أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله عطوي الطوالبة - مفهومنا للشرف














المزيد.....

مفهومنا للشرف


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7886 - 2024 / 2 / 13 - 13:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مفهومنا للشرف.

من أفضل ما قرأت في تعريف الشرف، ما ذهب إليه ارنستو تشي جيفارا إذ يقول:"الشرف هو أن تقول دائماً ما تعتقد، وأن تفعل دائماً ما تقول"٠ في هذه المعادلة عميقة المغزى، تتراءى لكل متأمل محددات رئيسة متعارف عليها للشرف، وتتمثل بالصدق وان يكون للإنسان شخصية واحدة وحياة واحدة. أما ربط القول بالإعتقاد، فيلوح لنا من خلاله محدد ثالث للشرف، يتعلق بالثقافة التي تشكِّلُ معتقدات أتباعها. هنا، من هذه الزاوية تحديداً، يظهر التمايز في فهم الشرف. للتوضيح أكثر بخصوص دور الثقافة في تحديد مفهوم الشرف، نستحضر حادثة إقدام الصحفي العراقي منتظر الزيدي على قذف الرئيس الأميركي الأسبق بوش الابن بحذائه، يوم 14 كانون الأول 2008 في بغداد. في الثقافة الأميركية، يُنظر إلى هذا الفعل في سياق الإثارة ولفت الإنتباه ليس أكثر.
يقول الرئيس المستهدف بخصوص ما حدث بالحرف:
" كل ما أقوله أن الحذاءَين كانا مقاس عشرة. ما حدث يشبه الذهاب إلى تجمع سياسي فتجد الناس يصرخون فيك، إنها وسيلة يقوم بها الناس للفت الإنتباه. لا أعرف مشكلة الرجل، لكني لم أشعر ولو قليلاً بتهديد"٠ اللافت أكثر من تعليق بوش الإبن، أن رجال الأمن الأميركيين المرافقين له حاولوا حماية منتظر الزيدي مما لقيه من" أبناء وطنه"، وكانوا يسألونهم ويكررون السؤال: لماذا تضربونه؟!
هذا ما قال منتظر الزيدي نفسه على إحدى الفضائيات، وهو يصف ما حلَّ به على يد موظفي الأمن العراقيين من ضرب بلا رحمة، وهو يصرخ فيهم: هذا الذي دمَّر بلدنا، ضربته عشانكم وعشان شعبنا... "٠ الأيدي والأرجل، التي انهالت على الزيدي بالضرب المبرح والركل من دون رحمة، حَرَّكتها ثقافة ترى أن قذفَ شخص بالحذاء اهانة تلامس تخوم الكبائر. فكيف عندما يكون المستهدف رئيس أميركا، وهو في ضيافة الحاكم، ويعقدان معاً مؤتمراً صحفياً مشتركاً؟!
ثقافة انفعالية، انتجت رد فعل فورياً عنيفاً. وقد كان بالإمكان المسارعة إلى إخراج الزيدي من القاعة، والأخذ بنظر الاعتبار أن ما أقدم عليه هو الآخر، فعل عاطفي تجاه من أمر باحتلال العراق وتدميره.
ولو حصل ما أقدم عليه الزيدي في أي بلد عربي، فإن رد الفعل سيكون ذاته، وقد يصل إلى القتل.
فإذا كان مفهوم الشرف في الثقافات الغربية يرتبط بالعمل بكل ما يعنيه ويرمز اليه لجهة الإبداع والإتقان والإنجاز، فإن ثقافتنا تفرد مساحة كبيرة لربط الشرف بالجسد في اتجاهين مختلفين. فالجسد رمز الشرف المصون والمقدس، وبالتالي فالحفاظ عليه وصونه حماية للشرف. وفي اتجاه مغاير، الجسد علامة الدنس والخطيئة، ويمكن قتله دفاعاً عن الشرف، وبالذات جسد المرأة.
تأسيساً على ما تقدم، أعتقد أن بمقدورنا الحديث عن تفريع ثلاثي لمفهوم الشرف.
الفرع الأول، يخص ثقافتنا العربية، حيث يُقرن الشرف بالجسد، وبشكل خاص جسد المرأة. وفي تعليق الآثام والخطايا على شماعة المرأة جسداً وسلوكاً، تكريس لمركزية الرجل وسيطرته، باعتباره رمز الفضيلة والمدافع عنها. هذا المفهوم للشرف يحرسه رجال الدين، وبخاصة وعاظ السلاطين منهم، لخدمة مصالح قوى سياسية واجتماعية بعينها بهدف تثبيت سلطة الإستبدادين، السياسي والديني. ويتجلى ربط الشرف بجسد المرأة فيما يُعرف ب"جرائم الشرف". ولا ندري ما الحكمة من ربط الشرف بالقتل والاجرام؟!
فالقاتل لا يمكن أن يكون شريفاً، وخاصة إذا تبين أن الضحية بريئة قُتلت بالشبهة.
الفرع الثاني للشرف، يتراءى مفهومه في الإجابات على تساؤلات، بعضها يفرض نفسه في مجتمعاتنا العربية بهذا القدر أو ذاك، كل يوم.
فأين الشرف من الكذب، والنفاق، والغش، والسطو على المال العام، وعدم الإخلاص في العمل؟!
وهل يستقيم الكلام عن الشرف مع السكوت على الظلم والفساد، والدوس على قيم العدالة والمساواة وحرية الإنسان وحقوقه؟!
وماذا عن الفقر والبطالة؟!
أليس لتفشي هاتين الآفتين تداعياته الإجتماعية التي تمس الشرف بمفهومه السائد في ثقافتنا، ناهيك بأخطارهما على الأمن الاجتماعي والأداء الاقتصادي؟!
الفرع الثالث للشرف، في حالتنا العربية بخاصة، يُفترض البحث عنه في مستوى تداعي الجسد العربي لتحرير الأرض المحتلة، ووضع حدٍّ للعدوان المتواصل علينا منذ 75 عاماً وإزالة آثاره. كلام يبدو غريباً، في ظل الإختراق الذي حققه كيان الاحتلال في علاقاته مع النظم العربية. لكن الاتفاقيات المُذلَّة مع الكيان، فرضتها موازين القوى والضغط الأميركي وقُصر النظر، على حساب الحقوق المغتصبة. وهي بذلك، لطخة في جبين الشرف بكل المعايير.
إن أية مقاربة جادة لمفهوم الشرف في إطار التفريع الثلاثي المتضمن في السطور السابقة، لا بد ستلحظ أن الفرع الأول أكثرها حظاً في التطبيق الفعلي والمبالغة فيه، بمعنى أن ثقافتنا تنزع إلى ربط الشرف بجسد المرأة.
ونختم بمقاربتنا الخاصة بالصدد، وفحواها أن الشرف يعني امتلاك الإنسان لحريته وحصوله على حقوقه والعيش بكرامة وأمن وسلام.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكشة مخ (3)
- إلى متى السكوت على هذا الإختراق الثقافي؟!
- نكشة مخ (2) التوريث السياسي في تاريخنا !
- من تجليات ثقافة العبودية !
- نكشة مُخ (1)
- هذا ما تريده أميركا بالضبط !
- هذا ما تريده أميركا بالضبط!
- رسالة إلى أبناء جلدتنا الإسلامويين*
- هل كان العرب قبل الإسلام في جاهلية ؟!
- العودة المستحيلة !
- توراتهم تؤكد سفالتهم تاريخياً
- لماذا هذا الارتباك والتلعثم والخوف؟!
- 7 أكتوبر...لماذا القلق الصهيوني؟!
- كذبة تاريخية !
- عبودية العقل !
- إضاءات على أساطيرهم(7)
- إضاءات على أساطيرهم(6)
- إضاءات على أساطيرهم(5)
- إضاءات على أساطيرهم (4)
- حرب تكسير الأساطير !


المزيد.....




- الدفاع الروسية تعلن حصيلة خسائر القوات الأوكرانية خلال 24 سا ...
- طبيبة تبدد الأوهام الأساسية الشائعة عن التطعيم
- نتنياهو يعيد نشر كلمة له ردا على بايدن (فيديو)
- ترامب: انحياز بايدن إلى حماس يقود العالم مباشرة إلى حرب عالم ...
- إكسير الحياة وطارد الأمراض.. هذا ما تفعله ملعقة واحدة من زيت ...
- المبادرة المصرية تدين الحكم بحبس المحامي محمد أبو الديار مدي ...
- مقابل إلغاء سياسات بيئية.. ترامب يطلب تمويلا من الشركات النف ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف آثار تعليق شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إ ...
- -حماس- تعلن مغادرة وفدها القاهرة إلى الدوحة
- الملوثات الكيميائية.. القاتل الصامت في سوريا والعراق


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله عطوي الطوالبة - مفهومنا للشرف