أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أماني 5














المزيد.....

أماني 5


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 7513 - 2023 / 2 / 5 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


- 5 –
قصة حزينة

أثارت قصة أماني فضولي واهتمامي أكثر مما اعترفتُ به أمام رائد. أردتُ أن أعرف السبب وراء انقطاعها عن أهلها وعن قريتها. وفي اليوم التالي، حين جاءت إلى مكتبي، أحسستُ برغبة جامحة بأن أفتح معها الحديث، لكن... وجدتُ نفسي عاجزًا عن فعل ذلك. بقيتُ سارحًا بدوّامة أفكاري طوال النهار.
وفي المساء، قادتني خطاي إلى المتنزّه في ساعة المغيب. كنتُ شارد الذهن، والأفكار ما زالت تغمرني. مشيتُ دون أن أرى أحدًا أمامي، لم أرَ شيئا سوى منظر الشمس المتأهبّة للغروب، تحيطها سُحبٌ رماديّة متفرّقة، تصبغ السّماء بروعة الألوان، مودّعة الدّنيا بلوحة بديعة ترسمها فوق السّماء.
عكا في ساعة المغيب تأخذك إلى عوالم سحريّة لم تختبرها من قبل، هدوء وجمال، راحة وسكينة. هدير البحر يصيبك بالخرس ويستحوذ على كل حواسك.
وبينما كنتُ واقفا كذلك مستغرقا في لجّة أفكاري، سابحًا في فضاء عالمي الخاص أمام هذا المنظر البديع، فوجئتُ بصوتٍ يناديني، كأنه هاربٌ من حلم بديع.
«وجدي؟»
استدرتُ نحو مصدر الصوت فوجدتُ نفسي وجها لوجه أمام أماني!
سمعتُها تقول بنبرة متعجّبة: «لم أتوقّع أن أجدك هنا في هذا الوقت.»
وقفتْ هناك، بملابس رياضية، تمسك بيدها قنينة ماء معدنية وتضع على عينيها نظارةً شمسية. أفرجتْ شفتاها عن ابتسامة عذبة ورفعت عن عينيها نظارتها ووضعتها فوق رأسها.
للوهلة الأولى تجمّدتُ في مكاني وخُيّل إليّ أنني في حلم، ومرّت بضع ثوانٍ حتى أدركتُ أنّ هذا ليس حلما. هذه أماني واقفة قبالتي.
أفقتُ أخيرًا من أفكاري وشرودي، وقلتُ لها بشيءٍ من الحيرة: «أنا... كنتُ أمشي هنا قليلا.»
رمقتني بنظرها، ثم سألت فجأة: «ولماذا هذا الحزن في وجهك؟»
استنفضتُ ضحكةً زائفة، ولم أرُد.
مشينا جنبا إلى جنب، نلتزم الصمت، والبحر يواصل هديره دون توقّف، وأمواجه تتلاحق بلا كلل. بعد دقيقتين... توقّفتُ... وواجهتُها.
«هل لي أن أسألكِ شيئا؟» قلتُ لها بشيءٍ من التردّد.
«تفضّل.» ردّت وبدت على وجهها إمارات التعجّب.
قلتُ: «أنا... مستغرب، لماذا تركتِ قريتك وانقطعتِ عن أهلك؟»
اتّسعت عيناها دهشةً ودارت دوامة حيرة في داخلهما، ثم أرختْ رأسها وتنهدّت.
ندمتُ على سؤالي وحشريّتي على الفور. لماذا كان عليّ إزعاجها بهذه الطريقة؟! بماذا يهمّني الأمر؟ ماذا يحدث لي؟؟
وجدتُها تقول بعد لحظات: «هذه قصة طويلة... وحزينة.»
مشتْ بخطى بطيئة، حائرة، ومشيتُ وراءها بصمت. خطونا نحو الصّخرة البعيدة وجلسنا عليها جنبا إلى جنب.
استغرقتْ أماني في تأمّل طويل. لحظات طويلة بقيتْ في صمتٍ متوتر، حتى ظننتُ أنها لن تجيب. لكنها أخيرا توجّهت إليّ، وبدأت تخبرني قصتها: «كان أهلي من أغنى أغنياء القرية، وأنا ابنتهم الوحيدة. أمي تعذّبت كثيرا في حملي وولادتي ونصحها الأطباء ألا تنجب أكثر. كنت متمرّدة منذ صغري. لم أكن أناسبهم. لم أكن أقبل الإهانة والذلّ ولا القيود التي أرادوا تكبيلي بها. كان لديّ كلّ شيء، إلا الحرية. أبي اهتمّ بتعليمي. أراد أن أتعلّم وأصبح طبيبة يفخر بها أمام أهل القرية. التحقتُ بالجامعة كما أرادوا لكنني رفضتُ تعلّم الطّب بل دخلتُ كلية الاقتصاد. وهناك... التقيتُ بشاب... وتعرّفتُ لأول مرة على الحب، ذلك الحب الذي كنتُ أقرأ عنه في الروايات وأراه في الأفلام والمسلسلات. كان اسمه أمير، وكان... من غير ديني. كنتُ مأخوذة به. ثم وصل الخبر إلى أهلي فجُنّ جنون أبي وأمر بأن أترك الجامعة فورًا وأعود إلى البيت. لم أجد أمامي خيارًا آخر سوى الهرب.»

يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أماني 4
- أماني 3
- أماني 2
- أماني 1
- مسرحجي حدث ثقافي يجب دعمه
- جميلة
- الحمرة الفاقعة
- المرأة الأخرى
- «حياة جديدة» إصدار جديد للكاتبة حوا بطواش
- «ذات الشعر الأحمر» استكشاف للعلاقة الصراعية بين الآباء والأب ...
- سألتزم الصمت
- «بورتريه» الحب وتقلّبات الزمن
- المجهود، القدر والقطة سوشي
- «العميد» مأساة اللاجئين في المخيمات السورية
- أمل بلا نهاية
- شخصيات كرهتها في مسلسلات رمضان
- اختيار
- وقفة مع الذات
- «مسافة أمان» مساحة من الفرح والعذاب
- رسائل ليست كالرسائل


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أماني 5