أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - صناعة السّعادة














المزيد.....

صناعة السّعادة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 7883 - 2024 / 2 / 10 - 22:12
المحور: الادب والفن
    


#خواطر_هذا_الأسبوع

هل بإمكاننا أن نصنع السّعادة؟
أقصد هل بإمكاننا أن نحسّ بالسّعادة إذا قرّرنا ذلك في داخلنا؟ هل يمكن أن نجدها إذا بحثنا عنها؟
ما هي السّعادة؟ هل هو مكانٌ نسعى إليه أم هو كائنٌ ينتظرنا في داخلنا؟
البارحة لم يكُن مزاجي على ما يُرام على الإطلاق. تركتُ عملي مبكرة، ومشيتُ ساعاتٍ على متنزّه البحر والحزن يسود قلبي ويطاردني إلى كلّ مكان. وقفتُ أتأمّل البحر وموجاته المتلاحقة فلم أشعر سوى باليأس الذي ينهش صدري، حتى ضجرتُ نفسي ومن كلّ شيءٍ من حولي.
هذا الصّباح، وبعد ليلة لم أذُق فيها طعم النّوم، عندما خرجتُ إلى الشّرفة التي تطلّ على حديقة بيتي الخضراء، ولمحتُ العصافير تغرّد وتتراقص على أغصان شجرة المشمش احتفاءً بالصّباح، وهبّ على وجهي نسيم الصّباح المُعطّر برائحة النعناع والميرامية والزّعتر، أحسستُ أنّ السّعادة يمكنها أن تكون قريبة، وقرّرتُ بيني وبين نفسي: اليوم سأصنع سعادتي.
فتحتُ الرّاديو في طريقي إلى العمل، خلال سياقتي السيّارة، وأحسستُ بلذّةٍ خاصّة تتغلغل في نفسي مع نغمات الموسيقى الكلاسيكية الجميلة التي انسابت من الراديو برقّة وحنان، وأحسستُ بلذّة خاصّة وأنا ألقي نظرة إعجابٍ طويلة نحو قمّة جبل الطّور التي غشّاها الضّباب هذا الصّباح، بعد أيّام متتالية من تساقط الأمطار في شباط. فخطر لي السّؤال: هل السّعادة هي أن نمتلك ما نحبّ، أم أن نحبّ ما لدينا؟
خلال العمل، رسمتُ الابتسامة على شفتيّ وحاولتُ جاهدة إقناع نفسي بأنّني سعيدة، وكلّ مرة سألني فيها أحدهم عن حالي، أجبتُ وأنا أصطنع الابتسامة العريضة: «كتير منيحة.»
مدهشٌ كم من مرّة يسألونني عن حالي خلال النّهار، وأنا أردّ بأنّني بخير دون أن أفكّر أصلا بحالي؟! هذا ما خطر لي حين التقيتُ بزميلتي في العمل، التي لم أرَها منذ أسبوعين، حيث كانت قد تغيّبت عن العمل بسبب المرض، وكانت ابتسامتها الجميلة، التي لا تفارق وجهها رغم كلّ شيء، تلمع على شفتيها، كما دائمًا. كلّما رأيتها وأنا أتعجّب: كيف تتمكّن من الإبقاء على ابتسامتها حيّة، مشعّة، طوال الوقت؟ وهل ستبقى كذلك حتى بعد عشرة أعوام من الآن؟؟ عشرين؟؟
قرّرتُ أن أسألها ذلك: «كيف نحافظ على ابتسامتنا كلّ يوم رغم منغّصات وصعوبات الحياة؟»
فأطلقت ضحكةً مرحة لسماع ذلك، وأجابت: «لا يمكن أن يبقى كلّ شيءٍ على ما يُرام طوال الوقت، يا عزيزتي، لكن بإمكاننا أن نتفاءل بالخير، ما دمنا نتمتّع بالصّحة، بالعائلة والأصدقاء. ربما لا نملك الملايين في حساب البنك، ولكنّنا نعمل ونجتهد.»
اقتنعتُ بكلامها، وتذكّرتُ ذلك القول الذي لا أدري أين سمعته: هناك من يلاحقون السّعادة كلّ حياتهم دون أن يتمكّنوا من إمساكها، وهناك من يصنعونها بأيديهم.
حتّى تلفوني رنّ كثيرًا هذا اليوم، على غير العادة، وأحسستُه سعيدًا وأنا أردُّ كلّ مرة بأرقّ نبرات صوتي، أقنع نفسي بأنّني سعيدة. حقًّا أنا سعيدة! حتّى كدتُ أن أصدّق كذبتي!
أفِلت الشّمس وحلّ الظلام. وعندما جلستُ على الأرائك مساءً مع عائلتي وفتحتُ التلفزيون، وأصابتي صاعقة الأخبار، فكّرتُ بيني وبين نفسي: كيف يمكن للمرء أن يصنع السّعادة وهو يرى ويسمع تلك الأخبار التي تهزّ البدن وتزلزل الوجدان؟

كفر كما
10.2.2024



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرا، خصوصية وغضب
- «أجنحة الذّاكرة» لحظاتٌ من الانكشاف والاكتشاف
- شيءٌ عن الحياة الثقافيّة في الناصرة
- قراءة في رواية (إلى أن يزهر الصّبّار) - ريتا عودة
- أمسية أدبية للكاتب ناجي ظاهر في مؤسّسة تنوير في حيفا
- إضاءة على (بعد أن كبُر الموج)
- أماني 6
- أماني 5
- أماني 4
- أماني 3
- أماني 2
- أماني 1
- مسرحجي حدث ثقافي يجب دعمه
- جميلة
- الحمرة الفاقعة
- المرأة الأخرى
- «حياة جديدة» إصدار جديد للكاتبة حوا بطواش
- «ذات الشعر الأحمر» استكشاف للعلاقة الصراعية بين الآباء والأب ...
- سألتزم الصمت
- «بورتريه» الحب وتقلّبات الزمن


المزيد.....




- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”
- المجتمع المدني بغزة يفنّد تصريح الممثل الأوروبي عن المعابر و ...
- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - صناعة السّعادة