العلمانية والمساواة .. مشكلة التطبيق !

طارق الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 7879 - 2024 / 2 / 6 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يثير المحور الذي طرحه موقع الحوار المتمدن اسئلة مهمة ومتشعبة تتعلق بمستوى التطبيق لمفهوم العلمانية بشكله الحقيقي والصحيح ..ومن ابرز هذه الاسئلة هوهل حقاُ هنالك انظمة علمانية في اوربا او سواها ؟! وربما يثير هذا السؤال حفيظة البعض وقد يتهمني بالجهل وعدم معرفة تاريخ او اصول العلمانية وتطورها في اوربا وبالخصوص بعد الثورة الفرنسية وما شهده العالم بعدها من تطورات فكرية وسياسية.. لا ادعي ولم اسمح لنفسي ان تصاب بالغرور فاقول اني منظرأ او مفكراُ وحسبي ان اكون قارئاُ ومتابعاُ ومشاركاُ ببعض الاراء والتصورات ..ومن هنا اتمنى ان يتسع صدر البعض لما اطرحه خاصة وان موضوع العلمانية والمساواة كان وما زال الشغل الشاغل للمفكرين بمختلف مشاربهم ليبراليين او اشتراكيين او قوميين كونه يرتبط بحلم انساني كبيرومشروع ..ومن هنا فمن حق اي فرد ان يسأل اين هي صور المساواة في الانظمة الاوربية التي تدعي انها علمانية ؟! وهنا لن اتحدث عن ما يعانيه الاشخاص المهاجرين الى هذه البلدان من تفرقة وتمييز بل ساتناول صور من عدم المساواة بين مواطني الدول الاوربية انفسهم .. فلن تغرنا مظاهر الانتخابات ولا السماح للاضرابات او التاظاهرات في تلك البلدان ، بل ان المنطق العلمي يدفعنا للغور في عمق هذه المجتمعات لنشاهد صور من التباين الطبقي الكبير وبؤس الحياة للمعدمين الذين يعيشون على ما تقدمه الدولة لهم من معونات ..والاستغلال البشع للعمال في الشركات الرأسمالية والضرائب التي تقصم الظهر وغير ذلك من المظاهر التي تنفي تحقيق المساواة في تلك البلدان وسواها .. واذا كانت هذه بعض صور عدم العدالة وفقدان المساواة في دول اوربية متقدمة قطعت اشواطاً في مجال التطبيق الديمقراطي ومحاولة تطبيق العلمانية فلنا ان نتخيل حالنا في مجتمعاتنا المنخورة بالفساد والاستئثار بالسلطات وتزييف كل شيء في الحياة ..
ما نريد ان نصل اليه هوان القول بفصل الدين عن الدولة لايعني اننا علمانيون كافراد او انظمة او احزاب .. العلمانية بحسب فهمي المتواضع اسلوب حياة ونهج وثقافة متكاملة ما زلنا بعيدين عن تطبيقها حتى مع عوائلنا .. انها ايمان بقيم المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة وعدم التمييز واكاد اجزم ان بعضنا يحبو للوصول الى حافة العلمانية باخلاقها وقيمها النبيلة . انها اي العلمانية اوسع من مفهوم فصل الدين عن الدولة واسمى من انظمة تدعي انها علمانية لكنها تمارس شتى انواع التمييز وازدواجية المعايير والقفز على كل ماهو انساني .وللنظر الى موقف الادارة الاميركية وحلفائها مما يحصل من ابادة جماعية في فلسطين وخاصة في غزة ثم لنقارن مواقف تاييد ودعم واشنطن وحلفائها الاوربيين لاوكرانيا وموقفهم المخزي عن جرائم الكيان الصهيوني .. لا تحدثونا عن العلمانية المظلومة في دول ترفع رايتها وتعمل على النقيض منها . فعندما تغيب المساواة يخفو بريق العلمانية التي نحلم بها ..

#طارق_الجبوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل