمسارات: محور المقاومة وسؤال اللحظة الاستراتيجية
- تناقض الاستراتيجي والتكتيكي: 2024م وتفاقم أزمة الجغرافيا الث ...
- توزان الرسائل الأمريكية: ضرب الزوراق وسحب حاملة الطائرات
- التوازن الجيوثقافي للحرب: حتمية تراجع أمريكا والممكن العربي
- الحرب بين الأوراس والأطالسة والعرب: الوعي الجيواستراتيجي وتو ...
- المأزق المصري: تكتيك الحشود الدولية بين ضرب العراق وحماية إي ...
- محددات التراجع الأمريكي والفرصة العربية لدعم المقاومة
- مصر والكتلة الجيوثقافية الثالثة: استراتيجية الخروج من الأزمة
- ناقوس الخطر: اختزال التمثيل والعدو المطلق للجيوثقافية الغربي ...
- الجيوثقافية والميتا أيديولوجي: مصر والمقاومة الفلسطينية مشتر ...
- هل حان موعد الاستقطاب المصري الجيوثقافي الثاني في الحرب!
- هل حقا هناك هدنة.. العدوان على الضفة الغربية!
- إعلان الدولة الفلسطينية: الرهان المصري الثاني في المعركة الد ...
- الذات العربية وحرب غزة وقوة إيران الناعمة: كي لا تسقط الأندل ...
- حرب غزة والمسألة الأوربية.. تصريحات بايدن بوتين أنموذجا
- في حاجة المقاومة الفلسطينية لرواية إعلامية بديلة ليوم 7 أكتو ...
- حرب غزة والنهايات السعيدة: عجز القوة وانتصار الضعيف
- حرب الروايات: طوفان الأقصى بين الفلسطيني الضحية ومعاداة السا ...
- مصر ودبلوماسية إدارة التناقضات: مقاربة الحركة بالأهداف المتغ ...
- مصر بين الجغرافيا الثقافية والجغرافيا السياسية: مقاربة للأمن ...


المزيد.....




- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - مبدأ الجيوثقافية المستدامة: البدائل السياسية للعرب فيما بعد الحرب