أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 84















المزيد.....



المسار- العدد 84


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 7872 - 2024 / 1 / 30 - 00:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




العدد /84- كانون الثانييناير2024
---------------------------------------------------------------------------------
باستثناء الافتتاحية والبيانات الموقعة من الحزب فإن النصوص و المقالات الواردة في العدد لاتعبر بالضرورة عن رأي الحزب.

الافتتاحية:تعدد المعايير عند السوريين
لايتفق السوريون على ماجرى في بلدهم خلال ثلاثة عشر عاماً مضت منذ الانفجار السوري الذي بدأ في درعا بيوم18آذار2011،وهذا هو الذي حصل و يحصل في المجتمع ينعكس على الجو السياسي،من خلال الأطياف الثلاثة لهذا الجو متمثلة في الموالاة والمعارضة والتردد، والتي بدورها تعكس هذا الأمر.
فمن الخلاف على ماجرى :إن كان مؤامرة حسب رأي الموالاة،إلى الرأيين في المعارضة:هي ثورة؟أم أزمة؟،إلى الرأي الموجود عند المترددين:"ليتها لم تكن"،يمكن أن نستخلص رؤية سياسية تحكم النظر إلى ماجرى عند الأطياف الثلاثة المذكورة ، وتحكم نظر الموالي والمعارض والمتردد إلى ذاته وللسوري الآخر،ولكن وبماأن ماجرى في سوريا منذ عام2011لم يكن صراعاً داخلياً محضاً بل تحول إلى صراع اقليمي ومن ثم دولي ودخل فيه متدخلون كثر،حتى من بينهم منظمات عابرة للحدود مثل "القاعدة " و"داعش" ومنظمات شيعية موالية لايران عابرة للحدود ، فإن الأطياف السورية الثلاث ،وكل في موقعه ومن موقعه،كانت له نظرات مختلفة تجاه المتدخلين الخارجيين.
فالموالي يعتبر الروس والايرانيين وحزب الله اللبناني،والمليشيات الشيعية العراقية الداخلة تحت اشراف ايراني إلى سوريا، ضمن قائمة "الحلفاء"،والمعارض يراهم ليسوا كذلك ،كماأن الكثير من المعارضين يتوجسون من مخططات روسية وايرانية بعيدة المدى للسيطرة السياسية والاقتصادية على الحاضر والمستقبل السوريين،والموالي لايعتبر أن هناك قوى محتلة في سوريا سوى التركي والأميركي.
من جانب آخر هناك معارضون،وخاصة في "الائتلاف"،يرون في تركيا قوة حليفة،وهم، والفصائل المسلحة في الشمال الغربي من سوريا، يستندون ليس فقط لدعم تركي عسكري وسياسي ،بل يخضعون عملياً للهيمنة والاشراف والسيطرة من جانب أنقرة،وهم أقرب للذراع التركية ،وهم لايقولون شيئاً بل يصمتون عن مخططات التتريك والتتبيع الاقتصادي للمناطق الممتدة من بداما بغرب محافظة إدلب إلى جرابلس عند نهر الفرات، ومن شريط تل أبيض إلى رأس العين، وربطها بالاقتصاد التركي في البنية التحتية التي تشمل النقد ونظام المصارف- تحويل الأموال والمياه والكهرباء والاتصالات إضافة للتعليم ماقبل الجامعي والجامعي،وهم يتواطئون مع التركي في التهجير المنهجي للمواطنين الكرد من مدينة عفرين ومنطقتها ومن مدينة رأس العين واحلال سوريين آخرين محلهم بعد أن أتوا نازحين من مناطق سورية أخرى،مثل الغوطة وحوران وشمال حمص ، لمحافظة إدلب.
من جانب ثالث ،هناك معارضون في (مجلس سوريا الديمقراطية- مسد)و(قوات سوريا الديمقراطية- قسد)يدخلون في تحالف سياسي وعسكري مع واشنطن التي لها قوات عسكرية في شرق الفرات وفي منطقة الشمال والشمال الشرقي من سوريا،وهذا التحالف يحكم نظرة (مسد)و(قسد)إلى مجمل الوضع السوري العام والنظر إلى طيفي (السلطة)و(المعارضة)وأيضاً النظر إلى القوى الأخرى المتدخلة في سوريا سواء كانت روسية أم ايرانية أم تركية،كماأن هذا التحالف ،وبحكم الصراع الروسي- الأميركي المستعر منذ نشوب الحرب الأوكرانية عام2022،وبحكم الصراع الايراني- الأميركي،يحكم نظرة موسكو وطهران إلى (مسد) و(قسد)،هذا غير نظرة أنقرة إلى (مسد)و(قسد)والتي تعتبر أنهما امتدادان لحزب العمال الكردستاني الذي دخل في صراع مسلح مع السلطة التركية منذ عام1984.
هذا التداخل في الصراع السوري بين (الداخل بتنوعاته)و(الخارج المتدخل بتنوعاته)يقود إلى تعدد المعايير(وليس فقط ازدواجية المعايير)عند السوريين في النظر للموضوع الواحد،فكثير من الموالين ،وربما أيضاً قسماً كبيراً من المترددين،لايتفوهون بشيء (والأرجح أنهم يقبلون) عن ماتفعله موسكو وطهران في سوريا من النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية،والكثير من المعارضين لم يقولوا شيئاً (والأرجح أنهم يقبلون) تجاه مايفعله الأميركي في سوريا ،وكذلك فإن الكثير من المعارضين يسكتون (والأرجح أنهم يقبلون)بمايفعله التركي في سوريا ،وهي أفعال لم تقتصر على التتريك للمناطق السورية المحتلة والمدارة من أنقرة بل امتدت في السنتين الماضيتين إلى غارات بالطيران الحربي والمسيرات على منشآت المياه والكهرباء وبنى اقتصادية عديدة بمناطق متعددة من شمال وشمال الشرق السوريين.
يمكن هنا أن تكون (هيئة التنسيق الوطنية )هي خارج كل ماسبق،من حيث أنها تعتبر أن كل المتدخلين هم محتلون ،ولاتفرق بينهم ،بل تضعهم تحت مسطرة مارفعته من شعار بعام2011 : (رفض التدخل العسكري الخارجي)،وهو ماترافق في مؤتمر حلبون(17أيلول2011)مع دعوتها إلى تسوية تقود البلد إلى مرحلة انتقالية تتشارك فيها السلطة والمعارضة في (هيئة حكم انتقالي) للوصول بالبلد عبر هذ الطريق الانتقالي إلى نظام ديمقراطي عبر انتخابات بمافيها انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً يعرض على الاستفتاء الشعبي.
هذا التعدد للمعايير عند السوريين قاد منذ عام2011إلى خلافات سورية داخلية ليس فقط حول مواضيع مثل (موضوع الخروج من وضع مابعد 18آذار2011)،بل وإلى خلافات سورية حول رؤية ماجرى داخلياً منذ ذلك اليوم،وكذلك فإن هذا التعدد للمعايير يقود إلى خلافات بين السوريين حول مواضيع (الدور الروسي)و(الدور الايراني)و(الدور الأميركي)و(الدور التركي)في سوريا منذ عام2011وحتى اليوم.
حان الوقت الآن لكي يضع السوري نفسه أمام المرآة ويجري عملية حساب مع النفس،لاتقتصر على جردة من كل سوري لمافعل منذ يوم18آذار2011،بل على قياس لحدود (المختلف)و(المؤتلف) بين عموم السوريين ،وذلك من أجل الدخول في مراجعة سورية وطنية عامة تمهيداً لشق الطريق للخروج بالبلد من الوضع الكارثي والمأزوم والانفجاري والمتشظي في النفوس والجغرافيا والديموغرافيا الذي تشهده الأرض السورية منذ عام2011.
------------------------------------------------------------------------------------


بيان سياسي
تجسد وثيقة التفاهم الموقعة بين هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي مع مجلس سورية الديمقراطية في 24/ 6 / 2023 قاعدة لرؤية الهيئة في بناء التحالفات الوطنية الديمقراطية في سورية ، وتعبئة جميع طاقات سورية الأرض والشعب ، في مهمة الإنقاذ والتغيير السياسي، من خلال تضافر جهود أبنائها لتتمكن سورية الخروج من الكارثة التي تعيشها ، ومن أجل تعزيز استقلالها وإعادة وحدتها.
إن تبني مجلس سورية الديمقراطية للعقد الاجتماعي الصادر عن "الإدارة الذاتية" في 12 /12/ 2023 ، يعتبر خروجاً على وثيقة التفاهم الموقعة معهم ، وتجاوزاً للقرار 2254 / 2015 الذي يعتمد التفاوض السياسي للانتقال السياسي ، وإن هذا العقد هو محاولة لفرض مستقبل مسبق الصنع كأمر واقع خارج إرادة السوريين وخياراتهم بالاستقواء بالقوة العسكرية والدعم الأمريكي الغربي، ويعد تجاوزاً لتوجهات الإجماع الوطني السوري، على أنه لا يحق لأي قوة سياسية أو عسكرية أو أي أحد مهما كان دوره أن يحدد من الآن في زمن الأزمة السورية هذا المستقبل، حيث أن الدستور القادم وطبيعة وشكل النظام السياسي والإداري والقانوني يصاغ وترسم محدداته من خلال آليات ديمقراطية انتخابية ، يشارك فيها كل السوريين في مرحلة الانتقال الديمقراطي.
إننا في هيئة التنسيق الوطنية إذ نؤكد تمسكنا بخياراتنا الوطنية في التغيير الوطني الديمقراطي ، والتزامنا بوحدة سورية أرضاً وشعباً، فإننا نؤكد رفضنا الكامل للعقد الاجتماعي الذي يتأسس على الاتحاد الكونفدرالي ، وارتداداته السلبية الكبرىٰ المتوقعة على الدولة والشعب السوري ، ونرى أن تبني مسد لهذا العقد خروجاً منفرداً عن الاتفاق بيننا، وبادرة تشكل نكوصاً على تفاهماتنا وتقطع الطريق على بناء التحالفات بينها وبين القوى السياسية الوطنية السورية.
30122023 المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية
------------------------------------------------------------------------------------


عن العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية في شرق و شمال سوريا
- مازن كم الماز –

من المثير ، أو غير المثير للدهشة في الواقع أن أيًا من منتقدي أو رافضي العقد الاجتماعي الجديد للإدارة الذاتية في شمال و شرق سوريا لم يتطرقوا إلى أي من تفاصيل العقد أو فلسفته … و من المثير للاهتمام أيضًا هو أن العقد قد وحد موقفي المعارضة و النظام منه و هذا مما يحسب للوثيقة و أصحابها … و رغم أن أيًا لا يعترض على أن تكون سوريا "الغد" ديمقراطية لكنهم جميعًا يرفضون بشكل قاطع تسميتها بسوريا الديمقراطية ، و هذه أحجية من ألغاز الوضع السوري حيث "يجب" أن تكون سوريا "الغد" ديموقراطية لكن لا يجب أن تسمى هكذا … و رغم أن سوريا اليوم هي أكبر مكان منقسم على الأرض ، اذا احتسبت كل "السوريين" ، و رغم أن السوريين اليوم شعوبًا و قبائلا لا لكي تتعارف بل لتخضع بعضها البعض أو لتقضي على بعضها البعض لكن الجميع تحسس من استخدام كلمة شعوب سورية و هويات سورية ، و الجميع صريح جدًا في هذا فهناك "هوية سورية" فقط هي هويته هو كما يفهمها و يعتقد بها و يصر على أن نفهمها و نعتقد بها مثله تمامًا و لا تتوقف الأمور عند مجرد الرضوخ و الاعتقاد بل هي تتمحور أساسًا حول من سيمسك بالسلطة و الثروة … تحدث المجلس الإسلامي السوري في الوثيقة التي سماها بالهوية السورية عن أن الإسلام هو دين غالبية السوريين و رغم أن هذا يفترض أن يعود تحديده لغالبية السوريين أنفسهم لا للمجلس و لا لغيره ، لكن ليست هنا المشكلة فالمجلس يستنتج من تلك المقدمة أن الإسلام طالما كان دين غالبية السوريين فهو إذًا "ثقافة و حضارة لجميع السوريين" ; من جهةٍ يقر المجلس بوجود غير عرب و غير مسلمين في سوريا و من جهةٍ أخرى يصر على أن كل سوري هو عربي و مسلم في نفس الوقت ، إنها تمامًا سوريا الغد التي يجب أن تكون ديموقراطية لكن لا يجب تسميتها بسوريا الديمقراطية … بالمناسبة لا يوجد خلاف حقيقي بين المجلس الإسلامي السوري و بين النظام نفسه في هذا الصدد ، فيما يتعلق "بهوية سوريا" ، الخلاف هو على الدرجة لا على التعريف ، لا شك أن المجلس الإسلامي و معه معظم المعارضة يريدوها أن تكون أكثر عروبة و إسلامية رغم أنه من الصعب تعريف أو تحديد ماذا يعني ذلك ففي وقت مضى عندما دافع مصطفى السباعي في عام ١٩٥٠ عن الإسلام دينًا رسميًا لسوريا أكد بما لا يدع مجالًا للشك أنه لا يقصد أبدًا بذلك تطبيق الشريعة الإسلامية الذي أصبح اليوم على كل لسان … لا شك أنه يوجد ما يستحق النقد في الوثيقة التي تنسب لنفسها مزاعم أكبر من حجمها كما في زعمها أنها تنطق بلسان حال شعوب و قوميات شمال و شرق سوريا أو عندما تضع على شفاه هؤلاء كلامًا أيديولوجيًا لا يفهمه أكثرهم عن الحداثة و الرأسمالية لكني شخصيًا كسوري و كعربي و كمسلم أجدني أقرب إلى سوريا المتعددة الديمقراطية اللامركزية منها إلى سوريا مركزية و ذات هوية واحدة ، عربية و إسلامية
------------------------------------------------------------------------------------

عقدٌ اجتماعي "كردي" لبلد افتراضي
- عمر قدور -
"المدن" :23/12/2023
اختتم مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" قبل ثلاثة أيام أعمال مؤتمره الرابع، وتلا بيانه الختامي محمود المسلط، الرئيس المشترك "العربي" الجديد خلفاً لرياض درار، إلى جوار الرئيسة المشتركة "الكردية" ليلى قره مان التي أتت خلفاً لأمينة عمر، في حين توارت القيادية المعروفة إلهام أحمد بحكم إلغاء الهيئة التنفيذية للمجلس التي كانت برئاستها. وأهمية المؤتمر الحالي أتت من زخم الإعداد له، إذ سبق انعقاده بأقل من أسبوع إقرار ما سُمّي "العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا".
حمل البيان الختامي للمؤتمر رسائل إلى جهات عديدة، وأخذت صياغته إلى حد كبير طابعاً توفيقياً. أما العقد الاجتماعي فهو بمثابة مدوّنة داخلية للإدارة الذاتية، لكنه ربما حمل رسائل إلى الخارج تفوق ما حمله البيان الختامي من حيث الأثر، خاصة أنه منذ ديباجته حمل إشارة إلى النظام الكونفدرالي الذي تشكل الإدارة الذاتية نواته "أساساً لبناء جمهورية سوريا الديمقراطية".
والنقلة من الحديث عن الفدرالية إلى اعتماد الكونفدرالية لا يُتوقع لها بالطبع أن تلقى الترحيب لدى المعارضة "العربية"، أو من جهة الأسد الذي أصر في التفاوض مع الأكراد على مفهومه للّامركزية بما لا يتعدى الانتخابات البلدية. أي أن مخرجات اجتماعات ومؤتمر مسد مؤخراً تكرّس ما بات معلوماً ضمن الانقسام الثلاثي السوري: الأسد يرفض الديموقراطية واللامركزية، وهيئات المعارضة العربية تتحدث كثيراً عن الديموقراطية مع رفض صريح أو ضمني للّامركزية، والإدارة الذاتية التي يهيمن عليها حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي تتحدث كثيراً عن اللّامركزية وتتحدث بحماس أقلّ عن الديموقراطية.
وإذا نحّينا جانباً الاعتراضات العروبية على الإدارة الذاتية، فإن من مشاكل الأخيرة المستمرة تقديمها خطاباً قليل التماسك، بسبب الإصرار الشديد على تقديم برنامج حافل بكل شيء، وبالمتناقضات في الكثير من الأحيان. فنصُّ العقد الاجتماعي تتكرر فيه كلمة الكونفدرالية ضمن مناطق الإدارة نفسها، لكن المضمون سرعان ما يتكشف عن مقولات لطالما استُخدمت لهندسة المجتمع وتطويعه حسب الأيديولوجيا الحاكمة. من ذلك مثلاً ما ورد في الفقرة 61: "تحرص الإدارة الذاتية على تعزيز القيم التاريخية للقبائل والعشائر بما يخدم التطور والتعايش السلمي بين المجتمع، وتناهض كل الأعراف العشائرية التي تتنافى مع العقد الاجتماعي"! فهذا التدخل لتعزيز قيَم عشائرية إيجابية والتصدي لأخرى سلبية معياره الفعلي هو السلطة نفسها، وأهم ما يُفهم منه واقعياً أنه محاباة لقيادات العشائر العربية ما دامت ملتزمة بتأييد السلطة، والرئيس المشترك الجديد هو عربي من الوسط العشائري، وقد انضم مؤخراً إلى مسد على نحو يوحي بانتسابه إليها ضمن اتفاق مسبق على تسلمه المنصب.
أيضاً ينص العقد على تنظيم المجتمع بدءاً مما يُسمّى "الكومين" الذي يُعرَّف بأنه أصغر وحدة إدارية، و"يتشكل من عدد من العوائل التي تسكن ضمن الحدود الإدارية والجغرافيّة للكومين". ثم في الفقرة التالية: " كل مواطن في شمال وشرق سوريا هو عضو في الكومين". هذه الهيكلية المرتبطة بتنظيم اجتماعي هرمي تستدعي إلى الأذهان التجارب البائسة لما كان يدعى "الديموقراطية الشعبية"، خاصة أن ديباجة العقد تنص في جزء منها على هجاء الرأسمالية: "نحن شعوب شمال وشرق سوريا عانينا من الأنظمة اللاديمقراطية المتعاقبة في سوريا ومن سياسات آلاف السنين من المركزية الدولتية والسلطوية وأيضاً من ممارسات الحداثة الرأسمالية المهيمنة على المنطقة"!.
كأنّ نشأة حزب العمال الكردستاني كحزب ماركسي ما تزال تلقي بظلالها على أدبيات مسد، فيطالعنا هذا التوصيف عن حداثة رأسمالية مهيمنة على المنطقة! ويغيب عنه الربط بين الحداثة والديموقراطية، وأيضاً الربط بين الأخيرة واللامركزية المعاصرة. هكذا تُحشَر المفاهيم اعتباطياً، ولا تخضع للتدقيق لأن هذا ليس من شأن أنصار مسد، وليس من شأن خصومهم المتشككين سلفاً بما يصدر عنها من أقوال. والطريف أن مسد تطرح نموذجها كنموذج قابل للتعميم في بلد افتراضي هو "جمهورية سوريا الديموقراطية"، فلا تترك لأبناء تلك الجمهورية مجتمعين ومتفرقين تقريرَ النموذج المناسب أو النماذج المناسبة.
نؤكد على أن المشكلة ليست في عناوين سيئة بحد ذاتها، وإنما في التعاطي معها على نحو لا يتقدم بالنقاش السوري إلى الأمام. فمفهوم العقد الاجتماعي مثلاً يختلف عن هندسة المجتمع التي جرّبها البعث من قبل، ومن المفيد أن تدرك مسد ذلك جيداً، إذا كانت جادة حقاً في طرح مبادئ من أجل مستقبل سوري ديموقراطي مُتّفق عليه، وهذا الاتفاق مكتوباً كان أم لم يكن هو العقد الاجتماعي الفعلي. أي أن الأخير هو سؤال الدولة نفسها، والإجابة عليه لا تأتي من قسم واحد من مواطنيها، سواء أكانت الإدارة الذاتية أو غيرها.
وبقدر إلحاح مسد على موضوعة اللامركزية، قد يكون مفيداً تكرارُ القول أن ربطها بالديموقراطية ضروري. فالفكرة الشائعة هي أن طرح اللامركزية من قبل الإدارة له أولوية مطلقة على الديموقراطية نفسها، وعلى نحو يُفهم منه أنها مطلب كردي لا يخص باقي السوريين، أو يخصهم بوصفهم إثنيات وطوائف لا بوصفهم أيضاً مواطنين بالمفهوم المعاصر. هذا ليس في صالح الأكراد ولا باقي السوريين، لأنه يختزل اللامركزية إلى مطلب فئوي خاص، في حين أن التخلص ما أمكن من المركزية هو تخلص من دعامات الاستبداد، وهو تالياً لصالح جميع المنادين بالتحول الديموقراطي.
لقد كانت واضحة رغبة مسد في نفي النزوع الانفصالي عن الأكراد، وقد عبّرت عن التمسك بوحدة الأراضي السورية في العديد من المناسبات بما فيها البيان الصادر عن مؤتمرها الأخير. ولا يخفى أن الإدارة تسوّق لنفسها كنموذج مقبول وسط نموذجَي الأسد والمعارضة، هذا التسويق مع القول بوحدة سوريا يرتّب عليها تقديم نموذج للمستقبل، نموذج لا يقوم على المباهاة بالتفوق هنا أو هناك على سلطة الأسد من جهة وسلطة الجولاني أو أبي عمشة من جهة ثانية.
الواقع اليوم هو أفضل أمام مسد مما كان عليه قبل سنوات، فالتذمر يعمّ مناطق سيطرة الأسد بأكملها، وهناك انتفاضة مستمرة في السويداء من المستحسن أن تتعاطى معها مسد بإيجابية فلا تستثمرها فقط للقول أن اندلاعها دليل على مساوئ الحكم المركزي. أيضاً، ثمة عوامل عديدة تجعل هيئات المعارضة غير قادرة على كسب ما يخسره الأسد من جمهور؛ هذه قد تكون فرصة تشاركية واقعية لمسد بدَلَ تأليف جمهورية افتراضية.



في الرد على منتقدي العقد الاجتماعي
من مقال الصحفي عقيل حسين على موقع "نون بوست"
٢٧/ ١٢/ ٢٠٢٣
رغم أن “العقد الاجتماعي الجديد” للإدارة الذاتية صاغته لجنة مكونة من 157 شخصًا، موزعين على مختلف المكونات التي تعيش بالمنطقة، بواقع 45% من الكرد، و37% من العرب، و11% من السريان، مع تمثيل أقل للآخرين، نتج عنها لجنة مصغرة تتألف من 30 عضوًا، إلا أن نسب هذا التوزيع تعزز من الاتهامات الموجهة للإدارة بتكريس الهيمنة الكردية، ناهيك بالتقليل من جدية تمثيل المكونات الأخرى باعتباره تمثيلًا شكليًا.
لكن الرئيس المشترك السابق لـ”مسد” رياض درار، ينفي هذه الاتهامات، مشددًا على أن النقد الموجه للوثيقة “لم يكن موضوعيًا في أغلبه، ومبنيًا على اتهامات متخيلة وأوهام”.
ويقول في حديث لـ”نون بوست” عن ذلك: “الوضع في سوريا لا يتوقف فيه النقد بسبب غياب الرؤية الصحيحة لمفهوم الدولة والعلاقات الاجتماعية، خاصة بعد أن توزع السوريون إلى مواقع متناحرة مختلفة. فالنظام هو هو لم يتغير، وفي شمال غربي البلاد حالة فصائلية معارضة تابعة لتركيا لا يمكن البناء عليها في ما يخص سوريا المستقبلية، ويبقى لدينا مناطق الشمال الشرقي التي وصلت إلى ما هي عليه الآن بعد جهود متراكمة، حيث وضعت الإدارة أول عقد لها عام 2014 عندما كانت في منطقة الجزيرة فقط، لكن مع تغير الواقع الميداني والجغرافي كان لا بد من التعديل والتجديد، وكان لا بد من تأسيس منظومة مستمدة من التراث الثقافي لمكونات المنطقة ومن طبيعة الأوضاع القائمة، وبالتالي نحن لا نقم بما هو جديد”.
ويرى درار أن موقف المنتقدين “لم يبن على أساس موضوعي، فتهمة الانفصال لم تتوقف ضد الإدارة الذاتية، سواء كان هناك عقد اجتماعي أم لم يكن، وهذه التهمة التي توجه لنا من النظام والمعارضة نابعة من نزعة عنصرية ساهمت بما وصلت إليه البلاد، عندما اختار الطرفان التقسيم، بدءًا من العلم وانتهاءً بمناطق النفوذ والتبعيات”.
ويضيف “لذلك فإن بناء المشروع في شمال شرق سوريا اعتمد الطريق الثالث وسط الصراع القائم بين المعارضة والنظام، وعليه تضمن العقد الاجتماعي المقرر أخيرًا تركيزًا على التوجه نحو سوريا جديدة تقوم على اللامركزية والديمقراطية، مع التأكيد على أنه لم ينص أنه نهائي، بل أكد في إحدى فقراته على أنه عقد مؤقت إلى حين إنجاز السوريين دستورًا جديدًا للبلاد بعد الوصول إلى حل سياسي.
ويختم درار بالتشديد على أن العقد الاجتماعي المعلن عنه “هو مشروع إداري اجتماعي سياسي يهدف لإقامة منظومة علاقات تحمي المنطقة”، ويصف أغلب النقد الموجه بالـ”مبني على تصورات متوهمة”، مشددًا أنه “لو كان موضوعيًا لناقش المواد والأفكار التي تتضمنها الوثيقة


---------------------------------------------------------------------


رياض الترك :سيرة سياسية
ولد في محافظة حمص عام 1930. انتسب للحزب الشيوعي السوري عام 1950، وكان من كوادر منظمة الحزب في حمص بالخمسينيات. تخرج من كلية الحقوق في عام 1957. تعرض للملاحقة الأمنية إثر بدء حملة الاعتقالات لأعضاء الحزب في يوم رأس سنة 1959، ثم اعتقل في شهر تموز 1959 وتعرض لتعذيب شديد في أقبية مخابرات الشعبة الثانية (لاحقاً أصبح اسمها شعبة المخابرات العسكرية) التي كان يرأسها عبد الحميد السراج، وكان مثالاً للصمود بوجه الجلادين والمحققين..
أفرج عنه عام 1962، ثم أوفده الحزب للدراسة في “معهد الماركسية – اللينينية” بموسكو، الذي كان يضم موفدين من كافة أحزاب الحركة الشيوعية العالمية. عند عودته لسوريا عام 1965 تم تكليفه بالإشراف على منظمة الحزب في دير الزور، وفي عام 1967 أصبح سكرتيراً للجنة المنطقية للحزب في حمص..
في المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي السوري (حزيران 1969) انتخب رياض الترك عضواً في اللجنة المركزية التي انتخبته عضواً في مكتبها السياسي
عند انفجار الخلاف في الحزب عام 1971 مع كتلة خالد بكداش- يوسف فيصل كان رياض الترك ضمن أكثرية اللجنة المركزية (8 من أصل 15) والمكتب السياسي (5 من أصل 7) التي وقفت ضد تلك الكتلة المدعومة من السوفيات
اتهمه بيان 3 نيسان 1972 الذي أعلن فيه انشقاق كتلة خالد بكداش-يوسف فيصل عن أكثرية اللجنة المركزية والمكتب السياسي والحزب بأنه رأس الطرف المناوئ لتلك الكتلة. انتخب رياض الترك أميناً أول للحزب الشيوعي – المكتب السياسي إثر المؤتمر الرابع للحزب المنعقد في كانون الأول 1973 ثم جرى تجديد انتخابه في منصب الأمين الأول عقب المؤتمر الخامس المنعقد في كانون الأول1978.
كان أساسياً في المفاوضات التي جرت من أجل تشكيل “التجمع الوطني الديمقراطي” الذي جرى التوقيع على ميثاقه في كانون الأول 1979.
اعتقل رياض الترك في يوم 28 تشرين الأول 1980 ضمن الحملة الأمنية العامة التي شنتها السلطة على الحزب في ذلك الشهر وتعرض لتعذيب شديد، ظل صامداً أمامه ثم قضى فترة السجن في زنزانة انفرادية حتى يوم الإفراج عنه في 30 أيار 1998. عند خروجه من السجن عاد للعمل الحزبي ومارس منصبه على رأس قيادة الحزب.
ألقى محاضرة في “منتدى جمال الأتاسي” في 5 آب 2001 جرى اعتقاله على إثرها في يوم 1 أيلول 2001 وظل في السجن حتى يوم 15 تشرين الثاني 2002.
في فترة 2003-2005 طرح رياض الترك طروحات من أجل “تغيير فكر الحزب من الماركسية إلى الليبرالية” و “تغيير اسم الحزب” و “نظرية الصفر الاستعماري” التي تعتبر ما جرى من الأميركان في العراق فعلاً ايجايباً”
ذهب رياض الترك، ومن وقف معه مؤيداً لتلك الطروحات، نحو تأسيس “حزب الشعب الديمقراطي” في المؤتمر الذي عقدوه بحمص أيام 28-29-30 نيسان 2005، فيما بقي في “الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي” من ظل متمسكاً بالماركسية، وباسم الحزب، ورافضاً للمراهنة على الخارج الأميركي من أجل إحداث التغيير السوري.
اتجه (حزب الشعب الديمقراطي )نحو المشاركة في تشكيل "اعلان دمشق"عام2005و"المجلس الوطني"عام2011و"الائتلاف الوطني"عام2012.
اتجه (الحزب الشيوعي – المكتب السياسي)نحو المشاركة في تشكيل "تجمع اليسار الماركسي-تيم"عام2007و"هيئة التنسيق الوطنية"عام2011.
توفي رياض الترك في باريس في يوم1كانون الثاني2024.
------------------------------------------------------------------------------------
الحزب الشيوعي السوري ما بعد انشقاق 1972 (الجزء الرابع والأخير)
سبتمبر 14, 2023
"المركز الكردي للدراسات"- ألمانيا
- محمد سيد رصاص -
في صباح الأحد 7 ديسمبر/كانون الأول 2003، كان كاتب هذه السطور في بيت رياض الترك بحمص بعد أيام قليلة من عودته من زيارته التي استغرقت شهران للقارتين الأوروبية والأميركية الشمالية. رن جهاز هاتف المنزل وكان المتحدث هو المحامي خليل معتوق والذي أخبر رياض بأن دانيال نعمة توفي مساء السبت وبأن الجنازة ستكون في بلدة مشتى الحلو الإثنين. قلت لرياض بأنه من الضروري حضوره الجنازة، خاصةً أن العلاقة الشخصية بينهما ممتدة عندماكانا يسكنان غرفة واحدة بموسكو في أثناء دراستهما في معهد الماركسية اللينينية الذي كانت ترسل الأحزاب الشيوعية العالمية كوادرها للدراسة فيه. قال لي بأنه لن يذهب للجنازة أو التعزية، وبأن «دانيال هو يهوذا الحزب». وهنا، بدأ يروي لي قصة اكتشفت لاحقاً بأن قلة من الشيوعيين السوريين يعرفوها، وهي كيف أنه كان ودانيال أعضاء في وفد شيوعي سوري زار موسكو في مايو/أيار 1971 ضم معهما خالد بكداش ويوسف فيصل ومراد يوسف وبدر الغزي (الطويل) من أجل مناقشة الملاحظات السوفيتية على مشروع البرنامج السياسي للحزب، وهو ما تم على أساسه منذ ذلك الوقت الاستقطاب في الحزب في جناحين: إما مع مشروع البرنامج أو مع الملاحظات السوفياتية. قال لي رياض بأن النقاشات جرت مع قادة سوفييت ساهموا في كتابة الملاحظات منهم ميخائيل سوسلوف عضو المكتب السياسي وبوريس بوناماريوف رئيس القسم الدولي التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ونائبه أوليانوفسكي وهو الخبير السوفياتي الأول بالشؤون الأفرو- آسيوية. وذكر أن الوفد الشيوعي السوري انقسم إلى ثلاثة مع المشروع هم رياض ودانيال وبدر وثلاثة قالوا بأنه يجب إجراء صياغة جديدة لمشروع البرنامج على أساس الملاحظات وهم خالد ويوسف ومراد، موضحاً أن النقاشات لم تقد إلى أي توافقٍ لا مع السوفيات ولا بين أعضاء الوفد. هنا قال رياض بأنه فوجىء في المساء وبغرفته الخاصة بالفندق بزيارة من شخص عرّف عن نفسه بأنه مسؤول في الحزب الشيوعي السوفييتي وبأنه أتى لرياض لأنه يعرف بأنه «رأس المعارضة لخالد بكداش»، وبأنه مكلف بعرض صفقة عليه: مقابل التخلي عن مشروع البرنامج من مناوئي بكداش يتخلى السوفييت عن بكداش ويقبلون بشخص من مناوئيه لتولي الأمانة العامة للحزب. وافق رياض على العرض وذهب بعد ذلك إلى غرفة دانيال وأخبره بالعرض وبأنه وافق عليه، ليتفاجىء بأن دانيال يعارض ذلك. ثم يتفاجىء أكثر بأن دانيال أخبر خالد ويوسف بذلك، واستطاع الأخيران بما يملكان من علاقاتٍ تصل إلى أعلى هرم الحزب الشيوعي السوفيتي والأجهزة السوفيتية المختلفة إقناع السوفيت بالتخلي عن هذا العرض الذي يبدو أنه لم يكن موضع إجماع في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي.
يعطي هذا صورة عن أهمية الحزب الشيوعي السوري عند السوفيت عندما تمت كتابة نص سوفيتي مضاد من قبل أعضاء في أعلى هرم القيادة السوفيتية ضد مشروع برنامج سياسي للشيوعيين السوريين. وكان خوف موسكو من أن هذا المشروع سيقود إلى ابتعاد الشيوعيين السوريين عن موسكو وإلى استقلاليتهم عنها. كما أن الذين يقفون وراء مشروع البرنامج يعارضون السلطة السورية الجديدة التي أتت بعد حركة 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1970 والتي أيدتها موسكو وضغطت على الشيوعيين السوريين للتعاون معها. وكان السوفيت يخشون من أن الصدام بين الشيوعيين والسلطة السورية الجديدة سيضع موسكو في وضع صعب. يمكن هنا التفكير في مقدار الإلحاح السوفيتي على حل أزمة الحزب الشيوعي السوري من خلال قياس حجم «التضحية السوفياتية» التي أبدوا استعداداً لتقديمها من خلال تقديم «قربان» بحجم بكداش في سبيل الوصول لذلك، ولكن بشرط أن يتقيد الشيوعيون السوريون بعد التضحية السوفيتية ببكداش بالخط السوفيتي الذي رسمته الملاحظات.
كما أن هذا يعطي صورة عن براغماتية رياض الترك عندما أراد مسك التنظيم مقابل تنازلات في مجالي الفكر والسياسة. والأرجح، وهو المبدئي العنيد والصلب، أنه كان يحسب بأن التمكن في التنظيم يتيح له المجال اللاحق للعودة إلى إمساك الفكر والسياسة وحتى ضد إرادة السوفيت. كما تعطي عملية استمرار قوة انفعالات شخص عن حادثة عمرها ثلث قرن تجاه شخص آخر أفشل له ما يريد صورة عن أنه كم كان مقتنعاً بتلك الصفقة السوفيتية وبجدواها.
وبعد انشقاق الحزب الشيوعي السوري إثر بيان 3 أبريل/نيسان 1972، أصبح الشيوعيون السوريون في وضعية الانقسام الانشطاري في مركزين وجسمين تنظيميين من الرأس حتى كافة أجزاء الجسم. وأجرى السوفيت ثلاث محاولات لإعادة الوحدة للشيوعيين السوريين. الأولى في موسكو في يوليو/تموز 1972، عندما ذهب وفد سباعي مكون من خالد بكداش، يوسف فيصل، مراد يوسف، رياض الترك، ظهير عبد الصمد، دانيال نعمة، وواصل فيصل. وجرت اجتماعات في العاصمة السوفيتية مع أندريه كيرلنكو عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي شارك بها بوناماريوف وأوليانوفسكي. وثانيها في دمشق في مارس/آذار 1973 من خلال لقاء حضره الطرفان مع سيزوف، رئيس لجنة الرقابة في الحزب الشيوعي السوفيتي. والمحاولة الثالثة مع كيرلنكو في دمشق في يوليو/تمو 1973 عندما حضر إلى سوريا للاحتفال بتحويل مجرى نهر الفرات عبر سد الفرات. في لقاء موسكو، جرى الاتفاق على عقد المؤتمر الرابع للحزب في نهاية عام 1972 مع تشكيل لجنة رباعية مؤلفة من خالد بكداش- يوسف فيصل- دانيال نعمة- ظهير عبدالصمد تكون بمثابة لجنة تحضيرية للمؤتمر والتي تم تشكيلها إثر انعقاد جلسة كاملة للجنة المركزية للحزب في الشهر اللاحق بناءً على نتائج اجتماع موسكو. ولكن كما في 1971، كانت ثنائية المشروع والملاحظات العقبة أمام عقد المؤتمر عندما أصر بكداش على اعتبار الملاحظات أساساً يتم من خلاله تقديم المشروع الجديد للبرنامج السياسي إلى المؤتمر، فيما قال خصومه بأن نص المشروع يبقى كما هو ويقدم إلى المؤتمر. وهناك، يمكن الاستئناس بالملاحظات السوفيتية، مع شيء جديد، أراده بكداش، وهو أن يتم الاتفاق المسبق على مندوبي المؤتمر وليس بالانتخاب من القواعد. قاد كل ما سبق إلى فشل عقد المؤتمر، وهذا مادفع جناح المكتب السياسي في أوائل 1973 إلى إضافة أعضاء جدد للمكتب السياسي واللجنة المركزية وإلى بدء تحضير منفرد للمؤتمر الرابع للحزب، من منطلق أنهم يملكون الأكثرية في اللجنة المركزية المنتخبة في المؤتمر الثالث، أي ثمانية أعضاء من أصل خمسة عشر عضواً، ومن منطلق أنها الهيئة القيادية العليا للحزب في المرحلة الواقعة بين مؤتمرين (المادة 26 من النظام الداخلي للحزب المقر في المؤتمر الثالث، وثائق المؤتمر الثالث، ص231). كما كان المنطلق أنه يحق للجنة المركزية ضم أعضاء جدد إليها من المرشحين المنتخبين في مؤتمر الحزب أومن سواهم من أعضاء الحزب (المادة 31،ص 232). بعد لقاء 1973، تم تشكيل لجنة خماسية كانت هي الرباعية السابقة زائد ابراهيم بكري. وكان هناك حلول منها إيجاد صيغة توفيقية بين المشروع والملاحظات أو أن لا يتم أي اخراج لبرنامج سياسي من المؤتمر القادم مع الاكتفاء بحل المشكلة التنظيمية. وهنا، حدث استعصاء جديد عندما وافق خالد بكداش على أن يكون بمنصب شكلي هو رئيس الحزب ولكنه اشترط أن يكون الأمين العام الجديد من غير المناوئين له، فيما رشح رياض الترك ظهير عبد الصمد ليكون الأمين العام الجديد. وذكر اقتراحا بكداش والترك في المقابلات التي أجراها طلال سلمان لصالح مجلة «الصياد» في يونيو/حزيران 1972ونشرت في المجلة على عدة حلقات.
في اللجنة الخماسية، ضغط السوفيت من أجل حل أزمة الشرعية في الحزب عبر استقطاب أعضاء في اللجنة المركزية من الجناح المضاد لبكداش لكي ينتقلوا إلى الضفة الأخرى، وهددوا من أجل ذلك بأنهم سيعترفون فقط بجناح بكداش بوصفه الحزب الشيوعي السوري المعترف به من الحركة الشيوعية العالمية، وأنهم سيسحبون المساعدة المالية التي كانت تقدم تاريخياً للحزب عن المخالفين وكذلك تسهيلات البعثات الدراسية للطلاب في دول معسكر حلف وارسو. أدى هذا الأمر عملياً إلى خلاف الثلاثي (دانيال- ظهير- إبراهيم بكري) مع أغلبية اللجنة المركزية الجديدة في جناح المكتب السياسي، خاصةً حينما عرضوا في اجتماع 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1973 اتفاقاً مكتوباً مع جناح بكداش. وكان الاتفاق يتضمن أن يكون يوسف فيصل أميناً عاماً وخالد بكداش رئيساً للحزب مع عقد مؤتمر تكون فيه الملاحظات السوفيتية أساساً للبرنامج السياسي الجديد. انعقد اجتماع بعد يومين بحضور الثلاثي. واتخذ قراراً، متسلحاً بحضور عشرة من خمسة عشر من أعضاء المركزية المنتخبين في المؤتمر الثالث، بفصل رياض الترك وفايز الفواز ويوسف نمر من عضوية الحزب، وهو ما ترافق مع اعتراف السوفيت وبقية أحزاب الحركة الشيوعية العالمية بجناح بكداش باعتباره الحزب الشيوعي السوري.
ذهب مع الثلاثي قلة من أعضاء جناح المكتب السياسي لا يتجاوزون عشرة في المئة. في ديسمبر/كانون الأول 1973، عقد جناح المكتب السياسي المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوري. وفي سبتمبر/أيلول 1974، عقد جناح بكداش المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوري. وانتخب رياض الترك أميناً أول للحزب الشيوعي السوري المكتب السياسي. وفي المؤتمر الآخر، لم يلتزم بكداش بالاتفاق الشفوي مع يوسف فيصل والثلاثي بأن يكون يوسف أميناً عاماً جديداً، وهو ما كان أليكسي كوسيغين رئيس الوزراء السوفيتي راعياً له كاتفاق. وكان تأييد مراد يوسف لبكداش في ذلك بذرة لانشقاق مراد عام 1979والذي هو حصيلة خلاف يوسف ومراد مع تخلي بكداش بالنهاية عنه، وبذرة ثانية لانشقاق 1986بين خالد ويوسف فيصل الذي وقف معه الثلاثي. وكانت المفارقة في عام 1991عندما توحد مراد يوسف مع جناح يوسف فيصل في ما يسمى الحزب الشيوعي الموحد، وربما كان هذا انتقاماً متأخراً من مراد ضد خالد.
على الرغم من معارضة مناوئي بكداش للاشتراك في الوزارة التي أتت بعد يومين من حركة 1970 في سوريا ومعارضتهم الاشتراك في الجبهة الوطنية التقدمية التي أعلن قيامها في 1972، فإن جناح المكتب السياسي لم يتجه فوراً لمعارضة السلطة بل كان له ممثل في القيادة المركزية للجبهة هو دانيال نعمة بجانب العضو الشيوعي الثاني وهو خالد بكداش، وفي وزارة محمود الأيوبي بالشهر الأخير من 1972 كان الوزير الشيوعي الثاني هو ظهير عبدالصمد بجانب وزير المواصلات عمر السباعي الذي كان في جناح بكداش. وفي انتخابات مجلس الشعب في عام 1973 كان لجناح المكتب السياسي ثلاثة نواب هم ميشيل عيسى من طرطوس ويوسف نمر من دمشق ونوري حجو الرفاعي من حمص، زائد تمثيل في اتحاد الطلاب بالجامعات وفي اتحاد نقابات العمال وفي مجالس الإدارة المحلية بالمحافظات. وعندما ذهب الثلاثي: دانيال- ظهير- إبراهيم بكري إلى جناح بكداش، عرض الرئيس حافظ الأسد في اللقاء الذي جمعه مع رياض الترك في مايو/أيار 1974 أن يكون هناك ممثل للحزب الشيوعي المكتب السياسي في القيادة المركزية للجبهة وممثل في الوزارة بدلاً من دانيال وظهير، وهو ما تملص منه رياض وقال إنه وجودهم في فروع الجبهة بالمحافظات وفي مجلس الشعب يكفي. وفي لقاءات جرت عامي 1974 و1975 مع الأمين العام المساعد لحزب البعث عبدالله الأحمر والأمين القطري المساعد محمد جابر بجبوج وعضو القياد القطرية عبدالله الأحمد، كان القادة البعثيون، وفق ما هو مكتوب في المحاضر، يقولون بأنهم يشعرون بالقرب من الحزب الشيوعي المكتب السياسي في قضايا فلسطين والوحدة العربية أكثر من قربهم من الحزب الشيوعي (بكداش). وكان يفهم من ذلك بأن هذه مغازلة سياسية يريد من خلالها البعثيون الضغط على بكداش والسوفيت واحتواء الحزب الشيوعي المكتب السياسي أو ثنيه عن الاتجاه نحو المعارضة.
لم يستجب الحزب الشيوعي المكتب السياسي لذلك بل اتجه نحو معارضة تدريجية للسلطة، وهو مابدأ مع معارضته لاتفاقية فصل القوات في الجولان في 1974 ثم صار التركيز على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل سياسات انفتاح اقتصادي أتاحت مجالاً لنمو رأسمالية جديدة بالتشارك بين التجار والمتعهدين وبين المتنفذين في مراكز السلطة. في الشهر الأول من عام 1976، انسحب الحزب الشيوعي المكتب السياسي من الجبهة الوطنية التقدمية عبر سحب ممثليه من فروع الجبهة في محافظات عديدة. وفي مظاهرة يوم الأرض التي جرت بجامعة دمشق في 30 مارس/آذار 1976، شارك الحزب بقوة واعتقل العديدون من أعضائه في المظاهرة. وظل اثنان منهما، وهما فرحان نيربية وحكمت أبو جمرة، أربع سنوات في الاعتقال بسجن المزة. في يونيو/حزيران 1976، أصدر الحزب الشيوعي بياناً موقعاً من قيادته ضد التدخل العسكري السوري بلبنان. وفي صيف ذلك العام، بدأ اتصالات مع قوى سياسية مثل الاتحاد الاشتراكي بقيادة جمال الأتاسي وحزب العمال الثوري بقيادة ياسين الحافظ وحزب البعث- تنظيم 23شباط وحركة الاشتراكيين العرب بقيادة أكرم الحوراني من أجل تشكيل جبهة معارضة للسلطة، وهو ما ولد عنه التجمع الوطني الديمقراطي في الشهر الأخير من عام 1979وضم القوى السياسية الخمسة المذكورة. في نفس الفترة من صيف 1976، جرى لقاء في بيروت بمساعدة وتنسيق من حركة فتح ومسؤول القطاع الغربي فيها خليل الوزير (أبو جهاد) مع مسؤول الشؤون السورية في الاستخبارات العراقية نزار حمدون، ضم رياض الترك وأعضاء آخرين من المكتب السياسي للحزب، وهو ما دشن علاقة بين الحزب وبغداد استمرت حتى عام 1989، وهي علاقة لم يعرف بها سوى أعضاء المكتب السياسي للحزب وعدد قليل من الحزبيين. وكان طرح الحزب منذ 1980 للجبهة العريضة في إطار محاولة توسيع المعارضة لكي تشمل تنظيم البعث الموالي للعراق وربما الإسلاميين. ولكن معارضة جمال الأتاسي وكذلك معارضة قيادات في الحزب الشيوعي المكتب السياسي، أفشلت هذا المسعى الذي ارتبط بمسؤول منظمة الخارج في الحزب المحامي أحمد محفل والذي كان يتحرك في مارس/آذار عام 1980 أثناء زيارته بغداد بضوء أخضر من رياض الترك.
بفعل الاتجاه نحو المعارضة السياسية للسلطة، والتي كان من مظاهرها مقاطعة انتخابات مجلس الشعب عام1977وعدم المشاركة في انتخابات اتحاد الطلبة بالجامعات، تخلى الحزب الشيوعي (المكتب السياسي) عن مقولات التطور اللارأسمالي والديمقراطية الشعبية. وبدأ عبر المؤتمر الخامس للحزب المنعقد في الشهر الأخير من عام 1978بتبني مفهوم الديمقراطية بمعناها البرجوازي الصرف في خطوة غير مسبوقة من حزب يساري سوري بشقوق اليسار السوري المختلفة من ماركسية وعروبية وكردية في الفترة الواقعة بعد 1963 وهو ما تبعته عليه كل الأحزاب اليسار ية السورية وأولها الأحزاب التي انضوت في التجمع عام 1979. ترافق هذا الاتجاه الفكري مع مسار نحو اعتبار أن التطور الاقتصادي- الاجتماعي في سوريا ما بعد 1963 يقوم على دولة شمولية تحتكر السلطة والاقتصاد والاجتماع والثقافة مع نمط اقتصادي هو رأسمالية الدولة، وهو ما أرفقه المؤتمر الخامس بطرح برنامج للتغيير يشمل دستوراً جديداً يحدد فصل السلطات وخضوع السلطة التنفيذية للتشريعية ودستور علماني لايميز بين المواطنين بسبب العرق أو الدين أو الطائفة أو الانتماء السياسي وانتخابات حرة مباشرة وسرية وإلغاء الحكم العرفي وإبعاد الجيش عن السياسة (موضوعات المؤتمر الخامس: الوضع في سورية،كراس من خمسين صفحة،ص 48-49).
عند نشوب الصدام المسلح بين الإسلاميين والسلطة في صيف 1979، اتخذ الحزب الشيوعي المكتب السياسي من برنامج المؤتمر الخامس منهاجاً للتعامل مع الأحداث السورية، إذ رآها مناسبة لطرح برنامج للتغيير كانت زبدته ما ورد في بيان التجمع الصادر في 1980، حيث دعا البيان إلى تغيير جذري في أوضاع البلاد يشمل رفع الأحكام العرفية وقانون الطوارىء، سحب الجيش من المدن، إطلاق الحريات العامة، الدعوة إلى انتخابات عامة لانتخاب جمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً وتتحول بعد وضع الدستور إلى برلمان. كان الجديد في بيان التجمع هو سكوته عن عنف الإسلاميين وتأكيده على أن أزمة البلاد سببها نهج السلطة.
في اليوم التالي للبيان الصادر في 18 مارس/آذار 1980، جرت اعتقالات لأعضاء من الحزب الشيوعي المكتب السياسي في جامعة دمشق وفي مدينة اللاذقية وفي الشهر التالي بمدينة حلب، ولكن لم تشمل قياديين في الحزب. في 7 أكتوبر/تشرين الأول 1980، بدأت حملة واسعة من الاعتقالات لأعضاء الحزب شملت الأمين الأول للحزب رياض الترك وأعضاء من المكتب السياسي واللجنة المركزية ومئات من الكوادر والأعضاء. وحتى عام 1990 جرت سبع حملات اعتقالات كان أكبرها الحملة التي جرت في خريف 1987وشملت محمد منير مسوتي (أبو ماهر) الذي خلف رياض الترك في مركز المسؤول الأول بالحزب ثم جاء بعده عبدالله هوشة حتى خروج رياض الترك من السجن في 1998. رغم كل ذلك لم تتحطم البنية التنظيمية للحزب في الداخل السوري بل ظلت له بنية تنظيمية هرمية كاملة في الداخل بفضل الجهاز السري للحزب الذي تم بناءه في فترة 1976-1980، فيما بقية الأحزاب السورية التي تعرضت للضربات الأمنية تحولت لتنظيمات مقتصرة على خارج سوريا.
كانت مسيرة الحزب الشيوعي (بكداش) مختلفة، حيث زاد التصاقه بالسلطة رغم أنه بالترافق مع المعارضة السوفيتية عارض التدخل العسكري السوري في لبنان عام 1976، ولكن هذا الموقف كان استثناء في المسار العام، حيث عاد لمسار من التوافقات انبنت على مقولة أطلقها خالد بكداش عام 1979: «إذا أخذنا السياسة الداخلية لوحدها فيمكن أن نكون في المعارضة، ولكننا نبني سياستنا في التحالف على قضايا السياسة الخارجية التي تتضمن العلاقات الوثيقة السورية – السوفيتية». كان توثق العلاقات بين موسكو ودمشق مبنياً على مستجدات جديدة منها ابتعاد مصر عن السوفيت منذ عام 1974وابتعاد العراق عن السوفيت بعد اتفاقية الجزائر مع إيران عام 1975. وزاد هذا بعد توقيع اتفاقيات كامب دافيد برعاية أميركية بين مصر واسرائيل عام 1978. وقف البكداشيون مع السلطة في أحداث 1979-1982 ثم توثقت علاقتهم معها في فترة حكم أندروبوف 1982-1984.
كانت بيريسترويكا غورباتشوف 1985-1991 صدمة العمر لخالد بكداش وفرصة ليوسف فيصل لتحقيق ما وعده به السوفيت عام 1973 لتولي الأمانة العامة للحزب بدلاً من بكداش. ورأى بكداش صورة سوفيتية جديدة في عام 1986 تختلف عن صورة انشقاق 1972، حيث وقف السوفيت ضده مع يوسف فيصل وبدأ الأخير يعزف على نغم التوافق مع نهج سوفيتي جديد يعارض كل ما آمن به بكداش في موسكو منذ أن ذهب لهناك في الثلاثينيات. كان انشقاق 1986بين بكداش ويوسف انشقاقاً كبيراً يوازي انشقاق 1972في الرأس والجسم الحزبيين، وقد كانت أغلبية اللجنة المركزية والكوادر الحزبية ذات المراكز الوظيفية في السلطة مع يوسف فيما غالبية الجسم الحزبي مع بكداش، وكان هناك بعد ثان أن يوسف كان أقرب للسلطة من بكداش الذي وجد نفسه أبعد من يوسف تجاه الكرملين والسلطة السورية معاً في وضع معاكس لعام 1972. وعندما تفكك الاتحاد السوفياتي في أواخر عام 1991أصبح هناك سباق بين يوسف وخالد لمن هو يصبح في موقع الأقرب للسلطة السورية وهو وضع مستمر حتى الآن بين تنظيمي الحزب الشيوعي السوري (الموحد) والحزب الشيوعي بقيادة وصال فرحة بكداش وعمار خالد بكداش بعد تعاقبهما على الأمانة العامة للحزب منذ وفاة خالد بكداش في 1995.
بفعل مرحلة ما بعد الانهيار السوفياتي، حصلت في الألفية الجديدة تطورات كثيرة عند الشيوعيين السوريين. فكثير منهم اتجه نحو (الليبرالية الجديدة) متخلياً عن الشيوعية الماركسية، وهذا شمل الكثير من الأعضاء في الأحزاب الشيوعية في الجبهة ولكن لم يتبلور في الجسم العام للتنظيمات الشيوعية في الجبهة، فيما حصل العكس في الحزب الشيوعي المكتب السياسي حيث بدأت تتبلور طروحات منذ المؤتمر التداولي للحزب المنعقد بريف دمشق في 2001 نحو أن الحزب هو برنامج سياسي مع تعدد المصادر المعرفية وأن هناك انفصال بين الأيديولوجية والسياسة. بعد عودة رياض الترك من زيارته للغرب الأوروبي- الأميركي بالشهر الأخير من عام2003 بدأ يتجه نحو التخلي عن الماركسية وللتخلي عن اسم الحزب بالترافق مع تأييد ما فعله الأميركيون في العراق عام 2003 من تغيير داخلي بفعل قوة عسكرية خارجية . أنشأ هذا خلافاً فكرياً- سياسياً- تنظيمياً في الحزب الشيوعي المكتب السياسي قاد إلى مسارين مختلفين. الأول كان مسار تأسيس حزب الشعب الديمقراطي في 2005، والثاني مسار إعلان كوادر وأعضاء في الحزب أن الحزب الشيوعي المكتب السياسي هو حزب مستمر في نفس بنائه القديم وأن من ذهب من أعضاء الحزب لتأسيس حزب الشعب غادروا بناء الحزب وهم بنوا بناءاً حزبياً جديداً، كما أعلنوا بأنهم ما زالوا يتمسكون بالماركسية واسم الحزب ويرفضون نزعة الاستعانة بالخارج لإحداث تغيير داخلي. في التحالفات، اتجه من بقي في الحزب الشيوعي المكتب السياسي نحو المشاركة في تأسيس تجمع اليسار الماركسي-تيم عام 2007 ولتأسيس هيئة التنسيق الوطنية عام 2011، فيما ذهب حزب الشعب إلى التحالف مع الإسلاميين في إعلان دمشق عام 2005 والمجلس الوطني في 2011 والائتلاف الوطني في 2012. كان هناك انشقاق مهم في الحزب الشيوعي بقيادة وصال فرحة في 2001 عندما ظهر تيار قاسيون الذي نادى بوحدة شيوعيي سوريا واتجه نحو مسار تدريجي من المعارضة تبلور في 2014 مع الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية ثم بانضمامه (تحت اسمه الجديد:حزب الإرادة الشعبية بقيادة قدري جميل) عبر منصة موسكو إلى هيئة المفاوضات التي انبثقت عن مؤتمر الرياض2 للمعارضة السورية في 2017.
في هذا الجزء الرابع والأخير من دراسة الحزب الشيوعي السوري كان هناك اعتماد أكبر على الشفوي من التوثيقي. وهذا طبيعي في تجربة تنظيمات حزبية سرية يكون فيها الشفوي أساسياً وليس الوثائق. في عام 2005، قال كاتب هذه السطور لجمال باروت بأن كتابه عن حركة القوميين العرب عومل باستخفاف من قبل قياديين بالحركة بعد قراءتهم له، مثل أسامة الهندي وسليمان الرياشي. وعندما سأل عن السبب بعد احتجاجه بأنه بذل جهداً كبيراً في التوثيق معتمداً محفوظات النائب الكويتي أحمد الخطيب الذي كان مسؤول منطقة الخليج بالحركة، أجبته بأن السبب يكمن هنا بالذات، وأن الوثائق ليست هي الأساس في التأريخ لتاريخ تنظيمات سرية بل الشفوي عند من هم كانوا في المطبخ. أصيب باروت بصدمة من هذا الكلام. وبعد فترة قال لي بأنه سيقنع خير الدين حسيب مدير مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت بأن يخصص قسم للتاريخ الشفوي عند قادة تنظيمات سياسية سورية وعربية ليرووا ما يعرفوه كتابة أو صوتاً عن تجربتهم الخاصة.
لم يحصل ذلك
------------------------------------------------------------------------------------
- حول افتتاحية صحيفة "المسار" في عدد شهر شباط 2023 –
- الدكتور منذر اسبر أبومروان -

قامت افتتاحية صحيفة المسار للحزب الشيوعي السوري في عددها الأخير(شباط2023) بمراجعة لاداء المعارضة السورية .

وتأتي اهمية هذه المراجعة كونها تشكل إضاءة لاداء المعارضة عبر دلالات أساسية :

ـ المعارضة بدلالة الاخر وهو النظام السوري القمعي .
المعارضة بدلالة اثني عشر عاما من حدث الانتفاضة الشعبية
_ فشل الانتفاضة الشعبية وبالتالي مقولة "الثورة الدائمة "لهذه الانتفاضة .

واذا كان هذا مايشكل بنية الافتتاحية وبما ان اية مراجعة تعني النقد الذاتي للمعارضة وان هذا النقد الذاتي هو مسألة مسار معارض برمته للوصول إلى القول بفشله ، نجدنا نتقدم بمايلي :


1ـ أن "تبلور معارضة سورية عام 1976 "كما تبدأ الافتتاحية بذلك، ضد السلطة أي بعد ستة سنوات من قيام النظام عام 1970 وترسخه ،إنما ترافق مع انشراخات في احزاب هذه المعارضة بين من بقي منها في سلطة جبهة النظام وموالاته لها، وبين من اختار العمل من خارجه وضده في المعارضة ، بحيث نجم عن ذلك وضعية سياسية سورية مأزومة في قلب حكم تم تصنيعه بالعنف والسجون وتوطد طبقة جديدة لاتعرف سوى السلطة والثروة مبدأ وهدفا ، وتشكل قطيعة مع تاريخ سورية الحديث .

-2 تتعرض الافتتاحية إلى مجزرة ضباط مدرسة المدفعية في حلب عام ١٩٧٩والتي قام بها الإخوان المسلمون الذين أعلنوا الكفاح المسلح وبرنامج الثورة الإسلامية الذي لا يعترف الا "بالاحزاب التي تدين بعقيدة الامة " . إذن نحن هنا في عملية تأريخ المعارضة بالعلاقة مع التعارضات الكلية بينها في كيان تجمع وطني ديمقراطي وفي كيان "قيادة الوفاق" لمجموعات الإخوان المسلمين . ولذا فان ادانة الارهاب والارهاب المضاد لم يكن مسالة "توازنات "بين النظام والأخوان المسلمين وانما لان كلا منهما كان مناهضا للديمقراطية .

3- أن المعارضة السورية بدلالة الذات دخلت في مرحلة من الانكماش على نفسها بعدم قدرة التجمع الوطني الديمقراطي على تحوله إلى " تكتل جبهوي عريض " كما طرحت إحدى نشرات الحزب الشيوعي _المكتب السياسي .
وفي الوقت الذي تتجاهل فيه الافتتاحية المعارضة الوطنية الديمقراطية في الخارج والإعلان عن نفسها في" برنامج التجمع الوطني الديمقراطي _ باريس ١٩٧٦"وتحوله إلى لجنة دعم النضال الوطني الديمقرطي في سورية المتعاضدة مع التجمع في دمشق ، فإن هذا الأخير لم يستحب للمطالبة بانفتاحه على قوى أخرى ( حزب العمل الشيوعي ) طوال سنوات ،اداء تدعيم للتجمع نفسه .

4- أن الافتتاحية تتناول باهتمام احداث أعوام
1979_ 1982و مرحلة من " الصيام السياسي" الذي كانت تجتابه النضالات السياسية في سورية إعتقالات وملاحقات ، الا أنها تتجنب التعارضات الجديدة في أداء المعارضة نفسها اي ضدبعضها بعضا ، بقيام التحالف الوطني لتحرير سورية عام 1982في بغداد . فاذا كان الإخوان المسلمون قد قطعوا الطريق على إمكانية تغيير وطني ديمقراطي سلمي فإن التحالف زاد من أزمة المعارضة السورية بادخالها في حمأة الصراع بين النظام البعثي في بغداد والنظام البعثي في دمشق بعد فشل ميثاق العمل القومي بينهما عام 1978.

5- هكذا وجد الشعب السوري نفسه أمام معارضات تقول كلها بأنها ضد الديكتاتورية وتتحدث جميعا باسم هذا الشعب ولانقاذه إلا أنها تستخدم "حرفتها السياسية " في التعارض فيما بينها وعدم قدرتها على إيجاد حد أدنى من التنسيق السياسي لإخراج السياسة المعارضة من تهافت انشقاقاتها وتعارضاتها وبانقطاع العلاقة العضوية مع الشعب بحيث لايمكن فهم ماتم الامن خلال العلاقة مع الاخر والا بالعلاقة مع الذات واخيرا العلاقة فيما بينها ايضا وهذا ما ينطبق على المجموعات السياسية الجديدة .

6- ترى الافتتاحية انه بدلالة المعارضات الأخرى في الربيع العربي فإن المعارضة السورية "كانت اسوأ معارضة من حيث الأداء والنتائح بالقياس إلى المعارضات في البلدان العربية ....تونس ومصر واليمن وليبيا " ، وهذا صحيح .ولكن لابد من إيضاح أن المعارضة السورية لم تجد في الانتفاضة الشعبية الحدث الشعبي الكبير إلا الغرق في الذاتية السياسية واستخدامه من قبل المناوئين لكل عمل سياسي مشترك ، نقصد شرخ المعارضة مجددا بين هيئة التنسيق الوطنية التي قامت في دمشق ودعت الجميع إلى العمل المشترك وبين قيام المجلس الوطني ومجموعاته في قطر وتركيا بعدها لرفض كل محاولات الوحدة أو التنسيق .

7- تشدد الافتتاحية وهي على صواب أن " كل حديث عن "الثورة المستمرة" هو تغطية على الفشل والهزيمة" .والمفارقة أن يلتقي على هذا الحديث في الثورة الدائمة اليمين الأصولي واليسار الليبرالي ، انكارا للواقع ونفيا إياه ،بحيث أن النخب "العارفة " و"العالمة " ترفض الاعتراف بالفشل الذي يمكن من بناء معارضة جديدة في سياق جديد يخلصها من بذور الضعف التي رافقتها والبراغماتية المغلوطة التي وقعت فيها ، والتعارضات النزاعية التي انهكتها، وصولا إلى التعامل مع القضية السورية ،لابدلالة مايريده الشعب السوري ،وانما بدلالة حيازة القوى الخارجية عليها ، اي غياب استقلالية القرار الوطني السوري وبكلمة حق تقرير المصير .

نعم يجب التشديد على الاعتراف بالفشل والهزيمة ، وأن يأتي الاعتراف متأخرا ،لأنه يفتح الباب أمام بناء معارضة جديدة بأداء جديد وفي سياق جديد للقضية السورية والعالم .

د. منذر ابومروان اسبر
٣٠_٣_٢٠٢٣
------------------------------------------------------------------------------------
ما هو باب المندب؟

باب المندب يعني "بوابة الدموع" في إشارة إلى الملاحة المحفوفة بالمخاطر في المضيق.
يقع بين اليمن وجيبوتي وإريتريا، ويربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب.
مضيق باب المندب هو نقطة عبور بين القرن الأفريقي والشرق الأوسط، ورابط استراتيجي بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي.
باب المندب كان موقع الحصار البحري الذي فرضته مصر على إسرائيل في حرب تشرين عام 1973.
يبلغ عرض باب المندب 18 ميلاً في أضيق نقطة له، مما يجعل حركة الناقلات صعبة ومقتصرة على قناتين للشحنات الواردة والصادرة.
جزيرة بريم تقسم المضيق مكونة القناتين: - القناة الشرقية تسمى مضيق الإسكندر (باب إسكندر) ويبلغ عرضها 2 ميل (3.2 كم). ويبلغ عرض القناة الغربية، دكت الميون، 16 ميلاً (25.6 كم).
الصادرات من الخليج وآسيا إلى الغرب يجب أن تمر عبر باب المندب قبل دخول قناة السويس.
إغلاق المضيق قد يمنع الناقلات القادمة من الخليج العربي من الوصول إلى قناة السويس أو خط أنابيب سوميد، مما يحول مسارها حول الطرف الجنوبي لأفريقيا. وهذا من شأنه أن يستهلك بشكل فعال سعة الناقلات الاحتياطية، ويزيد من وقت العبور والتكلفة.
تمر معظم صادرات النفط والغاز الطبيعي من الخليج العربي التي تمر عبر قناة السويس أو خط أنابيب سوميد عبر كل من باب المندب ومضيق هرمز.
نقاط الاختناق هي قنوات ضيقة على طول الطرق البحرية العالمية المستخدمة على نطاق واسع والتي تعتبر بالغة الأهمية لأمن الطاقة العالمي.
في عام 2006، مر ما يقدر بنحو 3.3 مليون برميل (520.000 م3) من النفط عبر المضيق يوميًا، من إجمالي عالمي يبلغ حوالي 43 مليون برميل يوميًا (6.800.000 م3/ي) يتم نقلها بواسطة الناقلات. في عام 2018، تدفق ما يقدر بنحو 6.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات والمنتجات البترولية المكررة عبر مضيق باب المندب باتجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، بزيادة من 5.1 مليون برميل يوميًا. د في عام 2014. وشكل إجمالي التدفقات النفطية عبر مضيق باب المندب حوالي 9% من إجمالي النفط المتداول بحرًا (النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة) في عام 2017. وانتقل حوالي 3.6 مليون برميل يوميًا شمالًا نحو أوروبا؛ وتدفق 2.6 مليون برميل آخر في الاتجاه المعاكس بشكل رئيسي إلى الأسواق الآسيوية مثل سنغافورة والصين والهند.
وأذكى التهديد باندلاع حرب أهلية في اليمن مخاوف بشأن أمن إمدادات النفط عبر ممر باب المندب الملاحي، وهو بوابة حيوية للطاقة لأوروبا وآسيا والولايات المتحدة.
ويشكل مضيق باب المندب رابطًا استراتيجيًا حيويًا في طريق التجارة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي عبر البحر الأحمر وقناة السويس. وعلى أحد جانبي المضيق الضيق تقع شبه الجزيرة العربية. ومن ناحية أخرى، يوجد القرن الأفريقي، وهي منطقة هشة ابتليت لعقود من الزمن بمستويات عالية من العنف وعدم الاستقرار داخل الحدود وعبرها، والتي كانت في السنوات الأخيرة بمثابة نقطة انطلاق للإرهاب. عمليات القرصنة والاتجار بالبشر والتهريب.
في مقال نشر عام 2013 في مجلة Rift Valley Review، وصف كريستوفر كلافام تاريخ القرن الأفريقي بأنه "عنيف بشكل غريب" ويتكون من "معاناة إنسانية مأساوية بشكل ساحق". ولكن في الآونة الأخيرة، ظهرت علامات تشير إلى مستقبل أكثر إشراقًا. لأن هذه المنطقة المضطربة قد لا تكون بعيدة المنال. ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى القيادة الجريئة لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الذي أسفرت دبلوماسيته السريعة عن اتفاق سلام مع إريتريا وتخفيف التوترات الإقليمية مما أكسبه جائزة نوبل للسلام لعام 2019.
ومع ذلك، لا تزال العديد من التحديات المحلية والإقليمية دون حل. وفي الوقت نفسه، أصبح القرن الأفريقي بسرعة ساحة تتنافس فيها دول الشرق الأوسط مع بعضها البعض لتعزيز مصالحها التجارية والجيوسياسية في السياق الأوسع للتنافس الاستراتيجي المكثف بين الولايات المتحدة والصين. والواقع أن أنشطة الصين في البحر الأحمر وما حوله تخضع لتدقيق متزايد. إن استمرار هذه المنافسات بين دول الخليج والقوى العظمى وكيفية استمرارها سوف يقطع شوطًا طويلًا في تحديد ما إذا كان باب المندب سيصبح بوابة للاستقرار والرخاء المشترك أم للدموع.
التدخل في المنافسات الخليجية
لقد دخل القرن الأفريقي فترة لا تتسم بالتغيير التحويلي المحتمل فحسب، بل تتميز أيضًا بالنشاط الأقاليمي المتزايد. مدفوعة بالمصالح الاقتصادية والاعتبارات الجيوسياسية، أصبحت دول الخليج العربية (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، على وجه الخصوص)، وكذلك تركيا ومصر، جهات فاعلة خارجية بارزة بشكل متزايد في القرن الأفريقي والفضاء البحري المحيط به.
ويشكل القرن الأفريقي بوابة تجارية واستثمارية لقارة تزخر بالإمكانات الاقتصادية التي جذبت انتباه الشركاء التقليديين والداخلين الجدد. تحركت دول الخليج بسرعة لتهيئة نفسها للاستفادة من الطفرة المتوقعة في قطاعات العقارات والبنية التحتية والبناء؛ واستغلال إمكانات القرن الأفريقي باعتبارها سلة غذاء لإنتاج الغذاء والزراعة. اكتسبت موانئ دبي العالمية (DP) العالمية موطئ قدم استراتيجي من خلال تأمين امتيازات لتشغيل موانئ الحاويات والبضائع في جيبوتي (دوراليه)، وإريتريا (عصب)، والصومال (كيسمايو)، وأرض الصومال (بربرة). بين عامي 2000 و 2017، استثمرت دول الخليج 13 مليار دولار في القرن الأفريقي (بشكل رئيسي في السودان وإثيوبيا) وصرفت 6.6 مليار دولار على شكل مساعدات إنمائية خارجية. ومنذ ذلك الحين، استمرت الأموال الخليجية في التدفق بحرية إلى القرن الأفريقي.
لقد ساهمت الاعتبارات الجيوسياسية، وليس فقط المكاسب الاقتصادية المحتملة، في دفع انخراط دول الخليج العربية في القرن الأفريقي. على مدار العقد الماضي، أصبحت دول الخليج تنظر إلى المنطقة "كجزء لا يتجزأ من محيطها الأمني الأساسي". وكان الحافز الأولي هو تصاعد أعمال القرصنة والجريمة البحرية. إن مخاوف دول الخليج العربية بشأن احتمال امتداد انتفاضات الربيع العربي، وصعود تنظيم داعش، ونشاط إيران المتزايد في المنطقة، والصراع في اليمن - فضلاً عن التذبذب الملحوظ في السياسة الأمريكية وتراجع التفوق الأمريكي - أدت إلى زيادة الأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة. أهمية القرن. رداً على ذلك، تبنت دول الخليج سياسات خارجية أصبحت أكثر استقلالية وحزماً بشكل ملحوظ مما كانت عليه في الماضي، ولها نطاق جغرافي أوسع، وتسعى إلى تشكيل الأحداث بدلاً من مجرد الرد عليها.
هناك تنافسان متداخلان دفعا وحددا هذه المشاركة الاستباقية: المنافسة بين المملكة العربية السعودية وإيران؛ ومسابقة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر ضد قطر وتركيا. وقد تجلت هذه المنافسات في سلسلة من الصراعات بالوكالة المترابطة التي اندلعت في جميع أنحاء الشرق الأوسط. كما انتشرت هذه الصراعات في القرن الأفريقي، حيث يتنافس الطرفان المتبارزان على الموانئ والقواعد العسكرية والحلفاء السياسيين. وقد استغلت الجهات الفاعلة السياسية والعسكرية في القرن الأفريقي هذه المنافسات لتحقيق أهدافها الخاصة.
على الرغم من أن التغييرات الإيجابية سريعة الوتيرة في القرن الأفريقي على مدى العامين الماضيين كانت مدفوعة محليًا في المقام الأول، إلا أن دول الخليج استخدمت دبلوماسية دفتر الشيكات بشكل استراتيجي وفعال. وكان للدبلوماسية السعودية الإماراتية، المدعومة بتعهدات بتقديم المساعدة الاقتصادية، تأثير مفيد على القرن الأفريقي؛ على سبيل المثال، في التوسط في اتفاق السلام بين إريتريا وإثيوبيا في يوليو/تموز 2018 وفي تسهيل الحوار بين إريتريا وجيبوتي. كما شاركت قطر أيضًا في جهود الوساطة في دارفور وإريتريا وجيبوتي.
ومع ذلك، فإن المشاركة الدبلوماسية الخليجية في القرن الأفريقي قد تأثرت بالتنافس بين دول الخليج، واتخذت إلى حد كبير شكل منافسة محصلتها صفر. إريتريا والصومال والسودان لديهم قوات تقاتل إلى جانب المملكة العربية السعودية في اليمن. وبالتالي، ليس من المستغرب أن سارعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى تقديم المساعدات لدعم المجلس العسكري الانتقالي في السودان بعد إطاحة الرئيس عمر البشير من منصبه، أو أن تعهدت السعودية بتقديم المساعدة للصومال في نفس اليوم الذي تم فيه عزل الرئيس عمر البشير من منصبه. قطع العلاقات مع إيران. وعندما أعلنت جيبوتي وإريتريا وأرض الصومال دعمها للمعسكر السعودي، سحبت قطر مراقبيها من الحدود الإريترية الجيبوتية. وعندما سعت الحكومة الفيدرالية الصومالية إلى البقاء على الحياد في النزاع الخليجي الداخلي، خفضت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية دعم الميزانية. وقد قام أعضاء المعسكرين المتعارضين بالتودد إلى الولايات (المناطق) الفيدرالية في الصومال، مما أدى إلى تعريض عملية بناء الدولة للخطر. لقد دعموا الجهات الفاعلة غير الحكومية في السودان وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا – وهي أعمال تنطوي على خطر تفاقم التوترات المحلية والإقليمية الموجودة مسبقًا. وقد طوروا استراتيجيات تجارية وأمنية متكاملة للمنطقة، مصممة لضمان دور قيادي عند النقطة التي يدخل فيها طريق التجارة بين الشرق والغرب إلى البحر الأحمر. وهكذا برز التنافس بين دول الخليج في انتشار القواعد العسكرية الأجنبية وتراكم القوات البحرية في القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
تحديات الحزام والطريق التي تواجهها الصين في القرن الأفريقي
إن اقتحام المنافسات الخليجية في القرن الأفريقي يحدث على خلفية المنافسة بين القوى العظمى - وليس للمرة الأولى في تاريخ المنطقة الحديث. ففي أواخر سبعينيات القرن العشرين، على سبيل المثال، كان القرن الأفريقي ساحة للحرب الباردة للتحالفات الانتهازية والتحالفات المضادة، فضلاً عن الأنشطة التخريبية التي ترعاها الدولة. وفي الفترة الحالية، يمكن رؤية غزوات الصين التجارية والعسكرية في القرن الأفريقي في سياق القوة والنفوذ العالميين المتوسعين للبلاد، والجهود الأمريكية لمواجهتها.
تعد جيبوتي وإثيوبيا نقطتي التركيز الرئيسيتين للمشاركة الصينية في القرن الأفريقي. وفي كلتا الحالتين، تتركز الأنشطة الاقتصادية الصينية في أربعة قطاعات رئيسية: الطرق، والسكك الحديدية، والطاقة، والاتصالات. وقد ربطت الصين طموحاتها البحرية العالمية مع أجندة جيبوتي لتحويل نفسها إلى مركز تجاري تجاري لمنطقة القرن الأفريقي. وقد لعب ميناء التجار الصيني (CM Port) دورًا رئيسيًا في هذه الجهود. بصفتها شريكًا في مشروع مشترك مع هيئة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي في ميناء جيبوتي Society Anonym، حيث تمتلك شركة CM Port حصة 23.5 في المائة، قامت بتطوير ميناء دوراليه متعدد الأغراض (DMP) ومنطقة التجارة الحرة الدولية في جيبوتي. وفي الآونة الأخيرة، وقعت جيبوتي وإثيوبيا اتفاقًا لنقل الغاز الطبيعي الإثيوبي إلى محطة تصدير تقع في داميرجوج على البحر الأحمر، بناءً على تعهد استثماري بقيمة 4 مليارات دولار من شركة POLY-GCL Petroleum الصينية.
في حالة إثيوبيا، كما هو الحال في جيبوتي، انحازت الصين إلى طموحات الحكومة القائمة، وطورت علاقات وثيقة مع "النظام التنموي" المزعوم لهايل ماريام ديسالين والآن مع إدارة أبي. خلال تلك الفترة، برزت إثيوبيا كثاني أكبر مقترض أفريقي للصين وشريك رئيسي في مبادرة الحزام والطريق. وأصبحت إثيوبيا أيضًا منصة إقليمية قيمة للصين - فهي موطن لمركز مؤتمرات ومجمع مكاتب الاتحاد الأفريقي الذي تموله الصين بقيمة 200 مليون دولار، بالإضافة إلى المكاتب التمثيلية لوزارة التجارة الصينية وصندوق التنمية الصيني الأفريقي، والمكتب الإقليمي. مقر وكالة أنباء شينخوا.
وتشمل مشاريع البنية التحتية التي تدعمها الصين والتي تهدف إلى تعزيز الاتصال الإقليمي، وفقا لمبادرة الحزام والطريق، خط السكك الحديدية بين إثيوبيا وجيبوتي وخط أنابيب المياه بين إثيوبيا وجيبوتي. ويحمل مشروع السكك الحديدية، على وجه الخصوص، كل السمات المميزة لمبادرة الحزام والطريق ــ وهو مشروع ضخم للبنية الأساسية عبر الحدود يتم تمويله من خلال قرض ميسر، ويتولى تنفيذه مقاولون صينيون، ويهدف إلى ربط مواقع الإنتاج المحتملة بمركز تجاري. وفي أماكن أخرى من إثيوبيا، قامت الشركات الصينية ببناء وتمويل شبكة النقل السريع السريع في أديس أبابا بقيمة 475 مليون دولار، والطريق الدائري بتكلفة 86 مليون دولار، وأول طريق سريع في البلاد مكون من ستة حارات، وتوسيع محطة مطار أديس أبابا بولي الدولي. في ديسمبر الماضي، تم إطلاق أول قمر صناعي إثيوبي للمرصد - والذي دفعت الصين ثلاثة أرباع تكلفته - من مركز تاييوان لإطلاق الأقمار الصناعية في مقاطعة شانشي، محمولاً على متن صاروخ لونج مارش 4 بي.
ومع ذلك، من المهم أن نذكر أن مشاركة الصين الاقتصادية في القرن الأفريقي لم تكن سلسة بالكامل. وفي ظل التدافع على مرافق الموانئ والشحن، كانت شركة CM Port تتنافس من أجل الحصول على ميزة مع موانئ دبي العالمية، حيث كان مشغلا الموانئ العالميان في مركز النزاعات القانونية حول محطة حاويات دوراليه و DMP. وفيما يتعلق بالأولى، أنهت جيبوتي العقد مع موانئ دبي العالمية من جانب واحد، وأممت محطة الحاويات، ونقلت الامتياز إلى ميناء سي إم. بعد إنهاء امتياز موانئ دبي العالمية، بدأ ميناء CM في توسيع مرافق الميناء، والتي، عند اكتمالها، ستوفر للسفن التي ترفع العلم الصيني أولوية المناولة ورسوم أقل لرسو السفن. وفيما يتعلق بالأخيرة، منحت جيبوتي الحق في تطوير DMP إلى CM Port دون عرض الفرصة أولاً على موانئ دبي العالمية، التي رفعت لاحقًا دعوى ضد China Merchants لإنفاذ مطالباتها القانونية. لذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت مشاريع مبادرة الحزام والطريق الصينية في القرن الأفريقي وأماكن أخرى في شرق أفريقيا ستعزز علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة والجهات الخليجية الأخرى أو ستكون بمثابة مصدر إزعاج.
ومن ناحية أخرى، أصبحت ممارسات الإقراض الصينية في القرن الأفريقي، كما هي الحال في أماكن أخرى، تحت قدر متزايد من التدقيق. ثلثي ديون جيبوتي الخارجية مستحقة للصين، مما أثار تكهنات بأن الحكومة قد تصادر أو تنقل العقارات المملوكة للأجانب لسداد القروض الممنوحة من بنك التصدير والاستيراد الصيني لجيبوتي لتطوير البنية التحتية. ووفقا لصندوق النقد الدولي، على الرغم من أن الاستثمارات واسعة النطاق في البنية التحتية والتوسع السريع في الأنشطة التجارية واللوجستية حفزت النمو القوي، إلا أنها وضعت البلاد "في خطر كبير للتعرض لضائقة الديون".
وقد أثارت ممارسات الإقراض الصينية في القرن الأفريقي، كما كان متوقعاً إلى حد ما، انتقادات حادة من المسؤولين الأميركيين والأوروبيين. كما دفعت قضايا سداد القروض المسؤولين الصينيين إلى التفكير الذاتي فيما يتعلق بعدم كفاية تخطيط المشاريع وإدارة المخاطر. قال دبلوماسي صيني لصحيفة فايننشال تايمز في يونيو/حزيران 2018 إن الصين "ممتدة بشكل مفرط" في إثيوبيا. واضطرت شركة التأمين على ائتمان الصادرات الحكومية، الشركة الصينية للتأمين على الصادرات والائتمان (سينوشور)، إلى شطب أكثر من مليار دولار من الخسائر على خط السكك الحديدية بين إثيوبيا وجيبوتي. قدمت الصين قرضًا بقيمة مليار دولار لتمويل بناء خطوط النقل وتم التعاقد مع شركة China Gezhouba Group لتسريع العمل لاستكمال بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)، وهو المشروع الذي تعرض للتعقيد بسبب النزاع المستمر بين البلدين. إثيوبيا ومصر على حصة المياه.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تساؤلات جدية حول ربحية بعض المشاريع التي شاركت فيها الصين. منذ أن بدأ تشغيله في يناير/كانون الثاني 2018، كان على خط السكك الحديدية القياسي بين أديس أبابا وجيبوتي أن يواجه نقص الكهرباء وأحجام الشحن الأقل من المتوقع. أدى فشل المشروع في توليد الإيرادات المتوقعة إلى إعادة التفاوض بشأن مليارات الدولارات من القروض التجارية الصينية، ثم إلى إلغاء الصين لاحقًا لجميع قروض إثيوبيا بدون فوائد. وقد واجهت الصين هذا التراجع ليس فقط في جيبوتي وإثيوبيا ولكن في أماكن أخرى في شرق أفريقيا، ولا سيما تنزانيا وكينيا.
أخيرًا، والأهم من ذلك، فإن إنشاء قاعدة دعم جيش التحرير الشعبي الصيني في جيبوتي عام 2017 قد دق أجراس الإنذار في واشنطن. وكما كتب بعض الخبراء، فإن القاعدة تعكس جانب "حماية البحار البعيدة" في العقيدة البحرية الجديدة للصين. تحسبًا لاستكمال المنشأة، أشار سفير الولايات المتحدة في جيبوتي توم كيلي إلى أن إدارة القوات الأمريكية والصينية على مقربة من بعضها البعض "ستشكل تحديًا لجميع المشاركين". وفي وقت لاحق، قال قائد USAFRICOM، الجنرال توماس فالدهوزر، للكونجرس أن شراكة جيبوتي المتزايدة مع الصين "تتعدى، وفي بعض الأحيان، تقلل من وصول الولايات المتحدة ونفوذها". علق السيناتور الأمريكي جيم إنهوف، على رأس وفد إلى جيبوتي في فبراير 2019، قائلًا: "لا يمكننا أن ننكر تعدي الصين على أراضينا". لم يعد ميناء حيويًا.» وبالتالي، أدى إنشاء القاعدة إلى إثارة المخاوف بشأن القوة العسكرية المتنامية للصين وموقفها العالمي المتوسع، مما دفع البنتاغون إلى تطوير استراتيجية لمعالجتها.
قد كانت هناك علامات واضحة على التقدم نحو الاستقرار في القرن الأفريقي في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات، بما في ذلك النزاع الحدودي البحري بين الصومال وكينيا الذي لم يتم حله؛ والتوترات العرقية والقوميات المتنافسة في إثيوبيا؛ والنزاع المسلح بين أرض الصومال وبونتلاند، والذي يرجع جزئياً إلى المطالبات المتنافسة على ملكية منطقة سول/سناج الغنية بالنفط؛ وتصاعد التوتر بشأن سد النهضة.
وكانت التدفقات المالية من دول الخليج وجهود صنع السلام التي بذلتها دول الخليج بمثابة مساهمات مرحب بها في الاستقرار في القرن الأفريقي. وعلى نحو مماثل، أدى نشاط التمويل والبناء الصيني إلى تحسين الاتصال والخدمات اللوجستية، مما عزز آفاق النمو الاقتصادي. ومع ذلك، في الوقت نفسه، فإن غزو المنافسات الخليجية والمنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين في القرن الأفريقي يعرض هذه المكاسب وغيرها من المكاسب المحتملة للخطر.
سيكون من المضلل أن ننظر إلى جميع جوانب المشاركة الصينية في القرن الأفريقي من منظور محصلته صفر من خلال عدسة عدائية، أو أن ننظر إلى التفاعل الاقتصادي و/أو الأمني الصيني مع دول المنطقة على أنه سلبي بشكل فريد أو حصري. وبعيدًا عن تحدي التفوق الأمريكي بجرأة في القرن الأفريقي، تستفيد الصين من الاهتمام المتقطع والتركيز الأمني الضيق للسياسة الأمريكية في المنطقة، فضلاً عن الإحباط والإرهاق الأفريقي تجاه المانحين والشركاء الغربيين التقليديين. ولجأت جيبوتي إلى الصين للاستثمار بعد أن عجزت عن تأمينها من الولايات المتحدة ومصادر غربية أخرى. وفي إثيوبيا، استجابت الصين للمبادرات التي قدمها شريك عازم على بناء علاقة قوية تهدف إلى دفع استراتيجية التنمية الصناعية لديها.
من المؤكد أن جوانب انخراط الصين في القرن الأفريقي ــ مثل بعض ممارسات الإقراض وتحديث قاعدة دعم جيش التحرير الشعبي ــ تستدعي القلق واليقظة والاستجابات السياسية الخيالية. الولايات المتحدة. يبدو أن "استراتيجية أفريقيا" التي وقعها الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر 2018 بمثابة خطوة واعدة في الاتجاه الصحيح، من حيث أنها تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الدول الأفريقية الرئيسية، وتعطي الأولوية للمساعدات الأجنبية، وتسعى إلى الحفاظ على العلاقات التجارية مع أفريقيا. الولايات المتحدة باعتبارها الشريك الأمني المفضل في أفريقيا.
ومع ذلك، فإن صياغة هذه الاستراتيجية وتطبيقها في القرن الأفريقي على نحو يعزز آفاق السلام والاستقرار والتنمية يتطلب أكثر من مجرد تصريحات جريئة. ما نحتاج إليه هو اتخاذ إجراءات ملموسة، وتخصيص سخي للموارد، والتأكيد المتجدد على التعاون المتعدد الأطراف، والالتزام الراسخ بالمساعدة في تخفيف حدة المنافسات داخل الخليج بدلاً من غض الطرف عنها أو زيادة تأجيجها، والرغبة في استكشاف فرص العمل معًا. مع الصين.
المصادر:
https://www.mei.edu/publications/bab-el-mandeb-strait-regional-and-great-power-rivalries-shores-red-sea
https://www.reuters.com/article/idUSTRE75241G/

------------------------------------------------------------------------------------
إحدى عوائق التغيير السوري.

يوجد مفهوم ماركسي دارج بين أوساط الماركسيين المتمثل : إن الثقافة السائدة هي الثقافة التي تريد الطبقة السائدة في المجتمع ان تلون المجتمع بها .
من ذاك يمكن عرض : أنه من خلال أساليب الحفاظ على السلطة ، اتبعت الطبقة الحاكمة السورية سياسات داعمة للمجتمع الاهلي كبديل للمجتمع المدني ، وخاصة بعد 1980 عندما تم حل النقابات ، وبعد استتباب الحكم بعد تلك الفترة . يمكن القول أن تعزيز المجتمع الاهلي يأتي ضمن سياسة كسب قطاعات في المجتمع السوري لصالح بلورة قاعدة اجتماعية للسلطة الجديدة ، تؤمن لها حماية من المتغيرات الداخلية ، وخاصة أمام نفوذ قوى المعارضة الاجتماعية .حيث يلاحظ أن السياسات هذه تتم وفق كسب المؤسسات العشائرية والمناطقية والطائفية والعائلية ، من خلال توزيع بعض من فتات الثروة عليها ، أو من خلال توظيف عدد من أفراد تلك المؤسسات ضمن مؤسسات الدولة ، لكسب شرعية أو تأييد داخلي ، ضمن سياسة دقيقة لحصر المجتمع المدني والأحزاب السياسية ، وكطريق مضمون لخلاص الفرد السوري .
يلاحظ في هذا الشأن أن وجهاء وزعامات تلك المؤسسات لا تشكل تحالف اساسي مع الرأسمالية الحاكمة ، بل يمكن القول أنها تابعة لسياسات تلك الرأسمالية ، توزع عليها فتات الثروة المنتجة

أيضا يمكن اعتبار هذه المؤسسات كطريق لخلاص الفرد السوري ، من خلال حمايته والحفاظ على أمنه ، وتأمين جزء ضروري من إعادة إنتاج الفرد الانساني ، وبديلا عن النقابات المهنية والتيارات والأحزاب السياسية ، أو بديلا عن العلاقات المدنية الحديثة .
إن مشروع الشرق الاوسط الجديد الأمريكي يدعم تلك المؤسسات ويحافظ على عوامل ودعائم وجودها الذاتي والموضوعي ، وإن تلك السياسات الداخلية تصب بشكل موضوعي ضمن هذا المشروع ، ويعزز ويعطيه شرعية سياسية داخلية ، خاصة مع ملاحقة الأحزاب المعارضة الوطنية وتهميشها ، إضافة لحصرها ، ومنع أي شكل من الحياة السياسية الوطنية الصحية التي تتجاوز تلك الانتماءات ، وتدعم عوامل تكون المواطنة السورية وتعزيزها مؤسساتيا وحياتيا .
يشكل هذا الموضوع عثرة أمام تحقق مشروع الدولة الوطنية الحديثة والمجتمع الحديث ، ويمثل قوة رجعية أمام التغيير الوطني الديمقراطي المنشود ، ويشكل قاعدة للانتماءات ما قبل المدنية الحديثة ، وامام مفاهيم العصر الحديث ، ومن الضروري أن يتم إيجاد صيغ لتجاوزها أو حصرها قدر الإمكان ، من خلال تعزيز التضامن والتكافل الاجتماعي السوري ، وإعادة بلورة الرابطة الوطنية السورية الحديثة ، من خلال إيجاد جسور بين السوريين في كل الاصطفافات ، والانتقال لتشكيل حوار شعبي بين الفئات الوطنية ، كطريق لتوحيد كلمة وفعل تلك الفئات وفق مشروع التغيير المطلوب





زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135



#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار 81
- المسار 79
- المسار- العدد 72
- المسار- العدد 71
- المسار- العدد 70
- المسار- العدد 69
- المسار- العدد 68
- المسار- العدد 67
- المسار- العدد 66
- المسار- العدد 65
- المسار- العدد 64
- المسار- العدد 63
- المسار- العدد 62
- المسار- العدد 61
- المسار- العدد 60
- المسار- العدد 59
- المسار- العدد 58
- المسار- العدد 57
- المسار- العدد 56
- المسار- العدد 55


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 84