علامات مضيئة في تحالف المستقلين ..لكن هل لديهم استعداد لكنس الشوارع ؟!

محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 6704 - 2020 / 10 / 15 - 16:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تحدثني ابنتي العزيزة د.منال علام وكيلة وزارة الثقافة بحماس عن تحالف المستقلين ..الذي ترى من خلاله مستقبلا طيبا للوطن ..
هل استقر توقيعها أخيرا بقلب مطمئن على استمارة عضوية لحزب ترى في فكر عضواته ..أعضائه ..قوة انتمائهم الجيني لبهية ..خطوط انتاج لازدهار الوطن..؟
وهل بلازما ازدهار الدولة المصرية لاينبغي أن تتدفق إلا من خطوط انتاج الأحزاب؟
على أية حال وعلى قدر علمي
أمضت دكتورة منال علام سنوات مابعد 30 يونيو تتحسس الطريق نحو حزب تفرغ في أنهاره فكرها وعنفوان طاقتها ليفيض بها على ضفاف الوطن ..وأخيرا انتهى تنقيبها بهجوع توقيعها على استمارة تحالف المستقلين ..إن كانت ثمة استمارات عضوية.
ولست مثلها ..دوماً بداخلي حذر يدفعني بعيدا عن الأحزاب أو أي تنظيم سياسي..
في الساعات الأولى لعطلتي الصيفية الأولى بالمرحلة الجامعية - وماكنت بارحت التاسعة عشر من عمري- غادرت لجنة الامتحان بكلية الإعلام إلى موقف أحمد حلمي لأستقل سيارة الأتوبيس متجهاً إلى قريتي المعصرة/ بلقاس/ دقهلية ..صباح اليوم التالي توجهت وبعض الأصدقاء من طلاب الجامعة إلى إدارة التربية والتعليم بمركز بلقاس..الهدف اقتناص مفاتيح المدرسة الإعدادية بقريتي لتدشين حلمنا الصغير ..مشروع لتقوية طلاب وطالبات القرية نهاراً ومحوأمية أبائهم ليلا..بعد أسابيع من النضال مع موظفي الإدارة نجحنا فيما سعينا إليه ..انطلق مشروع تقوية الطلبة بحوالي 20 طالباً وطالبة ..وفي السنة الرابعة تجاوز العدد 620 ..أتذكر أن مندوباً من منظمة الشباب زارنا ..وتوج إعجابه بما رأى في طابور الصباح وفصول الدراسة بدعوة لي وبعض زملائي للانضمام للمنظمة..اعتذرنا وبدا اعتذارنا من المفارقات الغريبة ..ذلك أن مرجعيتنا الفكرية تشكلت آنذاك من أعاصير التجربة الناصرية ..كنا نرى – وقد تكون رؤيتنا قاصرة- أن عطاءنا الوطني ليس بالضرورة في حاجة إلى تأطير حزبي..المصري إن وعى وأخلص ..يمكنه أن يخصب بعطائه الجغرافية المصرية لتكون أحد أعظم وأرقى معالم الكوكب..هكذا بدون أحزاب..أو تنظيمات.
كان محركي في تلك الفترة مقولة للعظيم الروسي ديستويفسكي "الانسان مسئول عن أي انسان"..ولاأتذكر أن ديستويفسكي ذيل مقولته تلك بشرط أن يؤدي الانسان رسالته تجاه أي انسان من خلال حزب..
لذا حين زار مسئولون من الحزب الوطني الوليد مؤسسة دار التعاون عام 1977 وأودعوا يدي وبعض الزملاء استمارات انضمام للحزب..أيضاً اعتذرنا ..رغم أننا كنا نخوض بمشقة مرحلة التدريب في مؤسسة على وشك الانهيار.. وبالتالي لا أمل في التعيين..وكل مانستطيع اقتناصه خمسة جنيهات مكافأة كل بضعة أشهر..وفي لحظات كثيرة لاتبرح الذاكرة كان الحصول على كسرة الخبز أمراً مستعصيا ..ومع ذلك قلنا لا للانتماء لحزب تفوح استمارة عضويته بإغراءات الانتقال إلى مؤسسة صحفية كبرى والتعيين فورا..وشقق ومناصب ..وبزنسة ..أليس حزب الرئيس؟!!
وبمرور الوقت أدركتُ كم كنت مصيباً في رفضي التوقيع على استمارة هذا الذي يستنشق
أوكسيجين وجوده من قصر الاتحادية ..ليعيد تصديره إلى رئتي الشعب أول أوكسيد الكربون السام !!
ومنذ شهور وأنا أخوض مابدا أنه معركة شرسة لإصلاح شبكة المياه العذبة التي تهدر مواسيرها في شوارع منطقة جاردينيا هايتس بالقاهرة الجديدة منذ أكثر من عام ..ولاأحد يبالي..تواصلت مع السكان ..مع المسئولين ..كتبت مقالاً في جريدة الدستور..ليستجيب رئيس جهاز القاهرة الجديدة أمين غنيم ويضع خطة جرى تنفيذها سريعاً لإصلاح الشبكة ..بل ويوقع عقوبات عمن تسبب وعمن تجاهل وعمن تراخى!!
هل كنت في حاجة إلى عضوية حزب لحماية مياهنا العذبة - دمائنا لو ندري- من الإهدار؟!
بل لو أبلغت مثلاً رئيس حزب مستنقع وطن بمصيبة المياه المهدرة تلك لتجاهلني لانشغاله الشديد – كان الله في عونه- في إحصاء حصيلة مزادات بيع عضوية الحزب والانضمام لقائمته في الانتخابات البرلمانية للانتهازيين والمتهافتين والذين لايرون في مقعد مجلس النواب سوى دبوس ذهبي يزين رابطة العنق..لمسة نوعية تضاف إلى ديكورهم الشخصي والأهم ربما حصانة تمترس الطريق أمام كل من تسول له نفسه بمساءلتهم : من أين لك هذا؟!!
وإني كمواطن مصري بسيط مهموم بأمر هذا البلد أتمنى أن تكون ابنتي د.منال علام قد أحسنت الاختيار..
على أية حال رغم حذري الذي يراه بعض أصدقائي غير مبرر ..ألحظ علامات مشجعة في قائمة تحالف المستقلين التي ستخوض الانتخابات المقبلة ..
- توقنا لوحدة وطنية حقيقية بين شركاء الوطن أراه مجسداً في تلك القائمة التي تضم مئة مرشح..وأياً كانت الاعتبارات التي تم اختيارهم على خلفيتها ..لكن – يقيناً- ليس من بين تلك الاعتبارات تلك الحسبة المقيتة :كم مسلم وكم قبطي !!! القائمة تضم 100 مصري.. وكفى!!
- وما لايقل أهمية - ولقد أبهجني هذا كثيرا- أن نون النسوة ..حفيدات إيزيس يمثلن النصف ..ظاهرة لانظير لها في المشهد السياسي المصري ..بل في العالم كله.. حتى عبر جغرافية ضفتي الأطلنطي..دول الغرب الأكثر اهتماما بحقوق حواء على مستوى الكوكب..
- لذا .. كمواطن مصري بسيط ..أتقدم بعميق امتناني لقيادات التحالف على توجههم هذا الذي يفيض يقينا من مرجعية معرفية مستنيرة وانتماء حقيقيا للوطن ..حتى لو لم تتوج قراراتهم تلك بنجاح كبير في مجتمع يشيع مشايخه أحاديث مشكوك فيها.. على شاكلة ماأفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة..!! أو.. ضيقوا عليهم في الطرقات!!
وابتهاجي بتلك القائمة بالطبع يكتمل
إن خلت من أسماء انقطعت أنفاسها وهي تلهث للحصول على عضوية مستنقع وطن ..وحين فشلت بحثت عن معبر آخر لاقتناص كرسي البرلمان ..
ولاأظن أن أحداً يجهل أن مستنقع وطن هذا ماهو إلا نسخة معدلة من الحزب اللاوطني..التعديل فقط في الاسم..!!
وجريمة نرتكبها إن تغاضينا عن تلك الحقيقة المؤلمة.. أن الحزب اللاوطني نجح باقتدار عبر ثلاثة عقود في تعديل شعار المفكر الاسكتلندي الشهير آدم سميث من " دعه يعمل ..دعه يمر"إلى "دعه يسرق ..دعه يفر" ..ومن أبشع جرائم مافيا حزب سميحة اقتطاع 14 مليون فدان من خرائط مصر ليضموها إلى خرائط أملاكهم الخاصة .." واحد من مافيا الأراضي تلك ..نجح في شراء عضوية مستنقع وطن ومنصب قيادي به بعدة ملايين من الجنيهات " !!
ألا يفوح تحالف المستقلين هذا بروائح هؤلاء ؟أتمنى أن تكون الإجابة بلا قوية ..
فما أحوجني في دقائقي الخمس الأخيرة إلى نفحة أمل!!عساها تفوح من قائمة تحالف المستقلين هذا.
لكن ما يؤرقني بداية التحالف ..بدايات الغالبية العظمى من ال104 حزبا ..
أحدهم يفكر مليا في التأسيس لمشروع.. برهاناً على أنه موجود ..ليستقر على تشكيل حزب ..دكانة صغيرة لاترى بالعين المجردة ..ولاتضم سواه والساعي..لكنها كافية لتقتل فراغ المعاش ..وأيضا منديل أبيض يتدلى طرفه من جيب البدلة الأنيقة يحقق من خلاله حضوره الاجتماعي ..فما الحزب إلا لمسة على ديكوره الشخصي..فإن عرض عليه أحدهم الانضمام لعدة أحزاب أخرى لإطلاق كيان حزبي قوي يرفض بشدة حتى لايفقد منصب الرئيس!!
..لكن بالطبع ثمة أحزاباً بحجم السوبر ماركت ..وفوق كل هؤلاء الحزب ال" مول" ..مستنقع مصر.. الذي ربما يغيب عن صانعيه أنهم بهذا الحزب يدقون مسمارا في نعش بهية!!
وهاهي الدكاكين الحزبية الصغيرة وحتى السوبرماركيتات تنتفض أخيرا بعد سنوات الصمت..وتقرر التنسيق و التعاون حين بلغها أن ثمة انتخابات برلمانية !
ويصبح الهدف ولاهدف سواه ومن أول اجتماع بين مسئولي هذه الدكاكين..تشكيل تحالف وإعداد قائمة تخوض بها الانتخابات البرلمانية! وكأننا بذلك نضع العربة أمام الحصان!
فهل ثمة بداية أخرى ..
أن يجد التحالف بين عدد من الأحزاب وحتى كل حزب موطيء قدم له في كل مدينة ..قرية ..نجع ..هذا له الأولوية على اللهث خلف مقعد في مجلس نواب يسيطر عليه حزب سميحة مجدداً..
إن كان مستنقع وطن مثل إخوان البنا/قطب ..سعوا إلى السيطرة على الشارع بكيلو زيت وكيس سكر..
فالتحالف يمكنه أن يفعل الكثير في مواجهة التهديدات التي تسعى لتقويض الدولة المصرية ..من خلال نشاط لأعضاء الحزب والمتعاطفين معه..هل لدى أي من هؤلاء الاستعداد للمشاركة في قوافل لإزاحة القبح عن شوارعنا ومدننا وقرانا .." رغم شيخوختي سأكون في طليعة أي قافلة ينظمها التحالف .. وبيدي مقشتي ..بل وسأسهم في شراء مقشات القافلة إن كنا نخوض ملحمة حياة حزبية حقيقية من أجل هذا البلد الذي تحول بسبب تفشي ثقافة القبح إلى أكبر مقلب زبالة على الكوكب.. فالمواطن السوي المنتمي هو من يكون زبالا ..في البيت والشارع ومقر العمل..في كل مكان..ولنتخيل تأثير ذلك ..حين نخوض في الشوارع بمقشاتنا ..نزيل عنها.. عن وجه مصر.. كل هذا القبح ..ويرانا المواطن العادي نفعل ذلك ..أظنه سيدرك خطورة إلقاء عقب سيجارة أو عود ثقاب في الشارع..أظنه سيفسح مكانا مركزيا في فكره ووجدانه للتحالف..
وماتفشي قبح الشوارع إلا أحد مظاهر القبح الفكري ..حيث تؤكد إحدى الدراسات أن 63% من المصريين يهدرون عشرات المليارات من الجنيهات سنويا على مباخر الدجالين..!
ولاأظن أن هذا بغائب عن أحد ..أكثر من 80% من نساء بعض محافظات الصعيد يحرمن من ميراثهن الشرعي مع سطوة الثقافة الذكورية المقيتة..
لجان الامتحانات التي تتحول من قبل عشرات الآلاف من الطلاب وبمساعدة المدرسين وأولياء الأمور ..وجميعهم يصلون ويصومون ويبسملون قبل أي فعل ..كل هؤلاء يتكاتفون ليحولوا تلك اللجان إلى معجنة غش ..ليحصل بعضهم على 99% فتفتح لهم أبواب كليات الطب أذرعها ..فيكونوا أطباء أيضا يواصلون تدينهم الزائف فيصلون ويصومون ويحمدون ويشكرون..ثم يذبحون مرضاهم!! ..هوالخطاب الديني المسطح ..حيث لايتحدث مشايخنا عن كارثة الغش ..أو السرقة أو التزوير أو الظلم أو التكاسل عن الانتاج ..بل :هل صليت على النبي اليوم ألف مرة!!!
تلك عينة من الاختلالات التي يعاني منها الدماغ المصري.. وتمثل تهديداً هائلاً لاتقل خطورته عن الإرهاب .بل والمخاطر الخارجية التي تحيق بأمننا القومي.. وتفقد الانجازات الهائلة التي تحققت خلال السنوات الماضية جدواها..
تلك الاختلالات التي تؤرقني كمواطن ..كثيرا ماألح عليها في العديد من مقالاتي بل وأعددت مشروعا له ابعاد قومية لمواجهتها.
وأتمنى أن تجد لها مكانا في أجندة التحالف وتكون مثار أرق أعضائه..
وبالطبع ممارسة الحزب لدوره في مواجهتها قد تكون في حاجة إلى موارد مالية يفتقر إليها ..لكن لنبدأ ..بدايات قد تكون بسيطة وغير مكلفة ..إلا أنها ستستقطب اهتمام الميديا ..الشارع.. مثل قوافل النظافة ..قوافل التوعية لمواجهة أنيميا الوعي في العديد من مواطن حياتنا.. ومالايقل أهمية
..تنظيم لجان اليكترونية للتوعية عبر السوشيال باستخدام بوستات قصيرة وحاسمة وقصص من الواقع حول مآسي الدجل والشعوذة وتسطيح الخطاب الديني والفساد وإهدار حقوق المرأة في الميراث..والانفجار السكاني الكارثي الذي يلقي في وجوهنا أكثر من مليوني و300 ألف فم سنوياً في حاجة إلى 7مليون وجبة غذائية يوميا ..غير المدارس والوظائف ووسائل المواصلات..
لقد تزوج الشيخ" غ" 9 مرات وأنجب 17 طفلا وطفلة..توجهت إليه في عشته وتحدثت معه ..دون جدوى ..بل فهمت من ردوده أنه مستعد للزواج مجددا!! ..حين شكوتُ أمره إلى شيخ الزاوية التي أصلي بها .. وقلت له إنه عدو مصر ..استنكر مولانا الشيخ ماأقول وهتف : بل هذا الرجل تقي ورع!!
وماهو مستقبل أبناء هذا التقي الورع ؟ ليس مستبعدا أن يكون بينهم إرهابي أو مجرم أو متسول !!
هذا هو قاع مصر الذي يفترض أن يكون ميدان معركة تحالف المستقلين وكل الأحزاب!
فإنْ فعل التحالف ذلك ..إن وضع تلك الهموم على أجندة اهتمامه .. ..حينها سأقول بحماس لابنتي د. منال ولكل أعضاء التحالف بل ولكل مصري :مبروك علينا. تحالف المستقلين..!

#محمد_القصبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات