كوسلا ابشن
الحوار المتمدن-العدد: 7781 - 2023 / 10 / 31 - 20:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فاغنر شركة أمنية روسية تأسست سنة 2014, تقدم خدمات أمنية لأشخاص طبيعيين أو لأشخاص قانونيين, كما تقدم خدمات عسكرية للدول, توظف فاغنر مقاتلين مرتزقة, أغلبهم من الروس الشوفنيين الحاقدين على شعوب العالم, حيوانات متوحشة أدمية بلا قيم و لا أخلاق و لا مبادئ, مبرمجة على القتل و التنكيل بالجثث و التخريب و النهب و الإغتصاب و الإساءة للذات البشرية.
إزدياد الإستغلال الفاحش للثروات الباطنية الإفريقية و إزدياد التبعية الإقتصادية و السياسية للأنظمة الإمبريالية الغربية و مؤسساتها المالية ( الصندوق النقد الدولي و البنك العالمي), بالإضافة الى السياسة اللاوطنية و اللاشعبية لللأنظمة الدكتاتوية الإفريقية, نتج عنه البؤس الإجتماعي و الإضطرابات السياسية و الصراعات العرقية, إستغلته النخبة العسكرية للوصول الى الحكم عبر الإنقلابات. القيادات الجديدة لم تعمل من أجل تلبية المطالب الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية لأوسع الجماهير الشعبية, و إختارت نهج الإستبداد السياسي, و بالإعتماد على القوات العسكرية الأجنبية المتواجدة فوق أراضيها لإخماد الإنتفاضات الشعبية و الصراعات الآثنية, إلا أن ما قدمته هذه القوات العسكرية و السياسية لم يرضي الأنظمة الدكتاتورية الجديدة. لقد تم طرد الجيش الفرنسي و طرد ممثلي الدولة الفرنسية من بلدان الساحل, (نالت ما تستحقها عقابا لها عن جرائمها في صناعة الدول "الوطنية", بإنتهاك حقوق الشعوب في تقرير مصيرها و تأسيس دولها المستقلة). وجدت هذه الدول الإفريقية ضالتها في وريث الدولة السوفياتية, روسيا الطامحة الى توسيع نفوذها الإقتصادي و العسكري و السياسي في القارة, لكن من دون التدخل العسكري الرسمي المباشر, حرصا على الإبتعاد عن الإدانات الدولية في حالة ما تورطت في إنتهاكات لحقوق الإنسان أو آبادة عرقية. أوكلت روسيا مهمة آمن هذه الأنظمة الى مرتزقة فاغنر, التي وقعت إتفاقيات الحماية مع الكثير من الدول, بينها ما يقارب عشرة دول إفريقية منها: السودان, جمهورية إفريقيا الوسطى, ليبيا, زيمبابوي, أنغولا, مدغشقر, غينيا, غينيا بيساو, موزمبيق. مجوعة فاغنر لها وجود في الكثير من بؤر التوتر و الحروب في العالم.
صرح المتحدث باسم القوات الأمريكية في افريقيا (أفريكوم) العقيد كريستوفر كارنس بأن روسيا توظف شركة فاغنر, في ما لا يقل عن 16 دولة أفريقية لإخفاء دور موسكو المباشر في تلك الدول. ذكر تقرير أمريكي أن 400 مرتزق من شركة فاغنر يعملون في جمهورية افريقيا الوسطى, بالإضافة الى 175 مدربا نظاميا روسيا, يختصر عملهم بتدريب الأجهزة العسكرية لدولة جمهورية افريقيا الوسطى, بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة. و أكد التقرير أن مرزقة فاغنر ينتشرون في الموزمبيق و ليبيا و افريقيا الوسطى و السودان و مالي. لقد أدرجت أمريكا شركة فاغنر على القائمة السوداء. البرلمان البريطاني يناقش قرار ضم مرتزقة فاغنر الى قائمة المنظمات الإرهابية.
أكتفي ببعض تقارير المنظمات الحقوقية المحلية و الدولية, التي رصدت الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان, بناءا على متابعات ميدانية و شهادات شهود عيان أو شهادات ضحايا إعتداءات مرتزقة فاغنر. و إتهمت المنظمات الحقوقية خاصة مرتزقة فاغنر و الجيش المالي بارتكاب جرائم قتل و إختطافات و إعتقالات و تعذيب ونهب ضد المدنيين في أزواد.
رصدت منظمة "إيموهاغ" الدولية الحقوقية من أجل العدالة, إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان, و عبر الناطق باسم منظمة "إيموهاغ", أيوب أغ شمد عن استنكار المنظمة للجرائم البشعة و اللاإنسانية التي ترتكبها فاغنر والجيش المالي الإستعماري في حق المدنيين الأزواديين. و طالب أيوب أغ شمد, المجتمع الدولي و خاصة المنظمات الحقوقية بالتدخل من أجل منع الجرائم الوحشية, و طالب الناطق بإسم منظمة إيموهاغ, الحكومة الروسية بسحب مرتزقة مجموعة فاغنر الإجرامية من المنطقة. كما طالب حقوقيون مستقلون من الجمعية العامة للأمم المتحدة, إجراء تحقيق فوري في جرائم ضد الإنسانية إرتكبتها مجموعة فاغنر و الجيش المالي.
أشار تقرير صادر عن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان, أن مجموعة فاغنر تقوم بعمليات إعتقال تعسفي و إعدام خارج نطاق القضاء في الشوارع, كما حصل في ألينداو في يونيو 2021. و أشار تقرير الفيدرالية الى أن فاغنر تستهدف نساء أزواد بشكل ممنهج لإرهاب المواطنين, ففي بلدة مورا في مارس 2022, تعرضت 26 إمرأة للإغتصاب.
في تقرير لمنظمة هيومن رايتش ووتش نشر في ماي 2022, إتهمت مرتزقة فاغنر, بإرتكاب إنتهاكات ضد المدنيين في جمهورية افريقيا الوسطى. و أكدت المنظمة أنها تملك أدلة دامغة تدين عمليات القتل و التعذيب و التخريب أرتكبت منذ سنة 2019, لكن مع إفلات عناصر فاغنر من المحاكمة و العقاب.
و أشار التقرير أنه في مارس 2022, أطلقت مجموعة فاغنر النار على عشرات الأشخاص على الحدود المالية الموريتانية, قبل أن يتضح أن الضحايا رعاة موريتانيون.
قالت هيومن رايتس ووتش أن آبادة القرى و إعدام المدنيين خارج القضاء, أسلوبان ممنهجان لمجموعة فاغنر و الجيش المالي.
في شهادة 40 شخصا, قالوا أن مجموعة فاغنر و الجيش المالي, تورطوا في تعذيب و قتل العشرات و تدمير و نهب مملكات المدنيين في أزواد. و وفق شهادة عيان تم إعتقال 12 شخصا في 21 يوليو 2021, قرب بوسانغوا, و تم تعريضهم للضرب, و من ثم أطلقوا عليهم الرصاص (إعدام خارج نطاق القضاء).
قالت هيومن رايتس ووتش, أنها توصلت بفيديو يوثق بالأدلة, الإنتهاكات الجسيمة في حق المدنيين في أزواد. كما ذكرت المنظمة, أنه تم العثور على جثث قتلى, قتلوا في هجوم شنته يوم 3 فبراير 2023, مجموعة فاغنر و الجيش المالي على قرية سيغيلا. و في هجوم آخر على وينكورو, قتل 20 مدنيا, و نهبت ممتلكاتهم.
في تقرير لمنظمة العفو الدولية لسنة 2022, أشار الى قتل مئات المدنيين على يد الجيش المالي و جماعة فاغنر, و قد أشار التقرير بإستهادف المدنيين في الأسواق و إعتقال المئات للتحقيق و الإعدام خارج نظاق القانون, كما يسود التمييز العنصري في حق الطوارق إيموهاغ, و إنتهاكات حقوق الإنسان و منع حرية التعبير و حرية الرأي.
تمركز مجموعة فاغنر في إفريقيا خصوصا, جعل من تواجدها ليس الإستفادة المالية فقط, بتقديم الخدمات العسكرية و الإستشارية, إنما الإستفادة الإقتصادية بالمطالبة بنسبة مئوية من أرباح صفقات النفط و الغاز و الماس و الذهب, لتتحول مجموعة فاغنر في ظرف زمني وجيز الى شركة إستثمارية متعددة التخصصات. مليارات من الدولارات التي تجنيها مجموعة فاغنر العسكرية, و في ظروف الضباب الداخلي الذي يسود المجموعة, على خلفية الأحداث الأخيرة في روسيا, قد تجند فاغنر جيوش أفارقة لخدمتها, و من المحتمل أن تفكر في إنقلاب عسكري على إحدى حكومات البلدان التي تتواجد فيها مرتزقة فاغنر. فمثل هذه الإنقلابات حصلت في افريقيا, من مجموعات قليلة من المرتزقة الأوروبيين (النموذج جزر القمر), رغم أنها إنتهت بالفشل, لكن مع قوة فاغنر العسكرية و الإقتصادية قد تنجح, ليرجع طرزان الى أدغال افريقيا, و يشكل الخطر الكبير ليس على الأزواديين المقهوين تحت ظل الإستعمار فحسب, و إنما المخطورة ستكون على الكثير من الشعوب الإفريقية.
#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟