أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - «أجنحة الذّاكرة» لحظاتٌ من الانكشاف والاكتشاف














المزيد.....

«أجنحة الذّاكرة» لحظاتٌ من الانكشاف والاكتشاف


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 7660 - 2023 / 7 / 2 - 22:50
المحور: الادب والفن
    


قراءة في كتاب: «أجنحة الذّاكرة» للكاتب ناجي ظاهر

بقلم: حوا بطواش

«أجنحة الذّاكرة» هو كتابٌ مميّزٌ عن مجالسَ نصراويّةٍ وشخصيّاتٍ مؤثّرةٍ في سماء ذاكرةِ كاتبٍ مميّز، يستعيد فيه ذكرياتٍ شخصيةً حول مجالسَ أدبيّةٍ تنقّل بينها وعاشها بملء جوارحه، ذكرياتٍ كان لها الأثر الأكبرُ في حياة كاتبنا ناجي ظاهر.
ناجي ظاهر هو قاص، شاعر وروائيّ فلسطينيّ، ولد في مدينة الناصرة لعائلة مهجّرة من قرية سيرين قرب بيسان عام النكبة. عمل في الصّحافة منذ أكثر من ثلاثين عامًا وكتب القصّة القصيرة والشعر والرواية والمقالة الأدبية. صدر له قرابة الستّين كتابًا منها 20 في مجال القصّة.
بأسلوبه الشّفّاف والمميّز يأخذنا ناجي ظاهر في رحلة إلى الماضي، لينبُش في أعماق الذّاكرة، ويخبرنا عن تلك المجالس والشخصيات التي كان لها أثرٌ لا يمّحى في نفسه الأدبيّة والإنسانيّة، شخصياتٍ بعثت في نفسه الفرح، عصفت بذهنه، واستلهم منها الكثير من قصصه وكتاباته، ومجالسَ جمعته بعشّاق الكُتب والأدب والثقافة والفن، أثرَتْ تفكيره، أثارت خياله الخصب، وساهمت في بناء شخصيته الأدبيّة والإنسانية الفردية.
يحدّثنا ناجي ظاهر عن تلك المجالس التي تبادل فيها الكتب والآراء مع الآخرين، شهد فيها مناقشاتٍ وحوارات عميقةً في القضايا الأدبية والثقافية وكلِّ القضايا الملحّة في المجتمع، تلك المناقشات التي كانت أُحدث عصفا فكريا واحتكاكا لا بدّ منه لإشعال موقد الكتابة والإبداع.
وهنا، سؤالٌ يراود الذّهن: لماذا نعود إلى الماضي؟
هل من المهمّ أن نعود إلى الماضي؟ هل العودة إلى الماضي آلية يستخدمها عقلنا لتحسين حالتنا النفسية ولتحسين مزاجنا، عندما نواجه صعوبات في التكيّف مع الحاضر وعند الشعور بالوحدة؟
كثيرا ما نعود بذاكرتنا إلى الماضي، تحضرنا ذكرياتٌ حلوةٌ تثير فينا الشوق والتّوق لمعانقة تلك الأيام التي تغيّرت كثيرا في الحاضر، وذلك الماضي الذي لم يعُد له وجود. نحِنّ إلى الماضي. نبحث عن الأصالة، والبراءة، نتغنّى بالماضي الذي نراه أجمل من الحاضر، فتحضرنا صورٌ كثيرةٌ من الطفولة ببراءتها وسذاجتها، هدوئها وبساطتها.
ويعتقد البعض أن الحنين إلى الماضي مهمٌّ للصّحّة العقليّة والنفسيّة، وأن له فوائدَ جسديةً وعاطفية؛ وأنه أسلوبٌ ناجحٌ في محاربة الاكتئاب وقتيًّا، يعزّز الثقة بالنفس والنضج الاجتماعي. فهل هو ردُ فعلٍ لخللٍ ما في الحاضر، وعدم استقراره؟
الذاكرة المتقلّبة عادةً تغربل الذكرياتِ الأقل حلاوة، وفي ذات الوقت تربِط الذكريات الحلوة بالذاكرة المثالية التي غالبًا تكون مبالغة بها ومليئة برغبات القلب. الماضي الذي نراه رائعًا يحمي الإنسان من صعوبات الحاضر.
أمّا كاتبنا ناجي ظاهر فيقول في كتابه إنه يعود إلى الماضي بهدف فهم الحاضر وتسديد الخطى نحو المستقبل المنشود، ويرى أن التجربة هي ما يبقى بعد مضيّ الأزمان، وأن عمقَها هو ما يشفع لها في الإطلال بقوة على الحاضر من سماء الماضي.
كاتبنا ناجي ظاهر عاش حياةً كانت سلسلة من الصالونات والمجالس المؤثّرة، مثل مجلس المعلم طه الهادئ العميق، ومجلس الفاهوم المتروّي الأنيق، مجلس جمال قعوار ومجلس المطعم الشعبيّ، وغيرها... لكن أولَّها، وربما أكثرها تميّزًا بالنسبة لي، كان مجلس السيّدة قادرية (آدو) التي يعتبرها كاتبنا معلّمتَه ومرشدتَه الأولى أيام كان طفلا صغيرًا يحبو على عتبات الحياة.
وهنا، يعرض الكاتب ملامح سيّدةٍ فريدة من نوعها كان لها دورٌ رئيسيٌّ في ولادة عالمٍ كاملٍ في داخل نفسه، فمنها استمع إلى أجمل الحكايات وإليها يعود الفضلُ في اكتشافه طريقَه إلى الأدب.
وكان ذلك في بيتهم الدافئ في الحيّ الشّرقي في مدينته الناصرة. حين كان في بدايات طفولته الأولى، إذ تعرّف على جارته كفيفة البصر، السيّدة قادريّة، حيث كان من عادة أسرته أن يتبرّع أحد أبنائها، وكثيرا ما كان ذلك كاتبنا ناجي ظاهر، ليكون لها دليلا يقتادها من غرفتها الصّغيرة إلى بيتهم القريب.
وأحبّ كاتبُنا تلك السيّدة، أحبّ حكاياتِها الشّعبيّة وكان أكثر المنبهرين بتلك الحكايات التي كانت تقصّها عليهم في تلك المسامرات من حكايات تُفرح الروح وتُنعش القلب. ما حبّبه إلى ذلك المجلس وجعله ينشدّ إليه أشدّ انشداد يتعلّق بشخصية تلك الجارة التي فتحت له خزّانة الأدب والفن وأرشدته إلى ما في الحياة من ثراءٍ قصصيّ، كما حبّبه في تلك المرأة طريقتُها في سرد الحكايات، فقد كانت بارعة في إثارة التشويق لسماع حكاياتها، وذلك بتغيير نغمات صوتها بما يتناسب مع الأحداث، تسردها بأسلوبٍ يمتاز بتقديم حدث وتأخير آخر للعودة إليه فيما يلي من أحداث القصّة، وذلك ما كان يُشعل الفضول والرّغبة في متابعة أحداث القصّة.
هذه الطّريقة في الكتابة التي اتّبعها ناجي ظاهر في كتابه «أجنحة الذاكرة»، هي كتابة من إدراك النهاية، أي من إدراك تحوّل ذلك الصبيّ إلى كاتب. هذه كتابة لا تنشغل برصد اهتزازات الواقع نفسِها، انما تلك التي ترصد من الواقع لحظاتِ الاكتشاف والإدراك، التعرّف والاختيار. ومن هنا، هذا النص يبدو لي، إذن، يستحقّ صفة سيرة ذاتية مع عنوان فرعي يمكنه أن يكون: كيف أصبحتُ كاتبًا؟ لكن، من اللحظة التي ندرك فيها أن الأحداثَ الحياتيةَ المنقولةَ هنا هي عالمٌ كاملٌ متكاملٌ من الحنين إلى ماضٍ ما زال مستمرًّا حتى اليوم وإلى ما لا نهاية، تُفتحُ الطريقُ لمتعة القراءة.
أجنحة الذّاكرة، كتابٌ جميلٌ وفريدٌ من نوعه، يحلّق فيه القارئ على أجنحة الإبداع مع كاتبٍ كرّس نفسه للأدب والثّقافة، تعمّق بفكره عميقًا وانطلق به بعيدًا، وارتقى بنفسه وبفكره على طول الأيّام.



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيءٌ عن الحياة الثقافيّة في الناصرة
- قراءة في رواية (إلى أن يزهر الصّبّار) - ريتا عودة
- أمسية أدبية للكاتب ناجي ظاهر في مؤسّسة تنوير في حيفا
- إضاءة على (بعد أن كبُر الموج)
- أماني 6
- أماني 5
- أماني 4
- أماني 3
- أماني 2
- أماني 1
- مسرحجي حدث ثقافي يجب دعمه
- جميلة
- الحمرة الفاقعة
- المرأة الأخرى
- «حياة جديدة» إصدار جديد للكاتبة حوا بطواش
- «ذات الشعر الأحمر» استكشاف للعلاقة الصراعية بين الآباء والأب ...
- سألتزم الصمت
- «بورتريه» الحب وتقلّبات الزمن
- المجهود، القدر والقطة سوشي
- «العميد» مأساة اللاجئين في المخيمات السورية


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - «أجنحة الذّاكرة» لحظاتٌ من الانكشاف والاكتشاف