وماذاعن عمارة الشوارع.. ياوزير الأوقاف ؟!

محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 6981 - 2021 / 8 / 7 - 00:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في خطبة الجمعة اليوم حثنا خطيب مسجد الحاجة حورية سليم بمنطقة جاردينيا هايتس في القاهرة الجديدة.. على عمارة المساجد ..وعديدة هي الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التي لاذ بها شيخنا الجليل، ليحفزنا على ذلك ..أن نعمل على عمارة المساجد.

أكانت تلك خطبة معممة على وعاظ مساجد مصر، ليرددوها من فوق المنابر على أسماع المصلين ؟ "هذا ما يقوله لي أي خطيب إن أبديت ملاحظة حول خطبته: هكذا تأتينا الخطبة من وزارة الأوقاف"!!
اليوم – وكالعادة - أنصتُ في خشوع إلى مايصيح به خطيب مسجد الحاجة حورية عن الأبعاد العظيمة لعمارة المساجد ..وأظن أن هذا حال عشرات الملايين من المسلمين ..
فكيف تكون عمارة المساجد كما فهمنا من شيخنا الجليل ؟
بالحرص على التوجه إليها مبكرا ..فجراً وظهراً وعصراً ومغرباً وعشاءً لأداء صلاة الفرض..وكم هو محظوظ من يشغل مكاناً في الصف الأول..يزيده الله درجتين سبحانه وتعالى عمن يصلي في الصفوف الخلفية..و29 درجة عمن يصلي بمفرده..!!
وكيف تكون عمارة المساجد أيضًا؟ بالإضافة إلى صلاة الفروض والسنن ؟
قراءة القرآن ، والتسبيح، والابتهال، وذكر الله، والصلاة على نبيه وآله ،والدعاء ..وربما أمور أخرى لاأتذكرها ..لكن الذي أتذكره جيدا ..أن خطيب المسجد ، مثله، مثل كل المساجد التي أديتُ بها صلاة الجمعة خلال السنوات الأخيرة ..لم يتحدث عن عمارة الشارع ..تحديدا انعكاس عمارة الجوامع على عمارة الشوارع..
وهذا أمر شائع ..إن مررتُ بجوار مسجد الحاجة حورية أوغيرها من المساجد ..فمن الوارد جداً أن تتعثر عيناي بألم في كمامات موبوءة بالفيروسات ملقاة في الشوارع والطرقات المحيطة ، وغير ذلك من مخلفاتنا، وكثير من هذه الكمامات ..من هذه المخلفات.. ألقاها بعض من مرتادي هذه المساجد، هؤلاء الذين يتسابقون على التوجه إليها مبكراً، ليحتلوا أماكنهم في الصفوف الأولى، حتى يفوزوا بال29 درجة، يسبحون ويبتهلون ويدعون ويصلون على النبي عشرات المرات بخشوع.. فإن غادروا ألقوا بمخلفاتهم حول المسجد ..ألقوا بها أينما كان، وكما نرى تحولت مصر إلى أحد أكبر مقالب الزبالة على الكوكب"!!
أتذكر ..خلال ندوة نظمتها في قاعة مصطفى أمين بمؤسسة أخبار اليوم حول انتشار القبح في شوارعنا - كان ذلك من عدة سنوات- قال أحد المشاركين- أستاذ في كلية الفنون الجميلة :المشكلة لم تعد في انتشار القبح ..بل في الاعتياد عليه، إلى حد أنك لو نبهت أحدهم بألا يلقي عقب سيجاره في الشارع، نظر إليك باستغراب، وظن أنك معتوه!!!
وما أكثر الظواهر التي اعتدنا عليها لأن وعاظنا ..ومعهم آخرون.. لايتحدثون من فوق منابرهم عن خطورتها.
منذ أيام انتهت امتحانات الثانوية العامة..وكالعادة نشرت الميديا وقائع عن حالات غش وتسريب للامتحانات ..هل تحدث أي من وعاظنا - ولو عرضا- عن حديث الرسول الكريم : من غشنا فليس منا ؟!
وللأسف.. لأن أحداً لم ينبه إلى خطورة الغش على المجتمع !! أصبحنا - التلميذ وولي أمره والمدرس! نتعامل معه كظاهرة "عادية"!!!
وأليس هذا مايحدث ..غالبية أبنائنا بمجرد أن يتخذوا أماكنهم في لجان الامتحان.. يبسملون ويبتهلون بالدعاء إليه سبحانه أن يوفقهم ..ثم يبدأون الإجابة على الأسئلة.. ولو بالغش!!
السبب ببساطة أنه لم يصل إلى أسماعهم صيحة شيخ من فوق منابر ال 110 ألف مسجد المنتشرة في ربوع الجغرافية المصرية بحديث نبينا العظيم : من غشنا فليس منا..
• هل حث خطيب مسجد الحاجة حورية على بناء المساجد ؟ نعم ..بناء مسجد عمل عظيم ..لكنه يفقد عظمته تماما ..إن لم يكن مركز إشعاع لجوهر الدين ..الدين الصحيح..الأخلاق الحميدة..
"وألانلحظ هذا ..العديد من مساجدنا بُنيت بأموال انتهازيين ولصوص وفسدة !! ؟..ثم ..هل بناء المساجد الآن أكثر إلحاحاً من التبرع لبناء مدارس ومستشفيات وإعالة 29,7% من المصريين تحت خط الفقر"..بعضهم ينقب عن كسرة خبز..يلهي بها معدته عن الصراخ..في صناديق القمامة؟!

ليت مشايخنا يضيئون بصيرتنا حول حكم الشرع في مثل هذه الأمور"..
..........
خلال انشغالي بتأليف كتاب عنوانه "الغيبي والخرافي في الثقافة الإسلامية" لذت بالقرآن الكريم، ليكون لي خير عون في إنجاز مشروعي ..فإذا بي أفاجأ بأكثر من 40 آية من تلك الآيات التي تبدأ بعبارة " الذين آمنوا .." تنعطف عليها عبارة أخرى بالغة الأهمية "..وعملوا الصالحات..
إذن لا تكتمل تقوانا إلا.. بالعمل الصالح.
إذن يا شيخنا الجليل في مسجد الحاجة حورية ..وياكل مشايخنا الأجلاء في مصر.. وياوزير الأوقاف: عمارة الجوامع بصلاة الفروض والسنة والابتهال والتسبيح والصلاة على النبي ..منقوصة ..بل لاقيمة لها إن لم تنعكس على بيوتنا..شوارعنا..مدارسنا..جامعاتنا..وظائفنا.. عدلاً وأخلاقاً وتسامحا وتكافلا..وجمالا
وهذا لايكون - مشايخي الأجلاء- إلا بتصحيح صياحكم فوق المنابر.. ليجسد حديث نبينا العظيم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

#محمد_القصبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات