أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - حرب الروايات: طوفان الأقصى بين الفلسطيني الضحية ومعاداة السامية














المزيد.....

حرب الروايات: طوفان الأقصى بين الفلسطيني الضحية ومعاداة السامية


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 7799 - 2023 / 11 / 18 - 00:58
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


هناك إشارة مهمة للغاية توضح كيف قامت الرواية الصهيونية التي قدمتها عن عملية "طوفان الأقصى"، وهذه الإشارة هي إشارة دالة لفهم عقدة الصراع الجيوثقافية برمتها لمن لم يدرك بعد التصور الجيوثقافي للصراع العربي/ الصهيوني، وذلك في المكالمة التليفزيونية المصورة التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية بين رئيس دولة الاحتلال نتانياهو وبين الرئيس الأمريكي جو بايدن، في هذه المكالمة قدم نتانياهو تليخصا للرواية الجيوثقافية لإسرائيل ولماذا يدعمها الغرب، حيث قال: "إنها هجوم أستطيع أن أقول إننا لم نشهد وحشيته منذ المحرقة".(1)

وهذه الجملة هي ملخص التصور الجيوثقافي الذي قامت عليها الصهيونية، هو –وهم- يقدمون وجودوهم في الأرض الفلسطينية المحتلة بصفته استمرارا لوجودهم في جغرافيا أوربا، حين قامت الثقافة الأوربية ببمرسة الاضطهاد ضدهم فيما عرف بـ"معاداة الصهيونية"!! يقدمون تصورا جيوثقافيا يخاطب عقدة الذنب في العقلية الأوربية/ الغربية عما تعرضوا له هناك، من ثم تتخيل العقلية الأوربية أن احتلالهم للجغرافيا العربية هو تعويض عن اضطهادهم في الجغرافيا الأوربية، وتتصور أن الانتصار للثقافة الصهيونية هو انتصار على ثقافة النازية، حيث يمكن القول إن الجيوثقافية الصهيونية رواية منتزعة من سياقها الجيوثقافي الغربي والأوربي، ليتم زرعها على حساب الجيوثقافة العربية أي على حساب الجغرافيا والأرض العربية، وعلى حساب الثقافة والموروث العربي الديني والتاريخي والشعبي الشامل.

كما قال نتانياهو في المكالمة ذاتها عبر ترديد أكاذيب لم يدعمها بوقائع: "لقد تم ذبح المئات، عائلات بأكملها قضي عليها أثناء نومها، نساء قُتلن واُغتصبن بوحشية. كما تم اختطاف أكثر من مائة شخص، بما في ذلك الأطفال. ومنذ تحدثنا آخر مرة، ازداد حجم هذا الشر. لقد أخذوا عشرات الأطفال ربطوهم وأحرقوهم، وقطعوا رؤوس الجنود"(2)، لتصبح هذه المكالمة هي الرواية السائدة في الغرب والتي استخدموها لتبرير جرائم الحرب في حق الفلسطينيين، لأن الصورة الجيوثقافية المسبقة عند العقلية الغربية/ الأوربية تمنح المستعمرين أو المستوطنين الصهاينة صورة الضحايا الأبرياء، ولم تترك للفلسطينيين سوى دور الشرير!

وهنا يجب القول أنه إذا لم تنتصر الذات العربية جيوثقافيا في صراع الروايات بينها وبين الصهيونية والغرب، فلن تحقق أبدا انتصارا فعليا على أرض الواقع، لابد من كشف الارتباط الذي تقوم بها العقلية الجيوثقافية الأوربية وإسقاطها رواية معاداة السامية التي أنتجتها الثقافة الأوربية ووقعت في جغرافيتها على الصراع بين العرب وبين الصهاينة على أرض فلسطين المحتلة، هناك حائط صلب تصطدم به رواية الفلسطيني الضحية، وإذا لم يتم هدم هذا الحائط فستظل القضية الفلسطينية تراوح مكانها، ومهما كانت القضية الفلسطينية عادلة فلن تنتصر طالما لم تفكك الجيوثقافية الصهيونية القادمة من أوربا ومن الغرب وعلى أرض أوربا ذاتها، لأنه وفق التصور الجيوثقافي للظاهرة البشرية لا يمكن أن تنتصر جماعة بشرية ما على أرض الواقع دون أن تقدم رواية جيوثقافية فاعلة لوجودها ومساراته الخشنة والناعمة.

وهنا يجب الإشارة إلى أن الجيوثقافية الصهيونية القادمة من أوربا والغرب، لها عدة مصادر ليبرالية وماركسية ووجودية وما بعد نازية، كل هذه الروايات ومصادرها يجب التصدي لها في عقر دارها، أي في الجغرافيا التي أنتجت تلك الثقافة في أوربا نفسها، في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا وأمريكا، ودون مواجهة لهذه الجيوثقافية الصهيوينة الكامنة في الحاضنة الأوربية، لن يتمكن العرب أبدا من سحب الغطاء الأخلاقي والثقافي عن الحشود التي أرسلتها أمريكا والغرب وسوف تستمر في إرسالها، ولا تحقق أبدا للجيوثقافية العربية على أرض فلسطين، لأن الجيوثقافية الصهيونية لا تستمد قوتها من حيث هي قائمة في الوطن العربي وثقافته وجغرافيته، إنما تستمد قوتها من جغرافية وثقافة أخرى قابعة هناك في الغرب.

لكن الحد الأدنى الممكن في المدى القصير، هو إقامة مؤتمر دولي يشرح وجهة نظر الفلسطينيين فيما حدث يوم العلمية (7أكتوبر) ويكذب خرافة الرواية الصهيونية التي تغازل الجيوثقافية الغربية وعقليتها، ثم الانطلاق منه للعمل على تفكيك الجيوثقافية الصهيونية القادمة من الغرب بروايتها المتعددة في أقرب فرصة، وتجهيز المراصد البحثية العربية لهذه المهمة، التي ترتبط بعقلية المسألة الأوربية نفسها ووهم التمركز حول الذات وإزاحة الآخر الحضاري تماما.


هوامش:

1 - موقع يورونيوز الإخباري بتاريخ 11/10/2023م
https://arabic.euronews.com/2023/10/11/israel-pm-netanyahu-calls-us-president-biden-to-thank-him-for-his-support-after-hamas-atta
2 - المرجع السابق



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ودبلوماسية إدارة التناقضات: مقاربة الحركة بالأهداف المتغ ...
- مصر بين الجغرافيا الثقافية والجغرافيا السياسية: مقاربة للأمن ...
- الحرب قادمة: صفقة القرن 2023م من الناعم إلى الخشن
- معا لدعم عدالة القضية الفلسطينية
- جذور الصهيونية التي أخطأ العرب في فهمها: صدمة الوقائع الحالي ...
- استهداف سيناء والأقصى: صراع المكانات بعد عملية 7 أكتوبر
- طوفان الأقصى: تغيير معادلة فرض الأمر الواقع والسيطرة على الق ...
- العرب بين الكوزموبوليتان والجلوبال: مفارقة النمط الثقافي في ...
- إدارة التناقضات الدولية وبدائلها الممكنة: العرب بين البريكس ...
- تحديات القوة الناعمة الداخلية لدولة ما بعد الاستقلال بالقرن ...
- معرض الحرف التراثية والمنتجات اليدوية.. تحية للسفارة اليمنية
- الفساد والمسئولية السياسية والقانون بين الشركات والهيئة في ا ...
- القرار 179 وسياسات هيئة المجتمعات والتوافق المجتمعي بالعبور ...
- مطالب الأرض غير المخصصة للنشاط الزراعي بالعبور الجديدة ولقاء ...
- تصريحات الخارجية اليمنية بين المشترك الثقافي وهندسة المصالح
- الدستور والقانون.. في لقاء هيئة المجتمعات بصغار ملاك العبور ...
- في إدارة تنوع المتون العربية وتفكيك تناقضاتها
- المتون العربية بين الكتلة الجغرافية والجغرافيا الثقافية الرا ...
- المتون العربية الجديدة بين دوري الثقافة والحضارة
- المتون العربية وتفكيك غواية الأيديولوجيا المضادة


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - حرب الروايات: طوفان الأقصى بين الفلسطيني الضحية ومعاداة السامية