أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - أحداث غزة الفلسطينية.. محاولة فلسفية لفهم ما يجري














المزيد.....

أحداث غزة الفلسطينية.. محاولة فلسفية لفهم ما يجري


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 7795 - 2023 / 11 / 14 - 14:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما يجري في غزة الفلسطينية انقلاب تاريخي، بكل المعايير، و لا يمكن دحض ذلك بأعتى أسلحة التزييف و البروباغندا ! جماعة مقاومة، متواضعة على مستوى العتاد العسكري، تواجه أكبر قوة مرتزقة في العالم مدعومة، سياسيا و عسكريا، من طرف التحالف الأورو-أمريكي مجتمعا !
بمنطق الأشياء، الانتصار العسكري الصهيوني كاسح و ترسيم معادلات سياسية جديدة مضمون، أما بمنطق القيم فعكس ذلك هو ما تحقق، لحد الآن، الهزيمة العسكرية الصهيونية ثابتة، و لا ترسيم لمعادلات سياسية جديدة يظهر في الأفق القريب بله البعيد !
هذا محير بمنطق الأشياء الذي رسخته الحداثة الأداتية، لكنه أمر طبيعي بمنطق القيم الذي غير، عبر التاريخ، الكثير المعادلات السياسية و العسكرية التي ظنها أصحابها قدرا غير قابل للتغيير .
لا يمكن استيعاب هذا الانقلاب التاريخي الذي يجري في غزة الفلسطينية إلا من خلال مُدخلاته input القيميَّة التي أنتجت مُخرجات output ماديَّة. فـ “إرادة القوة” la volonté de puissance بلغة نيتشه، قبل أن تتجسَّد، اقتصاديًّا و سياسيًّا و عسكريًّا، هي قيمة حضارية متجذرة في اللاشعور الجمعي الذي شكله المتخيل الإسلامي، عبر إعادة تشكيل الشخصيَّة العربيَّة من منظور مقاوم/مجاهد لا يستسلم لبديهيات الأشياء بل يمتلك الإرادة الصلبة لتغييرها و قلبها رأسا على عقب.
لا يمكن وسم المقاوم/المجاهد الذي يواجه العالم الغربي مجتمعا على أرض غزة الفلسطينية، كما واجهه و انتصر عليه في أفغانستان، إلا بوسم “الإنسان الأسمى” the superman /le surhomme بلغة نيتشه، هذا النموذج الإنساني الجديد الذي دخل في سيرورة تطوّر قيمي، نجح من خلالها في كنس انحطاطه والخروج إلى الوجود موجودًا جديدًا مضمّخًا بقيم السادة ومجرَّدًا من قيم العبيد، بلغة نيتشه دائمًا، إنسان يمتلك تحمّل الجمال وعزم وجرأة الأسود وبراءة الأطفال، يقول نيتشه.
إنه زرادشت العربي-المسلم الذي ستأفل على يديه الطاهرتين أصنام الصهيونية، كما أفلت على أيدي أجداده أصنام الروم و الفرس، في مشهد مطابق لما يجري في غزة الفلسطينية: قبائل منتشرة في بيئة صحراويَّة جدباء، تحيط بها إمبراطوريتان من أقوى ما أنجزه التاريخ في حينه (الروم، الفرس).. في مرحلةٍ أولى، تنجح هذه القبائل في المحافظة على خصوصيّتها الثقافيَّة والاجتماعيَّة، واستقلالها السياسي، وفي مرحلة لاحقة تتمكَّن هذه القبائل من بسط سيطرتها على كل الامتداد الإمبراطوري الروماني – الفارسي، مشكِّلة نمطًا إمبراطوريًّا جديدًا بطابع عربي إسلامي.
ما أشبه اليوم بالأمس ! جماعة مقاومة/ مجاهدة تنتشر في رقعة ضيقة محاصرة، تحيط بها الإمبراطورية الغربية الأورو- أمريكية، بمرتزقتها و حاملات طائراتها و غواصاتها، و رغم ذلك تتحدى الحصار، تتحدى منطق الحداثة الأداتية.. بل و تنجح في فك الحصار و تحويل المرتزقة بحاملات طائراتهم و غواصاتهم إلى أشلاء جيف و خردة في سوق المتلاشيات !
لن نخاطبهم بمنطقنا الذي نعتقده حقيقة صادقة (و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى) و لكن سنترجم لهم هذا المنطق بلغة عبقري منبوذ من عباقرتهم الذي اتهموه بالجنون لأنه كشف عورتهم و شهّر بعدميتهم و انحطاطهم ، سنترجم لهم عقيدتنا بلغة العبقري فريدريك نيتشه ليدركوها :
ما أثار الفيلسوف نيتشه في منطق الإسلام، هو نزعته البيولوجيَّة/الغريزيَّة المفرطة في تأسيس قيمه الأخلاقيَّة، إلى درجة ترتقي بها إلى مستوى الأخلاق العمليَّة. فعلى خلاف المثاليَّة المسيحيَّة التي أسَّست لأخلاق العبيد، أسَّس الإسلام لأخلاق السادة انطلاقًا من نزعة بيولوجيَّة تتعامل مع الإنسان كنموذج واقعي تتحكم فيه الغرائز الطبيعيَّة، و لذلك كانت منظومة الأخلاق الإسلاميَّة استجابة لحاجات بيولوجيَّة أكثر من كونها استجابة لتأمّلٍ فلسفي مجرَّد.
هذا ما خلص إليه الباحث البريطاني “روي جاكسون” في كتابه الثوري “نيتشه و الإسلام” Roy Jackson, Nietzsche and Islam وهو يقارن بين “زرادشت” النيتشوي و “محمد” العربي، فكلاهما أحدث انقلابًا تاريخيًّا انطلق من مجال القيم، كلاهما سعى إلى تحطيم الأصنام القابعة في اللاشعور الجمعي من أجل تحرير الطاقة الإنسانيَّة الكامنة.



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نيتشوية لفكر نيتشه.. من المرض السقراطي إلى الخطيئة الم ...
- الإرهاب صناعة استخباراتية غربية.. ردا على وزير داخلية ماكرون
- العلمانوية الفرنسية تفرض المثلية.. في الحاجة إلى حماية الأصو ...
- مشروع المفكر محمد عابد الجابري.. توجيه منهجي من أجل تلق معرف ...
- سعيد يقطين و السرديات القرآنية.. في الحاجة إلى التلقي العلمي
- بين المنهج العلمي و التخصص العلمي.. في كشف تهافت روتيني (الع ...
- بين النخبة و رواد روتيني اليومي
- بين السيولة و روتيني اليومي.. ضرورة الفرز المعرفي
- الهوية الوطنية بين الثابت المعرفي و المتغير الإيديولوجي
- المغاربة مسلمون لا إسلامويين.. بين الحابل المعرفي و النابل ا ...
- حرب ناعمة في زمن الحرب الخشنة
- الماركوتينغ الديني
- أركون المزدوج.. وجهان لعملة فكرية واحدة
- مولد الإسلام.. تأملات نيتشوية
- هل دخل عبد الله العروي مرحلة النقد الذاتي ؟
- أنبوب الغاز نيجيريا-أوربا.. المغرب يحسم الصراع لصالحه
- المعرض الدولي للكتاب.. سوء تنظيم و تواصل مع الترويج للمثلية
- مقاربة عبد الله العروي لظاهرة الفولكلور .. بين التاربخانية و ...
- الكيان العلمانوي الفرنسي عاريا
- الأدب الفرنكفوني و إعادة تدوير Recyclage المتخيل الكولونيالي


المزيد.....




- -يتضمن تنازلين لحماس-.. تفاصيل المقترح القطري بشأن وقف إطلاق ...
- مصر.. فيديو لشخص يضع طعاما -مسمما- للكلاب الضالة والداخلية ت ...
- -الطائرات المسيرة تحلق كأسراب النحل-.. كييف تتعرض لهجوم غير ...
- بسبب اتهامات باستخدام الكيميائي.. النيابة العامة الفرنسية تط ...
- السوداني في بلا قيود: النظام في إيران ليس ضعيفاً
- سوريا تتطلع للتعاون مع واشنطن للعودة إلى اتفاق فض الاشتباك م ...
- شاهد.. هندرسون القائد السابق لليفربول يبكي زميله جوتا
- الفلاحي: كمين الشجاعية عملية عسكرية متكاملة عكست قراءة دقيقة ...
- اجتماع عاصف للكابينت وتوقعات بإعلان اتفاق غزة الاثنين بواشنط ...
- لماذا يتصرف طفلك في عمر الثالثة كمراهق؟


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - أحداث غزة الفلسطينية.. محاولة فلسفية لفهم ما يجري