أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - أحلام جاردينيا ..قبر لكل مالك !!















المزيد.....

أحلام جاردينيا ..قبر لكل مالك !!


محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 7753 - 2023 / 10 / 3 - 19:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فاجأني جار بما بدا أنه حلمه الأخير.. عبر تلك السطور التي كتبها على جروب المنطقة ..
- سنوات ونحن نتحدث عن أحلامنا في حياة تليق بانسانيتنا ..دون جدوى..فلماذا لانتحدث عن حلم مابعد الموت ..قبر يليق بادميتنا..بتكلفة تناسب امكانياتنا....من يدري ..ربما حلمنا الأخير هذا - وعلى
النقيض من كل أحلامنا السابقة - ينال اهتمام أي من كبار مسئولينا ..إن كان استعصت عليهم احلام حياتنا رغم بساطتها ..!!

والمنطقة التي يقصدها جاري جاردينيا هايتس ..أحد أحياء القاهرة الجديدة ..وقبلا كانت تسمى أبو الهول ..و مع ثورة التطلعات التي كانت اوكسيجين حياة الآلاف ممن باعوا واستدانوا وانتقلوا إلى المنطقة حالمين بأن ينعموا بحياة راقية ...نقية من القبح..من العشوائيات..تم استبدال ابو الهول ب " جاردينيا هايتس"
فلا شارع تتعرى بالوعاته من الأغطية .. ولا مكان لفوضى تكاتك وتروسيكلات يلهو بها صبية فوق جثثنا ..ولامالك حشاش يؤجر مدخل غرفة نومي لغرزة يمضي روادها يقهقهون ويصرخون حتى الصباح بأقذع الشتائم..فإن شكوت له..نظر إلي مستغربا: دا ملكي وكل واحد حر في ملكه..!!

لكن في الوقت الذي كان الآلاف من سكان " جاردينيا هايتس " يرتشفون بلذة من كؤوس أحلامهم تلك كان جيران لهم يمضون وقتهم يخططون لكيفية توظيف كل شبر من مبانيهم ليكون منجم ذهب ..حتى ولو على حساب جمال ورقي المنطقة..
هؤلاء - رغم ثرائهم - أعمتهم شراهتهم المادية ..فأجروا عماراتهم لكتائب من العمال من كافة الجنسيات..يطلون من شرفات الشقق بملابسهم الداخلية ويثيرون الضجيج....ويتحرشون ببناتنا وزوجاتنا..
- بل من بين الملاك من سعوا إلى تأجير عماراتهم إلى مراكز لمكافحة الإدمان .. وحين تصدينا لهم ..ادعى مسئول بأحد هذه المراكز حين هاتفته أنه مستشار شخصية من الوزن فوق الثقيل ..لم أعبأ بما قال ..وواصلت وبعض السكان في المنطقة حربنا الضروس حتى اغلقنا المركز ومركز إدمان آخر وشقة تم تأجيرها لأعمال منافية للاداب..وبدروم أجره مالكه الذي إدعى موظفو شركته أنه لواء..كمخزن بنزين!!!
.......
-وأنا أكتب سطوري هذه أفاجأ بأبنتي نادين تهوي فوق المقعد المقابل ..
أتطلع إليها بشفقة العاجز ...أنهض..أطبع قبلة على رأسها :
- معلهش يانادين..إن شاء الله مشكلة المواصلات هتتحل قريب..انا متواصل مع نائب رئيس هيئة النقل العام ..
موظفة في شركة تدار بشكل راق للغاية في باب اللوق..تنال استحسان رؤسائها..
تستيقظ فجرا لتصلي وتجهز نفسها للتوجه إلى الشركة.. تغادر المنزل الساعة السابعة لتتمكن من الوصول إلى الشركة الساعة التاسعة..تغادر الشركة الرابعة مساء ولو كانت محظوظة يمكن أن تصل إلى البيت السابعة ..
ثلاث مواصلات احيانا تضطر إلى أن تستقلها..
والمشكلة فيما يسمونه ب" التمناية " ..سيارات صغيرة يحشر بداخلها - إن كان لها داخل- ثماني أو تسع ركاب..يقودها صبية..يظنون أنها لعبة كومبيوتر..!!

وأحيانا يحشر السائق الطفل في المقعد الذي لايتجاوز ١٠ سنتيمترات صبي آخر بجواره ..ليشاركه في اللهو على الطريق..
تسيل الدموع من عينيها :
- فيه ايه يانادين؟
- التمناية كانت هتخبط في تروسيكل ..والسواق انحرف ليتفادى الاصطدام..فقلت للسواق مش تخلي بالك!..لاقيته ضرب فرامل وقالي لو مش عاجبك انزلي !!

وليست حالة فردية..هكذا حال ابنة جاري الطالبة في جامعة عين شمس..جاري المهندس في شركة بالدقي..ابن جاري الصحفي الشاب في إحدى الصحف بالمهندسين..حال آلاف السكان بالمنطقة والعمال والموظفين في المنطقة الصناعية المجاورة..

و.....أين هيئة النقل العام..؟!!
أليست جاردينيا هذه "محسوبة " جغرافيا وسكانيا وإداريا على مدينة القاهرة الجديدة. ؟!!

ثمة خط يربط المنطقة بالمنيب.. وخط آخر يربطها بالعباسية..
من منطلق الفضول الصحفي ألقيت بجسدي في أتوبيس العباسية..
فوجئت به يشق طرقا صحراوية ليصل سريعا إلى محطة العباسية...وفي العباسية لم أغادر مقعدي.. نبهني الكمساري :
- آخر الخط يا أستاذ...
سألته :
- مش راجع..؟
كنت أود استكمال التجربة..
لكنه فاجأني...
- لا....!

سيارة واحدة على الخط ..وكل هم سائقها ومحصلها..أن تقطع الطريق في دقائق من الألف مصنع إلى العباسية..
لذت بمسئول كبير في الهيئة..رجوته مرارا: في حاجة إلى اتوبيسات تربط منطقتي الألف مصنع وجاردينيا بوسط البلد..!!

ودوما : حاضر. إن شاء الله..بمجرد تشغيل الاتوبيسات الكهربائية ..!!!!
أشعر بأن وعوده تنطلق من رغبة صادقة في المساعدة ..
لكن ..بشكل عام ..أي مسئول في هيئة النقل العام أو أي شركة مواصلات أخرى لا تطلق خطوط مواصلات جديدة إلا إذا كانت مجدية اقتصاديا..
وأقول..ماقلته مرارا لمسئولي هيئة النقل العام..لمسئولي جهاز القاهرة الجديدة: أي خط مواصلات يربط منطقة جاردينيا بوسط القاهرة سيكون مجديا اقتصاديا..الكثافة السكانية في المنطقة تضاعفت خلال السنوات الأخيرة.. ولا ننسى أن بالجوار المنطقة الصناعية التي تضم آلاف العمال والموظفين..وبالجوار أيضا مشروع سكن مصر الذي أوشك على الانتهاء..كما أن
خطوط المواصلات هذه ستخدم سكان منطقة النرجس المجاورة..

..ومن الخطأ تصور أن امتلاك سكان هذه المناطق لسيارات خاصة.. يفقد خطوط المواصلات العامة جدواها الاقتصادية..نعم ..
من النادر أن توجد أسرة في جاردينبا بلا سيارة خاصة بل سيارتين وربما ثلاث..لكن الغالبية العظمى يفضلون - خاصة إن كان المقصد وسط القاهرة- المواصلات العامة..
وأحيانا يلوذ البعض..بالأوبر..لكن من غير المنطقي أن بجري هذا بشكل يومي..

....
أكابد لتهدأة ابنتي ببصع كلمات لاأدري مدى صدقها:
- احنا متواصلين مع المسئولين في هيئة النقل العام ..وإن شاء الله خلال فترة بسيطة هيحلوا المشكلة..
وانا احاول طمأنة ابنتي تداهمني زوجتي :
- قرأت المكتوب على جروب أسرة جاردينيا ؟

جارة تشكو..تبكي :

- توجهت إلى جهاز القاهرة الجديدة لإنهاء إجراءات خاصة بأمر يتعلق بمنزلي الذي بعت كل ما أملك، بل واستدنت لبناته فإذا بهم يشترطون لاتمام الإجراءات أن أدفع قسط الغاز..!!!
تواصل الجارة ثورة غضبها على الجروب:
- صحت في الموظف:
لن أشترك في مهزلة الغاز هذه...أليس هذا من حقي؟!
أحد الجيران يرد بغيظ :
- والكارثة غياب العدل في تعاملهم معنا في مسألة الغاز ..نحن دون المناطق الأخرى الذين يفرضون علينا فرضا تكلفة مد شبكة الغاز في الشوارع..انا كساكن يفترض أن اتحمل فقط تكلفة توصيل الغاز من الشارع إلى داخل بيتي..
يعقب ساكن
- هناك قرار صادر من رئيس الوزراء عام ٢٠٠٦ يقضي بتحميل البنية التحتية للغاز على الأهالي..
- لكن تخصيص اراضي جاردينيا تم قبل ذلك بثلاث سنوات...ولاينبغي أن يطبق علينا القرار بأثر رجعي...
- وأليس من حق المالك أن يرفض الاشتراك؟ ..شخصيا سأعتمد على أنبوبة البوتاجاز ..
- لهذا أصدروا تعليماتهم بألا يدخل اي منا الحمام إلا إذا أتى بمستند يثبت انه يقوم بسداد ماهو مطلوب منه فيما يتعلق بتكلفة شبكة الغاز..
- إذن ليس أمامنا سوى القضاء..
- قضية أخرى تضاف إلى أكثر من ٦٢ مليون ..معظمها مرمطة واهدار لمال وسلندرات الغلابة في المحاكم..
- معظم هذه القضايا كان يمكن تفاديها لو قام مسئولو الدولة بمسئولياتهم ..
- لو كان لدينا وزارة معارف .. لتم تنشئة أولادنا في المدارس على العدل والرحمة وفعل الخير..لكن للأسف لدينا وزارة تلقين...وغرز دروس خصوصية ..كل مهمتها حشو دماغ العيل بمعلومات يتقيأها في ورقة الامتحان علشان يجيب ٩٩% ويدخل كلية قمة..ومش مهم بعد كده يبقى نصاب..حرامي. !

- لو وزارة التعليم اتعدل حالها..حال البلد كله هيتعدل!!

- والله المشكلة دي واجهتني امبارح لما رحت الجهاز اخلص حاجة .. أما أدفع مبلغ ال١٩ الف جنيه نصيبي في البنية التحتية لشبكة الغاز.والا هيقطعوا عني الهوا اللي بتنفسه ..والكارثة وانا راجع

السيارة اصيبت بسكتة دماغية بسبب الرتش اللي مالي الشوارع ..تقريبا كده هتحتاج حوالي ٦ آلاف جنيه
ويتساءل أحد الجيران:
- ياترى المولات الجديدة هتشارك في تحمل تكاليف الغاز..ولا التكلفة على الغلابة بس ؟!!!
....

أحدهم يحاول بث الطمأنينة :

-ان شاء الله مع انتخابات اتحاد الشاغلين كل المشاكل
دي هنلاقي لها حلول!!

يرد أحدهم :

- انتخابات ايه ياصديقي ؟!..الجهة الرسمية اشترت دماغها ..وشالت ايديها ..وسابت الموضوع لمرشح بيتولى تنظيم الانتخابات .. مين يصوت ومين ما يصوتش ..
وازاي يصوت وازاي مايصوتش.. انتخابات بالشكل ده ..هتنتظروا منها ايه ؟!!

يرد اخر في يأس :
- للأسف .. مفيش حاجة هتتحقق...الانتخابات دي حلقة من مسلسل ادمان الكراسي اللي تناولتها دراسة اميركية وانتهت انها لاتقل خطرا عن ادمان المخدرات !!!
يستكمل مالك :
- دكتور احمد عكاشة أستاذ علم النفس بيقول ادمان الكرسي بيتحول بعد كده إلى حالة من الغطرسة..غطرسة الكرسي.! اللي بيقعد فترة طويلة على الكرسي بيعيش في وهم أنه مابيغلطش وبالتالي غير قابل للمساءلة ..و لايمكن أن يتقبل اي نقد ..!!!

لكن الحالم بقبر لكل مالك يرد :

- أنا مش هيأس ومنتظر أن حلمي ..حلمنا كلنا يتحقق ..ولو المرشح اللي بينظم الانتخابات ده نجح وحقق لي الحلم ده..هخرج من كفني واهتف له: اخترناك.. اخترناك !!!



#محمد_القصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا والعمانيون..هل كان خيارا ساذجا؟!
- كالعادة .. شيطان العامية يشارك في احتفال تربية عين الشمس.. ب ...
- ماأتعسها - صاحبة الجلالة - بحرسها الملكي !!
- كوارث المناخ..فعلة الكبار..هل بمقدور الصباغ وأمثاله مواجهتها ...
- هل تكيف إعلامنا مع القبح والجهل والفساد ؟!!
- نحن ظاهرة صوتية فاشلة ..هل لدى نقيب الصحفيين خيار آخر؟!!
- كوارث الصحافة ربما ليس من بينها انتحار عماد الفقي!
- بين هرمنة النص وشيطنته..في ندوة نادي القصة
- هل خانت -ايمان- زوجها؟!..أهو مثل سارتر ..ديوث؟!
- لنبدأ بكتاب النيابة العامة لعلاج أنيميا الثقافة القانونية
- أين الأدب من انسحاق مصر أكتوبر بين الانفتاح وسلفية البترودول ...
- نجحنا في تحصين الشوارع..فماذا عن تحصين العقول؟!
- هل سقط المثقف من حسابات الدولة؟!
- شعب من الزبالين!
- حتى لايقع السيسي في خطأ عبد الناصر
- ماذا لوكانت مؤامرة اخوانية ياوزير التعليم؟!
- أنا والسيدة الأولى والمناضل الناصري!
- لو اختاروني وزير ثقافة!
- أعداؤك ياسيسي في الداخل
- وماذاعن عمارة الشوارع.. ياوزير الأوقاف ؟!


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - أحلام جاردينيا ..قبر لكل مالك !!