أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أماني 3














المزيد.....

أماني 3


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 7498 - 2023 / 1 / 21 - 20:52
المحور: الادب والفن
    


- 3 –
حديث على الصّخرة

بعد أن أشرفت الساعة على الثامنة دون أن تظهر أماني، قمتُ من مكاني واستدرتُ للعودة.
وفجأة...
لمحتُها على بعد أمتار قليلة مني، واقفة تتأمّل البحر، وعندما رأتني، اقتربتْ مني. توقفتْ أمامي يشعّ منها سحرٌ عجيبٌ.
«ماذا تفعل هنا؟» قالت أمام دهشتي.
لا أدري لِم خفق قلبي بشدة. «أنا...» تمتمتُ. «...كنتُ... جالسًا فقط.»
ابتسمتْ قليلا. «رأيتكَ من بعيد ولم أشأ أن أزعجك.»
«لم تزعجيني.»
«أحيانا لا نودّ أن يقتحم أحدٌ عزلتنا، فما بالك إذا كنا أمام البحر.»
تردّدتْ كلماتها في ذهني. أحيانا لا نشعر بقيمة الأماكن إلا بحضور الآخرين، أردتُ أن أقول، ولكني تراجعتُ، وقلتُ لها بنبرة جدّية: «للبحر سحرٌ لا يعلمه إلا عشّاقه.»
هزّتْ رأسها موافقة.
اقتربتْ وجلستْ على الصّخرة، ثم رفعتْ نظرها إليّ. «كنتَ تنتظر أحدًا؟» سألتْ فجأة.
«لا!» اندفعتُ لنفي ذلك، ثم سرعان ما استدركتُ الموقف، وقلتُ بنبرة أكثر هدوءًا، لا تخلو من الحرج: «أعني... لا.»
ابتسمَتْ مرة أخرى واستدارتْ نحو البحر. عرفتُ أنّني لم أكن مقنعًا، لكنّها لم تقُل شيئا. أشارت إليّ بعينيها للجلوس.
جلسنا على الصّخرة... يلفّنا الصّمت... والبحر.
بعد دقيقتين، بادرتني بسؤالها: «منذ متى تعيش هنا؟»
«منذ خمسة عشر عاما.»
«وقبل ذلك؟»
«كنتُ أعيش في قرية صغيرة في الجليل.»
لَم تسألني عن اسم القرية. أضفتُ سائلا: «وأنتِ؟»
«منذ أسبوعين.»
«ماذا؟»
«أعيش هنا.»
«وقبل ذلك؟»
سرحتْ قليلا... ثم أجابتْ: «كنتُ أعيش في إيلات*.»
«حقا؟؟»
ردّت بعينيها علامة الإيجاب.
«ذلك بعيد.» قلتُ وفي داخلي أتوق لسماع التفاصيل، لكنها ابتسمت فقط ولم تعلّق بشيء.
ثم سألتُها: «ولماذا اخترتِ عكا بالذّات؟»
«بسبب البحر.»
«إذن، لا بد أنكِ عرفتِه من قبل.»
«طبعا. كنتُ آتي إلى هنا كثيرا، فقريتي لم تكن بعيدة.»
«ولماذا تركتِها؟»
«كي أتعلّم في الجامعة.»
«ولم تعودي؟»
هزّت رأسها علامة النفي.
أحسستُ أنها لا تودّ الخوض في الموضوع، وأنا لم أرغب في الإثقال عليها بمزيد من الأسئلة. لكن، رغم ذلك، قلتُ لها: «إذن، لا بد أنكِ مشتاقة إليها.» ولم تخفَ نبرة الفضول التي في صوتي.
«لا.» ردّت ببساطة. «لا أفكّر في ذلك. لا أفكّر في الماضي، أتطلّع إلى المستقبل فقط.» تنهّدتْ، ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامتها الوقورة، وأنا أرخيتُ عنها نظري في الحال. أحسستُ كأنها من تلك الأماني الكثيرة التي كانت مؤجلّة طويلا في حياتي.

يتبع...
..............................................................................
* إيلات – أبعد مدينة سياحية في جنوب فلسطين على ساحل البحر الأحمر، تُعتبر ملجأ للباحثين عن العمل والحرية.



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أماني 2
- أماني 1
- مسرحجي حدث ثقافي يجب دعمه
- جميلة
- الحمرة الفاقعة
- المرأة الأخرى
- «حياة جديدة» إصدار جديد للكاتبة حوا بطواش
- «ذات الشعر الأحمر» استكشاف للعلاقة الصراعية بين الآباء والأب ...
- سألتزم الصمت
- «بورتريه» الحب وتقلّبات الزمن
- المجهود، القدر والقطة سوشي
- «العميد» مأساة اللاجئين في المخيمات السورية
- أمل بلا نهاية
- شخصيات كرهتها في مسلسلات رمضان
- اختيار
- وقفة مع الذات
- «مسافة أمان» مساحة من الفرح والعذاب
- رسائل ليست كالرسائل
- ثمن الاختيار
- أحبّك اليوم


المزيد.....




- -بعد أزمة قُبلة المعجبة-.. راغب علامة يكشف مضمون اتصاله مع ن ...
- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...
- صدر حديثا ؛ إشراقات في اللغة والتراث والأدب ، للباحث والأديب ...
- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أماني 3