|
الخاسرون و الرابحون 2
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7782 - 2023 / 11 / 1 - 22:24
المحور:
القضية الفلسطينية
نواصل في هذا الفصل مقاربة ما يجري في قطاع غزة منذ 7 من نشرين .أكتوبر . 2023 ، بتوصيفه استنادا للمعطيات التي يمكننا استخلاصها ، مثل جميع الناس العاديين ، من وسائل الإعلام . فنقول أن صورة الحرب التي أعلنتها الدولة الإسرائيلية على قطاع غزة ، بما هي حرب على منظمة إرهابية أحكمت سيطرتها عليه ، ذهب بعض الغلاة على رأس السلطات في دول الغرب التابعين للولايات المتحدة الأميركية ، إلى حد المساواة بين داعش من جهة و بعض فصائل حركة التحرير الفلسطينية من جهة ثانية، لا تنطبق في الواقع على الوضع ، حيث تشن الدولة الإسرائيلية حربا على مجتمع فلسطيني يمثل وجودا وطنيا أصليا ، تحاول هذه الدولة الاستعمارية الاستيطانية ،محوه و إزالته عن أرضه . فما يثبت ذلك هي مميزات هذه الحرب و شمولها لجميع أماكن هذا الوجود و تعبيراته ، نذكر منها : ـ الدمار الواسع الذي أطاح على الأرجح بآلاف الوحدات السكنية . ـ قتل حوالي عشرة آلاف فلسطيني خلال ثلاثة أسابيع ، منهم 4500 طفلا ، بقي من هؤلاء الأطفال 1500 تحت الأنقاض ـ وصف الفلسطينيين ، على لسان وزير دفاع الدولة الإسرائيلية ، بالحيوانات البشرية ، الذي أعلن أنه سيمنع عنهم " الماء و الغذاء و الكهرباء ، و المحروقات ". على مسمع حلفائه في الدول الغربية . ـ ممارسة الضغوط ، قصفا بواسطة الطيران و أحدث القنابل التدميرية الأميركية ، و ترهيبا ، لإجبار الأحياء على الرحيل من شمال قطاع غزة (360 كلم ² ، عدد السكان يزيد عن مليوني نسمة ) إلى جنوبه ، نحو الحدود مع مصر . ـ الكشف عن خطط معدة ، لإسكان أهل غزة في سيناء ، في مخيمات ، بانتظار بناء منازل دائمة لهم ، بمساعدة المجتمع الدولي ، تكرارا لتجربة الفلسطينيين الذين طردتهم المنظمات الصهيونية ، و مسحت قراهم في سنة 1948 . ـ توازيا مع هذا كله ، تتواصل الاضطرابات في الضفة الغربية ، مداهمات الليلية ، اعتقالات "إدارية" كيفية ،اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين ، إتلافا لزرع و حرقا للمنازل أو إخراج أصحابها منها و احتلالها ، أو قتلا أو اغتيالا . سقط في الضفة الغربية مائة شهيد منذ اندلاع الحرب على غزة . ـ لا بد من أن نلمّح هنا إلى الحروب المتكررة التي شنتها الدولة الإسرائيلية على لبنان لطمس تواجد اللاجئين الفلسطينيين فيها منذ سنة 1948 ، عن طريق دك و محو المخيمات التي أقيمت لهم آنذاك ، بمساعدة المجتمع الدولي ممثلا بوكالة غوث و تشغيل اللاجئين . ـ لا ننسى أيضا التمييز العنصري الذي تمارسه السلطات الصهيونية ، على أساس المعتقد الديني . على الفلسطينيين سواء ، في دولة إسرائيل ، أو في الضفة الغربية أو في قطاع غزة الذي أعلنته في سنة 2005 ، كيانا معاد لها و فرضت على سكانه نظام الغيتو لا شك في أن ما تقدم هو على النقيض من ادعاء السلطات الصهيونية بإنها تحارب في قطاع غزة " منظمة إرهابية " ، و ليس شعبا ، حيث أنه من المعلوم في هذا الصدد أن المستعمرين ينعتون دائما حركات التحرير الوطني " بالإرهابية " ، و أن الاستعمار الهادف إلى الحلول مكان الشعب الأصلي ، يمارس ضده جميع طرائق التضييق والترهيب و التنكيل ، لإجباره على الرحيل خوفا من الإبادة الكاملة . إذن ما يتعرض له الناس في القطاع ليس سوى فصل من تاريخ الرجل الأبيض في منطقة شرق المتوسط منذ الحملات الصليبية وحتى عصرنا الراهن .فالمسألة اليهودية نشأت في أوروبا ، حيث كانت دوافع المجازر التي تعرض لها اليهود الأوروبيون ، و جلهم ينتمون إلى شعوب أوروبية أصلية ، هي الجهل و الظلامية حيث كان اليهودي في أوروبا كبش محرقة لدرء المخاطر و الأوبئة ، بالإضافة إلى العنصرية و العصبيات القومية التي أدت كما هو معروف إلى حروب طاحنة في أوروبا فيما بين دولها ، انتشرت نارها إلى جميع الأنحاء على كوكب الأرض التي كانت هذه الدول تتحارب من أجل السيطرة عليها . يمكن أن نستخلص بناء على ما تقدم و بالنظر إلى الوقائع بعد مرور 26 يوما، أن هذه الحرب على قطاع غزة لن تسفر عن متغيرات جذرية ، فأغلب الظن أن الدمار الواسع و حمام الدم الإنتقامي ضد سكان القطاع ، ردا على الانتفاضة المسلحة التي بادرت إليها حركات المقاومة ضد جبروت و صلف سلطة الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية ، لن يمكنانها من بلوغ مبتغاها الذي يتلخص بترحيل الفلسطينيين إلى خارج فلسطين ، بكافة الوسائل و الأساليب المتوفرة لديها ، بالرغم من أنها كثيرة و عديدة .
و لكن الفشل و الخيبة و افتضاح الأمر ، كانوا أيضا من نصيب دول المعسكر الغربي التي سارعت لتغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، و تبريرها ، بهمجية المقاومين ، كما لو أن بعض المراقبين في إسرائيل نفسها ، لم يستنكروا على مدى السنوات الماضية ، سلوك سلطات الاحتلال في الضفة الغربية و القطاع ، و لم يحذروا مرارا و تكرارا من انفجار مجتمع المستعمرين القادم ، نتيجة الإهانة و الإذلال و القمع و الاعتقال و القتل . أما افتضاح هذه الدول أمام شعوبهم فإنه تمثل في " دعمها غير المشروط " و في إصرارها على " حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها " ، كأن الاحتلال ، و مصادرة الحقول و المنازل ، و الحصار ، و الاعتقال الإداري ، و العقاب الجماعي ، ليسوا اعتداءات يومية ، متواصلة ، الغاية النهائية منها الترحيل ، و محو الوجود ، أي التصفية العرقية .تجدر الملاحظة في هذا الصدد إلى أن دول المعسكر الغربي ، حركت اساطيلها الحربية ، دعما لإسرائيل في حربها التدميرية و الدموية في القطاع من جهة و لمنع تدخل أفرقاء صديقة إلى جانب المقاومة من جهة ثانية. مجمل القول أن الدول الغربية فرضت عمليا ، من جديد قانون " الشعب الأصلي " المشهور ، الذي يمنع و يجرم مقاومة المستعمر . و أخيرا هناك فئة ثالثة من الخاسرين ، تمثلها نظم الحكم العربية ، أو ما تبقى منها بعد الحروب الأميركية ـ الأوروبية على البلدان العربية ، في السعودية و مصر ، فلقد لاذ ملوك النفط بالصمت أو أنهم تجاهلوا الحرب و الضحايا ، أما في مصر فإن السلطات تنتظر كما يبدو النازحين في سيناء و لكن الأخيرين لم يأتوا حتى الآن .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخاسرون و الرابحون 1
-
من أجل أم نفهم ، انصر أخاك ظالما أو مظلوما
-
كل حرب إسرائيلية هي حرب أميركية أيضا
-
جولة جديدة
-
الصلف القاتل
-
ملحوظات على الزيارة
-
الفرد المهاجر و جماعة المهاجرين
-
المعارف التي لم تثمر
-
مقتلات تطييف البشر و الحجرّ!
-
بين فلسطين و أوكرانيا
-
بين لبنان و إسرائيل 2
-
بين لبنان و إسرائيل
-
حروب العرب بالقياس على الحرب في أوكرانيا
-
الجماعة الدينية و المجتمع الوطني
-
ملحوظات في تحولات حركة التحرير الوطني
-
كلنا نازحون (2)
-
عن الدين و الدولة
-
دولة غير وطنية
-
كلنا نازحون
-
سلاح الدولة و سلاح الجماعات
المزيد.....
-
هذه الصور لا تثبت أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي نجا من حا
...
-
احتجاجات طلابية ضد قانون -الوكلاء الأجانب- في جورجيا
-
اليوم العالمي للشاي: أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم بعد
...
-
من تبريز إلى مشهد: ما خصوصية المدن التي تمرّ بها مراسم تشييع
...
-
هل عادت إسبانيا لمبدأ -التوازن- في علاقتها مع المغرب والجزائ
...
-
-الأسد الإفريقي- في المغرب.. ما جديد هذه النسخة من المناورات
...
-
بدء مراسم تشييع الرئيس الايراني ومرافقيه في تبريز
-
باشينيان يلتقي نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكي
...
-
زيلينسكي: سنواتي الخمس كرئيس لأوكرانيا لم تنته بعد
-
السلطات الإسرائيلية تصادر معدات لوكالة -أسوشيتد برس- تستخدمه
...
المزيد.....
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|