أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - في كره الديمقراطية














المزيد.....

في كره الديمقراطية


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7440 - 2022 / 11 / 22 - 21:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يلتقي عدد من المثقفين/ات الذين تناولوا الثورات/التحولات التي مرّت بها المنطقة بالتحليل في اعتبار أنّ الجموع التي نزلت إلى الشوارع كانت متعطشة للممارسات الديمقراطية وراغبة في ترسيخها حتى تُحقّق مشروع المواطنة الكاملة وتُغيّر الواقع. ولم تكن الديمقراطية شعارا أو مطلبا يُرفع في الاحتجاجات بقدر ما كانت هدفا سعت مختلف مكوّنات المجتمع إلى تجسيده من خلال الضغط والمناصرة والإيلافات وغيرها من أشكال مقاومة الأنظمة القهرية.هذا دون أن نغفل المناخ العام الذي وفّر فرصة لجميع الفاعلين/ات حتى يتعلّموا/يتعوّدوا/ على الممارسات الديمقراطية أو يفتحوا النقاش حول معانيها ودلالاتها، وينطلقوا في تأسيس الهيئات والمنظمات والجمعيات القادرة على مراقبة أداء مختلف السياسيين والمسؤولين ومدى التزامهم بمبادئ الديمقراطية. ولعلّ معركة التناصف كانت خير معبّر عن هذا المشروع الديمقراطي الذي لا يلغي النساء من المشاركة السياسية بل يضمن لهن المواقع والحقوق والتمثيلية في مختلف المؤسسات والهياكل التي طالما احتكرها الرجال.

غير أنّ المطلّع على مختلف الخطابات والتشريعات والسياسات التي انتجت خلال العشرية الأخيرة، لا يسعه إلاّ الإقرار بأنّ انطلاق مسار ترسيخ الممارسات الديمقراطية لم يكن سهلا إذ برزت أشكال مختلفة من المقاومة تبنّتها فئات مختلفة وأدّت في النهاية، إلى تعثّر مسار الانتقال الديمقراطي. ولئن كان وقوف الحركات السلفية والفئات المرتبطة بالنظام القديم ضدّ مسار ترسيخ الديمقراطية مفهوما لاختلاف التصوّرات والمصالح وغيرها من الأسباب فإنّ ما نُعاينه اليوم، مثير للقلق إذ نحن إزاء حرص واضح على: أوّلا تغييب الإحالة إلى الديمقراطية في الخطابات الرسمية في إحالة واضحة إلى أنّها ليست الإطار الجوهري لممارسة الحكم، وثانيا: على ربط مسار ترسيخ الديمقراطية بالفساد وبالنخب الفاسدة واللاوطنية و... وثالثا: على اعتبار الديمقراطية التمثيلية أسوء أشكال الديمقراطية، ورابعا: على العمل على إيجاد المبرّرات والحجج التي تجعل «الشعب» متبنّيا لهذا الفهم أو السردية...

ويدفعنا هذا الوضع إلى التساؤل عن وجاهة الحديث عن «أزمة الديمقراطية» و»ضعفها» باعتبار أنّ الدولة لم تعد قادرة على حماية المواطنين من الأوبئة الجديدة: التفقير والبطالة و«الحرقة» والعنف، والتلوّث والانقطاع المبكّر للأطفال أو التقهقر في مستوى التعليم.. يُضاف إلى ذلك عودة المحافظة وتقلّص المساحات والشروط التي تسمح باستئناف مشروع ترسيخ الديمقراطية «في التعددية والتنوّع». فهل توقف الحلم بترسيخ الديمقراطية؟ وهل بات أغلبهم يكرهون الممارسات الديمقراطية التي تعريهم وتفضح تعلّقهم بالسلطة ورغبتهم في الهيمنة على الآخرين؟

ليس رفض التعددية والتنوّع والامتناع عن تجذير الحريات الفردية والعامة، وبناء العلاقات على التواصل المستمر والتشاركية إلاّ مؤشرات دالة على الانزياحات ويكفي أن نشير في هذا الصدد إلى طريقة إدارة الانتخابات «فوقيا وأحاديا»، وتأديب الآراء المغايرة (مرسوم 54) مثلا إلاّ علامة على «التراجع» في مسار الديمقراطية التي تقوم بالأساس على التعددية والتنوّع وإتاحة الفرص للجميع حتى يعبّروا عن تصوّرات ومطالب مختلفة ومتباينة. أمّا البحث عن التجانس السياسي والاجتماعي فإنّه يفضي لا محالة، إلى الانغلاق والإقصاء.

والظاهر أنّه كلّما عجز المسؤول عن إدارة الأزمات صار أكثر ميلا إلى استعمال وسائل الضبط والتطويع والردع، وليس التحقيق مع الصحفي نزار بهلول ودعوة والي صفاقس السلطة إلى إغلاق الفايسبوك إلاّ أمثلة دالة على هذا المأزق المتمثّل في عسر تبنّي الممارسات الديمقراطية أو تحمّل تبعات الحريات التي تمثّل العمود الرئيس للديمقراطية المسؤولة.

لاشكّ أنّنا نشهد اليوم، خروجا واضحا عن التصورات المتداولة حول تدبير الحكم وتحوّلا دلاليا في معاني الديمقراطية، وإعادة تشكيل للمسار الديمقراطي ينفلت من المألوف والمعهود والمتعامل به ليفرض تصوّرا «أحاديا وفوقيا» يراه البعض «مشوّها» لما تمّ التوافق حوله أو مقوّضا لمسار جاء بعد حوار وجدل وتفاوض وجهد طويل من أجل بناء معرفة قانونية وحقوقية وسياسية تجلّت في الأكاديميات المختلفة التي حاولت أن ترسّخ الثقافة الديمقراطية وتدرّب مختلف الفئات على الممارسات الفضلى.
لا تختزل الديمقراطية في السلطة والقوانين بل هي فتح للآفاق وتوسعة للمجال العامّ وتجاوز للحدود: الخاص/العام... ولبنى الهيمنة التي تنتج عنها. إنّها نمط تفكير وأسلوب حياة وطريقة في الكلام وفي صياغة الخطابات...إنّها في تواشج مع الفنّ والإيطيقا والاستيطيقا.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس والتغيرات المناخية والتلوّث البيئي: هل يكفي الالتزام با ...
- فرض سياسات النسيان
- إخراج التونسيات من المشهد السياسي أو عندما تفصح الإرادة السي ...
- هجرة الأمّهات: محاولة فهم
- من «الأمن الجمهوري» إلى «القمع البوليسي»
- حملات انتخابات «بنكهة شعبوية»
- الاحتجاجات النسائية –الإيرانية: دروس وعبر
- الحاجة إلى السكر والزيت والماء والحليب... أهمّ من الحاجة إلى ...
- القانون الانتخابي وتراجع المشاركة النسائية
- «اشكي للعروي» ... «اشكي لسعيّد»
- تونسيون/ات يُهاجرون ولا يلوون على شيء وحكومة لا ترى ولا تسمع
- «تيكاد» وأحلام التونسيين
- الشعبوية والتعددية والإعلام
- التونسيات والديناميات الجديدة
- التونسيون/ات وتقرير المصير
- هل طويت صفحة الأحزاب الفاعلة في الحياة السياسية؟
- «الدستور» وضرورة مغادرة السقيفة
- قراءة سياقيّة للدستور
- تحويل الوجهة من قيس سعيّد إلى أنس جابر
- قراءة أولى لنصّ الدستورالمقترح/ المفروض على التونسيين/ات


المزيد.....




- إسرائيل تشن7 غارات على محيط دمشق وترسل مقاتلاتها فوق أجواء ح ...
- البنتاغون يعلن عن نجاح تجربة نموذج أولي لصاروخ فرط صوتي بحري ...
- الجيش البريطاني يمنع قواته من إطلاق طائرات مسيرة أثناء التدر ...
- الاستخبارات الأمريكية تنشر فيديو للتغرير بمسؤولين صينيين على ...
- أكبر حصيلة منذ 15 عاما.. وفاة 216 طفلا بموسم الإنفلونزا هذا ...
- إدارة ترامب تعتزم تسريح 1200 موظف في وكالة الاستخبارات المرك ...
- كبرى شركات الأحذية الأمريكية تحث ترامب على رفع الرسوم الجمرك ...
- الخارجية الألمانية ترد على انتقادات روبيو لتصنيف حزب -البديل ...
- -أكسيوس-: الولايات المتحدة وإسرائيل تقتربان من التوصل إلى ات ...
- ما هدف دول الساحل من إرسال دبلوماسييها إلى الرباط في أوج خلا ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - في كره الديمقراطية