قراءة نقدية لقصة ومضة (إهمال) للأديب يحيى القيسي، بقلم الأديب رائد الحسْن

رائد الحسْن

الحوار المتمدن-العدد: 7905 - 2024 / 3 / 3 - 10:12
المحور: الادب والفن
    

إهمال
بردَ؛ احترقت مشاعرها.
______________________________________________
العنوان: إهمال مصدر أهمل أي ترك الشيء جانبًا وطرحه وإخراجه من دائرة الاهتمام والعناية والمتابعة والرعاية.
والإهمال ممكن أن يُطال الكثير من الأمور في حياتنا وأسوأ أنواعه هو عندما ينخر في العلاقات الإنسانية وخاصة العلاقة بين الأزواج والعشّاق.
وهذا ما سنراه حينما نقرأ الومضة كاملة، ولا يكتمل المعنى إلاّ بحضور العنوان وشطرَي الومضة.
الشطر الأول: يتألف من كلمة واحدة وهو فعل ماضي - بردَ - والبرود هنا واضح بمعنى اللا اهتمام والإهمال والترك؛ فالبرود أصابَ شخصُا ما، أو بالأحرى فعل البرد مورس من قبل شخص مهمل.
الشطر الثاني: احترقت مشاعرها، ذلك الفعل البارد سبّب احتراقًا والحريق هو نار، حرارة - نقيض البرد - الذي بسببه جعل مشاعرها تحترق، وهذا الاحتراق هو الذي يدمّر ويحطّم العلاقات بينهما وينهيها.
أهم علامات الحب هو الاهتمام، لكن، لما يغيب، وعندما يهمل الزوج زوجته والحبيب حبيبته سيصيب العلاقة برودا وجمودا، ويجعل مشاعر الطرف الآخر تحترق.
واحتراق المشاعر ستحيلها إلى رماد، وبالرغم من أن الاحتراق قرين الحرارة وهو عكس البرد من الناحية الطبيعية الفيزيائية، لكنه كلاهما - البرد والاحتراق - وجهان لعملة واحدة والثاني نتيجة طبيعية ورد فعل للفعل الأول.
الومضة تعطي فكرة ودرسًا للعلاقات التي تنهار بسبب البرود والجمود واللا اهتمام واللامبالاة، وهو المسمار الأول الذي يُدق في نعش العلاقات وخاصة الزوجية منها، لأن الاهتمام هو أهم وأقوى وأوضح دليل على وجود وقوّة الحب؛ فنرى أغلب المشاكل وأكثر حالات الطلاق والانفصال بين الأزواج والخيانات الزوجية سببها هو عدم اهتمام وإهمال أحد طرفي العلاقة بالآخر.
فعلى الأزواج، محبة الطرف الآخر مِن خلال الاهتمام والعناية والمتابعة وإظهار مشاعر الحب الحقيقي وتجسيده بأفعال ملموسة من خلال كلمة طيبة حلوة، هدية جميلة في مناسبة عزيزة على قلبيهما، استحضار أجواء الرومانسية، مراعاة ومتابعة اهتمامات ورغبات وطلبات ذلك الطرف؛ لتبقى العلاقة مُتقدة مُستعرة وحارة، لا تؤثر عليها - كثيرًا - ظروف العمل والإنجاب والمشاكل الحياتية العديدة والمختلفة والتي لابدّ منها.
وفي ومضتنا هذه، الكاتب، أماطَ اللثام عن مَن هو صاحب فعل البرود ومَن هي صاحبة المشاعر المحترقة، فالإهمال طال طرفي العلاقة، الزوج البارد في تعامله مع زوجته، والزوجة احترقت مشاعرها، وعندما تحترق المشاعر، أي الحب، الذي هو أهم أساس مِن أسس الحياة الزوجية، قد أصابه الدمار والانهيار وتحوّل إلى رماد الذي سيعّم على كلِّ علاقتهما مما يؤدي إلى الانفصال وفشل تجربة الزواج بينهما.
ويحدث أن الأدوار تتبادل، بحيث أن الزوجة هي التي تبرد والزوج هو الذي تحترق مشاعره.
وهذا الأمر لا يتوقف عند الأزواج أو العشّاق بل ينسحب أيضًا إلى كل العلاقات الإنسانية الأخرى، بدءًا من العلاقات العائلية والأسرية - بين الإخوة، أو بين الآباء وأبنائهم أو بين الأبناء ووالديهم - مرورًا في العلاقات بين الأصدقاء والأقارب وانتهاءً بالعلاقات الإجتماعية بمختلف أشكالها.
فكل العلاقات وأهمها العاطفية والقائمة على المحبة، مهددة بالسقوط في ظل لا مبالاة وإهمال أطراف العلاقة.

#رائد_الحسْن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات