أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - جانب من تطور الحكومات والإمارات الكوردية المستقلة* (2/2)















المزيد.....

جانب من تطور الحكومات والإمارات الكوردية المستقلة* (2/2)


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 7761 - 2023 / 10 / 11 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


3ـ ولادة الممالك الأيوبية وتكرار تجربة الاندثار العربي
أول سمة للممالك الأيوبية، أنها تأسست وتبلورت خارج بلاد الكورد في سياق الصراع مع الفرنجة، بمعنى من المعاني أنها ظاهرة عابرة للأثنيات والأقوام، وترجمة لصراع الشرق الإسلامي مع الغرب المسيحي. وظلت هذه الممالك تتوارث أخلاقيات المجتمعات الكوردية الدفاعية، فالمجتمعات الكوردية كانت عبر التاريخ دفاعية راسخة. ومن جانب آخر ترجمت ولادة واستمرار الممالك الأيوبية ظاهرة التحالف مع المجتمعات العربية التي أنهكتها الحروب، وتراجعت قوتها العسكرية، كما تفككت روابط النخب العربية الحاكمة إلى حد الضعف أو الانسحاب من المواجهة مع الغزاة الفرنجة.
لقد استفاد العالم الإسلامي من قوة وكثرة عدد الفرسان الكورد، وتعاونت جهات متعددة وتحالفت في ظل الحكم الزنكي لإحياء منهج عسكري جهادي جديد في مواجهة الفرنجة. وكان حامل هذا المنهج الدفاعي والجهادي الجديد هو المخزون البشري الكوردي المتركز في شمالي الجزيرة الفراتية، والقريب من ساحل البحر المتوسط وبلاد الشام.
وفي سياق مجريات الحروب والمعارك الدامية، وعبر شبكة من المحفزات والعوامل التي غيرت المعادلات السياسية، وأثر تراجع قوة الزنكيين، تصدر المشهد العسكري وقيادة عمليات الدفاع عدد من الفرسان والأمراء الكورد، حتى هيمنت الجماعات ذات الأصول اللغوية والثقافية الكوردية على منطقة واسعة، متمددة بصيغة ما، ومكررة لتجربة التوسع العربي في بدايات عهد الفتوحات. وربما ليس من المبالغة أن يتم توصيف الحالة: بأن الكورد قد ورثوا العرب مطلع الألف الثاني الميلادي في قيادة الممالك والامارات الإسلامية لمواجهة الحملات الصليبية، ومحاربة ما استطال عنها من ظواهر تمرد وتحركات للمجتمعات المسيحية الشرقية والبيزنطينية والأرمنية.
وبعد تفكك قيادة الامارات الكوردية في القرن الحادي عشر الميلادي، صبت قوتها العسكرية والاجتماعية في المجرى الذي ينظم المقاومة ضد غزوات الفرنجة. ويمكن الافتراض والاجابة على التساؤل الذي تكرر حول طبيعة ظروف قيادة ومن ثم حكم النخب الكوردية للعالم الإسلامي من المركز، أي من بلاد الشام ومصر؟
يمكن تبسيط الاجابة في أن الكورد حكموا لأنهم كانوا القوة الأساسية على الأرض في المناطق القريبة من خط التماس العسكري، واستمدوا قوتهم من رسوخ مجتمعاتهم، ومن فيضهم السكاني الكبير، الذي كان يغذي الجبهات والمدن والأرياف بالموجات البشرية من عهد إلى آخر. ولكن هذا التدفق البشري والاتساع الجغرافي أرهق في المحصلة المجتمعات الكوردية، وشتت نخبها الحاكمة، التي بدأت تفقد السيطرة على المجتمعات المحلية، وتضعف أمام القوى الغازية، سواء لصالح تقدم الفرنجة واستقرارهم، أم التراجع أمام القبائل الآسيوية التي عززت قوتها عاماً بعد آخر، وأزاحت الأيوبيين عبر التحالف مع الصليبيين والأرمن. فانفتح الطريق أمام خليط غير متجانس من النخب العسكرية والمجتمعية الإسلامية والتي تمخضت أخيراً عن حكم المماليك. وطويت صفحة الحكم الأيوبي الكوردي في دمشق وحلب والقاهرة، كما طويت قبلها صفحة الحكم العربي المركزي في بغداد بآليتين متشابهتين في خطوطها العامة.
وكخلاصة واستنتاج يمكن القول إن الممالك الأيوبية استمدت نسغها، وقيادتها من الأمارة الشدادية، وقوتها من الامارة الدوستكية الكوردية. كما ورثت جانب من قوتها ومنظومتها العسكرية إلى المماليك. الذين قاموا بدورهم بدعم نويات الامارات الكوردية المتبقية على الأرض في كوردستان، وخاصة مملكة حصن كيفا الأيوبية على نهر دجلة، وأولهوها التقدير والاحترام، وكذلك حسنوا علاقاتهم مع امارة هكاري، والامارة المازنجانية في الجزيرة الفراتية. بحيث شكلت نسيج هذه العلاقات في جانبه الاجتماعي والأثني الكوردي سلسلة ربطت بين النظام الإماراتي الكوردي الأول في القرن الحادي عشر، والنظام الاماراتي الكوردي الثاني في القرن الرابع عشر الميلاديين. كون هذه الدول والامارات لم تكن ظواهر فردية ولا سلاليه فحسب، وانما ظاهرة مجتمعية وأقوامية في العمق.
4 ـ تطور أنظمة الحكم المحلي الكوردي عبر الزمن المديد
كانت المجتمعات المحلية تدار من قبل سلطات محلية في أغلب مراحل حكم الامبراطوريات الواسعة، وذلك لمرونة ادارتها من المركز، والاعتماد على آليات الولاء والتبعية لتلك الامبراطوريات. ودون الخوض في تفاصيل الإدارة من قبل المركز، لذلك يمكن الافتراض أن أغلب المناطق ذات الغالبية السكانية الكوردية، ومنذ تبلور هذه الهوية الأثنية – الثقافية الكوردية في الألف الأول ق. م، كانت تدار من قبل سلطات محلية متوارثة، ومنبثقة من النظام الاقطاعي والعشائري المحلي بشكل عام.
يستنتج من المصادر التاريخية أن الامبراطورية الميدية ذات الجغرافيا الواسعة هي التي ساهمت في بلورة هوية المجتمعات الكوردية الموحدة، كما رسخت حالة الاتحادات الاجتماعية، وأضفت على الزعامات المحلية الشرعية، لدرجة أن كل ما قام به مؤسس هذه الامبراطورية دياكو هو أنه وفق بين هذه السلطات المحلية، ووحد القبائل والأثنيات الفرعية، وشكل لها سلطة مركزية تحت قيادته بحكمة بالغة. حيث كانت العاصمة اكباتان هي مركز حكمه، إلا أن الأطراف كانت تتمتع بالاستقلالية. لدرجة أن هذا النظام توارثته الامبراطوريات الايرانية عاماً بعد آخر، وامتدت من الامبراطورية الميدية الى الأخمينية، وكذلك ظلت سائدة في المناطق الكوردية الغربية التي خضعت لحكم اليونان والرومان، وظهرت بشكل أكثر وضوحاً ومرونة في عهد ملوك الطوائف، الذين كان أغلبهم كوردا من الناحية الثقافية. وصولاً الى العهد الساساني ذات السلطة المركزية الضعيفة. لذلك استمرت هذه التقاليد السياسية المحلية في صيغها المتباينة للحكم الذاتي، حتى ارتخى المركز في العهد الساساني المتأخر، لدرجة كانت الإمبراطورية الساسانية شبه مفككة عند قدوم طلائع الفرسان العرب.
فالتكوين والبنية الاتحادية المرافقة للاستقلال النسبي المحلي، تعد خاصية للدول والامبراطوريات الإيرانية، وخاصة ميديا: "الإمبراطورية الميديه بعد توسعها عام 612 ق.م كانت ما يشبه الاتحاد الفدرالي لحوالي سبع وعشرين قبيلة، بحسب ول ديوانت.." (خليل، 2011، ص105)
انتقلت عملياً هذه التقاليد السياسية، وتسربت نسبياً الى الدولة العربية الإسلامية، مع حواملها الاجتماعية والسياسية من أبناء المجتمعات المحلية. وترجمت في نظام الولايات فالإمارات.
بمعنى آخر، لم يكن صعود القوى السياسية الكوردية المحلية حالة مستجدة على المجتمعات الكوردية الراسخة، ولا على الامبراطوريات التاريخية الكبرى، وإنما كانت حلقات مترابطة ومتسلسلة ضمن سيرورة تاريخية موضوعية عبر الزمن المديد. كانت نزعة شبه فطرية تترجم رغبة المجتمعات في ادارة نفسها والتخلص من عبئ الحكام الغرباء.
وكتذكير بحقيقة الدرجة العالية من الاستقلالية التي تمتعت بها السلطات الكوردية الحاكمة سواء داخل كوردستان أو خارجها، فقد صنف المؤرخ شرفخان البدليسي الممالك الأيوبية وعدها كأول الدول الكوردية المستقلة، ومن بعدهم صنف حكومات وإمارات كل من: دياربكر والجزيرة وهم المروانيون، ولاة دينور وشهرزور (الحسنوية)، ثم ولاة الأسرة الفضلوية في لورستان، كدول وامارات كوردية مستقلة. ولا يمكن فهم معاييره لهذا التصنيف منذ خمسة قرون، حيث أن تصنيفه هذا قد شمل سلاطين مصر والشام من آل أيوب، وعدهم جميعاً من ضمن الحكام الكورد المستقلين. وسيظل هذا الموضوع اشكالياً في تقبله وتعميمه، لضعف معارفنا التاريخية، ولتدني مستوى معرفتنا بظروف وملابسات هذا التصنيف عند المؤرخ القدير، تحت العنوان العريض التالي: "في ذكر ولاة وحكام كردستان الذين رفعوا راية الاستقلال". (البدليسي، 1962، ص5)
وعلى الرغم من صعوبة فك (لغز الاستقلال) الذي نسبه شرفخان للأيوبيين، لكن تصنيفهم المنهجي – التاريخي بهذه الصيغة، يعد دليلاً على أهمية قيمة الاستقلال السياسي من جهة، وعلى آليات توارث الاستقلال الاجتماعي والسياسي في مناطق واسعة من كوردستان عبر الأجيال والطبقات الحاكمة خلال الزمن المديد. وأخيراً كان دور الملوك الأيوبيين في حماية هذا الاستقلال والمحافظة عليه مهماً. إلا أن السعي الى الاستقلال ظل هدف الزعامات الكوردية منذ تلك المراحل بصيغة أو أخرى.
×××
*فصل من كتاب سيصدر قريباً عن مركز رووداو للدراسات تحت عنوان: تقسيم كوردستان العثمانية إلى دولتي سوريا والعراق.
××××
المصادر والمراجع:
1- اسكندر، الدكتور سعد بشير (2008)، قيام النظام الاماراتي في كردستان وسقوطه ما بين منتصف القرن العاشر ومنتصف القرن التاسع عشر. السليمانية، ط2
2- بدليسي، شرفخان (1962). شرفنامه. ترجمة علي عوني بك. القاهرة
3- توفيق، الدكتور. زرار صديق (2022). كردستان في العهد الجلائري. (1336 – 1411) م. أربيل
4- - خليل، الدكتور. أحمد محمود (2011)، مملكة ميديا. أربيل
5- يوسف، عبد الرقيب (2001). الدولة الدوستكية في كوردستان الوسطى، الجزء الثاني – القسم الحضاري، ط2، أربيل



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطور الحكومات والإمارات الكوردية المستقلة* (1/2)
- كارثة السلطوية الجديدة
- الجوهر الكولونيالي لمعاهدة لوزان
- بطولات سياسية متخيلة بين موجات الأثير
- ثقافة الاستبداد ذات الخلفية المغولية والعنصرية المنسوبة للعر ...
- درس من كارثة الزلزال
- ضرورة الخروج من الاطار الوظيفي للحركة الكوردية
- الانتقال الحاد من عمارة الممالك الآرامية الى الإمبراطورية ال ...
- فوبيا الموت خارج الكرسي: مهاتير محمد نموذجاً
- جوانب من المشترك العمراني والمعماري للممالك المحلية المتعاقب ...
- إيران: الحوار الداخلي أولاً
- ثمانية مليارات من البشر: المشكلة مازالت في الجشع وسوء التوزي ...
- ملعب بوتين الضيق وطموحاته الواسعة
- عمارة وعمران المملكة الحورية - الميتانية
- الحرب الأوكرانية بديلاً عن جبهة عالمية لمكافحة الفساد
- الدلالة العميقة لاحتفالية مئوية معاهدة سيفر
- لماذا الاستهانة بكتابة التاريخ؟
- بداية نهاية الدور المركزي لأوربا؟
- ظاهرة شاهسوار الشعبوية
- في هذا البيت


المزيد.....




- لبنان.. 8 ضحايا في انفجار مطعم بالعاصمة بيروت وقرار عاجل من ...
- زاخاروفا تصف من يعتزمون تسليم الأوكرانيين في أوروبا إلى كييف ...
- فرنسا تدعو إسرائيل إلى إعلان موقفها من مقترح يتعلق بالحدود م ...
- البنتاغون يكشف خططا غربية لتزويد أوكرانيا بمقاتلات -إف-16- و ...
- نجيب ساويرس يعلق على وصف رئيس مصري راحل بـ-الساذج-
- دراسة: ظهور النظام الأبوي أدى إلى تقليل التنوع الجيني بين ال ...
- اجتماع وزاري في الرياض يؤكد حل الدولتين
- تظاهرة بمحيط السفارة الإسرائيلية في عمان
- حزب الله يقصف مبان بمستوطنة المطلة
- أنباء عن ترحيل المملكة المتحدة إلى رواندا طالب لجوء في أول ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - جانب من تطور الحكومات والإمارات الكوردية المستقلة* (2/2)