كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 60 – خيارات التسوية في غزة

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7817 - 2023 / 12 / 6 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


غزة تبحث عن السلام


ماريانا بيلينكايا
مستشرقة روسية
كاتبة صحفية، محللة وباحثة سياسية

4 ديسمبر 2023

يناقش الوسطاء الدوليون بالفعل خيارات التسوية المستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين. وتقوم إسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة. وفي غضون ذلك، لم يفقد المجتمع الدولي الأمل في التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار. ولكن في ظل هذه الخلفية، تطرح المزيد والمزيد من الأسئلة حول ما سيحدث بعد ذلك عندما تنتهي الحرب. تظهر تسريبات متزايدة في وسائل الإعلام حول كيفية رؤية إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول العربية للتطور اللاحق للأحداث. ومن جانبهم، بدأ الفلسطينيون بالفعل في دق ناقوس الخطر: فهم يخشون وقوع قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي.


“إننا نواجه إعادة احتلال قطاع غزة وخطط لإنشاء مناطق عازلة داخله. ونحن نرفض هذه المخططات رفضاً قاطعاً وندعو العالم أجمع إلى رفضها. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في اجتماع لمجلس الوزراء يوم الاثنين: “نشكر الدول التي تعارض هذه الخطط معنا”. وأشار إلى أن إسرائيل لن تتخلى عن خططها لطرد السكان الفلسطينيين من مناطق معينة في قطاع غزة. وهذا ما يفسر، بحسب السيد اشتية، نداءات الجيش الإسرائيلي لسكان القطاع بمغادرة المناطق الشمالية باتجاه الجنوب، باتجاه مدينة رفح الحدودية مع مصر. وشدد رئيس الوزراء على أن المناطق العازلة ستقلل من مساحة قطاع غزة الصغيرة في الأصل.

دعونا نتذكر أن إسرائيل انسحبت من قطاع غزة من جانب واحد في عام 2005 ولم تكن تنوي العودة إلى هناك حتى بداية الحرب مع حماس في 7 أكتوبر، عندما هاجم المسلحون المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة وقتلوا حوالي 1.2 ألف شخص في يوم واحد، وتم أسر 240 شخصًا.

قطاع غزة: التاريخ والجغرافيا والاقتصاد

وجاء حديث محمد اشتية بعد أيام قليلة من نشر رويترز معلومات عن نية إسرائيل إنشاء منطقة عازلة في قطاع غزة على حساب الأراضي الفلسطينية. وتستشهد الوكالة بثلاثة مصادر شرق أوسطية. ويُزعم أن إسرائيل شاركت خططها مع مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة، التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية، وكذلك مع المملكة العربية السعودية، التي كان من المخطط إقامة علاقات رسمية معها. ويشار إلى أن أنقرة تعرف ذلك أيضاً، رغم التدهور الحاد في العلاقات التركية الإسرائيلية بعد بدء الحرب على قطاع غزة.

وقال أحد المصادر لرويترز طالبا عدم الكشف عن هويته "إسرائيل تريد أن تمتد هذه المنطقة العازلة بين غزة وإسرائيل من الشمال إلى الجنوب وتمنع حماس أو نشطاء آخرين من التسلل إلى إسرائيل أو مهاجمتها".

وتعليقا على هذه المعلومات، قال المسؤول الإماراتي إن أبوظبي ستدعم أي اتفاقات ما بعد الحرب تتفق عليها جميع الأطراف المعنية لتحقيق الاستقرار وإقامة الدولة الفلسطينية.

وقال مستشار السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير فولك لرويترز إن الخطة الإسرائيلية تتضمن ثلاث مراحل وأشار إلى أن "المنطقة العازلة يمكن أن تكون جزءا من عملية نزع السلاح" في قطاع غزة.
والتزم الصمت بشأن التفاصيل الأخرى للخطة. ومع ذلك، فإن فكرة المنطقة العازلة مع غزة قد سمعت في وسائل الإعلام الإسرائيلية من قبل بطريقة أو بأخرى، لذلك يبدو أن إنشائها من قبل إسرائيل يعتبر أمرا لا مفر منه. وماذا بعد ذلك – لا يزال سؤالا دون جواب.

الشيء الوحيد الذي يبدو مؤكداً حتى الآن من المسؤولين الإسرائيليين: "اننا لن نسمح لحماس بمواصلة حكمها في قطاع غزة ونعتزم تدمير الإمكانات العسكرية لهذه الحركة".

يبحث العالم عن سبل لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط

كما أعربت وسائل إعلام مختلفة عن أفكار حول السيطرة الدولية المؤقتة على قطاع غزة. ولكن حتى الآن لم تعرب أي دولة عربية رسمياً عن رغبتها في العمل "كمشرف"؛ بل على العكس من ذلك، صرح أقرب جيرانها – مصر والأردن – بأنه ليس لديهم مثل هذه الخطط. وتحدثت أنقرة فقط عن استعدادها للعمل كضامن للاستقرار في القطاع، ولكن بالنظر إلى الأزمة في العلاقات التركية الإسرائيلية وعلاقات تركيا الوثيقة مع حماس، فمن غير المرجح أن تحصل على موافقة إسرائيلية على ذلك.

لكن صحيفة "العربي الجديد" القطرية نقلت يوم الاثنين عن مصادر مصرية أن القاهرة مستعدة للعب دور الضامن إلى جانب الدول العربية الأخرى والأمم المتحدة. صحيح أننا كنا نتحدث عن شروط معينة. وتقترح القاهرة، بحسب الصحيفة، تشكيل حكومة انتقالية جديدة في فلسطين، والتي ستضم أيضًا ممثلين عن حماس. وسيبقى الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس "الرئيس الفخري"، لكنه لن تكون له سلطات حكم حقيقية. ومن بين المرشحين المقترحين لمنصب رئيس الوزراء سلام فياض، الذي سبق له أن تولى رئاسة الحكومة الفلسطينية في الفترة 2007-2013. وقد ترأس الحكومة بعد أن قام الرئيس عباس بحل حكومة الوحدة الوطنية بقيادة أحد قادة حماس، إسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي للحركة الآن).

وبحسب الصحيفة فإن خطة القاهرة تتضمن البحث عن صيغة تعني التعايش بين فلسطين وإسرائيل في سلام. ويشار أيضًا إلى أن مصر قد تضطر إلى قبول اللاجئين من غزة وسط الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في القطاع، رغم أنها تعارض بشدة في الوقت الحالي فكرة طرد الفلسطينيين إلى أراضيها. أي أننا نتحدث عن حقيقة أن القاهرة تستطيع فتح حدودها أمام اللاجئين الفلسطينيين مع ضمان أن يكون هذا حلاً مؤقتاً. في السابق، رفضت مصر بشكل قاطع قبول اللاجئين الفلسطينيين لأنها تخشى تكرار الوضع في عامي 1948 و1967، عندما فر الفلسطينيون من منازلهم أثناء الحروب مع إسرائيل – أحياناً طوعاً، وأحياناً تحت الإكراه – ولم يتمكنوا أبداً من العودة.

بخلاف ذلك، فإن الخطة التي نشرتها "العربي الجديد" تكرر المفهوم الذي عبرت عنه الدول العربية أكثر من مرة خلال حرب غزة: وقف إطلاق النار يجب أن تتبعه تسوية نهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويتزايد عدد ممثلي المجتمع الدولي الذين يتحدثون عن تطبيق مفهوم "الدولتين". وهذه ليست الدول العربية فحسب، بل أيضًا روسيا والاتحاد الأوروبي وحتى الولايات المتحدة الأمريكية. بل إن واشنطن تحاول التخطيط لمستقبل قطاع غزة باعتبارها الوسيط الدولي الوحيد الذي يتمتع بنفوذ على إسرائيل.

إسرائيل تدعو الفلسطينيين إلى البحث عن أماكن جديدة للجوء

وتشير صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أنه خلال رحلة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي (الرابعة منذ بداية الحرب)، حاول بشكل حثيث إثارة القضايا الأكثر إلحاحا في مناقشاته مع الساسة في المنطقة. – من وقف إطلاق النار إلى إدارة غزة بعد الحرب. وتضغط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أجل إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية لتكون بمثابة حكومة في غزة، لكن الفكرة لا تحظى بشعبية ليس فقط بين القيادة الإسرائيلية ولكن أيضًا بين العديد من الفلسطينيين. "ليس لدينا أي أوهام بأن هذا سيكون سهلا. وقال بلينكن للصحفيين في تل أبيب: “لا بد أن تكون لدينا خلافات على طول الطريق”. لكنه قال إن "البديل - المزيد من الهجمات الإرهابية، والمزيد من العنف، والمزيد من معاناة الأبرياء - هذا غير مقبول".

وإسرائيل ليست مستعدة بعد للتفاوض على تسوية نهائية مع الفلسطينيين. علاوة على ذلك، يقول المسؤولون الإسرائيليون إن السلطات في الضفة الغربية، بما في ذلك الرئيس عباس، لا تختلف عن حماس عندما يتعلق الأمر بموقفها تجاه إسرائيل.

وتعبر التصريحات الإسرائيلية بشكل متزايد عن عزمها الاحتفاظ بالقدرة على ضبط الأمن في غزة، كما يحدث حاليا في الضفة الغربية. "أي أن نكون قادرين على تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب في أي منطقة في القطاع وفي أي وقت".
وفي مثل هذه الظروف، من غير المرجح أن تجرؤ أي دولة عربية على العمل كضامن للتسوية. وسيتعين على إسرائيل إما أن تحتل قطاع غزة، وهو ما لا تريده على الإطلاق، أو أن تعزله بمنطقة عازلة، ولكن بعد ذلك قد تظهر هناك بنية أكثر تطرفا من حماس.

وعلى أية حال فإن القتال في قطاع غزة مستمر. وتقوم إسرائيل بتوسيع مناطق عملياتها العسكرية. وتقول السلطات الفلسطينية إن عدد الضحايا الفلسطينيين تجاوز 15800. كل يوم تقريبا هناك أخبار عن جنود إسرائيليين قتلى. ولا يزال الرهائن الإسرائيليون، ومن بينهم نساء وأطفال، في قطاع غزة. وحماس، على الرغم من الأضرار التي لحقت بها، لا تزال تحتفظ بالقدرة على قصف المدن الإسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات