أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 59















المزيد.....



المسار- العدد 59


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 7123 - 2021 / 12 / 31 - 13:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




العدد (59)- كانون الأولديسمبر2021
---------------------------------------------------------------------------------
الافتتاحية:
- الدور السلبي للاسلاميين في المعارضة السورية -


عندما انتخب شكري القوتلي رئيساً للدولة السورية من قبل البرلمان عام 1955 كان ذلك كسراً للقاعدة السورية: «من يخسر لا يعود لمركزه السابق ولا ينجح ان حاول الرجوع»، بعد ست سنوات من إطاحة حسني الزعيم به في أول انقلاب عسكري سوري.
حكمت هذه القاعدة الملك فيصل بن الحسين الذي خسر إثر (معركة ميسلون) حكم دمشق عام 1920، وقد حاول بعد توليه في العام التالي حكم العراق هو ومن خلفه من الهاشميين في بغداد حتى عام 1958 العودة إلى حكم دمشق تحت شعار «الهلال الخصيب» من دون نتيجة. لم يستطع القوتلي الاستمرار في منصبه وذهب تحت ضغط العسكر وحزب «البعث» وسلم عاصمة الأمويين لعبد الناصر عام 1958.
كان الظن بعد هزيمة (جماعة «الإخوان المسلمين» في سورية) في أحداث 1979 ــ 1982 بأنها لن تستطيع تصدر المشهد السياسي السوري المعارض ثانية، وبأنها قد فقدت حظوظ الوصول إلى السلطة: عندما قدمت الجماعة وثيقتي «ميثاق الشرف الوطني» و«المشروع السياسي لسوريا المستقبل» بعامي 2001 و2004 كان هناك ترجيحات في المعارضة السورية اليسارية بأن «الإخوان» قد استخلصوا دروس هزيمة حماة عبر البعد عن نزعة العسكرة وأنهم في اتجاه نحو الإيمان بالتعددية الفكرية ــ السياسية. شاركت الجماعة في تأسيس «إعلان دمشق» مع طيف واسع من المعارضة السورية في 16 تشرين أول 2005 ولكنهم من دون أن يطلعوا حلفاءهم قاموا بقفزة مفاجئة في شباط 2006 عبر الاتفاق مع نائب الرئيس السوري المنشق عبد الحليم خدام لتأسيس تحالف سياسي جديد، ثم من أجل خلع هذا القميص الجديد ونحو محاولة الاتفاق مع السلطة السورية، عبر جهود من رجب طيب أردوغان وخالد مشعل، استغلوا حرب غزة وأعلنوا «تجميد نشاطهم المعارض» في كانون الثاني 2009. لما فشلت تلك المساعي قام «الإخوان» بخلع القفازات الناعمة التي كان يمثلها المراقب العام للجماعة علي صدر الدين البيانوني وانتخبوا قيادة متشددة من حمويين ثلاثة: رياض الشقفة مراقباً عاماً، وفاروق طيفور نائباً للمراقب العام، ومحمد حاتم الطبشي رئيساً لمجلس شورى الجماعة، أثناء اجتماع في آب 2010 جرى في تركيا، وهم ثلاثتهم تلاميذ لمروان حديد وسعيد حوى اللذين قاما بالتنظير للسلاح المعارض الإسلامي في السبعينيات.
على الأرجح كان هذا الاجتماع في تركيا مؤشراً على غيوم اعترت العلاقات التركية ــ السورية التي بدأت في عام 2004 بأجواء جديدة لم تشهدها علاقات دمشق وأنقرة منذ عام 1946.عندما انفجر الوضع الداخلي السوري مع درعا في 18 آذار 2011 كان الكثير من المعارضين تتملكهم الخشية من أن يحاول «الإخوان» أو «السلفيون الجهاديون السوريون» الذين برزت قوتهم في عراق ما بعد التاسع من نيسان 2003، أسلمة الحراك السوري المعارض واقتياده إلى السلاح. زادت هذه الخشية عندما كان الإسلاميون، وتابعوهم من «الليبراليين الجدد»، وراء فشل تشكيل «جبهة عريضة معارضة» من خلال محادثات جرت حول وثيقة حوارية للمعارضة وضعت في التاسع من أيار2011 ثم كانا، أي «الإخوان» و«اعلان دمشق»، وراء فشل محادثات الدوحة في الأسبوع الأول من أيلول 2011 مع «هيئة التنسيق» لما أصرّا في الوثيقة التي تم التفاوض حولها على رفض تضمين أي كلام يتضمن «رفض العنف المعارض ورفض التدخل العسكري الخارجي.
في تشرين أول 2011، وبعد أيام قليلة من تشكيل «المجلس الوطني السوري» في الثاني من ذلك الشهر في اسطنبول، أخذ مجلس شورى جماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا قراراً بالعمل المسلح مثل قرار مشابه أخذه مجلس شورى «التنظيم العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا» في نيسان 1979 أي قبل مجزرة مدرسة المدفعية في حلب، يوم 16 حزيران 1979 والتي نفذها تنظيم الطليعة لجماعة «الإخوان» قبل أن يتحد مع «التنظيم العام» و«تنظيم الطلائع الإسلامية» بقيادة عصام العطار في «مؤتمر الوفاق» في كانون أول 1980. يبدو أن القراءة الإخوانية كانت بأن دمشق لن يتكرر بها سيناريو تونس 14 كانون الثاني 2011 والقاهرة 11 فبراير 2011 عندما الشارع أسقط الحاكم، بل يمكن أن تكون هناك «محاولة سورية» لتكرار السيناريو الليبي عندما قاد «العنف المعارض» ضد القذافي إلى استجرار التدخل العسكري الخارجي لحلف «شمالي الأطلسي». كان فاروق طيفور في خريف 2011 هو المتحكم بالمال القطري والموزع له تحت رعاية تركيا وكان هو الذي يجبر التشكيلات العسكرية المعارضة، وخصوصاً للمنشقين عن الجيش السوري النظامي، على أسماء إسلامية لهذه التشكيلات وعلى الانضواء تحت أجندات الإسلاميين.
لم يتحقق السيناريو الليبي في سوريا وقد طالب رياض الشقفة بمؤتمر صحافي يوم 18 تشرين ثاني 2011 بتدخل عسكري تركي في محاولة لوضع أردوغان في سوريا بموضع كأنه ساركوزي في ليبيا قبل أشهر (تحت قيادة من الخلف أميركية وفق تعبير أوباما). يبدو أن الفيتو الروسي في مجلس الأمن يوم الرابع من تشرين الأول 2011 ثم إرسال قطع الأسطول الروسي للبحر الأسود إلى طرطوس بعد أسبوع من طلب الشقفة قد منعت ذلك. كانت الأجواء تقول بقرب وصول «الإخوان المسلمين» إلى السلطة في تونس والقاهرة. بعد ثلاثة أيام من صدور «بيان جنيف1» في 30 حزيران 2012، وهو اليوم نفسه الذي تولى فيه محمد مرسي السلطة المصرية، رفض فاروق طيفور عرض ناصر القدوة، نائب المبعوث الدولي كوفي عنان إلى سوريا، بإدراج قبول مؤتمر المعارضة السورية المنعقد في القاهرة في الثاني والثالث من تموز 2012 في بيان جنيف في نص بيان المؤتمر الختامي، وقد شهد تموز 2012 ذروة الجهد العسكري الإسلامي مع سقوط شرق حلب ومع محاولة لاختراق قلب مدينة دمشق عبر هجوم من الغوطة الشرقية تزامن مع تفجير مكتب الأمن الوطني أثناء اجتماع خلية الأزمة في يوم 18 تموز.
كان واضحاً من تدويل الأزمة السورية، ودخول موسكو على خط الدفاع عن السلطة السورية: قال لافروف أمام وفد من هيئة التنسيق في نيسان 2012: «نحن ندافع عن موسكو في دمشق» ــ بأن الموجة الإخوانية ستنحسر في دمشق بعد مدها القوي وتسيدها السلطة في تونس والقاهرة ومشاركتها بالسلطة في صنعاء وطرابلس الغرب، وهذا ليس فقط بحكم الرفض الروسي لتلك الموجة بل أيضاً بحكم الرفض السعودي لتلك الموجة الإخوانية التي كان يتزعمها أردوغان، حيث لم ينسَ آل سعود مصير الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى التي دمرها محمد علي باشا الحاكم المصري عام 1818 بأمر السلطان العثماني. انضمت واشنطن، بعد قبول منها بالموجة الإخوانية إثر سقوط حسني مبارك يوم 11 شباط 2011، إلى رافضي ونابذي تلك الموجة الإخوانية إثر قتل الإسلاميين الليبيين للسفير الأميركي في ليبيا في بنغازي يوم 11 أيلول 2012، وهو ما حكم مصير «الإخوان» بالسقوط في القاهرة وتونس عام 2013 ونزع الملف السوري من أيدي تركيا وتسليمه الى روسيا منذ اتفاق السابع من أيار 2013 في موسكو بين كيري ولافروف.
منذ عام 2013 كان واضحاً غروب شمس الأصولية الإسلامية الإخوانية وبداية تصدر «السلفية الجهادية» للمشهد الإسلامي السوري: كان هناك تنظيمات في الوسط بين «الأصولية» و«السلفية الجهادية»، مثل «لواء التوحيد» و«أحرار الشام»، ولكن كانت تنظيمات «السلفية الجهادية»،مثل «جبهة النصرة» (الفرع السوري لتنظيم القاعدة) و«داعش»، هي الأقوى عسكرياً، وهذا ما جعل الرايات السود متصدرة للعمل العسكري السوري المعارض، وعندما جاء القرار الدولي 2170 في يوم 15 آب 2014، أي بعد شهرين من سقوط الموصل بيد «داعش»، كان واضحاً بأن المجتمع الدولي، وبالذات في الغربين الأميركي والأوروبي، قد أصبح يرى التناقض الرئيسي مع (الرايات السود) التي ضربته في نيويورك 2001 ومدريد 2004 ولندن 2005، وليس مع السلطة السورية.
في أحداث 1979-1982تزعم الاسلاميون المعارضة السورية رغم الوجود القوي للديمقراطيين ضمن المعارضة وخاصة في (التجمع الوطني الديمقراطي".تكررت زعامة الاسلاميين للمعارضة السورية في الأزمة السورية البادئة مع درعا 18آذار2011رغم الوجود القوي للديمقراطيين السلميين والتسوويين من خلال(هيئة التنسيق الوطنية).كانت حلب كانون الأول 2016 هزيمة ثانية للإسلاميين السوريين بعد هزيمة حماة شباط 1982 تلقاها السلفيون الجهاديون بعدما سبقهم إلى ذلك قبل ثلث قرن الأصوليون الإخوانيون: لم تستطع المعارضة السورية،بجناحها السلمي والرافض للعنف، أن تحول من أن تكون حلب كانون أول2016عنواناً لهزيمة المعارضة السورية بأكملها كماكانت حماة شباط1982مع هزيمة الاسلاميين العسكرية هناك عنواناً لهزيمة المعارضة السورية،بجناحيها الاسلامي الديمقراطي،وهو مالم تفق المعارضة السورية من آثاره إلافي بداية الألفية الجديدة.كانت هزيمة الاسلاميين في 1982و2016هزيمة للمعارضة السورية بأكملها مادامت المعارضة الديمقراطية في الحالتين لم تستطع أن تميز نفسها أوتخط مساراً منفصلاً عن الاسلاميين،ولواختلفت معهم في الحالتين ببرنامجها الديمقراطي والسلمي.
بعد حلب كانون أول2016بدأت مسارات هي ترجمة لهزيمة المعارضة السورية بأكملها تمثلت في مسارات أستانا وسوتشي وحتى اللجنة الدستورية التي انبثقت عن مؤتمر سوتشي عام2018 وتبنتها الأمم المتحدة تعد تراجعاً عن بيان جنيف 1 وعن القرار2254وعن المحادثات من أجل الانتقال السياسي التي مثلتها جنيف3في عام2016.يجب اذراك ووعي هزيمة المعارضة السورية في مسار أزمة2011-2021وبناء استراتيجية لمابعد الهزيمة و الفشل.


- "اسرائيل" قوة اقليمية؟ -
- محمد سيد رصاص -
- جريدة"الأخبار"،3122021 -
يشكل يوم 13آبأغسطس2020منعطفاً في تاريخ دولة اسرائيل،عندما اتجهت دولة الامارات العربية المتحدة لاعلان تطبيع العلاقات مع اسرائيل،ليس وفق ماجرى سابقاً من الدول العربية المطبعة (مصر والأردن) ومن ثم منظمة التحرير الفلسطينية من أجل تسوية منفردة للصراع تتضمن انهاءاً لحالة الحرب وتسوية مواضيع تتعلق بالأراضي والحدود،بل هدفت أبوظبي من تلك الخطوة العربي- الاسرائيلي الاستقواء بتل أبيب أمام رياح قادمة عاصفة في حال فوز المرشح الرئاسي الأميركي جو بايدن بالانتخابات بعد ثلاثة أشهر والذي أبدى نية علنية في تجديد الاتفاق النووي مع ايران.تثنى ذلك مع البحرين بعد أربعة أسابيع والتي تشارك الامارات مخاوفها تلك وتزيد عليها أن السلطات الحاكمة في المنامة تواجه معارضة من الاسلام الأصولي الشيعي مدعومة من طهران. كان هناك الكثير من المؤشرات على أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو داعم للخطوتين الاماراتية والبحرانية مادامت الدول الثلاث كانت تخشى من تكرار سيناريو اتفاق أوباما عام2015وتخشى تداعيات خسارة ترامب،الذي سحب التوقيع الأميركي على ذلك الاتفاق،في الانتخابات أمام بايدن،ولكنه لاعتبارات داخلية سعودية لم يجاهر بذلك الدعم ولم يقدم على تثليث خطوتي أوبوظبي والمنامة.في 23تشرين أولأوكتوبر2020قام عسكر السودان ،الذين يسيطرون على مجلس السيادة الحاكم،باعلان تطبيع العلاقات مع اسرائيل معلنين هدفهم الصريح وهو رفع السودان من "قائمة الدول الداعمة للارهاب" وإزالة ديونه وفتح الطريق لعلاقات مع واشنطن،وفي 10كانون أول ديسمبر2020أعلن المغرب إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع اسرائيل(كانت على مستوى منخفض منذ1993ثم تم تجميدها عام2002)على خطى السودان من أجل نيل الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر،وهو ماحصل من واشنطن بالتزامن مع تلك الخطوة تجاه تل أبيب،ويبدو أن الخرطوم والرباط تؤمنان بقول الرئيس الجيورجي السابق إدوارد شيفانيدزه بأن "الطريق إلى واشنطن يمر بتل أبيب".حاولت موريتانية ذلك عام1999عندما أقام معاوية ولد الطايع علاقات مع اسرائيل لتقوية نظامه،ولكنه لم يستفد من ذلك،وقد قام النظام الذي أطاح به عام2005بتجميد العلاقات مع اسرائيل عام2009ثم أنهاها بالعام التالي.على العكس من الخطوتين السودانية والمغربية،كانت أبوظبي والمنامة تفكران بالاحتماء والاستقواء باسرائيل ضد اتجاهات أميركية مقبلة،ولكن رغم هذا فإن الخطوات المذكورة تلك من العواصم العربية الأربع تقود بالنهاية إلى جعل اسرائيل قوة اقليمية تحتمي بها دول وتمشي تحت ظلها ضد دول اقليمية أخرى أوتستقوي بها ضد قوى دولية كمافعل عسكر السودان بعد انقلاب25أوكتوبر2021عندما أيدتهم اسرائيل (ودول اقليمية مثل مصر والسعودية والامارات)فيما عارضت واشنطن ذلك الانقلاب.
هذا تطور نوعي في اللوحة الاقليمية لمنطقة الشرق الأوسط لم نشهد مثيلاً له منذ اعلان دافيد بن غوريون قيام دولة اسرائيل في عصر يوم الجمعة 14أيارمايو1948،حيث كانت اسرائيل مثل الذئب المنفرد في محيط اقليمي معادي لها،أوفي حالة أخرى مثل "المخفر اليهودي"للغرب الأوروبي (حتى عام1956)وللغرب الأميركي (منذ عام1964)لضبط المنطقة أولضرب اتجاهات محلية في الاقليم تشكل خطراً على الغرب(جمال عبدالناصر في حربي 1956و1967،صدام حسين عند ضرب المفاعل النووي العراقي عام1981،منظمة التحرير الفلسطينية عام1982عند الاجتياح الاسرائيلي للبنان،وحروب اسرائيل الفاشلة في لبنان2006وغزة 2008-2009و2012و2014و2021).كان هناك وظيفة إضافية لاسرائيل وهي أنها كانت مصدر المعلومات الرئيسية لواشنطن عن الاتحاد السوفياتي والكتلة السوفياتية منذ تبخر آمال ستالين عام1949في أن تكون تل أبيب مدخل موسكو إلى الشرق الأوسط.وحتى عندما فكر رئيس الوزراء الاسرائيلي بن غوريون أمام الخطر الذي رآه في وحدة 1958السورية- المصرية في إقامة حلف اقليمي مع ايران وتركية وإثيوبية فإنه لم يخرج عن عقلية "المخفر"أو"الذئب المنفرد"أوعقلية من هو في قلعة محاصرة ويحاول نسج تعاون أوحلف مع من هم وراء أوخلف محاصريه.
ماقامت به أبوظبي والمنامة والخرطوم والرباط أراح اسرائيل اقليمياً ،أكثر ممافعله السادات1978-1979 والملك حسين 1994وياسر عرفات1993،وأعطاها قوة اقليمية ،وليس صدفة أن يبعث خليفة حفتر بابنه صدام إلى تل أبيب من أجل نيل الدعم لترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية نهاية هذا العام،وأن تقلع الطائرة التي أوصلته لاسرائيل من الامارات،طبعاً مقابل أن يقدم في حال فوزه بالانتخابات تطبيعاً ليبياً مع اسرائيل وربما أبعد من ذلك(يوسي ميلمان،صحيفة "هاآرتس"،7112021). يلفت النظر،رفض بايدن في أثناء زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت اعطاء الإذن لتل أبيب للقيام بعمل منفرد اسرائيلي ضد ايران في محاولة من تل أبيب لاستئناف دور "المخفر اليهودي"ضد حالة يراها الأميركان خطرة ولكن تميل الادارة الحالية إلى معالجتها عبر الاتفاق وليس عبر الحرب كماحصل مع عبدالناصر،ولوكانت حرب بالوكالة تولتها اسرائيل في 1967. ليس غريباً في حال فشل المفاوضات النووية مع طهران أن تستأنف واشنطن اعتمادها على "المخفر اليهودي"ضد ايران.في السياق نفسه،وعبر تباعدات واشنطن وتل أبيب التي برزت في زمن أوباما واستؤنفت مع بايدن بعد أن تقاربا في عهد ترامب، يجب ملاحظة مدى التقارب الذي يحصل بين اسرائيل وروسيا والصين،وملاحظة مدى التنسيق الروسي – الاسرائيلي في أثناء الضربات الجوية الاسرائيلية لمواقع ايرانية عسكرية أولقوات موالية لطهران موجودة على الأراضي السورية.
ليست اسرائيل في مرحلة مابعد 13آبأغسطس2020 مثل تلك التي كانت قبل ذلك اليوم...

مجتمع ما قبل الدولة

- مصطفى سعد -

كان المستعمرون الأوروبيون مسيحيين والفاشيون إيطاليين والنازيون ألماناً، وحالياً المتطرفون الجهاديون الإسلاميون التكفيريون سنة والشبيحة علويين.

ربما تحمل هذه الوقائع شيئاً من الصحة، لكنها تضلل تماماً من لا يقرأها في سياقها التاريخي والاجتماعي، إذ إنّ الصحيح أيضاً -بل الأكثر صواباً- أّن المسيحيين لم يكونوا استعماريين ولا كان الإيطاليون فاشيين والألمان نازيين، وليس العلويون شبيحة ولا السنة متطرفين جهاديين تكفيريين..

فلا يمكن مقاربة ظواهر الاستعمار والفاشية والنازية والتطرّف والتشبيح والإجرام وفهمها وعلاجها انطلاقاً من مفهوم هوياتيّ ديني أو عرقي أو مذهبي، أي أنّ السبب لا يمكن حصره في الانتماء تحديداً وإنما في مجموعة أسباب سياسية واقتصادية وثقافية وفكرية متداخلة ومتشابكة..
اجتماعية
ولا يسعنا إغفال أنّ في بلدنا مشكلة طائفية تنتج جرائم كارثية. ولكن الجريمة لا تعالج بأي شكل من أشكال الإقصاء الفكري أو المادي للمجموعات التي ينتمي إليها "الشرير" في السردية التاريخية، بل بمنع أسباب إنتاجها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وفكرياً تاريخياً إلخ...
صدّر النظام السوري نفسه على أنّه النظام "العلماني" الذي يحتضن مجتمعاً "فسيفسائياً" بإسكات أدوات التعبير دون الدينية، وكأن إمكانية تعايش طوائف كثيرة ضمن مظلة دولاتية ومجتمعية واحدة يقترب من مستوى الإعجاز العلمي المسجّل باسم هذه السلطة، غير أنّ ما كان النظام يحجبه تماماً ويقمع القائلين به حتى في مقاربات منطقية هو أننا مجتمع متعدد الانتماءات والاتجاهات والمصالح، ولم يتم احتواء هذه الاتجاهات يوماً تحت مظلة دولة المواطنة -التي قد تكون الحل الأسلم للحالة السورية- بل بنفس الطريقة التي تعامل بها النظام على مدار عقود مع كل ما يتعارض مع سردية نظام الحزب الواحد القائد الصمد.

وقد استعان بنفس منطق خطاب النظام السوري من نصبوا أنفسهم أو نصبتهم المنابر الإعلامية قادة للثورة السورية فراحوا يزعقون ويصرخون ويشتمون النظام السوري باعتباره نظام أقلية علوية -نصيرية كافرة في تشدق البعض- تقمع "الأكثرية"، أي أهل السنة، في رد على سردية النظام حول الطائفية. بالنسبة للثوار ومثقفيهم وداعميهم المجتمع السوري متعدد الطوائف ولكن أكثريته هم من السنة. يكفي أن تجري انتفاضة الأكثرية للإطاحة بحكم الأقلية فكانت النتيجة الإطاحة بالمجتمع السوري وبقاء النظام.
بلى، النظام السوري نظام أوليغارشي لكن الأقلية الحاكمة هي أقلية سياسية تحتكر السلطة والدولة والسياسة والاقتصاد والثروة والثقافة والإعلام والمجتمع بأسره. هذا الاحتكار هو الذي يخلق مفهوماً وحشياً للسياسة يقوم على الاستئثار بكل شيء وليس على التنافس الشرعي والمشروع بتعددية المصالح المتبادلة.
وهذا الاحتكار نفسه هو الذي يشحن المجتمع بكل ما هو عنفي فيصبح الخوف من الآخر والتربص به وتحيّن الفرص لإلغائه هو أساس العلاقات وأولوية المهام، لذلك حين تخفّ قبضة السلطة الاستبدادية أو تنهار ينطلق العنف الوحشي الكامن والمختبئ ليدمر الجميع. لذلك يصح القول إنّ انهيار النظام السوري الذي رفض كل الحلول السياسية لو تم وفق سيناريو شبيه بالسيناريو الليبي في الأعوام الأولى من الأزمة كان سيجلب عواقب وخيمة على المجتمع الذي يعيش مع "الآخر" وفق متخيّل خاص بكل فئة وكان على الأرجح سيخلق حالة تشبه لبنان 1976 أو أيَّ حرب أهلية أخرى بمعناها الكلاسيكي، تلك هي طبيعة المجتمعات التي تحكمها أنظمة استبدادية. ظاهرة الشبيحة نشأت في هذا السياق، وانطلاق حراك سرعان ما تشوّه وعانى ما عاناه من قصور وحمل خصائص وسمات الظروف التي نشأ فيها في السياق ذاته فعجز أن يتحوّل لثورة تكون توحيدية وجامعة وحيوية في نفس السياق أيضاً وظاهرة بروز وانتشار عصابات القتل والإجرام والتشبيح داخل صفوف "الثورة" في هذا السياق أيضاً.

فالمشكلة الطائفية والحروب الطائفية هي نتائج لأسباب أخرى تخفيها مصالح المستفيدين من سفك الدماء. والمشكلة الطائفية ليست أكثر خطراً من مشكلة الفقر والجهل والمرض -الذي يفتك بأكثر مما تفتك به الحروب-وضعف التنمية والتخلف الزراعي والصناعي والعلمي والتكنولوجي وسوء توزيع الثروة إلخ... إنّ المشكلة تكمن في الشكل المشوّه لظهور الدولة الوطنية العربية الحديثة. وهو شكل استبدادي "من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر"، حسب شعارات الخمسينات والستينات.

عسى أن يتعلّم السوريون، هكذا السوريون بدون طوائف، ويطلقون ثورتهم الحيوية الإنسانية لتطيح بالثورة الحالية -التي أخذت شكل ثورة مضادة-والنظام. تطيحهما معاً استناداً إلى قواها الذاتية الصرفة وليس باتكاء على مساعدة "الآخر"، إن كان "الآخر" دولاً وأنظمة لا يختلف جوهرها عن طبيعة النظام السوري، أم كان "الآخر" هو الله.

ليفانت - مصطفى سعد
------------------------------------------------------------------------------------------------
نقد "مراجعة لأداء المعارضة السورية"
(نقد لافتتاحية العدد 58من "المسار")
- إبراهيم معروف -

المراجعة النقدية الصحيحة، لأداء أية قوة سياسية، ضرورية وتقدم فائدة لها، وللمجتمع الذي تعمل فيه، فتسلط الضوء على مختلف الجوانب، وخاصة السلبية، مما يسمح بتقويم الممارسة، وتجنب الاستمرار بالخطأ أو إعادة تكراره، ومن هنا تكتسي أهميتها.

وكي تكون المراجعة صحيحة يجب أن تكون علمية وموضوعية، وكأي عملية علمية، يجب أن ترتكز على:

معلومات صحيحة وكافية. ومسؤولية الباحث أن يجمع المعطيات، ويدققها، ويستبعد غير الصحيح منها، ولا يخفى أن كثيراً من المعلومات التي يتم تداولها في الحقل السياسي يتأثر بالصراعات الجارية في المجتمع، فتغيب معلومات كثيرة، ويتم تشويه قسم لا يستهان به، ويمكن أن يصل الأمر إلى استحالة تقديم نقد صحيح لأي تجربة لغياب المعلومات الصحيحة الكافية.

وقد تتوفر المعلومات الصحيحة، وتكون بحجم يكفي لدراستها، ولكن الأسلوب المتبع، المرتكز إلى معرفة منهجية ناقصة أو خاطئة، غير مناسب أو خاطئ ويقود إلى الخطأ في التقييم والنتائج.

ويمكن أن تتوفر المعرفة المنهجية، ولكن تغيب الموضوعية، لسبب من الأسباب، مثل العصبوية، فتأتي عملية النقد مشوهة وخاطئة ومضلِلة.

افتتاحية العدد 58 من جريدة الحزب الشيوعي السوري -المكتب السياسي (المسار) تصدت لعملية نقدية هامة، ضرورية وواجبة، وحملت عنوان "مراجعة لأداء المعارضة السورية". وقد احتوت هذه المراجعة على نقاط في غاية الأهمية، كما تخللها ثغرات وأخطاء، ولم تكن موفقة في بعض الجوانب، ربما غياب المعلومات الضرورية كان سبباً في ذلك، وربما وجدت أسباب أخرى.

بالنسبة لبناء السياسة بدلالة الذات أو بدلالة الآخر:

تقول الافتتاحية أنه إثر وفاة حافظ أسد أقامت بعض القوى، وأولها «التجمع الوطني الديمقراطي»، سياستها بدلالة الآخر وتستثني الافتتاحية رياض الترك. وفي الواقع أن رياض الترك لم يكن استثناء في ذلك، فالبعث الديمقراطي لم يعتمد هكذا سياسة، ولم يراهن يوماً على تيار (إصلاحي، أو غير إصلاحي) ضمن السلطة، وقد تكون هناك قوى سياسية سورية أخرى بعيدة أيضاً عن هذا النهج. وهنا لا بد من ملاحظة أن بناء السياسة بدلالة الذات، الصحيحة والضرورية، ليست معزولة بشكل مطلق عن الآخر، وتوجهاته وسياساته وأساليب عمله. خاصة عندما يكون هذا الآخر ممسكاً بالسلطة بشكل استبدادي، ولا يتورع عن أي عمل يكفل له ضمان سيطرته المطلقة على الدولة وأجهزتها ومؤسساتها.

وتقول الافتتاحية أنه بعد احتلال العراق نيسان 2003 اتجهت المعارضة باستثناء الاتحاد الاشتراكي والمعارضون في «الحزب الشيوعي ــ المكتب السياسي» ــ إلى «نهج الاستعانة بالخارج»، وبناء السياسة بدلالة «الآخر» لإحداث تغيير داخلي سوري على غرار ما فعلت المعارضة العراقية ضد صدام حسين، بسيناريو عسكري أم بغيره. هنا أيضاً يتم تجاهل موقف البعث الديمقراطي الذي كان ضد العدوان الأمريكي على العراق 1991-1992، واتخذ مواقفاً مناصرة ومساندة للعراق ضد الحصار الجائر الذي فرض على العراق الشقيق بعد هذا العدوان. وكان البعث الديمقراطي، في أكثر من ساحة، في مقدمة الداعمين للعراق، والمنددين بالحصار المفروض عليه، كما كان ضد احتلاله عام 2003. وضد إي استعانة بالخارج على الدوام. وافتتاحيات (الديمقراطي) الجريدة المركزية للبعث الديمقراطي كانت باستمرار تدعو لمقاومة الاحتلال، ودعم المقاومة العراقية، وأكد البعث الديمقراطي، منذ بداية العدوان على العراق الشقيق وحتى اليوم، إدانته لهذا العدوان وللقوى المتعاونة معه، وكان من الداعمين لمقاومة الاحتلال وإفرازاته.

تقول الافتتاحية أن تكوين «إعلان دمشق» (16 تشرين أول 2005) جاء نتيجة اجتماع نزعتين وتسيّدهما في صفوف المعارضة السورية «نهج الاستعانة بالخارج»، وبناء السياسة بدلالة «الآخر». وهنا أيضاً يتم تجاهل موقف البعث الديمقراطي، الذي وضع ملاحظات عديدة على وثيقة الإعلان، وطالب بتغييرها، الأمر الذي لم يتم، مما جعل البعث الديمقراطي يرفض الانضمام إلى «إعلان دمشق». ويتبنى اتجاهاً واضحاً مضاداً للنزعتين معاً، وكان هذا الاتجاه واضحاً في افتتاحيات ومقالات جريدته المركزية "الديمقراطي"، وعلى سبيل المثال جاء في "دراسة أولية حول الأوضاع العربية"، نشرت في "الديمقراطي" بتاريخ 29 سبتمبر/ أيلول 2006، كتبها الرفيق الأمين العام المرحوم الدكتور إبراهيم ماخوس:

"النظام السوري اغتال عدداً كبيراً من خيرة أبناء الأمة، من قيادات حزبنا، والقوى القومية التاريخية الأخرى المعروفة، ولكن كل ذلك... ومع استمرار قمعه وتشريده لرفاقنا... منذ الردة وحتى الآن... لا يمكن أن يدفعنا بأي حال إلى التخلي عن مبادئنا الثورية الخالدة، ومواقفنا القومية الراسخة... والانتقال على (موجات آلامنا) إلى الاستقواء بالقوى الخارجية، التي تقف أصلا، وراء كل الأنظمة العربية الاستبدادية الفاسدة، وكل كوارث أمتنا العربية.. منذ بداية البدايات وحتى الآن.

ومع إصرارنا الراسخ على إدانة أي استقواء بالخارج، واستعدادنا للنضال حتى الاستشهاد، لدحر المخطط الأمريكي-الصهيوني المطروح-تحت اسم الشرق الأوسط الكبير أو الجديد... لتفتيت وتدمير وطننا العربي، ونهب ثرواته الطبيعية، وتحويل شعبه إلى مجرد خدم وعبيد. فإننا، وفي الوقت ذاته، وقبله وبعده، نواصل نضالنا، بكل ما لدينا من قوة وإيمان بجماهير شعبنا لإحداث التغيير الوطني الديمقراطي السلمي المنشود في القطر السوري المنكوب، واستعادة دوره القومي التاريخي الطبيعي المعروف.

وللأمانة التاريخية، نختم هنا بالتأكيد بأن سوريا، تشكل الاستهداف الأول القادم/ للمخطط الإمبريالي-الصهيوني، الأمر الذي نأمل أن يدفع النظام-إلى الاستجابة العاجلة، لمطالب "التجمع الوطني الديمقراطي" المعروفة-كشرط لابد منه لإنقاذ القطر من جحيم المخطط العدواني المذكور.".

مرة أخرى تخطئ افتتاحية (المسار) في تسجيل المواقف عندما تقول إنه بين ما حصل في درعا يوم 18 آذار 2011 وبين أيلول 2011 كان هناك عودة إلى بناء السياسة عند كل المعارضين السوريين بدلالة «الذات»، والحقيقة أن ممثلين عن المعارضة اجتمعوا في تركيا، وتحاوروا لأكثر من شهر، في نيسان أو أيار2011، ولم تؤد هذه المشاورات إلى نتيجة بسبب موقف الإخوان المسلمين وحلفائهم، الذين لم يوافقوا على مطلب رفض التدخل الأجنبي وعدم اللجوء إلى السلاح.

تلاحظ الافتتاحية طغيان «نزعة إرادوية» على «نزعة إدارة الممكنات» منذ خريف 2011، وتضيف إلى هذا، ارتباط معارضين سوريين كثر بدول كبرى أو إقليمية رأت أن نشوب النزاع السوري يخدم أجنداتها الخاصة، وفي الواقع فإن الارتباط بالخارج كان هو العامل الأول ولم يكن مقتصراً على معارضين سوريين كثر فحسب، بل كان يشمل قوى سياسية وتنظيمات مسلحة، كانت صاحبة الصوت الأقوى في المعارضة، وقد تم احتضانها، ودعمها، من قبل قوى دولية وإقليمية كبرى، وقد هيمنت هذه القوى والتنظيمات على الهيئة العليا للمفاوضات منذ تشكيلها.

الحديث عن تلزيم واشنطن للمسألة السورية إلى موسكو في (7 أيار 2013)، وإنهاء التلزيم الأميركي لتركيا منذ خريف 2011، يقدم نظرة غير صحيحة، وغير واقعية، تتجاهل حقائق الصراع على الصعيد العالمي، بين الولايات المتحدة وحلفائها وأدواتها من جهة، وبين الصين والاتحاد الروسي وحلفائهما من جهة ثانية، وانعكاس هذا الصراع على الساحة السورية.

عن النماذج الأربعة للسياسيين، التي تتحدث عنها الافتتاحية، وبشكل خاص عن أولئك الذين يمتلكون الحدس الذي يتيح لهم معرفة اتجاه الرياح السياسية القادمة، لقد أدرك البعث الديمقراطي اتجاه الرياح، وحذر من الأحداث القادمة، ودعا لمواجهتها في افتتاحيات ومقالات جريدته الرسمية، والدراسة المذكورة أعلاه "دراسة أولية حول الأوضاع العربية" ،التي كتبها الرفيق الأمين العام المرحوم الدكتور إبراهيم ماخوس تبين بوضوح أن البعث الديمقراطي، على الرغم من كل ما لحق به من ظلم وتنكيل من السلطة، لم يكن ينطلق من مواقف حاقدة أو من نزعة ثأرية، بل تعالى عن ذلك، لمعرفته بمواقف القوى الدولية، واتجاهات الرياح السياسية، وحرصه على المصالح العليا لشعبنا وأمتنا.

ومنذ بداية الأحداث في آذار 2011، رأى البعث الديمقراطي أن المستهدف هو الدولة السورية ومؤسساتها ومقدراتها، ودعا للحفاظ عليها، وطالب السلطة بإدخال إصلاحات حقيقية، تستجيب لمطالب الشعب التي تعترف نفسها بأنها مشروعة، تحصيناً للبلد وحماية له.

وعن بناء السياسة عبر التعاكس مع النظام، فهذه الممارسة لم تكن عند البعث الديمقراطي طيلة العقد الدامي، بالعكس كانت مواقفه تنطلق من الحرص على سورية ووحدتها وسلمها، وهذا ما جعل حتى بعض الأصدقاء، ومنهم حلفاء في هيئة التنسيق الوطنية، يتحدثون عن اقتراب البعث الديمقراطي من النظام.

الحديث عن إدراك «حزب الاتحاد الديموقراطي(pyd) لاتجاه الرياح السياسية بعد 15 آب 2014، وأن التركيز الأمريكي، في سورية وعراق ما بعد «موصل 10 حزيران 2014»، قد أصبح على «داعش»، يتجاهل اتجاه وأهداف السياسة الأمريكية، وحقيقة المواقف الأمريكية من داعش ودورها.

ختاماً الحكم على ما حصل في سورية منذ 18 آذار 2011 وحتى اليوم، فشلاً أو نجاحاً، يتحدد بالنظر إلى القوى الفاعلة وأهدافها. إن الأوضاع الكارثية التي وصلت إليها سورية، والاحتلالات المتعددة، والدمار الرهيب، ليس في البنيان العمراني فحسب، ولكن في البنيان المجتمعي كذلك، ومئات آلاف الضحايا، وملايين اللاجئين والنازحين، ووصول غالبية الشعب الكاسحة إلى حالة المجاعة، وفقدان الاستقلال والسيادة، تؤكد فشل وطنيي سورية، أينما كانوا، في المعارضة أو في الموالاة، في حماية وطنهم وشعبهم.



- القاعدة القديمة الجديدة في إطار الحفاظ على السلطة -
من الطبيعي بسبب تباين المصالح الطبقية داخل البرجوازية أن تؤدي لانقسامات واصطفافات عائدة لاختلاف في الرؤية حول الوضع الراهن ومستقبل الوضع.
تشير العديد من الدراسات ،حول هذا الأمر، أن من الاعتيادي أن تحل الخلافات عن طريق الحل التوافقي بين القوى المتصارعة أو بشكل عام وفق تسوية تقسم الكعكة بين هذه الأطراف ومموليهم الدوليين وانعكاس هذا العامل على السوق الداخلية.
فمن هنا نأتي لقضية هامة جداً وهو أن التناقض القائم بين أجنحة البرجوازية السورية له أسبابه التاريخية، وخاصة بعد عمليات التأميم الواسعة للتجارة الداخلية والخارجية وسيطرة السلطة على العملية الاقتصادية بعقد الستينيات، فكما هو معروف فقد تم في عام1991 إقرار قانون الاستثمار رقم 10 الذي أتاح للمستثمرين فرص للعمل داخل السوق الداخلية، ولعبت السياسة الاقتصادية المتبعة من قبل الحكومات المتعاقبة دوراً في تضرر المنتج المحلي من جرائها مما انعكس على عملية إدارة الصراع مع السوق العالمية وانعكاس هذا الصراع على السوق الداخلية.
فمنذ تفجر الأزمة السورية في عام 2011 دخلت أجنحة البر جوازية السورية في صراع مع بعضها البعض ، وكل تيار كان له مركز إقليمي ودولي يعود إليه لتحديد سياساته ، ويبين استمرار هذا الصراع إلى الآن عملية الفرز الطبقي الحاد بين أجنحة البرجوازية السورية وفي مقدمتها الطبقة السياسية الحاكمة التي حافظت على قوتها الداخلية من خلال التدخل الإيراني والروسي وتمويلهما للسلطة السورية في صراعها مع المعارضة المسلحة من خلال القروض والاتفاقيات الخارجيتين ، فلاحظت الطبقة السياسية الحاكمة أن ديمومة وجودها في السلطة يتحتم عليها إدارة هذا الصراع وفق ما تتطلبه مصالحها الاستراتيجية ـ، فبدأت ( وإلى الآن ) بحصار القوى الاقتصادية للبرجوازية السورية التي هي خارج السلطة ، المحايدة والمعارضة ، وهذا ظهر من خلال ضريبة مرور بضائع البرجوازية السورية التي هي خارج السلطة على الحواجز على سبيل المثال لإرغام هذه القوى على التشارك غير المنصف والعادل مع رموز السلطة السورية ، وبالتالي إخضاع عملية تراكم الرأسمال الوطني لسيطرة السلطة .
هذا النهج الاستبدادي لمنع تشكل بنى مقاومة لهيمنة السلطة مبنياً على تقدير أن فقدان السيطرة على تلك البنى قد يقود لتشكل قوة سياسية موزونة قد تطيح بالسلطة أو تفرض تشاركاً عادلاً لكل الأطراف وتنازلاً من قبل السلطة عن بعض السياسات الداخلية التي قد ( إذا لم نقل بالتأكيد ) تفرض تسوية سياسية ستغير موازين القوى داخل البلاد ، وبالتالي تشكل أكثر من مركز لصياغة القرار الوطني ، الداخلي والخارجي ، وربما تهدف السلطة لمنع تمكن هذه البرجوازية السورية التي تقع خارج سيطرة السلطة من فرض رؤيتها الاقتصادية والسياسية عبر التحالف الوطني على كامل الأراضي السورية للوصول لرؤية اقتصادية مشتركة و ندية لسياسات السلطة السورية .
فهذه القاعدة التي تتبعها السلطة لا تبشر بتسوية وطنية وفق القرارات الدولية للأزمة السورية في الأفق المنظور، فإذا لم تعي البرجوازية السورية التي هي خارج نطاق السلطة لدورها التاريخي في إنجاز التغيير الديمقراطي المطلوب، فإن الوضع سيزداد سوءاً.
هذا ما تقوم به السلطة عن طريق رموزها من خلال إحكام السيطرة الكاملة أو شبه الكاملة على العملية الاقتصادية في البلاد ، كون السيطرة عليها هو الطريق الأسلم من وجهة نظرها للحفاظ على النظام الشمولي ومرتكزاته ، وهذه الاستراتيجية كما بينا أعلاه لمنع أي تراكم رأسمالي خارج إطار السلطة يؤدي إلى الإطاحة بها أو يشكل خطر على مصالح رموز السلطة الاستراتيجية .
بالمختصر يمكن القول إن هناك توزيع جديد للثروة الاجتماعية، وعلى رأس الهرم هم رموز الطبقة السياسية الحاكمة وهم يهدفون للسيطرة على العملية الاقتصادية التي هي منبع لكل العملية السياسية، في تطوير ملحوظ للنهج الشمولي الذي كان مبنياً على سيطرة قطاع الدولة على كل منافذ العملية الاقتصادية.
من زوايا الذاكرة
- الدكتور جون نسطه -.
كانت غرفتنا في المساء تغص بالضيوف من كل حدب وصوب على صغرها وقلة مقاعدها وعلى رأسهم صديقي الدكتور سعد النابلسي رحمه الله وبعض معارفه وضيوفه من مدينة جبلة واللاذقية اللذين لم أكن اعرفهم، ومنهم رئيس بلدية جبلة عبد الحفيظ نجيب وغسان إسماعيل، أمين سر محافظة اللاذقية. اللذان أصبحا من اعز وامتن صديقين لي.
الأستاذ عبد الحفيظ نجيب شخصية متميزة تجمع بين البساطة وسمو الأخلاق والقيم الإنسانية، مع حب النكتة والمواظبة على الضحك وميل دائم لصنع المقالب، بالحاضرين، رجل مسيس بأفكار البعث الثورية المعادية للرجعية وبقايا الإقطاع ولممثلين اليمين في الجيش والطاقم الحزبي. وشغل لفترة غير قصيرة منصب قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في مدينة جبلة وتوابعها من الأرياف في الساحل والجبل.
وعلى علاقة صداقة بالضابط حافظ الأسد الذي تمنى عليه أن يلقي كلمة رثاء على قبر والده المتوفي. وبعد انقلاب السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970وتولي حافظ الأسد رئاسة البلاد طلب من عبد الحفيظ أن يقف إلى جانبه في السلطة الجديدة أو تقديم استقالته من رئاسة بلدية جبلة. ففضل الاستقالة وبالتالي البطالة عن العمل واضطر لان يفتح محلا لبيع اللوازم الزراعية من متورات ضخ المياه والسماد وغيرها وتوابعها. لأنه كان منحازا ووفيا لقيادة صلاح جديد.
عبد الحفيظ بقي طوال حياته أعزبا يسكن مع شقيقتيه الغير متزوجتين سكينة وبدرية في بيت من شقتين، واحدة منهما يسكنه هو والآخرى مخصصة للشقيقتين المتصلتين مع بعضهما بواسطة بابين، وهو من يقوم بمصاريفهن. وكنت أقوم مع زوجتي التي كان يجلها بتلبية دعوات زيارته المتكررة.
أما غسان إسماعيل الذي كان بالإضافة لعمله يدرس الفلسفة في دمشق جامعه دمشق ومن طلاب صديقي المفضل الدكتور نايف بلوز، فكان يتردد كثيرا على دمشق ويزورنا زوجتي وأنافي غرفتنا في مشفى المواساة.
غسان إسماعيل رجل مثقف، يساري، رقيق، خجول فائق التهذيب كريم إلى أبعد حدود الكرم.
استمرت صداقتي مع الاثنين إلى عقود طويلة حتى وفاتهما المبكرة وكنت في زياراتي إلى الوطن بعد سفري إلى المانيا مرة أخرى أزورهما على الدوام.
لما وصلت إلى دمشق للعمل في مشفى المواساة وكان ذلك في شهر حزيران من عام 1970جرت دعوتي من قبل الحزب للانتظام في المكتب الاقتصادي المركزي وانا الطببب، والسبب في ذلك يعود
إلى أنني أثناء دراستي في لابزيغ قمت بإعداد دراسة عن الجمعيات التعاونية الزراعية، والقيتها في محاضرة، بقصد التثقيف الحزبي، وجرى طبعها على الآلة الكاتبة، وارسالها إلى الحزب في دمشق. وكان هذا المكتب يضم رفاق مختصين بالاقتصاد والصناعة أذكر منهم الدكتور داوود حيدو، والدكتور طه بالي، والدكتور مفيدٌ حلمي، والمهندس خير الدين جبريني وغيرهم.بعد فترة قصيرة، بعد أن أعلنت عن عدم صلاحيتي لهذه المهمات الإقتصادية، من دراسات ومتابعات للأحوال الاقتصادية، جرى القرار بنقلي إلى العاملين بالقطاع الصحي. الرفيق الذي اتصل بي، يدعى ميشيل ديب أبو ابراهيم.يعمل وكيل لشركات أدوية، اجنبية ووطنية ويقوم بزيارة الأطباء في عيادتهم بغرض الترويج لأدوية هذه الشركات وعلى رأسها شركة لألمانيا الديموقراطية من نوعية جيدة بأسعار زهيدة.
أبو إبراهيم، نقابي بارز، عضو لجنة الحزب المنطقية في دمشق ترجع أصوله إلى مدينة قطنا رفيق جماهيري محبوب في حيه القصاع، خدوم، دائم الحركة والنشاط طيب القلب كريم اليد، شهم. متزوج من رفيقة من اللاذقية.
طلبت منه مرة أن يساعدني في حل لمشكلة غسيل حوائجنا المتسخة لان غرفتنا في المشفى لم تكن تحتوي على غسالة ثياب كهربائيه، فما كان منه إلا أن قال بيتي مع غسالتي تحت تصرفكم يوم كل جمعة، لاني والعائلة نكون في قطنا لزيارة الأهل والأقارب هناك. وبالفعل كنت وزوجتي نذهب كل يوم جمعة مع غسيلنا، إلى بيته ونستعمل غسالته ونأكل من طعام لذيذ معد لنا.
خلال فترة عملي في مشفى المواساة استدعيت لخدمة العلم الإجبارية، والتحقت بمدرسة المشاة العسكرية في المسلمية في حلب.


لم يمضي أسبوع حتى أفاجأ بوصول أمر عسكري بتوقيع وزير الدفاع بتسريحي وضرورة التحاقي بعملي في مشفى المواساة بطلب من وزير التعليم العالي. وكان من يقف وراء العملية كلها الدكتور سامي القباني الذي كان وسلمت ثيابي المدنية واستلمت الألبسة العسكرية وتوجهت إلى مهجع الأطباء لان الدورة تضم مهندسين وأطباء وكان سريري مجاور لسرير الدكتور إياد الشطي الذي كنا نعرف من خلال عملنا في مشفى المواساة ويشغل فيه رئيس قسم التشريح المرضي وتحليل الأنسجة.
يثق بي ثقة عمياء. وتكررت العملية مرة ثانية...استدعاء والتحاق بمدرسة المشاة ثم تسريح بأمر من وزير الدفاع بطلب من وزير التعليم العالي في العام الذي تلاه.

بعد مرور عامين على تواجدي في مستشفى المواساة، تقدمت بطلب إلى الأستاذ برهان العابد بغرض استعدادي لتقديم فحص الامتحان للحصول على شهادة الاختصاص السورية، في أقرب وقت ممكن.
تم تحديد موعد سريع للامتحان، أمام لجنة مؤلفة منه، ممثلاً لوزارة التعليم العالي، ومن رئيس قسم التخدير والإنعاش، في مشفى المجتهد، ممثلاً لوزارة الصحة. اجتزت الامتحان بنجاح طبعا، الذي كان شكلياً، بما أن الفاحصان يعرفان مقدرتي النظرية والعملية.
خلال عملنا في مشفى المواساة زوجتي وأنا، تبين أننا سنصبح والدين لمولود قادم، وفي 10.12.1971 أنجبت زوجتي في حمص فتاة جميلة حيوية أسميتُها رندة، وعدتُ بعدها فوراً إلى دمشق للالتحاق بعملي، على أمل العودة في نهاية الأسبوع التالي. وعندما عدت إلى بيتنا في حمص سألت: أين رندة؟ قالت زوجتي: ما في رندة، فظننت للحظة أنها توفيت، وبدأت بالبكاء، فهدأت من روعي وقالت: إنها فضّلت اسم منى على رندة، ولما سألتها لماذا اخترت هذا الاسم؟ قالت: لأنني معجبة بالممثلة القديرة منى واصف، وافقت فوراً.
بعد فترة إجازة الولادة لمدة ثلاثة أشهر عادت زوجتي للعمل، ومعها الرضيعة منى، التي ملأت حياتنا فرحاً.
ولكن بقي السؤال كيف تستطيع زوجتي المواءمة بين متطلبات العمل وواجباته، وبين رعاية الطفلة الرضيعة وحاجاتها؟! فاستعنت بالرفيق "أبو إبراهيم"، فأتانا بشابة مستعدة للبقاء إلى جانب منى من الصباح حتى الثانية ظهرا، لقاء أجر بسيط.
نمَتْ منى بسرعة وبادرت بالمشي في الشهر العاشر من عمرها، وكثيرا ما كانت تخرج من غرفتنا إلى أجنحة المشفى، ونركض للبحث عنها.
قررت العودة إلى حمص للعمل هناك كطبيب تخدير، والمدينة كانت في تلك الفترة خالية من أطباء التخدير، وتشّجعت على هذه الخطوة، بعد أن أخبرني ابن عمتي المرحوم مدحت أبو خاطر، إنه كان في زيارة لمحافظ حمص، وأنه أصدر قراراً يمنع أصحاب المشافي الخاصة، ومدراء المشافي العامة، دفع أجور التخدير، إلا بوجود وإشراف طبيب تخدير مختص.
قمت بزيارة كل مشافي المدينة ودخلت إلى غرف العمليات فيها، فوجدت أجهزة تخدير قديمة في حالة يرثى لها، ومعدات أكثر بؤساً.
في هذه الأثناء جرى تواصل بيني وبين المستشفى الإيطالي بحلب، بواسطة السيد "حكمت أبو خاطر" وهو ابن عمتي أيضاً، رجلٌ محبٌ غيورٌ أطال الله عمرَه. هذا المشفى كان يبحث عن طبيب تخدير وإنعاش. زرته ووجدت به غايتي. وبدأت بالعمل هناك في شهر آذار من العام 1973، وكنت أسكن في البداية بفندق في شارع بارون وسط المدينة، وأبحث عن بيت استأجره لسكن فيه عائلتي الصغيرة. عثرنا على بيت مفروش أنيق بجانب مشفى الكلمة في حي السبيل، وانتقلت العائلة إليه.
ثم تعرفت علي طبيب التوليد المشهور الدكتور إسكندر قسيس، ويملك مشفى صغيراً باسمه، وأصبح لا يقوم بأي عمل جراحي، ولو كان بسيطاً، إلاّ ويستدعيني.
تحسنت أوضاعي المادية كثيراً، بعد سنوات عسرٍ طِوال.
صلتي الحزبية في حلب كانت عن طريق رفيقٍ من خيرة من تعرفت عليهم في حياتي الحزبية الطويلة، ثقافة، ورقة، وتواضعا ومحبة، وتهذيباً، أستاذ الجامعة الدكتور محمد أبو بكر عضو اللجنة المنطقية لتنظيم المكتب السياسي، بعد حصول انشقاق خالد بكداش ويوسف فيصل عن الحزب. كانت صلتي فردية فقط معه.
في حلب، في مشفى الدكتور إسكندر قسيس، وُلد ابني الوحيد فايز. واكتملت سعادتنا.
لكن هذا الوضع المريحً لم يدم طويلا حيث جاءت حرب تشرين عام 1973، وانقطعت الكهرباء، وشحت المياه.
ثم استدعيتُ لخدمة العلم وبدأت مرحلةٌ جديدة من حياتي.

معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى
مستقبل حرب بوتين في سوريا
بواسطة آنا بورشفسكايا, ليستر غراو, مايكل ماكفول
٨ نوفمبر ٢٠٢١
عن المؤلفين:
آنا بورشفسكايا
آنا بورشفسكايا هي زميلة "آيرا وينر" في معهد واشنطن، حيث تركز على سياسة روسيا تجاه الشرق الأوسط.
ليستر غراو
ليستر غراو هو مدير الأبحاث في "مكتب الدراسات العسكرية الأجنبية" في منشأة "فورت ليفنوورث" التابعة للجيش الأمريكي بولاية كانساس
مايكل ماكفول
مايكل ماكفول هو مدير "معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية" بـ "جامعة ستانفورد" وسفير الولايات المتحدة السابق في روسيا
تحليل موجز
يبدو بوتين سعيداً بالنزاع المجمد في سوريا طالما أن أحداً لا يولي اهتماماً جدياً بتلك البلاد. وفي حين غالباً ما يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنهم بحاجة إلى "حل" المشاكل العالمية مثل النزاع في سوريا، إلا أن بوتين ينظر إلى الأمور بمنظار مختلف. فهو سعيد بترك المشاكل على ما هي عليه إلى حين تداعي المصالح الأمريكية.
"في 4 تشرين الثاني/نوفمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع آنا بورشيفسكايا و ليستر غراو ومايكل ماكفول. وبورشيفسكايا هي زميلة أقدم في المعهد ومؤلفة الكتاب الجديد "حرب بوتين في سوريا: السياسة الخارجية الروسية وثمن غياب أمريكا". وغراو هو مدير الأبحاث في "مكتب الدراسات العسكرية الأجنبية" في منشأة "فورت ليفنوورث" التابعة للجيش الأمريكي بولاية كانساس، وأحد كبار خبراء "الجيش الأمريكي" في شؤون روسيا. وماكفول هو مدير "معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية" بـ "جامعة ستانفورد" وسفير الولايات المتحدة السابق في روسيا. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
آنا بورشيفسكايا
يُعتبر الانخراط الحالي لفلاديمير بوتين في سوريا، جزئياً [على الأقل]، امتداداً طبيعياً لمصلحة بلاده القائمة منذ قرون في الشرق الأوسط عموماً، وفي شرق البحر المتوسط على وجه التحديد. وعبر التاريخ، لطالما ساور روسيا قلق كبير بشأن حدودها الجنوبية، معتبرةً إياها نقطة ضعفها الرخوة. وينفرد بوتين ببعض جوانب تدخّل موسكو في سوريا، بينما تقوم الجوانب الأخرى على التعاملات القصيرة الأجل، لكن المصالح الروسية في المنطقة أعمق بكثير من المشروع الخاص بالزعيم الحالي.
ولفهم هذه المصالح، يجب أن نقر بأن روسيا تمتلك رؤية لعالم متعدد المراكز، وأن هذه الرؤية تتعارض بطبيعتها مع أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ونتيجةً لذلك، ركزت موسكو منذ فترة طويلة على كبح النفوذ الأمريكي في الخارج. وقد ورث بوتين وجهة النظر هذه وتصرّف على أساسها بطرق جديدة. فمنذ البداية، سعى إلى إعادة انخراط روسيا في الشرق الأوسط، وهو أكثر واقعية واستعداداً من أسلافه لتنمية العلاقات مع كافة الأطراف في المنطقة. ومع ذلك، فإن رؤيته المعادية للغرب دفعته إلى تعزيز أعمق العلاقات مع قادة ذوي التفكير المماثل من أمثال الرئيس السوري بشار الأسد.
وبالتالي، فمنذ اندلاع الحرب السورية، كان بوتين مصمماً على منع سقوط الأسد. فلم يكن يريد أن يرى الولايات المتحدة تُطيح بقائد مستبد آخر، لذلك شرع في حماية الأسد بطرق متعددة حتى قبل التدخل العسكري الروسي في عام 2015. واليوم حقق هذا الهدف دون أن يتورط في أزمة أو يتكبد تكاليف باهظة. [ونتيجة لذلك] أخذت سائر المنطقة في الحسبان موقف روسيا المعزز في سوريا - ففي نظرها يتناقض التزام بوتين بحماية الأسد بشكل صارخ مع الموقف المتأرجح للدول الغربية.
وعلى الأرجح ستعود سوريا الآن إلى حالة النزاع المجمّد. وقد يكون ذلك مناسباً للغاية بالنسبة لروسيا التي تتمتع بخبرة واسعة في التعامل مع مثل هذه النزاعات، وقادرة على الصمود في هذه البيئة. كما يمكن لموسكو أن تعمل كوسيط، والتحدث مع جهات فاعلة معيّنة لا يمكن للآخرين التفاوض معها. وإذا تمكّنت الأطراف من التوصل إلى حل فعلي في سوريا، فلن يحتاج أحد إلى بوتين، لكن الجميع سيكون بحاجة إليه إذا تم فقط إدارة النزاع.
وحالياً، لا يزال العالم أحادي القطب وتستمر الولايات المتحدة في تمتعها بالعديد من المزايا. لكنها قد تفقد هذه المزايا إذا أساءت التعامل مع الشرق الأوسط. وتولي واشنطن أولوية قصوى للصين، لكن لا يجب التعامل مع سوريا على أنها مجرد مصدر إلهاء. والسؤال الفعلي ليس ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة التصدي للنفوذ الروسي في سوريا، بل ما إذا كانت ستدرك الأهمية الاستراتيجية للنزاع وتستثمر الموارد الضرورية لتحقيق أهدافها هناك. ولن تكون سوريا ملفاً سهلاً للتعامل معه بغض النظر عن النهج الذي تتبعه واشنطن، لكن الأسد يُعتبر من أسوأ الديكتاتوريين في أيامنا هذه، لذا فإن اتخاذ موقف أقوى وأكثر صرامةً كان ضرورياً منذ البداية، ولا يزال كذلك حتى يومنا هذا.
ومن الناحية المثالية، ستعيد روسيا تأهيل نفسها يوماً ما وتغيّر سلوكها الحالي. ويقيناً، لا توجد سوابق كثيرة لمثل هذا التحوّل - على الرغم من أنه كان بالإمكان العثور على أصوات ليبرالية بين القيادة الروسية في وقت مبكر من فترة ولاية بوريس يلتسن خلال التسعينيات، لكن سرعان ما تم إبعادها، وأُغلقت نافذة الفرصة تلك. نأمل أن يُعاد فتحها في المستقبل.
ليستر غراو
بعيداً عن كون النزاع السوري أرضاً سبخة، أثبت أنه ساحة مثالية للجيش الروسي لشحذ قدراته واختبار أنظمة قتالية جديدة، وإجراء اختبارات جهد وإصلاح الأنظمة القديمة، وتوفير الخبرة القتالية لجميع عناصره. فالخسائر التي مُني بها كانت محدودة للغاية عموماً - والاستثناء الوحيد كان أسطول الإنزال البرمائي، الذي تم نشره على نطاق واسع لدعم الأسد، وأُصيب بأضرار جسيمة، ويتم الآن إعادة بنائه بتكلفة كبيرة.
وقد استغلت القوات الروسية التدخل أيضاً من أجل تطوير بعض قدراتها. على سبيل المثال، كان نشرها لنظام جسر عائم جديد على طول نهر الفرات إنجازاً هندسياً مدهشاً. وحقق الجيش أهدافه الاستراتيجية المتمثلة بدعم الأسد مستفيداً في الوقت نفسه من جني المزيد من المزايا الفورية لفائدته.
واكتسبت "مجموعة فاغنر" وشركات عسكرية خاصة أخرى مرتبطة بالحكومة الروسية أيضاً خبرة قتالية قيّمة في سوريا. وقد مكّنت هذه المنظمات موسكو من الانخراط في عمليات ربما لم تكن ترغب في أن يرتبط اسمها بها بشكل مباشر، مما يوفر لها قدرة إنكار معقولة مع الاستمرار في الوقت نفسه في تعزيز أهداف الكرملين في سوريا.
ولم يخلُ التدخل الروسي من التحديات، كما أن التوترات المختلفة التي تغلي تحت السطح قد تطرح مشاكل في الفترة المقبلة. على سبيل المثال، يوجد في روسيا أقلية مسلمة كبيرة، وقد يؤدي التدخل في سوريا إلى تفاقم العلاقات المتوترة بين الحين والآخر بين هذه الجماعة والمجتمع المسيحي في البلاد. لكن خلاصة القول هي أن موسكو حققت هدفها الأساسي وهو بقاء نظام الأسد، دون الدخول في الأرض السبخة التي توقعها الكثيرون، ومع بعض الفوائد الإضافية لجيشها.
مايكل ماكفول
على الرغم من أن القوات الجوية الروسية لم تبدأ بقصف عناصر المعارضة في سوريا قبل عام 2015، إلا أن موسكو تتمتع بوجود دبلوماسي وعسكري قوي في البلاد منذ عقود. وخلال فترة تواجدي في الحكومة [الأمريكية]، كانت سوريا أبرز قضايا السياسة الخارجية على جدول الأعمال، والحقيقة أننا فشلنا فشلاً ذريعاً على هذا الصعيد. أعتقد أنه من الضروري أن نكون واضحين بشأن ذلك - فنهجنا لم ينجح. وبالتالي، فإن السؤال هو ما الذي كان بإمكاننا فعله بطريقة مختلفة؟
لقد أعطى بوتين أهمية لدعم الديكتاتوريين في مواجهة الثورات المدعومة من الغرب. فهل ستتصرف روسيا دائماً بهذه الطريقة، أم هل يمكن أن تتغير طريقة التفكير هذه، ربما في عهد رئيس جديد؟ لقد كنت موجوداً في الغرفة في آذار/مارس 2011 عندما أذعن الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف لتدخل الأمم المتحدة ضد الدكتاتور الليبي معمر القذافي. ونعرف أن بوتين لم يستجب بشكل جيد إزاء ذلك. لذا، فإن استمرارية استراتيجية موسكو المعادية للغرب هي سؤال مفتوح.
وفي الوقت الحالي، حقق بوتين هدفه الرئيسي في سوريا، وهو إبقاء الأسد في السلطة. كما حقق بعض الفوائد الثانوية، لا سيما في اختبار وعرض أنواع جديدة من السلطة العسكرية. ومع ذلك، ثمة حدود لنجاحاته. فسوريا تبقى منطقة نزاع منقسمة إلى حد كبير. فهل هو مرتاح لهذا الترتيب؟ هل يهتم بتوحيد البلاد؟ من الضروري أن تعرف واشنطن وشركاؤها ما إذا كان بإمكانه التعايش مع هذا الوضع الراهن.
وحالياً، يبدو بوتين سعيداً بالنزاع المجمد طالما أن أحداً لا يولي اهتماماً جدياً بسوريا. ففي حين غالباً ما يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنهم بحاجة إلى "حل" المشاكل العالمية مثل النزاع في سوريا، إلا أن بوتين ينظر إلى الأمور بمنظار مختلف. فهو سعيد بترك المشاكل على ما هي عليه إلى حين تداعي المصالح الأمريكية. فهو يتّبع استراتيجية عامة تتمثل بالانتظار والترقب.
وتشير بعض رسائل إدارة بايدن إلى أنها لا تمانع النزاع المجمّد، سواء في سوريا أو مع روسيا بشكل عام. ومع ذلك، لا تزال استراتيجية البيت الأبيض إزاء سوريا مربكة. ويبدو أن الإدارة الأمريكية مهتمة للغاية بالمسائل الصغيرة مثل المفاوضات بشأن المساعدات الإنسانية العابرة للحدود. فواقع أن واشنطن تُشغل وقت الرئيس الأمريكي بضغوط حول معبر حدودي واحد يُظهر أن ميزان القوى في سوريا قد تحوّل إلى حدّ كبير نحو مسار مواتٍ لروسيا.
-------------------------------------------------------------------------------
https://maysaloon.news 9تموز-يوليو2020
الجذور التاريخية للصراع في ليبيا
وائل إدريس ( كاتب وباحث ليبي).
لا يمكن أن نفهم طبيعة الصراع في ليبيا ودوافع الأطراف المتقاتلة فيه بدون فهم لبنية المجتمع الليبي وتناقضاتها ونمط معاشه الاقتصادي، وهذا من الصعب فهمه دون الحفر داخل منظومة القبائل وتجارب صراعاتها التاريخية.
القبيلة هي وحدة سياسية واقتصادية واجتماعية، اعتمدت في تاريخها الحديث قبل اكتشاف النفط على الزراعة والتجارة أو عبر حماية القوافل التجارية التي كانت ليبيا خطا تجاريا لها بين تشاد ودارفور والنيجر ومناطق شرق مصر، وتبادل الفائض الزراعي بين بعضها حسب طبيعة التربة وتنوع الزراعة بين مناطقها، كانت تنفجر الصراعات بين القبائل في بعضها بتأثيرات مناخية كأوقات الجفاف وانقطاع الأمطار أو بين السلطة في طرابلس والقبائل بعد انقطاع القرصنة في البحر المتوسط وازدياد الضرائب والحاجة لمشاركة اقتصاد القبائل باستقطاع نصيب من ريعها أو السيطرة على تجارتها كما حدث عندما أسقط والي طرابلس يوسف القرمانلي دولة أولاد إمحمد الفاسي في فزان.
دولة أولاد إمحمد الفاسي
نجد إن عهد أولاد إمحمد الفاسي في القرن السابع عشر تحديدا كانت كلها فترة حروب مع الدولة المركزية في طرابلس فمتى ضعف مركز الدولة، أوقف سلاطين أولاد إمحمد دفع الخراج، فحدثت بينهم حروب في عهد المنتصر بن ناصر الذيقُتل وكذلك في حكم أخيه الطاهر، وفي حكم ابن أخيهم محمد بن جهيم الجد إلى حكم محمد بن جهيم الحفيد ثم حكم الناصر، ولم يلتزموا بدفع الخراج حتى جاء حكم القرمانلي على ولاية طرابلس الذي كان أكثر قوة وحزمًا واعتمدوا على قبائل المحاميد الشديدة في بسط نفوذهم.
من الجدير بالذكر انه عندما أراد محمد الساقزلي والي طرابلس السيطرة على فزان في عهد الطاهر بعد أن قتلوا النائب التركي هناك، ارتأى أن يجلب أحمد بن هويدي الخرماني، والخرمان هم من سكان وادي الآجال لجأوا إلى طرابلس بعد أن زاد الطاهر من الضرائب والخراج وطغى وتجبر عليهم، وكانت تلك المناطق التي حكمها أولاد امحمد تحت حكمهم لذلك كانوا حانقين على أولاد إمحمد ووجد الساقزلي ضالته فيهم، إذ هذا الاحتياج يضمن له دفع الخراج بشكل مستمر.
دخول النفط
مع مجئ النفط لم تتغير طبيعة التناقضات القرابية في المجتمع، إذ اعتمادهم على النفط وتقاسم حصص مكاسبه داخل الدولة، أعاد إنتاج العصبية القبلية في ليبيا وأسهم في توطيد العلاقات القبلية ولكون القبائل بتعددها، فهي بالتالي احتاجت إلى تحالفات وصفوف، سواءً تحالفات أنشأت تجمعات قبلية أكبر داخل مناطقها وأصبحت تحالفات ثابتة ودائمة بسبب تواجدها الجغرافي في منطقة واحدة، كتحالف قبائل ورفلة في بني وليد، أو ترهونة أو مصراتة على سبيل المثال رغم اختلاف أصولها، أو صفوف لمجموعة قبائل تتغير مع سياق الصراع ووحدة المصالح القبلية فيه، ففي الماضي العثماني والإيطالي كانت هناك أحْلاف أولاد بوسيف والمشاشية والجبالية في مقابل صف الزنتان والرجبان والمحاميد في الجبل الغربي والقبلة، والصف الفوقي لأولاد سليمان وورفلة والقذاذفة في مقابل صف البحر المكون من مدن الساحل الطرابلسي كطرابلس والزاوية ومعهم مصراتة وزليتن والخمس ومسلاتة وضمت في مراحل أخرى قبائل الرّياح والمقارحة والفرجان.
القبيلة والحركة السنوسية
قبائل برقة تنحصر بين بطنين رئيسين، قبائل السعادي الذين ينحدرون من قبائل بني سليم، وهاجروا زمن الدولة الفاطمية مع بني هلال إلى شمال أفريقيا ــ كأولاد علي والجوازي والعواقير والبراعصة والعبيدات والدِّرَسة والحاسة والمغاربة ــ ، وقبائل المرابطين وهم القبائل العربية ذات الوجود الأقدم تاريخيا في ليبيا كالمنفة - قبيلة عمر المختار- والمسامير والعوامة والفواخر والزوية إلخ ....
علاقة المرابطين بالسعادي قديمًا تخللها تشابك معقد، من خلال سيطرة السعادي على معظم المراعي وآبار المياه، ومع ذلك كانت المِلْكية الجماعية للأراضي هي السائدة، إذ كان السعادي يأذنون للمرابطين باستخدام المراعي والآبار، مقابل ذلك كان المرابطون يقدمون لهم الحبوب كهدايا أو ريع، بالإضافة إلى تحمل تكاليف الدية في حوادث القتل داخل قبائل السعادي، ولكون المرابطين من المحاربين أيضا فهذا دفع قبائل السعادي للاستعانة بهم في معارك القبائل التي تأتي من الخارج، ومن خلال ذلك انخرط جزء من المرابطين داخل هيكلة قبائل السعادي، في كل قبيلة سعادية على حدة كان بينها أفخاذ من المرابطين، والملكية الجماعية لفترات طويلة ساهمت في تقليص التناقضات القبلية بينهم ، لكن في القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر تأثرت برقة بتغير ديموغرافي نتيجة هجرات قبائل المنطقة الغربية - القبائل الطرابلسية - ، وكذلك مع الحروب التي خاضتها قبائل طرابلس تحت سلطة والي طرابلس – ليبيا سابقا – يوسف القرمانلي في جزء منها للصراعات القبلية على المراعي التي بدأت تظهر مع ازدياد عدد السكان في تلك القبائل ، بالإضافة لعامل نقص المياه في الآبار نتيجة لطبيعة التربة التي تحتفظ بمستوى أقل من المياه مقارنة بالتربة في المنطقة الغربية، وفي جزء آخر صراعات السلطة داخل أسرة القرمانلي ابتداء من حرب الجوازي والفوايد ضد قبائل السعادي الأخرى مجتمعة من عواقير ومغاربة وبراعصة 1811 - 1812 م المدعومة من باشا طرابلس وحرب تحالف الجوازي وأولاد علي ضد العبيدات 1817 م وقد ساند يوسف القرمانلي العبيدات فيها، أدت هذه الحروب إلى هجرة قبائل الجوازي وأولاد علي والفوايد إلى مصر والصحراء الغربية، ولم يبقَ منهم إلا أعداد قليلة خصوصا من قبائل الجوازي الذين زادت أعدادهم في الشرق الليبي اليوم، فيما أصبحتا بنغازي ودرنة موطنا للقبائل الطرابلسية.
مع بدء مرحلة الملكية في ليبيا واعتراف الأمم المتحدة بليبيا كدولة التي أنشأت ليبيا بشكلها الحالي، سيطر من خلالها الملك إدريس السنوسي على مقاليد الحكم وثبّت حكمه محليا بدعم من قبائل برقة معقل الحركة السنوسية التي أسسها جده، محمد بن علي السنوسي المعروف بالسنوسي الكبير، والتي خاضت تحت أحمد الشريف السنوسي وعمر المختار المنفي معارك الجهاد ضد الاستعمار الإيطالي في برقة، كما وانبثق عنها تأسيس جيش السنوسية عندما كان إدريس السنوسي في الإسكندرية تحت قيادة الإنجليز الذين دخلوا معهم ليبيا بعد هزيمة دول المحور الإيطالي والألماني في الحرب العالمية الثانية، لذلك اعتمد عليهم الملك لاحقا في تشكيل ما تعرف بقوة دفاع برقة.
لم يكن حكم القصر بمعزل عن دور القبائل في برقة، فسيطرة السنوسية لم يكن نتيجة لتأثيرهم الديني فحسب على حياة القبائل؛ ولكن أيضا لأن العائلة الحاكمة لا جذور قبلية لها في الداخل، فهي تمنح التوازن المطلوب بين قبائل برقة بحيث لا تسيطر إحدى القبائل على البقية إذا ما انهالت على الريع الداخل إلى خزائن سلطانها، فهو يسع القبائل بوجود العائلة ومن هنا نستطيع أن نفهم أن حكم السنوسية كان حكما مشتركا لقبائل برقة من سعادي ومرابطين، وعندما خرجت السلطة من تحتها بقيت هذه القبائل ناقمة على سلطة العقيد القذافي الذي اعتبرته امتداد لحكم القبائل الطرابلسية.
أحداث 14/13 يناير 1964
يمكننا أن نفهم مدى الدور الذي لعبته قبائل برقة في القصر من خلال أحداث 14/13 يناير/كانون الثاني 1964 التاريخية الشهيرة في ليبيا، ودائما ما يتم مناقشتها من خلال سردية سياسية متعلقة بالمد القومي الناصري وقمع السلطة بدون النظر إلى دور القبائل والقرابات الاجتماعية عليها.
في يوم 13 و 14 يناير خرجت مظاهرات من طلبة جامعة بنغازي تنديدا بعدم ذهاب الملك لحضور القمة العربية المنعقدة في القاهرة بخصوص تحويل مجرى نهرالأردن وإرسال ولي العهد نيابة عنه، ما لبثت أن شملت المظاهرات طلبة المدارس الثانوية وجزء من أهالي بنغازي، بعد أن تم التعرض بالضرب والقمع للمتظاهرين داخل الحرم الجامعي من قبل القوة المتحركة – كانت تُسّمى بقوة دفاع برقة قبل تأسيس النظام الاتحاد عام 1963 تحت قيادة محمود بوقويطين صهر عائلة الشلحي - التي كان لديها معسكران في قرنادة وبنينة وكان تسليحها أكبر من تسليح الجيش الليبي والقوة الضاربة للملك، وكان يرأسها السنوسي الفزاني آنذاك، حيث تم الاعتداء على الطلبة بالرصاص وأصيب بعضهم وقتل ثلاثة طلبة في هذه الأحداث، تم تشكيل لجنة تحقيقات وزارية بأمر من رئيس الوزراء المكلف منصور بن قدارة وسلمت تقريرها لرئيس الوزراء محي الدين فكيني، والذي أثبت تورط مدير الأمن العام محمود بوقويطين البرعصي – آمر القوة المتحركة السابق – بإعطاء أوامر إطلاق الرصاص على الطلبة ومعه العقيد السنوسي الفزاني آمر القوة المتحركة وعبد الونيس العبار العقوري حكمدار بنغازي وأحمد حسين الدرسي رئيس مركز البركة، فطالبت النيابة بتوقيفهم باستثناء بوقويطين، الذي طلب فكيني من الملك إقالته فرفض الملك إقالة بوقويطين البرعصي وقبل استقالة محي الدين فكيني.
وثائق المخابرات الأمريكية المفرج عنها عام 2015 بخصوص أحداث يناير/ كانون الثاني 1964 ذكرت أن الملك هو من أسقط رئيس الوزراء.
كذلك تقرير من مكتب تابع للسفارة البريطانية في بنغازي بتاريخ 22 يناير/ كانون الثاني 1964 قال إن مما لاشك فيه أن أهالي المدينة فقدوا الثقة في الشخصيات البرقاوية في قوات الأمن والتي كانت تعرف بـ قوات دفاع برقة.
الذي حدث لاحقا أن وكيل النيابة عبد الغني كامل تعرض للتهديدات العلنية وٱرغم على السفر بل وتمت محاولة اغتياله داخل بنايته ليترك القضية، ورغم القبض على الجاني إلا أنه ٱطلق سراحه لاحقا بينما المتهم الرئيسي في قتل الطلبة فقد أخرجته قبيلته الدرسة بقوة السلاح بعد أن هجمت على المحكمة ، ليذهب إلى منطقته، ونتيجة للغضب الشعبيّ الذي كان يمثل ذوي الأصول الغرباوية في برقة وبالأخص هنا مصراتة، فقد تم تشكيل لجنة بقيادة الشيخ عبد الحميد العبار العقوري واتفقت اللجنة مع قبيلة المتهم على ألّا يرجع المتهم إلى السجن أبدا وأن يبقى في ضيافة العبار إلى انتهاء المحكمة، وبعد محاولة اغتيال وكيل النيابة وإصابته بالرصاص طالب القضاة العرب بنقل المحكمة إلى طرابلس لتأمينهم مع النيابة والشهود الذين كانوا بلا حماية بين قبائل برقة التي تريد اطلاق سراح ابنها لكن الفريق أبوقويطين البرعصي رفض طلبهم وبقيت المحكمة في بنغازي وجُلب لهم قضاة بقيادة منير البرعصي الذي أصدر حكمه ببراءة المتهم الرئيسي أحمد حسين الدرسي والسنوسي الفزاني.
لو تأملنا أسماء الطلبة الخمسة والثمانين الضحايا بمن فيهم القتلى الذين ذُكرت أسمائهم سنجد أن غالبيتهم كانت من أبناء القبائل الطرابلسية في برقة كالقزيري والضراط والمنقوش وبن سعود وبالروين وبن حريز والبيجو والغويل والورفلي والتاجوري والبوري والنيهوم والشركسي والغرياني والجهمي والقمودي وبوشعالة وبوقرين والفقي والبقية. بينما كانت تُشكل قوات دفاع برقة من أبناء القبائل البرقاوية أو كما تُعرف في برقة بالبوادي.
هذه الحادثة ترسم بوضوح ارتباط القصر بالقبائل البرقاوية وتناقضها المحلي مع القبائل الطرابلسية في بنغازي ودرنة وبالأخص ذوي الأصول المصراتية لأنهم كانوا يشكلون نصف سكان مدينة بنغازي على الأقل وتقاسموا المناصب لاحقا في عهد القذافي مع العواقير وبقية قبائل برقة إلا أنهم كانوا الأكثر وزنا في التجارة، وقد وصل التصادم بعد انفجار التناقضات الاجتماعية عقب "ثورة" فبراير 2011 والفراغ وتصارع الميليشيات القرابية حدا يصعب فيه قبول الاثنين ببعضهما ومن هنا وجد حفتر مبتغاه في الحاضنة الاجتماعية التي ستقاتل معه في مشروعه السياسي.
حرب الكرامة والمطار صيف 2014
تعتبر سنة 2014 هي البداية الفعلية في شقاق أطراف فبراير ودخولها في صراع حاسم على ريع الدولة لكن هذا وإن كان منطقيا وحتميا في النهاية إلا أنه احتاج لتلك القشة التي قصمت ظهر تحالفهم، وأزعم أني أدركت وقوعها القريب لا محالة قبل أشهر من اندلاعها، ولكن قبل ذلك دعنا نستعرض اهم القوى الاجتماعية التي سيطرت بعد الإطاحة بالنظام السابق.
مصراتة
"إنَّ الرسائل عندما تأتي من مصراتة يكون لها وقع آخر"
وزير الداخلية الليبي فوزي عبد العال الذي ينتمي لقبائل مصراتة مهددًا دعاة الفيدرالية في المنطقة الشرقية
تعتبر مصراتة أهم القوى الاجتماعية التي امتلكت حظوة كبيرة داخل الدولة الجديدة، فمصراتة تعتبر قوة عددية هائلة فضلا عن انتشارها الديموغرافي بين طرابلس وبرقة وتحتكم لقوة موحدة داخلها سيطرت على أهم معسكرات التسليح في سرت والجفرة وتاجوراء وطرابلس عام 2011، ولها موالون في ذات المناطق التي كانت تحت قيادة رمضان السويحلي فترة الجهاد ضد الاستعمار الإيطالي بين عامي 1915 – 1919، من حدود طرابلس إلى مصراتة عبر خط الساحل وجنوبا إلى مسلاتة، ولها أيضًا موالون في الشرق/برقة من أبناء عمومتهم الذين كانت قياداتهم من الجماعات الإسلامية، وأضف عليهم حلفاء طرابلس والجبل الغربي - مع استثناء الزنتان وحلفائها القدامى كالرجبان وبعض القبائل التي كانت موالية للقذافي وتم إقصائها كالمشاشية -، بالإضافة لأولاد سليمان في الجنوب الليبي الذين سيطروا على سبها عاصمة فزان.
ونالت مصراتة لوزنها العسكري في أول حكومة في الدولة الجديدة، وزارة الداخلية "مصطفى عبد العال" ورئاسة الأركان "مصطفى المنقوش"، ومسؤول الدفاع في المؤتمر الوطني"البرلمان الليبي"عبد الرحمن السويحلي.
الزنتان
"تحصلنا على المطار فقط وهو حصة قبيلة الزنتان وهو والله خير من ألف وزارة"
مختار الأخضر "الزنتاني"، آمر ميليشيا مطار طرابلس الدولي التي كانت تسيطر عليه قبيلة الزنتان في حديث له مطلع عام 2014.
من المعروف أن الزنتان أولى القبائل الليبية في الغرب الليبي التي تحركت ضد نظام العقيد القذافي ولذلك كان من المنطقي أن تكون قبيلة المشاشية في ضفة القذافي بفعل الضغائن والحروب القبلية القديمة، خاض المشاشية مع حلفائهم أولاد بوسيف عدة حروب ضد الزنتان والرجبان في عام 1780، وعام 1910-1911، وهي المعركة التي تركت أثرا في نفوس أولاد بوسيف والمشاشية من الدولة العثمانية لدعمها الزنتان، وقد يتساءل أحدهم لماذا لم تكن قبائل الجبالية – ما يُعرف بالأمازيغ – في الصف المناهض للزنتان خصوصا أنهم كانوا لفترة من حلفاء أولاد بوسيف وخاضوا معارك الجبل ضد الزنتان والرجبان فيما يعُرف بفتنة الجبل، والحقيقة أن الجبالية تقاطعت مصالحهم مع الزنتان باعتبارات إثنية ضد مشروع نظام القذافي الذي اعتبرته عروبيًا، مع كونهم كانوا متأخرين عن الزنتان في خروجهم على النظام السابق.
سيطرت الزنتان عندما دخلت طرابلس على مناطق جنوب طرابلس ومن ضمنها مطار طرابلس الدولي ومعسكرات النقلية واليرموك.
هذا التواجد العسكري منح للزنتان وزارة الدفاع بإمرة أسامة الجويلي الذي اشتُهر بقيادته لبرنارد هنري ليفي أثناء حرب 2011 .
قبائل الشرق
"أي جيش ! نحن من وضعنا حفتر الغرباوي وقتلناهم كلهم، خدها بصراحة حتى لا ينقلب الرأي العام، العرب التي تقود في المرحلة بوادي كلهم فيهم عوامة، وبراعصة ، وبراغثة ، وعواقير، لأن وصل فيهم السكين، ونحن اشتغلنا في الثورة، لا أن تذهب رئاسة الأركان للمصاريت وهم الذين يقودون المرحلة، هم الذين يتم تعيينهم في السفارات وهم الذين يتم إرسالهم كملحقيّين عسكريّين".
عز الدين الوكواك "العقوري"، آمر ميليشيا حماية مطار بنينة - بنغازي - في شهر يونيو/حزيران 2014 بعد شهر من بدء عملية الكرامة التي أطلقها حفتر.
في مبادرة فزان، يقولوا خذوا وزارتين واتركوا وزارة الدفاع، مايضحكوا علينا، قلت لهم المغاربة أخذوا البترول والعبيدات أخذوا البرلمان والبراعصة أخدوا الوزارة - يقصد الحكومة - ونحن نأخذ وزارة الموت !"
الشيخ ابريك اللواطي أحد مشايخ قبيلة العواقير في اجتماع مسجل مع قبيلته في فبراير/شباط 2017.
بقيت منطقة الشرق الليبي تعاني فراغا سياديا كبيرا نتيجة لأن القبائل الطرابلسية وقبائل برقة كليهما كانا قد شاركا في الثورة فلم يستطع أي طرف منهما إخضاع الآخر بحجة الانتماء لنظام القذافي لكن نتيجة لسيطرة مصراتة على رئاسة الأركان والداخلية فقد قدمت دعما للكتائب الموالية لها في المنطقة الشرقية والتي يقودها أبناء عمومتها رغم أن قيادتها ذات توجه إسلامي لكنها كانت تحوي عناصرها أبناء بنغازي من القبائل الطرابلسية، وأسست بديلا للجيش تحت عنوان درع ليبيا وكان درع ليبيا المنطقة الشرقية بقيادة وسام بن حميد المصراتي، ودعمت الميليشيات الأخرى كميليشيا راف الله السحاتي "ميليشيا شهداء 17 فبراير/شباط" التي كان يرأسها إسماعيل الصلابي المصراتي الشقيق الأصغر لعلي الصلابي.
في المقابل كان العداء من أبناء قبائل برقة في بنغازي ومحيطها لسيطرة مصراتة يتوجه نحو هذه الميليشيات دونا عن غيرها من الميليشيات البرقاوية كميليشيات العواقير التي ظلَّت بعيدة عن مطالب الشارع في المظاهرات التي خرجت ضد ميليشيات راف الله السحاتي في جمعة إنقاذ بنغازي 21 سبتمبر/أيلول 2012 وأحداث السبت الأسود في الثامن يونيو/حزيران 2013، ضد لواء درع ليبيا 1 بقيادة وسام بن حميد المصراتي والتي سقط فيها 32 قتيلا أدت لانسحاب لواء درع ليبيا، وهذه الأخيرة بحسب منظمة هيومان رايتس ووتش بتاريخ 13 يونيو/حزيران، فإن المناوشات بدأت بعد قدوم وفد من قبيلة البراغثة وطلبه إنهاء تواجد الكتيبة في المعسكر ومن ثم بدأت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين والتي لم تكن المظاهرة عفوية ولا حتى مدنية بل اشترك فيها أبناء قبيلة البراغثة المحسوبة على العواقير.
هذه التصادمات القبلية في بنغازي مع أعداد الاغتيالات التي تزايدت عام 2014 وفّرَت الأرض الخصبة لانطلاق عمليات حفتر في مايو/أيار 2014
لا يمكن هنا بأي حال تجاوز المجموعات الإسلامية الأخرى كأنصار الشريعة الموالية لتنظيم القاعدة التي فور انطلاق عمليات حفتر بالتحالف مع القبائل البرقاوية، لجأت ميليشيات وسام بن حميد للتحالف معها وفق ما عُرف بمجلس شورى ثوار بنغازي ، في الأشهر التالية من بدء الحرب ستتمخض "داعش" في ثلاثة مناطق، سرت وبنغازي ودرنة .
بينما في المنطقة الغربية بقيت كتائب قبائل مصراتة والزنتان في حالة تسوية مؤقتة مابين شدّ وجذب طيلة عام 2013 وبداية عام 2014 حتى انهم اشتركوا سوية في قمع عملية أسد الصحراء في الجنوب الليبي داخل سبها وقاعدة تمنهنت التي كان يقودها نجل القذافي الساعدي من النيجر في يناير/كانون الثاني 2014 وكادت ان تنجح لولا تراجع الأطراف التي نسقت لها في أكثر من مدينة، بالإضافة لسوء توقيتها المبكر، قبل ان تبدأ حرب الإخوة في تيار فبراير، التي مالبثت أن تطورت الأمور بعد هزيمة مصراتة وحلفائها من الإسلاميين في انتخابات 25 يونيو/حزيران 2014 وكانت خسارة مصراتة تعني تناقضا لحجم قوتها العسكرية والسياسية في البلاد، وكذلك تهديد لوجودها العسكري وحصتها المناسبة لوجودها هذا من ريع الدولة، وأصبح لا مفر من حربها على الزنتان وحلفائها والسيطرة على طرابلس بذريعة حماية الثورة.
يجدر الإشارة هنا، إلى أن الإمارات دخلت على خط المواجهة مع قطر منذ عام 2013، وعبر محمود جبريل "رئيس المكتب التنفيذي السابق التابع للمجلس الانتقالي عام 2011" بدعم حلفائه الزنتان حيث أن عثمان مليقطة الزنتاني آمر كتيبة القعقاع هو شقيق عبد المجيد مليقطة الأمين العام لتحالف القوى الوطنية الذي يقوده محمود جبريل وقد أرسلت الإمارات في صيف 2014 شحنات من الأسلحة للزنتان بالتنسيق مع واشنطن كما يوضح ذلك من إيميلات العتيبة سفير الإمارات في واشنطن وسوزان رايس المسربة، بينما اعتمدت قطر ومنذ 2011 على تحالفات الإخوان والجماعات الإسلامية مع مصراتة، كبرى القبائل الليبية، لعلمها بوزنها القبلي داخليا، وهذا ما سنجده قد تغير لاحقا بعد انتصار مصراتة وحلفائها في حرب المطار.
-----------------------------------------------------------------------------------------------







زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135



#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار- العدد 58
- المسار- العدد 57
- المسار- العدد 56
- المسار- العدد 55
- المسار- العدد 54
- المسار- العدد 53
- المسار- العدد 52
- المسار- العدد 51
- المسار- العدد 50
- المسار- العدد 49
- المسار- العدد 48
- المسار- العدد 47
- لا للتطبيع لا للأنظمة التابعة
- المسار- العدد 46
- المسار- العدد 45
- المسار- العدد 44
- المسار- العدد 43
- المسار- العدد 42
- المسار- العدد 41
- المسار- العدد 40


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 59