أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 65 – حماس في غزة لا بديل لها















المزيد.....



كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 65 – حماس في غزة لا بديل لها


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7822 - 2023 / 12 / 11 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


“في عام 2023، حماس هي القوة الوحيدة فعليا في قطاع غزة، قوة مدعومة من الخارج بلا منازع”.


اناستاسيا ميدفيتسكايا
كاتبة صحفية روسية
بوابة Fontanka.ru

1 نوفمبر 2023


إن الأجندة العالمية تجبر الجميع على أن يصبحوا خبراء في الشؤون الإسلامية، كما أن زيارة زعماء حماس لموسكو يثير المزيد من التساؤلات.
قمنا في موقع Fontanka.ru بسؤال غريغوري لوكيانوف، الباحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، كيف خرجت حماس من تحت جناح التنظيم الدعوي “الإخوان المسلمين”، وتطورت وتطرفت، واكتشفنا لماذا في روسيا، على عكس عدد من البلدان الأخرى، لا يتم الاعتراف بحماس كمنظمة إرهابية، واكتشفنا أيضًا ما تعنيه محادثات موسكو مع ممثلي حركة حماس ولماذا العلاقات الطويلة الأمد بين الطرفين وسبب الحاجة إلى إتصالات بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وحماس.

كيف ظهرت حماس؟

حركة حماس نفسها ظهرت رسميا في الثمانينات. إلا أن جذورها أعمق من ذلك بكثير وترتبط بنشاط جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين. وقد نشأت هذه الجماعة في مصر في عشرينيات القرن العشرين. أولاً، كمنظمة دعوية: ارتبط ظهور جماعة الإخوان المسلمين بتداخل الخطاب السياسي الغربي والإسلامي، بعد أن أصبحت مصر تحت النفوذ الثقيل لبريطانيا. تلقت عدة أجيال من النخبة المصرية تعليمها في الغرب، وتحدثت الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، وبدأت في جلب أفكار الفلسفة الحديثة والفكر السياسي إلى بلادهم. ونتيجة لذلك، أدى ذلك إلى تشكيل مجموعة متنوعة من القوى والأحزاب السياسية: في عشرينيات القرن الماضي، ظهر الشيوعيون ومختلف أنواع القوميين في مصر، وعلى هذه الخلفية، في أواخر العشرينيات، نشأت حركة الإخوان المسلمين، والتي كانت تدعو إلى الحفاظ على بعض إنجازات التطور الحديث، ولكنها في الوقت نفسه أرادت أن تعيد إلى مصر الروح الإسلامية والأخلاق الإسلامية باعتبارها الجوهر الضروري.

كان العمود الفقري الرئيسي في البداية معلمي المدارس. وبحلول أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات من القرن العشرين، اكتسبت الحركة تأثيرًا ودعمًا كبيرًا للغاية في جميع أنحاء مصر. عندما بدأت الحرب العربية الإسرائيلية الأولى في عام 1947، عملت حركة الإخوان المسلمين على بناء الدعم الشعبي للمجهود الحربي في مصر.
بل شكلت بعض المجموعات الخاصة للمقاتلين من أجل العقيدة، الذين تم إرسالهم إلى منطقة القتال، وفي مكان ما مع الجيش المصري وقوات الدول العربية، وفي مكان ما بشكل مستقل، شنوا حربًا ضد إسرائيل. وبعد انتهاء الحرب بهزيمة الدول العربية، واصلت وحدات الفدائيين، المقاتلين من أجل الدين، المواجهة المسلحة، وبذلك راكمت دعمًا اجتماعيًا كبيرًا، سواء بين السكان العاديين في مصر أو بين سكان ذلك الجزء من فلسطين الذي أصبح تحت الحكم المصري – أي قطاع غزة.
في ظل هذه الظروف، في عام 1952، تمت الإطاحة بالنظام الملكي في مصر - ووصل "الضباط الأحرار" إلى السلطة بقيادة جمال ناصر، الذي أصبح رئيسًا بعد عامين. في عام 1954، انتهت العلاقة الرومانسية القصيرة بين الجيش المصري وجماعة الإخوان المسلمين، واتُهمت الحركة بالتخطيط لاغتيال عبد الناصر، وتم حظر المنظمة – وهذا القانون ساري المفعول حتى يومنا هذا.

وتم اعتقال بعض نشطاء الجمعية وانتهى بهم الأمر في السجن، حيث أمضوا سنوات عديدة، بل إن بعضهم - عشرات السنين. وقد أدى ذلك إلى تطرفهم الحتمي. لقد بدأوا ينتقدون بشدة ليس فقط القروض الخارجية والقيم المختلفة المستمدة من الخارج، ولكن أيضًا الحكومة المصرية الحالية، التي انكروا شرعيتها. فر الكثيرون خارج البلاد: إلى ليبيا والسودان وسوريا، وانتهى الأمر بالبعض في شبه الجزيرة العربية، على وجه الخصوص، على أراضي دولة قطر المستقبلية، وذهب البعض إلى غزة، إلى مخيمات اللاجئين (مخيمات النازحين)، حيث في تلك اللحظة، تم تقديم المساعدات الإنسانية من العالم الإسلامي بأكمله للأشخاص الذين أجبروا على مغادرة منازلهم.

وفي هذه المعسكرات، افتتح الإخوان المسلمون مدارس صغيرة، وعملوا مع الأطفال، وقدموا الدعم النفسي للمحتاجين، وجمعوا الأموال والمساعدات، وأعادوا توجيهها إلى المحتاجين. لم يكن لجماعة الإخوان المسلمين أهداف سياسية، لذلك لم تتدخل إسرائيل في عملهم عندما احتلت القطاع، بل إنها دعمتهم، لأنها رأت في جماعة الإخوان المسلمين بديلاً غير خطير وغير مسلح وغير عدواني للمنظمات السياسية العلمانية التي قادت في فترة الستينيات إلى الثمانينيات الحركة الوطنية الفلسطينية: فتح، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين – وهي منظمات ذات طبيعة قومية ذات توجه يساري واضح للغاية - واتحدت تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية التي تأسست في الفترة 1963-1964، ولاحقا حصلت على اعتراف الدول العربية باعتبارها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، بل وتم قبولها في جامعة الدول العربية.
وبعد انتهاء سلسلة الحروب العربية الإسرائيلية في عامي 1967 و1973، أدرك الفلسطينيون أن الدول العربية لم تعد تنوي القتال للدفاع عنهم - وكان هناك فصل بين موضوع المصالح العربية ومصالح الشعب الفلسطيني: ولم يعد أقرب جيرانهم، مصر والأردن، مستعدين للقتال حتى النصر.
بدأت المنظمات العلمانية الفلسطينية باللجوء إلى أساليب الكفاح المسلح. وأدى ذلك إلى انتشار الصراع إلى الأردن ولبنان، وإلى وصول الهجمات الإرهابية إلى أوروبا. على هذه الخلفية، في فلسطين نفسها، فقدت هذه المنظمات تأثيرها باستمرار على السكان – بدأ هذا التأثير يتركز في أيدي جماعة الإخوان المسلمين. وفي 1982، اضطرت وحدات فتح المهزومة إلى مغادرة الأراضي اللبنانية وانتهى بها الأمر في تونس وليبيا واليمن والعراق، وهي بعيدة جداً عن فلسطين. وعليه، لا يمكنهم فرض نفوذهم على السكان المحليين، ولا اعتبارهم حماة لهم وشفعاء لهم. وهذه التنظيمات بدأت تفقد قدرتها على السيطرة على الارض في فلسطين المحتلة.

في أواخر الثمانينيات، أصبحت جماعة الإخوان المسلمين تمثل مصالح ذلك الجزء من الشعب الفلسطيني الموجود في الأراضي المحتلة. وفي عام 1987، بدأ ما يسمى بالانتفاضة الأولى، وذلك في ظل تفاقم شدة المشاعر إلى الحد الأقصى، وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الأراضي المحتلة، وتكثيف إسرائيل سياسة بناء مستوطناتها، كل هذا أصبح يسبب معارضة قوية من قبل السكان المحليين. كل شيء يتصاعد إلى حرب شاملة يشارك فيها السكان الفلسطينيون العاديون.

الانتفاضة مخيفة لأن من بدأها كانوا أشخاصا عاديين، وليس أعضاء المنظمات السياسية شبه العسكرية. لقد قادت الانتفاضة الشعبية في الواقع حركة حماس، التي أنشأها الإخوان المسلمون. وبفضل قوتهم على الارض، كانوا يقومون بتشكيل هيئات حكم ومنظمات عسكرية جديدة، مستلهمين أيضاً ما يحدث في إيران بعد ثورة الخميني الإسلامية. وبالطبع، تحت تأثير جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت قد تطورت سياسياً في ذلك الوقت في العديد من دول المنطقة.

كيف وصلت حماس إلى النقطة التي أصبحت فيها تسيطر الآن على قطاع غزة وهي في حالة حرب مع إسرائيل؟

وفي أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، أصبحت حماس القوة السياسية العسكرية الأبرز في الأراضي الفلسطينية، ولم تتمكن من الاندماج في الانتفاضة فحسب، بل قادتها فعلياً. على هذه الخلفية، بدأت المنظمات السياسية العلمانية، التي تأثرت، من بين أمور أخرى، بالولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، بجس النبض والتفاوض مع إسرائيل. وهذا وضع فريد من نوعه في تاريخ الصراع وفي تاريخ العالم، عندما سنحت الفرصة للتوصل إلى حل سياسي للصراع. وعقد مؤتمر مدريد، ومن ثم تم التوقيع على اتفاقيات أوسلو عام 1993-1995. وتصافحت المنظمات السياسية الفلسطينية والقيادة الإسرائيلية.

وكان لهذا الحدث دلالة رمزية مهمة وأدى إلى العمل المشترك لتنفيذ مبدأ "دولتين لشعبين". حتى هذه اللحظة، كان الطرفان، بعد أن اتخذا بالفعل قرارًا منذ عام 1947 بشأن إنشاء دولتين على أراضي فلسطين، لا يزالان يناضلان من أجل إنشاء دولة واحدة – إما فلسطينية أو إسرائيلية على أرض واحدة. وتم التوصل إلى اتفاق بشأن فترة انتقالية بشأن إنشاء سلطة حكم ذاتي فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية.

وكان ينبغي للخطوة التالية أن تتلخص في تشكيل دولة فلسطينية قابلة للحياة، قادرة في المقام الأول على ضمان السلام بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل. وبالتالي، كان لا بد من حل الصراع سياسيا. وقد أبرمت المنظمات الفلسطينية العلمانية هذه الاتفاقيات لأنها ضعفت بشكل كبير ولم تعد قادرة على مواصلة الكفاح المسلح وحدها. لم يعد النظام الثنائي القطب موجودا: فقد رفض الاتحاد السوفياتي، ومن ثم روسيا، تقديم الدعم غير المشروط لفتح، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إذا استمروا في استخدام الأساليب الإرهابية. ومن ناحية أخرى، تعزز الموقف الأمريكي في المنطقة كداعم لإسرائيل. لقد ضعف دعم الدول العربية للمنظمات الفلسطينية بشكل كبير، لكن الضغوط تزايدت من جانبها لإقناع الفلسطينيين بضرورة المفاوضات ونبذ العنف.

كل هذا أجبر الشخصيات الفلسطينية العلمانية على إبرام اتفاق مع إسرائيل: لكن حماس لم تفكر في أي مفاوضات في ذلك الوقت. ولم تعترف بحل "دولتين لشعبين" على حساب تلك الأراضي التي اعتبرها مقدسة ولا تخص الشعب الفلسطيني فحسب، بل الأمة الإسلامية برمتها. ونتيجة لذلك، كانت هناك حاجة إلى جهود جدية، وانتهت الانتفاضة الأولى. وبدأت حماس، من منظمة عسكرية، في إنشاء هياكل سياسية وتحولت للنضال من أجل السيطرة على السلطة الفلسطينية الوليدة.

مع بداية الانتفاضة الثانية، كانت حماس بالفعل بنية سياسية جدية ذات برنامج سياسي وجهاز إداري متطور. وبالإضافة إلى سلطة الإخوان المسلمين، كانت هناك أيضًا ممارسة الإدارة في هذه المناطق: نظام تراكم وتوزيع الموارد الاقتصادية، وتنظيم العمل الجماعي. أي أن حماس أصبحت من جميع النواحي نظيرًا لهياكل الدولة التي لم تكن قد تشكلت لدى الفلسطينيين في تلك اللحظة.

فحين أجريت الانتخابات في فلسطين في العام 2006، حققت حماس انتصاراً ساحقاً على كافة التنظيمات الأخرى لأنها تميزت ليس بإنجازاتها العسكرية فحسب، بل وأيضاً بنجاحها في الحكم، وإيديولوجيتها الشعبية، وأدواتها الدعائية البالغة الفعالية. ولا يقل أهمية عن ذلك حقيقة أن الحركة قد طورت قنوات للتناوب الداخلي، مما سمح للشباب بالتقدم.
وعلى الرغم من أن المنظر الإيديولوجي والزعيم الروحي المعروف للمنظمة لسنوات عديدة كان الشيخ أحمد ياسين المسن (قبل أن تغتاله أجهزة المخابرات الإسرائيلية وعدد من قادة حماس الآخرين في عام 2004)، إلا أن الإدارة العملية لأنشطة المنظمة كانت تتم من خلال مكتب سياسي وعدد من الهياكل الإدارية المتخصصة التي لعب فيها جيل الشباب الدور القيادي بالفعل. وفي عام 2007، استولت حماس فعلياً على السلطة في قطاع غزة دون أن تتخلى عن مبادئها الأساسية، مما دفع إسرائيل إلى محاربتها. ولذلك، فرغم الاعتراف بحماس ككيان سياسي، ليس فقط من جانب الفلسطينيين، بل وأيضاً من جانب العديد من الجهات الخارجية الأخرى، ظلت حماس في نظر إسرائيل مجرد منظمة إرهابية. وهذا يعني أن إسرائيل رفضت أي مفاوضات مع حماس ومنعت أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية حتى تتعامل مع النفوذ المتزايد لحماس.

فقد أصبحت حماس فعلياً القوة السياسية الوحيدة في قطاع غزة، كما بدأت سلطة المنظمات العلمانية التي تركز على عملية التفاوض مع إسرائيل في التراجع المطرد.

في سنوات العقد الثاني من القرن 21 في موسكو، وبوساطة علماء روس ووزارة الخارجية، جرت محاولات لتنظيم مفاوضات فلسطينية داخلية بين حماس ومنظمات تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. وكان الهدف هو بلورة موقف مشترك يجعل من الممكن العودة إلى عملية التفاوض بين إسرائيل وفلسطين الموحدة. كان الخلاف بين حماس والمنظمات العلمانية بمثابة خلاف حول مبدأ أساسي: رفضت حماس التفاوض مع إسرائيل وأصرت على ضرورة الكفاح المسلح ضد احتلال الأراضي الفلسطينية. وفي المقابل، فإن فتح وحلفاءها، إدراكاً منهم لشعار "دولتين – شعبين"، دعوا إلى حل هذه القضية بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك الوسائل الدبلوماسية.

على الرغم من عدم إمكانية التوقيع على وثيقة واحدة بشأن إعادة توحيد الهيئات الحكومية على مر السنين، فقد تم إحراز بعض التقدم. أعطت حماس إشارات بأنها مستعدة للتخلي عن عدد من مواقفها وإعادة النظر في نهجها تجاه الكفاح المسلح. ولم يتم ذلك من قبيل الحياة السعيدة: ففي عام 2011، عندما بدأ الربيع العربي، قطعت حماس، من خلال دعمها للمعارضة الإسلامية السورية، علاقاتها مع الحكومة السورية، التي دعمت حماس عسكريا خلال كل السنوات السابقة. لقد توقف تدفق الأسلحة والمدربين العسكريين وتدريب نشطاء حماس في سوريا. وكان لذلك أثر مؤلم على نوعية التشكيلات العسكرية لحماس وقدرتها على شن حرب ضد إسرائيل. وبما أن سوريا كانت مدعومة أيضًا من إيران في هذا الصراع، فقد خسرت حماس الدعم العسكري منها أيضًا. في هذه اللحظة، بدأت حماس تحظى بدعم سياسي من تركيا وقطر، علاوة على الدعم الإنساني والمعنوي فقط.

أما جماعة الإخوان المسلمين، فليس لديهم اليوم أي بنية موحدة. هذا هيكل "شبكي"، توحده المبادئ والعلاقات الإنسانية والاقتصادية القائمة، لكن هذا الهيكل ليس منظمًا بحيث يكون قادرًا على إنشاء حركة عسكرية واسعة النطاق في الظروف الحديثة. ولذلك تستطيع حماس استخدام القدرات الأفقية لهياكل الإخوان المسلمين، لكنها لا تستطيع السيطرة عليها وطلب أي دعم سياسي أو اقتصادي أو عسكري من مركز تنسيق واحد. "الإخوان المسلمون" هم جماعة يحق لكل خلية فيها الاختيار بين المصالح المشتركة ومصلحتها في الوقت الراهن.

متى تطرفت حماس وبدأت في استخدام الأساليب الإرهابية؟

في عام 2015، وعلى خلفية صعود تنظيم داعش في العراق وسوريا، بدأت مجموعات متطرفة من مؤيدي هذه المنظمة الإرهابية في الظهور في قطاع غزة. بالنسبة لحماس، تبين أن هذا يمثل تحديًا خطيرًا: نظرًا لافتقارها إلى الموارد المناسبة، اضطرت إلى اتخاذ موقف أكثر اعتدالًا، في حين اتحد المتطرفون حول خلايا داعش.
بعض عناصر حماس تركوا التنظيم وذهبوا للقتال في سوريا والعراق، ثم عادوا أكثر ميلاً إلى استخدام أدوات العنف. لقد جلبوا معهم تكتيكات عسكرية جديدة، وأساليب جديدة للكفاح المسلح.
كان على حماس أن تبحث عن فرص المصالحة مع الشركاء الخارجيين، من جهة، ومن جهة أخرى - أن تجد فرصة لمحاربة منافسين جدد داخل البيئة الفلسطينية. على هذه الخلفية، بدأت المصالحة مع إيران وسوريا في عشرينيات القرن الحالي، حيث أصبح من الواضح أن هذين البلدين قد انتصرا في الحرب الأهلية السورية. وتم إرسال مساعدات جدية مرة أخرى إلى غزة، لأن سوريا وإيران كانتا بحاجة إلى حماس لمواجهة دولة إسرائيل. ونتيجة لذلك، حصلنا على حماس "الجديدة" للغاية بحلول بداية عام 2023. حماس، التي أرادت تقديم تنازلات، لكنها لم تتلق الدعم ليس من إسرائيل فحسب، بل خاطرت أيضًا بخسارة مواقعها الحالية في قطاع غزة بسبب وجود عناصر أكثر تطرفًا.
قد استوعبت المتطرفين من داعش، وقبلت المساعدة من سوريا وإيران - وبالتالي أدركت أنه من المستحيل الاعتماد على الدول العربية التي دعت إلى المفاوضات ولكنها لم تقدم أي دعم جوهري.

في عام 2023، ستصبح حماس فعليًا قوة لا بديل لها، مدعومة من الخارج، ومتشددة بشكل خطير. ولذلك كان الانفجار حتميا وأصبح مسألة وقت. وعلى خلفية "التقارير المفرحة" من العديد من الدول العربية، وعلى خلفية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، كانت القناعة تنضج في فلسطين بأن هذه الاتفاقات يتم تنفيذها على حساب مصالح الشعب الفلسطيني. وكانت حماس تكتسب الدعم من عدد متزايد من مؤيدي الكفاح المسلح لصالح الدفاع عن فلسطين الإسلامية بأي ثمن، بما في ذلك تكلفة حرب كبيرة جديدة.

والآن يقولون إن حزب الله يدعم حماس ويوجه ضربات إلى إسرائيل، فهل هذا صحيح؟

تتمتع المنظمتان بتاريخ طويل من التعاون، خاصة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وحتى منتصفه. عندما بدأت حرب لبنان الثانية 2006، اشتبكت القوات الإسرائيلية مع قوات حزب الله المسلحة، مما شجع حماس بشكل كبير، حيث أصبح حزب الله أول قوة عسكرية سياسية تمكنت خلال سنوات عديدة من إلحاق هزيمة سياسية كبيرة بإسرائيل. على الرغم من حقيقة أن الأهداف العسكرية الإسرائيلية في عام 2006 قد تم تحقيقها رسميًا وبعد ذلك فقط تم سحب قواتها، إلا أن إسرائيل عانت من هزيمة قاسية من حيث السمعة. وتمت استعادة البنية العسكرية لحزب الله في جنوب لبنان، التي دمرت خلال العملية، على الفور تقريبا. لقد اكتسب حزب الله خبرة تقاسمها مع حماس. تعاونت حماس وحزب الله مع سوريا وإيران خلال تلك السنوات: قدمت أجهزة المخابرات في هاتين الدولتين دعمًا كبيرًا للمنظمات المقاتلة، حيث رأت فيهما في الواقع الحلفاء الحقيقيين الوحيدين وأداة فعالة في القتال ضد دولة إسرائيل. في العام 2007، كان نجاح حماس في الاستيلاء على السلطة في قطاع غزة مرتبطاً بالتجربة التي تعلمتها من حزب الله.

ولكن مع اندلاع الصراع في سوريا، وجدت الجماعتان نفسيها على طرفي نقيض من المتاريس؛ علاوة على ذلك، قامت حماس بتدريب وحدات المعارضة السورية في معسكرات على الارض السورية باستخدام الخبرة التي سبق أن نقلها إليها حزب الله. واشتبك حزب الله وحماس عدة مرات في سوريا خلال الحرب الأهلية. بعد انتهاء المرحلة النشطة من الصراع السوري، مرت العلاقات بين حماس ودمشق بمرحلة ترميم، وبدأ التنسيق والتعاون من جديد.
لكن وجود التنسيق لا يعني وجود علاقات تحالف. ليس لدينا سبب للتأكيد على أن حزب الله وإيران وسوريا كانوا وراء عملية حماس في 7 أكتوبر، كما ادعى العديد من المتحدثين الإسرائيليين.

واستخدمت حماس الموارد التي قدمها لها شركاؤها وحلفاؤها، بما في ذلك حزب الله. لكنها استخدمتها بشكل مستقل حصريا، والاعتماد فقط على كوادرها، وناسها، وموادها، وإلا لكان من المستحيل الحفاظ على سرية عملية الإعداد.
في الظروف الحالية، لا يزال حزب الله كمنظمة ينأى بنفسه عن محاولات إشراكه في هذا الصراع، على الرغم من أنه يمتلك تحت سيطرته قوة عسكرية متفوقة في كثير من النواحي على قوات حماس - فمعظم جنوب لبنان يقع تحت سيطرة قوات حزب الله. ويبلغ عدد أفراد جماعة حزب الله العسكرية، التي مرت ببوتقة الصراع السوري، أكثر من 20 ألف شخص. هؤلاء الأشخاص الذين يتمتعون بخبرة قتالية حقيقية ودوافع معنوية عالية يشكلون تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل.

لو كنا نتحدث عن كون حزب الله مشاركاً كاملاً في الصراع، فإننا لن نتحدث فقط عن اشتباكات معزولة على الحدود مع إسرائيل، أو قصف معزول، بل سنتحدث عن غزو واسع النطاق. في ظل هذه الظروف، ينأى حزب الله بنفسه، ولا تشن سوى خلاياه الأمامية الفردية هجمات على الأراضي الإسرائيلية. لكن من الواضح أن القيادة العليا لحزب الله تحجب معظم موارده. لماذا؟ السؤال مفتوح.

فإما أن يكون هذا موقفاً تكتيكياً يتخذه حزب الله انطلاقاً من فهمه للوضع العام في لبنان والمنطقة والعالم، أو إدراكه أن الوقت لم يحن بعد للهجوم. ومن الممكن أن يكون هناك أيضاً ضغوط من إيران وسوريا، مما قد يوحي بالانتظار. هناك شيء واحد واضح: حزب الله لم يبدأ القتال بعد، وإذا (متى) بدأ القتال، فسيكون على نطاق أوسع بكثير. ولاحتواء هذا التهديد، ستحتاج إسرائيل إلى موارد أكبر بكثير من تلك التي تم نشرها بالفعل على الجبهة الشمالية. ومن أجل منع ذلك، تواصل إسرائيل ضرب الأراضي السورية، والبنية التحتية اللوجستية ووسائل النقل للأغراض العسكرية التي أنشأتها إيران. ولعل هذا هو العامل الذي يسمح لنا اليوم بالحد من تورط حزب الله في الصراع. لا يمكننا التحدث عن هذا إلا من الناحية النظرية.

ما سبب عدم اعتراف روسيا والصين وتركيا بحركة حماس منظمة إرهابية؟

إن الاعتراف بحماس كمنظمة إرهابية في العديد من الدول هو تأثير الولايات المتحدة التي تشارك إسرائيل موقفها من هذه القضية. لكن الدول الكبرى، وفقاً للمعايير الإقليمية والعالمية، لم تعترف حقاً بحماس كمنظمة إرهابية، بل ركزت على حقيقة أنها منظمة سياسية. دعونا نتذكر أن المنظمات الفلسطينية العلمانية قبل توقيع اتفاقيات أوسلو كانت تعتبر أيضًا منظمات إرهابية - وكانت: قد احتجزت رهائن، وارتكبت هجمات إرهابية في الألعاب الأولمبية، واختطفت طائرات، ونفذت غارات حربية، وأعمال تخريب. لكن في مرحلة ما، نشأ تفاهم حول ضرورة التوصل إلى اتفاق معهم – وحقيقة أنهم بدأوا التحدث معهم أدت إلى تراجعهم عن استخدام الأساليب الإرهابية. وأولئك الذين رعت إسرائيل ضدهم "حماس المستقبلية" في السبعينيات والثمانينيات يترأسون الآن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وهم الداعمون الرئيسيون لعملية السلام.

واليوم، عندما يعترف الكثيرون بحماس كمنظمة إرهابية فقط، ينشأ اتجاه خطير للغاية، حيث لا توجد قوى ذات تأثير مماثل في قطاع غزة؛ ورفض الحوار مع حماس يعني رفض الحوار مع الفلسطينيين من حيث المبدأ. وتتوالى المعلومات، خاصة في الساحة السياسية الإسرائيلية، عن أن مفاوضات تجري مع الضفة الغربية حول تشكيل سلطة وحكومة جديدة هناك بعد القضاء على حماس من دونها. لكن هذه الأحاديث لا تحظى بدعم كاف من المصادر، وتشير إلى أن إسرائيل لا تجري حوارا مع أي أحد في قطاع غزة، مما يحرم حماس من الحق في أن تكون لاعبا سياسيا.

الصين وروسيا وتركيا وقطر تعتقد أن وراء مطالب حماس هناك قناعة سياسية يتقاسمها ما لا يقل عن 2.5 مليون من سكان غزة. لقد عاشوا لمدة عشرين عامًا تحت حكم حماس، بسبب الحصار الإسرائيلي الذي كان لديهم ولم يكن بإمكانهم الحصول على أي شيء آخر. في ظل هذه الظروف، تكتسب حماس، بطبيعة الحال، المرجعية، التي لا يمكن حرمانها منها بشكل فوري وبلا رجعة. وبالتالي فإن الصراع غير المتكافئ بالفعل يهدد بالانزلاق إلى ما يسميه بعض الساسة الإسرائيليين – إلى "الصراع ضد الحيوانات الفلسطينية". القتال ليس بين الناس والناس، حيث توجد على الأقل بعض القواعد، ولكن القتال بين الناس وغير البشر - اتضح أنه لن تكون هناك قواعد حرب سارية المفعول، حتى من الناحية النظرية. سيكون من الصعب للغاية التنبؤ بالعواقب، ليس فقط على منطقة الصراع، بل على الشرق الأوسط بأكمله.

أردوغان طلب من قيادة حماس مغادرة الأراضي التركية – هل هذا صحيح؟

لا تزال هذه البيانات تأتي من مصادر مختلفة جدًا، وغالبًا ما تكون غير موثوقة بدرجة كافية ويتم التحقق منها للتأكد تمامًا. ومع ذلك، إذا حدث ذلك، فإن قرار أردوغان لا يفسره الرغبة في رفض الدعم لحماس، بل زيادة فرصه في العمل كوسيط ومفاوض، بعد أن حصل على رصيد من الثقة من إسرائيل. ومن الواضح أن القيادة التركية تسعى إلى تعزيز سلطتها وأهميتها في نظر إسرائيل وإظهار موثوقيتها لها. صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على الفور تقريبًا أن تركيا تريد المشاركة بنشاط في تعزيز التسوية السياسية للصراع واقترح صيغة جديدة يمكن أن توفر ضمانات معينة لكلا طرفي المواجهة وبالتالي تعطي فرصة لوقف المواجهة العسكرية. ومع ذلك، فمن الصعب الحكم على مدى فعالية ذلك، خاصة على خلفية مغادرة الدبلوماسيين الإسرائيليين لتركيا. لا نعرف ما هي الاتصالات التي تتم بين أجهزة المخابرات والجيش، لكن يجب أن نتذكر أن هاكان فيدان ترأس المخابرات التركية لفترة طويلة، ولديه اتصالات غير رسمية غنية وخبرة في التفاعل مع إسرائيل.

ما نوع المفاوضات التي يمكن أن تتم عندما أعلن أردوغان أن تركيا ستعلن أن إسرائيل مجرمة حرب؟

أحدهما لا يتعارض مع الآخر: إذا كانت الجزرة لا تساعد في تحقيق ما تريد، فيمكنك تخويف خصمك بالعصا لإظهار ما يخاطر بخسارته إذا رفض التفاوض.

وينظر اليهود في روسيا والمواطنون الروس السوفيات السابقون الذين هاجروا إلى اسرائيل بموجب (برنامج العودة) إلى زيارة قادة حماس إلى موسكو على أنها خيانة ودعم روسي للنظام الإسلامي الإرهابي.

هناك مهاجرون يهود روس غادروا إلى إسرائيل، وهناك مواطنون روس يعيشون منذ سنوات طويلة في قطاع غزة، وكانوا معرضين للخطر ليس فقط خلال التصعيد الحالي، ولكن أيضًا كجزء من الغارات الإسرائيلية السابقة. لديهم أيضا وجهات نظر. لن نجد أبدًا حلاً وسطًا بين المواطنين الروس الذين يعيشون في إسرائيل وفلسطين. وحقيقة أن وجهات نظرهم مختلفة أمر طبيعي تمامًا.

موقف إسرائيل واضح ومفهوم. اليوم هناك إجماع في الحكومة الإسرائيلية وفي المجتمع الإسرائيلي على اعتبار حماس منظمة إرهابية وليست منظمة سياسية. وليس هناك ما يثير الدهشة في إدانة إسرائيل للموقف الروسي، معتقدة أن حماس غير قادرة على الاتفاق، وبشكل عام من المستحيل التحدث معها. إن هدف السياسة الإسرائيلية، سواء العسكرية أو الخارجية، سيكون تدمير حماس ككيان عسكري سياسي. لقد فهمت وزارة الخارجية الروسية ذلك جيدًا عندما نشرت معلومات علنية عن زيارة حماس لموسكو.

ومع ذلك، فإن روسيا ليست طرفا في الصراع. روسيا تنظر إلى الوضع من الخارج. تاريخياً، لدينا علاقات كثيرة مع كل من إسرائيل وفلسطين. طوال النصف الثاني من القرن العشرين، تابع المجتمع السوفياتي الصراع عن كثب. وكانت هذه مسألة حساسة للغاية ولا تزال كذلك حتى اليوم.

يجب أن يكون مفهوما أن وزارة الخارجية الروسية عندما تدعو وفدا من حماس إلى موسكو، فإنها بذلك تؤكد أولا وقبل كل شيء دعمها لضرورة مفاوضات السلام، وتسعى أيضا إلى حماية المواطنين الروس في قطاع غزة. إن مصير هؤلاء لا يهم الدوائر الحكومية الرسمية في إسرائيل، فحياتهم مهددة، ويمكن لحماس أن تساعد في إنقاذهم. في الظروف الحالية، مع عدم المساواة غير المتكافئة بين الأطراف، ورفض إسرائيل التفاوض، فإن موقف الجانب الروسي المتمثل في خوض المفاوضات يبدو ضعيفًا للغاية، وطوباويًا للغاية وغير قابل للتحقيق. ومع ذلك، يجب على شخص ما أن يلتزم بهذا الموقف. عندما ينتهي الصراع (الحرب)، سيتعين علينا التفاوض. لا أريد أن أصدق أن الحرب ستنتهي بالتدمير الكامل لقطاع غزة، رغم أن بعض المتحدثين المؤيدين لإسرائيل يشيرون إلى ذلك بشكل مباشر. لذلك، تحتفظ موسكو بإمكانية إجراء مفاوضات مع جميع أطراف الصراع – وقد أصبح هذا عنصرًا من عناصر عقيدة السياسة الخارجية للاتحاد الروسي في الشرق الأوسط في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين: روسيا تجري محادثات مع إيران و السعودية، ومع إسرائيل وسوريا، و وما إلى ذلك – وتستمر في الحفاظ ببراعة على هذه السياسة الخارجية، وهو خط لا يؤدي إلى حلول سريعة، ولكنه فريد من نوعه ويوفر في بعض الأحيان فرصًا مثيرة للاهتمام للغاية.

وتعتبر هذه الزيارة ضرورية للحفاظ على مساحة للحوار والحل السياسي المستقبلي، فضلا عن حل المشاكل الإنسانية اليوم، حيث ترفض إسرائيل التفاوض حول القضايا الإنسانية، رغم الإقتراح عليها تسيير قوافل صغيرة ومغادرة بعض شرائح السكان من القطاع. على الرغم من أن إسرائيل تدعو إلى تطهير كامل جنوب قطاع غزة من السكان، إلا أن إسرائيل لا تريد حل هذه المشكلة الإنسانية، لكنها مضطرة إلى ذلك، لأنها يمكن أن تؤدي إلى انهيار الوضع الاقتصادي في جميع البلدان المجاورة، وهذا هو اتجاه خطير للغاية. وفي حالة انهيار الدولة الهشة في المنطقة، فإن المستفيدين الرئيسيين لن يكونوا حماس، بل المنظمات المتطرفة الكارهة للبشر مثل داعش. وسوف نعود إلى الوضع في الفترة 2013-2014، عندما رفع العالم كله يديه ولم يعرف ماذا يفعل على خلفية صعود التطرف الإسلامي في العراق وسوريا.

إن إنقاذ الروس أصبح الآن المهمة الأساسية لوزارة الخارجية الروسية والدبلوماسيين الروس الذين يواصلون العمل ليس فقط في إسرائيل، بل أيضاً في الضفة الغربية – في رام الله، حيث تجري الآن اضطرابات أيضاً. طوال هذه الأسابيع كانوا يقدمون الدعم للمواطنين الروس الموجودين هناك. وبطبيعة الحال، أصبح الوصول إلى قطاع غزة الآن محدودا: فلا أحد يستطيع أن يقدم ضمانات أمنية - لا حماس ولا إسرائيل. وهذا يجعل العمل صعبا، ولكن هذه هي المهمة الوحيدة والرئيسية للموظفين القنصليين الذين يواصلون العمل مع المخاطرة بحياتهم. هذا عمل معقد، وغالبًا ما لا يحظى بتغطية كافية، ونتيجة لذلك، بالاعتراف من المجتمع، لكنه بالتأكيد يستحق ذلك. أعتقد أنه لا يوجد حل قوي وسريع ولا لبس فيه هنا. إن الأمر يتطلب عملاً مضنياً ودقيقاً - ويتم تنفيذه، بما في ذلك بمشاركة جميع المشاركين والوسطاء المحتملين على الأرض وفي المناطق المحيطة. والنتيجة يجب أن تكون إنقاذ المواطنين المعرضين للخطر الذين يجب إجلاؤهم من قطاع غزة.

وبالطبع فإن حماس تتفاوض مع قطر وتركيا وروسيا حول هذا الموضوع. ويتم الحديث عن العقبات التي تفرضها الحرب المستمرة وعدم تقديم التنازلات من جانب إسرائيل، ولكن هذا أيضًا عامل يمكن العمل معه. المفاوضات والدبلوماسية هي فن التنازلات والتسويات. ويجب على حماس وإسرائيل أن تتعلما من ذلك. والدبلوماسيون الروس لديهم هذه التجربة ليس فقط في فلسطين، بل في جميع الدول المجاورة. إن التوجه في الشرق الأوسط لا يعمل على حل الصراع - وهذا أمر مستحيل في المستقبل المنظور، بل لحماية المواطنين الروس. يمكن أن يؤدي هذا العمل إلى نتائج – في السنوات الأخيرة، لم تتراجع أهمية الدبلوماسية الروسية في المنطقة، بل نمت، مما يترك فرصة أن يؤدي العمل المتسق إلى نتائج.

ومن المفهوم والواضح أن هذه الأعمال لا يمكن أن تكون إجراءات أحادية تعتمد فقط على أحد الطرفين؛ فعند التحدث مع حماس، سيستمر الحديث مع إسرائيل أيضًا. وتدين روسيا بنفس القدر الهجوم الإرهابي الذي نفذته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، والأعمال الانتقامية غير المنضبطة التي قامت بها القيادة العسكرية الإسرائيلية في الأسابيع التالية. وترفض روسيا مبدأ عدم مساواة الضحايا بين الإسرائيليين والفلسطينيين الذي تسترشد به المؤسسة السياسية الإسرائيلية اليوم. ومع ذلك، هناك عدد كبير من الروابط الثقافية والتاريخية والاقتصادية التي تربط روسيا وإسرائيل. وهذا يدعو إلى الاعتقاد بأن الأزمة الحالية لن تؤدي إلى توقف للحوار، بل يجب أن يستمر.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 64 – ...
- الصحافة الغربية عن مذبحة غزة - العقاب الجماعي لن يهزم حماس
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 63 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 62 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 61 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 60 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 59 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 58 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 57 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 56 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 55 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 54 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 53 - ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 51 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 52 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 50 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 49 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 48 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 47 – ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 46 – ...


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 65 – حماس في غزة لا بديل لها