أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - أزمة الرعاية المجتمعية














المزيد.....

أزمة الرعاية المجتمعية


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7642 - 2023 / 6 / 14 - 22:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



يرى عدد من المنظرّين أنّ من أهمّ الدروس المستخلصة من أزمة كورونا عدم نجاح المجتمعات المعاصرة في مواجهة النتائج المترتبة عن استشراء هذا الفيروس بالقدر الكافي، وهو أمر راجع إلى هيمنة قيم إيثار النفس وثقافة مراعاة المصالح الفردية وقلّة التعبير عن التعاطف والعزوف عن الانخراط في شبكات التضامن، وهو ما أدّى إلى الاعتراف بوجود أزمة رعاية مجتمعية. وقد اعيد طرح هذا الموضوع بعد بروز الأزمات الاقتصادية التي تمرّ بها كلّ بلدان العالم، وعسر معالجة انهيار الميزانيات وتراجع تصنيف أغلب الدول فكان البحث على مقاربات جديدة لمناهضة كل أشكال الاستغلال الناجمة عن الرأسمالية والنيوليبرالية وإعادة النظر في توزيع الأدوار بين الجنسين التي تنسب رعاية الأطفال وكبارالسن والمرضى إلى النساء فقط فضلا عن التدبر في قيم التآزر والتضامن التي كانت ترسخها العائلة الموسعة ويمارسها الأجوار والأصدقاء ولكنّها أضحت محدودة الحضور في حياتنا اليومية. أمّا على الصعيد التونسي فقد اقتصر الأمر على عرض حلول تتصل بالاقتصاد التضامني، وبعث الشركات الأهلية وغيرها.

غير أنّ المعاين لمعاناة المنسيين في السياسات العامة كالمتسولّين(أطفال، نساء، شيوخ، مهاجرون، معاقون...) وتضاعف أعداد البرباشة وتنازعهم حول فضاءات العمل والمتابع لصدور أحكام بسبب سرقة رغيف أو علبة تنّ أو غيرها من المواد لا يملك إلاّ أن يتساءل عن دور الجمعيات التي كانت تقوم بأنشطة تصنّف على أنّها رعائية أو خيرية وفق الأيديولوجيا التي يتبنّاها مؤسسو هذه الجمعيات. ولعلّ ما يسترعي الانتباه أنّ الأعمال الخيرية التي تجذّرت في التاريخ الاجتماعي التونسي من خلال ممارسات ومعاملات كالأحباس والهبات وتكفّل بعض العائلات بمصاريف عدد من اليتامى وتقديم خدمات متنوعة للمعوزين سرعان ما أصبحت خلال العقدين الأخيرين، مقترنة في المتخيل الجمعي بالجمعيات الممثّلة "للإسلام السياسي ثمّ في مرحلة الانتخابات، ذات صلة ببعض الأحزاب (كحزب المقرونة") . ولكن لنا أن نتساءل لِم لَم تظهر مقاومة لتحويل وجهة العمل الخيري ولاحتكاره لفائدة فئة من المجتمع وتسييجه في دائرة النشاط السياسي؟
إنّ فهم التونسيين للعمل الخيري يختلف باختلاف الطبقة والسنّ والجندر والدين والثقافة العامة والتجارب الشخصية والمرجعيات الأيديولوجية وغيرها من المحدّدات. فمن النساء الناشطات في الجمعيات الإسلامية مثلا من يعتبرن أنّ المساعدات لابدّ أن توجّه إلى الفئات التي تعاني من الإعاقة أو الأمراض المزمنة حتى لا تكون الجمعيات داعمة للتواكل والعطالة إذ أنّ الإسلام يحثّ على العمل والسعي والكدّ، ومنهنّ من تذهب إلى أنّ الإعانات لا تقدّم للأمّهات العازبات أو غير الملتزمات شرعيا ...وعلى هذا الأساس يعدّ المعيار الأخلاقي أو الديني أو المذهبي مهمّا بالنسبة إلى فرز المجموعة المنتفعة بالدعم المالي. وفي المقابل تشير بعض شهادات المُعينات المنزليات إلى أنّ عددا من المُشغّلات يُلقين ببقايا الطعام أو الملابس في المزابل ويرفضن انتفاع النساء به مع علمهن بظروفهن القاسية لأنّهن يعتبرن ببساطة، أنّ دفع الأجرة يُخرج المعينة المنزلية من العوز وأنّه لا يجب تشجعيها على "الطمع . ولا يختلف الأمر بالنسبة إلى فهم التونسيين لأدوار الرعاية إذ يعتقد أنّها من مسؤولية النساء وذات بعد عائلي، أي أنّها مرتبطة بالفضاء الداخلي، وهو فهم عملت الأنظمة الرأسمالية على ترسيخه بالفصل بين الإنتاج وإعادة الإنتاج من جهة، والمادي والرعائي من جهة أخرى..
وسواء تحدثنا عن المبادرات الخيرية الاجتماعية المرتبطة بالقناعات الدينية والروحنة أو عن الأنشطة الرعائية الموجهة إلى الفئات المنسية والمهمشة فإنّ السياق الحالي يستدعي تشجيع العمل الرعائي التطوعي الذي يبرز المسؤولية المواطنية التي تتأسس على قاعدة الحسّ الإنساني وخارج المحددات التقليدية(الدين، بنى القرابة، الجهويات...) ، وهي علامة على التحضّر والتماسك الاجتماعي في أزمنة العسر.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قتل النساء وإشكالية التغطية الإعلامية
- «تسيّس الاتحاد الأوروبي»
- الانتخابات بين المركز والهامش
- قتل النساء لا يثير قلق التونسيين/ات
- «مونديال» كرة القدم قطر 2022 بنكهة دينية: «تونيزي تونيزي.. م ...
- النساء وكرة القدم
- في كره الديمقراطية
- تونس والتغيرات المناخية والتلوّث البيئي: هل يكفي الالتزام با ...
- فرض سياسات النسيان
- إخراج التونسيات من المشهد السياسي أو عندما تفصح الإرادة السي ...
- هجرة الأمّهات: محاولة فهم
- من «الأمن الجمهوري» إلى «القمع البوليسي»
- حملات انتخابات «بنكهة شعبوية»
- الاحتجاجات النسائية –الإيرانية: دروس وعبر
- الحاجة إلى السكر والزيت والماء والحليب... أهمّ من الحاجة إلى ...
- القانون الانتخابي وتراجع المشاركة النسائية
- «اشكي للعروي» ... «اشكي لسعيّد»
- تونسيون/ات يُهاجرون ولا يلوون على شيء وحكومة لا ترى ولا تسمع
- «تيكاد» وأحلام التونسيين
- الشعبوية والتعددية والإعلام


المزيد.....




- تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا ...
- تركيا تعلن دعمها ترشيح مارك روته لمنصب أمين عام حلف الناتو
- محاكمة ضابط الماني سابق بتهمة التجسس لصالح روسيا
- عاصفة مطرية وغبارية تصل إلى سوريا وتسجيل أضرار في دمشق (صور) ...
- مصر.. الحكم على مرتضى منصور
- بلينكن: أمام -حماس- اقتراح سخي جدا من جانب إسرائيل وآمل أن ت ...
- جامعة كاليفورنيا تستدعي الشرطة لمنع الصدام بين معارضين للحرب ...
- كيف يستخدم القراصنة وجهك لارتكاب عمليات احتيال؟
- مظاهرة في مدريد تطالب رئيس الحكومة بالبقاء في منصبه
- الولايات المتحدة الأميركية.. احتجاجات تدعم القضية الفلسطينية ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - أزمة الرعاية المجتمعية