أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 55















المزيد.....



المسار- العدد 55


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 7003 - 2021 / 8 / 29 - 22:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




العدد /55/ آبأغسطس 2021
---------------------------------------------------------------------------------
الافتتاحية:
هل هناك طبقة بورجوازية في سوريا المعاصرة؟...
يفرق كارل ماركس بين مصطلحي (الطبقة في ذاتها) و(الطبقة من أجل ذاتها).
(الطبقة في ذاتها) ،حسب ماركس،هي مجموعة اجتماعية تملك علاقات انتاج مع وسائل الانتاج. (الطبقة من أجل ذاتها)هي منظومة طبقية تعي مصالحها وتفرز أفكاراً ومؤسسات سياسية وثقافية ودستورية وتشريعية من أجل حماية وتعزيز هذه المصالح.ماركس يرى أن الطبقة لاتتكون إلاعندما يكون هناك وصولاً من قبل مجموعة اجتماعية إلى وضع(الطبقة من أجل ذاتها)بكل مايعنيه هذا من وعي طبقي يفرز تمظهرات مطابقة في الوعي السياسي- الثقافي- الاجتماعي .
في فترة (الطبقة في ذاتها)لايكون هناك نظاماً اقتصادياً رأسمالياً مرفوقاً برديف سياسي ،حيث تكون الصناعة والتجارة والمصارف تحت خيمة الملكية الخاصة،بل يكون هناك رأسماليين في نظام اقتصادي- اجتماعي-سياسي – ثقافي غير رأسمالي أويكون نظاماً اقتصادياً –اجتماعياً- سياسياً- ثقافياً ل(رأسمالية الدولة)،حيث تملك الدولة السيطرة على علاقات الانتاج ووسائل الانتاج،يوجد فيه رأسماليون يسمح لهم نظام (رأسمالية الدولة)بالعمل وفق مبدأ الملكية الخاصة ولكن من خلال علاقة "ما"وتداخلات معينة مع(رأسمالية الدولة).
مصطلحا(الطبقة في ذاتها)و(الطبقة من أجل ذاتها)يمكن تطبيقهما على مرحلة نشوء ومرحلة تكون كل الطبقات بمافيها الطبقة العاملة.
في مصر23يوليو1952وسوريا8آذار1963أفرز انقلابان عسكريان وصلت من خلاله مجموعة سياسية ،ذات خلفيات طبقية ريفية أومن الفئات البينية في المدن والبلدات الصغرى،إلى السيطرة على السلطة السياسية،ومن خلال قوة الأخيرة تم احداث انقلاب جذري في البنية الاقتصادية- الاجتماعية السابقة التي كانت تسيطر من خلالها رأسمالية صناعية – مصرفية- تجارية على علاقات الانتاج ،بالتحالف مع الملاكين الكبار في الريف،وعبر تلك السيطرة كانت تسيطر على السلطة السياسية بالترافق مع وعي طبقي سياسي – ثقافي بمصالحها.تم عبر 23يوليو1952المصري و8آذارالسوري انشاء نظام من (رأسمالية الدولة)،ولكنه، كمسار حتمي لكل التجارب العالمية لنظام (رأسمالية الدولة) كان الأخير رحماً لتوليد نظام(اقتصاد السوق)،وفي البعض منها كانت الولادة يحل فيها الوليد بدل الأم(مثل أنظمة أوروبة الشرقية التي كانت في حلف وارسو)أويتجاور الوليد مع الأم في علاقة تجاور تعايشي،مثل الصين المعاصرة وروسيا بوتين أومصر مابعد جمال عبد الناصر أوسوريا مابعد16تشرين ثاني1970.
(اقتصاد السوق)ليس ردة أوانحراف عن (رأسمالية الدولة)بل استمرارية سياقية له كنظام اقتصادي- اجتماعي،وإن كان لايتطابق معه سياسياً وثقافياً بالمعنى الأيديولوجي،مع ملاحظة أن بعض التجارب المذكورة تختار أن تحافظ على القشرة الأيديولوجية القديمة لنظام (رأسمالية الدولة)،كمافي سوريا المعاصرة،أوتتجه إلى تسويغ الخيارات الجديدة مثل التسويغ الصيني منذ 1987لقيادة الحزب الشيوعي للعملية الرأسمالية بأن هذا ماوصفه كارل ماركس لألمانية المتخلفة في "البيان الشيوعي"،أي أن يتحالف الشيوعيون مع الليبراليين من أجل انهاء العلاقات الماقبل رأسمالية عبر ثورة بورجوازية ألمانية ،فيماقال ماركس بأن انكلترا وفرنسة قد أنجزتا الثورة البورجوازية وبالتالي يجب أن يسعى الشيوعيون فيهما إلى ثورة اشتراكية.كان رأي ماركس المذكور مخالفاً لطريق لينين في ثورة أوكتوبر1917عندما سعى لينين إلى ثورة اشتراكية في بلد تسود فيه العلاقات الاقتصادية- الاجتماعية الماقبل رأسمالية،وهو مافشل فيه الشيوعيون السوفيات طوال ثلاثة أرباع القرن .
في مصر مابعد جمال عبدالناصر تم انشاء نظام من (اقتصاد السوق)وتم تضييق مساحات (رأسمالية الدولة)إلى حد كبير،وإن ظلت السلطة السياسية،التي تتكون من دولة عميقة هيكلها العظمي هو المؤسسة العسكرية زائد الإدارة ،هي الماسكة بمقود ضابط الايقاع للعملية الاقتصادية،ولكن انوجد في مصر السادات- مبارك- السيسي جنيناً يمكن بقفزة واحدة أن يتحول إلى (طبقة من أجل ذاتها)،وإن كان يلاحظ أن الرأسماليون المصريون كانوا مؤيدين لانقلاب السيسي على الاسلاميين في 3يوليو2013،ولكن يلاحظ أن هناك توازناً للقوى بين سلطة السيسي وبين الرأسماليين المصريين،يملك الأخيرون في هذا التوازن قوة مرموقة وإن كان الميزان لم يمل لكفتهم بعد.
في سوريا المعاصرة هناك وضع مختلف عن الوضع المصري.الراسمالية السورية الجديدة أتت من تحت خيمة السلطة السياسية المنبثقة عن نظام (رأسمالية الدولة)،وقد تمت ولادتها في تواريخ1974(نظام التعهدات) و1991(المرسوم10)و2004(انشاء المصارف الخاصة)ومابعد18آذار2011(اقتصاد الأزمة).معادلة أن (السلطة )تصنع (الثروة)،أوتنزعها وتلغيها،هي واضحة كثيراً في سوريا1974-2021،والرأسمالي السوري يدرك ذلك لذلك يحاول أن لايتجاوز حدود المرسوم له في العملية الاقتصادية بالترافق مع ادراك عميق من قبله بأن السياسة هي خط أحمر أمامه.وبالتأكيد كان درس رياض سيف بليغاً في عام2001،وقد تم استيعابه بعمق من قبل الرأسماليين السوريين،عندما حاول رأسمالي صناعي سوري أن يدخل في السياسة ومن موقع معارض،ولتضعه السلطة في السجن بعد أن قامت بالتضييق الاقتصادي عليه.
في سوريا المعاصرة يوجد رأسماليون ،ولكن لم توجد بعد طبقة بورجوازية تكون (طبقة من أجل ذاتها)بالترافق مع وعي طبقي خاص يتمظهر في مجالات السياسة والثقافة والاجتماع والرؤية للدستور والنظام التشريعي،بل مازال الرأسماليون السوريون المعاصرون يفضلون فصل الاقتصاد عن السياسة والمجالات الأخرى والركوب في احدى عربات القطار الذي تقوده مقطورة السلطة السياسية لنظام (رأسمالية الدولة).
-----------------------------------------------------------------------------------------
الذكرى العاشرة للإنتفاضة السورية: منظور الاقتصاد السياسي
ستيفن هايدمان و جهاد يازجي
الجمعة ٢٦ آذار(مارس) ٢٠٢١
"المرصد السوري "
- ترجمة رامز مكرم باكير -
شهد العقد الأول من حكم بشار الأسد بعض التطورات الاقتصادية الإيجابية, ومستوى من الفساد كان عالياً ولكن ليس بالضرورة أسوأ مما هو عليه في العديد من البلدان النامية الأخرى. فهل من الظلم وصف سياسات بشار الأسد خلال تلك الفترة بأنها سيئة من الناحية الاقتصادية؟

في العديد من النواحي، كانت سوريا خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تحوي قصة اقتصادين. في إحداها ، وإذاما نظرنا إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي الـ(macroeconomy)، نجد أن أداء البلاد كان جيدا على الرغم من السنوات التي شهد فيها المشهد السياسي بعض الصدمات الشديدة. و يلاحظ ان نمو الناتج المحلي الإجمالي كان مرتفعًا بشكل معقول ، وكانت معدلات التضخم معتدلة ، وكانت احتياطيات النقد الأجنبي جيدة عند حوالي ١٨ مليار دولار ، وشهدت معدلات الدين الحكومي انخفاضا كبيرا في عام ٢٠٠٣ بعد أن تنازلت روسيا عن بعض القروض المستحقة الغير المسددة.

بينما في الاقتصاد الآخر ، كانت الصورة أكثر إثارة للقلق. فقد حجبت هذه المؤشرات الإيجابية حقيقة أن اوضاع العديد من السوريين كانت في تراجع . ففي عام ٢٠٠٧ ، على سبيل المثال ، نشر برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) دراسة عن عدم المساواة في سوريا، وخلصت الدراسة الى أن "النمو على المستوى الوطني لم يكن لصالح الطبقة الفقيرة". تؤكد البيانات المحدودة التي لدينا أن العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كان عقداً من التفاوت الطبقي المتزايد. وكان للنمو غير المتكافئ الكثير من الآثار السلبية والتي تجاوزت حتى هذا التفاوت، مما دفع إلى حدوث طفرة عقارية جعلت تكاليف الإسكان بعيدة عن متناول العديد من الناس. وعلى الرغم من النمو الإيجابي للناتج المحلي الإجمالي ، ظلت البطالة مرتفعة ، لا سيما بين الشباب ، عند نحو حوالي ٢٠٪ أو أكثر لمعظم العقد. و يجب أن نتذكر أيضًا أن بداية الجفاف في عام ٢٠٠٦، والذي جلب زيادة حادة في الفقر الريفي في شرق سوريا، وأدى إلى خروج مئات آلاف الناس من أراضيهم، والانتقال الى مساكن غير رسمية و سيئة الخدمات، والتي تركزت حول المدن الكبيرة، بما في ذلك دمشق. أما بالنسبة للفساد ، فإن تقارير الفساد العالمية التي أصدرتها منظمة الشفافية الدولية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تضع سوريا في مرتبة أعلى بقليل من القاع. حيث كان أداء عدد قليل من البلدان فقط هو الأسوأ.

حكاية الاقتصادين هذه هي السبب وراء نظرة البنك الدولي لأسباب الانتفاضات العربية، حيث خلص إلى أنه ما كان ينبغي أن تحدث الاحتجاجات على الإطلاق. ولكن عندما ننظر إلى ما يسميه البنك "تصورات الرضا عن الحياة" ، كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي شهدت انخفاضًا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، وكان الانخفاض أكبر في البلدان المتضررة من الانتفاضات ، بما في ذلك سوريا. بغض النظر عن مدى جودة أداء الاقتصاد بالنسبة لأقلية صغيرة، فقد شعرت الأغلبية بأنهم قد تخلفوا عن ركب تلك الاقلية، ممل ساهم في زبادة التظلمات والتي انعكست على شكل إنفجار في الرأي العام في عام ٢٠١١.

هناك جدال حول ما سبب الانتفاضة في سوريا.
ففي تونس ومصر ، كانت العوامل الاجتماعية-الاقتصادية واضحة وانعكست في شعارات المحتجين. بينما كان ذلك أقل في سوريا بالمقارنة.
ما مدى أهمية العوامل الاجتماعية والاقتصادية في دفع الناس إلى الشوارع ؟
لن نتسرع في تجاهل دور العوامل الاقتصادية في الانتفاضة السورية، وذلك للأسباب التي ذكرتها للتو.
ولكن يتعين علينا أن نفهم أيضاً أن المظلوميات الاقتصادية لم تكن بأي حال من الأحوال العامل الوحيد الذي دفع السوريين للانضمام إلى الاحتجاجات قبل عشر سنوات. كانت الكثير من العوامل الأخرى جزءًا من المعادلة، بما في ذلك المطالب الواسع (للكرامة) ، وهو مصطلح جاء لتعريف الانتفاضة للعديد من السوريين. فقد كان الناس ببساطة سائمين ومتعبين من العيش في خوف، و التعرض للإهانات اليومية المتمثلة في الاضطرار إلى رشوة المسؤولين للقيام بعملهم، أو الحصول على عمل - من القلق بشأن ما إذا كانت لديهم الواسطة الصحيحة، للحصول على الرعاية الصحية لأطفالهم ، والحصول على التعليم المناسب في الجامعة، الحصول على جواز سفر ، وهكذا. وهو ما جعلهم غاضبين، عندما رأوا رجالات النظام يفلتوا من العقاب بسلوكهم و ممارساتهم المنحطة، و التي كثيراً ما تكون ذات طابع إجرامي. الإفلات التام من العقاب.
عندما تحدثت مع الأصدقاء السوريين في عام ٢٠١١، كانوا يستخدمون عبارات كتلك التي سمعناها في الولايات المتحدة بعد مقتل جورج فلويد في الصيف الماضي: "شعرنا وكأننا نختنق“.
هذه المشاعر العامة والتجارب لم تكن عوامل أقل أهمية في تفسير بداية الاحتجاجات في سوريا من المظالم الاقتصادية . أعتقد أننا نستطيع أن نقول بإنصاف إن الاحتجاجات التي اندلعت في آذار(مارس) ٢٠١١ كانت عبارة عن تراكم هائل من المطالبة بالعدالة والإنصاف (الاجتماعية والسياسية والاقتصادية) من أجل إنهاء الممارسات المهينة اليومية التي فرضها النظام السوري على المجتمع السوري بالكامل باستثناء قلة من ذوي الامتيازات.

من بين التغيرات العديدة التي أثرت على الاقتصاد أثناء فترة الصراع تكوين نخبة جديدة في طبقة رجال الأعمال السوريين ، بما في ذلك زوال رامي مخلوف، وصعود سامر فوز، من بين العديد من المغتنيين الجدد من الصراع. ما هي العوامل التي تفسر التغيرات في تكوين هذه الطبقة ؟
لا شك في أن الصراع أدى إلى زعزعة استقرار شبكات رجال الأعمال و التجار التي كانت قائمة قبل الحرب ، مما أسفر عن فرز جديد في صفوف هذه الطبقة ”رابحين“ و ”خاسرين“. وكان أحد أهم التحولات التي أعقبت صعود بشار الأسد إلى السلطة تضييق نطاق ما يمكن أن نسميه "الشبكات ذات الامتيازات" داخل مجتمع الأعمال السوري. ففي عهد حافظ الأسد، كانت شبكات النظام و رجال الأعمال أكثر شمولا. مما كان بتيح فرصًا لإثراء الجماعات التي يشعر النظام بأنه بحاجة إليها ، بما في ذلك مجتمعات رجال الأعمال السنة. فمن ناحية الاقتصاد السياسي، يمكننا القول أن حافظ كان نظامه فاسدًا وافتراسياً ، ولكنه في الوقت نفسه، كان مدركاً أن موقفه سيكون أقوى إذا أتاح للآخرين مجالاً في توسيع حجم الاقتصاد بشكل عام.
بينما بدا بشار وجيله من عشيرة الأسد وكأنهم لم يفهموا هذا قط. هذه العقلية والسلوك المفترس من قبل رامي مخلوف وغيره من كان لهم تأثير مدمر على أوساط رجال الأعمال الذين وجدوا أنفسهم مشلولين تماماً ، وأجبروا على أن يتخذوا مخلوف شريكاً، أو أن يبيعوا له أعمالهم التجارية. فما كان من رجال الأعمال المتضررين من هذا النوع من السلوك والممارسات إلّا تأييد المعارضة. وبالإضافة إلى ذلك ، غادر أصحاب أعمال آخرون البلد مع تصاعد العنف ، ليس لأسباب سياسية بل لإنقاذ أعمالهم التجارية.
وعلى الجانب الآخر ، هناك من رأى في الصراع فرصة وتحرك لسد الثغرات التي تركها أصحاب الأعمال الذين فروا أو انضموا إلى المعارضة. الحرب هي مشروع اقتصادي يتطلب الكثير ، وتلبية احتياجاتها خلقت جميع أنواع الإمكانيات للمجهولين النسبيين لجني المال. والمهم أيضا، إن كان أقل وضوحاً، هو دور الصراع في إيجاد مجموعة كبيرة جديدة من المستفيدين في زمن الحرب على الصعيدين الإقليمي والمحلي، من خلال المشاركة في الأنشطة الإجرامية. كما أُتيح لأي شخص لديه الموارد لتمويل ميليشيا من أن يصبح ثريًا نتيجة لذلك، وقام العديد من أمراء الحرب المحليين بذلك.كان أي شخص لديه الموارد اللازمة لتمويل الميليشيا قادرًا على أن يصبح ثريًا نتيجة لذلك. أما الآن، فيتطلع هؤلاء المستفيدون في زمن الحرب إلى غسيل أموال هذه المكاسب الغير مشروعة، وشراء زخارف الشرعية والمكانة الاجتماعية والاحترام التي ستقوي مواقفهم وثبتها- بما في ذلك من خلال دخول الانتخابات البرلمانية.
هل ستكون المؤسسة التجارية قبل الحرب قادرة على استعادة وضعها السابق؟ نحن نشك بذلك. كل المؤشرات تظهر أن هذه المتغيرات ستصبح دائمة.
يبدو أن روسيا تستفيد و تُرسمِل بشكل جيد نسبيًا على نفوذها السياسي والعسكري. ولكن الأمر لا يبدوا كذلك بالنسبة لإيران. كيف تفسر ذلك ؟
سواء بشكل رسمي أو غير رسمي ، يبدو أن إيران وروسيا أسستا صيغة عمل تقاسمية في سوريا ، ولكن يبقى هناك وجود تنافس بين الطرفين لتوطيد نفوذهما من خلال توجهات تبدوا متباينة إلى حد كبير. وفي بعض الأحيان ، تجلبهم طموحاتهم إلى الصراع ، ولن أستغرب عندما أرى التوترات تزداد في السنوات المقبلة.
لا تهتم روسيا كثيرًا بنوعية الحكم بقدر اهتمامها باتساع نطاق الحكم. فبالنسبة لموسكو، توسيع وتقوية المؤسسات الرسمية ليس فقط وسيلة لتوطيد نفوذها وتوسيع علاقاتها التجارية في البلاد ، ولكن أيضًا تحقق لها أفضلية استراتيجية للحد من المخاطر المستقبلية في حال وجدت نفسها في مستنقع و دوامة انحدار، و مضطرة للحفاظ على نظام معطل.
من ناحية الاخرى، تعمل إيران على توسيع نطاق نفوذها وتوطيده من خلال قنوات مختلفة تماما ، من خلال تنمية وتعزيز وجودها داخل القطاعات غير الحكومية ، ولا سيما الجماعات المسلحة الاجنبية، وبين القبائل وغيرها من الجماعات المحلية. كما تعمل بهدوء أكبر لإنشاء موطئ قدم ثقافي وديني، وبناء شبكاته الخاصة بالمحسوبية ، وتعزيز سيطرتها على حزب الله للمساعدة في هذه الجهود، وبوجه عام، تسعى إيران إلى وضع الأسس التي تراها حاسمة لطموحها الطويل الأمد في حبس سوريا في إطار استراتيجيتها في المنطقة من جهة، وفي المحور الاقتصادي والثقافي والاجتماعي كعضو حاسم في جبهة المقاومة.
وقد أدى هذان النهجان المختلفان إلى تخفيف حدة التوتر بين روسيا وإيران إلى حد ما. ولكن حيثما يكون الصراع بين الطرفين - وخاصة بشأن المسائل المتعلقة بالجماعات المسلحة غير التابعة للدولة - فإن احتمال تصاعد التوترات دابم الوجود بالتأكيد.
إضافةً إلى ذلك ، من الواضح أن روسيا لا تشارك إيران الجهود المستمرة لجعل سوريا جبهة إضافية في صراعها مع إسرائيل. إختلافاتهم على هذا سبّبَ إحتكاكات في العلاقة ، ولكن ليس بشكلٍ صريح. ومع ذلك ، فإن احتمال تعرض روسيا وإيران للوقوع في صراع أكثر حدة أمر وارد و حقيقي ، وخاصة إذا بدا أن وجود إيران يقوض اهتمام روسيا بتطبيع نظام الأسد وإضفاء الشرعية عليه في نهاية المطاف واستعادة دولة مستقرة (حتى و إن كانت دولة قمعية و متسلطة).
كان الاقتصاد السوري في عام ٢٠٢١ في حالة سيئة ، وبدى حلفاء النظام عاجزين عن دعمه اقتصادياً. هل تعتقدون أن هذه الصعوبات الاقتصادية يمكن أن تؤثر على استراتيجية موسكو وطهران ؟
حتى الآن ، تبدو روسيا وإيران على استعداد لتحمل التكاليف الاقتصادية المترتبة على دورهما باعتبارهما الراعيان الرئيسيان لنظام الأسد. ففي شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي ، على سبيل المثال ، قدمت إيران خطاً ائتمانياً آخر قدره «بليون دولار» إلى النظام. وعلى هذا فإن أيا من البلدين لم يصل على ما يبدو إلى حدود استعداده للحفاظ على النظام على قدم وساق ، ولو بالكاد. وقد تمكنوا من الحفاظ على تكاليف مشاركتهم في سوريا منخفضة نسبياً ”بدافع الضرورة“. ولا تستطيع إيران ولا روسيا تقديم الكثير لسوريا في سبيل دعم إعادة الإعمار. ولا يقدم أي منهما مساعدة إنسانية كبيرة تذكر. ولم يكن أي منهما على استعداد لأن يتحمل عبء منع انهيار سوريا الاقتصادي أو أن يتولى زمام المبادرة في نوع من مشاريع "بناء الدولة". ولقد أدى هذا النهج إلى الحد من تعرض إيران وروسيا للمال في سوريا وساعدتهما على تجنب الخيارات الصعبة بشأن تكاليف دعمهما لنظام الأسد. والآن، و بعد أن بدأت أسعار النفط في التعافي من الانحدار الوبائي، فإن ضغوطهما الاقتصادية المحلية قد تتساهل أيضاً. إن ما إذا كان هذا التسامح والصبر سوف يستمر إلى ما لا نهاية يشكل سؤالاً مفتوحاً ، ولكن في واقع الأمر ، لا نستطيع أن نقول ما هو نوع الظروف الاقتصادية التي قد تؤدي إلى تحول في السياسة في طهران أو موسكو. حتى الآن ، عانى كل منهما من ضغوط اقتصادية كبيرة داخلياً و دولياً دون تغيير في المسار.
-----------------------------------------------------------------------------------------------
– الديمقراطية والعلمانية –
محمد سيد رصاص / مجلة “الآداب” اللبنانية –(عدد أيار- حزيران1999)- ص ص 12- 15
لم يرتبط مفهوما ” الديمقراطية ” و “العلمانية ” بشكل متزامن أو عضوي في التاريخ الغربي الحديث 0 بل نجد أن الأشكال الرئيسية لمقاومة كنيسة روما و هيمنتها على الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية،الممتدة من فترة الحروب الصليبية وحتى القرن السادس عشر، كانت تأتي من حركات دينية مضادة ،مثل البروتستانتية و البيوريتانية الإنكليزية، أو الكلفينية في سويسرا و هولندا 000 وقبلها من حركة جون ويكليف (1320-1384) الذي ترجم الكتاب المقدس إلى الإنكليزية، وحركة جان هس التشيكي (1369-1415)، اللتين دخلتا في صدام مع الفاتيكان.
-1-
لم تخرج السياسات الدولية عن إطار الحروب التي أخذت شكلاً دينياً، مثل حروب أسبانيا المتحالفة مع الفاتيكان ضد إنكلترا التي انشقت عن روما دينياً في عام1534، إلى أن تم حسم هذا الصراع في معركة الأرمادا عام 1588 بهزيمة الأسبان 0 كما أن آل هابسبورغ، الحاكمين في فيينا ، تدخّلوا في شؤون ألمانيا الداخلية،ضد انتشار البروتستانتية في وسط ألمانيا وشمالها0 وقد استطاع اليسوعيون، المدعومون من ملوك فيينا أن يجعلوا بولندا كاثوليكية بعد أن قضوا على الأرثوذوكسية ، قاطعين بذلك الجذور الواصلة لبولندا مع روسيا وكافة العالم السلافي، وعلى اللوثرية والكلفينية اللتين انتشرتا بقوة في بولندا في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
لقد عبّرت تلك الحروب عن بدايات تشكّل الدول القومية تحت زعامة سلطة الملك ضد النبلاء والبرلمانات المحلية، وفي البلدان التي اختارت خطاً مضاداً لروما ، كما في إنكلترا، نجد أن قانون السيادة الذي فصل كنيسة إنكلترا عن روما(عام1534) قد جعل الملك هو الرئيس الأعلى للكنيسة الأنجليكانية 000 فيما عزز الملوك سلطتهم القومية في البلدان الكاثوليكية عبر التحالف السياسي مع البابا ، أو عبر المؤسسة اليسوعية التابعة لروما التي سمحوا لها بالسيطرة على التعليم والنواحي المختلفة للحياة الاجتماعية والثقافية في البلد المعنيّ0
إن المحاولة التنظيرية الأساسية في فلسفة السياسة لتقديم منظور لا دينيّ ، أي بعيد عن الإكليروس، في السياسة ، قد أتت عبر مكيا فللي (1469-1527) الذي أدرك التعارض بين الارتباطات الدولية لكنيسة روما وبين موضوع الوحدة الإيطالية ، الأمر الذي جعله يراهن على أن مصير ايطاليا يجب فصله عن البابا لصالح أمير إيطاليّ “مّا” يقود عملية التوحيد الإيطالية 0 ولا يمكن عزل محاولة مكيا فللي عن المناخ الفكري الذي ساد أوروبا الغربية، بين منتصف القرن الخامس عشر وأواسط القرن السادس عشر، والذي عبّر عن تنامي دور الفرد والمجتمع في وجه المؤسسة الكنسية التي احتكرت النشاطات الثقافية و سيطرت على كثيرٍ من جوانب الحياة الاجتماعية ، وتدخلت بشكل كثيف في العملية السياسية في القرون القليلة السابقة لعصر مكيا فللي0
إن كلمة laity تعني جمهور المؤمنين (أو: سواد الناس) الذين لا ينتسبون إلى رجال الدين ، وقد اشتُقت منها كلمة laic التي تعني “مدني” أي غير منتسب إلى فئة الكهنوت ورجال الدين، ومنها أتت كلمة laicism التي تعني “النظام العلمانيّ” الذي لا يوجد فيه نفوذ كهنوتي في جهاز الدولة أو في السياسة 0 وهذا المصطلح لا يعني العداء للدين مثل المصطلح الآخر secularism الذي يعني العلمانية كتنظيم للمجتمع والتعليم، حيث لا يُسمح للدين وللكنيسة بأي دور فيهما ، بل يقتصر الدين على مجال الشعور الأخلاقيّ الجوانيّ في الفرد ولا يسمح بإعطائه أبعاداً مؤسساتية أو اجتماعية أبعد من ذاتية الفرد المؤمن 0
في العالم البروتستانتيّ انتصر مفهوم laicism لأنّ البروتستانتية بكلّ تفرعاتها – من لوثرية وكالفينية وبيوريتانية –لا تتضمن وجود فئة الإكليروس( Clergy). فالإصلاح البروتستانتيّ عنى أن لا وسيط بين المؤمن والله ، ومن هنا أتت المكانة المتفوقة للإنجيل على القس في البروتستانتية ،وحرية المؤمن في التفاعل مع النص الدينيّ بمعزلٍ عن الكنيسة. إلا أن هذا لم يمنع من أن تفرز البروتستانتية اتجاهاتٍ سياسيةً تحاول السيطرة على المقاليد الاجتماعية والثقافية و السياسية، كما نجد عند كالفن( 1509-1564) الذي أسس دولة جنيف؛ أو عند الكلفينيين الهولنديين الذين انتفضوا ضد السيطرة الأسبانية عام 1598 وأسسوا جمهوريةً كانت عماد النفوذ الهولندي التجاريّ العالميّ ؛ أو عند البيوريتان الإنكليز الذين قادوا ثورة البرلمان ضد الملك (1642-1649) و أقاموا حكمهم (1649-1660) ففرضوا منظورا تهم الفكريةّ والأخلاقيةّ والسلوكيةّ على المجتمع بوصفهم أفراداً متدينين لهم رؤيةٌ في السياسة والمجتمع والثقافة لا من موقعهم كرجال دين جدداً بدلاً من الإكليروس الكاثوليكيّ وحتى في فترة عهد ” الإعادة” (restoration ) ، حيث طغى النفوذ الثقافيّ ا لفرنسي ّعلى إنكلترا والمجلوب مع الأسرة المالكة العائدة من النفي الفرنسيّ في عهد البيوريتان ، نجد أنّ محاولات تشارلز الثاني الخفية لإعادة الكاثوليكية أو محاولات جيمس الثاني الصريحة قد أدت إلى “الثورة المجيدة” عام1688 ضد الأخير، على خلفية التوحد البروتستانتيّ المجتمعيّ ضد الكاثوليكية و الملكية المطلقة ، و لصالح سلطة البرلمان وجعل الملك يملك ولا يحكم 0
و أما في فرنسا الكاثوليكية ، فإننا نجد أنّ حكم لويس الرابع عشر (1643-1715)- عبر نقضه عام 1685 لمرسوم “نانت” (الذي صدر عام 1598 ليسمح بتعايش الكاثوليك مع البروتستانت في فرنسا) وما أدى إليه من اضطهادات عنيفة للبروتستانت الفرنسيين دفعتهم إلى الهجرة إلى سويسرا وإنكلترا – قد كرّس تحالف حكم الملكية المطلقة مع رجال الإكليروس الكاثوليكيّ في فرنسا0و لذلك فإن علمانيّة مفكّري عصر الأنوار الفرنسيين (فولتير، ديدرو، مونتسكيو، روسو000الخ) قد اجتمع فيها العداء لرجال الإكليروس والكنيسة بعدائهم للدولة القائمة ؛ وغالبيتهم(كديدرو، ودوهلباخ) كانوا يتبنّون الإلحاد ، أو اللامبالاة الدينية أو اللاأدرية (كما عند مونتسكيو) ، أو النزعة إلى الدين الطبيعي المتجاوزة لإطار ديني محددٍ (كما عند روسو) 0 ورغم أن هؤلاء جميعاً قد كانوا متأثرين بالتجربة الإنكليزية ، ولاسيما صيغة الحكم الملكي الدستوريّ ، ويريدون نقلها إلى فرنسا، فإنّ خصوصية فرنسة قد جعلت علمانيتهم عدائيةً للدين وفي حالة صدام معه، نتيجةً لتحالف الكنيسة مع الحكم المطلق 0
لقد أدت الثورة الفرنسية إلى تحطيم الحكم المطلق عام 1789 ، كما أدّت إصلاحات نابليون (1799-1815) إلى علمنة فرنسا ، رغم أن الكنيسة الكاثوليكية أبدت مقاوماتٍ كبيرة ، مستندةً إلى جذورها الاجتماعية القوية، واستخدمت كثيراً من نفوذها في عهد الإمبراطورية الثانية (1852-1870) ، وخاصةً على صعيد التعليم ، لكنّ الثورة الفرنسيّة حسمت الأمر بعدم السماح للكنيسة أو لرجال الدين بممارسة أيّ نفوذٍ أو دورٍ سياسيٍّ 0 غير أن هذا لم يمنع أن يكون ثمة في الحياة السياسية الفرنسية أفراد مدنيون كاثوليك متدينون ، لهم منظوراتٌ ثقافية أو سياسية مستلهمةٌ من الكاثوليكية0 وقد أبرزت فترة حكم فيشي(1940-1944) مدى قوة هؤلاء الأفراد التي لا تعود إلى فترة الاحتلال فحسب ، بل إلى العشرينيات و الثلاثينيات حيث برزت فلسفة ” التو مائية الجديدة ” التي استندت إليها الأحزاب الديمقراطية المسيحية في البلدان الأوروبية والأمريكية اللاتينية 0
في فرنسا القرن التاسع عشر، لم نعد نجد ملحدين عظاماَ على طراز ديدرو ودوهلباخ ، بل صرنا نجد علمانيين راديكاليين يؤمنون بفصل الكنيسة عن الدولة وإقامة مدارس علمانية ، كما في برنامج الحزب الراديكاليّ في انتخابات عام 1881 ، وكان كليمنصو من أبرز زعمائه 0 والحقّ أنّ العلمانية التي انتصرت في فرنسا ، أخيراً، لم تكن علمانية فولتير وديدرو وعصر الأنوار الفرنسيين ، بل العلمانية الأنكو- ساكسونية التي تفصل المدنيّ عن الإكليريكيّ ، ولكنها لم تمنع وجود تيارات ثقافية وفكرية وسياسية دينية يتبناها مدنيون في الحياة الاجتماعية للمجتمع الذي تسوده العلمانية laicism لا تلك التي يمثّلها مفهوم secularism.
-2-
من ذلك كله نستخلص أنّ العلمانية الموجهة ضد الكنيسة قد فرضتها حركات دينية منشقة عن الكاثوليكية ، ولم تكن هذه العلمانية تعني أكثر من منع تدخل الكنيسة و رجال الدين في شؤون الدولة السياسية 0
لم تؤدّ العلمنة هنا ، بما تعنيه كلمة laicism من نزع سلطة الكنيسة والإكليروس عن الدولة السياسية ، إلى الديمقراطية السياسية ، بل أدت إلى تقوية سلطة الحكم المطلق0 وكان الملك هو من قاد العملية ، كما في حالة ملك إنكلترا هنري الثامن الذي قاد انشقاق 1534 ، كما أنّ كالفن أقام ديكتاتورية سياسية عنيفة في دولة جنيف،
وهو ما ينطبق على الفترة التي حكم فيها البيوريتان الإنكليز 0 وعملياً ، فإنّ إنكلترا عندما وصلت إلى الديمقراطية السياسية عام 1688 ، كانت قد تعلمنت قبل ذلك بفترة طويلة في كافة المناحي الاجتماعية والثقافية، ولم تكن العمليتان العلمانية والديمقراطية متزامنتين أو مرتبطتين بشكل عضويّ، وكان المسؤول عنهما في الحالتين (1534و1688) بنية اجتماعية بروتستانتية متدينة معادية لروما والكاثوليكية، لا معادية للدين أو ملحدة أو لا أدرية 0
كما أن أول من قام بالعلمنة في فرنسا ، وأقصد نابليون ، قد كان ديكتاتوراً ، وقد تابع تقاليد أسلافه اليعاقبة العنيفة في الحكم السياسيّ وفي نزع سلطة الكنيسة والنبلاء، و عملياً لم تصل فرنسا إلى الديمقراطية السياسية المستقرة إلا بعد فشل الحركة المناصرة لعودة الملكية بقيادة بولانجيه عام1889 ، بعد تجارب من عودة الملكية1815-1830، فحكم الملك لوي فيليب (1830-1848) ، فالجمهورية الثانية (1848-1852)، فالإمبراطورية الثانية (1852-1870) ، وانتهاءً بالجمهورية الثالثة التي قامت على جثث عمال كومونة باريس عام 1871 0
-3-
بعد عام 1989، وإثر الانهيار العمليّ للنموذج السوفييتيّ، انتعشت أفكارٌ ليبرالية جديدة في العالم العربيّ (بعد أن ماتت الليبرالية القديمة إثر ظهور الناصرية )، و رفد تلك الأفكار الجديدة ، بشكلٍ أساسيّ ، بعض من كان في الأحزاب الشيوعية العربية التقليدية التي كانت مواليةً للسوفييت 0 وقد قامت الطروحات الجديدة على الربط العضويّ بين الديمقراطية والعلمانية ، معتبرةً أنه من غير الممكن أن يكون المرء ديمقراطياً إن لم يكن علمانياً و”حداثياً”، كما أنها راحت تخلط في المصطلحات بين laicism و secularism وحين حاولت التأصيل التاريخيّ للعلمانية الغربية ، توهمت أنها نابعة من عصر الأنوار الفرنسي في القرن الثامن عشر 0
لكنّ تجربة العالم الإسلاميّ لا تتضمن ذلك التوازي والارتباط العضويّ بين الديمقراطية والعلمانية 0 فتجربة الأتاتوركية قد قادها ديكتاتورٌ عنيفٌ علمانيٍ secular معادٍ للدين 0 كما أن علمانية شاه إيران ، الذي قاد التجربة العلمانية الأخرى المهمة بعد أتاتورك ، قد كانت موجهةً أساساً ضد فئة رجال الدين الشيعة وتدخّلهم في السياسة وشؤون الدولة ، وهم الذين تشبه مؤسستهم في هيكليتها ومراتبيتها تلك الموجودة عند الإكليروس الكنسيّ الكاثوليكيّ 0 وقد اتبع الشاه وسائل عنيفةً من أجل تحجيم المؤسسة الدينية الشيعية ، كما حاول عبر الإصلاح الزراعي ّعام 1963 تحجيم نفوذها الاقتصاديّ ، الأمر الذي أدى إلى ثورة الخميني الأولى في ذلك العام وما أعقبها من نفيه إلى خارج إيران 0
وأما في الفترة الراهنة ، فنلاحظ أنّ علمانييّ تركية غير ديمقراطيين ، سواءٌ من كان منهم في المؤسسة العسكرية أو في الأحزاب السياسية العلمانية0 وقد تحالفت هذه الأحزاب الأخيرة مع الجيش في انقلاب 28شباط1997 أجل إسقاط حكومة “أربكان” الإسلامية، وكان جميع هؤلاء المتحالفين مستعدين لتأييد الانقلاب العسكري ضد الحكومة الإسلامية التي وصلت إلى الحكم عبر الوسائل الديمقراطية 0 كما أنّ أساليبهم في قمع المدارس الدينية والنشاط الثقافيّ الإسلاميّ، وفي قمع عملية ارتداء الحجاب في الجامعات والمؤسسات الحكومية، توحي بأنهم في نقطةٍ بعيدةٍ جداً عن موقع اللعبة الديمقراطية 0
وفي الجزائر نجد أن جنرالات الجيش الذين ألغوا العملية الانتخابية في كانون الثاني 1992 يستلهمون الاتاتوركية في تجربتهم 0 كما أنّ من أيّدهم في ذلك الانقلاب قد كان إما علمانيّاً بربريّاً متغرّباً يميل إلى الفرانكوفونية (مثل سعيد سعدي “زعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”)، أو علمانيّاً يسارياً معادياً للإسلاميين ( مثل “حزب التحدي”) ، أو من رجال الإدارة والتكنوقراط والسياسيين والمثقفين المتغربين(مثل بلعيدعبد السلام ،ورضا مالك ، ومحمد بو ضياف 000 إلخ)0
إنّ معظم العلمانيين العرب المعاصرين هم من خلفياتٍ غير ديمقراطية، وقد أتوا بمعظمهم من أحزاب قامت على مفاهيم “الطليعة الثورية”و”النخبة” أو التفريق بين ” الديمقراطية السياسية” و”الديمقراطية الاجتماعية” وبين”الديمقراطية” و” الديمقراطية الشعبية” 0 فهم بعد أن تبنوا “الديمقراطية” الآن عقب
طول تضادٍ معها ، يحاولون ربطها ب ” العلمانية ” وهذا ما يؤدي إلى وضع شروطٍ أمام من يدخل في العملية الديمقراطية، والمقصود الرئيسي من ذلك: القوى الإسلامية التي يشعر هؤلاء العلمانيون أنها قد تخرج فائزةً من العملية الديمقراطية الانتخابية ، وهم يريدون منعها من الدخول إلى الملعب واستئصالها من العملية السياسية 0 ومن الواضح أنّ الكثير من هؤلاء مستعدون للمضيّ بعيداً في هذه اللعبة ، على نحو ما تبين تجربة تحالفهم مع الأنظمة ضد الإسلاميين (كما في مصر وغيرها) أو مع العسكر(كما في الجزائر)0
-4-
في الإسلام السنيّ الذي يشكّل غالبية سكان الوطن العربيّ، لا يوجد إكليروس أو مؤسسةٌ دينيةٌ تراتبية هرمية تجمع رجال الدين، بخلاف ما عند الكاثوليك والشيعة؛ وحالة السنّة هنا أقرب إلى البروتستانت 0 إلا أن الإسلام يختلف عن المسيحية والهندوسية والبوذية ، التي هي ديانات تقتصر على الجوانب الروحية والأخلاقية ، في أنه يمتد إلى تقديم تصوراتٍ سياسيةٍ للمجتمع والدولة، وقد أقام حضارة وإمبراطوريةً مترامية الأطراف على أساس إيديولوجيته التي لا تفصل الدين عن السياسة0
وبخلاف حالة الخميني ، فإن من يستمد اتجاهه السياسيّ من تصورٍ معيّن عن الإسلام ، هم أساساَ أفراد مدنيّون في العالم العربي 0 وهؤلاء لا يتمتعون بوضعية المراتبية الدينية ، ولا يملكون سلطةَ دينيةَ أو مراتبية على مؤسسة معينة أو على أبناء الطائفة ، مثل بابا الفاتيكان والخميني . ووضعهم لا يختلف عن وضع الأحزاب الديمقراطية المسيحية في الغرب ، أو عن وضع حزب “بهاراتيا جاناتا” الهندوسيّ الأصولي في الهند الذي استمد إيديولوجيته من إطار دينيّ رغم الطابع الذاتيّ الفرديّ للديانة الهندوسية0
والمسألة ليست في امتلاك الحق أو في عدم امتلاك الحق في أن تشكل تصوراً سياسياً مستمداً من ينابيع دينية، وخاصة إن كان الدين يحمل مضامين سياسية ، ولا في كونك علمانياً أو غير علماني، بل في كونك ديمقراطياً أو غير ديمقراطي0
فالديمقراطية ليست عقيدة أو أيديولوجية سياسية، بل هي شكل معين لتنظيم العملية السياسية و قوننتها، سواء من حيث علاقة الثالوث(فرد- مجتمع- دولة)، أو من حيث علاقة السلطة بالتعبيرات السياسية للطبقات والفئات الاجتماعية إحداها بالأخرى، أو من حيث علاقة السلطة بالمعارضة0 والموضوع،في الحقيقة، يتركز في مسألة القبول بالتعددية الفكرية السياسية، وفي القبول بمبدأ تداول السلطة وفقاً لحركية “صندوق الاقتراع” الذي هو مرآةٌ للحراك السياسي في المجتمع . ووفقاً لهذين المقياسين يتحدد من هو ديمقراطيّ ومن ليس بديمقراطيّ، لا عبر مقاييس أخرى مثل “الحداثة” و “العلمانية” اللذين هما مصطلحان إشكاليان ولا يوجد إجماعٌ على ماهيتهما ضمن مختلف الاتجاهات الفكرية و السياسية: فالإسلاميّ يقبل “الحداثة” كتقنيةٍ و علوم، معتبراً إياهما محايدتين عن المناخ الفكريّ والفلسفيّ للمجتمع الذي ولّدهما ؛ وأما “الحداثي” العربيّ فيرفض ذلك معتبراً الأمور متكاملة. و إننا لنجد مزيداً من التخبط و الجهل و الأفكار المسبقة في موضوع تحديد ماهية العلمانية، وكيف تولدت في الغرب الأوروبيّ0
-5-
لا تدّعي هذه الدراسة محاولة تقديم حلٍّ لهذه الإشكاليات ؛ فهذه مهمة الجميع . إلاّ أنّ هذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا أدرك الجميع الترابط العضويّ للد ينيّ مع السياسيّ في الإسلام، بخلاف المسيحية، رغم أنّ الدين المسيحيّ قد أفرز- بعد الإصلاح البروتستانتيّ والإصلاح الكاثوليكيّ المضادّ(اليسوعية)- اتجاهاتٍ دينيةً سياسيةً من دون فئة الإكليروس. وإذا كان من حق الإسلاميين أن يبنوا اتجاههم السياسيّ على تفسيرٍ معيّنٍ للإسلام، فإن الإسلام ( بوصفه المحدّد الرئيس للهوية الحضارية العربية) هو ملكٌ لجميع العرب، من مسلمين وغير مسلمين ، متدينين وغير متدينين ، ومن حق الكل أن يستمدوا منه،جزئياً أو كلياً ، اتجاهاتهم الفكرية و السياسية. فالإسلام أوسع من حدود التيار الإسلاميّ السياسيّ00 كما أنّ من الضروري إدراك الفرق بين دور الإسلام في الحضارة العربية (و كيف أنّ الأول هو الذي أقام صرح الثانية)، ودور المسيحية في الحضارة الغربية (وكيف أن سيادتها في روما قد ترافقت مع أفولها و دخول الغرب في العصور الوسطى، فيما قامت النهضة الأوروبية بالتزامن و الترافق مع تحجيم الكنيسة واستدعاء كثير من عناصر وثنية أثينة وروما القديمتين).
هذا الوضع في البلدان الإسلامية يخلق إشكاليتين:الأولى هي محاولة عزل دين، تشكل السياسة جزءاً أساسياً من بنيته العضوية ، عن السياسة 000 والثانية هي محاولة تطبيق التجربة العلمانية الغربية، بشكلٍ إتباعي ،على البلدان العربية و الإسلامية من دون إدراك الفرق بين دور المسيحية في الغرب ودور الإسلام في الحضارة العربية الإسلامية. ومن الواضح أنّ تجربة العلمانية في نصف القرن العشرين الأول عند العرب قد تحطمت على هاتين الصخرتين، والوقائع تدل أنّ الليبرالية العربية الجديدة المعاصرة لا تحاول أثناء طرحها للعلمانية أن تقدم شيئاً جديداً على هذين الصعيدين 0
من الممكن أن تشكل عملية فصل الديمقراطية عن العلمانية ، أي إدراك عدم الترابط العضويّ ألمفهومي بينهما، حلاً لهذا المأزق الذي يواجهه العلمانيون العرب0 إذ من الممكن بعد تشكيل المشهد الديمقراطيّ، وهو الشيء الذي لا يمكن الوصول إليه بدون تعاون التيارات الأربعة الرئيسية في الحياة العربية (الإسلامية والقومية والماركسية والليبرالية )، أن يطرح العلمانيون العرب برنامجهم ، أسوةً بغيرهم. إلا أن التجربة الماضية تدل على أنّ العلمانيين العرب لا يمكن أن يلاقوا تجاوباً اجتماعياً إذا لم يستطيعوا تغيير محتوى العلمانية التي قدّموها سابقاً في البلدان العربية ، وإعطاءها منحىً جديداً يراعي الخصوصية العربية الإسلامية0
" أنت مسلم أم مسيحي يا أستاذ " ؟
- من صفحة الدكتور عبد الله حنا –
ذات مرة في ربيع 1966 دخلتُ غرفة التدريس في درعا وشرعت في إلقاء الدرس وظهري إلى لوح الكتابة ، أحد الطلاب نبّهني بلطف أن أنظر إلى اللوح ، فأدرتُ وجهي فقرأت جملة مكتوبة بخط كبير :
" هل أنت مسلم أم مسيحي يا استاذ " ؟
لم يكن السؤال مفاجئا لي بل أفرحني ، فلا دخان بلا نار .
لا أذكر كيف تهرّبت من الإجابة بوضوح تاركا الأمر في إجابتي مبهما ، محتميا بالعروبة والإنتماء إلى الحضارة العربية الإسلامية . والتهرب من الإجابة الصريحة مبعثه بقاء الطلاب يظنون أنني مسلم حتى يكون وقع دروسي مجديا في الدعوة إلى الإشتراكية ، التي كنتُ أمزجها في سرد مسهب مع الجوانب الثورية في تاريخنا العربي الإسلامي ، وهذا حسب تقديري يسهم في دفع الشباب المؤمن للسير في الطريق الإشتراكي .
***
شعور الإتجاه للعمل بنشاط في صفوف المسلمين لكسبهم إلى الإشتراكية لم يفارقني طوال نشاطي السياسي أو الفكري . ويبدو أن هذا الشعور تجلى بأشكال مختلفة أثناء إلقائي لدروس التاريخ. في درعا واستفسارهم عن ديني ، كما رأينا . والواقع أنّ دروسي أوقعتهم في حيرة من أمر " ديني " بسبب المنهج الذي اتبعته وطريقة الإلقاء واستخدام التعابير الإسلامية ( ومنها "صلي علنبي " ولا أزال استخدمها بعفوية إلى هذا التاريخ ) مازجا بين الإسلام والعدالة الإجتماعية وبالتالي السير لتحقيق الإشتراكية . ولهذا وقعوا في حيرة من " دين هذا الأستاذ " . وزاد الأمر غموضا عندما سألوا مدرّس التشريح عني ( وكان في عقله وشّة) فأجابهم : كان مسيحيا وأسلم ولم يستطع تغيير كنيته فغيّر اسمه .
***
كانت قبل ذلك قد ترسّخت لديّ قناعة أثناء نشاطي السياسي السابق خلاصتها : أن الحزب الشيوعي ، ( المنتشر عموما بين المسيحيين الأرثوذكس والأكراد ، وبنسب أقل بين المسلمين العرب ) لا يمكن أن يصبح حزبا جماهيريا إذا لم يستطع كسب أفئدة الشباب السنة ، فهم أكثرية المجتمع ، وبدونهم سيبقى اليسار العربي ومن ضمنه الحزب الشيوعي ضعيفا لا يمكنه التغيير والسير نحو الإشتراكية .
هذا الإتجاه استقيته من ابن عمي خليل حنا وسرتُ على خطاه . خليل كان مدرّساَ للرياضيات عام 1956 في ثانوية الميدان في الحي الشعبي إلى الجنوب من دمشق . وقد حقق نجاحا في كسب قلوب عدد من طلابه ، وشارك في حفلتيّ ذِكِر في الميدان ، منطلقا من قناعته بالتقرب من المؤمنين المسلمين وكسبهم في مسيرة النضال من أجل الإشتراكية . وهكذا سرت ُعلى خطاه .
أذكر هنا على سبيل المثال واقعتين :
الأولى جرت عام 1957 عندما طلب مني الحزب الشيوعي أن أقود منظمة حي القصاع المسيحي . فرفضت وأجبتُ المسؤول قائلا : سسيضيع وقتي في العمل بين المسيحيين سدى ، وإذا لم تؤيد " أمة لا إله إلا الله " الحزب فلا جدوى من العمل . فاقتُرح عليّ االعمل في أحياء باب الجابية وباب السريجة وباب مصلى الاسلامية ، فوافقت فورا ، وأطلقتُ على نفسي اسم " عبد الله الخليل " حاذفا اسم " حنا " المشير إلى أنني مسيحي ( بالهوية طبعا ) . وكانت فترة العمل في تلك الأحياء منعشة لآمالي في تحقيق الغاية ، التي أصبو إليها في كسب المسلمين لليسار عموما وللحزب.الشيوعي . ولكن آمالي سرعان ما تحطمت .
فقدجاءت الوحدة بين سورية ومصر وأنا من أنصارها ، فقلبت الدنيا رأسا على عقب . فالمخابرات المصرية ذات الباع الطويل في قمع اليسار ، ومباحث الضابط الوطني السابق عبد الحميد السراج ، الذي أصبح وزيرا للداخلية في الإقليم الشمالي من الجمهورية العربية المتحدة انقلب على عقبه وأسهم في تأسيس مباحث سلطانية غاشمة ، لم تكن سورية بعهدها الديموقراطي تعرفها .
***
الواقعة الثانية جرت في ربيع 1957 عندما قام الطلاب الشيوعيون وأنصارهم في الجامعة السوريةبرحلة إلى الأردن استغرقت ثلاثة أيام ورمت إلى توطيد العلاقة مع الوطنيين الأردنيين وفي مقدمتهم الشيوعيين . زرنا في أريحا قبر الطالبة رجاء حسن أبو عمّاشة ، التي سقطت صريعة برصاص الشرطة أثناء مشاركتها في إحدى المظاهرات الوطنية المناهضة للإستعمار . طُلِبَ مني إلقاء كلمة أمام القبر . وبعفوية ، ودون تفكير مُسبق ، دعوت المستمعين ، قبل إلقاء كلمتي ، إلى قراءة الفاتحة على روح الشهيدة .
***
وغالبا ما أشكل اسمي على الكثيرين ، الذين يظنون أن اسم عبد الله " اسم مسلم ".
فمدرس الفيزياء فؤاد خوري في درعا كان ضليعا في مادته وهو على جانب من الدروشة والتواضع . كان كثير من المدرسين يجتمعون أسبوعيا في سهرة عامة . وبعد سنتين من هذه اللقاءات أشار أحدهم ببراءة وعفوية أنني مسيحي . عندها جحظت عينا الأستاذ فؤاد خوري ونظر إلىّ بتعجب مستفسرا هل أنت مسيحي هذا غير معقول ...
***
أثناء مؤتمر تاريخي اجتماعي في عدن كنتُ مشاركا فيه . وفي اليوم الأخير دُعيت إلى لقاء تلفزيوني ، يبدو أن حديثي في الجمع بين الإسلام والعروبة أثارهم . وبعد تسجيل اللقاء جلستُ مع أربعة يمنيين وأثناء الحديث ، نظر إليّ أحدهم متسائلا باستغراب تركيبة اسمي . فعبد الله حسب معلوماته اسم مسلم وحنا اسم مسيحي ، وبادرني بالسؤال : ما هو دينك ؟ .. فأجبته على الفور: بلهحة تحمل الجدّ والهزل " مسلم روم " .
***
وختاما وعطفا على ما سبق
أورد العلاقة الحميمية بين الطبيب النهضوي العلماني شبلي شميلّ مترجم نظرية دارون وصديقه الشيخ السلفي النهضوي رشيد رضا ، وكلاهما نشأا في لبنان ونشطا في مصر .

الشيخ محمد رشيد رضا الداعية إلى التجديد الديني ) الاسلامي ( وصاحب مجلة " المنار " القاهرية ) السلفية التنويرية ( المولود في بلدة القلمون إلى الجنوب من طرابلس الشام والمنتقل إلى مصر عام 7981 عقد صداقة حميمية مع شبلي شميل ( اللبناني والمسيحي بالولادة ) على الرغم من إختلافهما في الرأي . وظاهرة العلاقة الإيجابية بين الرجلين تسترعي الإنتباه .
يقدم الدكتور شميل في هذا المجال نموذجاً لتعامل العلمانيين مع الآراء الدينية النهضوية .
هذا الخط المتمسك بالعلمية والعلمانية والمبدئية الصادقة من جانب شميل لم يمنعه من العمل المشترك والصداقة الشخصية مع السلفي النهضوي محمد رشيد رضا ، إلى درجة دفعت الأخير إلى الدفاع عن شميل عندما ترشّح لعضوية مجلس المبعوثان عن ولاية بيروت . ولم ينس رشيد رضا صديقه بعد وفاته فنشر في مجلته المنار مقالة في رثاء شميلّ وزاد عليها إلقاءه كلمة تأبين في أربعينيتة .
وقبل وفاة شميّل بسنوات أرسل لصديقه رشيد رضا رسالة نشرتها مجلة رشيد رضا
هذا نصّها :
" إلى غزالي عصره السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار
" أنت تنظر إلى محمد كنبي فتجعله عظيما وأنا أنظر إليه كرجل وأجعله أعظم . ونحن وإن كناّ في الإعتقاد أو المبدأ الديني على طرفي نقيض ، فالجامع بيننا العقل الواسع والإخلاص في القول وذلك أوثق بيننا لعرى المودة .
من صديقك الدكتور شميل "
وعلقت مجلة المنار على رسالة شميّل بمقالة جاء فيها :
" ... كان الدكتور شبلي شميل من دعاة الاشتراكية وهو مستقل برأيه فيها غير مقلّد لطائفة من طوائفها . وكان ماديا في آرائه وإفكاره ، إلا أنه كان متحليا بكثير من الأخلاق الحسنة المحمودة كالرأفة والسخاء والصدق والوفاء والنجدة والمروءة والشجاعة وغير ذلك.
------------------------------------------------------------------------------------------------
أفغانستان
(معلومات)

17تموز1973:انقلاب عسكري يطيح بالحكم الملكي وتعيين محمد داود رئيساً
27نيسان1978:انقلاب عسكري يقوده الحزب الشيوعي يطيح بمحمد داود
تموز1978:ابعاد قادة جناح الحزب الشيوعي الملقب ب(بارشام- الراية)عن السلطة،وتعيين قادته سفراء في الخارج،مثل بابراك كارمال في تشيكوسلوفاكية ومحمد نجيب الله في ايران،وانفراد جناح الحزب الشيوعي الملقب ب(خلق- الشعب)بالسلطة.كان الحزب الشيوعي في عام1973 قد انشق بين (خلق)الأكثر استقلالية عن السوفيات و(بارشام)الأكثر قرباً من موسكو ثم أعيد توحيده أوائل عام1978.
27كانون أول1979:الغزو السوفياتي العسكري لأفغانستان والاطاحة ومقتل الرئيس الأفغاني حفيظ الله أمين(من جناح خلق)وتعيين بابراك كارمال رئيساً.
4أيار1986:تعيين محمد نجيب الله سكرتيراً للحزب الحاكم ومن ثم تعيينه رئيساً للبلاد
14نيسان1988:اتفاق دولي ،شاركت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وباكستان والأمم المتحدة في التوقيع عليه ،على انسحاب القوات السوفياتية من أفغانستان
15شباط1989:اكتمال الانسحاب السوفياتي من أفغانستان
16نيسان1992:سقوط حكم نجيب الله واستيلاء تحالف من أحمد شاه مسعود(من قومية الطاجيك 30%من السكان) وعبد الرشيد دوستم (أوزبك 5%)وحزب الوحدة الاسلامي (من الشيعة الهازارة 5%)على كابول
أيلول1994:انشاء (حركة طالبان)من طلاب المدارس الدينية الخاصة باللاجئين الأفغان في باكستان بتشجيع من حكومة بنازير بوتو ،والمخابرات العسكرية الباكستانية،لانشاء حركة أفغانية موالية لباكستان تطيح بسلطة القائد العسكري أحمد شاه مسعود وتقيم حكماً من قومية الباشتون(60%)بعد أن فشل قلب الدين حكمتيار،زعيم الحزب الاسلامي،في ذلك عام1992
27أيلول1996:استيلاء طالبان على العاصمة كابول وبد مقاومة (تحالف الشمال،شاه مسعود ودوستم وحزب الوحدة)لسلطة طالبان بعد سيطرة (تحالف الشمال) على معظم شمال البلاد
7تشرين أول2001:بدء الغزو الأميركي العسكري لأفغانستان بعد أربعة أسابيع من ضرب برجي نيويورك والاطاحة بحكم طالبان بعد سقوط كابول في 3تشرين ثاني2001وتنصيب الباشتوني حامد كرزاي رئيساً فيماكانت السلطة الفعلية بيد (تحالف الشمال)ومن ورائه القوات الأميركية
20أيلول2014:انتخاب أشرف غني رئيساً لأفغانستان وتجديد انتخابه في عام2019
29شباط2020:اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان على بدء الانسحاب الأميركي العسكري من أفغانستان
1أيار2021:بدء الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان
15آب2021:سقوط كابول بيدي حركة طالبان وفرار أشرف غني إلى الخارج.


- من زوايا الذاكرة -
- الدكتور جون نسطه -
تابعت عملي في المشفى البرليني الضخم، المؤلف من قسمين، الاول نظري، وهو مختصر، والثاني عملي، وهو الأساس نمضيه في غرف العمليات الجراحية بتخدير المرضى ، من الثامنة صباحا حتى الخامسة بعد الظهر، مع فرص للفطور والغداء. بدأت أكتشف اهمية هذا الفرع في عالم الطب وما يتطلبه من معارف نظرية وتركيز للحواس، ورشاقة في اليدين ومهارة في الاصابع، ونشأت علاقة إعجاب وحب لهذا الإختصاص، الذي كان في بدايات الإعتراف به وتقدير محورية دوره في الطب الحديث. كان علينا نحن طلاب الإختصاص من الأطباء، أن نعمل في قسم العناية المركزة، لفترات محددة، هناك تجري معالجة الحالات الحادة من إصابات حوادث السير إلى حالات التسمم، الى متابعة علاج المرضى بعد العمليات الجراحية المعقدة والطويلة بالتنفس الاصطناعي، وتغذية المريض عن طريق الوريد تغذية كاملة تحتوي السكر والبروتينات والدهن والفيتامينات.
كنت في نهاية الاسبوع ألْتقي مع رفاقي وأصحابي في بهو ومطعم أفضل الفنادق، وكان أفضلها فندق البورولينا.

وطبعا كانت أسعار الطعام والشراب بأنواعه المختلفة رخيصة جداً، ولا تقارن بأسعار اليوم المرتفعة على الإطلاق.
في هذا الفندق تعرفت على تاجر سوري من اللاذقية، حائز على أغلب وكالات المنتجات الألمانية الشرقية الصناعية، يدعى محمد إسرب وزوجته السيدة عفاف، أم زياد المرافقة له دوما أثناء إقاماته الطويلة في برلين. أبو زياد كان رجلاً هادئاً متزناً، طيب القلب ودوداً، وأم زياد سيدة جميلة، ذكية، سريعة البديهة، قوية الشخصية قل مثيلها، محدثة طليقةُ اللسان، كريمة اليد، محبة، وفية، أنيقة. مع الوقت توطدت بيننا علاقة صداقة متينة دامت عشرات السنين حتى وفاتهما. ومن أسباب هذا، أن أبا زياد أخبرني يوماً بان نزيفاً أصاب أم زياد وهما قلقان بشأنه ما عساه يكون السبب.
قلت له: غداً صباحاً، عليكما القدوم الى المشفى الذي اعمل فيه، لإجراء تجريف رحم، وكانت نتيجة الفحص المجهري ورم خبيث في عنق الرحم…، وكنا محظوظين أننا استطعنا تدارك الامر وإنقاذ حياتها التي كانت في خطر حقيقي.
تعافت من مرضها سريعاً وبقيت تعتبر أنني من أنقذها إلى أخر يوم في حياتها الطويلة، ولما عدت إلى سوريا كانت حريصة على تكريمي ومساعدتي بكل الطرق والإمكانات .
الخامس عشر من شهر آذار 1969 توجهت بالقطار الى مدينة كارل ماركس، الان بعد وحدة ألمانيا،عادت المدينة الى اسمها القديم، "كمنيتز"، وكان الجو بارداً جداً والثلوج تهطل بكثافة، مما جعل القطار يتاخر عن موعد وصوله مقدار ساعة من الزمن، وكان علي أن أركب الباص المتجه إلى مدينة أنابيرغ، حيث تسكن صديقي هانيلوري، ولكن الباص الأخير كان انطلق قبل وصولي قطاري الذي تأخر. في هذه الحالة كنت مضطراً أن أركب تاكسي حتى أصل إلى هدفي مهما كلف الأمر، حيث انها تنتظرني، وخصوصاً لان اليوم التالي موعدُنا في دار البلدية في مكتب الزواج المدني لعقد زواجنا، بعد علاقة صداقة دامت سبع سنين، وأنا اقوم بفحصها أصعب الفحوصات وأجربها أشد التجارب وكانت تجتازها بكامل النجاح.وعندها قررت الزواج معها.
وقفت على موقف التكسي أنتظر دوري، والبرد ينخر عظامي، وعندما ياتي دوري يسألني السائق إلى أين؟ أقول: لأنابيرغ، فيرد: أنا متأسف. والسائق التالي والذي بعده نفس الجواب.
وأخيرا تكلمت مع سائق ووعدته بدفع أي مبلغ يريده، دون التقيد بالعداد. فوافق.
ركبت بعد كانت أصابعي أصبحت زرقاء من شدة الصقيع. وسألته: لماذا لا يرغب أحد من السائقين السفر الى أنابيرغ؟ قال لأن الطريق لا زال محفراً بعد مرور دبابات الجيش المتجهة إلى براغ لسحق الانتفاضة الشعبية قبل عام، أي في العام 1968.وأنابيرغ تقع على الحدود التشيكية.
المهم وصلت وأنا أحمل هدية العرس، وما هي إلاّ سطل من مسحوق الغسيل Persil.

كنت أريد من هذهِ الهدية أن أقول لها بان أيام الزواج ليست عسلاً وسعادة كلها، بل غسيلا وكويا ومسحا وتنظيفا وطبخا وتعباً.
قامت هانيلوري بإعداد الماء الساخن مع الملح ووضعت يداي المتجمدتين فيه، وبعدها قدماي أيضا.
في الصباح توجهنا، نحن الإثنين فقط، الى مكتب الزواج ووقعنا عقد زواجنا، الذي استمر لسبعة وأربعين عاماً، حتى يوم وفاتها الحزين في يوم 4.10,2016

في المساء توجهنا إلى بيت أخيها الاكبر للاحتفال بزواجنا. كنا سبعة أشخاص فقط.
لم نتوجه إلى الكنيسة أبداً،لأن أعصابنا لا تتحمل المسرحية الهزلية لعقد الزواج الكنسي.
في يوم الاثنين داومت على عملي في المشفى الذي أعمل فيه في برلين.
في شهر أيلول، على ما أتذكر انعقد في برلين مؤتمر لمجلس السلام العالمي بحضور وفود من بلدان متعددة، ومنها وفود عربية رسمية وشعبية، أتذكر منها وفداً مصر ومن أهم وجوهه الكاتب والمفكر البارز لطفي الخولي، ومن لبنان وفد أهم وجوهه المناضلان الشيوعيان كريم مروة، وجورج البطل رحمه الله، ومن اليمن أيضا اتذكر عبد الله باذيب، ومن سوريا وفد حكومي برئاسة الدكتور حبيب حداد، ووفد شعبي برئاسة عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري، ابراهيم بكري، ضم أيضا الدكتور مصطفى أمين وفايز جلاحج وآخرون لم أعد اتذكرهم. قمت بزيارتهم في الفندق الذي انعقد فيه المؤتمر، وكان الرفيق إبراهيم بكري، يعرفني من خلال زيارة سابقة له إلى برلين. وطلب مني أن انضم الى الوفد فوراً، ونادى على رفيقنا فاروج سلاطيان وطلب منه أن يصدر لي بطاقة عضوية بالمؤتمر. والرفيق فاروج سلاطيان كان يعمل في قيادة مجلس السلم العالمي، وهو إنسان نشيط جدا ،وحيوي، ويشكل لولب المجلس.

كنت والرفيق الشاب فايز جلاحج الملقب حزبياً بابو جورج، نتصل بكل الوفود ونشرح لهم موقف الحزب السياسي ونعلمهم بنتائج المؤتمر الثالث للحزب المنعقد في صيف 1969، كان ابراهيم بكري يعرب عن رأيه النقدي بوضوح تجاه خالد بكداش، وكذلك مصطفى أمين وفايز جلاحج وأنا مع نفس الموقف.
بعد انتهاء المؤتمر، بدأت بعملية التحضير للسفر إلى الوطن، قاطعا أنا وزوجتي متابعة الحصول على شهادات الإختصاص، بعد أن علمت بمرض والدي الذي كان يسكن مع شقيقي لبيب وحدهما بعد وفاة والدتي، وكان شقيقي يعمل متعهداً صغيراً، ووالدي المريض يبقى أغلب الوقت لوحده وبحاجة إلى عناية ماسة.
كانت زوجتي قد ورثت من والديها المغفور لهما جهاز بيت كامل وترغب بنقل أغلبه إلى سوريا، ولذا كان علينا نقل الخفيف منه من بورسلان وطناجر وصحون ونسيج منزلي من مناشف وملاحف وأغطية إلخ وكتب وجهاز تخطيط قلب وميكروسكوب، وعدة جراحة صغرى وأدوات فحص الأذن والحلق وغيرهم، عن طريق النقل البحري قبل سفرنا.
وقبل أن نترك برلين أود أن أذكر الحادثة التالي:
في العام 1968انعقد المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني، على ما أذكر وكان من مخرجاته الهامة التقرير السياسي والبرنامج الجديد، كان معنا في الدراسة رفاق من لبنان أعطوني هذا الكراس، قرأته بعناية وما فيه من نقد لسياسة خالد بكداش، والموقف الإيجابي اتجاه الثورة الفلسطينية، وتاييد حركة التحرر الوطني العربية، وضرورة رسم سياسة الحزب حسب الوضع الواقعي، وبشكل مستقل، بكلمات أخرى رفع وصاية القيادة السوفياتية. كل هذا أثلج صدري ودعم قناعتي، فقمت بطبع حوالي ثلاثين نسخة عنه وزعت عشرة منها على بعض الرفاق في لابزيغ، وأعطيت ما يقارب العشرين منها إلى الرفيق توفيق رضا في برلين.
في زيارة ليوسف فيصل في هذا الوقت لبرلين أخبره الرفيق توفيق البريء سياسياً، وطيب القلب، بانني أعطيته نسخ عن برنامج الحزب الشيوعي اللبناني، فطلب يوسف أن يحضرهم له، ففعل الرفيق توفيق، وقام يوسف فيصل باتلافهم فوراً.
في العاشر من شهر كانون أول عام 1969 توجهت طائرتنا الى دمشق، بعد ليلة الوداع الطويلة التي نظمها رفاقنا واصدقائي في برلين، وصلنا الى دمشق منتصف النهار، وكان في استقبالنا في المطار، عدا صديقي العزيز نايف بلوز، جمع من الأهل والاقارب، وكان من جملتهم ابنة خالة لي تحدثت مرحبة بزوجتي آلتي تتمتع بجمال فيه مسحة شرقية واضحة، فاسرعت إلي لتقول كيف خدعتنا بأن زوجتك ألمانية، هذه عربية بكل تأكيد؟ وبالفعل زوجتي خلال سنوات معرفتنا السبع أصبحت تتكلم العربية بشكل جيد جداً.
نمنا هذه الليلة في دمشق في فندق علام الذي يقع في حي القصاع، يقابله تماماً محل واسع يبيع الفلافل، في الليل نزلت إلى هذا المحل واشتريت "ساندويشين"، وكنت مشتاقاً للفلافل بعد انقطاع ما يقرب عشر سنين، أكلت هانيلوري الفلافل لأول مرة في حياتها، فاعجبت بها كثيراً. في اليوم التالي دعانا أخي فيليب "أبو نزار"، لتناول الغداء، وسألها ماذا تحبين أن تأكلي؟ منتظراً منها ان تقول أحب السمك، أو افخاذ الضفادع أو الدجاج المشوي مثلا، واذا بها تقول ... الفلافل. فضحك كثيراً ، وتوجهنا الى مطعم علي بابا، وقدموا لنا أكلا متنوعاً كالعادة طيب المذاق جيد النوعية. بعده توجهنا إلى حمص في حي المحطة، حيث بيتنا القديم، الذي خرجت منه قبل عشر سنوات.
في اليوم التالي تماما توجهت الى شعبة التجنيد، طالباً سوقي الى """حلب"""، مدرسة المشاة في المسلمية، لأداء خدمة العلم الاجبارية، في الدورة آلتي تبدأ في السادس عشر من شهر كانون الاول.
تفاجأت بقولهم بأن علي أولا ان أعادل شهادتي في الطب.
وهنا بدات معركة من أصعب المعارك الإدارية آلتي خضتها في حياتي.

-----------------------------------------------------------------------------------
الولاية القضائية العالمية
- دراسة مقدمة من مكتب الدراسات والتوثيق بهيئة التنسيق الوطنية -
يشير مصطلح "الولاية القضائية العالمية" إلى فكرة أن محكمة وطنية قد تحاكم الأفراد على جرائم خطيرة ضد القانون الدولي - مثل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والتعذيب - على أساس مبدأ أن مثل هذه الجرائم تضر المجتمع الدولي أو النظام الدولي نفسه ، والذي قد تعمل ،وبمبادرة من طرف واحد، الدول على حمايته. بشكل عام ، يتم الاحتجاج بالولاية القضائية العالمية عندما لا تكون الأسس التقليدية الأخرى للولاية القضائية الجنائية متاحة ، على سبيل المثال: المدعى عليه ليس من مواطني الدولة ، أو المدعى عليه لم يرتكب جريمة في أراضي تلك الدولة أو ضد مواطنيها ، أو لا تتأثر المصالح الوطنية الخاصة بشكل سلبي.
يمكن للمحاكم الوطنية ممارسة الولاية القضائية العالمية عندما تعتمد الدولة تشريعات تعترف بالجرائم ذات الصلة وتسمح بمقاضاتها. في بعض الأحيان ، تكون هذه التشريعات الوطنية مفروضة بموجب الاتفاقيات الدولية ، مثل اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية البلدان الأمريكية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه ، والتي تتطلب من الدول الأطراف اعتماد القوانين اللازمة لمقاضاة أو تسليم أي شخص متهم بالتعذيب موجود داخل الدولة.
يختلف تعريف وممارسة الولاية القضائية العالمية في جميع أنحاء العالم. تعتمد سلطة المحكمة الوطنية أو الدولية لمقاضاة الأفراد على الجرائم الدولية المرتكبة في مناطق أخرى على كل من الإطار القانوني المحلي ووقائع كل حالة على حدة.
القوانين المحلية التي تتضمن الاختصاص العالمي
تنص مجموعة من القوانين الوطنية للدول على شكل من أشكال الولاية القضائية العالمية. يُمكِّن هذا التشريع المحلي المحاكم الوطنية من التحقيق مع الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم يحتمل أن ترقى إلى مستوى انتهاكات القانون الدولي ومقاضاتهم بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو جنسية المشتبه فيه أو جنسية الضحية.
أفادت منظمة العفو الدولية أن 163 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 "يمكنها ممارسة الولاية القضائية العالمية على جريمة أو أكثر بموجب القانون الدولي ، إما على أنها جرائم أو كجرائم عادية بموجب القانون الوطني ومرفقات تقرير منظمة العفو الدولية مؤشر على تعاريف الدولة للجرائم بموجب القانون الدولي والظروف التي تسمح فيها الدول بممارسة الولاية القضائية العالمية. اعتبارًا من 1 سبتمبر / أيلول 2012 ، أفادت منظمة العفو الدولية أن ما مجموعه 147 دولة قد وفرت الولاية القضائية العالمية على جريمة واحدة أو أكثر بموجب القانون الدولي. حددت ما لا يقل عن 166 دولة واحدة على الأقل من الجرائم الأربع التي يمكن ممارسة الولاية القضائية العالمية عليها - جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والتعذيب - كجرائم في قوانينها الوطنية. ومع ذلك ، فإن العديد من هذه التعريفات لا تتوافق دائمًا مع متطلبات القانون الدولي ، مما قد يخلق فجوة في الإفلات من العقاب. علاوة على ذلك، أقرت 91 دولة ولاية قضائية عالمية على الجرائم العادية بموجب القانون الوطني ، والتي قد تشكل أو لا تشكل أيضًا انتهاكات للقانون الدولي.
على سبيل المثال ، يُعرِّف قانون الجرائم الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لعام 2000 في نيوزيلندا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وفقًا لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي ، وتنص المادة 8 (1) (ج) منه على أنه يجوز محاكمة الأفراد في نيوزيلندا عن هذه الجرائم بغض النظر عن "(1) جنسية أو جنسية الشخص المتهم ؛ أو (2) ما إذا كان أي فعل يشكل جزءًا من الجريمة قد وقع في نيوزيلندا أم لا ؛ أو (3) ما إذا كان الشخص المتهم موجودًا في نيوزيلندا أم لا وقت وقوع الفعل الذي يشكل الجريمة أو في الوقت الذي تم فيه اتخاذ قرار بتوجيه الاتهام إلى الشخص بارتكاب جريمة ".
تعد كندا مثالاً آخر لدولة توفر ممارسة محلية للولاية القضائية العالمية ، في قانون الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لعام 2000. بالنسبة للإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب على النحو المحدد في القانون ، تنص المادة 9 (1) على ما يلي: قد تبدأ الإجراءات في أي قسم إقليمي في كندا بشأن تلك الجرائم "التي يُزعم أنها ارتكبت خارج كندا والتي يمكن مقاضاة شخص بسببها بموجب هذا القانون [...] ، سواء كان الشخص في كندا أم لا."
القضايا البارزة المتعلقة بالاختصاص العالمي
دراسة في المملكة المتحدة من طلب اسبانيا لتسليم الدكتاتور التشيلي السابق أوغستو بينوشيه ".
محاكمة الولايات المتحدة لنجل الرئيس الليبيري السابق ، تشارلز تايلور
المحاكمة الإسبانية لمسؤولين غواتيماليين في قضية الإبادة الجماعية في غواتيمالا
محاكمة إسبانية لمسؤولين في السلفادور بتهمة قتل ستة قساوسة يسوعيين
المحاكمة الإسبانية لضابط في البحرية الأرجنتينية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب الفوكلاند مع بريطانية عام1982.
على وجه الخصوص ، استخدمت المحاكم الإسبانية الولاية القضائية العالمية لمحاكمة الأفراد من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك ، فقد قيدت الحكومة الإسبانية مؤخرًا قدرة محاكمها على الاستماع إلى مثل هذه القضايا من خلال تضييق الأساس القانوني لممارسة الولاية القضائية العالمية على تلك القضايا التي لم تكن بالفعل أمام سلطة قضائية مختصة أخرى والتي تشمل ضحايا إسبان أو مرتكبي الجرائم الموجودين في إسبانيا أو المصالح الإسبانية. . قدم مركز العدالة والمساءلة تحليلاً لكيفية تغيير تعديل القانون الإسباني لدعاوى حقوق الإنسان في إسبانيا.
مسؤولية الحماية
هناك مفهوم متميز ، ولكنه مترابط ، ومتطور وهو مفهوم "مسؤولية الحماية " ، والذي يروج لفكرة أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مساعدة دولة ما في الوفاء بمسؤوليتها الأساسية المتمثلة في حماية أرواح ورفاهية أولئك الموجودين داخل أراضيها. وتشير القاعدة إلى أن الدول ملزمة بالتدخل دبلوماسيًا و / أو عسكريًا لمنع ارتكاب جرائم مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي. يمكن العثور على مزيد من المعلومات حول المعيار الناشئ لمسؤولية الحماية في التحالف الدولي لمسؤولية الحماية .
التحالف الدولي لمسؤولية الحماية (ICRtoP)
يعمل التحالف على دعوة المنظمات الدولية غير الحكومية (المنظمات غير الحكومية) في جميع أنحاء العالم إلى بذل جهود جماعية لتعزيز الإجماع بشأن مسؤولية الحماية من خلال تعزيز القدرة على منع ووقف الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. تسعى إلى التعبئة الجماعية لتحقيق إجراءات لإنقاذ الأرواح في مواقف خاصة بكل بلد.
تأسس التحالف في عام 2009 من قبل 8 منظمات غير حكومية ، ويوجد الآن 66 عضوا في الائتلاف.
يدعم التحالف معيار المسؤولية عن الحماية المتفق عليه في الفقرات 138-139 من وثيقة نتائج القمة العالمية للأمم المتحدة لعام 2005 والتي تضمنت:
"يقع على عاتق الدول التزام أساسي بحماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي. وتشمل هذه المسؤولية أيضا منع هذه الجرائم بما في ذلك التحريض.
وينبغي للمجتمع الدولي ، حسب الاقتضاء ، أن يشجع الدول ويساعدها على ممارسة هذه المسؤولية.
يجب على المجتمع الدولي دعم الأمم المتحدة في إنشاء قدرة للإنذار المبكر.
يتحمل المجتمع الدولي أيضًا مسؤولية استخدام الوسائل الدبلوماسية والإنسانية وغيرها من الوسائل السلمية المناسبة بموجب الفصلين السادس والثامن من ميثاق الأمم المتحدة للمساعدة في حماية السكان المهددين بهذه الجرائم.
عندما "تفشل بشكل واضح" دولة ما في مسؤولياتها المتعلقة بالحماية ، وتكون الوسائل السلمية غير كافية ، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ تدابير أقوى بما في ذلك تدابير الفصل السابع بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الاستخدام الجماعي للقوة الذي يأذن به مجلس الأمن.".
----
هذا رابط لقاعدة بيانات الاختصاص العالمي TRIAL التي تقدم قاعدة بيانات الولاية القضائية العالمية مع لمحة عامة عن القضايا الجنائية الكبرى المتعلقة بالولاية القضائية العالمية في جميع أنحاء العالم ، بالإضافة إلى بعض حالات الجرائم الدولية القائمة على اختصاص الشخصية الإيجابية أو السلبية. تظهر هذه القضايا أيضًا في المراجعة السنوية للسلطة القضائية العالمية والتي تُنشر كل عام:
https://trialinternational.org/resources/universal-jurisdiction-database/
-------------------------------------------------------------------------------------------------
مؤهلات : أحمد مطر

تنطلقُ الكلابُ في مُختلفِ الجهات
بلا مُضايقات
تَلهثُ باختيارها
تنبحُ باختيارها
تبولُ باختيارها . . واقفة
أمامَ (( عبدِ ا لـلا ت ))
بلا مُضايقات !
وتُعربُ الحميرُ عن أفكارها
بأ نكر ِ الأصوات
بلا مُضايقات
وتمرقُ الجمالُ من مراكزِ الحدودِ
في أسفارها
وتمرقُ البغالُ في آثارها
من غيرِ إثباتات
بلا مُضايقات
ونحنُ نسلَ أدمٍ
لسنا من الأحياءِ في أوطاننا
و لا من الأموات
نهربُ من ظِلالنا
مخافةَ انتهاكنا
حَظرَ التجمعاِت !
نهربُ للمرآةِ من وجوهِنا
ونكسرُ المرآة
خوفَ المداهمات !
نهربُ من هروبنا
مخافةَ اعتقالنا
بتهمةِ الحياة !
صِحنا بصوتٍ يائسٍ :
يا أيها الولاة
نُريدُ أن نكونَ حيوانات
نُريدُ أن نكونَ حيوانات !
قالوا لنا : هيهات
لا تأملوا أن تعملوا
لدى المخابرات !

شاعر عراقي.

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

----------------------------------------------------------------------


زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135



#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار- العدد 54
- المسار- العدد 53
- المسار- العدد 52
- المسار- العدد 51
- المسار- العدد 50
- المسار- العدد 49
- المسار- العدد 48
- المسار- العدد 47
- لا للتطبيع لا للأنظمة التابعة
- المسار- العدد 46
- المسار- العدد 45
- المسار- العدد 44
- المسار- العدد 43
- المسار- العدد 42
- المسار- العدد 41
- المسار- العدد 40
- المسار- العدد 39
- 38المسار- العدد
- المسار- العدد 37
- بيان حول مايسمى بصفقة القرن


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 55