أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي سليمان - الرواية واسيرة الذاتية خصام أو توافق















المزيد.....

الرواية واسيرة الذاتية خصام أو توافق


محمد علي سليمان
قاص وباحث من سوريا


الحوار المتمدن-العدد: 7886 - 2024 / 2 / 13 - 16:47
المحور: الادب والفن
    


يصنف النقاد الرواية السيرية كناتج تركيب الرواية والسيرة الشخصية. فإذا كانت الرواية خيالاً روائياً يستفيد من السيرة الشخصية، وكانت السيرة الشخصية واقعاً اجتماعياً يستفيد من الخيال الروائي، فإن الرواية السيرية هي حالة متعادلة من الخيال الروائي وواقع السيرة الشخصية، وقدرتها تظهر في الحفاظ على هذا التوازن. ومنذ وجدت الرواية كشكل أدبي لم تغب السيرة الشخصية عن الرواية، فالروائيون لم يبعدوا حياتهم وأفكارهم عن الروايات التي يكتبونها ولكن كانت حياتهم، بشكل عام، لا تظهر طاغية على الرواية وكانت تتوزع على شخصيات الرواية، فرواية الرحلة إلى أوروبا اعتمدت على حياة الروائيين الشخصية في أوروبا (طه حسين، توفيق الحكيم، صباح محي الدين، سهيل إدريس، صنع الله إبراهيم، عبد الحكيم قاسم..)، وظهر ذلك في أول رواية عربية في العصر الحديث " تخليص الإبريز في تلخيص باريز " للطهطاوي الذي اعتمد على سيرته الشخصية، الفكرية في أوروبا كإمام بعثة من بعثات محمد علي باشا. كما اعتمد نجيب محفوظ على سيرته الشخصية والفكرية والسياسية في كتابة روايته " الثلاثية " وخاصة الحياة الفكرية في رسم شخصية كمال والحياة السياسية في رسم شخصية فهمي. كما اعتمد المازني على سيرته الشخصية في كتابته الروائية: إبراهيم الكاتب وإبراهيم الثاني.
وكان دانيال مندلسون قد كتب مقالاً بعنوان " نهاية الرواية وبداية السيرة الذاتية " أشار فيه إلى أن " الحقيقة التي نطلبها وسعى إليها من قراءة الروايات مختلفة عن الحقيقة التي نسعى إليها من قراءة المذكرات. فاروايات/ يمكننا القول، تمثل حقيقة عن الحياة، في حين أن كتب المذكرات والسرديات الشخصية تمثل الحقيقة عن أشياء محددة حدثت بالفعل ". ويرى التداخل بين الرواية والسيرة الذاتية منذ ظهرت الرواية كشكل أدبي حديث، حيث جاء في مقاله " أن دانييل ديفو أقدم روائي كتب باللغة الإنكليزية في التاريخ ألف الكثير من رواياته على شكل مذكرات، مما عقد العلاقة بين النوعين بصورة ظلت مربكة حتى وقتنا الحالي " . وربما تكون رواية " الخماسين " للروائي غالب هلسا، بشكل من الأشكال، نهاية الرواية وبداية عصر السيرة الذاتية روائياً، فالروائي غالب هلسا يظهر في الرواية شخصياً كراو للأحداث الروائية، وهو يرويها من خلال علاقاته مع شخصيات الرواية الأخرى، بل أنه يجعل تلك الشخصيات تقرأ ما كتب عنها بحيث يتزامن زمن الرواية مع زمن القص " عندما قرأت ليلى ما كتبه عنها أقبلت عليه ضاحكة وهي تقول: يا سلام، حاجة حلوة " (ص5). كما أن ليزا الأمريكية تقول " هكذا يا غالب سوف تكتب عني شيئاً في روايتك.. أليس هذا رائعاً، يا غالب، سوف أكون ذات شأن. لكن ماذا يمكن أن يقال عن المسكينة ليزا؟ وبالمناسبة، هل يكتبون الروايات في هذه الأيام بأن يدوروا بأوراقهم وأقلامهم بين الناس ويطلبون إليهم أن يحكوا تاريخ حياتهم؟ أين الخيال إذن؟ يا للعار يا غالب! عليك أن تخجل من نفسك وأنت تحمل أوراقك هكذا " (ص40). و" قالت له أنه بالطبع سوف يكتب عما حدث الليلة. في كل خطوة يخطوها كان يدبر. كان يكون كلاماً. وهذا وحده كاف للحكم عليه أنه بلا أخلاق. إن الحياة بالنسبة له وسيلة للاستعمال. هو بهذا يهين نفسه ويهين كل إنسان له به صلة.. استمرت تتكلم دون أن تأبه لمقاطعته قائلة إنها تشمئز من كل عضو من أعضاء جسدها تراه مجرد موضوع تأمل " (ص57). ويكتب غالب أيضاً في روايته الخماسين " ولهذا فأنا في الحقيقة لا أكتب إلا عن نفسي " . وقد مضت الروائية علوية صبح على هذا الطريق حتى نهايته " مين قلك حتى لو عرفتيني وقت طويل حتعرفيني بالكامل لتكتبي عني. قومي اكتبي وأنت عم تكتبي رح تصيري تستهدي، وممكن بتصيري تعرفيني. وما تنسي أنه الكتابة دايماً ناقصة.. ونهلا تلكزني كي أكتب روايتها.. ولكن لا تغيري شيئاً في كتابة القصة، فأنتم الكتاب تكذبون ويتدخل خيالكم في الحكاية. وأعرف أنك غيرت مصير دنيا في رواية دنيا. لا، أنا أريد قصتي كما هي " (ص6، 8 ،9). وهناك من الروائيين مثل خليل النعيمي من يصرح منذ البداية باعتماده في كتابة رواية " القطيعة " على سيرته الذاتية " أنا خليل النعيمي، من البوادي والسراح، في الثامنة والخمسين، وسنوات أخر، أخرج، أخرج من البلاد والعباد، أخرج إلى العباد والبلاد _ ص7 " . كما أن عبد الحكيم قاسم يعتمد السيرة الذاتية في روايته " أيام الإنسان السبعة " ورواية " قدر الغرف المقبضة " فإنه أيضاً كتب روايته " محاولة للخروج " بالاعتماد على السيرة الذاتية، ويقول عنها " أنها رواية غير منتحلة، بل هي أنا " .
وهذا ما فعله أيضاً حليم بركات في أكثر من رواية من رواياته حيث التجأ إلى سيرته الشخصية في كتابة روايته، واستخدم في المراحل الأولى السيرة الذاتية بحيث لا تقوض الشكل الروائي، ذلك أن قناع الرواية كان ما يزال هو المسيطر على العمل الأدبي، كما أن عالم الاجتماع لم يكن يغيب بدوره عن المقال الروائي، ولكنه هو الآخر ظل ضمن حدود الشكل الروائي. فحتى رواية " الرحيل بين السهم والوتر " كان ما يزال قناع الرواية هو المسيطر، وهو يستخدم سيرته الذاتية، كما أن عالم الاجتماع لا يغيب عن المقال الروائي _ زيارة الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، ومناقشة تحرر المرأة العربية على خلفية نظرية هشام شرابي في كتابه " البنية البطركية ". ولكن في المرحلة المتأخرة من حياة حليم بركات بدأ يطغى عالم الاجتماع على الروائي في رواياته، حتى أصبحت روايته تبتعد عن جنسها الأدبي كرواية وتقترب من السيرة الذاتية والتأملات الاجتماعية، وبما أن المقال الفكري للرواية (مقال الكاتب) الذي يفضل أن يبقى مختفياً خلف المقال الروائي (مقال الشخصيات) أخذ يزحف على المقال الروائي حتى أصبح وكأنه المقال الروائي، وهذا ما أظهر رواية حليم بركات وكأنها بحث في علم الاجتماع.
لقد هاجر حليم بركات إلى أمريكا هرباً من الحرب الأهلية اللبنانية، وتحولت الهجرة المؤقتة إلى هجرة دائمة و" وجدت نفسي في المنفى لا أدري أهو نفي طوعي أم قسري " كما يقول في رواية " المدينة الملونة " ، ويتابع " إنني أتوق إلى زيارة حلب أو دمشق لأنعم بما أظنه أقرب ما يكون إلى ثقافة عربية أصيلة لكثرة ما تعبت نفسي بعد كل هذا الغياب بما يسمى حضارة غربية حديثة " (ص 19). ورواية " طائر الحوم "، هي سيرة شخصية روائية تحكي حكاية ذلك التوق إلى حضارة عربية أصيلة لكن في قريته الكفرون، كما أن رواية " المدينة الملونة " هي أيضاً سيرة شخصية روائية (كما أنها سيرة روائية لمدينة) وهي أيضاً تحكي حكاية ذلك التوق لكن هذه المرة إلى مدينة بيروت. وأيضاً رواية " مجنون الأمل " للشاعر عبد اللطيف اللعبي. ولكن لا بد من وقفة مع رواية " زهرة العمر " لتوفيق الحكيم. لكن قبل ذلك لا بد من الإشارة إلى رواية محمد شكري " الخبز الحافي "، وهي بدأت من خلال علاقة محمد شكري مع الكاتب البريطاني بول بولز، حيث قام بولز، من ضمن مشروع لتسجيل حياة الفتيان في مدينة طنجة، بتسجيل سيرة حياة محمد شكري التي تحكي ظروف معيشته في قاع المدينة، ويتكلم محمد شكري فيها بصراحة وجرأة عن حياته الجنسية المثلية، وحياة التشرد، وعلاقته مع البغايا والعاهرات والمخدرات بحيث تجاوز كل المحرمات. وقد نشر بولز النص المكتوب على شكل سيرة ذاتية روائية باللغة الإنكليزية، ثم صدر باللغة العربية.



#محمد_علي_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2 مرة أخرى تنوير عربي جديد: سوسيولوجيا الفضيلة
- تنوير العقل العربي ؛ على هامش كتاب - الطرق إلى الحداثة -
- الواقع وتمظهره الأدبي
- أفضل العوالم أفضل العصور القسم الثاني
- أفضل العوالم أفضل العصور
- عبد الرحمن بدوي ومقال التنوير: رواية - هموم الشباب -
- بهاء الطاهر والعلمانية: رواية - خالتي صفية والدير -
- فاوست العربي الإنسان العربي الفاعل اجتماعياً
- أمواج فصل من قصة
- حول - الكتلة التاريخية -
- تقدموا وتأخرنا: حول التقدم والتأخر
- العولمة: أمركة العالم
- رواية المجتمع مجتمع الرواية
- عن مهدي عامل والبنية الاجتماعية الكولونيالية
- الصدق في الأدب
- نظرية الأدب والزمن
- الرواية العربية وتحرير المرأة
- دروب الابداع: الروائي وشخصياته
- المخطوط القديم
- حول النخبة العربية المفكرة


المزيد.....




- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...
- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...
- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 
- 865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع ...
- -شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي سليمان - الرواية واسيرة الذاتية خصام أو توافق