الانتقال الحاد من عمارة الممالك الآرامية الى الإمبراطورية اليونانية

آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 7489 - 2023 / 1 / 12 - 00:22
المحور: الادب والفن
    

بعد نشوء الممالك الآرامية في أجواء الصراعات الداخلية في منطقة شرق البحر المتوسط وشمالي سوريا، فإنها لم تأت بجديدها العمراني، لأنها حقبتها كانت استمرارا للممالك الحورية – الميتانية في شمالي سوريا، خاصة من ناحية الانتاج المادي، والعمارة على وجه الخصوص، كما أن القبائل الآرامية كانت شبه بدوية في البدء وهاجرت أصلا من البادية نحو الشمال. ولم تكن لديها ما يميزها سوى لغتها المختلفة، ولم تمتلك هذه القبائل خبرات معمارية نظرا لنمط حياة الترحال لديها.
ومن الملاحظ أن أغلب المراكز الحضرية المستحدثة في المرحلة الآرامية، شيدت على أنقاض المواقع الحورية القديمة في نفس المكان، فكانت الخطوط العامة لعمارة وعمران المرحلة الآرامية مماثلا لتلك التي ترسخت في المراحل السابقة لها، خاصة في مراكز المدن. وبالتالي يمكن التكهن بعدم حدوث تغيير كبير على نمط المساكن في القرى، حيث تتسم عمارة الريف بطابعها المحافظ والرتيب، إذ تتوارث فيها طرق التشييد من قبل الأهالي، ويتم المحافظة تماما على التقاليد المحلية والأساليب التقليدية في البناء. كما أشار الدكتور شوقي شعث إلى هذه الفكرة: "عموما أمكن ملاحظة أن الأبنية في سويات عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية في تل شاغر بازار سارت على نفس مخططات الأبنية التي سبقتها..." (شعث، 1987، ص23). وبتعميم أوسع فمن الملاحظ أن المساقط الأفقية للمساكن الطينية تتكرر وتتشابه في العديد من المواقع التابعة لممالك متعاقبة ضمن جغرافية شمال سوريا الواسعة خلال زمن مديد.
فمرحلة الممالك الآرامية في شمال سوريا كانت من الناحية العمرانية على الأقل امتدادا لتراث ممالك المدن في الجزيرة الفراتية وشمال سوريا الأكثر اتساعا. والتغييرات العمرانية التي واكبت حكم الممالك الآرامية لم تكن كالمتغير الثقافي واللغوي الذي وفد معها الى شمال سوريا، وأهمية الممالك الآرامية لم تظهر الا بعد قرون عديدة وتبني مجتمعاتها للدين المسيحي في مراحل متأخرة. فالحكم اليوناني أزال تأثير الممالك الآرامية وقلب الواقع العمراني رأسا على عقب.
-شعث، شوقي، (1987). المسكن والمدفن في الوطن العربي. تونس.
* فقرة من كتاب: القرى الطينية في شمالي سوريا – المانيا -2022

#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل