أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد القصبي - أيها الأدباء ..أولادكم أهم ..ولاتنسوا ثمن الكفن!!















المزيد.....

أيها الأدباء ..أولادكم أهم ..ولاتنسوا ثمن الكفن!!


محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 25 - 22:57
المحور: الادب والفن
    


لماذا نكتب ؟
سؤال تقليدي ..بل أراه توأماً لأول كلمة فاضت من رحم أول قلم ..
وكثيراً ما تصيبنا الإجابات بالضجر.. لتكرارها ..لتقليديتها..
لكن أرى ..وقد أصبح البؤس جينة أخرى تجاور جينة الكتابة في جينوم المثقف المصري ..أن طرح السؤال الآن حتمي..
نعم .. نحن نكتب رضوخاً لأوامر جينة لحوحة بداخلنا ..وأظن أن الكاتبة الأمريكية تيري ماكميلان كان لديها شيء شبيه حين قالت: لم أختر أن أكتب ..بل الكتابة هي التي اختارتني..
هذا الصراخ الجيني بداخلك ..ليس من الحكمة أن يصم قلمك أذانه عنه .
..وبالطبع حين يكون المجتمع قروءاً.. حين يصبح الوجدان رادار بالغ الحساسية لجماليات الكلمة ..حين يولد البشر بين صفحات الكتب..حين تتلظى دواخلهم بشهوة المعرفة أكثر من أي شهوة أخرى ..حين يتحول الدماغ إلى معمل تتفاعل مدخلاته من المعلومات والرؤى.. فيفيض برؤى جديدة ..وربما أسئلة يلهث المرء بين كافة مصادر المعرفة منقباً عن إجابة لها ..وقد ينتهي العمر دون أن يجد ..فيُكَفن بأرق أسئلته ..
حين يكون هذا حال المجتمع..تصبح جينة الكتابة سيدة الجينوم البشري.. وتجاورها..تحتفي بها ..ترقص لها.. جينات الرضا ..بل البهجة..ذلك أن الكاتب بفيوضاته الفكرية والإبداعية يصبح عاصمة الوجود الإنساني ..فكتاب واحد له قد يقوض أنظمة ويعيد هيكلة مجتمعات ..ألم يكن هذا حال آدم سميث وجون لوك وسارتر وراسل وتولستوي وهمنجواي ونادين جورديمر وغيرهم من المفكرين والمبدعين ؟!!!
فما أسعده كاتب ..هذا الذي ينتمي لشعب قروء..أي جائزة تبهت أمام عينيه .. حتى لو كانت نوبل مقارنة بالجائزة الأعظم ..سيدة الجوائز .. قاريء..بل مجتمع يترقب بلهفة خطوط انتاج عقله ووجدانه ..
وماأتعسه كاتب ..هذا الذي يولد في مجتمعٍ أكثر كتبه انتشاراً " سلاح التلميذ " و" مذكرة ليلة الامتحان"..بل من بين مشايخه - كُثر- من يرون أن قراءة أية كتاب غيرالقرآن الكريم إثم؟! "شيخ قال لي كلاماً شبيهاً منذ عدة شهور"
مجتمع هذا حاله.. إن اعتل أحد مثقفيه يصبح السبيل الوحيد لعلاجه طرق الأبواب... تسولا !!!
واقع للأسف لا يعيه كتابنا ..بل ..ولاأبالغ إن قلت أن صراصير الأوهام تعشش في رؤوس كثر منهم !!..حين يظنون أنهم يبنون مجداً بنشر رواية أو ديوان .. حين يقتنصون منصبا أوكرسيا في اتحاد الكتاب أو أي منتدى ثقافي ..أو حتى جائزة..حين ينتهي لهثهم بين مكاتب المسئولين بسفرية أو رئاسة مؤتمر تهدر في قاعاته الخاوية أموال الدولة !!
منذ عدة سنوات حصل صديق على جائزة الدولة ..بعدها بشهور سألته :إزاي ؟ لم يجب على سؤالي ..إنما قال : عارف أنا سعيت للجايزة ليه ..؟ ابني عاوز يتجوز ..وكمان أنا في سني ده ظروفي الصحية صعبة ومحتاج علاج وأدوية ومش هخبط على باب حد ..!
وما أكثر حروف البؤس في أبجدية مشهدنا الثقافي..
ذات صباح التقيت بكاتب اسمه..فؤاد قنديل !!!!!!!!!!! كان ذلك في إحدى المناسبات الثقافية بالمجلس الأعلى للثقافة ..سألته :أخبار الكتابة أيه يا أستاذ فؤاد؟ فقال بصوت مهزوم:
- في السن دا يامحمد ما تسألنيش إلاعن حاجة واحدة ..الصحة !!!!
بعدها بشهرين فارق..أصبح غير موجود ..للأسف نهائيا ..
حتى من الذاكرة ..ربما !!! حين داهمني الخبر ..بكيت ..بكيت بلوعة ..وما كان صديقي ..بل خلال السنوات الأخيرة شابَ علاقتنا شيئ من التوتر لأسباب لا مجال الآن للخوض فيها ..فلِمَ بكائي ؟!! مساء اليوم السابق هاتفني صديق روائي يشكو لي زوجته ..كان في رحلة خارج مصر لعدة أيام.. وحين عاد فوجيء بأنها استأجرت سيارة نقل وحمَّلتَها بمكتبته الضخمة ..حتى مؤلفاته.. ونقلتها إلى منزلهم الريفي المهجور في قريته ..حُجتها أن هذه الكتب تشوه بأعدادها الضخمة منظر الشقة التي يقيمون بها في مدينة نصر.. يحدثني بمرارعن أكثر من عمل كتبه عن زوجته ..ابنته الكبرى ..ولا أحد منهم تصفح سطراً واحداً من تلك الكتب .. ولو بدافع الفضول..
أما كان هذا حال خيري شلبي ..خيري عبد الجواد ..ربيع مفتاح ..يسري العزب ..يوسف الشاروني؟!.
بل حالنا جميعا..في لحظة ما..سنختفي ..نهائياً ..حتى من الذاكرة ..أما مانظنه مجدنا ..مجد مصر .. مجد البشرية .. كُتبنا.. فكرنا.. شعرنا ..قصصنا ....فأظنها ..بل يقينا هي عبء ثقيل على الورثة ..
في اليوم التالي لرحيله ..كاتب كبير..هاتفتني ابنته ..سألتني في حيرة : مش عارفة أعمل أيه في مكتبته ؟
بعد لحظات من الصمت ...الصمت الموجع.. قلت : هرد على حضرتك بكرة ..
ولم أرد ..إنما أجريتُ تحقيقاً صحفياً نشرته في صحيفة الأخبار المسائي كان هذا عنوانه إن لم تخني الذاكرة :
"التهمة" التي يخلفها الأدباء ..مؤلفاتهم ومكتباتهم ..كيف يتخلص منها الأبناء..؟!!
الآن... وأنا في دقائقي الخمس الأخيرة تواتيني الإجابة .. أن تودع تلك الكتب في قبره ..مع الجثة ..! فإن لم يكن ذلك ممكنا ..فليسع اتحاد الكتاب ليحصل على موافقة وزيرة البيئة كي تلقى مكتبات كل من يرحل من أدبائنا في مدافن القمامة ..فإن وافقت الوزيرة ..فسوف يسجل هذا في تاريخنا الثقافي كأهم إنجاز للاتحاد !! وربما حين تستضيف إحدى فضائياتنا الوزيرة لتتحدث بدورها عن إنجازاتها ..فسوف تشير بفخر إلى مدافن نفايات الأدباء الراحلين ..إنجاز عبقري غير مسبوق على مستوى الكوكب !!
هل تتسلل حروفي تلك دعوة جنون إلى شرايين كل من يكتب ..ألا يكتب !
بل اكتب.. إن ألحتْ جينة الكتابة اكتب ..لكن لاتنتظر مجداً ..فلامجد لكاتب بين شعب لايزيد متوسط قراءة مواطنيه من الإبداع والفكر عن ست دقائق سنوياً.. طبقاً لتقاريراليونسكو..ولاتنتظر مالاً من وراء كونك مثقفا .. بل غباء إن صارعت لاقتناص منصب هنا أو كرسي هناك .. هي كلها مكاسب وضيعة ..ولن تخلد ..ويكفي أنك تحت أسنة الميديا . ..فإن سطوتَ على عشرة جنيهات ستُفضَح ..بينما غيرك ينهبون المليارات ..ولاأحد يدري بأمرهم ..و بأموالهم يخترقون حتى مجلس النواب ليسنوا للشعب ..لي ولك ..شرائعنا!
مثل كل البشر ..طاقتك قد تكون سلندرات أربعة ..غباء إن استهلكتها جميعا في نفاق رخيص.. من أجل جائزة أو نشر كتاب أو سفرية..أو..
يكفي سلندر واحد تستجيب به لنداء تلك الجينة المزعجة التي تلح عليك لتكتب.. أما سلندراتك الثلاثة الأخرى ..فلتكن لرعاية أسرتك ..لتأمين مستقبل أبنائك ..تأمين شيخوختك ..لادخار ثمن الكفن !!!



#محمد_القصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يعود مثقفونا إلى خندق المواجهة..عبر هذا البيان؟
- ما أشد حاجتنا لغباء صديقي ..العروبي جدا!!!!!
- أنيميا حادة في الاختيار 2 هل تعالج في الاختيار 3 ؟
- حتى لانتحايل على الله في ليلة القدر
- القرار في أيدي وجهاء القاهرة الجديدة ولن يغضب أبو بكر!
- جاري التقي تزوج حتى الآن 9 وأنجب 17
- هل من حقك كأب أن تختار اسم ابنك؟!
- لماذا يتغاضى نظام 30 يونيو عن مافيا الحزب اللاوطني؟
- معاناة الرب في مفاوضاته مع بني اسرائيل ..نكتة يهودية!
- ماذا يحدث في جامعة العلمين الدولية؟!
- هل نحن بخير؟ سؤال في حاجة إلى مؤتمر اقتصادي عاجل!
- علامات مضيئة في تحالف المستقلين ..لكن هل لديهم استعداد لكنس ...
- ماذا فعل سمير فرج بالجنرال الدموي؟
- حين تتوحد أنثى التلقي ليلى حسين مع أنثى الحكي زينب الحناوي!
- رداً على أبو جليل والبطران وقاسم:نادي القصة ..الأقل سوءا!
- في محليات الدقهلية ..من يهدد شعبية السيسي !
- عزيزي أشرف زكي ..كرسي واحد يكفي !!
- إن رحلت إيناس عبد الدايم.. من البديل؟!
- المأزق الجنسي ..أما من مخرج؟!
- إلى أهلي في بلقاس.. في كل مصر ..إحذروا مرشحي الحزب اللاوطني!


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد القصبي - أيها الأدباء ..أولادكم أهم ..ولاتنسوا ثمن الكفن!!