أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - لم أصلْ إلى نهاية الهجرة إلى الشمال














المزيد.....

لم أصلْ إلى نهاية الهجرة إلى الشمال


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7900 - 2024 / 2 / 27 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


يلومني زميل في العمل، وهو شاعر أصدر أكثر من مجموعة شعرية، بأنني أجازف وأقرأ كل كتاب أحصل عليه! وهو في ذلك يغالي في نزق القراءة عند الشاعر، من دون أن يدرك أن على الصحافي أن يقرأ حتى الكتاب السيء من أجل بناء المعلومة بشأنه. لقد مرت علينا جميعاً كتبٌ نقرأها على مضض، مع ذلك نستمر بقراءتها.
هو محق أيضا عندما نعيش كراهية القراءة، ذلك ما ينبغي على الصحافي الصبر عليه كي يعرف طريقة تفكير الآخر، لا أن يرمي الكتاب من نافذة سيارته غير مأسوف عليه كما كان يفعل روائي عراقي وهو يصنف الكتب وفق مزاجه الشعري.
أقسى أنواع الصبر تكمن في احتراف القراءة بحثا عن الأفكار العظمية واكتشاف قيمتها في المرور عبر الأفكار المكررة والمزعجة والفارغة والمتغطرسة في الكتابة.
تعطينا نانسي بيرل، أمينة مكتبة أميركية ومؤلفة الكتب الأكثر مبيعا، شيئا من تجربتها في القراءة الغزيرة في متن صفحات كتابها "شهوة الكتاب: دليل القراءة الجيدة" ما يشبه الإجابة عن قلق القراءة عندما لا نستمتع بالكتاب، كما يمكن أن نشعر بالذنب بعد فترة من التخلي عنه.
تقول "أعط الكتاب خمسين صفحة من القراءة وأن لم تجد ما يهمك انتقل إلى الصفحة الأخيرة، ثم توقف عن القراءة".
أما عندما تبلغ الصفحة مائة، فيمكنك بشكل شرعي أن تحكم على الكتاب من غلافه، وفق هذه السيدة محترفة القراءة، مع أنها تعتقد مثل غيرها من الكتّاب بأن التوقف عن القراءة بمثابة جريمة ضد المؤلف، بيد أن التخلي عن الكتاب هو قرار قابل للتراجع.
يمكن لبعض الأشخاص أن يدركوا من خلال بضع صفحات ما إذا كان الكتاب سيكون حارساً أم لا. فكيف إذا سمعنا بكتاب عظيم لم نقرأه بعد. نعم هناك بعض الكتب تجعلنا متوترين أو يائسين، وكتب أخرى ترغمنا على ذرف الدموع وبعضها يحولنا إلى لصوص كلمات وأفكار، فحتى الكتاب الذي يرسلنا إلى دوامة منفصلة يستحق أن نقرأه.
الكتب تسحرنا، وهي قادرة مع تغير عادات القراءة والشغف بها، ألا تجعلنا متطرفين حيال الكتاب الورقي برفض الكتاب الرقمي بشكل مطلق، عندما تكون الحاجة المعرفية ماسة للكتاب ونحصل على نسخة منه ورقية كانت أم رقمية.
في رحلة على مدار ساعات في الطائرة كنت سعيداً بكمبيوتري الذي حمّلت عليه عشرات الكتب وأنا أقرأ بنهم وليس على مضض، لقتل وقت الرحلة الطويل، بينما حاول المسافر جواري فتح حوار مجاملات وتعارف معي ليوصل لي في النهاية عبارة “إن الحياة أقصر من أن نقضيها بالقراءة”! هذا الكلام بمثابة معادل لا موضوعي لنزق الشاعر الذي ورد في أول المقال.
وفي رحلة بالسيارة بين مدينتي طرابلس ومصراته قبل ربع قرن، كان مجاوري في المقعد يتصفح رواية الطيب صالح الشهيرة "موسم الهجرة إلى الشمال" في طبعة أنيقة للغاية، من دون أن تبدو عليه حاجة القراءة، فكنت أدعو السماء أن ينتهي تصفحه قبل أن نصل إلى نهاية الطريق كي أستأذن منه في مطالعة الرواية، وبالفعل منحني الكتاب، بينما لم يبق من طريق الوصول غير عشرات الكيلومترات، وكنت أود أن أنهي قراءة الرواية قبل نهاية الطريق، فلم أرفع رأسي عن الكتاب طوال ما تبقى لي من مسافة الرحلة، في قراءة سريعة لم أشهدها طوال عمري، كنت أسابق فيها سرعة المركبة، غير أنه من سوء حظي آنذاك، وصلنا من دون أصل إلى نهاية موسم الهجرة إلى الشمال!
كان ذلك قبل ربع قرن، لكن الاطمئنان يكمن اليوم عندما يكون الكتاب متاحاً وبيسر ولا تضطر إلى أن تسابق الوقت في قراءته.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يورغن كلوب ملهم ورؤيوي
- رفح ترفع من الشغب السياسي الغربي غير المتماسك
- لنغن البيات حزناً على مجدي نجيب
- هل تلوثت كرة القدم بالوحل الطائفي؟
- رحمة تبدد وجع أبيها رياض
- جرعة من الأدرينالين للخيال الأمريكي تجاه إيران
- عيد ميلاد بارد للسيدة دالاوي
- الجناة لا يحلون مشاكل العالم في “دافوس”
- محدّث التراث في لحن أحمد الخليل
- مطاعم سفراء البضاعة السياسية الكاسدة
- ديكور فيلم هندي في بغداد
- يا لسعادة العراقيين بمقتل السعيدي
- عودة إلى مجزرة أنشودة المطر اللحنية
- أرقد بسلام أيها المدافع الشرس عن الحقيقة
- عرض السوداني الأخرق على ضفة الكاظمية
- بلاد العصابات
- أبحث عن تونس في تونس!
- قفازات إيران البيضاء بوجه إسرائيل
- علي جودة يكسر قلب الأغنية العراقية
- بوتين في بيتنا، أي أمل سيتركه؟


المزيد.....




- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - لم أصلْ إلى نهاية الهجرة إلى الشمال