|
الله والميتافيزيقا وفرعون
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 7813 - 2023 / 12 / 2 - 10:02
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بعد انقضاء المدة المبرمة ما بين شيخ مدين وموسى ، انفصل عنه اسريا ليستقل لوحده ، فسار بأهله نهارا فحل عليه الظلام عند الطور، فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله، انس من جانب الطور نارا ، قال لأهله امكثوا توقفوا عن المسير الى وضع الجلوس ، إني أنست نارا لعلي أتيكم منها بخبر ، الخبر الذي يبحث عنه موسى تحديد موقعه في الصحراء ، فاعتقد ان النار لقوم أو لراعي غنم فذهب ليسأله ، لعلي أتيكم منها بخبر ، أو جذوة من نار شعلة لعلكم تصطلون ، الاصطلاء للطبخ والإنارة ، أربعة أماكن مقدسة على موسى ان لا ينساها لأنها مستقرا له ولبني إسرائيل بعد الخروج من مصر ، وعلى الطور سيتم تدوين كتاب موسى على الألواح ، فلما أتاها النار، نودي من شاطئي الوادي الأيمن، في البقعة المباركة من الشجرة ، ان يا موسى ، إني انأ الله رب العالمين ، حدد الله لموسى موقعه في الصحراء ، أول حدث ديني على الأماكن المقدسة وان القي عصاك فلما راها تهتز كأنها جان ، ولى مدبرا ولم يعقب ، يا موسى اقبل ولا تخف انك من الآمنين ، علَّم الله موسى ، طريقتان مكملتان للعصا المتحولة الى ثعبان أمام فرعون ، الأولى واسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء كدليل على خلوها من الأشياء المخفية ، الثانية ، واضمم إليك جناحيك من الرهب ، اضمم ذراعيك الى صدرك لتعكس حالة الخوف والرهبة التي تمر بها ، فذانك برهانان من ربك الى فرعون وملأه أنهم كانوا قوما فاسقين
فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ{29} فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{30} وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ{31} اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ{32}
سئل موسى الله عن بعض المشاكل التي تركها في مصر ، والتي كانت سببا في هروبه الى مدين ، ربما قد تربك المهمة التي سيقوم بها ، منها مصرع رجل على يده ، قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف ان يقتلون ، عائق أخر ، خوفه من التلكؤ بالكلام أمام فرعون ، فطلب مؤازرة أخيه ، وأخي هارون هو أفصح مني لسانا ، فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف ان يكذبون ، قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا ، السلطان الآيات العقائدية التي سيطرحها موسى على فرعون والمفرغة من الأبعاد السياسية ، فلا يصلوا أليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون
قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ{33} وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ{34} قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ{35}
التقى موسى بهارون في مصر قبل التوجه الى فرعون ، ليطلعه على مجريات الأحداث والمهام التي سيقومان بها عند دعوة فرعون وملأه ، بداية قدم موسى لفرعون أدلة عقائدية تدعوه الى الإيمان بالله واليوم الآخر ، فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إنكار واضح لوجود الله ، اعتقد فرعون ان موسى اختلق الآيات للطعن بإلوهية ، ولكي يبرئ موسى ساحته من اختلاق الآيات ، نسب ما قاله لفرعون الى ربه ، قال ربي اعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار انه لا يفلح الظالمون
فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ{36} وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ{37}
طرح فرعون براغماتية جديدة لإبطال وجودية اله موسى عمليا وواقعيا ، ليثبت الوهيتة لشعبه ولحكومته مخاطبا إياهم ، وقال فرعون ، يا أيها الملأ ما علمت لكم من اله غيري ، البراغماتية الجديدة حققها عن طريق الميتافيزيقا ، فأمر هامان ببناء برج عالي ليقف علية فرعون ليطلع من وراء الطبيعة الى اله موسى ، ان عدم وجود الله ماديا دليل عملي واقعي للملأ على إلوهيته ، فأوقد لي يا هامان على الطين فجعل لي صراحا لعلي اطلع الى اله موسى واني لأظنه من الكاذبين ، واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق ، وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ، فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ، فنظر كيف كان عاقبة الظالمين ، وجعلناهم أئمة يدعون الى النار وبوم القيامة لا ينصرون ، واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ{38} وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ{39} فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ{40} وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ{41} وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ{42}
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرعون وهامان
-
الوفاء
-
سليمان ومملكة سبأ
-
الرأسمالية تاريخ مخزي للشعوب
-
الإبراهيميون في القرن السادس الميلادي
-
البراغماتية بين موسى وفرعون
-
طوفان الأقصى تحالف الرومان والنصارى العرب
-
طوفان الأقصى لا قيمة للبشر قدسيته الحجر
-
الانتهازية الرأسمالية في الفكر الميثولوجي
-
الدوغمائية في الفكر الميثولوجي
-
ميثولوجيا الملائكة أولياء الله
-
ميثولوجيا الملائكة بنات الله
-
أهواء عاشق
-
الاحتباس الحراري والأمن المائي
-
طِباع الكذاب
-
أوجاع العشق
-
طيف من كان مني
-
شيء ضاع مني
-
الوجودية المكية وزمن البرزخ
-
تاريخ الأمم
المزيد.....
-
ترامب: سكان غزة يتضورون جوعا.. وسنساعدهم ليحصلوا على -بعض ال
...
-
عقب ضربة إسرائيل لليمن.. الحوثي يتوعد برد قوي
-
الحكومة الفلسطينية ترفض الآلية الإسرائيلية المقترحة لتوزيع ا
...
-
طرق فعالة لمحاربة إدمان الحلويات
-
ترامب يرجح عقد اتفاق تجاري مع كندا خلال زيارة كارني
-
-سي إن إن-: وزير الدفاع الأمريكي يخفض 20% من المناصب القيادي
...
-
حزب -إصلاح المملكة المتحدة- البريطاني يحظر رفع الأعلام الأوك
...
-
وزير الاتصالات السوري يبحث مع السفير السعودي سبل تطوير التعا
...
-
وسائل إعلام: ترامب لا يشارك في الجهود لوقف إطلاق النار بين إ
...
-
أسرار تحسين ملامح الوجه بأساليب بسيطة وفعّالة
المزيد.....
-
برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية
/ رحيم فرحان صدام
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
المزيد.....
|