أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 85















المزيد.....



المسار- العدد 85


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 7898 - 2024 / 2 / 25 - 19:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




-------------------------------------------------------------------
باستثناء الافتتاحية والنصوص الموقعة،فإن المقالات والنصوص المنشورة في الجريدة لاتعبر بالضرورة عن رأي الحزب.
---------------------------------------------------------------------
العدد /85- شباط(فبراير)2024



نعوة مناضل:جون نسطة وداعاً

توفي اليوم في ألمانية الرفيق الدكتور جون نسطة ،عضو الهيئة القيادية للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)، بعد معاناة طويلة من المرض.
الرفيق جون نسطة من مواليد مدينة حمص في عام1939.انتسب إلى الحزب الشيوعي السوري في عام1954،وفي أعقاب حملة الاعتقالات على الحزب في عام1959لجأ إلى ألمانية الشرقية ودرس الطب بتخصص تخدير.عاد إلى سورية في عام1969، وافتتح عيادة واشتغل بالتخدير للعمليات الجراحية في مستشفيات عديدة، وفي أثناء أزمة وانشقاق الحزب بفترة1971-1972وقف ضد كتلة خالد بكداش- يوسف فيصل، وفي عام1977كان سكرتيراً لفرعية المثقفين في الحزب.عاد إلى ألمانية في عام1979،وكان من الناشطين في منظمة الخارج للحزب،وتولى مهمات عديدة.
وقف ضد الاتجاه الذي كان ينادي في الحزب بالتخلي عن الماركسية وتغيير اسم الحزب مع المراهنة على التغيير من الخارج بفترة2003-2005،وكان من الذين استمروا في الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي) ومع الرافضين للذهاب إلى تأسيس ماسمي بحزب الشعب الديمقراطي في عام2005.
في أيلول2011كان من المؤسسين لفرع المهجر في هيئة التنسيق الوطنية، وقد كان أحد ممثلي هيئة التنسيق الوطنية في مؤتمر الرياض الأول والثاني للمعارضة السورية بعامي2015و2017. وبين عامي2018و2021كان عضواً في اللجنة التحضيرية للحبهة الوطنية الديمقراطية (جود)،وشارك في المؤتمر التأسيسي لها عام2021،وأصبح ممثلاً للحزب في الهيئة التنفيذية لجود حتى عام2022.
كان بيته ملتقى للسوريين والعرب، وكل من عرف الرفيق الدكتور جون نسطة كان يجمع على أخلاقه ومبدئيته وعلمه وثقافته .

16شباط2024 الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي)
-----------------


الرفيق جون نسطة وداعاً
ينعى حزب العمل الشيوعي في سوريا الرفيق الدكتور جون نسطة، عضو الهيئة القيادية للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) بعد معاناة طويلة مع مرض عضال.
والرفيق نسطة من مواليد مدينة حمص في عام1939.انتسب إلى الحزب الشيوعي السوري في عام1954، درس الطب في المانيا الشرقية وتخصص في التخدير. وشغل مواقع متعددة في حزبه بعد عودته في العام 1969، وغادر إلى ألمانيا في العام 1979.
شارك بتأسيس فرع المهجر، لهيئة التنسيق الوطنية في خريف العام 2011، وشارك في اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الديمقراطية (جود)، وفي مؤتمرها التأسيسي بالعام 2021، ومثّل حزبه في الهيئة التنفيذية لجود حتى العام 2022. وكانت له مواقف مشهودة هدفها وحدة الحركة الشيوعية المعارضة، كما كانت مساهمته في تأسيس وتحرير مجلة "حوارات" أساسية وهي التي أطلقها حزبنا مع الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي).
تمتع الرفيق جون نسطة بمبدئية عالية ظهرت في حرصه على العمل المشترك الوطني في كاف الظروف التي مرت بها البلاد، وكانت همومه الوطنية والمعاشية والفكرية المحرك الأكبر لحياته ونضاله. ولازالت الأهداف التي آمن بها هي أهداف المواطن السوري وأهداف المعارضة الديمقراطية واليسارية إلى أن يأتي التغيير الديمقراطي ليشمل بلادنا كما شمل العديد من بلدان العالم.
حزب العمل الشيوعي في سوريا
17شباط2024
-----------------------
من تيار اليسار الثوري
يتقدم تيار اليسار الثوري في سوريا، بأحر التعازي الى الرفاق في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) برحيل الرفيق الدكتور جون نسطة.

الرفيق نسطة كان رمزاً للنضال والتضحية في سبيل العدالة والحرية، متشبث دوما بدور متقدم في الدفاع عن الحقوق والحريات، وقد خدم القضية الشيوعية بإخلاص وتفانٍ طوال حياته.

في هذه اللحظة الحزينة، نشارككم الحزن والأسى، ونتقدم بأحر التعازي لكم ولعائلة الرفيق نسطة. سيظل ذكراه حياً في قلوبنا، وسنستمر في طريق النضال التحرري الذي سلكه طوال حياته.
تيار اليسار الثوري في سوريا
16/2/2024
-------------------------


تعزية

فقدت الساحة الوطنية والثورية الرفيق جون نسطة الذي وافته المنية في منفاه الأخير (ألمانيا)، كان قدوة للنضال الثوري لقد قارع الاستبداد وفضح الديكتاتوريات بجميع أشكالها طيلة حياته ولوحق من قبل نظام الاستبداد السوري فاضطر لمغادرة الوطن ليستقر في منفاه إلى أن فارقت روحه الحياة، يتوجه حزب اليسار الديمقراطي السوري بخالص العزاء لعائلته وللرفاق في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)، ولكل الوطنيين والديمقراطيين في سوريا وخارجها. ولروحه السلام ولمحبيه الصبر والاستمرار بالنضال على خطاه الثورية.
المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري
1722024
----------------------------------
الرفيق صبحي أنطون
(من صفحته على الفيسبوك)

وداعا أيها الرفيق العزيز جون نسطة . أبو فايز الشيوعي الجسور، القابض على الجمر، الرافض للمبدأ تبديلاً ، الراحل المكلل بالفخر و الاعتزاز بالطريق الذي اختاره يوم غابت الرؤية لدى البعض .
سيظل رفاق الدرب الواحد يتذكرون هذه القامة الشيوعية و ستظل ذكراه العطرة تطوف بيننا. كنت المحاور الذي سنظل به نعتز و نفخر . وداعا أيها الرفيق جون على أمل اللقاء لنكمل الحوار الذي لم ننهيه بعد.
تعازينا الحارة للغوالي منى و فايز و للأهل و رفاق الدرب.
-----------------------------------------------------------------------------

الافتتاحية:
مرة ثانية حول تعدد المعايير عند السوريين
لم تعد المشكلة الآن هي (مسألة الموقف من التدخل العسكري الخارجي في الأزمة السورية) كماكانت في عام2011،عندما مالت أطراف في المعارضة السورية،مثل "المجلس الوطني"إلى محاولة تكرار التجربتين العراقية والليبية لمااستعين في البلدين في عامي2003و2011بتدخل عسكري خارجي من أجل اسقاط نظامي السلطة في بغداد وطرابلس الغرب.،وعندما عارضت "هيئة التنسيق الوطنية"هذه النزعة للاستعانة بالخارج ودعت لتسوية بين السلطة والمعارضة للوصول إلى حكم انتقالي يخرج سورية من أزمتها باتجاه نظام سياسي جديد.
هذا التدخل العسكري الخارجي في الأزمة السورية قد حصل فعلاً خلال الفترة التي تفصلنا عن بداية الأزمة بعام2011،وهناك الآن أربعة جيوش على الأرض السورية،هي الروسية والأميركية والتركية والايرانية،هذا غير قوات الاحتلال الاسرائيلية في الجولان منذ عام1967وغير الغارات الاسرائيلية التي بلغت المئات منذ عام2015ضد القوات الايرانية المتواجدة على الأرض السورية،وهذا غير المليشيات الموالية لايران، من لبنان والعراق أومليشيات شكلتها ايران من شيعة أفغان وباكستانيين آتت بهم للأرض السورية،وأيضاً غير مليشيات عابرة للحدود تضم جنسيات مختلفة وتتبع لمركز قرار خارج سوريا،مثل تنظيم"داعش"، أوتنظيم " حراس الدين " في إدلب الذي مازال يعلن تبعيته لتنظيم"القاعدة"،أوتنظيم "جبهة النصرة"الذي أعلن عام 2016فك ارتباطه بتنظيم "القاعدة" وهناك مؤشرات كثيرة على أن الأمر الأخير هو مجرد تمويه من الجولاني.
هذا الواقع الجديد الذي أصبح عمره مايقارب الإثنا عشر عاماً قد أنشأ بين القوى العسكرية الخارجية حالة من تقاسم النفوذ والسيطرة على أراضي سورية،وبعضها تديرها مايسمى "حكومات" بواجهات سورية مثل مايجري في المناطق الخاضعة لسيطرة الأتراك ولكن تحت السلطة العسكرية التركية ومع ربط البنية التحتية من كهرباء وماء واتصالات ونظام تحويل الأموال بالبنية الاقتصادية التركية. وهناك مؤشرات كثيرة ،أحدها اتفاق 5آذار2020بين بوتين وأردوغان حول الوضع في محافظة إدلب،على أن القوى المتدخلة في سوريا يمكن أن تعقد اتفاقات حول الوضع على الأرض السورية من دون التشاور مع أحد من السوريين،وهذا كان ترجمة لوضع قديم منذ عام2012لماأُنتج "بيان جنيف1"من اجتماع حضرته أطراف دولية واقليمية من دون حضور أحد من السوريين ثم تكرر هذا في عام2015أثناء لقائي فيينا وهما الذي تولد عنهما القرار الدولي 2254في18كانون الأول2015وكان هذا القرار حصيلة لتوافق أميركي- روسي بعد شهرين ونصف من التدخل العسكري الروسي في سوريا،والذي رأينا بعده وجود لقواعد عسكرية أميركية بالتوازي مع الوجود العسكري الروسي في سوريا.
يلاحظ خلال هذه الدزينة من السنوات السابقة أن السوريون قد كرروا خلافاتهم الاستقطابية حول مسألة (التدخل العسكري الخارجي )التي حصلت في عام2011،إلى حيث لاتقتصر خلافاتهم الآن على (مسألة الموقف من المتدخلين الخارجيين في سوريا)،حيث يعتبر الموالون للسلطة أن الروسي والايراني حلفاء أتوا بشكل شرعي بناء على طلب السلطة السورية المعترف بها ممثلة شرعية للدولة السورية في هيئة الأمم المتحدة وحيث يعتبر معارضون في "الائتلاف"أن التركي حليف في سوريا ،وهو مانراه أيضاً عند "مجلس سوريا الديمقراطية-مسد"و"قوات سوريا الديمقراطية - قسد" عندما يعتبر الأميركي حليفاً،بل إلى حيث تمتد خلافات السوريين الحالية إلى حول سياسات المتدخلين في سوريا في الاقليم والعالم،فالموالي السوري للسلطة يعادي السياسة الأميركية تجاه روسيا والصين وايران وحزب الله وينظر بعين التأييد والرضا إلى سياسات حزب الله في لبنان وإلى مايفعله"الحشد الشعبي"في العراق وإلى مافعله ويفعله "الحوثيون"في اليمن،كماأنه ينظر بعين الريبة والعداء لسياسات أردوغان في ليبيا وأذربيجان،فيمامعارضون سوريون في "الائتلاف"يقفون بحماس وراء الرئيس التركي ليس فقط فيمايفعله في الأرض السورية بل تجاه سياساته في الاقليم وهم لم يقولوا كلمة واحدة حول استخدامه لسوريين عسكرياً في الصراعين الليبي والأذربيجاني- الأرمني في اقليم ناغوني كاراباخ،كماأنهم حيث يذهب أردوغان يذهبون كمارأيناهم في "مسار أستانة"،وفي الحرب الأوكرانية خلال العامين الماضيين رأينا كيف انقسم السوريون تجاه تلك الحرب وفق مسطرة مواقعهم في الأزمة السورية،فالموالي يقف مع بوتين ضد الأوكران و"الناتو"،والمعارض الموالي للغرب والأتراك يقف ضد الروس في الحرب الأوكرانية.
كل ماسبق لايعبر فقط عن تداعيات الخلافات بين السوريين في زمن الأزمة2011-2024بل يمتد ليعبر عن وجود أزمة وطنية سورية عامة تظهر مدى انقسام السوريين في رؤيتهم لموضوعي العلاقة بين الداخل والخارج وحدود الاستقلالية الوطنية،وتعبر عن ظاهرة خطيرة لاتوجد إلافي المجتمعات المتفككة وهي ظاهرة مد اليد من النوافذ للخارج للاستعانة به ضد (وعلى ) داخل آخر وعلى ابن البلد المختلف معه،كماأنها تكرار لتجربة نجدها عند اللبنانيين عندما لايجد الكثير منهم غضاضة في تدخل من خارج الحدود في قضايا لبنانية داخلية،مثل موضوع فراغ الرئاسة اللبنانية، ونرى كيف الفضائيات اللبنانية وكذلك الصحافة تتعامل مع هذا الأمر وكأنه أمر عادي .
بالحرف العريض:هناك أزمة وطنية سورية كبرى،يجب البحث إن كان عمرها من عمر الأزمة السورية البادئة عام2011،أم أنها تعود إلى زمن أبعد،ولكن وبالتأكيد فإن الرباط الوطني الذي قامت عليه دولة مابعد جلاء17نيسان1946يمكن القول أنه اهتز أوأنه لم يعد موجوداً عند الكثير من السوريين. رغم تسجيل أن القضية الفلسطينية،كماتثبت أربعة أشهر ونصف من الحرب في غزة،تظل جامعاً للسوريين على اختلاف اتجاهاتهم وميولهم وتلوناتهم ومواقعهم السياسية.
---------------------------------------------------------------------
السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة
- محمد سيد رصاص -
- "وكالة نورث برس"- 1122024
في اليوم السابق لزيارة مستشار الأمن القومي الأميركي للسعودية جاك(جيك)سوليفان، في 7أيارمايو2023، نشر موقع "أكسيوس" نصاً كتبه باراك رافيد بعنوان : "سكوب(سبق صحفي):الولايات المتحدة ، السعودية ، آخرون ، يناقشون مشروع سكة حديد تربط الشرق الأوسط "، وحسب النص فإن مسؤولاً اسرائيلياً قال عن المشروع الكلام التالي :" لاأحد قالها، ولكن الصين هي في قلب الموضوع " .
عندما وُقِع هذا المشروع في يوم السبت 9أيلولسبتمبر2023،على هامش قمة العشرين في العاصمة الهندية التي غاب عنها الرئيس الصيني، ظهر الرئيس الأميركي جو بايدن عرًاباً للمشروع ، رغم عدم المعنية الجغرافية للولايات المتحدة الأميركية به ، كماغاب عن حفل التوقيع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين ناتنياهو رغم أن ماظهر من خريطة المشروع أن بدايته ككوريدور ستمتد من الساحل الهندي ونهايته ستكون في الساحل الإيطالي(وربما اليوناني أيضاً) عبر جسر بري يمتد من الساحل الإماراتي إلى الساحل الاسرائيلي عبر السعودية والأردن والعكس بسكك حديد وأتوسترادات وأنابيب طاقة (نفط وغاز وغيرهما) .
في 21أيلول سبتمبر2023ظهر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، قال فيها أن التطبيع مع اسرائيل " يصبح أقرب فأقرب كل يوم " ، ورغم أنه أشار إلى أهمية القضية الفلسطينية عند السعودية إلاأنه لم يضع شرطاً للتطبيع قيام دولة فلسطينية على حدود يوم4حزيرانيونيو1967كمانصت على ذلك المبادرة العربية التي قدمتها السعودية لقمة بيروت العربية عام2002وتبنتها تلك القمة ، وقد أوحت تلك المقابلة بأن من مستلزمات (الكوريدور) حصول التطبيع السعودي- الاسرائيلي .
في مقاله في جريدة "الواشنطن بوست"، بيوم20تشرين الثانينوفمبر2023، قال الرئيس الأميركي جو بايدن أن (حركة حماس) أرادت من هجوم 7أوكتوبر " تفشيل التطبيع السعودي- الاسرائيلي" .
يجب هنا تجميع هذه التواريخ وربطها : زيارة سوليفان للسعودية قادت إلى اتفاق نيودلهي ، و(الكوريدور) ، بمايعنيه من تطبيع سعودي- اسرائيلي، دفع يحيى السنوار إلى الضربة الاستباقية ، الممثلة في هجوم 7أوكتوبر، لتفشيل هذا التطبيع الذي كانت ستكون ترجمته السلبية على حركة حماس أكثر من الترجمة السلبية للتطبيع المصري أواخر السبعينيات على ياسر عرفات وحركة فتح ، بحكم المكانة الدينية للسعودية وبحكم (الكوريدور) الذي كان سيمر في (غلاف غزة) ومايعنيه هذا من احتمالات الاتجاه إلى انهاء حكم حركة حماس في قطاع غزة كشرط لبناء الكوريدور ، إضافة إلى اضعاف حركة حماس ضمن خريطة القوى الفلسطينية كشرط لتطبيع فلسطيني مع اسرائيل يتطلبه (الكوريدور) .
ولكن البداية ليست في 7أيارمايو2023، بل كماقال المسؤول الاسرائيلي لموقع "أكسيوس" : " الصين هي في قلب الموضوع"، حيث من المؤكد أن مشروع (الكوريدور) ، الذي قلبه هي الهند التي في عداء مع الصين منذ عام1962، يهدف إلى وضع السعودية في مشروع أحد أهدافه الرئيسية قطع الطريق على (مشروع الحزام والطريق) الذي طرحته الصين عام2013للربط بين القارات الثلاث:آسيا- أفريقيا- أوروبا ، وأحد الممرات الرئيسية هي (منطقة الشرق الأوسط)، وبالتأكيد كان سوليفان وهو يطرح (الكوريدور) في السعودية يفكر في اتفاق10آذارمارس 2023السعودي- الايراني الموقع في العاصمة الصينية ، وهو ماأفزع واشنطن وفق صحف أميركية عديدة حيث تم تشبيه اتفاق بكين باتفاق الأسلحة التشيكية لمصر عام1955وماعناه من بداية الدخول السوفياتي لمنطقة الشرق الأوسط عبر بوابة الرئيس جمال عبدالناصر،الذي كان في احتكاك مع لندن وواشنطن تشبه احتكاكات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الأميركان منذ (قضية خاشقجي) بعام2018 وهو ماجعله يفكر بالتقارب مع الروس والصينيين .
أيضاً ، يجب الرجوع للوراء إلى يوم الخميس24شباطفبراير2022عندما غزا فلاديمير بوتين أوكرانيا ، ومن ثم كرد فعل غربي أميركي- أوروبي بدأ التفكير في بديل عن " محطة الطاقة الروسية " التي كانت تزود القارة الأوروبية بمعظم احتياجاتها من الطاقة بفرعيها الغازي والنفطي، ولايوجد سوى الشرق الأوسط في هذا الصدد كبديل وحيد للروس ، حيث لاتستطيع ذلك منطقة آسية الوسطى- القفقاس ، ولاالقارة الافريقية عبر الممر الشمال الافريقي، ومن ثم التفكير في تداعيات ذلك الغزو الذي تمظهر عبره تحالف صيني- روسي ، شبيه بتحالف ستالين- ماوتسي تونغ في الحرب الكورية1950-1953، ثم تثًلث ذلك التحالف بانضمام ايران له في خريف2022،عبر تزويدها روسيا بالمسيًرات ، بعد فرط ايران في آبأغسطس لمفاوضات فيينا من أجل احياء الاتفاق النووي الايراني بعد أن استغرقت تلك المفاوضات ستة عشر شهراً، والأرجح أن هذا قد نبع من قراءة في طهران بأن ظرف مابعد24شباط2022يتيح لايران مجالاً أكبر لاستثمار مابدأ يطرح في كثير من الأماكن حول "الضعف الأميركي المستجد" بعد ثلاثة عقود من انتصار الأميركان على السوفييت في الحرب الباردة .
هنا،إذا ربطنا (الكوريدور) باستعادة الشرق الأوسط لأهميته العالمية من جديد عند الغرب الأميركي- الأوروبي بوصفه عاصمة الطاقة العالمية ، كماكان ينظر له البريطانيون والأميركان في أربعينيات القرن العشرين ، فإننا يمكن أن نقبض معرفياً على أن هناك في عام 2023قد ولدت سياسة أميركية جديدة في منطقة الشرق الأوسط .
هذه السياسة الأميركية الجديدة هي عودة إلى ماقاله وزير الخارجية الأميركي كولن باول ،عام2003قبيل قليل من غزو العراق ،"عن إعادة صياغة المنطقة من جديد"، وهي تختلف عن سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما ، التي ترافق فيها الانسحاب من العراق عسكرياً في نهاية عام2011وتسليمه سياسياً لايران مع التركيز الأميركي على الشرق الأقصى حيث قال الرئيس أوباما في خطابه أمام البرلمان الأسترالي (17نوفمبر2011) عن آسيا الباسفيكية "هنا نرى المستقبل ..حيث نصف الاقتصاد العالمي، وآسيا هي التي ستقرر بشكل رئيسي ماإذا كان القرن الحالي هو قرن للصراع أم للتعاون" ، وبالتأكيد كان أوباما في خطابه يفكر في الصين التي أصبحت عام2010الرقم الثاني في الاقتصاد العالمي، كعملاق ينمو مثل ألمانيا مابعد وحدة 1871وماأنتج النمو الألماني الاقتصادي من ميول عسكرية واتجاه للنفوذ الاقليمي والعالمي عند الألمان قوضًت سلام القرن التاسع عشر الذي أنتجه مؤتمر فيينا بعام1815بعد هزيمة نابليون بونابرت ، وكيف أن الصينيون يمكن أن يكرروا السيناريو الألماني في القرن الواحد والعشرين ، وأن هذا من الممكن أن يطيح بالزعامة الأميركية للعالم كماأطاحت الحربين العالميتين التي أنتجها وفجرها الألمان بأربعة قرون من الزعامة البريطانية للعالم منذ معركة الأرمادا عام1588ضد الاسبان .
كان الفرق هو خمسة وأربعون يوماً بين خطاب أوباما ذاك وبين انتهاء الانسحاب العسكري الأميركي من العراق ، وهو انسحاب لم يكن عسكرياً فقط بل كان يحوي انسحابية سياسية من العراق الذي سلمته واشنطن لطهران وكان أبعد يعني انسحابية سياسية أميركية من المنطقة الشرق أوسطية وتسليمها لايران ، بوصفها بلوكاً جغرافياً يسد الطريق الصيني إلى منطقة الشرق الأوسط ، وأيضاً تسليمها لتركيا أردوغان في وقت من ذلك الخريف بعام2011لماكانت واشنطن ترعى وصول فروع جماعة الاخوان المسلمين للسلطة في تونس ومصر ومشاركتهم في السلطة بليبيا واليمن والمغرب وتحاول ايصالهم للسلطة في سوريا عبر دعمها ل"المجلس الوطني" الذي تم تشكيله آنذاك في اسطنبول وهو الذي يتزعمه الاسلاميون . فتلك الانسحابية الأميركية من المنطقة عنت تعميم الأردوغانية كنموذج اسلامي أميركي للمنطقة وعنت غض النظر الأميركي عن التمدد الايراني في المنطقة مقابل تفكيك ايران لبرنامجها النووي ، ثم عنت منذ عام2013السماح الأميركي لروسيا في التمدد بالشرق الأوسط ، مقابل أن تصبح موسكو ، مثل طهران وأنقرة ، في بعد عن الصين التي أصبحت واشنطن تراها منذ عام2010العدو الرئيسي مثلما كانت موسكو السوفياتية بالحرب الباردة1947-1989.
من الأرجح،هنا،أن واشنطن قد رأت فشل سياسة أوباما في فجر يوم24شباطفبراير2022مع الغزو الروسي لأوكرانيا ، حيث أنتج أوظهًر ذلك اليوم تحالفاً ثلاثياً أصبح واضحاً بين بكين وموسكو وطهران ، والرئيس التركي أردوغان يرى نفسه أقرب لذلك الحلف من حلف الأطلسي وزعيمته واشنطن ، وكثير من تصرفاته بالسنتين الماضيتين تشي بذلك ، وبالتأكيد هذا يقرأ جيداً في واشنطن .
الملفت للنظر في أربعة اشهر من حرب غزة الانخراط الكثيف الأميركي فيها، والغياب الروسي- الصيني عنها، والتنائي الايراني عن تطبيق "وحدة الساحات" بحكم "دبلوماسية البوارج الأميركية"، وعلى مايبدو أن واشنطن تريد عبر حرب غزة انتاج شرق أوسط جديد أحد ملامحه الرئيسية (حل الدولتين) ، فيماكان مخطط الكوريدور يفترض التطبيع فقط فيماأصبح الآن عند الأميركان (حل الدولتين بالتلازم مع التطبيع)،ويبدو أن (حل الدولتين والتطبيع ) سيكون بالتلازم مع (الكوريدور) وشرطاً لازماً له وفق التصور الأميركي الجديد . والأرجح أن هذا سيكون مناقضاً لانسحابية باراك أوباما من المنطقة ، وسيكون مقدمة لانخراطية أميركية بالمنطقة شبيهة بمشروع أيزنهاور عام 1957ل"مل الفراغ" البريطاني- الفرنسي والذي كان بداية لنقل التجابه الأميركي- السوفياتي لمنطقة الشرق الأوسط .
هذه السياسة الأميركية الجديدة تفترض ضعف " المخفر اليهودي " وعدم قدرته على استمرار وظائفه السابقة التي كان يفترضها الغرب البريطاني- الأميركي منذ وعد بلفور، وتفترض الابتعاد عن السياسة الأميركية الارضائية للايرانيين والأتراك والروس في المنطقة ، واتجاهاً أميركياً لارضاء العرب والكرد ، واتجاهاً أميركياً لجعل الشرق الأوسط ميداناً رئيسياً لمجابهة التحالف الصيني – الروسي- الايراني ، مع تهميش أميركي للاعبين على الحبال مثل أردوغان.

-------------------------------------------------------------------------------------
جبهة إسلامية جديدة قد تكون أكبر تحد تواجهه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
مقال رأي لتوبي ماثيسن في مجلة "فورين افيرز"الاميركية -1122024

من الواضح أن الحرب في قطاع غزة لم تعد مقتصرة على إسرائيل وحماس، ففي الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول، قتلت غارة جوية إسرائيلية مسؤولا كبيرا في الحرس الثوري الإيراني يدعى السيد راضي موسوي، في حي السيدة زينب الذي يسيطر عليه الشيعة في دمشق. وفي الثاني من كانون الثاني (يناير)، اغتيل صالح العاروري، نائب رئيس حركة حماس ومؤسس جناحها العسكري، في هجوم بطائرة إسرائيلية بدون طيار جنوب بيروت، معقل جماعة حزب الله الشيعية المسلحة. ويتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار بشكل شبه يومي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كما اغتالت إسرائيل عدداً من كبار الشخصيات في حزب الله. في البحر الأحمر، فقد هاجم الحوثيون، وهم من أتباع المذهب الشيعي ايضًا، السفن التجارية المارة بلا هوادة، مما استفز الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لضرب أهداف الحوثيين في اليمن. وشنت جماعة شيعية جديدة وغامضة تدعى المقاومة الإسلامية في العراق غارة جوية بطائرة بدون طيار أدت إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في موقع عسكري بالأردن في أواخر يناير/كانون الثاني، وردت الولايات المتحدة بسلسلة من الضربات على عشرات الأهداف في العراق وسوريا، وهناك خطر حقيقي من أن يؤدي هذا التراجع إلى صراع عسكري أمريكي مباشر مع إيران.
تظهر نقاط التوتر هذه المدى المتسع لما يسمى بمحور المقاومة، وهي المجموعة الفضفاضة من الميليشيات المدعومة من إيران والتي تهاجم المصالح الإسرائيلية والأمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكن الأمر الأقل بروزا هو إلى أي مدى تسبب الصراع الأوسع الجاري حاليًا إلى طمس الانقسامات الطائفية التي غالبًا ما شكلت المنطقة. كانت الحروب الأهلية الشرسة في العراق وسوريا واليمن تشتمل على العنصر الطائفي الشيعي؛ حيث استحضرت إيران والسعودية ولسنوات الولاءات الطائفية في منافستهما الطويلة الأمد من اجل تحقيق الهيمنة الإقليمية، إلا أن الحرب في غزة مثلت تحديًا لهذا الانقسام: فالأغلبية الساحقة من الفلسطينيين هم من المسلمين السُنّة، وحركة حماس نشأت من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وهي الحركة الإسلامية السُنّية الأكثر أهمية والتي تمتد جذورها إلى مصر. لكن كيف وجدت حماس بعضاً من أقوى حلفائها في الجماعات والأنظمة التي يقودها الشيعة في إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن؟ يكمن تفسير ذلك في المكانة الخاصة التي احتلها تحرير فلسطين بين السنة والشيعة العاديين منذ فترة طويلة، وكيف حولت الحرب هذه المشاعر إلى قوة موحدة قوية بين الطائفتين. لقد كانت محنة الفلسطينيين بمثابة نقطة التقاء مشتركة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي ولفترة طويلة بالرغم من وجود التوترات الطائفية في مواقع سياسية أخرى. تسبب مواصلة القادة العرب السُنة لصفقات "التطبيع" مع إسرائيل وتجاهلهم القضية الفلسطينية بشكل متزايد، على مدى السنوات القليلة الماضية، في ان تصبح الحكومة الإيرانية وحلفاؤها الشيعة، الداعمين الأساسيين للمقاومة الفلسطينية المسلحة. كما جعلت التحولات الإقليمية، بما في ذلك التقارب بين إيران والسعودية في مارس/آذار 2023، ومحادثات السلام الجارية بين الحوثيين والسعودية، وبين اليمنيين انفسهم، والديناميات المتغيرة في العراق ولبنان، الانقسام الطائفي في المنطقة أقل بروزاً بكثير. والآن، بعد ما يقرب من أربعة أشهر من الحرب الكارثية، أدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى إيقاظ جبهة إسلامية تضم الجماهير العربية السُنّية، التي تعارض بأغلبية ساحقة التطبيع العربي، والجماعات الشيعية المسلحة التي تحتل مركز القلب في محور المقاومة الإيرانية، ويشكل هذا التطور تحديًا استراتيجيًا بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها، يتجاوز بكثير مواجهة الميليشيات العراقية والحوثيين بضربات محسوبة بدقة. كما تهدد الحرب في غزة بالمزيد من تقويض النفوذ الأمريكي من خلال الجمع والتوحد بين منطقة منقسمة على نفسها منذ فترة طويلة، وهذا الأمر يمكن أن يجعل العديد من المهام العسكرية الأمريكية غير قابلة للاستمرار على المدى الطويل. كما تثير هذه الوحدة الجديدة أيضًا عقبات كبيرة أمام أي جهود تقودها الولايات المتحدة لفرض اتفاق سلام من أعلى إلى أسفل يستبعد الإسلاميين الفلسطينيين. الكيانات الاستعمارية على الرغم من أن الانقسامات الطائفية قد لعبت ومنذ فترة طويلة دورا بارزا في صراعات الشرق الأوسط، إلا أن دوافعها كثيرا ما تتعرض لسوء الفهم. من الناحية العقائدية، يتعلق الانقسام الشيعي السني بخلافة النبي محمد، حيث يؤكد السنة أن خلفائه، يجب اختيارهم من بين مجتمع يضم أقرب أتباعه الأوائل، ويقول الشيعة ان خلفائه، الذين يسمونهم (الأئمة)، يجب أن ينحدروا مباشرة من صلب النبي محمد. تطور المذهب السني والشيعي مع الوقت إلى فرعين رئيسيين للإسلام، مع تمسك أغلبية المسلمين في مختلف أنحاء العالم بالفرع السني، فيما تركز المذهب الشيعي في إيران في أعقاب تحول الإيرانيين من خلال السلالة الصفوية إلى المذهب الشيعي الاثني عشري في القرن السادس عشر، كما تركز في العراق، حيث شكل الشيعة الأغلبية؛ كما كانت هناك مجتمعات شيعية كبيرة منتشرة في لبنان واليمن ودول الخليج وجنوب آسيا. وبالرغم من كل هذه التغيرات على مدى القرون، لم يتأثر الفلسطينيون في الغالب بهذا الانقسام، فباعتبارهم رعايا للإمبراطورية العثمانية السنية وكسنة ومسيحيين يتحدثون العربية، لم يتعرضوا إلا قليلاً للمذهب الشيعي أو الانقسام الشيعي السني. بعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت الهويات الدينية أكثر أهمية من الناحية السياسية ومتشابكة مع الدولة القومية، حيث سعت القوى الاستعمارية الغربية إلى تنظيم الأراضي العثمانية السابقة على أسس عرقية وطائفية، فحول الفرنسيون الهوية الطائفية في لبنان وسوريا، إلى أساس السياسة والقانون (في لبنان، كانت الدولة يحكمها إلى حد كبير المسيحيون والسنة، مع منح الشيعة القليل من السلطة .وأنشأت الحكومة البريطانية في ولاياتها في العراق، وفلسطين، وشرق الأردن، أيضاً إدارات يقودها السنة حتى وان كان هناك أعداد كبيرة من الشيعة. وواصل البريطانيون في العراق السياسات العثمانية وقاموا بتهميش المجتمعات الشيعية ورجال الدين الشيعة إلى حد كبير، بعد ان اعتبروهم مستقلين للغاية ومستائين من الهيمنة البريطانية. وادى دعم المملكة المتحدة للهجرة اليهودية إلى فلسطين وسياستها في حكم العرب واليهود بشكل مختلف إلى تعزيز الفئات العرقية الدينية في المنطقة، بما في ذلك بين الفلسطينيين أنفسهم. ويمكن القول ان السياسات الاستعمارية وصعود الدول القومية الحديثة غذت الانقسامات العرقية والطائفية كما غذتها المناقشات العقائدية أو الدينية الأعمق. لكن سياسات بناء الأمم يمكن أن تدفع في اتجاهات متعددة، فقد أدت عمليات الطرد الإسرائيلية المتكررة للفلسطينيين بعد عام 1948، إلى ظهور علاقات وتحالفات جديدة، فقد تزامن تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان، في عامي 1948 و1967 مع الصحوة السياسية للمجتمع الشيعي المهمش في البلاد، والذي كان يسعى إلى تحرير نفسه، كما اختلط الفلسطينيون أيضًا على مدى العقود التالية، ببعض النشطاء الإيرانيين الذين قادوا لاحقًا الثورة الإيرانية عام 1979، التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي، الحليف الوثيق لإسرائيل والولايات المتحدة إلى جانب بنائهم علاقات مع الشيعة اللبنانيين. وقد رحب الزعيم الثوري آية الله الخميني على الفور تقريبًا بعد عودته المظفرة إلى إيران في فبراير/شباط 1979، بمنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة قم المقدسة، حيث أشاد زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بالثورة باعتبارها "نصرًا كبيرًا للمسلمين ويوم للنصر لفلسطين". وبعد يومين من ذلك التصريح، سلم الإيرانيون السفارة الإسرائيلية في طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية، كما زارها وفد من جماعة الإخوان المسلمين، مما سلط الضوء على نظرة الجماهير السنية والحركات السياسية السنية إلى الثورة الإيرانية في أيامها الأولى. ومع ذلك، فإن معظم القادة في الشرق الأوسط العربي اعتبروا جمهورية إيران الإسلامية ودعمها للحركات الثورية في جميع أنحاء المنطقة تهديدا كبيرا، وكانت هذه الدول التي يقودها السُنة تخشى أن تؤدي الثورة الإيرانية إلى تمكين المجتمعات الشيعية والحركات الإسلامية على أراضيها، وتحدي موقعها المركزي في العالم العربي والإسلامي، وتعقيد علاقاتها مع الولايات المتحدة. عندما غزا النظام البعثي العراقي إيران عام 1980، وقفت منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من الجماعات الفلسطينية إلى جانب بغداد، وخلصت تلك المجموعات إلى أن العلاقات مع العراق ودول الخليج لها الأسبقية على طهران.
أدت التدخلات الأمريكية المضللة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إلى تفاقم الصراع الطائفي في جميع أنحاء الشرق الأوسط بشكل كبير، مما ساعد على تشجيع العديد من الجماعات المسلحة التي تتعامل معها إدارة بايدن اليوم. أدى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق إلى وصول الأحزاب الإسلامية الشيعية إلى السلطة، والتي كان معظمها في المنفى في إيران وسوريا منذ الثورة الإيرانية، كما انه أعطى وقودًا جديدًا للمتطرفين السنة، مثل تنظيم القاعدة في العراق، مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية العراقية الدموية التي أدت في النهاية إلى ظهور تنظيم الدولة، المعروف أيضًا باسم داعش، والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والتي تستهدف اليوم القوات الأمريكية في العراق والأردن وسوريا. توقع كثيرون في الغرب، بعد عقدين من العنف بين السُنّة والشيعة والجهود الوحشية التي يبذلها تنظيم داعش لإقامة الخلافة، أن تحظى حركة إسلامية سنية مثل حماس بدعم شعبي محدود في الشرق الأوسط الكبير. كان مسار التفكير على هذا النحو آيضًا في دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الذين اعتقدوا أنهم قد نجحوا في تجنب جماعة الإخوان المسلمين كمسألة سياسية، وبدا أن جيلًا جديدًا من قادة دول الخليج العربية لا يهتمون كثيرًا بالقضية الفلسطينية بل بتكنولوجيا المراقبة المتقدمة والعلاقات التجارية التي كان على إسرائيل أن تقدمها. في دول مثل إيران والعراق، كان السكان في غالبيتهم من الشيعة وكان من غير المرجح ايضاً أن يتم تعبئتهم بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وساعدت هذه الافتراضات المضللة في دفع الجهود الأمريكية لدفع دول الخليج والدول العربية الأخرى إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حتى في غياب أي خطة قابلة للتطبيق لمعالجة مظالم ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة والاحتلال الإسرائيلي إلى أجل غير مسمى، وكلاجئين في المنطقة. كان دعم الفلسطينيين أمرًا متفق عليه إلى حد كبير بين المسلمين السنة والشيعة في جميع أنحاء العالم منذ ما يقرب من قرن من الزمان. واقترح المشاركون السنة في مؤتمر في القدس لتسليط الضوء على التضامن الإسلامي ضد الصهيونية عام 1931، أن يؤم رجل دين شيعي عراقي مشهور صلاة الجمعة في المسجد الأقصى في القدس. وبعد خمسة وسبعين عاماً، عندما تمكن حزب الله من النجاة من حربه مع إسرائيل في عام 2006 (وفي عام 2000 بالفعل، عندما لعب دوراً فعالاً في دفع الجيش الإسرائيلي إلى الخروج من جنوب لبنان)، حظيت الجماعة بالإشادة من قِبَل السُنّة والشيعة على حد سواء، كما اجتذبت حماس مستويات مماثلة من الدعم عبر الطوائف منذ أن بدأت الحرب في غزة. وقد جلبت هذه الديناميكية الشعبية ضغوطاً متزايدة على الحكام العرب المستبدين ومنحت نفوذاً جديداً في العالم السني للجماعات الشيعية التي دعمت حماس بنشاط. وقد راقب العديد من العرب السُنّة في رهبة التحركات المسلحة المتحالفة مع إيران من بيروت وبغداد إلى البحر الأحمر وهي القنوات الأكثر وضوحاً لمقاومة الحرب الإسرائيلية في غزة.. هذه هي المجموعات التي تشكل محور المقاومة، والذي أصبح الآن تحت قيادة إيران قوة منسقة في جميع أنحاء المنطقة الكبرى.
لا ينبغي لنا أن نفهم القوة المتنامية لقوى المقاومة على أنها مجرد تعبير عن الأصولية الدينية أو الهوية الطائفية، بل يرجع ذلك إلى عوامل عدة، بما في ذلك مستويات التمويل المستدامة، والهيكل التنظيمي الملتزم والمنضبط، والأيديولوجية المتماسكة، والدعم الاجتماعي الكبير للمجموعات في مجتمعاتها، كما تمتد جذورها أيضاً إلى العواقب غير المقصودة الناجمة عن التدخلات العسكرية الغربية والإسرائيلية وسياسات الأنظمة العربية الموالية للغرب. والأهم من ذلك، أنها تتعلق بالتقارب التدريجي بين حماس، باعتبارها أقوى حركة إسلامية فلسطينية، مع حلفاء إيران الشيعة، وقد تبلور محور المقاومة هذا في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر، وقد صاغت وسائل الإعلام الإقليمية هذا الاسم باعتباره تورية عن "محور الشر" الذي أطلقه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، والذي استشهد به في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه في عام 2002 للربط بين الثلاثي غير المتوقع وهم إيران والعراق وكوريا الشمالية، وأضاف وكيل وزارة الخارجية في عهد بوش، جون بولتون، بعد بضعة أشهر من ذلك التاريخ، كوبا وليبيا وسوريا إلى القائمة. إن قيام الولايات المتحدة بإلقاء عدويها الإقليميين إيران والعراق في سلة واحدة كان أمرًا مربكًا للإيرانيين، الذين كانوا قد بدأوا للتو إعادة ضبط العلاقات مع واشنطن، بل وقدموا بعض المساعدة للحملة الأمريكية ضد طالبان في أفغانستان. كما ادى إضافة سوريا، أحد الخصوم الرئيسيين الآخرين للعراق، إلى هذا المزيج وتهديدهم جميعًا بالعقاب على أحداث الحادي عشر من سبتمبر - وهو هجوم إرهابي ارتكبه أعضاء سعوديون والإماراتيون ولبنانيون ومصريون من تنظيم القاعدة، الجماعة السنية المتطرفة - إلى شعور هذه الدول بما هو اكثر من الاهانة. وخوفاً من أن تصبحا الهدف التالي لتغيير النظام بقيادة الولايات المتحدة بعد العراق، عززت إيران وسوريا تحالفاتهما وعلاقاتهما مع الجماعات المسلحة في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية لردع الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ومع انزلاق المنطقة إلى العنف الطائفي، سمح الدعم الإيراني المتزايد للحركات الإسلامية الفلسطينية بالاحتفاظ ببعض الشرعية الإسلامية، وبالرغم من كل ما تقدم، استغرق بناء تحالف إيران مع حماس سنوات ولم يكن سلساً دائماً. خلال الحرب الأهلية السورية، التي وضعت إلى حد كبير المتمردين الإسلاميين السنة ضد النظام السوري، كانت القيادة السياسية لحماس، التي تمركزت في دمشق في ذلك الوقت، على خلاف كبير مع سوريا وإيران. وهاجر قادة حماس إلى قطر وتركيا - الدولتان اللتان كانتا الداعمين الرئيسيين للجماعات المتمردة السنية التي كانت تسعى إلى الإطاحة بنظام بشار الأسد، بعد أن حوصرت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا في خضم القتال ومقتل العديد من الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، قلصت إيران دعمها لحماس بشكل كبير، على الرغم من أن ذلك خلق مشكلة علاقات عامة منذ أن أصبحت حماس أفضل رد عند طهران على الادعاءات بأنها كانت تبني جبهة طائفية وأنها كانت تدعم الحركات الشيعية حصريًا. ولم ترجع حماس بشكل كامل إلى الحظيرة الإيرانية إلا في أواخر العقد الثاني، وبحلول تلك المرحلة، كانت إيران هي القوة الوحيدة في المنطقة الراغبة والقادرة على إمداد حماس بالأسلحة بطريقة مستدامة ودعم المواجهات المسلحة مع إسرائيل بشكل كامل (واستمرت قطر في توفير الغطاء السياسي لحماس والتمويل لغزة، على الرغم من أن قسماً كبيراً منه كان عبر القنوات الإسرائيلية وبمعرفة إسرائيلية). وقد أثبت الدعم الإيراني أهمية خاصة بالنسبة للقيادة السياسية لحماس داخل غزة وجناحها العسكري، كتائب القسام، فقد حاول يحيى السنوار، الذي أصبح زعيم حماس في غزة عام 2017، الابتعاد عن مخاطر الخصومات بين القوى الإقليمية وسرعان ما كان يبني علاقات مباشرة مع إيران. وفي عام 2022، تصالحت حماس أخيرًا مع النظام السوري، مما عزز موقف الجماعة داخل محور المقاومة وسلط الضوء على دور إيران – وسوريا – الحاسم في الكفاح الفلسطيني المسلح. وعلى الرغم من هذا التحالف، ظلت حماس هامشية إلى حد ما بالنسبة للأعضاء الشيعة الأساسيين في المحور، الذين تعتمد أيديولوجيتهم المشتركة بشكل كبير على عقيدة التحرير الشيعية المرتبطة بجمهورية إيران الإسلامية ومفهوم الاستشهاد الذي يحمل أيضًا دلالات شيعية قوية. وبالتالي، فإن علاقات حزب الله بإيران أبعد مدى بكثير من علاقات حماس: فعلى الرغم من أن حسن نصر الله هو الأمين العام لحزب الله منذ فترة طويلة، وأن الجماعة لديها هيئة محلية لصنع القرار تتكون إلى حد كبير من رجال الدين اللبنانيين، إلا أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي يظل المرجع الديني النهائي لحزب الله، ويبرز بشكل كبير في دعاية الحركة وهذا ليس هو الحال مع حماس، وهذا يثير التساؤل بشأن المدى الذي يصل إليه التنسيق الإيراني مع المحور، فعلى الرغم من الاتحاد الحديث بين هذه الجماعات المختلفة، لا يبدو أن نصر الله ولا خامنئي ــ ولا حتى القادة السياسيين الخارجيين لحماس ــ امتلكوا معرفة مسبقة بتفاصيل هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الذي شنته حماس، على الرغم من أنهم أشادوا به. وهناك أيضاً مسألة مدى استعداد أعضاء المحور الآخرين للذهاب إلى الانضمام إلى صراع حماس مع إسرائيل، ففي السنوات الأخيرة، بدأ قادة المحور في التأكيد على عقيدة عسكرية أشاروا إليها باسم "وحدة الساحات"، وهذا يعني أنه إذا تعرض أحد الأعضاء للهجوم، فإن جميع "الساحات" الأخرى - بما في ذلك إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن والأراضي الفلسطينية – ستنضم إلى الدفاع عنها، وعلى الرغم من وجود بعض النشاط العسكري في كل من هذه الساحات منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن إيران لم تتدخل بشكل مباشر وأن حزب الله اقتصر على إطلاق الصواريخ بشكل منتظم باتجاه إسرائيل من الحدود اللبنانية بدلاً من الغزو البري أو شن هجوم صاروخي أكثر ضخامة. ونتيجة لذلك، لا يزال المراقبون عن كثب للمحور منقسمين بشأن ما إذا كان عقيدة الساحات يتم تنفيذها كما تم تصورها في البداية وأن الحرب لا تزال في مرحلة مبكرة في تصعيد محتمل أوسع نطاقاً، أو ما إذا كان الأعضاء الشيعة الأساسيون في المحور، وخاصة إيران وحزب الله،يحاولون إظهار الدعم لحماس دون الانجرار إلى حرب شاملة. تشير العديد من خطابات نصر الله إلى الاتجاه الأخير، كما هو الحال مع الإشارات الصادرة عن إيران - بما في ذلك منذ الضربات التي شنتها واشنطن في أوائل فبراير على الميليشيات المدعومة من إيران في العراق - بأنها لا تسعى إلى مزيد من التصعيد، وهناك أيضاً دلائل تشير إلى أن قادة حماس في غزة كانوا يتوقعون رداً أقوى من المحور، وخاصة من حزب الله، نظراً لخط اتصالاته الطويل مع إسرائيل وترسانته الهائلة من الصواريخ. وكان الإجماع الأكاديمي عموماً هو أنه على الرغم من أن المحور يضم نواة إيرانية وتنسيقاً إيرانياً، فإن أعضائه لا يتلقون بالضرورة أوامر من إيران بل تتمتع تلك الجماعات التي تبعد مسافة أكبر عن إيران جغرافياً وأيديولوجياً ومذهبياً، مثل حماس والحوثيين، بقدر أكبر من الاستقلال. وعلى النقيض من ذلك، فإن بعض الميليشيات الشيعية الاثنا عشرية، بما في ذلك كتائب حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق، ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالدولة الإيرانية وقيادتها ليس فقط على أساس سياسي وعسكري ولكن على أساس عقائدي أيضًا، لكن هذه الجماعات أيضًا تمتلك مصالحها المحلية ومصادر تمويلها الخاصة، وقد أعلنت المقاومة الإسلامية الجديدة نسبيًا في العراق مسؤوليتها عن العديد من الهجمات على القواعد الأمريكية، وهي على الأرجح مجموعة شاملة تضم ميليشيات شيعية أقدم، مما يؤدي إلى مزيد من الغموض بشأن مستوى التنسيق مع طهران. لعبة يمكن لإيران أن تفوز بها على الرغم من أن البعض في الشرق الأوسط انتقد ميليشيات المحور الإيراني بسبب توسيع نطاق الحرب، إلا أن استطلاعات الرأي ووسائل التواصل الاجتماعي العربية تظهر دعمًا عربيًا كبيرًا لحماس وعقيدتها في المقاومة المسلحة. وتظهر الاستطلاعات نفسها أيضًا انخفاضًا كبيرًا في دعم الولايات المتحدة والأنظمة المرتبطة بها ارتباطًا وثيقًا، بما في ذلك السعودية والإمارات، والأخيرة قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020. في السعودية، تظهر استطلاعات الرأي الآن أن نسبة ساحقة من السكان، أكثر من 90%، تعارض إقامة علاقات مع إسرائيل، وفي مؤشر الرأي العربي لشهر يناير/كانون الثاني، وهو استطلاع أجري في الدوحة وشمل 16 دولة عربية، اتفق أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين على أن وجهات نظرهم تجاه الولايات المتحدة أصبحت أكثر سلبية منذ بدء الحرب. ليس صعبًا أن نفهم كيف تشكلت هذه التصورات، فقد تمكنت إيران وقواتها المحورية من تصوير نفسها كقادة إقليميين والداعمين الأساسيين للفلسطينيين في الوقت الذي ظهرت فيه الحكومات العربية الموالية للغرب وكأنها لا تملك الكثير لتظهره فيما يتعلق بجهودها لوقف الحرب. خذ الحوثيين على سبيل المثال، كانت الجماعة في السابق ميليشيا متمردة غير معروفة في شمال اليمن، وتمكنت من إغلاق الشحن التجاري عبر مضيق باب المندب، حتى في مواجهة القصف الأمريكي والبريطاني المستمر، وقد اكتسبت الحرب المضطربة التي يشنها الحوثيون سمعة جيدة بين السكان العرب الذين لم يدعموهم من قبل أو يدعموا السياسات الأوسع للمحور، وبهذا المعنى فإن الحرب في غزة جلبت قدراً أعظم من الوحدة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ربما أكثر من أي صراع آخر شهده العالم الإسلامي في العقود الأخيرة. ومن عجيب المفارقات هنا أن أكبر المعارضين للمحور في هذه المرحلة هم على ما يبدو الجماعات السنية المتطرفة مثل داعش، وهي الجماعة التي شبهها بعض المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين بحماس نفسها (وقد أثارت هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول مثل هذه المقارنات، على الرغم من إدانة تنظيم الدولة لحماس مرارا وتكرارا لكونها قومية أكثر مما ينبغي وليست عالمية بما فيه الكفاية). وأعلن تنظيم داعش في أوائل يناير/كانون الثاني، مسؤوليته عن تفجير إرهابي واسع النطاق استهدف نصب تذكاري في إيران أقيم تكريما لقاسم سليماني، الجنرال الإيراني والمهندس الرئيسي لمحور المقاومة، الذي قُتل فيه 94 شخصًا وجُرح 284. وجادل داعش بأن زوار قبر سليماني يستحقون الموت لأنهم شيعة وأن التفجير كان هجومًا رمزيًا على سليماني وما يمثله. كان هذا الفعل يبدو وكأن الجماعة السلفية الجهادية تبذل محاولة يائسة لاستعادة أهميتها الإقليمية وإشعال العنف الطائفي بين الشيعة والسُنّة في وقت كان فيه السنة والشيعة متحدين إلى حد كبير. وكانت إدارة ترمب قد اغتالت سليماني عام 2020 بتهمة تنظيم هجمات على المصالح الأمريكية في المنطقة، بالرغم من انه ساعد بين عامي 2015 و2017، في تنسيق الميليشيات العراقية الشيعية إلى حد كبير في القتال ضد داعش إلى جانب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. بعد اغتيال سليماني، اقترحت إيران أنها سترد من خلال تكثيف جهودها لطرد القوات الأمريكية من المنطقة. ومن المفارقة أن التصرفات الأميركية الحالية في الحرب في غزة، بما في ذلك الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل والإجراءات العسكرية والدبلوماسية التي تهدف إلى كسب المزيد من الوقت لإسرائيل، قد تسرع من تحقيق هذا الهدف، حيث أن هناك الآن دعماً متزايداً على مستوى المنطقة لمقاومة الغرب وإسرائيل. وفي الوقت نفسه، لن يكون لدى العديد من المنتقدين المحليين لقوى المحور أي فرصة لتحقيق مكاسب على الأرض طالما أن هذه الشبكة - سواء النظامين الإيراني والسوري، أو الحوثيين، أو حزب الله، أو الميليشيات الشيعية المختلفة في العراق - يمكنها تصوير نفسها على أنها الداعم الحقيقي للفلسطينيين في لحظة صعبة للغاية. لقد اكتسبت قوى المحور من خلال دعمهم لحماس واستعدادهم لتصعيد المقاومة المسلحة قدراً كبيراً من النفوذ في مختلف أنحاء الشرق الأوسط فيما ظلت الحكومات العربية متفرجة إلى حد كبير، وأياً كان ما سيحدث بعد ذلك، فمن المرجح أن تتمتع إيران وحلفاؤها بقدر أعظم من النفوذ والهيمنة، نتيجة لأخطاء الماضي والحاضر التي ارتكبها خصومهم في إسرائيل والغرب. أما بالنسبة للدول العربية المؤيدة للغرب، فسوف يكون لزاماً عليها أن تسعى إلى سد الفجوة المتزايدة الاتساع بين سياساتها وتعاطف مواطنيها، ويتعين عليها ان تضغط بشكل عاجل من أجل التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، خشية أن يجدوا أنفسهم في مواجهة موجة جديدة من الانتفاضات العربية بسبب إهمال القضية. اما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد يكون تأكيد قوتها العسكرية من خلال شن ضربات دقيقة على أهداف الميليشيات خيارًا مُرضيًا، ولكن بات من الواضح على نحو متزايد أنه سيكون من المستحيل بالنسبة لواشنطن أن توقف التصعيد الإقليمي ما لم تتمكن من تأمين وقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء الاحتلال، وأخيراً إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة. في غياب مثل هذه الخطوات الملموسة وذات المصداقية، فإن القوى الإقليمية سوف تستمر في استخدام القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسبها الخاصة. ومع ذلك، فمن الصعب أن نتصور قيام دولة فلسطينية، ناهيك عن النجاح في بقائها، إذا لم تكن مدعومة من جميع الفصائل الفلسطينية وجميع القوى الإقليمية الكبرى، بما في ذلك السعودية والدول العربية الأخرى، وتركيا وإيران وقوى المحور وإلا فإن قائمة المفسدين قد تكون لا نهاية لها. إن العقبات التي تعترض مثل هذا النهج هائلة، خاصة في ضوء الموقف المعلن للحكومة الإسرائيلية بشأن هذه المسألة، ولكن في غياب مثل هذا الحل العادل ويشمل القاعدة العريضة للقضية الفلسطينية، فإن الشرق الأوسط لن يتمكن أبداً من تحقيق السلام الدائم أو ذلك النوع من التعاون السياسي والاقتصادي الذي طالما حلم به كثيرون وسيكون البديل هو دورة لا تنتهي من العنف، وتراجع النفوذ الغربي وشرعيته، وتزايد خطر نشوب حرب أوسع نطاقا، وخطر قيام منطقة تتكامل بطريقة مختلفة تماما لتتحول إلى منطقة معادية بشكل أساسي للغرب نفسه. +
توبي ماثيسن هو محاضر أول في الإسلام العالمي في جامعة بريستول ومؤلف كتاب الخليفة والإمام: صناعة السنة والشيعة.







Matúš Štulajter
قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية،
كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية،
- ماتيوس شتولاتشتر –
ماتيج- جامعة بيل في بانسكا بيستريتسا ، الجمهورية السلوفاكية


مجلة العلوم الحديثة /2017، ص ص 325-335

مشكلة تطبيق القانون الدولي – تحليل آليات تطبيق القانون في الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية
النص الأصلي
Problem of enforcement of an international law – analysis of law enforcement mechanisms of the United Nations
and the World Trade Organization


Matúš Štulajter, دكتوراه. مدرس مساعد في قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ماتيج جامعة بيل في بانسكا بيستريتسا ، كوزمانيهو 1، 974 01 بانسكا بيستريتسا ، جمهورية سلوفاكيا، البريد الإلكتروني: [email protected]
استندت هذه المقالة إلى البحث الذي تم إنجازه عبر مشروع VEGA رقم 1/0949/17

خلاصة
يحلل هذا المقال مشاكل إنفاذ القانون الدولي من حيث المبادئ الأساسية للقانون الدولي والدول ذات السيادة والأمم المتحدة. إن مسألة إنفاذ القانون لا تمثل مشكلة في الدول الفردية فحسب، بل في الأمم المتحدة أيضًا. وبالتالي، فإن عملية التسوية السلمية للنزاعات برمتها من خلال المحاكم على وجه الخصوص، لا أهمية لها إذا كان القرار النهائي الذي لا تريد الدولة الخضوع له وتفشل في تنفيذه. ومن ناحية أخرى، تمثل آليات إنفاذ القانون وقدرات منظمة التجارة العالمية نظامًا معقدًا من القواعد الإجرائية للإكراه، والتي يمكن أن تكون بمثابة مثال لابتكار إجراءات إنفاذ القانون في الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة وتطبيق القانون
إن أحد أكبر التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي هو عدم الالتزام بالالتزامات الدولية بشكل عام. ومن أوجه القصور الجزئية، ولكن البالغة الأهمية، عدم الامتثال واحتمال عدم إمكانية إنفاذ أحكام محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. إن مشكلة إنفاذ الأحكام القضائية داخل النظام المؤسسي والحل السلمي للمنازعات الدولية بالأمم المتحدة هي ظاهرة تهدد نزاهة وسلطة واستمرارية هيئة قضائية دولية ( عمرو ، 2003). وبالمثل، فإنه يقوض ويضعف أيضًا استقرار الإجراءات القضائية الدولية ككل، وربما السلام والأمن الدوليين. أحد المبادئ الأساسية المتعلقة بالامتثال للالتزامات القائمة في العلاقات الدولية هو مبدأ العقد والعقد وما يتصل به من حسن النية (الامتثال للالتزامات بحسن نية). وهي منصوص عليها في عدة وثائق دولية مثل المادة 26 من اتفاقية فيينا للقانون التي تم اعتمادها في 6 مايو 1969. ووفقاً لهذه المادة، فإن أي اتفاق فعال ملزم بين الأطراف والالتزامات الناشئة عنه يجب أن يتم بحسن نية. تشكل هذه الشروط والمبادئ جزءًا من الأساس والأداء السليم للعلاقات الدولية والتعاون بين الدول باعتبارها أشخاصًا للقانون الدولي. ومع ذلك فإن الاعتراف العالمي بهذا المبدأ يعود إلى تاريخ اعتماد ميثاق الأمم المتحدة باعتباره الوثيقة الأساسية التي تحكم عمل الأمم المتحدة. وبموجب المادة 26 ويتعين على جميع الدول الأعضاء، في سبيل القيام بالحقوق والالتزامات والحصول على المنافع الناشئة عن هذه العضوية، أن تمتثل بحسن نية لالتزاماتها الدولية بموجب الميثاق. وينطبق هذا الالتزام على أي اتفاق دولي وينبغي القيام به بشكل عام. ومع ذلك، يوجد بالفعل في الميثاق نفسه نص يضع هذا المبدأ في إطار المثالية، بحكم القانون المنشود.
واحتكار تنفيذ أحكام محكمة العدل الدولية يقع ضمن اختصاص مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. الحكم الأساسي الذي يتعلق بهذه المسألة هو المادة 94، الفقرة. 2 والتي بموجبها، إذا فشلت الدولة في الامتثال، فإن مجلس الأمن، في ظل ظروف معينة (بموجب مبادرة مقدم الطلب) يمنح الحق في استخدام الإكراه لاتخاذ القرار الذي تم اتخاذه بالفعل. الشكل النهائي المذكور أعلاه لم يسبقه تفاعل مختلف الجهات الفاعلة في العلاقات الدولية، والتي كان من المفترض أن يكون لها تأثير حاسم. بدأ الأمر بمؤتمر في سان فرانسيسكو، شارك فيه مختلف مجموعات العمل لإعداد الميثاق والنص. وشددت اللجنة الثالثة، التي تناولت وضع وأنشطة ممثل النرويج في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على الحاجة إلى زيادة الاهتمام بالتراكم المحتمل لأحكام عدم الامتثال والأحكام غير القابلة للتنفيذ الصادرة عن محكمة العدل الدولية المستقبلية وقراراتها ( أوراخاشفيلي ، 2011 ويعتقد المسؤولون النرويجيون أن ما يسمى بالتنفيذ التلقائي أو تنفيذ الحكم عن طريق التدابير المضادة لاحتمال استخدام القوة من جانب الدولة المضرورة ينبغي استبعاده من التشريعات المستقبلية. واقترحوا أن يتم تفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالطرق المناسبة لتنفيذ أي قرار نهائي بين الدول التي ستطرح قضية العدالة في المحكمة الدولية في المستقبل والتي يعترف المتقاضون باختصاصها القضائي (Orakheshivli, 2011). لكن الاقتراح النرويجي لم يؤخذ بعين الاعتبار،و سعى الوفد الكوبي، في اقتراحه، إلى تعديل أحكام المادة 13 من ميثاق عصبة الأمم (فيرينتش، 1984). واقترح أعضاء الوفد الكوبي أنه "في حالة وجود التزام ناجم عن حكم صادر عن المحكمة، فإن العمل داخل المنظمة يتمتع بسلطة مجلس الأمن لتقديم توصيات أو اتخاذ تدابير محددة من شأنها أن تساهم في تنفيذ قرار معين". والأهمية الكبرى للاقتراح هي الصياغة التي استخدمت (يجب)، وهو ما يعني ضمناً التزام مجلس الأمن بالتصرف إذا لم يكن هناك امتثال للقرار. ومع ذلك، فإن الموقف الكوبي في عملية المفاوضات وفي المجتمع الدولي عمومًا، كان ضعيفًا جدًا مقارنة بالقوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، من أجل تنفيذ الاقتراح. ولكن بعد ذلك، في المراحل التالية من المفاوضات حول الشكل النهائي للجنة الأمم المتحدة الرابعة، بقيادة ممثلين عن القوى الكبرى تم استبدالها بالصيغة الاختيارية المقترحة (ربما، قد) ( فيرينتش ، 1984 وهذا يدل بوضوح على الذرائع والجهود الرامية إلى الحد من تدخل الدول الأخرى في احتكار المجتمع الدولي للسلطة في العالم (ممثلا بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي - وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي)، إذ لا يزال الأمر في أيديهم. الاستخدام التقديري لتدابير عدم الامتثال للالتزام الدولي لا يقتصر على قرار محكمة العدل الدولية.
وبذلك أنهت المفاوضات هذه "التسوية" وصياغة المادة 94. 2 (وخاصة عبارة: "عندما ترى ذلك مناسباً")، والتي يمنح نصها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خيار اتخاذ الخطوات اللازمة لإنفاذ الواجبات. ناشئة عن الحكم أم لا. ويعتقد بعض المؤلفين مثل شبتاي روزن أن النص النهائي جاء نتيجة الخوف من تدخل السلطات السياسية في هذه العملية (روزن، 2006). وإلا فكيف سيكون من الممكن إنشاء آلية فعالة لحل هذه المشكلة دون صياغة واجب صارم لمجلس الأمن للتصرف في حالة عدم الامتثال؟ أظهرت ممارسات عصبة الأمم (على الرغم من كونها فردية) ونظامها أن مثل هذه الصياغة الخيرية ليست فعالة. وبموجب المادة 13 من ميثاق عصبة الأمم كان مجلس الأمن هو الأول في تاريخ المنظمة العالمية الذي يحق له اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ قرار معين صادر عن محكمة العدل الدولية الدائمة.، ولا سيما الأطراف لاقتراح إمكانية حلول للنزاع. في نزاع غابات رودوبي الوسطى بين اليونان وبلغاريا في عام 1933، طُلب من أول مجلس أمن سابق للأمم المتحدة أن يقترح الخطوات اللازمة لإلزام بلغاريا بتنفيذ قرار المحكمة (شولت، 2004). وفي نهاية المطاف، أصبح مجلس الأمن في حالة ركود وظل النزاع دون حل.
ووفقاً لصيغة الفقرة 2 من المادة 94، فإن مجلس الأمن مخول بالتصرف بمبادرة من الطرف المتضرر. ويترتب على ذلك أنها ليست مختصة بالتصرف ما لم تكن هناك شكوى محددة من الضحية مما يضعها في موقف الكيان غير التلقائي الذي يحق له إنفاذ القانون الدولي ( روزين ، 2006). ومن هذا المنطلق يتضح أن الطرف الذي يطلب الأداء هو وحده الذي يجوز له أن يطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اتخاذ إجراء في حالة الفشل. ومع ذلك، قد يحدث أن يكون المتقاضون مدعى عليهم بشكل متبادل ومقدم الطلب، والعكس صحيح، وبالتالي تتاح لهم الفرصة لتقديم اقتراح للعمل من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وحدث مثل هذا الوضع في النزاع بين نيجيريا والكاميرون عام 2002. وكان جوهره أنه بعد حكم الكاميرون اضطرت إلى سحب قواتها العسكرية من المناطق الواقعة على طول بحيرة تشاد وشبه جزيرة باكاسي ، وهو الأمر الذي وفقا لحكم محكمة العدل الدولية. العدالة تكمن في منطقة تمارس فيها نيجيريا السيادة الحصرية ( روزين ، 2003). ومع ذلك، فقد ارتكبت نيجيريا، بموجب الحكم، إجراءً مماثلاً عندما كانت قواتها متمركزة في الجزء المتبقي من شبه الجزيرة، الذي كان يخضع للولاية القضائية الحصرية للكاميرون. وأي خرق أو فشل في الحكم من شأنه أن يبرر للمتقاضين استرداد مطالباتهم من خلال الآلية المشار إليها في المادة 94.2 من ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي سيكون إشكاليا للغاية. في هذه الحالة، من المهم الإشارة إلى أنه من المؤسف للغاية أن يتم تمكين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من التصرف فقط بناءً على مبادرة طرف واحد أو ربما طرفين.
وكما قد يبدو، لا يجوز لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتخذ إجراء في حالة عدم الامتثال وعدم إنفاذ قرار محكمة العدل الدولية، إلا بموجب أحكام الفقرة 2 من المادة 94 من الميثاق. ماذا سيحدث في حالة أن عدم الامتثال للالتزامات بموجب القرار يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين؟ هناك وجهتان نظريتان حول هذه المسألة. الأول هو رأي خبير القانون الدولي د. باسفولسكي ، الذي ادعى في عام 1945 أنه في حالة وجود تهديد من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا يمكنه التصرف وفقًا للفقرة 94 الفقرة 2 دون تحديد التهديد الذي يهدد السلام والأمن وفقًا للمادة 39 من الميثاق. ثانيًا، هناك وجهة نظر متناقضة تم توضيحها في دراسة حديثة أجراها البروفيسور موسلر مفادها أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يجوز له التصرف دون تعريض الأمن للخطر وفقًا للمادة 39، إذا كانت هناك تدابير منصوص عليها في المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة (in: Schulte) (2004) ومع ذلك، إذا كانت هناك حاجة إلى استخدام القوة في سياق التزام غير دولي، فيجب على مجلس الأمن أن يتصرف بموجب المادة 94 الفقرة. 2 (مقترح من الخصم)، سيكون من الضروري اتخاذ الإجراء بموجب المادة 39 من الميثاق، مما يعني أنه يمكن أن يتصرف بشكل مستقل ودون مساعدة من المتقاضين. وفي رأيي أنه إذا كان الأمر يشكل تهديداً للسلم والأمن بموجب ميثاق الأمم المتحدة فإن من المبادئ الأساسية تفويض صلاحيات معينة إلى السلطات لممارسة صلاحياتها. ولذلك فإن مجلس الأمن لا يقتصر في رأيي على مطالبة الدولة بتنفيذ التدابير اللازمة عند انتهاك التزام دولي، والذي يشمل أيضًا عدم الامتثال لحكم محكمة العدل الدولية. لكن هذا يتعلق بالإجراءات المرتبطة باستخدام القوة، إذ إن مجلس الأمن وحده هو الذي يحتكر منح الإذن باستخدامها (إذا لم نحسب إمكانية الدفاع عن النفس ). ونتيجة تحليل هذه النظريات هي الفرضية القائلة بأنه يجوز لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتخذ إجراء في حالة عدم الامتثال لقرار محكمة العدل الدولية بموجب المادة 94. 2 بشكل مستقل عن الأحكام الأخرى للميثاق (اختر التدابير اللازمة التي في وسعها) إلى أن لا يكون هناك موقف يكون فيه من الضروري استخدام القوة، أي أن الإجراء سيكون ضروريًا بموجب المادة 39 من الميثاق والتحديد الأول لوجود تهديد للسلام والأمن والتنفيذ اللاحق للقوة تدابير استخدام القوة وفقا للمادتين 41 و42.
العامل الأكثر تقييدًا هو عملية صنع القرار الفعلية لقرار مجلس الأمن الذي يأذن للعضو الدائم باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار. وهذا يعني أن مجرد قرارات التنفيذ محدودة برغبة بعض الدول (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا). يحق لكل من هذه الدول منع تنفيذ التدابير بموجب المادة 94 الفقرة. 2. مسألة أخرى إشكالية هي أنه إذا كان عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طرفا في النزاع، يجب عليه اتخاذ القرار المشار إليه في الحكم. وبالتالي فإن المصلحة الوطنية لهذه الدول قد تتجاوز المصلحة العالمية، أي الامتثال للالتزامات الدولية، بما في ذلك الامتثال لحكم محكمة العدل الدولية. قد يكون سبب هذه الدول هو عملية صنع القرار الفعلية لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ليس فقط بشأن استخدام القوة في العلاقات الدولية، ولكنها قد تفشل أيضًا في تطبيق التدابير القسرية للامتثال المشار إليها في الحكم. من وجهة النظر التاريخية، في عمل الأمم المتحدة، كانت هناك عدة حالات مماثلة، أي تضارب المصلحة الوطنية مع مصلحة المجتمع الدولي في الوفاء بالالتزامات الدولية، مما يقلل في نهاية المطاف من درجة إنفاذ القانون الدولي واحترامه. للالتزامات الناشئة عن حكم محكمة العدل الدولية.
منظمة التجارة العالمية وتطبيق القانون
وعلى عكس الأمم المتحدة، يوجد نظام فعال لإنفاذ القانون في واحدة من أهم المنظمات الدولية الحكومية (منظمة التجارة العالمية)، والذي يمكن أن يكون بمثابة مثال للتعديلات النهائية لمنظومة الأمم المتحدة. وشكلت منظمة التجارة العالمية آلية يمكن من خلالها تسوية أي نزاع تجاري، بما في ذلك نظام تستطيع المنظمة من خلاله تنفيذ قراراتها، وخاصة إجراءات إنفاذ القانون. يتم توفير قواعد تسوية المنازعات والإنفاذ في الملحق 2 من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية المتعددة الأطراف بشأن التجارة في السلع بعنوان "فهم القواعد والإجراءات التي تحكم تسوية المنازعات"، المستخدمة في الاختصار الإنجليزي DSU (تفاهم تسوية المنازعات) (دفوراك، 1999).
تلعب DSB (هيئة تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية) دورًا رئيسيًا في إنفاذ قانون منظمة التجارة العالمية. وفي عملية التنفيذ، يؤدي جهاز تسوية المنازعات دور الوصي على الامتثال للقواعد واحترام الالتزامات المنصوص عليها في القرارات (Collier, Vaughan Lowe, 1999). ويشرف جهاز تسوية المنازعات على تطبيق وتنفيذ التدابير المفروضة ويضع حدودا زمنية كافية لهذا الغرض. وأخيرًا وليس آخرًا، هناك فحص على أكتاف جهاز تسوية المنازعات لمعرفة ما إذا كانت أطراف النزاع تتصرف وفقًا للقرارات وما إذا كانت تفي طوعًا بالالتزامات المفروضة أو تحترم القيود المقررة. وبالإضافة إلى التنفيذ الفعلي، يتعين على أطراف النزاع تقديم تقارير منتظمة حول كيفية تنفيذ تدابير التنفيذ. ومع ذلك، يجوز لهم أيضًا تقديم ملاحظاتهم بشأن تدابير التنفيذ أثناء مفاوضات جهاز تسوية المنازعات. وبالإضافة إلى ذلك، يجب إيلاء اهتمام خاص للتعليقات التي قدمتها البلدان النامية. في حالة فشل الدولة طوعًا في الالتزام بقرار هيئة المحلفين/هيئة الاستئناف، يجوز لجهاز تسوية المنازعات سحب المزايا أو الامتيازات الناشئة للدولة من الاتفاقيات أو أوامر التعويض (Van Graastek , 2013). إن تعليق المزايا ليس له تأثير قمعي فحسب، بل له أيضًا تأثير وقائي مزدوج. وحتى إذا كانت الدولة التي تم تعليق فوائدها تتصرف بشكل قمعي وتعاقبها على فعل مخالف للمعايير القانونية، فإنها تتصرف في شكل منع فردي، حيث يثبط المتعدي مثل هذا السلوك في المستقبل (فيكونيا، 2004). وفيما يتعلق بالمنع العام، فإن فرض تدبير جزائي مماثل يشجع أيضا الأعضاء الآخرين في منظمة التجارة العالمية على الامتناع عن القيام بذلك في المستقبل، وبالتالي تجنب عواقبه السلبية على اقتصادهم (فيكونيا، 2004). بالنسبة للدولة العضو التي لا تمتثل لقرار جهاز تسوية المنازعات، بعد فرض هذا الإجراء الجزائي، تنشأ حقوق والتزامات إضافية. أولاً، تكون الدولة التي لا تقبل طوعًا قرار هيئة المحلفين أو هيئة الاستئناف الدائمة ملزمة بالتفاوض مع الدولة بعد انقضاء الموعد النهائي لتنفيذ التدابير المطلوبة، على أن يكون موضوع المفاوضات هو الاتفاق على تسوية المشكلة. القضايا المتنازع عليها بالإضافة إلى طريقة ومبلغ التعويض عن الضرر الذي لحق به (Collier – Vaughan Lowe, 1999). إذا لم يتم التوصل إلى الاتفاقية خلال فترة 20 يومًا، فإن DSU يمنح الطرفين نفس الحق في بدء إجراء لتعليق فوائد الإطار القانوني لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
سيأخذ جهاز تسوية المنازعات في الاعتبار طبيعة العقوبة المفروضة في عدة جوانب، وتسلسل إجراءات العقوبات بموجب المادة. 22 قدم المساواة. (3) من تفاهم تسوية النزاعات (DSU)، حيث من المرجح أن يكون معيار التقييم هو مدى وخطورة انتهاك الدولة المخالفة لقانون منظمة التجارة العالمية ومدى وطبيعة الأضرار التي لحقت بصاحب الشكوى (Van Graastek , 2013). تحتوي هذه المادة على حساب ضريبي للعقوبات التقييدية المحتملة، مع ذكر المعيارين الأساسيين، في رأيي، ليس فقط عواقب مثل هذا الإجراء على اقتصاد الدولة، ولكن أيضًا أهمية فرض عقوبة محددة على القطاع المتضرر بالنسبة للعضو. الدولة (كولير - فوغان لوي، 1999). ومن حيث المبدأ، يجب فرض العقوبات في نفس القطاع الذي وقع فيه النزاع. إذا لم يكن هذا عمليا أو إذا لم يكن هذا الإجراء فعالا، فقد يتم فرض عقوبات في قطاع آخر من نفس الاتفاقية. وإذا لم يكن هذا أيضًا فعالاً أو كافيًا للتعويض وكانت الظروف خطيرة للغاية، فقد يتم فرض هذا الإجراء بموجب أي اتفاقية لمنظمة التجارة العالمية.
نتيجة إجراءات التحكيم هي:
1) التوصية بتعليق الامتيازات بالمستوى المقترح.
2) لجعل التدابير المضادة المقترحة تتماشى مع مبادئ إنشائها بموجب المادة. 22 قطعة . المادة 3 د.) لتسوية المنازعات.
3) رفض المقترح لعدم ملائمته والتوصية بتعديل المقترح.
لم يعد من الممكن الطعن في قرار المحكم وأصبح نهائيا. ولا يجوز للأطراف الطعن فيه. وفي نهاية المطاف، ينبغي التذكير بأن الآلية المحددة لإنفاذ قانون منظمة التجارة العالمية منصوص عليها في المادة. 24 DSU تحت عنوان "الإجراء الخاص المتعلق بالدول الأعضاء الأقل نمواً"، حيث الصلابة غير الكافية التي تحددها القواعد بموجب المادة. 22 DSU والشروط المحددة لفرض عقوبات على البلدان النامية.
الاستنتاج - الآثار المترتبة على قواعد DSU لنظام إنفاذ القانون في الأمم المتحدة
أكبر مشكلة في مجال الحل السلمي للنزاعات هي عدم وجود آلية أكثر كفاءة داخل النظام المؤسسي، وغياب التقدم وتطبيق تدابير محددة. وبينما يسميها ميثاق الأمم المتحدة، لا يوجد قانون دولي ينص على طرق وإجراءات فعالة محددة للتعامل معها. ومن المؤكد أن التضمين الدقيق للمسار والمواضيع وآليات حلها في الميثاق أو في أي اتفاقية أخرى سيجعل عملية تسوية المنازعات الدولية أكثر كفاءة. المغزى الأول لنظام حل المنازعات التابع لمنظمة التجارة العالمية يتلخص في إنشاء هيئة مستقلة تابعة للأمم المتحدة تنقسم إلى عدة أقسام وفقاً للنزاع الدولي (استخدام القوة، والنزاعات الحدودية والإقليمية، والنزاعات البيئية، وما إلى ذلك). إن إنشاء مثل هذه الآلية سيكون قادرًا على الاستجابة بشكل أكثر فعالية للصراعات الدولية بالتعاون مع قوة إنفاذ القانون الدولية. في سبل الانتصاف القضائية للنزاعات الدولية، من المهم للغاية التفكير في وضع وأنشطة محكمة العدل الدولية باعتبارها أعلى هيئة قضائية داخل الأمم المتحدة وفعالية إجراءاتها. المشكلة الأكبر هي محدودية أنشطتها بسبب غياب الولاية القضائية الملزمة والنظام القسري المركزي، في ظل عدم وجود طرف في الالتزام بالالتزام المنصوص عليه في MSD. الدافع الثاني لتسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية هو، على وجه الخصوص، الإنشاء الإلزامي للولاية القضائية في حالة وجود نزاع دولي ومعالجة أكثر تفصيلاً للشروط الإجرائية والقواعد الإجرائية في محكمة العدل الدولية. كما هو مذكور في الجزء من المقالة الذي يتناول إنفاذ أحكام MSD، يجوز للدولة، ولكن ليس من الضروري، أن تتعامل مع نزاعاتها الدولية من خلال إجراءات المحكمة، كما أن تطبيق العديد من أنواع التحكيم الدولي (على الرغم من شعبيته المتزايدة) لا ينطبق لديها آليات لتنفيذ نتائج التحكيم. وتمشيا مع منظمة التجارة العالمية، سيكون من الضروري إنشاء لجنة مستقلة ومحايدة لا تكون قادرة على إجبار الدول على حل نزاعاتها من خلال MSD فحسب، بل أيضا على التصرف في حالة مرتكب الجريمة من خلال آليات عقابية فعالة قادرة على جعله يمتثل. مع الالتزام المنصوص عليه في الحكم. ولكن هنا تكمن المشكلة الكبرى وهي أن عضوية منظمة التجارة العالمية في منظمة التجارة العالمية تجلب له، على وجه الخصوص، المزايا الاقتصادية التي تجعله خاضعاً للسوابق القضائية. ويمكن قول الشيء نفسه قياساً على نظام إنفاذ قانون الاتحاد الأوروبي ومشاركة المفوضية الأوروبية في هذه العملية بالتعاون مع محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، من عضوية الاتحاد الأوروبي، هناك عدد من الفوائد الاقتصادية وغيرها أكبر من المستويات العالمية والمتخصصة، لذلك يعتبر نظام قابلية التنفيذ هذا فعالاً للغاية.
ومع ذلك، ونظرا لهيكل السلطة الحالي داخل الأمم المتحدة، فمن الممكن فقط الجدال حول الابتكارات والتغييرات المقترحة. تشير الأحداث الحالية في أوكرانيا وسوريا بوضوح إلى أنه من الضروري تصور تعديل ميثاق الأمم المتحدة، وعقوباتها وآليات إنفاذها، وتوسيع وتوضيح التعاون مع المنظمات الدولية الأخرى في عملية إنفاذ القانون الدولي . وبأخذ مثال من التاريخ، أدرك المجتمع الدولي، بعد حربين عالميتين، الحاجة إلى إنشاء منظمة عالمية لحماية السلام والأمن الدوليين. ولا يزال من المأمول ألا يحدث أي صراع عالمي آخر، وألا يتم إصلاح الأمم المتحدة بشكل مدمر، بل بطريقة تدريجية وتوافقية.
مراجع:
عمرو ، MS (2003). دور محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز الرئيسي للأمم المتحدة، لاهاي: كلوير للقانون الدولي، ص. 439. ISBN 90-411- -2026-2.
كولير، جي جي، فوغان لوي، أ. (1999). تسوية المنازعات في القانون الدولي: المؤسسات والإجراءات، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد. ردمك 9780198256694
دفورجاك ، ب. (1999). زاكلادي mezinárodní obchodní سياسة ، براغ : فيسوكا سكولا الاقتصاد في برازي . ردمك 80-7079-658-8.
فيرينكز ، بب (1984). إنفاذ القانون الدولي – طريق إلى السلام العالمي، نيويورك: منشورات أوشيانا، ص. 447. ISBN 0-379-12147-6. 128.
أوراخيلاشفيلي ، أ. (2011). الأمن الجماعي، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص. 382. ردمك 9780199579846.
بالمتر ، د.ن.، مافروديس ، بيسي (1999). تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية: الممارسة والإجراءات، واشنطن: سبرينغر. ردمك 978-9041106346.
روزين ، س. (2006). قانون وممارسة محكمة العدل الدولية، ليدن: دار نشر بريل الأكاديمية. ردمك 90-04-13958-3.
روزين ، س. (2003). المحكمة العالمية: ما هي وكيف تعمل، ليدن: دار نشر بريل الأكاديمية، ص. 327. ردمك 10: 90-04-13958-3.
شولت، سي. (2004). الامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص. 485. ردمك 10: 0199276722.
فان جراستيك ، سي. (2013). تاريخ ومستقبل منظمة التجارة العالمية، جنيف: أطار روتو اضغط على SA. ردمك 978-92-870-3871-5. فيكونيا ، FO (2004). تسوية المنازعات الدولية في مجتمع عالمي متطور، كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج . ردمك 0-521-84239-5.
-----------------------------------------------------------------------------------------






زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135



-------------------------------------------------------------------
باستثناء الافتتاحية والنصوص الموقعة،فإن المقالات والنصوص المنشورة في الجريدة لاتعبر بالضرورة عن رأي الحزب.
---------------------------------------------------------------------
العدد /85- شباط(فبراير)2024



نعوة مناضل:جون نسطة وداعاً

توفي اليوم في ألمانية الرفيق الدكتور جون نسطة ،عضو الهيئة القيادية للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)، بعد معاناة طويلة من المرض.
الرفيق جون نسطة من مواليد مدينة حمص في عام1939.انتسب إلى الحزب الشيوعي السوري في عام1954،وفي أعقاب حملة الاعتقالات على الحزب في عام1959لجأ إلى ألمانية الشرقية ودرس الطب بتخصص تخدير.عاد إلى سورية في عام1969، وافتتح عيادة واشتغل بالتخدير للعمليات الجراحية في مستشفيات عديدة، وفي أثناء أزمة وانشقاق الحزب بفترة1971-1972وقف ضد كتلة خالد بكداش- يوسف فيصل، وفي عام1977كان سكرتيراً لفرعية المثقفين في الحزب.عاد إلى ألمانية في عام1979،وكان من الناشطين في منظمة الخارج للحزب،وتولى مهمات عديدة.
وقف ضد الاتجاه الذي كان ينادي في الحزب بالتخلي عن الماركسية وتغيير اسم الحزب مع المراهنة على التغيير من الخارج بفترة2003-2005،وكان من الذين استمروا في الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي) ومع الرافضين للذهاب إلى تأسيس ماسمي بحزب الشعب الديمقراطي في عام2005.
في أيلول2011كان من المؤسسين لفرع المهجر في هيئة التنسيق الوطنية، وقد كان أحد ممثلي هيئة التنسيق الوطنية في مؤتمر الرياض الأول والثاني للمعارضة السورية بعامي2015و2017. وبين عامي2018و2021كان عضواً في اللجنة التحضيرية للحبهة الوطنية الديمقراطية (جود)،وشارك في المؤتمر التأسيسي لها عام2021،وأصبح ممثلاً للحزب في الهيئة التنفيذية لجود حتى عام2022.
كان بيته ملتقى للسوريين والعرب، وكل من عرف الرفيق الدكتور جون نسطة كان يجمع على أخلاقه ومبدئيته وعلمه وثقافته .

16شباط2024 الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي)
-----------------


الرفيق جون نسطة وداعاً
ينعى حزب العمل الشيوعي في سوريا الرفيق الدكتور جون نسطة، عضو الهيئة القيادية للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) بعد معاناة طويلة مع مرض عضال.
والرفيق نسطة من مواليد مدينة حمص في عام1939.انتسب إلى الحزب الشيوعي السوري في عام1954، درس الطب في المانيا الشرقية وتخصص في التخدير. وشغل مواقع متعددة في حزبه بعد عودته في العام 1969، وغادر إلى ألمانيا في العام 1979.
شارك بتأسيس فرع المهجر، لهيئة التنسيق الوطنية في خريف العام 2011، وشارك في اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الديمقراطية (جود)، وفي مؤتمرها التأسيسي بالعام 2021، ومثّل حزبه في الهيئة التنفيذية لجود حتى العام 2022. وكانت له مواقف مشهودة هدفها وحدة الحركة الشيوعية المعارضة، كما كانت مساهمته في تأسيس وتحرير مجلة "حوارات" أساسية وهي التي أطلقها حزبنا مع الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي).
تمتع الرفيق جون نسطة بمبدئية عالية ظهرت في حرصه على العمل المشترك الوطني في كاف الظروف التي مرت بها البلاد، وكانت همومه الوطنية والمعاشية والفكرية المحرك الأكبر لحياته ونضاله. ولازالت الأهداف التي آمن بها هي أهداف المواطن السوري وأهداف المعارضة الديمقراطية واليسارية إلى أن يأتي التغيير الديمقراطي ليشمل بلادنا كما شمل العديد من بلدان العالم.
حزب العمل الشيوعي في سوريا
17شباط2024
-----------------------
من تيار اليسار الثوري
يتقدم تيار اليسار الثوري في سوريا، بأحر التعازي الى الرفاق في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) برحيل الرفيق الدكتور جون نسطة.

الرفيق نسطة كان رمزاً للنضال والتضحية في سبيل العدالة والحرية، متشبث دوما بدور متقدم في الدفاع عن الحقوق والحريات، وقد خدم القضية الشيوعية بإخلاص وتفانٍ طوال حياته.

في هذه اللحظة الحزينة، نشارككم الحزن والأسى، ونتقدم بأحر التعازي لكم ولعائلة الرفيق نسطة. سيظل ذكراه حياً في قلوبنا، وسنستمر في طريق النضال التحرري الذي سلكه طوال حياته.
تيار اليسار الثوري في سوريا
16/2/2024
-------------------------


تعزية

فقدت الساحة الوطنية والثورية الرفيق جون نسطة الذي وافته المنية في منفاه الأخير (ألمانيا)، كان قدوة للنضال الثوري لقد قارع الاستبداد وفضح الديكتاتوريات بجميع أشكالها طيلة حياته ولوحق من قبل نظام الاستبداد السوري فاضطر لمغادرة الوطن ليستقر في منفاه إلى أن فارقت روحه الحياة، يتوجه حزب اليسار الديمقراطي السوري بخالص العزاء لعائلته وللرفاق في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)، ولكل الوطنيين والديمقراطيين في سوريا وخارجها. ولروحه السلام ولمحبيه الصبر والاستمرار بالنضال على خطاه الثورية.
المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري
1722024
----------------------------------
الرفيق صبحي أنطون
(من صفحته على الفيسبوك)

وداعا أيها الرفيق العزيز جون نسطة . أبو فايز الشيوعي الجسور، القابض على الجمر، الرافض للمبدأ تبديلاً ، الراحل المكلل بالفخر و الاعتزاز بالطريق الذي اختاره يوم غابت الرؤية لدى البعض .
سيظل رفاق الدرب الواحد يتذكرون هذه القامة الشيوعية و ستظل ذكراه العطرة تطوف بيننا. كنت المحاور الذي سنظل به نعتز و نفخر . وداعا أيها الرفيق جون على أمل اللقاء لنكمل الحوار الذي لم ننهيه بعد.
تعازينا الحارة للغوالي منى و فايز و للأهل و رفاق الدرب.
-----------------------------------------------------------------------------

الافتتاحية:
مرة ثانية حول تعدد المعايير عند السوريين
لم تعد المشكلة الآن هي (مسألة الموقف من التدخل العسكري الخارجي في الأزمة السورية) كماكانت في عام2011،عندما مالت أطراف في المعارضة السورية،مثل "المجلس الوطني"إلى محاولة تكرار التجربتين العراقية والليبية لمااستعين في البلدين في عامي2003و2011بتدخل عسكري خارجي من أجل اسقاط نظامي السلطة في بغداد وطرابلس الغرب.،وعندما عارضت "هيئة التنسيق الوطنية"هذه النزعة للاستعانة بالخارج ودعت لتسوية بين السلطة والمعارضة للوصول إلى حكم انتقالي يخرج سورية من أزمتها باتجاه نظام سياسي جديد.
هذا التدخل العسكري الخارجي في الأزمة السورية قد حصل فعلاً خلال الفترة التي تفصلنا عن بداية الأزمة بعام2011،وهناك الآن أربعة جيوش على الأرض السورية،هي الروسية والأميركية والتركية والايرانية،هذا غير قوات الاحتلال الاسرائيلية في الجولان منذ عام1967وغير الغارات الاسرائيلية التي بلغت المئات منذ عام2015ضد القوات الايرانية المتواجدة على الأرض السورية،وهذا غير المليشيات الموالية لايران، من لبنان والعراق أومليشيات شكلتها ايران من شيعة أفغان وباكستانيين آتت بهم للأرض السورية،وأيضاً غير مليشيات عابرة للحدود تضم جنسيات مختلفة وتتبع لمركز قرار خارج سوريا،مثل تنظيم"داعش"، أوتنظيم " حراس الدين " في إدلب الذي مازال يعلن تبعيته لتنظيم"القاعدة"،أوتنظيم "جبهة النصرة"الذي أعلن عام 2016فك ارتباطه بتنظيم "القاعدة" وهناك مؤشرات كثيرة على أن الأمر الأخير هو مجرد تمويه من الجولاني.
هذا الواقع الجديد الذي أصبح عمره مايقارب الإثنا عشر عاماً قد أنشأ بين القوى العسكرية الخارجية حالة من تقاسم النفوذ والسيطرة على أراضي سورية،وبعضها تديرها مايسمى "حكومات" بواجهات سورية مثل مايجري في المناطق الخاضعة لسيطرة الأتراك ولكن تحت السلطة العسكرية التركية ومع ربط البنية التحتية من كهرباء وماء واتصالات ونظام تحويل الأموال بالبنية الاقتصادية التركية. وهناك مؤشرات كثيرة ،أحدها اتفاق 5آذار2020بين بوتين وأردوغان حول الوضع في محافظة إدلب،على أن القوى المتدخلة في سوريا يمكن أن تعقد اتفاقات حول الوضع على الأرض السورية من دون التشاور مع أحد من السوريين،وهذا كان ترجمة لوضع قديم منذ عام2012لماأُنتج "بيان جنيف1"من اجتماع حضرته أطراف دولية واقليمية من دون حضور أحد من السوريين ثم تكرر هذا في عام2015أثناء لقائي فيينا وهما الذي تولد عنهما القرار الدولي 2254في18كانون الأول2015وكان هذا القرار حصيلة لتوافق أميركي- روسي بعد شهرين ونصف من التدخل العسكري الروسي في سوريا،والذي رأينا بعده وجود لقواعد عسكرية أميركية بالتوازي مع الوجود العسكري الروسي في سوريا.
يلاحظ خلال هذه الدزينة من السنوات السابقة أن السوريون قد كرروا خلافاتهم الاستقطابية حول مسألة (التدخل العسكري الخارجي )التي حصلت في عام2011،إلى حيث لاتقتصر خلافاتهم الآن على (مسألة الموقف من المتدخلين الخارجيين في سوريا)،حيث يعتبر الموالون للسلطة أن الروسي والايراني حلفاء أتوا بشكل شرعي بناء على طلب السلطة السورية المعترف بها ممثلة شرعية للدولة السورية في هيئة الأمم المتحدة وحيث يعتبر معارضون في "الائتلاف"أن التركي حليف في سوريا ،وهو مانراه أيضاً عند "مجلس سوريا الديمقراطية-مسد"و"قوات سوريا الديمقراطية - قسد" عندما يعتبر الأميركي حليفاً،بل إلى حيث تمتد خلافات السوريين الحالية إلى حول سياسات المتدخلين في سوريا في الاقليم والعالم،فالموالي السوري للسلطة يعادي السياسة الأميركية تجاه روسيا والصين وايران وحزب الله وينظر بعين التأييد والرضا إلى سياسات حزب الله في لبنان وإلى مايفعله"الحشد الشعبي"في العراق وإلى مافعله ويفعله "الحوثيون"في اليمن،كماأنه ينظر بعين الريبة والعداء لسياسات أردوغان في ليبيا وأذربيجان،فيمامعارضون سوريون في "الائتلاف"يقفون بحماس وراء الرئيس التركي ليس فقط فيمايفعله في الأرض السورية بل تجاه سياساته في الاقليم وهم لم يقولوا كلمة واحدة حول استخدامه لسوريين عسكرياً في الصراعين الليبي والأذربيجاني- الأرمني في اقليم ناغوني كاراباخ،كماأنهم حيث يذهب أردوغان يذهبون كمارأيناهم في "مسار أستانة"،وفي الحرب الأوكرانية خلال العامين الماضيين رأينا كيف انقسم السوريون تجاه تلك الحرب وفق مسطرة مواقعهم في الأزمة السورية،فالموالي يقف مع بوتين ضد الأوكران و"الناتو"،والمعارض الموالي للغرب والأتراك يقف ضد الروس في الحرب الأوكرانية.
كل ماسبق لايعبر فقط عن تداعيات الخلافات بين السوريين في زمن الأزمة2011-2024بل يمتد ليعبر عن وجود أزمة وطنية سورية عامة تظهر مدى انقسام السوريين في رؤيتهم لموضوعي العلاقة بين الداخل والخارج وحدود الاستقلالية الوطنية،وتعبر عن ظاهرة خطيرة لاتوجد إلافي المجتمعات المتفككة وهي ظاهرة مد اليد من النوافذ للخارج للاستعانة به ضد (وعلى ) داخل آخر وعلى ابن البلد المختلف معه،كماأنها تكرار لتجربة نجدها عند اللبنانيين عندما لايجد الكثير منهم غضاضة في تدخل من خارج الحدود في قضايا لبنانية داخلية،مثل موضوع فراغ الرئاسة اللبنانية، ونرى كيف الفضائيات اللبنانية وكذلك الصحافة تتعامل مع هذا الأمر وكأنه أمر عادي .
بالحرف العريض:هناك أزمة وطنية سورية كبرى،يجب البحث إن كان عمرها من عمر الأزمة السورية البادئة عام2011،أم أنها تعود إلى زمن أبعد،ولكن وبالتأكيد فإن الرباط الوطني الذي قامت عليه دولة مابعد جلاء17نيسان1946يمكن القول أنه اهتز أوأنه لم يعد موجوداً عند الكثير من السوريين. رغم تسجيل أن القضية الفلسطينية،كماتثبت أربعة أشهر ونصف من الحرب في غزة،تظل جامعاً للسوريين على اختلاف اتجاهاتهم وميولهم وتلوناتهم ومواقعهم السياسية.
---------------------------------------------------------------------
السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة
- محمد سيد رصاص -
- "وكالة نورث برس"- 1122024
في اليوم السابق لزيارة مستشار الأمن القومي الأميركي للسعودية جاك(جيك)سوليفان، في 7أيارمايو2023، نشر موقع "أكسيوس" نصاً كتبه باراك رافيد بعنوان : "سكوب(سبق صحفي):الولايات المتحدة ، السعودية ، آخرون ، يناقشون مشروع سكة حديد تربط الشرق الأوسط "، وحسب النص فإن مسؤولاً اسرائيلياً قال عن المشروع الكلام التالي :" لاأحد قالها، ولكن الصين هي في قلب الموضوع " .
عندما وُقِع هذا المشروع في يوم السبت 9أيلولسبتمبر2023،على هامش قمة العشرين في العاصمة الهندية التي غاب عنها الرئيس الصيني، ظهر الرئيس الأميركي جو بايدن عرًاباً للمشروع ، رغم عدم المعنية الجغرافية للولايات المتحدة الأميركية به ، كماغاب عن حفل التوقيع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين ناتنياهو رغم أن ماظهر من خريطة المشروع أن بدايته ككوريدور ستمتد من الساحل الهندي ونهايته ستكون في الساحل الإيطالي(وربما اليوناني أيضاً) عبر جسر بري يمتد من الساحل الإماراتي إلى الساحل الاسرائيلي عبر السعودية والأردن والعكس بسكك حديد وأتوسترادات وأنابيب طاقة (نفط وغاز وغيرهما) .
في 21أيلول سبتمبر2023ظهر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، قال فيها أن التطبيع مع اسرائيل " يصبح أقرب فأقرب كل يوم " ، ورغم أنه أشار إلى أهمية القضية الفلسطينية عند السعودية إلاأنه لم يضع شرطاً للتطبيع قيام دولة فلسطينية على حدود يوم4حزيرانيونيو1967كمانصت على ذلك المبادرة العربية التي قدمتها السعودية لقمة بيروت العربية عام2002وتبنتها تلك القمة ، وقد أوحت تلك المقابلة بأن من مستلزمات (الكوريدور) حصول التطبيع السعودي- الاسرائيلي .
في مقاله في جريدة "الواشنطن بوست"، بيوم20تشرين الثانينوفمبر2023، قال الرئيس الأميركي جو بايدن أن (حركة حماس) أرادت من هجوم 7أوكتوبر " تفشيل التطبيع السعودي- الاسرائيلي" .
يجب هنا تجميع هذه التواريخ وربطها : زيارة سوليفان للسعودية قادت إلى اتفاق نيودلهي ، و(الكوريدور) ، بمايعنيه من تطبيع سعودي- اسرائيلي، دفع يحيى السنوار إلى الضربة الاستباقية ، الممثلة في هجوم 7أوكتوبر، لتفشيل هذا التطبيع الذي كانت ستكون ترجمته السلبية على حركة حماس أكثر من الترجمة السلبية للتطبيع المصري أواخر السبعينيات على ياسر عرفات وحركة فتح ، بحكم المكانة الدينية للسعودية وبحكم (الكوريدور) الذي كان سيمر في (غلاف غزة) ومايعنيه هذا من احتمالات الاتجاه إلى انهاء حكم حركة حماس في قطاع غزة كشرط لبناء الكوريدور ، إضافة إلى اضعاف حركة حماس ضمن خريطة القوى الفلسطينية كشرط لتطبيع فلسطيني مع اسرائيل يتطلبه (الكوريدور) .
ولكن البداية ليست في 7أيارمايو2023، بل كماقال المسؤول الاسرائيلي لموقع "أكسيوس" : " الصين هي في قلب الموضوع"، حيث من المؤكد أن مشروع (الكوريدور) ، الذي قلبه هي الهند التي في عداء مع الصين منذ عام1962، يهدف إلى وضع السعودية في مشروع أحد أهدافه الرئيسية قطع الطريق على (مشروع الحزام والطريق) الذي طرحته الصين عام2013للربط بين القارات الثلاث:آسيا- أفريقيا- أوروبا ، وأحد الممرات الرئيسية هي (منطقة الشرق الأوسط)، وبالتأكيد كان سوليفان وهو يطرح (الكوريدور) في السعودية يفكر في اتفاق10آذارمارس 2023السعودي- الايراني الموقع في العاصمة الصينية ، وهو ماأفزع واشنطن وفق صحف أميركية عديدة حيث تم تشبيه اتفاق بكين باتفاق الأسلحة التشيكية لمصر عام1955وماعناه من بداية الدخول السوفياتي لمنطقة الشرق الأوسط عبر بوابة الرئيس جمال عبدالناصر،الذي كان في احتكاك مع لندن وواشنطن تشبه احتكاكات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الأميركان منذ (قضية خاشقجي) بعام2018 وهو ماجعله يفكر بالتقارب مع الروس والصينيين .
أيضاً ، يجب الرجوع للوراء إلى يوم الخميس24شباطفبراير2022عندما غزا فلاديمير بوتين أوكرانيا ، ومن ثم كرد فعل غربي أميركي- أوروبي بدأ التفكير في بديل عن " محطة الطاقة الروسية " التي كانت تزود القارة الأوروبية بمعظم احتياجاتها من الطاقة بفرعيها الغازي والنفطي، ولايوجد سوى الشرق الأوسط في هذا الصدد كبديل وحيد للروس ، حيث لاتستطيع ذلك منطقة آسية الوسطى- القفقاس ، ولاالقارة الافريقية عبر الممر الشمال الافريقي، ومن ثم التفكير في تداعيات ذلك الغزو الذي تمظهر عبره تحالف صيني- روسي ، شبيه بتحالف ستالين- ماوتسي تونغ في الحرب الكورية1950-1953، ثم تثًلث ذلك التحالف بانضمام ايران له في خريف2022،عبر تزويدها روسيا بالمسيًرات ، بعد فرط ايران في آبأغسطس لمفاوضات فيينا من أجل احياء الاتفاق النووي الايراني بعد أن استغرقت تلك المفاوضات ستة عشر شهراً، والأرجح أن هذا قد نبع من قراءة في طهران بأن ظرف مابعد24شباط2022يتيح لايران مجالاً أكبر لاستثمار مابدأ يطرح في كثير من الأماكن حول "الضعف الأميركي المستجد" بعد ثلاثة عقود من انتصار الأميركان على السوفييت في الحرب الباردة .
هنا،إذا ربطنا (الكوريدور) باستعادة الشرق الأوسط لأهميته العالمية من جديد عند الغرب الأميركي- الأوروبي بوصفه عاصمة الطاقة العالمية ، كماكان ينظر له البريطانيون والأميركان في أربعينيات القرن العشرين ، فإننا يمكن أن نقبض معرفياً على أن هناك في عام 2023قد ولدت سياسة أميركية جديدة في منطقة الشرق الأوسط .
هذه السياسة الأميركية الجديدة هي عودة إلى ماقاله وزير الخارجية الأميركي كولن باول ،عام2003قبيل قليل من غزو العراق ،"عن إعادة صياغة المنطقة من جديد"، وهي تختلف عن سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما ، التي ترافق فيها الانسحاب من العراق عسكرياً في نهاية عام2011وتسليمه سياسياً لايران مع التركيز الأميركي على الشرق الأقصى حيث قال الرئيس أوباما في خطابه أمام البرلمان الأسترالي (17نوفمبر2011) عن آسيا الباسفيكية "هنا نرى المستقبل ..حيث نصف الاقتصاد العالمي، وآسيا هي التي ستقرر بشكل رئيسي ماإذا كان القرن الحالي هو قرن للصراع أم للتعاون" ، وبالتأكيد كان أوباما في خطابه يفكر في الصين التي أصبحت عام2010الرقم الثاني في الاقتصاد العالمي، كعملاق ينمو مثل ألمانيا مابعد وحدة 1871وماأنتج النمو الألماني الاقتصادي من ميول عسكرية واتجاه للنفوذ الاقليمي والعالمي عند الألمان قوضًت سلام القرن التاسع عشر الذي أنتجه مؤتمر فيينا بعام1815بعد هزيمة نابليون بونابرت ، وكيف أن الصينيون يمكن أن يكرروا السيناريو الألماني في القرن الواحد والعشرين ، وأن هذا من الممكن أن يطيح بالزعامة الأميركية للعالم كماأطاحت الحربين العالميتين التي أنتجها وفجرها الألمان بأربعة قرون من الزعامة البريطانية للعالم منذ معركة الأرمادا عام1588ضد الاسبان .
كان الفرق هو خمسة وأربعون يوماً بين خطاب أوباما ذاك وبين انتهاء الانسحاب العسكري الأميركي من العراق ، وهو انسحاب لم يكن عسكرياً فقط بل كان يحوي انسحابية سياسية من العراق الذي سلمته واشنطن لطهران وكان أبعد يعني انسحابية سياسية أميركية من المنطقة الشرق أوسطية وتسليمها لايران ، بوصفها بلوكاً جغرافياً يسد الطريق الصيني إلى منطقة الشرق الأوسط ، وأيضاً تسليمها لتركيا أردوغان في وقت من ذلك الخريف بعام2011لماكانت واشنطن ترعى وصول فروع جماعة الاخوان المسلمين للسلطة في تونس ومصر ومشاركتهم في السلطة بليبيا واليمن والمغرب وتحاول ايصالهم للسلطة في سوريا عبر دعمها ل"المجلس الوطني" الذي تم تشكيله آنذاك في اسطنبول وهو الذي يتزعمه الاسلاميون . فتلك الانسحابية الأميركية من المنطقة عنت تعميم الأردوغانية كنموذج اسلامي أميركي للمنطقة وعنت غض النظر الأميركي عن التمدد الايراني في المنطقة مقابل تفكيك ايران لبرنامجها النووي ، ثم عنت منذ عام2013السماح الأميركي لروسيا في التمدد بالشرق الأوسط ، مقابل أن تصبح موسكو ، مثل طهران وأنقرة ، في بعد عن الصين التي أصبحت واشنطن تراها منذ عام2010العدو الرئيسي مثلما كانت موسكو السوفياتية بالحرب الباردة1947-1989.
من الأرجح،هنا،أن واشنطن قد رأت فشل سياسة أوباما في فجر يوم24شباطفبراير2022مع الغزو الروسي لأوكرانيا ، حيث أنتج أوظهًر ذلك اليوم تحالفاً ثلاثياً أصبح واضحاً بين بكين وموسكو وطهران ، والرئيس التركي أردوغان يرى نفسه أقرب لذلك الحلف من حلف الأطلسي وزعيمته واشنطن ، وكثير من تصرفاته بالسنتين الماضيتين تشي بذلك ، وبالتأكيد هذا يقرأ جيداً في واشنطن .
الملفت للنظر في أربعة اشهر من حرب غزة الانخراط الكثيف الأميركي فيها، والغياب الروسي- الصيني عنها، والتنائي الايراني عن تطبيق "وحدة الساحات" بحكم "دبلوماسية البوارج الأميركية"، وعلى مايبدو أن واشنطن تريد عبر حرب غزة انتاج شرق أوسط جديد أحد ملامحه الرئيسية (حل الدولتين) ، فيماكان مخطط الكوريدور يفترض التطبيع فقط فيماأصبح الآن عند الأميركان (حل الدولتين بالتلازم مع التطبيع)،ويبدو أن (حل الدولتين والتطبيع ) سيكون بالتلازم مع (الكوريدور) وشرطاً لازماً له وفق التصور الأميركي الجديد . والأرجح أن هذا سيكون مناقضاً لانسحابية باراك أوباما من المنطقة ، وسيكون مقدمة لانخراطية أميركية بالمنطقة شبيهة بمشروع أيزنهاور عام 1957ل"مل الفراغ" البريطاني- الفرنسي والذي كان بداية لنقل التجابه الأميركي- السوفياتي لمنطقة الشرق الأوسط .
هذه السياسة الأميركية الجديدة تفترض ضعف " المخفر اليهودي " وعدم قدرته على استمرار وظائفه السابقة التي كان يفترضها الغرب البريطاني- الأميركي منذ وعد بلفور، وتفترض الابتعاد عن السياسة الأميركية الارضائية للايرانيين والأتراك والروس في المنطقة ، واتجاهاً أميركياً لارضاء العرب والكرد ، واتجاهاً أميركياً لجعل الشرق الأوسط ميداناً رئيسياً لمجابهة التحالف الصيني – الروسي- الايراني ، مع تهميش أميركي للاعبين على الحبال مثل أردوغان.

-------------------------------------------------------------------------------------
جبهة إسلامية جديدة قد تكون أكبر تحد تواجهه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
مقال رأي لتوبي ماثيسن في مجلة "فورين افيرز"الاميركية -1122024

من الواضح أن الحرب في قطاع غزة لم تعد مقتصرة على إسرائيل وحماس، ففي الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول، قتلت غارة جوية إسرائيلية مسؤولا كبيرا في الحرس الثوري الإيراني يدعى السيد راضي موسوي، في حي السيدة زينب الذي يسيطر عليه الشيعة في دمشق. وفي الثاني من كانون الثاني (يناير)، اغتيل صالح العاروري، نائب رئيس حركة حماس ومؤسس جناحها العسكري، في هجوم بطائرة إسرائيلية بدون طيار جنوب بيروت، معقل جماعة حزب الله الشيعية المسلحة. ويتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار بشكل شبه يومي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كما اغتالت إسرائيل عدداً من كبار الشخصيات في حزب الله. في البحر الأحمر، فقد هاجم الحوثيون، وهم من أتباع المذهب الشيعي ايضًا، السفن التجارية المارة بلا هوادة، مما استفز الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لضرب أهداف الحوثيين في اليمن. وشنت جماعة شيعية جديدة وغامضة تدعى المقاومة الإسلامية في العراق غارة جوية بطائرة بدون طيار أدت إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في موقع عسكري بالأردن في أواخر يناير/كانون الثاني، وردت الولايات المتحدة بسلسلة من الضربات على عشرات الأهداف في العراق وسوريا، وهناك خطر حقيقي من أن يؤدي هذا التراجع إلى صراع عسكري أمريكي مباشر مع إيران.
تظهر نقاط التوتر هذه المدى المتسع لما يسمى بمحور المقاومة، وهي المجموعة الفضفاضة من الميليشيات المدعومة من إيران والتي تهاجم المصالح الإسرائيلية والأمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكن الأمر الأقل بروزا هو إلى أي مدى تسبب الصراع الأوسع الجاري حاليًا إلى طمس الانقسامات الطائفية التي غالبًا ما شكلت المنطقة. كانت الحروب الأهلية الشرسة في العراق وسوريا واليمن تشتمل على العنصر الطائفي الشيعي؛ حيث استحضرت إيران والسعودية ولسنوات الولاءات الطائفية في منافستهما الطويلة الأمد من اجل تحقيق الهيمنة الإقليمية، إلا أن الحرب في غزة مثلت تحديًا لهذا الانقسام: فالأغلبية الساحقة من الفلسطينيين هم من المسلمين السُنّة، وحركة حماس نشأت من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وهي الحركة الإسلامية السُنّية الأكثر أهمية والتي تمتد جذورها إلى مصر. لكن كيف وجدت حماس بعضاً من أقوى حلفائها في الجماعات والأنظمة التي يقودها الشيعة في إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن؟ يكمن تفسير ذلك في المكانة الخاصة التي احتلها تحرير فلسطين بين السنة والشيعة العاديين منذ فترة طويلة، وكيف حولت الحرب هذه المشاعر إلى قوة موحدة قوية بين الطائفتين. لقد كانت محنة الفلسطينيين بمثابة نقطة التقاء مشتركة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي ولفترة طويلة بالرغم من وجود التوترات الطائفية في مواقع سياسية أخرى. تسبب مواصلة القادة العرب السُنة لصفقات "التطبيع" مع إسرائيل وتجاهلهم القضية الفلسطينية بشكل متزايد، على مدى السنوات القليلة الماضية، في ان تصبح الحكومة الإيرانية وحلفاؤها الشيعة، الداعمين الأساسيين للمقاومة الفلسطينية المسلحة. كما جعلت التحولات الإقليمية، بما في ذلك التقارب بين إيران والسعودية في مارس/آذار 2023، ومحادثات السلام الجارية بين الحوثيين والسعودية، وبين اليمنيين انفسهم، والديناميات المتغيرة في العراق ولبنان، الانقسام الطائفي في المنطقة أقل بروزاً بكثير. والآن، بعد ما يقرب من أربعة أشهر من الحرب الكارثية، أدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى إيقاظ جبهة إسلامية تضم الجماهير العربية السُنّية، التي تعارض بأغلبية ساحقة التطبيع العربي، والجماعات الشيعية المسلحة التي تحتل مركز القلب في محور المقاومة الإيرانية، ويشكل هذا التطور تحديًا استراتيجيًا بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها، يتجاوز بكثير مواجهة الميليشيات العراقية والحوثيين بضربات محسوبة بدقة. كما تهدد الحرب في غزة بالمزيد من تقويض النفوذ الأمريكي من خلال الجمع والتوحد بين منطقة منقسمة على نفسها منذ فترة طويلة، وهذا الأمر يمكن أن يجعل العديد من المهام العسكرية الأمريكية غير قابلة للاستمرار على المدى الطويل. كما تثير هذه الوحدة الجديدة أيضًا عقبات كبيرة أمام أي جهود تقودها الولايات المتحدة لفرض اتفاق سلام من أعلى إلى أسفل يستبعد الإسلاميين الفلسطينيين. الكيانات الاستعمارية على الرغم من أن الانقسامات الطائفية قد لعبت ومنذ فترة طويلة دورا بارزا في صراعات الشرق الأوسط، إلا أن دوافعها كثيرا ما تتعرض لسوء الفهم. من الناحية العقائدية، يتعلق الانقسام الشيعي السني بخلافة النبي محمد، حيث يؤكد السنة أن خلفائه، يجب اختيارهم من بين مجتمع يضم أقرب أتباعه الأوائل، ويقول الشيعة ان خلفائه، الذين يسمونهم (الأئمة)، يجب أن ينحدروا مباشرة من صلب النبي محمد. تطور المذهب السني والشيعي مع الوقت إلى فرعين رئيسيين للإسلام، مع تمسك أغلبية المسلمين في مختلف أنحاء العالم بالفرع السني، فيما تركز المذهب الشيعي في إيران في أعقاب تحول الإيرانيين من خلال السلالة الصفوية إلى المذهب الشيعي الاثني عشري في القرن السادس عشر، كما تركز في العراق، حيث شكل الشيعة الأغلبية؛ كما كانت هناك مجتمعات شيعية كبيرة منتشرة في لبنان واليمن ودول الخليج وجنوب آسيا. وبالرغم من كل هذه التغيرات على مدى القرون، لم يتأثر الفلسطينيون في الغالب بهذا الانقسام، فباعتبارهم رعايا للإمبراطورية العثمانية السنية وكسنة ومسيحيين يتحدثون العربية، لم يتعرضوا إلا قليلاً للمذهب الشيعي أو الانقسام الشيعي السني. بعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت الهويات الدينية أكثر أهمية من الناحية السياسية ومتشابكة مع الدولة القومية، حيث سعت القوى الاستعمارية الغربية إلى تنظيم الأراضي العثمانية السابقة على أسس عرقية وطائفية، فحول الفرنسيون الهوية الطائفية في لبنان وسوريا، إلى أساس السياسة والقانون (في لبنان، كانت الدولة يحكمها إلى حد كبير المسيحيون والسنة، مع منح الشيعة القليل من السلطة .وأنشأت الحكومة البريطانية في ولاياتها في العراق، وفلسطين، وشرق الأردن، أيضاً إدارات يقودها السنة حتى وان كان هناك أعداد كبيرة من الشيعة. وواصل البريطانيون في العراق السياسات العثمانية وقاموا بتهميش المجتمعات الشيعية ورجال الدين الشيعة إلى حد كبير، بعد ان اعتبروهم مستقلين للغاية ومستائين من الهيمنة البريطانية. وادى دعم المملكة المتحدة للهجرة اليهودية إلى فلسطين وسياستها في حكم العرب واليهود بشكل مختلف إلى تعزيز الفئات العرقية الدينية في المنطقة، بما في ذلك بين الفلسطينيين أنفسهم. ويمكن القول ان السياسات الاستعمارية وصعود الدول القومية الحديثة غذت الانقسامات العرقية والطائفية كما غذتها المناقشات العقائدية أو الدينية الأعمق. لكن سياسات بناء الأمم يمكن أن تدفع في اتجاهات متعددة، فقد أدت عمليات الطرد الإسرائيلية المتكررة للفلسطينيين بعد عام 1948، إلى ظهور علاقات وتحالفات جديدة، فقد تزامن تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان، في عامي 1948 و1967 مع الصحوة السياسية للمجتمع الشيعي المهمش في البلاد، والذي كان يسعى إلى تحرير نفسه، كما اختلط الفلسطينيون أيضًا على مدى العقود التالية، ببعض النشطاء الإيرانيين الذين قادوا لاحقًا الثورة الإيرانية عام 1979، التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي، الحليف الوثيق لإسرائيل والولايات المتحدة إلى جانب بنائهم علاقات مع الشيعة اللبنانيين. وقد رحب الزعيم الثوري آية الله الخميني على الفور تقريبًا بعد عودته المظفرة إلى إيران في فبراير/شباط 1979، بمنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة قم المقدسة، حيث أشاد زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بالثورة باعتبارها "نصرًا كبيرًا للمسلمين ويوم للنصر لفلسطين". وبعد يومين من ذلك التصريح، سلم الإيرانيون السفارة الإسرائيلية في طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية، كما زارها وفد من جماعة الإخوان المسلمين، مما سلط الضوء على نظرة الجماهير السنية والحركات السياسية السنية إلى الثورة الإيرانية في أيامها الأولى. ومع ذلك، فإن معظم القادة في الشرق الأوسط العربي اعتبروا جمهورية إيران الإسلامية ودعمها للحركات الثورية في جميع أنحاء المنطقة تهديدا كبيرا، وكانت هذه الدول التي يقودها السُنة تخشى أن تؤدي الثورة الإيرانية إلى تمكين المجتمعات الشيعية والحركات الإسلامية على أراضيها، وتحدي موقعها المركزي في العالم العربي والإسلامي، وتعقيد علاقاتها مع الولايات المتحدة. عندما غزا النظام البعثي العراقي إيران عام 1980، وقفت منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من الجماعات الفلسطينية إلى جانب بغداد، وخلصت تلك المجموعات إلى أن العلاقات مع العراق ودول الخليج لها الأسبقية على طهران.
أدت التدخلات الأمريكية المضللة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إلى تفاقم الصراع الطائفي في جميع أنحاء الشرق الأوسط بشكل كبير، مما ساعد على تشجيع العديد من الجماعات المسلحة التي تتعامل معها إدارة بايدن اليوم. أدى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق إلى وصول الأحزاب الإسلامية الشيعية إلى السلطة، والتي كان معظمها في المنفى في إيران وسوريا منذ الثورة الإيرانية، كما انه أعطى وقودًا جديدًا للمتطرفين السنة، مثل تنظيم القاعدة في العراق، مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية العراقية الدموية التي أدت في النهاية إلى ظهور تنظيم الدولة، المعروف أيضًا باسم داعش، والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والتي تستهدف اليوم القوات الأمريكية في العراق والأردن وسوريا. توقع كثيرون في الغرب، بعد عقدين من العنف بين السُنّة والشيعة والجهود الوحشية التي يبذلها تنظيم داعش لإقامة الخلافة، أن تحظى حركة إسلامية سنية مثل حماس بدعم شعبي محدود في الشرق الأوسط الكبير. كان مسار التفكير على هذا النحو آيضًا في دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الذين اعتقدوا أنهم قد نجحوا في تجنب جماعة الإخوان المسلمين كمسألة سياسية، وبدا أن جيلًا جديدًا من قادة دول الخليج العربية لا يهتمون كثيرًا بالقضية الفلسطينية بل بتكنولوجيا المراقبة المتقدمة والعلاقات التجارية التي كان على إسرائيل أن تقدمها. في دول مثل إيران والعراق، كان السكان في غالبيتهم من الشيعة وكان من غير المرجح ايضاً أن يتم تعبئتهم بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وساعدت هذه الافتراضات المضللة في دفع الجهود الأمريكية لدفع دول الخليج والدول العربية الأخرى إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حتى في غياب أي خطة قابلة للتطبيق لمعالجة مظالم ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة والاحتلال الإسرائيلي إلى أجل غير مسمى، وكلاجئين في المنطقة. كان دعم الفلسطينيين أمرًا متفق عليه إلى حد كبير بين المسلمين السنة والشيعة في جميع أنحاء العالم منذ ما يقرب من قرن من الزمان. واقترح المشاركون السنة في مؤتمر في القدس لتسليط الضوء على التضامن الإسلامي ضد الصهيونية عام 1931، أن يؤم رجل دين شيعي عراقي مشهور صلاة الجمعة في المسجد الأقصى في القدس. وبعد خمسة وسبعين عاماً، عندما تمكن حزب الله من النجاة من حربه مع إسرائيل في عام 2006 (وفي عام 2000 بالفعل، عندما لعب دوراً فعالاً في دفع الجيش الإسرائيلي إلى الخروج من جنوب لبنان)، حظيت الجماعة بالإشادة من قِبَل السُنّة والشيعة على حد سواء، كما اجتذبت حماس مستويات مماثلة من الدعم عبر الطوائف منذ أن بدأت الحرب في غزة. وقد جلبت هذه الديناميكية الشعبية ضغوطاً متزايدة على الحكام العرب المستبدين ومنحت نفوذاً جديداً في العالم السني للجماعات الشيعية التي دعمت حماس بنشاط. وقد راقب العديد من العرب السُنّة في رهبة التحركات المسلحة المتحالفة مع إيران من بيروت وبغداد إلى البحر الأحمر وهي القنوات الأكثر وضوحاً لمقاومة الحرب الإسرائيلية في غزة.. هذه هي المجموعات التي تشكل محور المقاومة، والذي أصبح الآن تحت قيادة إيران قوة منسقة في جميع أنحاء المنطقة الكبرى.
لا ينبغي لنا أن نفهم القوة المتنامية لقوى المقاومة على أنها مجرد تعبير عن الأصولية الدينية أو الهوية الطائفية، بل يرجع ذلك إلى عوامل عدة، بما في ذلك مستويات التمويل المستدامة، والهيكل التنظيمي الملتزم والمنضبط، والأيديولوجية المتماسكة، والدعم الاجتماعي الكبير للمجموعات في مجتمعاتها، كما تمتد جذورها أيضاً إلى العواقب غير المقصودة الناجمة عن التدخلات العسكرية الغربية والإسرائيلية وسياسات الأنظمة العربية الموالية للغرب. والأهم من ذلك، أنها تتعلق بالتقارب التدريجي بين حماس، باعتبارها أقوى حركة إسلامية فلسطينية، مع حلفاء إيران الشيعة، وقد تبلور محور المقاومة هذا في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر، وقد صاغت وسائل الإعلام الإقليمية هذا الاسم باعتباره تورية عن "محور الشر" الذي أطلقه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، والذي استشهد به في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه في عام 2002 للربط بين الثلاثي غير المتوقع وهم إيران والعراق وكوريا الشمالية، وأضاف وكيل وزارة الخارجية في عهد بوش، جون بولتون، بعد بضعة أشهر من ذلك التاريخ، كوبا وليبيا وسوريا إلى القائمة. إن قيام الولايات المتحدة بإلقاء عدويها الإقليميين إيران والعراق في سلة واحدة كان أمرًا مربكًا للإيرانيين، الذين كانوا قد بدأوا للتو إعادة ضبط العلاقات مع واشنطن، بل وقدموا بعض المساعدة للحملة الأمريكية ضد طالبان في أفغانستان. كما ادى إضافة سوريا، أحد الخصوم الرئيسيين الآخرين للعراق، إلى هذا المزيج وتهديدهم جميعًا بالعقاب على أحداث الحادي عشر من سبتمبر - وهو هجوم إرهابي ارتكبه أعضاء سعوديون والإماراتيون ولبنانيون ومصريون من تنظيم القاعدة، الجماعة السنية المتطرفة - إلى شعور هذه الدول بما هو اكثر من الاهانة. وخوفاً من أن تصبحا الهدف التالي لتغيير النظام بقيادة الولايات المتحدة بعد العراق، عززت إيران وسوريا تحالفاتهما وعلاقاتهما مع الجماعات المسلحة في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية لردع الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ومع انزلاق المنطقة إلى العنف الطائفي، سمح الدعم الإيراني المتزايد للحركات الإسلامية الفلسطينية بالاحتفاظ ببعض الشرعية الإسلامية، وبالرغم من كل ما تقدم، استغرق بناء تحالف إيران مع حماس سنوات ولم يكن سلساً دائماً. خلال الحرب الأهلية السورية، التي وضعت إلى حد كبير المتمردين الإسلاميين السنة ضد النظام السوري، كانت القيادة السياسية لحماس، التي تمركزت في دمشق في ذلك الوقت، على خلاف كبير مع سوريا وإيران. وهاجر قادة حماس إلى قطر وتركيا - الدولتان اللتان كانتا الداعمين الرئيسيين للجماعات المتمردة السنية التي كانت تسعى إلى الإطاحة بنظام بشار الأسد، بعد أن حوصرت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا في خضم القتال ومقتل العديد من الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، قلصت إيران دعمها لحماس بشكل كبير، على الرغم من أن ذلك خلق مشكلة علاقات عامة منذ أن أصبحت حماس أفضل رد عند طهران على الادعاءات بأنها كانت تبني جبهة طائفية وأنها كانت تدعم الحركات الشيعية حصريًا. ولم ترجع حماس بشكل كامل إلى الحظيرة الإيرانية إلا في أواخر العقد الثاني، وبحلول تلك المرحلة، كانت إيران هي القوة الوحيدة في المنطقة الراغبة والقادرة على إمداد حماس بالأسلحة بطريقة مستدامة ودعم المواجهات المسلحة مع إسرائيل بشكل كامل (واستمرت قطر في توفير الغطاء السياسي لحماس والتمويل لغزة، على الرغم من أن قسماً كبيراً منه كان عبر القنوات الإسرائيلية وبمعرفة إسرائيلية). وقد أثبت الدعم الإيراني أهمية خاصة بالنسبة للقيادة السياسية لحماس داخل غزة وجناحها العسكري، كتائب القسام، فقد حاول يحيى السنوار، الذي أصبح زعيم حماس في غزة عام 2017، الابتعاد عن مخاطر الخصومات بين القوى الإقليمية وسرعان ما كان يبني علاقات مباشرة مع إيران. وفي عام 2022، تصالحت حماس أخيرًا مع النظام السوري، مما عزز موقف الجماعة داخل محور المقاومة وسلط الضوء على دور إيران – وسوريا – الحاسم في الكفاح الفلسطيني المسلح. وعلى الرغم من هذا التحالف، ظلت حماس هامشية إلى حد ما بالنسبة للأعضاء الشيعة الأساسيين في المحور، الذين تعتمد أيديولوجيتهم المشتركة بشكل كبير على عقيدة التحرير الشيعية المرتبطة بجمهورية إيران الإسلامية ومفهوم الاستشهاد الذي يحمل أيضًا دلالات شيعية قوية. وبالتالي، فإن علاقات حزب الله بإيران أبعد مدى بكثير من علاقات حماس: فعلى الرغم من أن حسن نصر الله هو الأمين العام لحزب الله منذ فترة طويلة، وأن الجماعة لديها هيئة محلية لصنع القرار تتكون إلى حد كبير من رجال الدين اللبنانيين، إلا أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي يظل المرجع الديني النهائي لحزب الله، ويبرز بشكل كبير في دعاية الحركة وهذا ليس هو الحال مع حماس، وهذا يثير التساؤل بشأن المدى الذي يصل إليه التنسيق الإيراني مع المحور، فعلى الرغم من الاتحاد الحديث بين هذه الجماعات المختلفة، لا يبدو أن نصر الله ولا خامنئي ــ ولا حتى القادة السياسيين الخارجيين لحماس ــ امتلكوا معرفة مسبقة بتفاصيل هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الذي شنته حماس، على الرغم من أنهم أشادوا به. وهناك أيضاً مسألة مدى استعداد أعضاء المحور الآخرين للذهاب إلى الانضمام إلى صراع حماس مع إسرائيل، ففي السنوات الأخيرة، بدأ قادة المحور في التأكيد على عقيدة عسكرية أشاروا إليها باسم "وحدة الساحات"، وهذا يعني أنه إذا تعرض أحد الأعضاء للهجوم، فإن جميع "الساحات" الأخرى - بما في ذلك إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن والأراضي الفلسطينية – ستنضم إلى الدفاع عنها، وعلى الرغم من وجود بعض النشاط العسكري في كل من هذه الساحات منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن إيران لم تتدخل بشكل مباشر وأن حزب الله اقتصر على إطلاق الصواريخ بشكل منتظم باتجاه إسرائيل من الحدود اللبنانية بدلاً من الغزو البري أو شن هجوم صاروخي أكثر ضخامة. ونتيجة لذلك، لا يزال المراقبون عن كثب للمحور منقسمين بشأن ما إذا كان عقيدة الساحات يتم تنفيذها كما تم تصورها في البداية وأن الحرب لا تزال في مرحلة مبكرة في تصعيد محتمل أوسع نطاقاً، أو ما إذا كان الأعضاء الشيعة الأساسيون في المحور، وخاصة إيران وحزب الله،يحاولون إظهار الدعم لحماس دون الانجرار إلى حرب شاملة. تشير العديد من خطابات نصر الله إلى الاتجاه الأخير، كما هو الحال مع الإشارات الصادرة عن إيران - بما في ذلك منذ الضربات التي شنتها واشنطن في أوائل فبراير على الميليشيات المدعومة من إيران في العراق - بأنها لا تسعى إلى مزيد من التصعيد، وهناك أيضاً دلائل تشير إلى أن قادة حماس في غزة كانوا يتوقعون رداً أقوى من المحور، وخاصة من حزب الله، نظراً لخط اتصالاته الطويل مع إسرائيل وترسانته الهائلة من الصواريخ. وكان الإجماع الأكاديمي عموماً هو أنه على الرغم من أن المحور يضم نواة إيرانية وتنسيقاً إيرانياً، فإن أعضائه لا يتلقون بالضرورة أوامر من إيران بل تتمتع تلك الجماعات التي تبعد مسافة أكبر عن إيران جغرافياً وأيديولوجياً ومذهبياً، مثل حماس والحوثيين، بقدر أكبر من الاستقلال. وعلى النقيض من ذلك، فإن بعض الميليشيات الشيعية الاثنا عشرية، بما في ذلك كتائب حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق، ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالدولة الإيرانية وقيادتها ليس فقط على أساس سياسي وعسكري ولكن على أساس عقائدي أيضًا، لكن هذه الجماعات أيضًا تمتلك مصالحها المحلية ومصادر تمويلها الخاصة، وقد أعلنت المقاومة الإسلامية الجديدة نسبيًا في العراق مسؤوليتها عن العديد من الهجمات على القواعد الأمريكية، وهي على الأرجح مجموعة شاملة تضم ميليشيات شيعية أقدم، مما يؤدي إلى مزيد من الغموض بشأن مستوى التنسيق مع طهران. لعبة يمكن لإيران أن تفوز بها على الرغم من أن البعض في الشرق الأوسط انتقد ميليشيات المحور الإيراني بسبب توسيع نطاق الحرب، إلا أن استطلاعات الرأي ووسائل التواصل الاجتماعي العربية تظهر دعمًا عربيًا كبيرًا لحماس وعقيدتها في المقاومة المسلحة. وتظهر الاستطلاعات نفسها أيضًا انخفاضًا كبيرًا في دعم الولايات المتحدة والأنظمة المرتبطة بها ارتباطًا وثيقًا، بما في ذلك السعودية والإمارات، والأخيرة قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020. في السعودية، تظهر استطلاعات الرأي الآن أن نسبة ساحقة من السكان، أكثر من 90%، تعارض إقامة علاقات مع إسرائيل، وفي مؤشر الرأي العربي لشهر يناير/كانون الثاني، وهو استطلاع أجري في الدوحة وشمل 16 دولة عربية، اتفق أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين على أن وجهات نظرهم تجاه الولايات المتحدة أصبحت أكثر سلبية منذ بدء الحرب. ليس صعبًا أن نفهم كيف تشكلت هذه التصورات، فقد تمكنت إيران وقواتها المحورية من تصوير نفسها كقادة إقليميين والداعمين الأساسيين للفلسطينيين في الوقت الذي ظهرت فيه الحكومات العربية الموالية للغرب وكأنها لا تملك الكثير لتظهره فيما يتعلق بجهودها لوقف الحرب. خذ الحوثيين على سبيل المثال، كانت الجماعة في السابق ميليشيا متمردة غير معروفة في شمال اليمن، وتمكنت من إغلاق الشحن التجاري عبر مضيق باب المندب، حتى في مواجهة القصف الأمريكي والبريطاني المستمر، وقد اكتسبت الحرب المضطربة التي يشنها الحوثيون سمعة جيدة بين السكان العرب الذين لم يدعموهم من قبل أو يدعموا السياسات الأوسع للمحور، وبهذا المعنى فإن الحرب في غزة جلبت قدراً أعظم من الوحدة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ربما أكثر من أي صراع آخر شهده العالم الإسلامي في العقود الأخيرة. ومن عجيب المفارقات هنا أن أكبر المعارضين للمحور في هذه المرحلة هم على ما يبدو الجماعات السنية المتطرفة مثل داعش، وهي الجماعة التي شبهها بعض المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين بحماس نفسها (وقد أثارت هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول مثل هذه المقارنات، على الرغم من إدانة تنظيم الدولة لحماس مرارا وتكرارا لكونها قومية أكثر مما ينبغي وليست عالمية بما فيه الكفاية). وأعلن تنظيم داعش في أوائل يناير/كانون الثاني، مسؤوليته عن تفجير إرهابي واسع النطاق استهدف نصب تذكاري في إيران أقيم تكريما لقاسم سليماني، الجنرال الإيراني والمهندس الرئيسي لمحور المقاومة، الذي قُتل فيه 94 شخصًا وجُرح 284. وجادل داعش بأن زوار قبر سليماني يستحقون الموت لأنهم شيعة وأن التفجير كان هجومًا رمزيًا على سليماني وما يمثله. كان هذا الفعل يبدو وكأن الجماعة السلفية الجهادية تبذل محاولة يائسة لاستعادة أهميتها الإقليمية وإشعال العنف الطائفي بين الشيعة والسُنّة في وقت كان فيه السنة والشيعة متحدين إلى حد كبير. وكانت إدارة ترمب قد اغتالت سليماني عام 2020 بتهمة تنظيم هجمات على المصالح الأمريكية في المنطقة، بالرغم من انه ساعد بين عامي 2015 و2017، في تنسيق الميليشيات العراقية الشيعية إلى حد كبير في القتال ضد داعش إلى جانب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. بعد اغتيال سليماني، اقترحت إيران أنها سترد من خلال تكثيف جهودها لطرد القوات الأمريكية من المنطقة. ومن المفارقة أن التصرفات الأميركية الحالية في الحرب في غزة، بما في ذلك الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل والإجراءات العسكرية والدبلوماسية التي تهدف إلى كسب المزيد من الوقت لإسرائيل، قد تسرع من تحقيق هذا الهدف، حيث أن هناك الآن دعماً متزايداً على مستوى المنطقة لمقاومة الغرب وإسرائيل. وفي الوقت نفسه، لن يكون لدى العديد من المنتقدين المحليين لقوى المحور أي فرصة لتحقيق مكاسب على الأرض طالما أن هذه الشبكة - سواء النظامين الإيراني والسوري، أو الحوثيين، أو حزب الله، أو الميليشيات الشيعية المختلفة في العراق - يمكنها تصوير نفسها على أنها الداعم الحقيقي للفلسطينيين في لحظة صعبة للغاية. لقد اكتسبت قوى المحور من خلال دعمهم لحماس واستعدادهم لتصعيد المقاومة المسلحة قدراً كبيراً من النفوذ في مختلف أنحاء الشرق الأوسط فيما ظلت الحكومات العربية متفرجة إلى حد كبير، وأياً كان ما سيحدث بعد ذلك، فمن المرجح أن تتمتع إيران وحلفاؤها بقدر أعظم من النفوذ والهيمنة، نتيجة لأخطاء الماضي والحاضر التي ارتكبها خصومهم في إسرائيل والغرب. أما بالنسبة للدول العربية المؤيدة للغرب، فسوف يكون لزاماً عليها أن تسعى إلى سد الفجوة المتزايدة الاتساع بين سياساتها وتعاطف مواطنيها، ويتعين عليها ان تضغط بشكل عاجل من أجل التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، خشية أن يجدوا أنفسهم في مواجهة موجة جديدة من الانتفاضات العربية بسبب إهمال القضية. اما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد يكون تأكيد قوتها العسكرية من خلال شن ضربات دقيقة على أهداف الميليشيات خيارًا مُرضيًا، ولكن بات من الواضح على نحو متزايد أنه سيكون من المستحيل بالنسبة لواشنطن أن توقف التصعيد الإقليمي ما لم تتمكن من تأمين وقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء الاحتلال، وأخيراً إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة. في غياب مثل هذه الخطوات الملموسة وذات المصداقية، فإن القوى الإقليمية سوف تستمر في استخدام القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسبها الخاصة. ومع ذلك، فمن الصعب أن نتصور قيام دولة فلسطينية، ناهيك عن النجاح في بقائها، إذا لم تكن مدعومة من جميع الفصائل الفلسطينية وجميع القوى الإقليمية الكبرى، بما في ذلك السعودية والدول العربية الأخرى، وتركيا وإيران وقوى المحور وإلا فإن قائمة المفسدين قد تكون لا نهاية لها. إن العقبات التي تعترض مثل هذا النهج هائلة، خاصة في ضوء الموقف المعلن للحكومة الإسرائيلية بشأن هذه المسألة، ولكن في غياب مثل هذا الحل العادل ويشمل القاعدة العريضة للقضية الفلسطينية، فإن الشرق الأوسط لن يتمكن أبداً من تحقيق السلام الدائم أو ذلك النوع من التعاون السياسي والاقتصادي الذي طالما حلم به كثيرون وسيكون البديل هو دورة لا تنتهي من العنف، وتراجع النفوذ الغربي وشرعيته، وتزايد خطر نشوب حرب أوسع نطاقا، وخطر قيام منطقة تتكامل بطريقة مختلفة تماما لتتحول إلى منطقة معادية بشكل أساسي للغرب نفسه. +
توبي ماثيسن هو محاضر أول في الإسلام العالمي في جامعة بريستول ومؤلف كتاب الخليفة والإمام: صناعة السنة والشيعة.







Matúš Štulajter
قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية،
كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية،
- ماتيوس شتولاتشتر –
ماتيج- جامعة بيل في بانسكا بيستريتسا ، الجمهورية السلوفاكية


مجلة العلوم الحديثة /2017، ص ص 325-335

مشكلة تطبيق القانون الدولي – تحليل آليات تطبيق القانون في الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية
النص الأصلي
Problem of enforcement of an international law – analysis of law enforcement mechanisms of the United Nations
and the World Trade Organization


Matúš Štulajter, دكتوراه. مدرس مساعد في قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ماتيج جامعة بيل في بانسكا بيستريتسا ، كوزمانيهو 1، 974 01 بانسكا بيستريتسا ، جمهورية سلوفاكيا، البريد الإلكتروني: [email protected]
استندت هذه المقالة إلى البحث الذي تم إنجازه عبر مشروع VEGA رقم 1/0949/17

خلاصة
يحلل هذا المقال مشاكل إنفاذ القانون الدولي من حيث المبادئ الأساسية للقانون الدولي والدول ذات السيادة والأمم المتحدة. إن مسألة إنفاذ القانون لا تمثل مشكلة في الدول الفردية فحسب، بل في الأمم المتحدة أيضًا. وبالتالي، فإن عملية التسوية السلمية للنزاعات برمتها من خلال المحاكم على وجه الخصوص، لا أهمية لها إذا كان القرار النهائي الذي لا تريد الدولة الخضوع له وتفشل في تنفيذه. ومن ناحية أخرى، تمثل آليات إنفاذ القانون وقدرات منظمة التجارة العالمية نظامًا معقدًا من القواعد الإجرائية للإكراه، والتي يمكن أن تكون بمثابة مثال لابتكار إجراءات إنفاذ القانون في الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة وتطبيق القانون
إن أحد أكبر التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي هو عدم الالتزام بالالتزامات الدولية بشكل عام. ومن أوجه القصور الجزئية، ولكن البالغة الأهمية، عدم الامتثال واحتمال عدم إمكانية إنفاذ أحكام محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. إن مشكلة إنفاذ الأحكام القضائية داخل النظام المؤسسي والحل السلمي للمنازعات الدولية بالأمم المتحدة هي ظاهرة تهدد نزاهة وسلطة واستمرارية هيئة قضائية دولية ( عمرو ، 2003). وبالمثل، فإنه يقوض ويضعف أيضًا استقرار الإجراءات القضائية الدولية ككل، وربما السلام والأمن الدوليين. أحد المبادئ الأساسية المتعلقة بالامتثال للالتزامات القائمة في العلاقات الدولية هو مبدأ العقد والعقد وما يتصل به من حسن النية (الامتثال للالتزامات بحسن نية). وهي منصوص عليها في عدة وثائق دولية مثل المادة 26 من اتفاقية فيينا للقانون التي تم اعتمادها في 6 مايو 1969. ووفقاً لهذه المادة، فإن أي اتفاق فعال ملزم بين الأطراف والالتزامات الناشئة عنه يجب أن يتم بحسن نية. تشكل هذه الشروط والمبادئ جزءًا من الأساس والأداء السليم للعلاقات الدولية والتعاون بين الدول باعتبارها أشخاصًا للقانون الدولي. ومع ذلك فإن الاعتراف العالمي بهذا المبدأ يعود إلى تاريخ اعتماد ميثاق الأمم المتحدة باعتباره الوثيقة الأساسية التي تحكم عمل الأمم المتحدة. وبموجب المادة 26 ويتعين على جميع الدول الأعضاء، في سبيل القيام بالحقوق والالتزامات والحصول على المنافع الناشئة عن هذه العضوية، أن تمتثل بحسن نية لالتزاماتها الدولية بموجب الميثاق. وينطبق هذا الالتزام على أي اتفاق دولي وينبغي القيام به بشكل عام. ومع ذلك، يوجد بالفعل في الميثاق نفسه نص يضع هذا المبدأ في إطار المثالية، بحكم القانون المنشود.
واحتكار تنفيذ أحكام محكمة العدل الدولية يقع ضمن اختصاص مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. الحكم الأساسي الذي يتعلق بهذه المسألة هو المادة 94، الفقرة. 2 والتي بموجبها، إذا فشلت الدولة في الامتثال، فإن مجلس الأمن، في ظل ظروف معينة (بموجب مبادرة مقدم الطلب) يمنح الحق في استخدام الإكراه لاتخاذ القرار الذي تم اتخاذه بالفعل. الشكل النهائي المذكور أعلاه لم يسبقه تفاعل مختلف الجهات الفاعلة في العلاقات الدولية، والتي كان من المفترض أن يكون لها تأثير حاسم. بدأ الأمر بمؤتمر في سان فرانسيسكو، شارك فيه مختلف مجموعات العمل لإعداد الميثاق والنص. وشددت اللجنة الثالثة، التي تناولت وضع وأنشطة ممثل النرويج في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على الحاجة إلى زيادة الاهتمام بالتراكم المحتمل لأحكام عدم الامتثال والأحكام غير القابلة للتنفيذ الصادرة عن محكمة العدل الدولية المستقبلية وقراراتها ( أوراخاشفيلي ، 2011 ويعتقد المسؤولون النرويجيون أن ما يسمى بالتنفيذ التلقائي أو تنفيذ الحكم عن طريق التدابير المضادة لاحتمال استخدام القوة من جانب الدولة المضرورة ينبغي استبعاده من التشريعات المستقبلية. واقترحوا أن يتم تفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالطرق المناسبة لتنفيذ أي قرار نهائي بين الدول التي ستطرح قضية العدالة في المحكمة الدولية في المستقبل والتي يعترف المتقاضون باختصاصها القضائي (Orakheshivli, 2011). لكن الاقتراح النرويجي لم يؤخذ بعين الاعتبار،و سعى الوفد الكوبي، في اقتراحه، إلى تعديل أحكام المادة 13 من ميثاق عصبة الأمم (فيرينتش، 1984). واقترح أعضاء الوفد الكوبي أنه "في حالة وجود التزام ناجم عن حكم صادر عن المحكمة، فإن العمل داخل المنظمة يتمتع بسلطة مجلس الأمن لتقديم توصيات أو اتخاذ تدابير محددة من شأنها أن تساهم في تنفيذ قرار معين". والأهمية الكبرى للاقتراح هي الصياغة التي استخدمت (يجب)، وهو ما يعني ضمناً التزام مجلس الأمن بالتصرف إذا لم يكن هناك امتثال للقرار. ومع ذلك، فإن الموقف الكوبي في عملية المفاوضات وفي المجتمع الدولي عمومًا، كان ضعيفًا جدًا مقارنة بالقوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، من أجل تنفيذ الاقتراح. ولكن بعد ذلك، في المراحل التالية من المفاوضات حول الشكل النهائي للجنة الأمم المتحدة الرابعة، بقيادة ممثلين عن القوى الكبرى تم استبدالها بالصيغة الاختيارية المقترحة (ربما، قد) ( فيرينتش ، 1984 وهذا يدل بوضوح على الذرائع والجهود الرامية إلى الحد من تدخل الدول الأخرى في احتكار المجتمع الدولي للسلطة في العالم (ممثلا بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي - وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي)، إذ لا يزال الأمر في أيديهم. الاستخدام التقديري لتدابير عدم الامتثال للالتزام الدولي لا يقتصر على قرار محكمة العدل الدولية.
وبذلك أنهت المفاوضات هذه "التسوية" وصياغة المادة 94. 2 (وخاصة عبارة: "عندما ترى ذلك مناسباً")، والتي يمنح نصها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خيار اتخاذ الخطوات اللازمة لإنفاذ الواجبات. ناشئة عن الحكم أم لا. ويعتقد بعض المؤلفين مثل شبتاي روزن أن النص النهائي جاء نتيجة الخوف من تدخل السلطات السياسية في هذه العملية (روزن، 2006). وإلا فكيف سيكون من الممكن إنشاء آلية فعالة لحل هذه المشكلة دون صياغة واجب صارم لمجلس الأمن للتصرف في حالة عدم الامتثال؟ أظهرت ممارسات عصبة الأمم (على الرغم من كونها فردية) ونظامها أن مثل هذه الصياغة الخيرية ليست فعالة. وبموجب المادة 13 من ميثاق عصبة الأمم كان مجلس الأمن هو الأول في تاريخ المنظمة العالمية الذي يحق له اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ قرار معين صادر عن محكمة العدل الدولية الدائمة.، ولا سيما الأطراف لاقتراح إمكانية حلول للنزاع. في نزاع غابات رودوبي الوسطى بين اليونان وبلغاريا في عام 1933، طُلب من أول مجلس أمن سابق للأمم المتحدة أن يقترح الخطوات اللازمة لإلزام بلغاريا بتنفيذ قرار المحكمة (شولت، 2004). وفي نهاية المطاف، أصبح مجلس الأمن في حالة ركود وظل النزاع دون حل.
ووفقاً لصيغة الفقرة 2 من المادة 94، فإن مجلس الأمن مخول بالتصرف بمبادرة من الطرف المتضرر. ويترتب على ذلك أنها ليست مختصة بالتصرف ما لم تكن هناك شكوى محددة من الضحية مما يضعها في موقف الكيان غير التلقائي الذي يحق له إنفاذ القانون الدولي ( روزين ، 2006). ومن هذا المنطلق يتضح أن الطرف الذي يطلب الأداء هو وحده الذي يجوز له أن يطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اتخاذ إجراء في حالة الفشل. ومع ذلك، قد يحدث أن يكون المتقاضون مدعى عليهم بشكل متبادل ومقدم الطلب، والعكس صحيح، وبالتالي تتاح لهم الفرصة لتقديم اقتراح للعمل من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وحدث مثل هذا الوضع في النزاع بين نيجيريا والكاميرون عام 2002. وكان جوهره أنه بعد حكم الكاميرون اضطرت إلى سحب قواتها العسكرية من المناطق الواقعة على طول بحيرة تشاد وشبه جزيرة باكاسي ، وهو الأمر الذي وفقا لحكم محكمة العدل الدولية. العدالة تكمن في منطقة تمارس فيها نيجيريا السيادة الحصرية ( روزين ، 2003). ومع ذلك، فقد ارتكبت نيجيريا، بموجب الحكم، إجراءً مماثلاً عندما كانت قواتها متمركزة في الجزء المتبقي من شبه الجزيرة، الذي كان يخضع للولاية القضائية الحصرية للكاميرون. وأي خرق أو فشل في الحكم من شأنه أن يبرر للمتقاضين استرداد مطالباتهم من خلال الآلية المشار إليها في المادة 94.2 من ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي سيكون إشكاليا للغاية. في هذه الحالة، من المهم الإشارة إلى أنه من المؤسف للغاية أن يتم تمكين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من التصرف فقط بناءً على مبادرة طرف واحد أو ربما طرفين.
وكما قد يبدو، لا يجوز لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتخذ إجراء في حالة عدم الامتثال وعدم إنفاذ قرار محكمة العدل الدولية، إلا بموجب أحكام الفقرة 2 من المادة 94 من الميثاق. ماذا سيحدث في حالة أن عدم الامتثال للالتزامات بموجب القرار يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين؟ هناك وجهتان نظريتان حول هذه المسألة. الأول هو رأي خبير القانون الدولي د. باسفولسكي ، الذي ادعى في عام 1945 أنه في حالة وجود تهديد من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا يمكنه التصرف وفقًا للفقرة 94 الفقرة 2 دون تحديد التهديد الذي يهدد السلام والأمن وفقًا للمادة 39 من الميثاق. ثانيًا، هناك وجهة نظر متناقضة تم توضيحها في دراسة حديثة أجراها البروفيسور موسلر مفادها أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يجوز له التصرف دون تعريض الأمن للخطر وفقًا للمادة 39، إذا كانت هناك تدابير منصوص عليها في المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة (in: Schulte) (2004) ومع ذلك، إذا كانت هناك حاجة إلى استخدام القوة في سياق التزام غير دولي، فيجب على مجلس الأمن أن يتصرف بموجب المادة 94 الفقرة. 2 (مقترح من الخصم)، سيكون من الضروري اتخاذ الإجراء بموجب المادة 39 من الميثاق، مما يعني أنه يمكن أن يتصرف بشكل مستقل ودون مساعدة من المتقاضين. وفي رأيي أنه إذا كان الأمر يشكل تهديداً للسلم والأمن بموجب ميثاق الأمم المتحدة فإن من المبادئ الأساسية تفويض صلاحيات معينة إلى السلطات لممارسة صلاحياتها. ولذلك فإن مجلس الأمن لا يقتصر في رأيي على مطالبة الدولة بتنفيذ التدابير اللازمة عند انتهاك التزام دولي، والذي يشمل أيضًا عدم الامتثال لحكم محكمة العدل الدولية. لكن هذا يتعلق بالإجراءات المرتبطة باستخدام القوة، إذ إن مجلس الأمن وحده هو الذي يحتكر منح الإذن باستخدامها (إذا لم نحسب إمكانية الدفاع عن النفس ). ونتيجة تحليل هذه النظريات هي الفرضية القائلة بأنه يجوز لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتخذ إجراء في حالة عدم الامتثال لقرار محكمة العدل الدولية بموجب المادة 94. 2 بشكل مستقل عن الأحكام الأخرى للميثاق (اختر التدابير اللازمة التي في وسعها) إلى أن لا يكون هناك موقف يكون فيه من الضروري استخدام القوة، أي أن الإجراء سيكون ضروريًا بموجب المادة 39 من الميثاق والتحديد الأول لوجود تهديد للسلام والأمن والتنفيذ اللاحق للقوة تدابير استخدام القوة وفقا للمادتين 41 و42.
العامل الأكثر تقييدًا هو عملية صنع القرار الفعلية لقرار مجلس الأمن الذي يأذن للعضو الدائم باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار. وهذا يعني أن مجرد قرارات التنفيذ محدودة برغبة بعض الدول (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا). يحق لكل من هذه الدول منع تنفيذ التدابير بموجب المادة 94 الفقرة. 2. مسألة أخرى إشكالية هي أنه إذا كان عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طرفا في النزاع، يجب عليه اتخاذ القرار المشار إليه في الحكم. وبالتالي فإن المصلحة الوطنية لهذه الدول قد تتجاوز المصلحة العالمية، أي الامتثال للالتزامات الدولية، بما في ذلك الامتثال لحكم محكمة العدل الدولية. قد يكون سبب هذه الدول هو عملية صنع القرار الفعلية لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ليس فقط بشأن استخدام القوة في العلاقات الدولية، ولكنها قد تفشل أيضًا في تطبيق التدابير القسرية للامتثال المشار إليها في الحكم. من وجهة النظر التاريخية، في عمل الأمم المتحدة، كانت هناك عدة حالات مماثلة، أي تضارب المصلحة الوطنية مع مصلحة المجتمع الدولي في الوفاء بالالتزامات الدولية، مما يقلل في نهاية المطاف من درجة إنفاذ القانون الدولي واحترامه. للالتزامات الناشئة عن حكم محكمة العدل الدولية.
منظمة التجارة العالمية وتطبيق القانون
وعلى عكس الأمم المتحدة، يوجد نظام فعال لإنفاذ القانون في واحدة من أهم المنظمات الدولية الحكومية (منظمة التجارة العالمية)، والذي يمكن أن يكون بمثابة مثال للتعديلات النهائية لمنظومة الأمم المتحدة. وشكلت منظمة التجارة العالمية آلية يمكن من خلالها تسوية أي نزاع تجاري، بما في ذلك نظام تستطيع المنظمة من خلاله تنفيذ قراراتها، وخاصة إجراءات إنفاذ القانون. يتم توفير قواعد تسوية المنازعات والإنفاذ في الملحق 2 من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية المتعددة الأطراف بشأن التجارة في السلع بعنوان "فهم القواعد والإجراءات التي تحكم تسوية المنازعات"، المستخدمة في الاختصار الإنجليزي DSU (تفاهم تسوية المنازعات) (دفوراك، 1999).
تلعب DSB (هيئة تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية) دورًا رئيسيًا في إنفاذ قانون منظمة التجارة العالمية. وفي عملية التنفيذ، يؤدي جهاز تسوية المنازعات دور الوصي على الامتثال للقواعد واحترام الالتزامات المنصوص عليها في القرارات (Collier, Vaughan Lowe, 1999). ويشرف جهاز تسوية المنازعات على تطبيق وتنفيذ التدابير المفروضة ويضع حدودا زمنية كافية لهذا الغرض. وأخيرًا وليس آخرًا، هناك فحص على أكتاف جهاز تسوية المنازعات لمعرفة ما إذا كانت أطراف النزاع تتصرف وفقًا للقرارات وما إذا كانت تفي طوعًا بالالتزامات المفروضة أو تحترم القيود المقررة. وبالإضافة إلى التنفيذ الفعلي، يتعين على أطراف النزاع تقديم تقارير منتظمة حول كيفية تنفيذ تدابير التنفيذ. ومع ذلك، يجوز لهم أيضًا تقديم ملاحظاتهم بشأن تدابير التنفيذ أثناء مفاوضات جهاز تسوية المنازعات. وبالإضافة إلى ذلك، يجب إيلاء اهتمام خاص للتعليقات التي قدمتها البلدان النامية. في حالة فشل الدولة طوعًا في الالتزام بقرار هيئة المحلفين/هيئة الاستئناف، يجوز لجهاز تسوية المنازعات سحب المزايا أو الامتيازات الناشئة للدولة من الاتفاقيات أو أوامر التعويض (Van Graastek , 2013). إن تعليق المزايا ليس له تأثير قمعي فحسب، بل له أيضًا تأثير وقائي مزدوج. وحتى إذا كانت الدولة التي تم تعليق فوائدها تتصرف بشكل قمعي وتعاقبها على فعل مخالف للمعايير القانونية، فإنها تتصرف في شكل منع فردي، حيث يثبط المتعدي مثل هذا السلوك في المستقبل (فيكونيا، 2004). وفيما يتعلق بالمنع العام، فإن فرض تدبير جزائي مماثل يشجع أيضا الأعضاء الآخرين في منظمة التجارة العالمية على الامتناع عن القيام بذلك في المستقبل، وبالتالي تجنب عواقبه السلبية على اقتصادهم (فيكونيا، 2004). بالنسبة للدولة العضو التي لا تمتثل لقرار جهاز تسوية المنازعات، بعد فرض هذا الإجراء الجزائي، تنشأ حقوق والتزامات إضافية. أولاً، تكون الدولة التي لا تقبل طوعًا قرار هيئة المحلفين أو هيئة الاستئناف الدائمة ملزمة بالتفاوض مع الدولة بعد انقضاء الموعد النهائي لتنفيذ التدابير المطلوبة، على أن يكون موضوع المفاوضات هو الاتفاق على تسوية المشكلة. القضايا المتنازع عليها بالإضافة إلى طريقة ومبلغ التعويض عن الضرر الذي لحق به (Collier – Vaughan Lowe, 1999). إذا لم يتم التوصل إلى الاتفاقية خلال فترة 20 يومًا، فإن DSU يمنح الطرفين نفس الحق في بدء إجراء لتعليق فوائد الإطار القانوني لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
سيأخذ جهاز تسوية المنازعات في الاعتبار طبيعة العقوبة المفروضة في عدة جوانب، وتسلسل إجراءات العقوبات بموجب المادة. 22 قدم المساواة. (3) من تفاهم تسوية النزاعات (DSU)، حيث من المرجح أن يكون معيار التقييم هو مدى وخطورة انتهاك الدولة المخالفة لقانون منظمة التجارة العالمية ومدى وطبيعة الأضرار التي لحقت بصاحب الشكوى (Van Graastek , 2013). تحتوي هذه المادة على حساب ضريبي للعقوبات التقييدية المحتملة، مع ذكر المعيارين الأساسيين، في رأيي، ليس فقط عواقب مثل هذا الإجراء على اقتصاد الدولة، ولكن أيضًا أهمية فرض عقوبة محددة على القطاع المتضرر بالنسبة للعضو. الدولة (كولير - فوغان لوي، 1999). ومن حيث المبدأ، يجب فرض العقوبات في نفس القطاع الذي وقع فيه النزاع. إذا لم يكن هذا عمليا أو إذا لم يكن هذا الإجراء فعالا، فقد يتم فرض عقوبات في قطاع آخر من نفس الاتفاقية. وإذا لم يكن هذا أيضًا فعالاً أو كافيًا للتعويض وكانت الظروف خطيرة للغاية، فقد يتم فرض هذا الإجراء بموجب أي اتفاقية لمنظمة التجارة العالمية.
نتيجة إجراءات التحكيم هي:
1) التوصية بتعليق الامتيازات بالمستوى المقترح.
2) لجعل التدابير المضادة المقترحة تتماشى مع مبادئ إنشائها بموجب المادة. 22 قطعة . المادة 3 د.) لتسوية المنازعات.
3) رفض المقترح لعدم ملائمته والتوصية بتعديل المقترح.
لم يعد من الممكن الطعن في قرار المحكم وأصبح نهائيا. ولا يجوز للأطراف الطعن فيه. وفي نهاية المطاف، ينبغي التذكير بأن الآلية المحددة لإنفاذ قانون منظمة التجارة العالمية منصوص عليها في المادة. 24 DSU تحت عنوان "الإجراء الخاص المتعلق بالدول الأعضاء الأقل نمواً"، حيث الصلابة غير الكافية التي تحددها القواعد بموجب المادة. 22 DSU والشروط المحددة لفرض عقوبات على البلدان النامية.
الاستنتاج - الآثار المترتبة على قواعد DSU لنظام إنفاذ القانون في الأمم المتحدة
أكبر مشكلة في مجال الحل السلمي للنزاعات هي عدم وجود آلية أكثر كفاءة داخل النظام المؤسسي، وغياب التقدم وتطبيق تدابير محددة. وبينما يسميها ميثاق الأمم المتحدة، لا يوجد قانون دولي ينص على طرق وإجراءات فعالة محددة للتعامل معها. ومن المؤكد أن التضمين الدقيق للمسار والمواضيع وآليات حلها في الميثاق أو في أي اتفاقية أخرى سيجعل عملية تسوية المنازعات الدولية أكثر كفاءة. المغزى الأول لنظام حل المنازعات التابع لمنظمة التجارة العالمية يتلخص في إنشاء هيئة مستقلة تابعة للأمم المتحدة تنقسم إلى عدة أقسام وفقاً للنزاع الدولي (استخدام القوة، والنزاعات الحدودية والإقليمية، والنزاعات البيئية، وما إلى ذلك). إن إنشاء مثل هذه الآلية سيكون قادرًا على الاستجابة بشكل أكثر فعالية للصراعات الدولية بالتعاون مع قوة إنفاذ القانون الدولية. في سبل الانتصاف القضائية للنزاعات الدولية، من المهم للغاية التفكير في وضع وأنشطة محكمة العدل الدولية باعتبارها أعلى هيئة قضائية داخل الأمم المتحدة وفعالية إجراءاتها. المشكلة الأكبر هي محدودية أنشطتها بسبب غياب الولاية القضائية الملزمة والنظام القسري المركزي، في ظل عدم وجود طرف في الالتزام بالالتزام المنصوص عليه في MSD. الدافع الثاني لتسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية هو، على وجه الخصوص، الإنشاء الإلزامي للولاية القضائية في حالة وجود نزاع دولي ومعالجة أكثر تفصيلاً للشروط الإجرائية والقواعد الإجرائية في محكمة العدل الدولية. كما هو مذكور في الجزء من المقالة الذي يتناول إنفاذ أحكام MSD، يجوز للدولة، ولكن ليس من الضروري، أن تتعامل مع نزاعاتها الدولية من خلال إجراءات المحكمة، كما أن تطبيق العديد من أنواع التحكيم الدولي (على الرغم من شعبيته المتزايدة) لا ينطبق لديها آليات لتنفيذ نتائج التحكيم. وتمشيا مع منظمة التجارة العالمية، سيكون من الضروري إنشاء لجنة مستقلة ومحايدة لا تكون قادرة على إجبار الدول على حل نزاعاتها من خلال MSD فحسب، بل أيضا على التصرف في حالة مرتكب الجريمة من خلال آليات عقابية فعالة قادرة على جعله يمتثل. مع الالتزام المنصوص عليه في الحكم. ولكن هنا تكمن المشكلة الكبرى وهي أن عضوية منظمة التجارة العالمية في منظمة التجارة العالمية تجلب له، على وجه الخصوص، المزايا الاقتصادية التي تجعله خاضعاً للسوابق القضائية. ويمكن قول الشيء نفسه قياساً على نظام إنفاذ قانون الاتحاد الأوروبي ومشاركة المفوضية الأوروبية في هذه العملية بالتعاون مع محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، من عضوية الاتحاد الأوروبي، هناك عدد من الفوائد الاقتصادية وغيرها أكبر من المستويات العالمية والمتخصصة، لذلك يعتبر نظام قابلية التنفيذ هذا فعالاً للغاية.
ومع ذلك، ونظرا لهيكل السلطة الحالي داخل الأمم المتحدة، فمن الممكن فقط الجدال حول الابتكارات والتغييرات المقترحة. تشير الأحداث الحالية في أوكرانيا وسوريا بوضوح إلى أنه من الضروري تصور تعديل ميثاق الأمم المتحدة، وعقوباتها وآليات إنفاذها، وتوسيع وتوضيح التعاون مع المنظمات الدولية الأخرى في عملية إنفاذ القانون الدولي . وبأخذ مثال من التاريخ، أدرك المجتمع الدولي، بعد حربين عالميتين، الحاجة إلى إنشاء منظمة عالمية لحماية السلام والأمن الدوليين. ولا يزال من المأمول ألا يحدث أي صراع عالمي آخر، وألا يتم إصلاح الأمم المتحدة بشكل مدمر، بل بطريقة تدريجية وتوافقية.
مراجع:
عمرو ، MS (2003). دور محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز الرئيسي للأمم المتحدة، لاهاي: كلوير للقانون الدولي، ص. 439. ISBN 90-411- -2026-2.
كولير، جي جي، فوغان لوي، أ. (1999). تسوية المنازعات في القانون الدولي: المؤسسات والإجراءات، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد. ردمك 9780198256694
دفورجاك ، ب. (1999). زاكلادي mezinárodní obchodní سياسة ، براغ : فيسوكا سكولا الاقتصاد في برازي . ردمك 80-7079-658-8.
فيرينكز ، بب (1984). إنفاذ القانون الدولي – طريق إلى السلام العالمي، نيويورك: منشورات أوشيانا، ص. 447. ISBN 0-379-12147-6. 128.
أوراخيلاشفيلي ، أ. (2011). الأمن الجماعي، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص. 382. ردمك 9780199579846.
بالمتر ، د.ن.، مافروديس ، بيسي (1999). تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية: الممارسة والإجراءات، واشنطن: سبرينغر. ردمك 978-9041106346.
روزين ، س. (2006). قانون وممارسة محكمة العدل الدولية، ليدن: دار نشر بريل الأكاديمية. ردمك 90-04-13958-3.
روزين ، س. (2003). المحكمة العالمية: ما هي وكيف تعمل، ليدن: دار نشر بريل الأكاديمية، ص. 327. ردمك 10: 90-04-13958-3.
شولت، سي. (2004). الامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص. 485. ردمك 10: 0199276722.
فان جراستيك ، سي. (2013). تاريخ ومستقبل منظمة التجارة العالمية، جنيف: أطار روتو اضغط على SA. ردمك 978-92-870-3871-5. فيكونيا ، FO (2004). تسوية المنازعات الدولية في مجتمع عالمي متطور، كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج . ردمك 0-521-84239-5.
-----------------------------------------------------------------------------------------






زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135



#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار- العدد 84
- المسار 81
- المسار 79
- المسار- العدد 72
- المسار- العدد 71
- المسار- العدد 70
- المسار- العدد 69
- المسار- العدد 68
- المسار- العدد 67
- المسار- العدد 66
- المسار- العدد 65
- المسار- العدد 64
- المسار- العدد 63
- المسار- العدد 62
- المسار- العدد 61
- المسار- العدد 60
- المسار- العدد 59
- المسار- العدد 58
- المسار- العدد 57
- المسار- العدد 56


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 85