أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - غالب المسعودي - عبثية سيزيف و الجوع المقدس















المزيد.....

عبثية سيزيف و الجوع المقدس


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 7799 - 2023 / 11 / 18 - 20:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سيزيف هوا لشخصية الأسطورية الرئيسية في اسطورة يونانية، الذي يُعاقب من قبل الالهة بأن يدفع صخرة ثقيلة إلى قمة تل منحدر، تتدحرج الصخرة ويعيد سيزيف دفعها مرة أخرى، وهكذا يستمر العمل بشكل مستمر.
ينظر كامو إلى حياة الإنسان كوجود عبثي، حيث لا يوجد معنى أو هدف نهائي في الحياة. يقول كامو أن الإنسان يعيش في عالم بلا معنى، ومع ذلك يجب أن يتعامل مع هذا الواقع ويبحث عن السعادة والمعنى في حياته رغم عبثية سيزيف.
أما الجوع المقدس، فهو يشير إلى الفكرة التي قدمها الفيلسوف الهندي مهاتما غاندي. الذي يعتبر الجوع والصوم وسيلة لتحقيق الروحانية ورفعة النفس. و يعتقد أن التحكم في الجوع والقدرة على التصرف بشكل صحيح في ظروف الجوع يمنح الفرد القوة الروحية والقدرة على التحكم في غرائزه البدنية.
على الرغم من أن عبثية سيزيف وقدسية الجوع يتناولان أفكارًا فلسفية مختلفة، إلا أنهما يشيران إلى وجهات نظر متباينة حول الحياة والمعنى. في حين تركز عبثية سيزيف على العبثية وفقدان المعنى، تركز قدسية الجوع على الروحانية والتحكم الذاتي.
ماذا لو ماتت الآلهة التي فرضت عقوبة سيزيف، قد يكون هناك فرصة لتحرره من عقوبته، يعتمد ذلك على الفلسفة والمفهوم الذي يتم اعتماده. في بعض الاساطير ، يتم تصوير الالهة بشكل لا يمكنها ان تموت كما الاصنام ، وبالتالي فإن عقوبة سيزيف قد تكون لا نهاية لها.
يجب ملاحظة ان الأسطورة تعد عمًلا فنيا وخياليا، ولذلك فإن الأحداث والشخصيات فيها ليست حقيقية. إذاً، لا يمكننا أن نتحدث عن سيناريوهات محددة بناءً على افتراض موت الآلهة.
المهم أيضًا الاستمرار في ملاحظة أن القصة الأساسية لسيزيف مرتبطة بشكل أساسي بالتوصية الفلسفية والأدبية، والتي تهدف إلى إبراز عجز الإنسان في مواجهة العبثية والبحث عن المعنى. لذا، قد تكون الفكرة الأساسية هي تحدي المعاناة والاستمرار في البحث عن الهدف والمعنى ،.
على الرغم من أن الجوع المقدس قد يكون جزءًا من تجربة سيزيف، إذ تركته الالهة أثناء محاولته دفع الصخرة، إلا أنه من الصعب أن يكون الجوع المقدس هو العنصر الذي يمكنه أن يجد من خلاله المعنى النهائي لحياته.
اذ ان فلسفة الجوع المقدس التي ترتكز على التحكم والتصرف بشكل صحيح في ظروف قاسية، و تعتبر وسيلة للتضحية والتعبد والتحقق الروحي، وتنطوي على انتهاج نمط حياة متقدمة من الناحية الروحية الا ان سيزيف معاقب من قبل الالهة.
بالمقابل، عبثية سيزيف تشير إلى أن الحياة بحد ذاتها تخلو من المعنى النهائي، وأن الإنسان مدان للعيش في عالم لا معنى له. ولذلك، يجب أن يتعامل سيزيف مع العبثية والفراغ الذي يشعر به بطرق أخرى مثل اكتشاف الأهداف الشخصية والسعي للسعادة والتناغم الداخلي.
أن فلسفة الجوع المقدس لا تعد بحد ذاتها حلاً للعبثية التي يواجهها الإنسان في الحياة. فالعبثية، كما يعبر عنها مفهوم سيزيف، تشير إلى ضياع المعنى النهائي والفراغ الذي يمكن أن يشعر به الإنسان.
فلسفة الجوع قد تقدم للفرد تجربة روحية وتعبدية تعزز الانضباط الذاتي وتعزز التواصل مع الروحانية، ولكنها لا توفر حلاً نهائيًا للعبثية. لذا، لا يمكن أن تكون فلسفة الجوع منقذا من العبثية بحد ذاتها.
يجدر بنا أن نفهم أن البحث عن المعنى والتعامل مع العبثية يحتاج إلى نهج شامل يشمل الجوانب الروحية والعقلية والعاطفية والاجتماعية. يمكن للفرد وأن يستكشف العديد من الطرق والمفاهيم الفلسفية المختلفة للوصول إلى فهم أفضل للحياة ولإيجاد معاني شخصية لا تعتمد فقط على فلسفة الجوع المقدس.
التحقق الروحي يمكن أن يكون له دور في خلق معنى للفرد، ولكنه ليس العامل الوحيد في ذلك. يعتبر التحقق الروحي عملية تسعى إلى توسيع الوعي وتحقيق الروحانية والانسجام الداخلي. قد يجد الفرد من خلالها راحة وسلام داخلي، وتواصلًا أعمق مع الذات والكون.
ومع ذلك، يعتبر البحث عن المعنى في الحياة تحديًا شاملاً يتطلب اندماج العديد من الجوانب المختلفة، بما في ذلك البعد الروحي والعقلي والاجتماعي والعاطفي.
من خلال التحقق الروحي، يمكن للفرد أن يقوم بتوجيه انتباهه نحو القيم الروحية والأفكار العالية، وأن يطور وعيًا أعمق لحقيقة وجوده ومكانته في الكون. يمكن لهذا الاكتشاف الروحي أن يوفر إشارات وإرشادات حول المعنى والهدف الحقيقي للحياة.
ومن الملاحظ أن الأشخاص الذين يتمتعون بتجربة روحية عميقة غالبًا ما يجدون معنى أكبر لحياتهم. يتجاوزون الجوانب المادية والعابثة للحياة، وينظرون إلى مغزى أعمق وأكثر دهشة في الوجود.
في الحكاية الأسطورية ، تم إلقاء لعنة على سيزيف من قبل الآلهة ليقوم بدفع حجر ثقيل إلى قمة تلة، ولكنه يسقط قبل أن يصل إلى القمة، وعليه أن يبدأ من جديد في كل مرة. وهذا يشكل عقابًا لا نهائيًا ولامعنى للجهود التي يبذلها هل استمر الانسان الحالي يواجه اللامعنى في هذا السياق المستدام؟
لا يوجد تفصيل محدد في الأسطورة يشير إلى ممارسة سيزيف لفلسفة الجوع المقدس كوسيلة للوصول إلى المعنى رغم انه كان يبذل جهدا كبير للوصول الى المعنى..
ومع ذلك، يمكننا أن نتخيل أن سيزيف، كان يعيش في حالة من العذاب المستمر والتكرار الذي بلا حدود، قد يكون تعامل مع هذا الواقع بطرق فلسفية وروحية مختلفة، وربما بحث عن معنى أعمق للحياة أثناء تكرار مهمته المرهقة لان الالهة تراقب نواياه.
لكن يمكننا تخيل أنه قد تمكن من الوصول إلى بعض الانفتاح الروحي والبحث عن المعنى في الظروف الصعبة التي يعيشها مما حفز كامو للكتابة عن مأساته رغم ان نيتشة اعلن عن موت الالهة قبله.
يُعتبر التمرد واحدًا من الجوانب المهمة في رواية ألبير كامو "الرجل الذي يتمرد". في هذه الرواية، يتم تصوير سيزيف كشخص يواجه الظروف العبثية والخالية من المعنى بتمرده ورفضه للانحناء أمام القدر والإرادة الإلهية.
سيزيف يقوم بأداء مهمته المتكررة رغم أنه يعلم أنها لا تؤدي إلى نتيجة نهائية أو هدف محدد. ومع ذلك، فإنه يرفض الانصياع للعبثية ويختار أن يكون واعيًا ونشطًا في وجه الظروف التي وضعته فيها.
ومن خلال هذا التمرد، يحاول سيزيف إيجاد معنى لحياته والتصدي للتيه والفراغ الذي ينشأ عن العبثية، وبذلك يُظهر إرادته الحرة وقدرته على خلق المعنى الخاص به رغم الظروف القاسية.
يجب أن تتذكر أن العثور على المعنى الحقيقي للحياة هو رحلة شخصية ومستمرة، وقد يستغرق الأمر وقتًا وتجارب متعددة للوصول إلى فهم أعمق للنفس وللعالم من حولك الا ان العنف السلطوي وخلق الازمات والفشل في ادارتها تيقي الانسان في قلق مستمر وتبعده عن فهم الاصول وتدخله في حالة تشظي في المفاهيم بتلقينه تاريخا مزيفا للمعنى. ويظل بين عبثية سيزيف وصخرته والجوع المقدس كرهينة موت.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الازدواجية البهيمية
- النرجسية الصحراوية
- موت الأصنام
- الخوف والطقوس في اللاوعي
- لذة الايمان وإرادة الشك
- المحللون الاستراتيجيون والخبراء الامنيون في الإعلام العربي
- الأيديولوجيا ,الدين ,السلطة
- السرد الفلسفي غير المطلسم
- اللاهوت السياسي وحرية الفرد
- الباراديغم ,الدوغماتية والإيبستمولوجيا
- أساليب هابطة للوصول إلى الشهرة والسلطة
- الكاهن والسلطة وسلطة الكاهن علاقة تطفلية
- التاريخ بين الدين والاركيولوجيا
- فلسفة القطيع
- الهوس بالسلطة والوعي المهزوم
- الممارسات النكوصية وجلد الذات بين المعارضة والحكم
- التسليم للأسطوري والبنية العقلية للاعتقاد
- تزكية العقول والجهل المقدس
- الغباء السايكوباثي
- أمية الدولة والدول الأمية


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - غالب المسعودي - عبثية سيزيف و الجوع المقدس