أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - المجتمع المدني والتعديل الذاتي














المزيد.....

المجتمع المدني والتعديل الذاتي


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7835 - 2023 / 12 / 24 - 09:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من المتوقّع أن يُنزّل النقاش حول الأدوار التي اضطلعت بها مختلف مكونات المجتمع المدني خلال العشرية الماضية، في إطار حملة "الحرب على الفساد"، وأن يعمّم توجيه أصابع الاتهام حتى يسود الانطباع بأنّ المجتمع المدني كان هو الآخر، متسبّبا في الخراب . فالخطاب الذي ينسف ما قبله و يشيطن ويصنع الأعداء لا يمكن أن يكون موضوعيا في تقييمه للأحداث والوقائع والتجارب. أمّا القارئ الحصيف فإنّه يدرك أنّه من غير المنصف طمس الدور الإيجابي الذي نهض به المجتمع المدني ذلك أنّ المساءلة تقوم على الاعتراف بالممارسات الفضلى وانتقاد مظاهر الانحراف والتحيّز والتلاعب وغيرها من الممارسات السلبية. ولعلّ السؤال الذي يتعيّن طرحه اليوم، إلى أي مدى كان الفاعلون داخل مختلف مكونات المجتمع المدني حريصين على تطبيق التعديل الذاتي باعتباره آلية تحصّنهم من الانزياح عن أخلاقيات العمل وتضمن لهم أداء نزيها؟

يُمكنّنا استرجاع المسار التاريخي من الوقوف عند تجارب متنوّعة تثبت تمسّك مجموعة من الفاعلين بممارسة التعديل الذاتي نذكر على سبيل المثال الجهد الذي بذلته الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري والنقابة الوطنية للصحفيين وغيرها من المؤسسات والمنظمات.ولكنّ هذا الجهد بقي محدودا وأحيانا شكليّا وهو أمر راجع إلى المقاومة الداخلية إذ لا يُتقبّل كلّ جديد مبتكر دائما بعين الرضا لاسيما إذا كان قائما في جوهره على كشف الممارسات التي تتعارض مع القيم أو العقد الداخلي أو الأخلاق المهنية...وهي رقابة يُعتقد أنّها تلحق الضرر ببعض الامتيازات والمصالح. وينجم عن ذلك تضامن أبناء القطاع من أجل تعطيل مسار التعديل الذاتي. يُضاف إلى ذلك عدم التشبيك في الغالب، بين مختلف الفاعلين المحليين ونظرائهم في الخارج من أجل توحيد المعايير والأسس التي يقوم عليها التعديل الذاتي.
ويعاد اليوم، طرح قضية التعديل الذاتي بعد التحالف الذي انخرطت فيه عدّة دول من أجل الإبادة الجماعية للفلسطينيين إذ كيف يمكن لمنظمات وجمعيات نسوية وثقافية واجتماعية وأحزاب واتحادات ورابطات.. أن تستمر في عقد الندوات وورشات التدريب مستفيدة من التمويل الصادر عن الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا...وأن تزعم في الوقت ذاته أنّها تناصر القضية الفلسطينية؟
لقد ألقت الحرب على غزّة بظلالها على المجتمع المدني فكان الفاعلون/ات متردّدين في اتّخاذ ردود الفعل والتفكير في أشكال المناصرة .مال أغلبهم إلى الصمت حتى لا يتورطوا فيحرموا من التمويل و اكتفى أخرون بالتموقع في وضع "المشاهد " الذي ينتظر بفارغ الصبر انتهاء الحرب حتى يستعيد نشاطه. وفي المقابل ارتأت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل وبعض المنظمات والجمعيات مناقشة الأمر واتخاذ القرار الملائم في ضوء التعديل الذاتي للعمل. فكانت بيانات المقاطعة وفكّ التعاقدات وغيرها من الإجراءات حجّة على أنّ التعديل الذاتي وسيلة للمحافظة على رصيد الثقة وعلامة على الالتزام بالقضايا العادلة دون احتساب "للغنائم "المفرّط فيها.
تشير هذه المبادرات على قلّتها، وعدم اهتمام الدارسين بتحليلها، إلى أنّ التعديل الذاتي مرتبط بمدى وعي الفاعليين بأهمية الالتزام بإيطيقا العمل والنضال وبرهانات المشروع الامبريالي وما يترتب عن الأنجزة من نتائج لعلّ أخطرها فرض علاقات القوّة والهيمنة وديمومة التبعية، وهو ما يفرض اتّخاذ مواقف مشرفة في السياقات المفصلية وإعادة التفاوض حول أشكال العمل المشترك بين المجتمع المدني والهيئات والمنظمات العالمية. كما أنّ التمسّك بالتعديل الذاتي يُعدّ من الممارسات الفضلى التي تتمسّك بها منظمات وهيئات ومؤسسات كثيرة للوقوف بوجه الرقابة المشدّدة والتدخّل المستمرّ في عملها مما يترتب عنه حرمانها من استقلاليتها في صنع قراراتها.
إنّ تقاعس مختلف مكونات المجتمع المدني في ممارسة التعديل الذاتي الذي يعتبر آلية مركزية في تحديد نمط العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني من جهة، وبينه والجهات الممولة من جهة أخرى قد أفضى إلى حدوث تجاوزات وفوضى في التدبير وإضعاف المجتمع المدني في حدّ ذاته والتشكيك في شرعية وجوده. وعندما يفرّط الفاعلون في فرصة التدريب على التعديل الذاتي يفتح الباب على مصراعيه للتعديل الحكومي.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد عنهجية الدولة المارقة وإبادة الفلسطينيين؟
- أزمة الرعاية المجتمعية
- قتل النساء وإشكالية التغطية الإعلامية
- «تسيّس الاتحاد الأوروبي»
- الانتخابات بين المركز والهامش
- قتل النساء لا يثير قلق التونسيين/ات
- «مونديال» كرة القدم قطر 2022 بنكهة دينية: «تونيزي تونيزي.. م ...
- النساء وكرة القدم
- في كره الديمقراطية
- تونس والتغيرات المناخية والتلوّث البيئي: هل يكفي الالتزام با ...
- فرض سياسات النسيان
- إخراج التونسيات من المشهد السياسي أو عندما تفصح الإرادة السي ...
- هجرة الأمّهات: محاولة فهم
- من «الأمن الجمهوري» إلى «القمع البوليسي»
- حملات انتخابات «بنكهة شعبوية»
- الاحتجاجات النسائية –الإيرانية: دروس وعبر
- الحاجة إلى السكر والزيت والماء والحليب... أهمّ من الحاجة إلى ...
- القانون الانتخابي وتراجع المشاركة النسائية
- «اشكي للعروي» ... «اشكي لسعيّد»
- تونسيون/ات يُهاجرون ولا يلوون على شيء وحكومة لا ترى ولا تسمع


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - المجتمع المدني والتعديل الذاتي