أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 63















المزيد.....



المسار- العدد 63


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 7232 - 2022 / 4 / 28 - 20:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




العدد /63/ نيسانإبريل2022
---------------------------------------------------------------------------------
الافتتاحية:
لماذا لا يقتدي أغلب الماركسيين بماركس في معارضته للمستبدين؟
عندما ترأّس كارل ماركس هيئة تحرير جريدة" نيو راينيخه تزايتونغ"في حزيران 1848 فإنه وضع في نبذة التعريف بالجريدة أنها "صحيفة الديمقراطية "، وذلك في وقت أطلقت ثورة24شباط1848 الفرنسية، التي أطاحت بالملك لوي فيليب وأقامت الجمهورية، موجة ثورية اجتاحت أوروبا حتى ألمانية والنمسا والمجر، وبشكل اهتزّ فيه وانهار النظام الأوروبي الذي أقامه مؤتمر فيينا عام1815، الذي ثبّت سلطة وتحالف الملوك الأوروبيين عقب الانتصار على وريث الثورة الفرنسية نابليون بونابرت في معركة واترلو.
كان ماركس في شهر شباط السابق في "البيان الشيوعي "قد كتب التالي: "يعمل الشيوعيون على الاتحاد والتفاهم بين الأحزاب الديمقراطية في جميع الأقطار "،وهو ما يعني أن الحزب الشيوعي له الصفة الديمقراطية وأيضاً له مهام ديمقراطية، إضافة إلى أنه يشترك مع ديموقراطيين في تيارات سياسية أخرى في التحالف أوالتعاون من أجل تحقيق أهداف المرحلة الديمقراطية وهذا ما دعا ماركس في "البيان الشيوعي "لأن يقول: بأنه في ألمانية المتخلفة في التطور الصناعي ليس هناك سعي من أجل ثورة اشتراكية، بل "يناضل الحزب الشيوعي بالاتفاق مع البرجوازية مادامت تناضل هذه البرجوازية نضالاً ثورياً ضد النظام الملكي المطلق وضد المُلكية الإقطاعية العقارية وضد البرجوازية الصغيرة الرجعية "،وفي فترة1863-1864وقف ماركس ضد فرديناند لاسال،زعيم الاشتراكيين الألمان،لمّاأراد الأخير التحالف مع المستشار البروسي بسمارك في مشاريعه لتوحيد ألمانية تحت راية الملكية البروسية المطلقة المستندة إلى الإقطاعيين (اليونكرز)والجيش وداعيا بدلاً من ذلك إلى نضال موّحد للطبقة العاملة مع الليبراليين البرجوازيين من أجل وحدة ألمانية خالية من الحكم الملكي الاستبدادي المطلق المستند إلى الجيش واليونكرز.
خلال القرن التاسع عشر كان هناك توحّد ماهية بين الماركسية والديمقراطية، وقد استمر هذا في الأممية الثانية التي قامت عام1889بعد ستة أعوام من وفاة ماركس، وقد جسّدت رموز ماركسية مثل كارل كاوتسكي وروزا لوكسمبورغ وأوغست بيبل وكارل ليبكنخت هذا التوحد للماهية بين الماركسية والديمقراطية، سواء في مواضيع الحريات الديمقراطية، أوضد النزعات الإمبريالية للسيطرة على الشعوب الأخرى، عند الفئات الحاكمة في القارة الأوروبية، أوضد نزعة الحرب التي وجدت عند البلدان الإمبريالية المتخاصمة.
لم يحصل الانطباع بوجود الانفصال بين الماركسية والديمقراطية إلابعد الثورة البلشفية الروسية عام1917،وقد كان حكم جوزيف ستالين الاستبدادي تجاه مخالفيه في الحزب الشيوعي أم تجاه المجتمع السوفياتي مؤديا ليس فقط إلى طلاق عملي في الممارسة بل جرى كذلك في الفكر محاولات لتنظير الطلاق بين الشيوعية والديمقراطية برغم محاولات معاكسة ومضادة لذلك من قبل مفكرين ماركسيين ،مثل أنطونيو غرامشي وجورج لوكاتش وكارل كورش وأرثور روزنبرغ، ثم جاءت (الشيوعية الأوروبية) عبر الحزبين الشيوعيين في إيطاليا وإسبانية بسبعينيات القرن العشرين، من أجل تبيان أن لاطلاق بين الماركسية والديمقراطية، وأن الماركسية ديمقراطية التوجه والوسائل حتى في سعيها من أجل تحقيق المجتمع الشيوعي عبر المرور بالمرحلة الاشتراكية وأن ما جرى في الاتحاد السوفياتي وبلدان أخرى لا يمثل بالضرورة الماركسية بل هناك توجه ماركسي آخر يريد تحقيق الأهداف بطرق أخرى غير التي انتهجت منذ أوكتوبر1917الروسي.
ربما هنا، كان انهيار الماركسية السوفياتية وفشلها المعلن عبر تفكك الاتحاد السوفياتي عام1991،مساعداً على محاولات ماركسية جديدة من أجل تجسيد توحد الماهية بين الماركسية والديمقراطية ،التي جسدته حياة وأفكار كارل ماركس ،ومن أجل أحداث هزيمة فكرية-سياسية ببقايا شيوعيين ستالينيين مازالوا يربطون الشيوعية الماركسية بأشخاص مثل جوزيف ستالين ،ثم باسم "المقاومة والممانعة "و"العداء لأميركا" أو "العداء للحركات الاسلامية"من خلال "نظرية أهون الشرين"، يقفون مع مستبدين وأنظمة استبدادية ،في بلادهم أوفي الخارج،كمايقفون مع مستبدين يقومون بغزو بلدان أخرى وقتل شعبها وتدمير مدنها في وحشية تنتهك كل المعايير الانسانية.
يجب على الماركسيين أن يستردوا الديموقراطية ،وأن يمنعوا اقتران الاستبداد باليسار،وأن يمنعوا عملية استيلاء اليمين ،العالمي والمحلي،على الديموقراطية،فواشنطن في فترة الحرب الباردة كانت الراعية للديكتاتوريات في إندونيسيا وتشيلي وايران،مادامت هذه الديكتاتوريات ضد الشيوعيين،ثم لمازال الخطر الشيوعي بالثمانينيات بدأ الأميركان بالاستحواذ على الديموقراطية والتخلي عن ديكتاتوريات رعتها الولايات المتحدة .
حان الوقت لكسر هذه الحلقة الرابطة بين البيت الأبيض والديموقراطية وفك الارتباط بين الماركسيين والديكتاتوريات.
----------------------------------------------------------------------------------------
التحالف الروسي الإيراني الهش في سورية
منذ أن تدخلت روسيا عسكرياً في سورية عام ٢٠١٥ بدأ الجدل يدور حول طبيعة الدورين الروسي والإيراني في سورية، هل وجد اتفاق وتنسيق بينهما على هدف استراتيجي محدد أم هو موجه ومقتصر حول الأزمة السورية فقط وإذا كان كذلك ألا يوجد تضارب في المصالح والأهداف عند كل طرف على سورية، وأيضا في حال تضارب الأهداف والمصالح بينهما فهل للنظام السوري القدرة على التوفيق بينهما وفي نفس الوقت ممارسة مهام السيادة على الأرض السورية؟
بداية لابد من القول: أن ظروف وطبيعة المواجهة بين النظام مع الغرب تقوم على تغيير سلوك النظام ولا تستهدف تغير النظام و إنهائه، مما ساعد كثيرا التقارب بين روسيا وإيران والتنسيق المشترك بينهما لمنع سقوطه ودعمه عسكريا وسياسيا واقتصاديا ، كما يعتبر الطرفان أن استمرار هذا الدعم هو ضمان لاستراتيجيتهما في مواجهة امتداد النفوذ الغربي وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، فهي تُعتبر عدوا مشتركا للطرفين، ويمثل هذا السبب أحد أهم عوامل التقارب بينهما في العديد من ملفات المنطقة ، كما أصبح واضحا للمراقب، أن الطرفان متفقان على منع أي سيطرة للحركات الإسلامية السنية ، فالطرفان ينظران إليهاعلى أنها تشكل تهديدا للأمن القومي للدولتين .
في آخر اجتماع لهما في طهران، بين لجان الطرفين على مستوى الدفاع والأمن والسياسة في ٢١ تشرين الثاني من عام ٢٠٢١، وصف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان التعاون بين طهران موسكو في سورية بأنه: تجربة ناجحة تشكلت في إطار سلطة الحكومة السورية وسيادتها، إلا أنه وفي نفس السياق وبعيدا عن التصريحات الدبلوماسية التي تفرضها ضرورات التحالف بينهما، فأن أغلب المهتمين بالشأن السوري يرون أنه يبقى هذا التحالف هشّاً ومعرّضاً للهزات، بسبب تعقيد شبكة العلاقات الدولية والإقليمية بين كل من النظامين من جهة، وبين النظام العربي الرسمي وتحديدا دول الخليج العربي والسعودية من جهة أخرى ، وكذلك بسبب العديد من التباينات بين أهداف كل منهما في سورية ، لذلك تراهن بعض الدول العربية، وكذلك عند بعض المحللين والمراقبين المهتمين بالملف السوري في إمكانية ابتعاد موسكو عن طهران إنْ أمكن الدخول على نقاط الافتراق والخلاف بينهما، وتأتي في مقدمتها هيمنة موسكو على ملف الحل السياسي في سورية ، فمنذ أنْ عملت موسكو على توقيع اتفاق الكيماوي بينها وبين واشنطن والنظام في 14أيلول٢٠١3 الذي تضمن تدمير المخزون الكيماوي في سورية، ومنع توجيه ضربة عسكرية على سورية من قبل الغرب، وما تلا ذلك من توافق أمريكي روسي عند صدور القرار الدولي ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥ الخاص بحل الأزمة السورية سياسيا، فأن موسكو وعبر التوافق والتفاهم مع واشنطن تقوم بالأشراف بالوكالة عن النظام السوري على العملية السياسية - التفاوضية، بما فيها اجتماعات اللجنة الدستورية بين النظام والمعارضة السورية، ويؤكد المراقبون أبعد من ذلك من أن موسكو هي المتحكم دون منافس في قرار النظام السوري ومسار الأزمة فيها، فموسكو مهتمة بتأمين حل سياسي في سورية يؤمن لها استقرار سياسي وامني وعسكري، شريطة أن تبقى سورية غير خاضعة لهيمنة الأمريكان، وأن لا تتأثر مكاسبها الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية التي حققتها عبر تدخلها العسكري، وأن تستفيد من مشاريع وأموال إعادة الإعمار في حال تحققها، كما ترى موسكو الاستقرار السياسي في سورية سيؤدي إلى ضبط وجود المليشيات المرتبطة بإيران أو إخراجها من سورية، وهذا يساعد على إنهاء النفوذ الإيراني على الجغرافية السورية ، كما أنها وفي أكثر من مناسبة أبدت استعدادها لإنجاز الحل السياسي مقابل تفاهمات دولية، تضمن لها المكاسب التي تحققت وبقاء العقود الطويلة الأجل التي أبرمتها مع النظام السوري ، كما استطاعت موسكو أن تعقد تفاهمات مع إسرائيل لاستهداف تواجد وتموضع المليشيات الإيرانية بهدف إضعاف النفوذ العسكري الإيراني على الأرض السورية ، كما تسعى موسكو للسيطرة على ملف الثروات النفطية والغاز، وهذ يتعارض مع مساعي طهران لتمديد الغاز الإيراني نحو أوروبا ، ومن جهة أخرى، فأن موسكو ترى في تحقيق حالة استقرار مستدامة سيمنحها فرص كبيرة للتمدد في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي والمحور العربي الرافض للتمدد الإيراني في المنطقة، إضافة إلى أن ذلك سيمنحها أيضا دورا إقليميا في السياسة الدولية مع الغرب الأمريكي ، وهذا لن يكلف موسكو الكثير في ظل انسحاب واشنطن من منطقة الشرق الأوسط بعد اهتمامها بالنمو الاقتصادي الصيني الكبير ،هذا لا نجده عند طهران، فالكثير من حسابات موسكو تتناقض مع توجهات ايران في سورية ، فايران غير متحمسة لأي مسار سياسي أو تفاوضي بين النظام والمعارضة، وهي متمسكة بشخص الرئيس الأسد ولا تبدي أي مرونة بالحديث عن مصيره، كما ترى في استمرار الوضع الحالي هو الذي يؤمن بقاء مصالحها، وأن بقاء الفوضى في سورية يساعدها على تحقيق مشروعها والتمدد في المنطقة ، كما ترى ايران أن التمدد الروسي في منطقة الشرق الأوسط وإبرامها للعديد من العقود العسكرية والاقتصادية مع مصر والسعودية والخليج العربي والسودان سوف يؤدي إلى مقاربة جديدة في المنطقة يمكن أن تستفيد منها الدول العربية ،وبالتالي انبعاث دورها الغائب في حل الأزمة السورية، بل وأكثر من ذلك قد يبعث إلى تشكيل حلف عربي في مواجهة ايران ووجودها ودورها في المنطقة، وقد يدفع النظام السوري للانضمام إليه كما تراهن بعض الدول العربية للخروج من عزلته ، أما على الأرض فتعتبر طهران أنها هي التي لعبت الدور الأبرز خلال الأزمة السورية عبر ميليشياتها المسلحة العديدة، وهي عبر تلك المليشيات تُشّكل عامل ضغط على النظام وعلى الوجود الروسي في سورية وهذا ما دفع موسكو للاهتمام بامتلاك قوة على الأرض السورية إضافة للقوة الجوية التي تملكها وهذا أيضا زاد من حدة التناقض بين موسكو من جهة وبين ايران من جهة أخرى، كما أن وجود المليشيات الإيرانية في الساحل السوري ومدنها قد زاد من حدة غضبها باعتبار أن الساحل السوري يعتبر منطقة عسكرية لموسكو لوجود أهم قاعدة بحرية لها في حوض البحر الأبيض المتوسط ، كما تعتبر منطقة إدلب وشمال سورية وشرقها من أهم العوامل الأخرى التي قد تفجّر التحالف الروسي- الإيراني، حيث أن طهران منزعجة من مراعاة موسكو للتوازنات مع أنقرة ومع أكراد سورية، بينما هي تحاول مع النظام الهيمنة على هذه المناطق .
والسؤال المهم في هذ الأمر كيف للمعارضة السورية والنظام العربي الرافض للتمدد الإيراني في المنطقة، في ظل وجود تلك المصالح المتضاربة والمتناقضة بين روسيا وإيران أن يدخلا على تلك المتناقضات وتفجيرها بما يخدم الحل السياسي في سورية وفقا لبيان جنيف والقرارات الدولية ذات الشأن ؟، ومن جهة أخرى فإن استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية سيفرض الكثير من الاصطفافات الإقليمية والدولية وستغير الكثير من التفاهمات والتحالفات القائمة، وهذ مرتبط بسياق هذه الحرب وخواتمها، حيث مع انشغال موسكو في تلك الحرب، أصبح اهتمامها في الملف السوري بحدوده الدنيا ، فإن طهران ترى في ذلك فرصة لتوسيع نفوذها العسكري والاقتصادي ، كما ترى أن اقتراب توقيع اتفاق إحياء برنامجها النووي سيمنحها بعد رفع العقوبات عنها فرصة تعويض نقص النفط والغاز الحاصل بسبب الحرب الروسية -الأوكرانية في الأسواق العالمية، وبالتالي ستلقى الدعم الأمريكي في سورية في مواجهة التمدد الروسي ، وقد أفادت التقارير مؤخرا أن المليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني قد سيطرا على المواقع العسكرية التي انسحبت منها القوات الروسية للمشاركة بالحرب الدائرة في أوكرانيا .
من خلال ما تقدم هل سيتفجر التحالف الروسي -الإيراني بسبب هذه الحرب، وفي حال عدم استطاعة موسكو تحقيق أهدافها من غزو أوكرانيا هل سيؤدي ذلك إلى انهاء الوجود الروسي في سورية، وإذا كان ذلك، هل يكون موقف النظام السوري الداعم للغزو الروسي على أوكرانيا سببا لتحريك الملف السوري وإنهاء الأزمة السورية، وهل يستطيع النظام العربي الرسمي أن يعمل على مجمل تلك المتناقضات بين روسيا وإيران أو بين روسيا والغرب الأمريكي من أجل تقويض الوجود الإيراني في سورية وفي المنطقة؟
------------------------------------------------------------------------------------------------
لماذا لم تنتهي الماركسية بانتهاء الاتحاد السوفياتي؟
- يوسف الطويل -
عندما انتصرت الثورة الروسية البلشفية في أوكتوبر1917، كان انتصارها مبنياً على سببين أولهما السلم (نتيجة الحرب العالمية الأولى) وثانيهما الأرض (في توزيع الأرض على الفلاحين)، وفعليا لم تتجاوز الثورة الروسية رأسمالية الدولة في كل مفاصل حياتها حتى تفكك الاتحاد السوفياتي في عام1991.
فإذا عدنا إلى المنهج الماركسي فإنه يجب الفصل بين التجربة الماركسية والماركسية ذاتها ، فالماركسية هي منهج تحليلي لبنية سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية والوصول لإنتاج التصور الماركسي لحلول التناحرات التي تصيب مجتمعاً "ما" ولإعادة إنتاجه مع تطويره ذاتياً ، وليست عقيدة لا يأتيها الباطل أبداً وليست كليّة القدرة، بل هي تفاعل مع الممارسة الواقعية والخصوصيات الوطنية والقومية والطبقية، يتم فيها إلغاء العديد من المفاهيم حسب الزمان والمكان وجدل العام والخاص والخارج والداخل أو تطوير مفاهيم أو الالتزام بمفاهيم معينة .
لقد تعامل الاتحاد السوفيتي مع الحركة الشيوعية العالمية وفق منطق مصالحه الخاصة، ولقد أوقع هذا، الحركة الشيوعية العالمية ( بسبب تبعيتها للمركز ) في أخطاء نظرية وتصورات عقيمة وخاطئة وممارسات غير سليمة إطلاقاً ، فأصبحت حماية النظام السوفيتي هي مهمة التضامن الطبقي العالمي الرئيسية ، والالتزام بتوجيهاته نقطة انطلاق لتحديد السياسات الوطنية والقومية والأممية ، فلم يعد للاجتهاد دور في تطوير الفكر الماركسي والمنهجية الماركسية والممارسة الشيوعية ،ومن ثم فقد تم تكفير كل مخالف لسياسة مركز الحركة الشيوعية العالمية .
لم تنتهي الماركسية مع تفكك الاتحاد السوفيتي ، بل يمكن أن يكون تفككه وانتهاء تجربته انتصاراً لوجهة نظر كارل ماركس ،حيث نبّه ماركس إلى أنه: لا يمكن أن تنتصر الاشتراكية في بلد متخلف بل في بلد متطور من ناحية مدى نضج العلاقات الرأسمالية ، ففي بلد متخلف وزراعي كروسيا لم يتم تطوير البنية الاجتماعية باتجاه العلاقات الاشتراكية طوال فترة التجربة السوفياتية حتى عام1991 عندما حصل تفككه ،بل لم تتجاوز التجربة السوفيتية رأسمالية الدولة فعلياً ،وبالتالي لم تتجاوز العلاقات الرأسمالية التي تنتجها الدولة الشمولية وتعيد إنتاجها، فقد انتصرت الماركسية أيضاً في تفككه من ناحية التشويه الإيديولوجي الذي مارسه قادة الاتحاد السوفيتي للماركسية مما أدى لانتشار الجمود العقائدي والتخلف النظري والعملي وعدم احترام الرأي الآخر والمخالف. .
في الحقيقة لقد كان تفكك الاتحاد السوفيتي ليس تبيانا لفشل المنهج الماركسي، بل بالعكس.
وفي هذه اللحظات وأمام الانحلال القيمي للرأسمالية الدولية يتطلب الوضع من الحركات والأحزاب الشيوعية إعادة النظر في تطبيقات المنهج الماركسي باتجاه انفتاحها على المعارف الإنسانية السياسية والاجتماعية، والأخذ بها من أجل إثراء المنهج الماركسي وتطويره بما يلائم الحاجات وتغيير الواقع القائم باتجاه عالم أفضل، فلسنا وحدنا في معركة إسقاط الرأسمالية، بل هناك العديد من الحركات الإنسانية والاشتراكية واليسارية، والتي لها نفس الهدف وإنْ اختلفت الرؤى والتصورات المرحلية والمستقبلية.
------------------------------------------------------------------------------------------------

هل حقّاً ماتت الأحزاب والأيديولوجيا؟
- نادر عازر -
يُعبّر العديد من الناشطين في المجال السياسي من المستقلّين، سواء في سوريا أو الدول العربية الأخرى، التي لا حياة سياسية فيها ولا انتخابات حرة ونزيهة، عن مواقف مُتحفّظة ومُتململة من الأحزاب باعتبارها أصبحَت موضة قديمة، ويترفّعون عن الأيديولوجيات وكأنها اختفَت فجأة من الدنيا وباتت من غياهب التاريخ، ويرون أنّ مجرد الحديث عنها أمر مخزي وبعيداً عن الحداثة.
كما يُبدي العديد من المستقلين، وممن يسمّون أنفسهم ب "الشيوعيين السابقين"، امتعاضهم عند كل خلاف بين الأحزاب ضمن أي تحالف يتواجدون فيه، ويرون أن الحزبيين أنانيّون ويمثّلون مصالح ضيقة وقصيرو نظر، فيما هم كمستقلين يعبّرون عن مصالح أكثر وطنية ويمتازون بنظرة استراتيجية واسعة، وأفكارهم حاضنة للجميع ويبذلون أنفسهم في سبيل الآخرين، رغم أن معظمهم يتخلّون عن تحالفاتهم عندما لا يحصلون على المناصب التي يريدونها!
لكن هل حقاً للأحزاب السياسية مصالح ضيقة فقط؟ وهل الخلافات والتناحرات السياسية تعبّر عن التخلّف؟ وهل فعلاً ماتت الأيديولوجيا وأصبح التمسّك بها من علامات الجهل؟ وكيف تدار الدول المتقدمة والديمقراطية؟
بحسب معجم أوكسفورد فإنّ الإيديولوجيا هي: "نظام من الأفكار والمثل العليا، خاصة تلك التي تشكّل أساس السياسات النظرية الاقتصادية أو السياسية". وفي تعريف ثانٍ هي: "مجموعة المعتقدات المميزة لمجموعة اجتماعية أو فرد".
أما لدى الموسوعة البريطانية "بريتانيكا" فإنّ الإيديولوجيا معرّفة بثلاثة أشكال:
١-طريقة أو محتوى تفكير مميز لفرد أو جماعة أو ثقافة.
٢-تأكيدات ونظريات وأهداف متكاملة تشكّل برنامجاً اجتماعياً سياسياً.
٣-مجموعة منهجية من المفاهيم خاصة حول الثقافة أو حياة الإنسان.
وتعرّف الأيديولوجيا أيضاً بأنها مجموعة من المعتقدات أو الفلسفات المنسوبة إلى شخص أو مجموعة من الأشخاص.
وبحسب المفهوم الماركسي للأيديولوجيا فإنها كلمة تصف مجموعة من الأفكار والمعتقدات السائدة في المجتمع، وتعمل كبنية فوقية للحضارة، وتشمل الأعراف والثقافة، وتستخدم لتبرير سلطة وامتيازات الطبقة الحاكمة.
ويذكر كارل ماركس وفريدريك إنجلز في مؤلف الأيديولوجيا الألمانية: إنّ الأيديولوجيا تمثل إنتاج الأفكار والمفاهيم والوعي، وكل ما يقوله ويتخيله ويتصوره الإنسان، وتشمل أشياء مثل السياسة والقوانين والأخلاق والدين والميتافيزيقيا.
ويركز ماركس وإنجلز على أن الأفكار الحاكمة لعصر معين هي تلك الخاصة بالطبقة الحاكمة، وهي ليست أكثر من تعبير مثالي عن العلاقات المادية السائدة التي يتم استيعابها كأفكار.
من ناحية أخرى، تُعتبر الأيديولوجيا والتناحرات السياسية وصراع المصالح والتحالفات من البديهيات بالنسبة للدول التي لديها ديمقراطية وحياة سياسية وانتخابات، وهي متجذّرة في تلك المجتمعات لأنها تمثّل نظرة وموقف المواطنين، كأفراد وتجمّعات، من عالمهم المحيط.
كما تُعتبر الأحزاب السياسية ركناً أساسياً من أركان الديمقراطية، وتعبيراً مكثّفاً عن مصالح المواطنين في المجتمع وفق اصطفافهم السياسي والطبقي والفكري وأحياناً القومي والطائفي. ولكل حزب أيديولوجيا معينة يعتنقها أو يدمج بين عدة أيديولوجيات.
ومن المعروف أن ما يرسّخ الديمقراطية ويمنع تسلّط أكثرية ما على الآخرين هو الدستور، وحياد الدولة ومؤسساتها تجاه المواطنين، وتداول السلطة، واحترام حقوق الإنسان.
وبنظرة سريعة على أكبر الأحزاب في بعض الدول الديمقراطية نجد توجهاً أيديولوجياً واضحاً (أو توجّهات) في فكرها وخطّها وبرنامجها السياسي.
في الولايات المتحدة الأمريكية، يحتضن الحزب الديمقراطي مجموعة فصائل أيديولوجية أكبرها تعتمد الليبرالية الجديدة، وتشمل أيضاً مُحافظين ووسطيين ومن يسار الوسط واشتراكيين ديمقراطيين ويساريين شعبويين.
أما الحزب الجمهوري يحتضن مجموعة فصائل أيديولوجية أخرى أكبرها تعتمد الفكر المحافِظ، وتشمل أيضاً وسطيين، ومحافظين جدد، وتحرّريين، ويمين مسيحي، ويمين شعبوي.
وفي بريطانيا يتبنى حزب العمال الأيديولوجيا الاشتراكية الديمقراطية (أو الاجتماعية) والديمقراطية الاشتراكية، ويعتبر من يسار الوسط. أما حزب المحافظين يتبنى أيديولوجيا محافظة، وليبرالية اقتصادية ويعتبر من يمين الوسط.
وفي ألمانيا يتبني الحزب الديمقراطي الاشتراكي (أو الاجتماعي) الأيديولوجيا الديمقراطية الاشتراكية. أما حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يتبنى ما يعرف بالديمقراطية المسيحية والليبرالية المحافظة، فيما يتبنى حزب اليسار "دي لينكه" الديمقراطية الاشتراكية واليسارية الشعبوية.
وفي فرنسا يتبنى حزب الجمهورية إلى الأمام الأيديولوجيا الليبرالية، أما حزب الجمهوريون يتبنى الليبرالية المحافظة والمسيحية الديمقراطية وما يسمونه بالديغولية، ويعتبر من يمين الوسط، فيما يتبنى الحزب الاشتراكي الأيديولوجيا الاشتراكية الديمقراطية.
وفي الهند يتبنى حزب بهارتيا جاناتا الأيديولوجيا القومية الهندوسية والمحافِظة والليبرالية الجديدة والشعبوية اليمينية، فيما يتبنى حزب المؤتمر الوطني الهندي الليبرالية الاجتماعية وما يعرف بالخيمة الكبيرة الجامعة.
وفي اليابان يتبنى الحزب الديمقراطي الليبرالي الأيديولوجيا المحافِظة والليبرالية الجديدة والقومية اليابانية، أما الحزب الدستوري الديمقراطي يتبنى الليبرالية والليبرالية الاجتماعية، فيما يتبنى حزب كوميتو المحافظة الاجتماعية وما يعرف بالبوذية الديمقراطية، أما حزب استعادة اليابان يتبنى الأيديولوجيا المحافظة والليبرالية الجديدة واليمين الشعبوي.
وفي دولة الاحتلال الإسرائيلي يتبنى حزب الليكود الأيديولوجيا المحافِظة، والليبرالية الوطنية والاقتصادية، والصهيونية، واليمينية الشعبوية، أما حزب يش آتيد (هناك مستقبل) يتبنى الليبرالية والعلمانية وما يسمى بالليبرالية الصهيونية وفكرة حل الدولتين. فيما يتبنى حزب شاس الصهيونية والشعبوية والمحافظة الاجتماعية والدينية. أما حزب أزرق أبيض يتبنى الصهيونية والليبرالية الاجتماعية.
والأمر مشابه في دول عديدة أخرى بدءاً بالسويد والنرويج والدنمارك وإسبانيا، ومروراً بكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، وانتهاء بالبرازيل والأرجنتين.
المثير للاستغراب، من بعض المستقلين، أو "الشيوعيين السابقين"، أنهم يرون الأيديولوجيا والأحزاب وكأنها شر مطلق وبؤرة مشاكلنا، وكأن الأحزاب التسلّطية التي كانوا بها، والدول الاستبدادية التي يعيشون (أو عاشوا بها) بها، هي التجسيد الوحيد والأوضح لمعنى الأيديولوجيا والأحزاب.
وبالتالي تكوّنت في ذهنيّتهم ردّة فعل، ترغب بالتعاكس مع ماضيهم المتأثّر بسنوات الاستبداد سواء داخل الحزب أو خارجه على مستوى البلد، وجعلتهم يبشّرون بأن ترك الأحزاب والأيديولوجيا (مثلما فعلوا هم) سيدخلنا في عالم الحضارة والتنوير، ويبتكرون عالماً طوباوياً غير موجود، ويدعون إلى اللحاق بركب الحداثة، التي تعني لهم التقاط الأفكار من هنا وهناك، وكأنها "بوفيه مفتوح" يمكن انتقاء ما هو مناسب منها بحسب الرغبة.
ما يثير الغرابة أكثر، أن العديد من الناشطين المستقلين و "الشيوعيين السابقين" يعيشون فعلاً في دول ديمقراطية، ويفترض أن تكون مفاهيم الأيديولوجيا والأحزاب بديهية لديهم. لكن ربما فاتتهم الحياة السياسية والانتخابات التي تجري من حولهم، أو انتقلوا من فقاعة ستالينية إلى أخرى.
صحيح أن العالم تغيّر، وكذلك المجتمعات والتكنولوجيا والسياسة، وبات للأيديولوجيات فروع عديدة، لكن هذا لا يعني أنها اندثرت وماتت، ولا أن التوجه نحو التحرّر والليبرالية يلغي وجود الأيديولوجيا، لأن ما غاب عن ذهن المستقلين أن الليبرالية نفسها هي أيديولوجيا.
إن كانت مشكلة المستقلين مع الاستبداد والتعصّب والتطرف والطائفية وإقصاء الآخر، فهذا موضوع آخر تماماً، لا يبرّر خلع أفكار الناس ومعتقداتهم والتخلي عن كل شيء، ولا يضع الذنب في رقبة الأحزاب أو الأيديولوجيا، لأن الدساتير وهياكل الدول وأنظمتها هي التي تضع القواعد الناظمة للحياة فيها، من أجل تداول السلطة وعدم التسلّط على أحد واحترام حقوق الإنسان.
وختاماً يمكن التذكير بأنه لا توجد دولة ديمقراطية بلا أحزاب، ولا توجد أحزاب حقيقية بلا أيديولوجيا.
------------------------------------------------------------------------------------------------

الحياد والتهديدات الوجودية
- محمد أسعد -
إنها محادثة تجري في العواصم الوطنية في جميع أنحاء أوروبا ، حيث دفعت القنابل الروسية التي تسقط على المدن الأوكرانية المخاوف بشأن الأمن إلى مستويات لم نشهدها منذ نهاية الحرب الباردة. بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي التي ليست أعضاء في الناتو ، فإن الاحتمال المفاجئ الذي لم يعد يتخيل حدوث مواجهة بين موسكو والغرب يثير تساؤلات حول ما إذا كان الحياد العسكري مرغوبًا - أو حتى ممكنًا.
حتى في إيرلندا ، وهي إحدى الدول الأوروبية الأبعد عن القتال ، بدأ صانعو السياسة في إعادة النظر في موقف استراتيجي متجذر في تاريخ البلاد ما بعد الاستعمار وأعيد التأكيد عليه مرارًا وتكرارًا في القرن منذ ذلك الحين.
قالت كاثال بيري ، العضوة المستقلة في البرلمان الأيرلندي التي تدعو إلى سياسة دفاعية أكثر قوة: "أخيرًا ، يبدو أنه يمكنك بالفعل التطرق إلى الموضوع". "في الماضي ، إذا ذكرت مخاوف بشأن موقف أيرلندا من الحياد ، فقد اتُهمت بإثارة الحروب."
التداخل بين عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو واسع ولكنه غير كامل. لا يقتصر الأمر على أن التحالف العسكري أوسع نطاقًا - بما في ذلك دول مثل الولايات المتحدة وكندا وتركيا - فهناك ست دول في الاتحاد الأوروبي لم تنضم إلى الناتو لأسباب استراتيجية أو جغرافية أو تاريخية.
بالنسبة لأيرلندا ، يكمن السبب في المقام الأول في تاريخها كدولة مستعمرة وعلاقتها المضطربة مع بريطانيا التي احتلت الجزيرة بدرجات متفاوتة لعدة قرون. القتال الدائر في البلاد من أجل الاستقلال في أوائل عشرينيات القرن الماضي والحرب الأهلية اللاحقة لم يترك قادتها الجدد رغبة كبيرة في الانضمام إلى تحالف عسكري إلى جانب المملكة المتحدة.
انضمت أيرلندا إلى عصبة الأمم في عام 1923 بعد عام من استقلالها عن المملكة المتحدة لكنها ظلت محايدة بشكل مثير للجدل في الحرب العالمية الثانية. حجة مماثلة انتصرت اليوم حول مسألة عضوية الناتو في الستينيات.
على الرغم من أن مفهوم الحياد غير مقنن في دستور أيرلندا ، فقد تم التأكيد على الفكرة مرارًا وتكرارًا أثناء اندماج البلاد في الاتحاد الأوروبي منذ عام1973.
وقد خلص حكم تاريخي للمحكمة العليا عام 1987 إلى أن التغييرات المقترحة على معاهدة الاتحاد الأوروبي تتطلب تعديل الدستور الأيرلندي عبر استفتاء - مما يمهد الطريق للتصويت المنتظم كلما اقترحت بروكسل تغيير معاهدة الاتحاد الأوروبي.
ونتيجة لذلك ، كانت المخاوف بشأن تكامل الاتحاد الأوروبي - لا سيما في مجال الأمن والدفاع - تُطرح بانتظام عندما تبنت أيرلندا المعاهدات المختلفة للكتلة ، وحصلت أيرلندا على توضيح من بروكسل بأن مقترحات الاتحاد الأوروبي بشأن الدفاع لم تؤثر على موقفها بعد رفضها. معاهدة لشبونة للمرة الأولى.
وضعت الحرب في أوكرانيا تركيزًا جديدًا على الموقف الدفاعي للبلاد.
يجادل البعض ، مثل بيري ، النائب المستقل ، بأن دبلن قد اختارت بالفعل جانبًا متجاوزة الحياد. تسمح أيرلندا على سبيل المثال للقوات الأمريكية بالهبوط في مطار شانون على ساحلها الأطلسي ، وهي سياسة استمرت حتى أثناء حرب العراق فيما رفضت سويسرا دخول الطائرات الأميركية مجالها الجوي أثناء تلك الحرب. وقعت دبلن أيضًا على مبادرات أمنية للاتحاد الأوروبي مثل PESCO (التعاون المنظم الدائم) و CSDP (سياسة الأمن والدفاع المشتركة).
يجادل منتقدو موقف دبلن الحيادي بأن ما لم تفعله دبلن هو استثمار كافٍ في الدفاع عن نفسها. قال مارك ميليت ، رئيس الأركان السابق لقوات الدفاع الأيرلندية: "إن أيرلندا هي الأقل إنفاقًا على الدفاع كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة".
على وجه الخصوص ، تفتقر البلاد إلى القدرة على تحديد جميع الطائرات التي تمر عبر مجالها الجوي ، أو لإجراء مراقبة تحت السطح لما يقرب من مليون كيلومتر مربع من قاع البحر الذي يحيط بالبلاد. وأشار تقرير أصدرته المفوضية الشهر الماضي إلى تحديات ضخمة تواجه قوات الدفاع في البلاد ، والتي تعتمد بشكل كبير على بريطانيا والولايات المتحدة للحصول على المساعدة.
هناك مخاوف بشأن استعدادها لأي عدوان محتمل ، بما في ذلك الهجمات المختلطة. أبرز الهجوم السيبراني العام الماضي على النظام الصحي في البلاد من قبل الروس والتدريبات المخطط لها من قبل البحرية الروسية قبالة الساحل الأيرلندي قبل أسابيع فقط من الغزو الأوكراني ، وضعف أيرلندا كدولة غير منحازة في الاتحاد الأوروبي منفصلة جغرافياً عن بقية القارة.
دبلن ليست العاصمة الوطنية الوحيدة المنخرطة في حوار وطني حول الأمن والحياد. حتى دول الاتحاد الأوروبي المحايدة عسكريا انضمت إلى بقية الكتلة في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا والتي ندد بها فلاديمير بوتين ووصفها بأنها "شبيهة بإعلان الحرب".
في مارس ، بعد وقت قصير من الغزو الروسي ، أعلنت الدنمارك ، العضو في الناتو ، أنها ستجري استفتاء في الأول من يونيو على الانسحاب من سياسة الدفاع في الاتحاد الأوروبي التي تفاوضت بشأنها بعد معاهدة ماستريخت. قال رئيس الوزراء الدنماركي ميت فريدريكسن: "العصور التاريخية تتطلب قرارات تاريخية". التصويت بنعم سيسمح للبلد بالمشاركة في مهام CSDP الخاصة بالاتحاد الأوروبي.
تواجه النمسا أيضًا أسئلة حول الحياد الرسمي الذي تبنته منذ الحرب العالمية الثانية ، وهو الموقف الذي ساعدها في جذب مؤسسات مثل الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
قالت وزيرة الدفاع النمساوية كلوديا تانر إنه لا توجد خطط لتغيير سياسة الحياد النمساوية. وقالت لصحيفة بوليتيكو: "بالنسبة لي وللحكومة بأكملها ، من الواضح جدًا أننا لن نلمس الحياد العسكري للنمسا ، وهو حياد مكرس أيضًا في دستورنا".
ومع ذلك ، مثل أيرلندا ، في حين أن النمسا ليست عضوًا في الناتو ، فإنها تشارك في جهود الاتحاد الأوروبي الدفاعية. وقال تانر إن البلاد "ستساهم بنشاط في زيادة تطوير سياسة الدفاع والأمن المشتركة للاتحاد الأوروبي" من أجل مواجهة التحديات الأمنية للكتلة. على سبيل المثال ، قالت فيينا إنها تخطط للمشاركة في خطة الاتحاد الأوروبي لإنشاء قدرة انتشار سريع تصل إلى 5000 جندي ، كما هو مقنن في اقتراح البوصلة الاستراتيجية الذي وافق عليه الوزراء هذا الأسبوع.
بعض البلدان ليس لديها مجال كبير للمناورة. يستمر وضع قبرص كجزيرة مقسمة وعلاقتها المضطربة مع تركيا في تعقيد احتمالية انضمام الدولة إلى حلف الناتو ، ولهذا السبب ، تظل الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي ليست جزءًا من مبادرة الشراكة من أجل السلام التابعة لحلف الناتو. تواصل استضافة القواعد البريطانية الكبيرة في الجزيرة.
الآخرون ببساطة ليسوا مهتمين. في مالطا ، حيث تمت كتابة الحياد أيضًا في الدستور ، أظهر استطلاع نُشر قبل وقت قصير من الحرب أن 63 بالمائة من سكان مالطا يؤيدون الحفاظ على هذا الموقف. لم يصبح الحياد مشكلة في الحملة قبل الانتخابات البرلمانية التي تجريها مالطا في نهاية الأسبوع الاسبوع الأخير من مارس 2022
يكون النقاش أكثر صلة بموضوع الحياد في المناطق الشمالية للاتحاد الأوروبي. في علامة على تغير الزمن ، حضر وزيرا السويد وفنلندا ، اللتان تشتركان في حدود بطول 1300 كيلومتر مع روسيا ، اجتماعا وزاريا استثنائيا للناتو في بروكسل في وقت سابق من هذا مارس 2022 ، على الرغم من عدم كونهما أعضاء في الحلف.
قال ألكسندر ستاب ، رئيس الوزراء الفنلندي السابق الذي دعا إلى الانضمام إلى الحلف: "ستكون فنلندا في الناتو عاجلاً وليس آجلاً ... أنا متأكد تمامًا من ذلك". "غادر القطار المحطة في 24 فبراير عندما هاجم بوتين أوكرانيا."
وأشار ستاب إلى استطلاع حديث أظهر أن 62 في المائة من السكان يؤيدون عضوية الناتو ، و 16 في المائة يعارضون ذلك.
"الطلب القادم من فنلندا ليس مسألة" إذا "، إنها مسألة" متى ". وإذا سألتني السؤال "متى" ، فأقول إنها لن تكون أيامًا ، ولن تكون أسابيع ، ولكنها ستكون في غضون بضعة أشهر ".
في السويد ، تجاوز دعم الانضمام إلى الناتو معارضة الحلف لأول مرة هذا الشهر ، وفقًا لاستطلاع للرأي. استبعدت رئيسة الوزراء السويدية ، ماغدالينا أندرسون ، من يسار الوسط ، الانضمام إلى التحالف ، لكن مفوضة الاتحاد الأوروبي إيلفا جوهانسون أبلغت حدثًا في بوليتيكو هذا الأسبوع أنه في حال قررت السويد الانضمام ، فستكون بالشراكة مع فنلندا.
وافق ستاب. قال: "أعتقد أنه سيكون من المفيد لكل من السويد وفنلندا ، أن نتحد معًا وليس بشكل منفصل". "ولكن ما أقوله أيضًا لأصدقائي السويديين ... هو أنهم يجب أن يفهموا أن فنلندا قد أخذت زمام المبادرة في هذه العملية ، وسوف ندخل في حلف الناتو سواء ذهبت السويد أم لا."
الدولة الأخرى التي شاركت في محادثة حول الحياد هذه الأيام هي أوكرانيا. وقد قالت موسكو إنها تعتبر رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى الناتو تهديدًا أمنيًا. استشهدت بالنمسا كمثال ، واقترحت إمكانية إحلال السلام إذا وافقت أوكرانيا ، من بين أمور أخرى ، على إعلان "الحياد".
ما الذي سيعنيه هذا بالضبط من الناحية العملية لا يزال غير واضح. ستنتهي عضوية الناتو ، لكن هل سيتعين على أوكرانيا التخلي عن تطلعاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ، الذي تتضمن معاهداته بندًا للدفاع المشترك ؟ هذا وقد أصرت كييف على أنها تريد ضمانات أمنية في حال قامت بالتسجيل في مثل هذا الترتيب. سيشجع الكثيرون في البلاد أيضًا تعريف عدم الانحياز الذي تتبناه فنلندا والسويد - ولا يمكن تحقيق الحياد الحقيقي إلا إذا كان لدى الدولة القدرة على الدفاع عن نفسها.

عندما يكون المجتمع منقسماً (المثال الأوكراني)
- محمد سيد رصاص -
"وكالة نورث برس"،1042022
تثبت تجربة مايقرب من ثلث قرن من الزمن على قيام الدولة الأوكرانية بأن كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 21شباط2022 عن أوكرانيا ،" كدولة مصطنعة..كان لينين في عام1922هو صانعها ومهندسها المعماري"، لم يكن بعيداً عن الصواب،عندما رأينا مجتمعاً انفجرت بنيته بالتدريج إلى شظايا ،ثم كانت أزمته البنيوية وقوداً أشعل أكبر أزمة عالمية بعد الحرب العالمية الثانية.دراسة التجربة الأوكرانية هنا هي محاولة مقاربة لمثال توجد أشباه له في عشرات المجتمعات بدول متفرقة ،وهي عديدة في منطقة الشرق الأوسط.
هنا،إذا نظرنا من منظار قومي فإن كلام بوتين صحيحاً،حيث يوجد الروس في اقليم دونباس في الشرق وأغلبية روسية من حيث القومية أواللغة في مدن خاركيف ودنيبروبتروفسك وأوديسا، وحيث هناك الغرب عند اقليم غاليسيا وعاصمته مدينة لفيف، الذي ضمه ستالين للاتحاد السوفياتي عام1939بعد معاهدته مع هتلر حيث الأغلبية كاثوليكية، والتي تشعر بارتباط مع العاصمة البولندية وارسو أكثر من ارتباطها بكييف التي هي منقسمة لغوياً بين الروسية والأوكرانية. ولكن لينين لم يكن يفكر كمايفكر بوتين،فالقائد البلشفي كان يريد عند إنشاء الاتحاد السوفياتي دولة عابرة للقوميات تقوم على اتحاد طوعي لاتسودها القومية الروسية كماكان الحال زمن القياصرة التي سميت امبراطوريتهم "سجن الشعوب"،بل هناك مساواة بين القوميات والإثنيات في مجتمع جديد يتجه نحو بناء تجربة اشتراكية وفق أيديولوجية ماركسية.في هذا الصدد تثبت تجربة الاتحاد السوفياتي مابعد تفككه عام1991 (وأيضاً عبر تفككه)بأن المسألة القومية لم تحل هناك،والتجربة الأوكرانية هي مثال متفجر على ذلك.
عند الاستفتاء على قيام أوكرانيا كدولة مستقلة ،وفق حدودها يومذاك كجمهورية سوفياتية في 1 كانون الأول من عام1991،كان الجواب بنعم يصل إلى اثنين وتسعين بالمئة من الأصوات،ثم جرى اعتراف متبادل بالحدود القائمة بين جمهوريات الاتحاد السوفياتي الخمس عشر عند تفكيكه في يوم 26كانون الأول1991. كانت أقل النسب في الاستفتاء بشبه جزيرة القرم وفي اقليم دونباس بالشرق، ولكنها لم تنزل بقول النعم عن النصف،ووسطياً صوت روس أوكرانيا في الشرق (دونباس )،والشمال الشرقي (خاركيف)، والوسط (دنيبروبتروفسك )، والجنوب(أوديسا)، والقرم بنسبة 55%بالمئة مع قيام الجمهورية الجديدة، فيماكانت النسب الأعلى عند غيرهم في الوسط والغرب.عند قيام الجمهورية الجديدة كان هناك اتحاداً ثلاثياً بين مسؤولي الإدارة السوفياتية السابقة في كييف وأغلبهم من مدينتي دونيتسك ودنيبروبتروفسك(مكان مولد ليونيد بريجنيف) وبين النخبة الأكاديمية والثقافية والتقنية في الغرب وقادة الحركة النقابية العمالية باقليم دونباس في الشرق الأكثر تصنيعاً والغني بمناجمه من الفحم والحديد.وقد كان هناك وعياً بالتفاوت القومي- اللغوي في أوكرانيا الجديدة وكذلك بالتفاوت بين المناطق في النمو حيث الشرق الأكثر تصنيعاً والغرب الأكثر تحضراً ،وحتى عام2004كان التكلم بالروسية رمزاً للمكانة والتفوق في الدولة الجديدة التي ظلت مع بيلاروسيا الأكثر ارتباطاً مع الدولة الروسية الجديدة في موسكو. ولكن ظهرت وولدت من رحم الثورة البرتقالية في تشرين الثاني2004،والتي كانت أساساً ضد فساد وسوء إدارة النخبة الجديدة في الدولة الناشئة، نزعة قومية أوكرانية كانت بالتضاد مع تلك النخبة الحاكمة، التي ظلت على ارتباط وثيق مع الكرملين ولها نوستالجيا عميقة نحو الماضي السوفياتي وعداء فكري- ثقافي- سياسي للغرب الأميركي- الأوروبي.هنا، لم تطرح،في ثورة 2004وبخلاف ثورة ميدان كييف عام2014،مسألة انتماء أوكرانيا السياسي - الأمني :إلى موسكو الكرملين أم إلى بروكسل حلف الأطلسي- الناتو،بل طرحت مسألة الهوية للدولة الجديدة،فيماكان الموضوع قد أهيل عليه تراب خفيف لتغطيته منذ عام1991عندما اعتبر كل المواطنين في الجمهورية الأوكرانية السوفياتية في يوم استفتاء 1كانون الأول1991مواطنون أوكرانيون في الجمهورية الجديدة، بغض النظر عن القومية واللغة وبغض النظر عن الماضي عندما كانت غاليسيا جزءاً من الدولة البولندية حتى عام1939وعندما كانت شبه جزيرة القرم جزءاً من جمهورية روسيا السوفياتية حتى عام1954. وقد لوحظ احياء القومية الأوكرانية وتفضيل اللغة الأوكرانية في زمن الرئيس فيكتور يوتشنكو2004-2010وقد وصلت الأمور به إلى منح وسام "بطل أوكرانيا"إلى ستيبان بانديرا 1909-1959قائد "منظمة القوميين الأوكران OUN-B " وجناحها العسكري :"جيش المقاتلين الأوكران UPA"،الذي تعاون مع الاحتلال النازي بفترة 1941-1944وشارك في التصفية العرقية الممنهجة للبولنديين والروس واليهود في المناطق المحتلة،ثم تعاون بانديرا مع واشنطن ولندن بفترة الحرب الباردة حتى تم اغتياله بالسم في ميونيخ عام1959. بفترة يوتشنكو برز صعود المنظمات القومية الأوكرانية المتطرفة مثل "سفوبودا- الحرية" التي نالت في انتخابات برلمان2012نسبة10،4%من الأصوات ،وهي تعتبر نفسها استمراراً لبانديرا،ثم نزلت أصواتها ل 5،2%في انتخابات آذار2014ول 4،7%في انتخابات تشرين أول2014،والحزب الراديكالي الذي نال في انتخابات آذار2012 نسبة 7،4%ثم نزل تحت حاجز ال5%اللازم للتمثيل بالبرلمان ،ثم منظمة "مواطنو أوكرانيا PU"التي منها انبثقت "كتيبة آزوف"العسكرية المتطرفة التي تحارب حتى الآن كرديف للقوات المسلحة الأوكرانية. وهناك نزول في قوة اليمين القومي الأوكراني حيث لم ينل تكتله المتحد في انتخابات برلمان أيار2019 سوى 2،1%من الأصوات،ويلاحظ تركز قوته في غاليسيا فيمانخبته الفكرية والسياسية كانت في مناطق الاختلاط بين الروس والأكران مثل مدينة خاركيف حيث الأوكران أقلية.
خلال سنوات ست، فشل حكم يوتشنكو في تقديم بديل للأوكران ،لذلك اتجهوا ثانية في انتخابات2010الرئاسية لانتخاب فيكتور يانوكيفيتش الموالي لموسكو وهو زعيم "حزب المناطق"،وقد جلب معه لكييف نخبة إدارية جديدة من منطقة مولده في دونيتسك باقليم دونباس .خلال أربع سنوات اتصف حكم يانوكيفيتش بالفساد والقمع وموالاة موسكو والعداء للغرب ،لذلك كانت ثورة الميدان ضده في كييف من يوم30تشرين الثاني2013حتى هربه من القصر الرئاسي في 21شباط2014،تحوي برنامجاً رباعياً مضاداً:ضد الفساد والقمع وفك الارتباط بموسكو والاتجاه نحو عضوية الاتحاد الأوروبي والناتو.في كييف2014كان المتواجدون بالميدان أغلبهم من الغرب الأوكراني ومن أوكرانيي كييف ومناطق الوسط .معظمهم شباب وغير حزبيين،مع ميول ليبرالية غربية،وقلة منهم كانوا من اليمين المتطرف القومي الأوكراني،مع غياب لروس دونباس وخاركيف ودنيبروبتروفسك وأوديسا،فيماكان الأخيرون متواجدين في الثورة البرتقالية عام2004ولوبنسبة أقل من الأوكران.
وعملياً،كان ميدان كييف 2014اعلاناً عن تشظي فكري- سياسي لجمهورية أوكرانيا من حيث الاتجاه شرقاً نحو موسكو أم غرباً نحو بروكسل الناتو والاتحاد الأوروبي،فيماكانت ثورة 2004البرتقالية رحماً لولادة الهوية الأوكرانية القومية الجديدة ،وقد كان انتخاب يانوكيفيتش عام2010تعبيراً عن امكانية متجددة نحو الزواج الأوكراني بين أوكرانيي وروس أوكرانيا ،ولكن طريقة حكمه وتبعيته لموسكو جعلت المعارضة ضده تكون أيضاً معارضة للكرملين واتجاهاً نحو الغرب،إلاأن هذا قد جعل سقوطه اعلاناً لطلاق من قبل أغلبية اجتماعية روسية في اقليم دونباس بفرعيه في منطقتي دونيتسك ولوهانسك وفي شبه جزيرة القرم مع أوكرانيا1991،فيماكانت المفاجأة عند روس خاركيف ودنيبروبتروفسك وأوديسا الذين كانت ميولهم الاندماجية مع الأوكرانيين مخالفة للنزعة الانفصالية في دونباس والقرم،وهو مانجده الآن يظهر بقوة في حرب2022،التي اندلعت نيرانها من وقود أزمة 2014،ولوأن من أشعل عود الثقاب كان شخصاً من خارج الحدود.
اليسار في ظلّ الأزمة الروسيّة - الغربيّة
تاريخ النشر: 04/03/2022
عوض عبد الفتاح
https://www.arab48.com/
موقع"عرب48" في فلسطين
هل يحتاج العالم إلى اليسار، وإلى منظومته الفكرية والأخلاقية، وهل هو ذو شأن في القرارات الدولية الكبيرة؟ ولكن أيّ يسار وكيف نحدده في ظل كل التحولات العالمية الجارفة، وهل هناك من يهتم بموقفه، خصوصًا في ظرف الأزمة الروسية - الغربية الحالية شديدة الخطورة؟ وكيف نفهم موقف اليسار الذي يتحمس جزء منه، في منطقتنا والعالم، للحرب الروسية على أوكرانيا، وتأييده لبوتين، الذي هاجم رمزهم الأكبر بعد ماركس، أي لينين، منظر وقائد الثورة البلشفية، في خطابه المطول في 21 شباط/ فبراير المنصرم، وحمّله بشكل غير مباشر المسؤولية عن وضع بذور الأزمة الحالية، من خلال "اختلاق" دولة تُسمّى أوكرانيا. ويُذكر أن الثورة البلشفية كانت منحت حق تقرير المصير القومي لعدد من الشعوب السلافية وغيرها، إذ يُنسب للينين قوله إن روسيا القيصرية التي أطاحها البلاشفة كانت سجنًا للشعوب.
مع انفجار الأزمة الروسية - الغربية وتحولها إلى غزو عسكري كارثي لأوكرانيا، يجد يساريو العالم أنفسهم، على اختلاف أطيافهم، عديمي التأثير في حدث كبير تتحمّل مسؤوليته دول رأسمالية كبرى، تخلّت عما كانت تنادي به، مثل الديمقراطية الليبرالية بصيغتها السابقة، أو الاشتراكية. ليس هذا فحسب، بل حتى اجتهاداتهم النظرية والسياسية، الهامة والنوعية في الكثير منها، تضيع في زحمة ووفرة التحليلات المرتكزة للمدرسة السياسية الواقعية في العلاقات الدولية، الهامة أيضا، والتي تستند إلى الاعتبارات الجيوسياسية - الجغرافية السياسية، باعتبارها تلعب دورًا حاسمًا في العلاقات بين الدول، وفي قرارات الحكومات والزعماء. لكن، هل هذا يعني أن اليسار وقيمه التحررية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وغياب نظام القطبين عام 1991، ليس ذا شأنٍ في المشهد العالمي، أو في صياغة تصورات للمستقبل بديلا عن النظام النيوليبرالي الظالم الذي يتسيّد العالم كله.
منذ انهيار نظام القطبين، قبل ثلاثة عقود، يجد هذا اليسار على كافة تلاوينه، نفسه في أزمة فكرية خانقة. ففي السنوات الأولى من انهيار القطب الشيوعي، تبعثر اليسار شر بعثرة، وسادت حالة شديدة من الإرباك والتيه، ولم ينجُ من الأزمة وتبعاتها حتى ذلك التيار المستقل فكريا، أو فئات من المثقفين اليساريين الناقدين للنظام الشيوعي السوفييتي (التروتسكيون، وما عرف باليسار الجديد، والعديد من رموز الفكر الماركسي النقدي) باعتباره كان استبداديا، وعبارة عن رأسمالية دولة. وتوزع معتنقو الفكر اليساري الماركسي، بين دروب عدة، منها الانهزامية والتحول إلى المعسكر الأميركي الإمبريالي، وبين البقاء أسيرا للجمود الأيديولوجي والستالينية المقيتة. تيارٌ ثالث، غير منظم، سعى إلى تطوير يساريته بالعودة الى أصول الفكر اليساري/ الاشتراكي، أو الأخلاق اليسارية، التي تعود بداياته إلى القرن التاسع عشر؛ وإلى إعادة الاعتبار لقيمتي الديمقراطية والحرية وكانتا جزءا عضويا من بنيته الفكرية والأخلاقية، ولكنه لم يتبلور في تيار منظم أو يصل إلى صيغة أو وصفة لنظام اقتصادي اجتماعي بديل ناجح حتى اليوم.
في غياب القطب الشيوعي، مع فوائده وأمراضه، ومع إعلان المعسكر الرأسمالي الغربي نهاية التاريخ، أي الانتصار النهائي للنظام الرأسمالي، وجد يساريو العالم على كافة توجهاتهم، أنفسهم مهمشين، وتائهين وغير ذي شأن، أمام انقلاب عالمهم رأسا على عقب، إذ شاهدوا كيف التحقت أكبر الدول الشيوعية سابقا، مثل روسيا والصين، بنظام السوق الرأسمالي، وإن كانت الصين التي تحولت إلى عملاق اقتصادي، لا تزال تعلن نفسها شيوعية، حيث يقود الحزب الشيوعي الدولة، ويشرف على الاقتصاد التنافسي.
مرت سنوات طويلة قبل أن يعود ماركسيون إلى ماركس، وإعادة قراءته بصورة نقدية مجددا، بما يمكنهم من فهم الانهيارات السابقة فهما متحررا من الدوغمائية والجمود العقائدي؛ وقد برز في مقدمة عملية العودة جيل جديد متأثر بالتحليل الماركسي للظواهر المجتمعية ولبنية النظام الليبرالي والنيوليبرالي الذي انطلق من عقاله، جيل متأثر بمدارس فكرية تقدمية نقدية. وقد جاء ذلك في أعقاب تطورين هامين؛ الأول، انكشاف زيف الوعود الكبرى التي بشر بها منظرو المعسكر المنتصر، أي المعسكر الأميركي الغربي الرأسمالي، إذ تواصلت الحروب الإمبريالية الوحشية وتدمير الدول، وتعمق الفقر والجوع والمرض، رغم الثراء الخيالي والتوسع المذهل في عملية الإنتاج. ومن ناحية ثانية دخول هذا المعسكر في أزمات مالية كبرى، وظهور حركات اليمين الشعبوي المناهض للديمقراطية الليبرالية وللاشتراكية، والكاره للأجانب والنخب السياسية.
التطور الثاني؛ ظهور الموجه اليسارية الكبيرة في دول أميركا اللاتينية، بدءًا من أواخر تسعينات القرن الماضي، حين تمكنت شخصية يسارية مناضلة من الوصول إلى رئاسة دولة فنزويلا، بانتخابات ديمقراطية، وهو الراحل هوغو تشافيز، الذي ألهم حركات اشتراكية أخرى وتمكنها من الانتصار في دول أميركية لاتينية أخرى. غير أن هذا البلد اللاتيني يواجه حاليا أزمة داخلية كبرى، لأسباب داخلية وخارجية.
ولم تتأثر كثيرا موجة العودة إلى اليسار بالنكسة التي أصابتها لاحقا، والتي تعود إلى قصور ذاتي وعجز عن اجتراح صيغة ناجعة لنظام اشتراكي معقول؛ إذ خسرت بعض هذه الأنظمة اليسارية، مثل البرازيل وغيرها، أمام قوى يمينية شعبوية، وبسبب تصعيد التدخل الأميركي الإمبريالي في هذه الدول. ويبدو أن الائتلاف اليساري والديمقراطي بقيادة الشاب غبريال بوريك، الذي فاز في الانتخابات العامة في تشيلي قبل ثلاثة شهور (20 كانون الأول/ ديسمبر 2021)، يسعى إلى اجتراح خطٍ فكري وعملي مختلف عن تجارب اليسار اللاتيني، أقل تشددا أيديولوجيا، وأكثر اهتماما بالديمقراطية والحريات، وبالعدالة الاجتماعية والتنمية الشعبية. ولكن لا أحد يستطيع التكهن بمآل هذه التجربة، وهذا الفوز الهام لكتلة واسعة ذات توجهات يسارية وتقدمية وديمقراطية راديكالية.
ومن التناقضات التي تعتري بعض تلك الحركات الاشتراكية، هو أن رغم وصولها إلى الحكم بطريقة ديمقراطية، فإنها تصطف مع أنظمة في قارات أخرى، استبدادية أو غير ديمقراطية، كونها فقط تناهض السياسات الأميركية، دون الاكتراث بما تعانيه مجتمعات تلك الدول من قمع قهر وظلم، والذي يناقض قيم اليسار. وربما يعود ذلك لسببين؛ الأول، مواصلة العيش في الثنائية القديمة بين قطبين، واحد إمبريالي وآخر ضد الإمبريالية والرأسمالية؛ والسبب الثاني، كون هذه الدول وشعوبها عانت ولا تزال بسبب السياسات الأميركية الإمبريالية العدوانية، والتدخل المزمن في شؤونها الداخلية وبشكل النظام فيها؛ والأمثلة كثيرة، وأبرزها الحصار المستمر على دولة كوبا منذ حوالي سبعة عقود.
ففي الصراع الخطير الجاري اليوم بين روسيا بوتين وحلف "الناتو" بقيادة الإمبريالية الأميركية، يصطف جزء من اليسار أوتوماتيكيا إلى جانب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو تكرار لموقفه من مساندة النظام السوري ضد الثورة الشعبية ، دون إبداء أي تحفظ أو نقد، ودون الاكتراث بمبدأ سيادة الدول، ولا بالكارثة الإنسانية الناجمة عن ذلك، والتي تصيب الشعب الأوكراني أو السوري، وقد تصيب أيضا الشعب الروسي لاحقا. كما لا يرى مما يجري، أي الحرب الحالية وفظاعاتها وما قبلها، سوى جزءا من برنامج لإعادة بناء نظام متعدد الأقطاب على أنقاض نظام القطب الواحد الظالم. وفي هذا البرنامج، فإن الشعوب ومعاناتها وخسائرها الفادحة، من أرواح ودماء ودمار يصعب تقديره، والمخاطر الكونية التي ينطوي عليها هذا الغزو لا تحمل أهمية خاصة. ويخفق هذا الجزء من اليسار الاستبدادي في الإدراك أن الشعوب العربية، وغير العربية، التي ثارت وقُمعت بوحشية، مثلت الوكيل لإحداث التغيير في النظام العالمي الظالم الذي تحكمت فيه الإمبريالية الأميركية وحلفاؤها لزمن طويل، حيث عملت قوى الثورة المضادة، وعلى رأسها روسيا بوتين، على قمع الثورات ومساندة كل الانقلابات في العالم العربي. وتجدر الاشارة إلى أنه إضافة إلى الرئيس التشيلي، فإن رؤساء المكسيك وبوليفيا وكولومبيا، وهم يساريون، أعلنوا معارضتهم للحرب الروسية، مع إدانتهم لسياسات حلف "الناتو" الإمبريالية التوسعية. وهذا أمر مهم، في حين فنزويلا مثلا، أعلنت تأييدها لحرب بوتين.
من جانب آخر، هناك اليسار الديمقراطي الإنساني، المتمثل في جماعات منظمة أو فئات من المفكرين والمثقفين المستقلين في الغرب وفي العالم العربي وفلسطين، الذي يتخذ موقفا متسقا مع الأخلاق اليسارية والإنسانية والإستراتيجية، دون الاصطفاف مع أي من المعسكرين الرأسماليين والمعاديين للشعوب. هؤلاء اليساريون، مثل الكثيرين من الديمقراطيين الراديكاليين وأحرار العالم من جهة، يُحمّلون حلف "الناتو" بزعامة الولايات المتحدة المسؤولية، ليس فقط عن خلق الظروف التي دفعت الرئيس الروسي للإقدام على هذه المغامرة الخطيرة، بل أيضا عن معظم مآسي الإنسانية، خصوصًا في العقود الثلاثة الأخيرة التي تفردت فيها بإدارة النظام الدولي.
بالنسبة لهذا اليسار الديمقراطي، ليس نظام بوتين نظاما اشتراكيا (وبوتين لا يدعي ذلك)، ولا هو ديمقراطي ليبرالي، ولا يسعى إلى تبني نموذج العدالة الاجتماعية أو اشتراكية أكثر إنسانية وعقلانية من النظام الشيوعي البائد، لروسيا وللعالم؛ بل هو يسعى الى استعادة عظمة روسيا بالقوة العسكرية، وليس عبر التأثير الناعم من خلال نموذج إنساني جذاب. إنه معادي للديمقراطية الليبرالية وللاشتراكية، كليا. وكان لافتا هجوم بوتين في خطابه فجر الهجوم على أوكرانيا على لينين، متهماً إياه باختراع أوكرانيا. لينين ما له وما عليه، لم يخترع أوكرانيا، وقد رد عليه مؤرخون وفندوا مزاعمه.
يشجع بوتين الحركات اليمينية الشعبوية في الغرب، وليس الحركات الشعبية واليسارية ذات التوجه الديمقراطي والإنساني، المناهضة لسياسات حكوماتها الداخلية والخارجية. كما لا يتبنى حركات تحرر وطني ولا يساندها. بل باتت روسيا، على سبيل المثال، شريكا وإن بدرجة أقل، في التعاون والتنسيق الأمني مع إسرائيل، والذي يتجلى ذلك في سورية.
نعم تتحمل روسيا "السوفييتية" بقيادة ستالين، المسؤولية عن جريمة الاعتراف بقرار تقسيم فلسطين، وتزويد الحركة الصهيونية بالأسلحة، التي لولاها وباعتراف دافيد بن غوريون ما قامت إسرائيل. ولكن منذ أواخر الخمسينات، كان الاتحاد السوفييتي صديقا وداعما لحركة التحرر الوطني العربية، وللحركة الوطنية الفلسطينية، وقدّم الأسلحة والتدريب العسكري والمنح الدراسية. ولكن اليوم، بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، تحولت روسيا إلى حيادية، وغير مكترثة بقضيتنا. بل بالعكس، ترى مصلحتها (في إطار السعي لاستعادة عظمتها القومية وليس ماضيها الاشتراكي والمناهض للرأسمالية الإمبريالية الأميركية) في التنسيق والتعاون الأمني مع إسرائيل، أي الكيان الاستعماري الاستيطاني الذي يشكل جزءا عضويا من الإمبريالية الأميركية والنظام العالمي الذي يقهر الشعوب.
في هذا المشهد السياسي العالمي المركب، الآخذ في التشكل، يستوجب الالتزام الأخلاقي بقضايا الشعوب، وبالعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وبقضية فلسطين، أن يعتمد اليسار (في فلسطين أيضًا) موقفا أخلاقيا، أي اتخاذ موقف يناهض المنظومة النيوليبرالية والإمبريالية ككل، ويستعيد مفهوم حرية الإنسان. سيتعين على شعبنا، والقوى اليسارية والدول المستقلة المناورة بين الأقطاب الدولية المتعددة التي تتشكل، بحكمة وتعقل بما يفيد قضية التحرر والحرية وحق تقرير المصير والعدالة، وذلك في الوقت الذي تبذل فيه الجهود من أجل خلق بديل تحرري انساني.
نعم، إن العالم لا يحتاج إلى عالم متعدد الدكتاتوريات أو الإمبرياليات أو الهمجيات، بل يحتاج إلى نظام عادل وأخلاقي متوازن، غير عنصري، ينصف الفقراء والمقهورين في أنحاء العالم، والذي يرزح بعضهم حتى الآن تحت نير الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري، كما هو الحال مع شعب فلسطين.
إن النظام الحالي والدول الكبرى، باستثناء الصين، يتحمل مسؤولية جريمة تدمير فلسطين المستمرة، وهو مستمر بتوفير الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي، والحماية من العقاب للجيب الأوروبي الاستعماري الذي زرعه هذا النظام، على أنقاض شعب مشتت وخاضع لأنظمة قهر وتنكيل يومي. ومن عجائب هذا النظام الدولي، أن يقف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي تتعرض بلده لغزو خارجي، شاكيا الظلم على بلاده في حين هو يقف أسوة بحكومات الغرب الكولونيالية العنصرية، إلى جانب معتدٍ ومغتصب آخر، في فلسطين. وبالنسبة لشعبنا الفلسطيني، فهذه هي الفرصة التي يجب أن نصعد حملتنا لتعرية نفاق القطب الأميركي والغربي، الذي يفرق بين مقاومة شعب ومقاومة شعب آخر بناء على مصالحه التوسعية وأيدولوجيته العنصرية. والموقف من قضيتي فلسطين واليمن من الأمثلة الصارخة التي تقول كل شيء عن هذا النفاق المقزز.
لا نستطيع مواجهة هذا النفاق بنفاق مقابل، بل بموقف متسق مع الإنسان ومصلحته، وعبر إستراتيجية نضالية فعالة. وفي هذا الزمن، سيتعين على قوى اليسار والحرية والديمقراطية، علمانية ودينية مستنيرة، المناورة بين الأقطاب الدولية الحالية أو التي قد تتشكل، بما يفيد قضاياها العادلة، دون التنازل عن قيمها التحررية الانسانية. بهذه المقاربة تنتصر ويفوز الإنسان الشعوب ، في نهاية المطاف.

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
وصية بليخانوف في عام1918 التي تنبأ فيها بانهيار النموذج البلشفي
Bannedbook.orgen
- لين هوي -
- أيلول2017 -
جيورجي بليخانوف هو أول مؤسس لمنظمة ماركسية روسية في عام1883 هي "مجموعة تحرير العمل".شارك في تأسيس حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي لعموم روسيا في عام1898وأصبح مع لينين ومارتوف مسؤولاً عن جريدة الحزب:"الإيسكرا" في عام1900.عند انشقاق الحزب في عام1903وقف مع المناشفة ضد البلاشفة. كان لينين يقول عنه بأنه "أبو الماركسية الروسية"،وختى بعد خلافه معه عام1903ظل يوصي بقراءة مؤلفاته.
ترك بليخانوف وصية قبل وفاته في أيار من عام 1918 ، أملاها على صديق مقرب له ،. ولم يكن ممكناً نشرها إلا في مابعد انهيار الاتحاد السوفياتي .
نشرت "الإند بندنت" الوصية في 30نوفمبر 1999 ، وقد نشر مكتب الترجمة الماركسية التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الوصية ، وكانت ترجمتها في ألفي كلمة .وقد شكلت مفاجأة كبيرة .
نبوءة لا مفر من انهيار النظام الشيوعي السوفيتي :
البلشفية هي الفصيل اليساري في الحزب الاشتراكي الديمقراطي لعموم روسيا وهو فصيل ولد من انشقاق الحزب لجناحين هما البلاشفة والمناشفة عام 1903 ، وقد نما الجناح البلشفي بسرعة في سنوات ما قبل الحرب العالمية ، وقد أصبح القوة السياسية والأيديولوجية والتنظيمية الأكثر تأثيرًا. يعتقد بليخانوف أن البلشفية لديها شيء واحد جديد فقط ، وهذا هو "إرهاب طبقي شامل وغير مقيد".
في الوصية ، أدان بليخانوف أفعال البلاشفة بقيادة لينين . الذين "يعتمدون على البنادق والشعارات الثورية" . كان عدد الصحف والمجلات التي تمت مصادرتها أكثر من عدد ماقامت به السلطات القيصرية في سلالة رومانوف بأكملها منذ بدايتها في عام1613.
وتوقع بليخانوف أن يتطور النظام البلشفي على النحو التالي: سوف تتحول دكتاتورية البروليتاريا للينين بسرعة إلى ديكتاتورية الحزب الواحد ، وستصبح ديكتاتورية الحزب ديكتاتورية زعيم الحزب. سيكون الحفاظ على سلطة القائد إرهابًا طبقيًا في البداية ، ثم إرهابًا وطنيًا واسع النطاق. لا يستطيع البلاشفة منح الديمقراطية والحرية للشعب ، لأنهم بمجرد تطبيق الديمقراطية والحرية سيفقدون السلطة على الفور.
في هذه الحالة ، لم يكن أمام البلاشفة أي وسيلة أخرى سوى الترويع والإكراه ، لكن من خلال الترويع والإكراه ، لا يمكن تطوير الإنتاجية بسرعة ولامكان لبناء مجتمع عادل.
أشار بليخانوف إلى أنه إذا تمكن لينين وأتباعه من الحفاظ على سلطته لفترة طويلة ، فسيكون مستقبل روسيا بائسًا ، وما ينتظره سيكون مصير إمبراطورية الإنكا في القارة الأميركية (ملاحظة: زوال إمبراطورية الإنكا القوية في عام 1533) وبغض النظر عما إذا كان الطريق البلشفي قصيرًا أم طويلًا ، فإنه سيكون حتمًا دراماتيكياً .
فيما يتعلق بكل ما قاله البلاشفة - استراتيجيتهم ، أيديولوجيتهم ، موقفهم من الحرمان ، ورعبهم غير المقيد - كل ذلك جعل بليخانوف يخلص بثقة إلى أن سقوط البلاشفة أمر لا مفر منه. عاجلاً أم آجلاً ، سيكون الجميع واضحين بشأن مغالطة تفكير لينين ، وبعد ذلك ستنهار الاشتراكية البلشفية مثل بيت صغير من الورق.
في عام 1991 ، بعد تنبؤات بليخانوف ، انهار الاتحاد السوفيتي وانقسم إلى عدة دول. عندما انهار ، لم يظهر مسؤولو الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي ولا الناس العاديون حنينًا خاصًا إلى الاتحاد السوفيتي ، بسبب الماضي. حكم الإرهاب ، وفساد المسؤولين ، وظلم المجتمع ، لطالما شهده الناس. وأصبح توقع بليخانوف بأن "الاشتراكية البلشفية ستنهار مثل بيت صغير من الورق" حقيقة واقعة.
تنبأ بليخانوف بانهيار النظام بعد أربع أزمات
بناءً على الظروف التاريخية الموضوعية التي تشكلت في روسيا ومنطق التطورات والاستراتيجية البلشفية والأفعال الأيديولوجية ، أكد بليخانوف أن البلاشفة سيواجهون أربع أزمات أكثر تعقيدًا على طريق ترسيخ نظامهم. ، وطول الوقت الذي يقضونه في السلطة يعتمد على الأزمة التي يقعون فيها.
الأولى أزمة مجاعة ، والثانية أزمة انهيار ، والثالثة أزمة اجتماعية - اقتصادية ، ورابعة أزمة أيديولوجية ، وفي هذه الأزمة الرابعة يبدأ النظام البلشفي في التفكك من الداخل ، لكن عملية التفكك قد تطول على مدى عقود ، لأن روسيا لم تعرف أبدًا ما هي الديمقراطية.
يعتقد بليخانوف أن سبب تأجيل سقوطه لعدة عقود هو أن النظام البلشفي سيقبله الروس باحترام وخضوع ، بالإضافة إلى أنه يمكن تعزيز هذا النظام بمساعدة دعاية رائعة ووكالات مراقبة وقمع متقدمة. ، ولكن لا أحد يستطيع تغيير هذه النهاية.
الأزمات الأربع التي تنبأ بها بليخانوف ظهرت جميعها في الاتحاد السوفيتي واحدة تلو الأخرى ، كما تفكك الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي بالفعل خلال الأزمة الأيديولوجية . في عام 1991 وقبل تفكك الاتحاد السوفياتي في الأسبوع الأخير من ذلك العام ، أجرت وكالة تحقيق أمريكية في القضايا الاجتماعية دراسة استقصائية حول القضايا الأيديولوجية في موسكو . تم هذا مع مسؤولين حكوميين وحزبيين رفيعو المستوى: يتبنى الاستطلاع طريقة مناقشة جماعية محددة ، بشكل عام من 4 إلى 5 ساعات من المحادثة مع المشاركين في الاستطلاع ، لتحديد أفكارهم وآرائهم ، وكانت نتيجة التحليل حوالي 9.6 ٪ من الناس لديهم إيديولوجيا شيوعية ، ومن الواضح أنهم يدعمون النموذج الاشتراكي السابق للإصلاح ؛ 12.3٪ من الناس لديهم آراء اشتراكية ديمقراطية ويؤيدون الإصلاحات ويأملون أن تصبح الاشتراكية ديمقراطية ؛ 76.7٪ يعتقدون أنه يجب تطبيق الرأسمالية.
من الواضح أيضاً أن المستوى العالي للحزب الشيوعي الصيني يؤيد نسبة عالية من الطرق الرأسمالية ، وهذا يعكس على وجه التحديد الافتقار إلى الثقة اللازمة في الشيوعية وأيديولوجية الحزب الشيوعي داخل الحزب الشيوعي ، وهذا يعني أيضًا أنه بمجرد أن يواجه المجتمع منعطفًا حرجًا فمن الممكن التنبؤ إلى أين يذهبون ، سوف يتجهون إلى الرأسمالية.
يطرح الاستقصاء أيضًا وجهة نظر جديدة ، أي أن الولايات المتحدة والغرب لعبتا بالفعل دورًا كبيرًا في تفكك الاتحاد السوفيتي ، لكن هذا الدور ليس سياسيًا واقتصاديًا بشكل أساسي ، ولكنه بطريقة أيديولوجية تمثلها الليبرالية التي تغلغلت بشكل فعال في تفكير المثقفين وكوادر الحزب السوفييت. في عام 1991 ، درس الاقتصاديون الأمريكيون الميول الأيديولوجية للاقتصاديين السوفييت وقارنوها بالاقتصاديين البريطانيين ، ووجدوا أنهم كانوا أكثر دعمًا للتسويق والخصخصة.
على سبيل المثال ، في عام 1987 ، وصف جورباتشوف ، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي السوفياتي ، تحليله للأزمة وحلولها في كتاب "الإصلاح والتفكير الجديد". مشخصاً إياها في مظاهر تتجسد في مظاهر منها الكفاءة المنخفضة ، وتكنولوجيا عفا عليها الزمن ، وإدارة مركزية وصلابة. وأشار غورباتشوف إلى أن الأزمة ليست فقط حول الرأسمالية ، "لقد أثبتت التجربة التاريخية أن المجتمع الاشتراكي لا يمكن أن يضمن ... أنه لن يكون هناك اجتماع أزمة اجتماعية كبيرة وأزمة سياسية ".
وأشار الاستقصاء إلى أن جذور الأزمة السوفييتية تكمن في النواقص الموجودة في الشكل الخاص للاشتراكية الذي أنشأه الاتحاد السوفيتي ، لا سيما "التركيز المفرط للإدارة ، وتجاهل التنوع الثري للمصالح الإنسانية ، والاستخفاف بالدور الإيجابي الذي يلعبه في الاتحاد السوفيتي الناس في الحياة العامة ... ". يعتقد غورباتشوف أن العيب الأساسي لهذا النظام هو الافتقار إلى الديمقراطية. المخرج يكمن في "انتشار الديمقراطية في جميع مجالات المجتمع".
في عام 1989 ، بدأت السلطات في إضفاء الطابع الديمقراطي على النظام السياسي ، وتم انتخاب السوفياتات الجديدة ، وبعض الحكومات البلدية بطريقة شبه حرة في جميع أنحاء البلاد. فازت المعارضة في الانتخابات وانتقدت الحزب الشيوعي والاشتراكية علنًا ، وبعد ذلك بعامين فقط ، تفكك الاتحاد السوفيتي ، ورُفضت الشيوعية واحدة تلو الأخرى في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة.
تنبأ بأن لينين سيقتل الكثير من الناس
في نظر بليخانوف ، كان لينين "حرباء" ، رغم أنه كان ماهرًا في فهم ماركس ، لكنه يصر على "تطوير" الماركسية في اتجاه واحد وهدف واحد (لإثبات أن استنتاجه الخاطئ هو الصحيح). وهو لا يمكنه تحمل النقد ".
أشار بليخانوف بوضوح إلى أنه "من أجل دفع نصف الروس إلى مستقبل اشتراكي سعيد ، يمكن للينين أن يقتل النصف الآخر من الروس. ويمكنه فعل أي شيء لتحقيق الأهداف المحددة. وإذا لزم الأمر ، يمكنه حتى قتل النصف الآخر. يمكنك تكوين تحالف مع الشيطان ".
كما قارن لينين مع روبسبيير في القرن العشرين. كان روبسبيير المرشد الأعلى للديكتاتورية اليعقوبية في الثورة الفرنسية وقتل الكثير من الناس ، وكتب بليخانوف: "إذا قطع روبسبير رؤوس مئات الأبرياء ، فسيقوم لينين بقطع رؤوس الملايين من الناس ، لأن لينين قال ذات مرة: انهارت جمهورية اليعقوبين بسبب قطع عدد قليل جدا من الرؤوس ».
لم يرى لينين أمراً مشيناً في التاريخ ، على سبيل المثال ، بالنسبة لقتل عائلة نيكولا ، القيصر الأخير الذي منحه حرية نسبية.وافق نيكولا في الأصل على الذهاب إلى إنجلترا ، لكنه تم معارضة ذلك من قبل البلاشفة: بعد نقلهم إلى الحجز ، تم إطلاق النار على عائلة نيكولا وقتلهم من قبل اللجنة التنفيذية السوفيتية دون محاكمة في عام1918. تم إعدام ما مجموعه 11 شخصًا: نيكولا وزوجته وبناتهم الأربع وابن قاصر ، وهناك أيضًا دكتور بوتكين وخادمان وطباخ ، في البداية ، خطط لدفن الجثة في منجم مهجور . أخيرًا ، تم دفنه تحت طريق. تم حرق الجسم وتشويهه بحمض الكبريتيك.
على سبيل المثال ، بعد الثورة في أكتوبر 1917 ، اتخذ لينين قرارًا بحل البرلمان ، الجمعية التأسيسية في كانون الثاني1918،لأن البلاشفة لم يفوزوا بالأغلبية ، مما أثار احتجاجات عامة وقتل المتظاهرين بالرصاص ، لكن الناس لم يستسلموا. كشف كتاب "الأمن القومي الروسي: التاريخ والواقع" الذي نُشر في عام 2004 أنه وفقًا لإحصاءات غير مكتملة من لجنة عموم روسيا لمكافحة الإجراءات المضادة ، اندلعت أعمال شغب عام 1918 في 32 مقاطعة في روسيا السوفيتية من من أجل قمع أعمال الشغب ، توفي أكثر من 15 شخصًا في 2000 مقاطعة وحدها ، وفي 24 مقاطعة ، بلغ عدد الوفيات "بسبب أعمال الشغب" حوالي 900. بمعنى آخر ، حدثت 8 أعمال شغب في المتوسط في كل مقاطعة ، مما أدى إلى مقتل ما يقرب من 170. لم يستطع لينين التنصل من اللوم.
بالإضافة إلى ذلك ، قمع لينين أيضًا الأديان ، واضطهد المثقفين ، وأسس معسكرات العمل. منذ عهد لينين ، يمكن حرمان المواطنين في ظل الإرهاب الأحمر العميق من ثروتهم مدى الحياة باسم "التأميم". قد يتم إلقاء القبض بسبب نكتة أو شكوى ، ويمكن الاستشهاد بملاحظات مخمور بعد الشرب. عند القدوم إلى السجن ... أي أن الأشخاص الذين يرتكبون جرائم صغيرة أو يروون نكاتًا عن القادة السوفييت سيتم وضعهم أيضًا في معسكرات العمل.
يصادف 21 من يناير عام 2016 الذكرى السنوية ال92 لوفاة لينين. عقد الرئيس الروسي بوتين اجتماعا في نفس اليوم في نهاية اجتماع مجلس التعليم ، ذكر أن أفكار لينين أدت في النهاية إلى تفكك الاتحاد السوفيتي. هو قال عن أفكار لينين أنها بدت وكأنها قنبلة نووية موضوعة تحت مبنى "روسيا". في وقت لاحق ، انفجرت القنبلة النووية.
توقع أن تعود روسيا إلى التطور الطبيعي عاجلاً أم آجلاً
وفقًا لملاحظات بليخانوف ، لأنه لن يكون هناك ديمقراطية في مجتمع تحت حكم لينين ، لا يستطيع البلاشفة ضمان الانسجام الطبقي وحماية مصالح العمال ، ويعتمد مستقبل روسيا إلى حد كبير على طول حكم البلاشفة. عاجلاً أم آجلاً ، ستعود روسيا إلى مسارها الطبيعي للتنمية ، لكن كلما طالت الديكتاتورية البلشفية ، كلما كان مسار العودة هذا أكثر إيلامًا.
يعتقد بليخانوف أن الدولة لا يمكن أن تصبح دولة عظيمة طالما مواطنوها فقراء ، وما يحدد العظمة الحقيقية لبلد ما ليس أراضيها الشاسعة أو حتى تاريخها الطويل ، ولكن تقاليدها الديمقراطية ومستويات معيشة المواطنين. بما أن المواطنين ما زالوا يعانون من الفقر ، وطالما أنه لا توجد ديمقراطية ، فلا يمكن للبلد أن يضمن حدوث اضطرابات اجتماعية أو حتى انهيار.
توقع تقادم نظرية ماركس البروليتارية
كما تنبأ بليخانوف في وصيته بأن "دكتاتورية البروليتاريا كما يفهمها ماركس لن تتحقق أبدًا ، الآن أو في المستقبل". والسبب هو أن عدد المثقفين يتزايد بوتيرة أسرع من البروليتاريا ، وبالتالي فإن دورهم في الإنتاجية قد ازداد. في المقام الأول ، ستؤدي زيادة عدد المثقفين إلى تغيير جذري في البيئة الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك ، يعتقد بليخانوف أن "الرأسمالية لن تُدفن قريبًا" ، ويعتقد أن "الرأسمالية هي بنية اجتماعية مرنة ، تستجيب للنضالات الاجتماعية ، وتتغير باستمرار وإنسانية". لذلك فإن "الرأسمالية لا تحتاج إلى حفاري القبور".








زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135



#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار- العدد 62
- المسار- العدد 61
- المسار- العدد 60
- المسار- العدد 59
- المسار- العدد 58
- المسار- العدد 57
- المسار- العدد 56
- المسار- العدد 55
- المسار- العدد 54
- المسار- العدد 53
- المسار- العدد 52
- المسار- العدد 51
- المسار- العدد 50
- المسار- العدد 49
- المسار- العدد 48
- المسار- العدد 47
- لا للتطبيع لا للأنظمة التابعة
- المسار- العدد 46
- المسار- العدد 45
- المسار- العدد 44


المزيد.....




- رد فعل المارة كان صادما.. شاهد لص يهاجم طالبة في وضح النهار ...
- شاهد.. عراك بين فيلة ضخمة أمام فريق CNN في غابات سيريلانكا
- وزارة الصحة في غزة: 37 شخصا قتلوا خلال الـ 24 ساعة الماضية.. ...
- الضربة الإسرائيلية على إيران.. صور أقمار صناعية حصرية تظهر ا ...
- الحرب على غزة في يومها الـ 197: قصف على رفح رغم التحذيرات ال ...
- غرسة -نيورالينك- الدماغية: هل تستولي الآلة على ما بقي لنا من ...
- وزارة الدفاع الروسية: أوكرانيا هاجمت أراضينا بـ 50 طائرة مسي ...
- العراق.. قتلى في قصف على قاعدة للجيش والحشد الشعبي
- فرقاطة ألمانية تنهي مهمتها ضد الحوثيين في البحر الأحمر
- وفاة رجل أضرم النار في نفسه وسط نيويورك.. ماذا قال في بيان م ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 63