أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس جنداري - هل دخل عبد الله العروي مرحلة النقد الذاتي ؟














المزيد.....

هل دخل عبد الله العروي مرحلة النقد الذاتي ؟


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 7417 - 2022 / 10 / 30 - 17:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تمهيد لا بد منه

 رغم كوني جابري المنهج، أؤمن بالقطيعة الابستملوجية مع التراث، وتأصيل الحداثة من داخل النموذج/البراديغم المعرفي العربي الإسلامي، فإني أتقاطع مع منهج العروي و لا أعتبره نقيضا لمنهج الجابري. كلا المنهجين يمتحان من نفس المشارب البرهانية تراثيا، و نفس المشارب العقلانية  حداثيا، الاختلاف يوجد في الممارسة التأويلية حيث يؤول الجابري من منظور ابستملوجي فتغلب المقاربة البنيوية التكوينية، و يؤول العروي من منظور تاريخي فتغلب المقاربة التاريخانية.

 هذا التكامل المنهجي، بين النموذجين، يمتد عميقا في التربة النهضوية. فقد تمكن الفكر العربي المعاصر، في اتجاهه العقلاني، من تأسيس أصالته العلمية عبر الارتباط بالتصور الإشكالي الذي طرحه الفكر الإصلاحي النهضوي، في بعده البرهاني، و خصوصا ما يتعلق بالمقاربة المعرفية التي تربط الخلل في الواقع، السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي، بالخلل الذي يعتري آليات التفكير و التصور.

لماذا هذا التمهيد ؟

-استحضار روح ابن خلدون بيننا

 بمدرج ابن خلدون في كلية الآداب في الرباط يوم الأربعاء 8 يناير/ كانون الثاني 2020 قدم المفكر عبد الله العروي درسا افتتاحيا بمناسبة تأسيس كرسي في الكلية يحمل اسمه، بمبادرة من جامعة محمد الخامس في الرباط ومعهد العالم العربي في باريس.

لقد كان مثيرا استحضار العروي، في محاضرته الأخيرة، لروح ابن خلدون بتلك الشحنة العاطفية المنفجرة من الأعماق، و التي تصلح كومضة شذرية مضمخة بالنيتشوية ! و الأكثر إثارة تفاعل الجمهور، بالتصفيق، و كأنه قد أصيب بعدوى اللحظة ! و من خلال التفاعل مع هذه اللحظة العاطفية، أكاد أجزم أن العروي كان يستحضر، من خلال ابن خلدون، أرواح رموز برهانية الغرب الإسلامي !

هل كان ذلك الاستحضار إشارة إلى تحول في التصور الفكري، لدى العروي، من ضفة القطيعة إلى ضفة القطيعة الابستملوجية مع التراث؟ هل استيقظ العروي، متأخرا، من غفوته الفكرية، ليجد أن تأسيس الحداثة، في التربة العربية الإسلامية، أكبر من أن يرتبط بليبرالية القرنين السابع عشر و الثامن عشر الأوربيين ؟ثم لماذا استحضار التجربة الآسيوية، في نفس السياق الخلدوني، أليس ذلك تعبيرا عن وعي طارئ، لدى العروي، بأن سر نجاح هذه التجربة يرجع إلى تأصيل الحداثة من داخل نموذجها المعرفي الخاص؟

-بين العمران و الطباعة

انطلق العروي من نظرية ابن خلدون، حول العمران في علاقته بالتدوين، ليصل إلى كون تطور التدوين إلى طباعة هو نقطة التحول في الحضارة الأوربية، و يستدرك العروي معتبرا أن السر في اندماج الآسيويين ضمن النموذج الحداثي، يعود إلى اكتشافهم السابق للطباعة.هذه المقدمات المنطقية التي ينطلق منها العروي، تفضي إلى مجموعة من النتائج:

-التأخر التاريخي الذي يعانيه النموذج الحضاري العربي الإسلامي، يعود إلى فشل العرب في تطوير نموذج التدوين التقليدي إلى نموذج الطباعة الحديث.

-هذا الفشل أدى إلى انحسار الرأسمال الثقافي ضمن مجال ضيق تحتكره «الخاصة» قي مقابل مجال عام شاسع يضم «العامة».

-هذا المجال العام الشاسع الذي ترك مشاعا للعامة، كان بمثابة التربة الخصبة التي زُرعت فيها بذور التقليد، فنبتت و ترعرعت إلى أن تحولت إلى انحطاط شامل وسم عصرا بكامله «عصر الانحطاط».

انطلاقا من هذه النتائج يمكن أن نتساءل:

-هل تقاطع العروي، متأخرا، مع أطروحة الجابري، حول الدعوة إلى عصر تدوين جديد ؟

-إذا كانت دعوة الجابري ذات طبيعة معرفية، تقوم على أساس القطيعة الابستملوجية، فهل ستكون دعوة العروي ذات طبيعة تاريخانية تقوم على أساس القطيعة ؟

-كيف يمكن التأسيس لعصر تدوين جديد، من منظور القطيعة ؟ هل يمكن تحقيق الانتقال من عقلية التدوين التقليدي إلى عقلية الطباعة الحديثة من خارج النموذج المعرفي الخاص ؟

-كفاءة النموذج المعرفي التراثي البرهاني

أقر العروي بكفاءة النموذج المعرفي التراثي البرهاني، من خلال ابن خلدون، في الإلمام بالإشكالية الحضارية العربية الإسلامية. فقد اعتبر ابن خلدون أن «التدوين» كانتقال من الثقافة الشفوية إلى الثقافة المكتوبة شرط أساسي لتأسيس العمران .مشكل التأخر التاريخي الذي نعيشه، إذن، لا يتحمل مسؤوليته أسلافنا، و لكن نتحمل نحن العرب المعاصرون كامل مسؤوليته.

كيف ذلك؟

-من جهة، لم نستوعب، جيدا، الإشكالية التراثية، لأننا كنا مهووسين بمنهج الاستشراق الذي جلبه الاستعمار.

-هذا القصور في الإلمام بكفاءة منجزنا المنهجي التراثي، جعلنا نسقط في شرك الأطروحة الاستعمارية القائمة على الأور-مركزية.

-هذا السقوط في شرك الأور-مركزية أدى بنا إلى ادعاء إمكانية تحقيق قطيعة مع نسقنا المعرفي، و القفز إلى النسق المعرفي الأوربي.

-الحصيلة، تأخر تاريخي شامل لا علاج له، كما نجح العلاج في التجربة الألمانية، نتيجة الانفصال عن نموذجنا المعرفي.

إقرار العروي بكفاءة النموذج التراثي البرهاني، في الإلمام بالإشكالية الحضارية العربية الإسلامية، ليس كلاما إنشائيا عابرا -كما عهدنا العروي مفكرا أصيلا و ملتزما- بل هو وعي معرفي عميق، نرجو أن يبلوره في بناء تصور منهجي بديل، يساعدنا على الخروج من تأخرنا التاريخي الذي تطور إلى أزمة حضارية خانقة .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنبوب الغاز نيجيريا-أوربا.. المغرب يحسم الصراع لصالحه
- المعرض الدولي للكتاب.. سوء تنظيم و تواصل مع الترويج للمثلية
- مقاربة عبد الله العروي لظاهرة الفولكلور .. بين التاربخانية و ...
- الكيان العلمانوي الفرنسي عاريا
- الأدب الفرنكفوني و إعادة تدوير Recyclage المتخيل الكولونيالي
- أضواء على مؤتمر حظر استعمال الدين في السياسة
- دير تومليلين .. إعادة تدوير المتخيل الكولونيالي
- مسلسل -فتح الأندلس- الفن في خدمة الجيواستراتيجيا
- الحرب الأوكرانية: المركزية الغربية ضد الفاشية البوتينية/السل ...
- فولوديمير زيلنسكي .. سلاح الشعبية في مواجهة سلاح الخبرة
- أمريكا تصطاد عدة طرائد بطلقة واحدة
- الصين و روسيا.. الخصوصية بين المعرفي و السياسي
- بوتين يبتلع الطعم الأوكراني.. نهاية روسيا كما نعرفها
- النموذج التنموي الجديد.. مساءلة الإطار المرجعي
- النموذج التنموي الجديد.. هل هي بوادر الانفلات من القيد الفرن ...
- الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من المنطق الإيديولوجي إلى المنطق ...
- جهاز المخزن.. السلطة المركزية التي حصنت سيادة المغرب
- شولتس يعيد النزعة الشرقية الميركلية إلى قبرها.. الرياح تجري ...
- من استراتيجية الدفاع إلى استراتيجية الردع.. ثورة مغربية هادئ ...
- وعي عريي جديد قيد التشكل.. يجب دعمه


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس جنداري - هل دخل عبد الله العروي مرحلة النقد الذاتي ؟