أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - الخوارزميات وسلوك القطيع















المزيد.....

الخوارزميات وسلوك القطيع


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 7800 - 2023 / 11 / 19 - 22:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ملايين العرب، محامون وأطباء ومهندسون ومثقفون وأساتذة جامعات وشعراء وروائيون يستعينون بتميمة الخوارزميات لفك لغز ظهور المنشورات واختفائها. تضاف إليها بالطبع قصص قديمة عن تحذير إدارة الفيس بوك من استخدام صورنا أو معلوماتنا الشخصية تحت طائلة التهديد بمعاقبة مارك وإحضاره إلى ساحة العدالة مخفوراً مكبل اليدين معصوب العينين.
يا للهول! كيف يحدث هذا في لحظة غزة الرهيبة؟ أين يذهب العقل البشري الذي يميزنا عن الكائنات الأخرى على حين غرة؟!
لروح أرسطو طاليس السلام ولذكراه الخلود: الإنسان حيوان ناطق (=عاقل)، فإذا ذهب العقل ما عاد هناك سوى كائن ثديي عادي.
لكن كيف يحدث هذا بينما تقوم إسرائيل برعاية الولايات المتحدة وأوروبا، ومباركة رجال من طراز يورغن هابرماس خليفة مارتن هيدجر بإبادة غزة؟! حرفياً تقوم بإبادة غزة، ولا نستطيع نحن والقانون الدولي ومحاكمه ومؤسساته أن نفعل لها شيئاً. فما الذي ستفعله صديقي الفنان، العالم، المثقف، الأكاديمي، بحق مارك زوكيربرغ؟ إذا كنا لا نملك شيئاً لقصف المدارس والمشافي والمساجد والكنائس والبيوت المدنية ومصادر المياه والاتصالات والكهرباء، فماذا سنملك لمخالفة بسيطة يمكن أن يقوم بها مارك من قبيل نشر صورتنا المنشورة أصلاً أو تمرير معلومة بسيطة عنا؟ هل يستحق مارك الشنق على هذه الجريمة؟ وهل ستسارع مؤسسات الاتحاد الأوروبي لنجدتكم إن احتجتم النجدة؟ هل بلغ الغرور بنا أن نظن أن صورتنا الشخصية أهم من دماء أطفال غزة وجنين ونابلس وسائر مدن فلسطين وقراها ومخيماتها؟ كيف يخطر ببال أحدنا أن هذا الكلام يمكن أن يحمل أي مقدار من الجدية؟
ثم هناك ملاحظة مدهشة بالفعل: هناك أشخاص كثر نشروا "بيان" الخوارزميات ثم أتحفونا بمنشور تحذير الفيس من استخدام الصور والمعلومات، لكن اليوم تحديداً دخل الإشاعة مفهوماً جديداً فحواه أن هناك رموزاً معينة تكتبها على صفحتك كالتميمة ويكون لها سر السحر الباتع وينفك "العمل" بإذن الله لتجد نفسك في نعيم الفيس بدون قيود ولا مخاطر. الغريب أن الأشخاص الذين استخدموا "الحجاب" الأول عادوا إلى استخدام المنشورات الأخرى، وهو ما يدل على أنهم لم يستفيدوا من المحاولة الأولى فلجأوا إلى الوسائل الأخرى. بهذا المعنى فإن الإشاعة تتلاعب بالناس كما تهوى وتحركهم على غير هدى. وما كنت لأكلف نفسي عناء الكتابة في هذا الموضوع لو أن "العامة" على حد تعبير جدي ابن رشد هم وحدهم من فعل ذلك، ولكن نسبة ساحقة من النخب تقوم بهذا الفعل العجيب.
لكن ما الذي يدفع الناس إلى الركض وراء هذه الإشاعات:
1. الرغبة في القيام بفعل "نضالي" ما. نحن نعيش في حالة عجز تجاه واقع كفاحي بطولي ومأساوي في آن معاً. ولعل من المريح نفسياً أن نحس بأننا نفعل شيئاً ما يؤثرفي الواقع الافتراضي ما دمنا لا نؤثر في الواقع الحقيقي المعاش، والذي نهرب منه إلى التعليق والصورة التي توهمنا بالمساهمة فيما يحدث حتى لو كان ذلك بمنشور "نضالي" يخالف إرادة مارك الخبيثة.
2. إدمان وسائط التواصل الاجتماعي إلى درجة أن الناس تظن أنها تعيش مأساة كبيرة إذا تم تقييد الحساب أو ما أشبه. وقد قام عدد من صديقاتي وأصدقائي بتقديم العزاء والمواساة لي عندما أغلق التكتوك الصيني حسابي بعد أن تكررت كلمة غزة في منشوراتي أكثر مما يحتمل مجتمعهم المتسامح الذي يحب المرح ولا يحب كما قالوا الأفكار المؤلمة أو التحريضية..الخ.
3. تقليد الناس بعضهم لبعض وقراءتهم للكلام بحرفية ساذجة. مثلاً "الآن لقد ثبت للجميع، أو تأكد الجميع...الخ" من هو الذي ثبت له؟ لقد سألت صديقات وأصدقاء عن ذلك فقالوا إنهم إنما ينسخون ما يجدونه لدى الآخرين. لكن ما هو المصدر الأول وصاحب الامتياز؟ لم يفكر أحد منهم أن إدارة فيس بوك هي المصدر الأول لهذه الخزعبلات، وأنهم يسخرون من سذاجة العرب ومن ابتلاعهم لأية إشاعة تطلقها إدارة الفيس بوك دون أي تردد، بل لقد سمعت أن دراسة معينة نفذتها إدارة الفيس كشفت أن نسبة 80 في المئة ممن يروج خراريف الخوارزميات وتمائمها هم خريجو جامعات، وأن عشرة في المئة منهم من حملة الدرجات العليا. إن إدارة فيس بوك للاسف تحيلنا إلى فئران تجارب وتستهلك وقتنا واهتماماتنا في مواضيع ملفقة لا قيمة لها، وفي الوقت نفسه تبعدنا عن المواضيع الساخنة في هذه اللحظة التي ينبغي أن تكون موضع متابعتنا الأولى.
4. من المعلوم للقاصي والداني أن إدارة فيس بوك تتعاون مع الأجهزة الاستخبارية والأمنية بما فيها وكالة التحقيقات الفيدراية ووكالة المخابرات المركزية والوكالات الصديقة في إسرائيل وغيرها. ولست أعرف كيف تكون محاسبتها على فعل "قانوني" تقوم به، ولست أعرف أبداً كيف سأعرف بأنها سربت معلوماتي لأية جهة، فأنا أصلاً لا أفقه الكثير حول طريقة عملها ناهيك عن السيطرة على "خوارزمياتها" العجيبة التي أظن أن كثيراً منا يمكن أن يظن أنها من اختراع عالمنا الكلاسيكي الخورازمي.
5. هناك ما يشي بأن "الجميع" يركضون وراء الإشاعة بدون التوقف للتفكير في معنى الكلمات أو مدلولاتها. وهذا يعني ببساطة أن أحدنا يشاهد منشوراً لتحذير الفيس عند أحد معارفه فيقوم بنسخه كما هو. أصلاً هناك في المنشور دعوة تحثك على نسخ المنشور من أجل حماية نفسك...الخ إن هذا الركض خطير وينم عن سيطرة سلوك القطيع لدى الجميع، وهو ما يكشفه تسويغ البعض لسلوكه بالقول إنه لا يخسر شيئاً إذا كان الموضوع زائفاً، وإنما يؤمن نفسه، وللأسف يفشل هذا التسويغ في ملاحظة أن الشخص في الحقيقة وقع في الفخ وانتهى الأمر بقيامة بالنشر لأن ذلك هو المقصود الوحيد من هذه الإشاعة.
6. هذه الظاهرة موجودة منذ عشر سنوات تقريباً وقد لاحظنا أنها تنتعش وقت الأزمات والحروب والمواجهات الحساسة في المنطقة كأنما هناك من يحركها عمداً لحرف اتجاه الاهتمام عن موضوع معين مثل جرائم الصهيونية حالياً في غزة التي تقاوم بشجاعة نادرة وتحتاج أي شكل من أشكال الدعم مهما كان متواضعاً.
سلوك القطيع يلغي القدرة على التساؤل والمحاكمة العقلية التي تسعف المرء ليطرح أسئلة من نوع: ما هي الخوارزميات؟ وهل لها علاقة حقاً بأن يرى الناس المنشورات أو يتفاعلوا معها؟ ولماذا يكون هناك طريقة عجيبة تسمح لنا باختراق خطة إدارة الفيس بوك بهذه البساطة؟ ولماذا تقوم أصلاً تلك الإدارة بمحاولة حجب منشوراتنا بتلك الطريقة الغامضة؟ وهل نحن خطرون إلى هذه الدرجة؟ وماذا سيحدث للناس إن لم يشاهدوا منشوراتي العظيمة؟ إذا كان يورغن هابرماس ظاهرة الفلسفة الألمانية "اليسارية/الأخلاقية" الكبرى ضد فلسطين، ومع ذبحها، فما قيمة النشر بالله عليكم؟!
ومن ناحية تحذير الفيس من نشر معلوماتنا أظن أن من لدية القليل من القدرة على التفكير يستطيع أن يدرك أن الماكينة الامبريالية التي تذبح أطفال غزة في محرقتها الرهيبة دون خوف من قانون مدني أو دولي أو إنساني لن تخشى من محاسبتها على تسريب معلومات "خطيرة" عن علاقة غرامية بين صبحي وصبحية أو ياسر ويسرية هذا إن كانت إدارة الفيس أو غيرها يهتمون أصلاً بمعلوماتك أو معلوماتي الشخصية اللهم ما يهم الشركات التي ترغب في ترويج منتجاتها الاستهلاكية.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نورمان فنكلشتين والحرب في غزة
- هوامش على خطاب السيد
- إسرائيل واستعادة الردع
- قصة استشهاد غزة التي لا تنتهي
- المقاومة الغزية صناعة الأمل
- الرجل العربي وجنس الفيس بوك
- أثمان مفرقعات التوجيهي تذهب إلى جنين
- معركة التوجيهي الكبرى
- دور حفلات التخرج في تدمير العقل والذائقة
- إضراب الوكالة وسمات الإضراب الناجح
- التشكل التاريخي للبيض والأغيار
- مواجهة التطهير ولحظة الحقيقة
- زمن سموترتش/بن غفير
- جنين تتصدى لمشروعي الدولة والتنمية
- الاستراتيجية الأمريكية: النهب والحرب المتصلة لإخضاع العالم
- مدير المدرسة بين الحكومة والوكالة: وجهة نظر غير تربوية
- محمد أبومنشار والسلطان إردوغان في رعاية أنكل سام وماما راحيل
- كرة القدم أخطر أفيونات الشعوب المعاصرة
- الحذر من فوز اليسار في البرازيل
- اليسار والتماهي مع خطاب البنك الدولي


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - الخوارزميات وسلوك القطيع