أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - ميثولوجيا الملائكة بنات الله















المزيد.....

ميثولوجيا الملائكة بنات الله


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 7749 - 2023 / 9 / 29 - 01:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الميثولوجيا ، علم يهتم بدراسة الشواهد الحضارية للأمم السابقة ،عبر فلسفة عميقة للاطلاع على الحياة الدينية والثقافية والسياسية لتلك الشعوب ، كما تهتم بدراسة خرافات وأساطير المعتقدات ، يمكننا تحديد البداية التاريخية للميثولوجيا ، فقد ظهرت في أقدم الاعتقادات الدينية في تاريخ البشرية ، كما تعتبر أول تحول عقائدي في الجيل الأول لأبناء ادم من عقيدة التوبة الى عقيدة تكفير الخطيئة بالطقوس والخرافات الوثنية ، فهذا الاستحداث الفكري الجديد ، أعاد ترتيب الخطيئة وفقا للحدث الأول ، عندما أكل ادم وزوجه من الشجرة ، وأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، فتلك الأفكار ألغت التوبة ، وحمَّلت الشعوب الخطيئة دون مبرر عبر دراما واقعية نظر لها أصحاب تلك الاعتقادات ، تفسر إغواء حواء لأدم في ارتكاب المعصبة ، ومن هنا ظهر دور الإناث والذكور كإلهة في الكثير من خرافات وأساطير الأمم السابقة ، ذلك مما غير مفاهيم التوبة ، لتحل محلها اعتقادات تلبي الرغبات الشخصية دون الخوف من الخطيئة ، الحضارة الإغريقية ، أفضل تمثيل لميثولوجيا ادم وحواء فما زالت الرسوم والمنحوتات الى الان تعبر عن الحياة الدينية والثقافية والسياسية لتلك الفترة عبر أزواج من الإلهة ، تعتبر ميثولوجيا الملائكة بنات الله فكر متقدم بالنسبة للاعتقادات الأخرى ، من ناحية التقرب الى الله ، لأنها مستنبطة من حديث الله مع الملائكة والجن ، ويمكن اعتبارها أخر ميثولوجيا في تاريخ الخرافات ولأساطير، لأنها انتهت في القرن السادس الميلادي ، الملائكة بنات الله من معتقدات الفكر الوثني الشركي لأهل مكة ،على اعتقاد ان الله صاهر الجن فأنجبوا له البنات ، فالإلهة مجموعة من الإناث إما من البنات وإما من الزوجات ولكل واحدة منهن دورا في الحياة ، كآلهة الزواج الرزق والنصيب والعشق ، أما الذكور من الإلهة فلكل واحد منهم أيضا دور في الحياة ، كآلهة التجارة والمصالح والحروب والنصر وردع الأخطار

تبارك الذي نزل الفرقان ، الفرقان ، مصدر فرق – بمعنى سيقوم التنزيل بعملية فرق فكري داخل القاعدة الجماهيرية المكية ، لتفريقها بين مؤيد ومعارض للطرح الجديد ، من خلال تصحيح الأفكار والمعتقدات ، لفصل الحق عن الباطل ، نزل الفرقان على عبده محمد ليكون للعالمين نذيرا ، فالفرقان بمثابة إنذار للبشرية لتلافي النهاية المصيرية المحتومة لكل إنسان ، أما دور محمد هنا كنذير فقط وليس له فاعلية في هداية الناس الى الصراط المستقيم ، فالإلهة بذكورها وإناثها لا يملكون شيء في السماوات والأرض ، والله هو المالك الأصلي لكل شيء ، الذي له ملك السماوات والأرض ، ولكي يكون التنزيل بعيدا عن ازدواجية المعاير الدعوية ، بدا بدعوة محمد أولا ، للتخلص من ميثولوجيا الملائكة بنات الله ، قال الله ، ولم يتخذ والدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا ، ضع أنت يا محمد ، أولا لربك قدرا عالي التقدير، يليق به، لأنه لا شريك له ، وخلق كل شيء ، بعد ذلك توجه التنزيل الى معتقدي الملائكة بنات الله ، للبدا بعملية فرق فكري داخل القاعدة الجماهيرية المكية ، قال الله ، واتخذوا من دون الله آلهة ، لا يخلقون شيء وهم يخلقون ، بمعنى ان الملائكة ، لا يخلقون شيء وهم يخلقون ، ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حيتا ولا نشورا ، إذن الملائكة لا تستحق كل هذا الحجم من الإلوهية ، فالدوغمائية ، لن تجدي نفعا أمام سيل زاخر من الأفكار الفرقانية ، فلابد من تحرك فكري مضاد من قبل أصحاب تلك المعتقدات ، وبالفعل لقد تعرضت الدعوة لشتى الانتقادات منها ، وقال الذين كفروا ان هذا إلا أفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ، بمعنى ان محمد افترى القران ، بمساعدة أطراف أخرى ، ساهمت في هذا الطرح ، فقد جاءوا ظلما وزورا --

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً{1} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً{2} وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً{3} وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْماً وَزُوراً{4}

كرد فعل على انتقاد التنزيل لخرافات وأساطير آلهة أهل مكة ، بادر الطرف الأخر بنفس الأسلوب ، متهما القران بالأساطير ، وان ما جاء به محمد ، هو من تأليفه وبمساعدة جهات أخرى كانت تكتب له ، إبعاد هذا الطرح هو لبلورة مفهوم بشرية القران ، في فكر القاعدة الجماهيرية المكية ، وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ، ليلا ونهارا ، رد يا محمد على المشركين ، وبرئ ساحتك من بشرية القران ، وتأليفك له ، وقل لهم ، انزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض انه كان غفورا رحيما ، ان فقدان النفوذ السياسي والسلطوي والمصالح المشتركة ليس بالسهل على الطبقة الرأسمالية والكهنة والأسياد ، فسرعنما تحول الصراع الفكري ، من بشرية القران ، الى بشرية محمد ، وقالوا مال هذا الرسول ، يأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق، لولا انزل إليه ملك فيكون معه نذيرا، أو يلقي إليه كنز ، أو تكون له جنة يأكل منها ، وقال الظالمون ، ان تتبعوا إلا رجل مسحورا ، انظر كيف ضربوا لك الأمثال ، فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ، تبارك الذي ان شاء جعل لك خير من ذلك ، جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا

وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{5} قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً{6} وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً{7} أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً{8} انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً{9} تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً{10}

أخذت الآيات القرآنية ، دورا إيجابا في تغير أفكار المجتمع المكي ، وان استمرر الفرقان ، بهذا النهج العقائدي سوف يفقد المشركون القاعدة الجماهيرية ، التي هي مرتكز المصالح الاقتصادية ، وبالتالي ، لن تربح تجارتهم التي أسواقها الملائكة بنات الله ، ولكي يحافظ الوثنيون على تاريخ وتراث تلك القاعدة ، اخذوا بالتصدي لأهم أطروحات التغير العقائدي ، إلا وهي البعث والنشور الأخروي ، بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ، والساعة هي ساعة الحساب ، فإذا ما وقع يوم الحساب وأصبح واقعا لا مفر منه ، سيكون رد فعل المشركين مغاير، لما كذبوا به ، فمن مشاهد السعير، إذا رأتهم سمعوا لها تغيظا وزفيرا ، وإذا القوا منها مكانا ضيقا مقرنين، مربوط كل مع قرينه ، دعوا هنالك ثبورا ، لا تدعون اليوم ثبورا واحدا ، وادعوا ثبورا كثيرا ، قل لهم يا محمد لينتبهوا الى فرق المصيرين ، أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون ، كانت لهم جزاء مصيرا ، لهم فيها ما يشاوون خالدين فيها ، كان على ربك وعدا مسؤولا

بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً{11} إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً{12} وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً{13} لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً{14} قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيراً{15} لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً{16}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهواء عاشق
- الاحتباس الحراري والأمن المائي
- طِباع الكذاب
- أوجاع العشق
- طيف من كان مني
- شيء ضاع مني
- الوجودية المكية وزمن البرزخ
- تاريخ الأمم
- طور سيناء
- ملك إحساسي
- وطني دجلة والنوارس
- أنا – وقلبي
- التراث المكي وثنية الحج
- جدال الخصوم
- الرجال قوامون على النساء بين الإسلام السياسي والتنزيل
- ولقد كتبنا في ألزبور
- أنا - وروحي - والقدر
- خصوصية الأنبياء بين التراث الديني والتنزيل
- هالة عاهد بين الاتفاقيات الدولية والإسلام السياسي
- رمي الجمرات بين الله والشيطان


المزيد.....




- فيديو لدخان يتصاعد من طائرة ركاب أمريكية بعد إقلاعها من لاس ...
- ترامب من قمة الناتو: قد نتحدث مع إيران الأسبوع المقبل وبوتين ...
- بلغاريا: الفهد الأسود لا يزال طليقًا بعد ستة أيام من البحث ا ...
- إسرائيل وإيران تحتفيان بـ-النصر-.. فمن هو الخاسر إذن؟
- -يوم صعب وحزين- لإسرائيل ـ مقتل سبعة جنود بعبوة ناسفة في غزة ...
- من الانقلاب إلى العقوبات.. محطات العداء بين طهران وواشنطن
- ماذا نعرف عن مصير اليورانيوم المخصب لدى إيران بعد الضربات ال ...
- مخزية ودنيئة.. إيران ترد على إشادة أمين عام الناتو بالضربات ...
- خسائر الاحتلال بغزة تزيد الضغوط على نتنياهو لوقف الحرب
- هل انتهت حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران؟ وما مكاسب كل طرف ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - ميثولوجيا الملائكة بنات الله