أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - هل بإمكان الشعب أن يضع حدا للسياسيين المنشغلين بالفساد وسرقة مال الدولة وممتلكاتها؟















المزيد.....

هل بإمكان الشعب أن يضع حدا للسياسيين المنشغلين بالفساد وسرقة مال الدولة وممتلكاتها؟


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 7743 - 2023 / 9 / 23 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد غريبا أن تنتهج الأحزاب الطائفية والمنظمات التي لها أذرعا مسلحة تسيطر على إدارة الدولة، المال السياسي المسروق أسلوبا للبقاء في سدة الحكم في العراق. إنه موضوع معقد يشمل تفاعلات متعددة. فالأموال التي جمعتها الطبقة السياسية الجديدة خلال العقدين الأخيرين، لم يكن مالا موروثا، آب عن جد، إنما ملك (عام وخاص) قامت بنهبه من خزائن الدولة والمواطنين لجان اقتصادية فئوية وحزبية من أقصى شمال العراق إلى أقصى جنوبه تحت مسميات مختلفة. ممارسة إنتشاره منذ احتلال العراق تجذر بين الأحزاب والسلطة السياسية والمؤسسات المالية كثقافة مألوفة في إطار شبه قانوني؟.

الخطير بالأمر، أن السياسيين لا يستغلون المال العام المسروق لتحقيق مآربهم السياسية وحسب، إنما يستخدمونه في الكثير من الحالات وسيلة لقمع الحريات العامة وتشويه الصورة العامة للمعارضين الذين يعارضونهم سياسيا. أيضا، لشراء الذمم من بين الأفراد والجماعات وصفوف مؤسسات الأمن والشرطة لممارسة القوة المفرطة بحق الذين يعبرون عن آرائهم. وفي أحيان أخرى أداة ضغط (رشوة) لتكميم الأصوات الناقدة أو التأثير في مسار الاجراءات القضائية، بالإضافة إلى استخدامه بطرق غير شرعية تخدم أنصارهم وتعرقل نشاط منافسيهم السياسيين من خلال توجيه المزيد من الفرص والامتيازات والموارد لمن يؤيدونهم دون غيرهم.

إن إستدامة استخدام المال "المنهوب" من قبل قوى سياسية، سهل تكوين واجهات دعم داخل الهياكل الحكومية والحزبية، كما أدى إلى تفاقم التمييز والظلم وإنتهاك حقوق الإنسان. وبالتالي توجيه المال إلى الأفراد والجماعات المؤيدة لتعزيز قاعدة الدعم والولاء. أيضا تأمين وسائل إعلام موالية تدعم حملات الترويج لأحزاب السلطة وتقديم صورة إيجابية عن أدائهم وتحسين سمعتهم أمام الجمهور. وبشكل كبير للتأثير على العملية الانتخابية من خلال شراء الإعلانات والذمم وتنظيم فعاليات انتخابية بحيث يمكن أن يؤدي إلى تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات ومن ثم البقاء في السلطة. ولم يتوقف تأثير المال "المسروق أصلا" عند هذا الحد، إنما تجاوز كل الحدود القانونية والأخلاقية، إذ أستخدم لممارسة الرشوة والتعاملات غير الشفافة وتفشي الفساد وإخضاع مؤسسات الحكم للهدر والانهيار. وأصبح سرقة الموارد الوطنية (مثل النفط والغاز والمعادن) وسيلة لتعزيز قاعدة الدعم وتحقيق مكاسب سياسية من خلال توزيع الثروة على أنصار الأحزاب الماســكة بالحكومة لدعم استخدام نفوذها على المؤسسات المالية لتمويل مشاريع تعزز مكانتها السياسية والتأثير على الاستقلالية المالية والنمو الاقتصادي المستدام. لقد تمكنت أحزاب السلطة وحكوماتها المتعاقبة التلاعب بالقوانين واللوائح المالية لصالحها لتحقيق المزيد من الربحية وإدامة السرقات ونهب المال العام والتحكم في الأمور المالية للدولة بطرق إحتيال مافيوية.

نعم، السياسيون في بلاد الرافدين يسرقون المال العام ويستخدمونه كغيره لتعزيز قدرتهم على البقاء في الحكم حتى بواسطة القمع والاحتيال القانوني. وعندما يكونوا معتمدين على الأموال المسروقة من مؤسسات الدولة المختلفة لتحقيق أهدافهم السياسية بشكل كبير، فإنهم يجدون أنفسهم، سياسيا، في وضع تبعية مالية تجاه هذه الأموال وكيفية استخدامها بغض النظر عن الآثار السلبية والمساءلة والانتقادات. بحيث تعطيهم مزيدا من النفوذ والقوة والقدرة على البقاء في السلطة وتوجيهها نحو الأهداف التي تخدم مصالحهم وتعزيز سيطرتهم على المؤسسات التي تعود عليهم بالنفع بما في ذلك القوات الأمنية والقضاء وشراء الولاءات والدعم من قبل الفرقاء السياسيين والمؤسسات المهمة.

يدعي البعض وللأسف من بينهم مثقفون، أن استخدام الفاسدين المال العام (المنهوب) لتمويل الأنشطة التشغيلية بين أوساط المجتمع الفقيرة واستغلالهم سياسيا، يمكن أن يسهم في الاستقرار السياسي والأمني ومنح الحكومة القدرة على الحفاظ على الهدوء وتجنب الاضطرابات. لكن علينا أن نلاحظ أن هذه الأمور ليست ثابتة ولا تتطابق في كل الأحوال مع مبادئ النزاهة والقيم الأخلاقية والقانونية. بالمقابل هناك العديد من السياسيين الذين يسعون إلى تحقيق التقدم والاستقرار وحياة معيشية أفضل للكادحين بطرق شريفة ونزيهة. لكنهم يدركون أيضا، أن الحالات التي يتم فيها استغلال المال العام لأغراض شخصية وسياسية، سيكون لها آثار سلبية كبيرة في مجالات مختلفة وبالأساس على مستقبل الإنسان والدولة معا.

السؤال، هل بإمكان الشعب أن يضع حدا لهؤلاء السياسيين المنشغلين بالفساد وسرقة الدولة على حساب المواطنين؟ وهل في المدى المنظور تحقيق إجراء حازم لسحب السلطة من أيدي الفاسدين؟

الجواب: إذا كانت الطبقات السياسية وأحزاب السلطة، تمارس في العلن ومن تحت الطاولة "الاحتيال" لشرعنة الفساد والسرقة عن طريق الالتفاف على القانون والدستور. فإن الشعب الذي لا يسعى للتغيير والدفاع عن حقوقه ووضع حد لعصابات الفساد داخل السلطة وخارجها، فهو أيضا، شريك في ممارسة "الاحتيال" بحقه أولا، وبالتالي بحق مستقبل بلده ومحيطه المجتمعي ومصير الأجيال القادمة. أنه من الضروري بمكان، البحث عن خطوات ناجعة تؤدي إلى الإصلاح وإحلال البديل السياسي والإداري، منها على سبيل المثال: كيفية أن يتعرف الشعب على ممارسة التثقيف والتوعية بالقضايا السياسية والاقتصادية التي تؤدي إلى تعزيز المطالبة بالإصلاح. المشاركة المدنية القوية والدعوة لوحدة الشعب حول أهداف مشتركة عامة من شأنها إحلال حالة ضغط عام على الحكومة لتحقيق العدالة الاجتماعية. السعي لإستحداث آليات جماهيرية داخلية وخارجية تنشط في مجال مكافحة الفساد ومحاكمة المسؤولين عنه. تسليط الضوء على الفساد ومرتكبيه في الساحة الدولية من خلال تضافر الجهود والتعاون بين مختلف شرائح المجتمع المدنية والمؤسسات القانونية الدولية.

أن إجراء أي تغييرات جذرية في نظام الحكم واستعادة المال المسروق يتطلب جهدا كبيرا من قبل الشعب والمؤسسات المدنية والمجتمعية. إن مواجهة ظواهر الفساد والسرقات التي يمارسها بعض السياسيين قد يتطلب وقتا وجهدا، لكن بالتعاون والإصرار، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة المشاركة المدنية الجماعية، يمكن للشعب أن يحقق تغيير سياسي جذري وتحول إيجابي في طبيعة نظام الحكم، يعيد للدولة هيبتها والمال المسروق إلى خزانتها.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان برلين للآدب... كل شيء يدور حول شغف مشترك كبير ألا وهو ...
- في ذكراها ال 65 ثورة 14 تموز وتأثيرها على السياسة في العراق ...
- جدلية العقل السياسي لاصحاب السلطة أحد مظاهر الاستئثار بالحكم
- الشأن العراقي بين المألوف واللامالوف
- للثقافة.. دورا تفاعليا في تجسيد القيم واحترام الحقيقة
- بين حرية تقصي المعلومات الصحفية وحجب نقلها وتلقيها
- أحزاب السلطة تعود بالمجتمع المدني العراقي إلى ما وراء السردي ...
- الأزمات مستمرة والبلاد تسير في طريق سياسي وإداري مسدود
- الى اين بعد ..تقود احزاب السلطة ودولة المافيات العراق؟
- ثقافتنا العربية في المهجر بين الغرائز والنقاء
- متى ينتهي التمييز المفرط في مفردات الحياة اليومية في العراق؟
- مفهوم أدب النقد ولزوم إحاطته بالآليات الموضوعية
- جماليات لغة الشعر في فضاءات.. فارس مطر
- إنتخابات التجديد صراعات حادة بين الجمهوريين.. فمن سيمسك بالم ...
- مأساة دولة حديثة سراقها من هم في السلطة!
- وصاية الأحزاب على الإعلام ظاهرة غير مقبولة
- وجوه التشكيلي العراقي علي محمود.. الرمزية في كبد الوجد
- جدلية التنوع والتعددية تطرق أبواب الحوار بين الداخل والخارج
- العراق بين مصائب الأمس وثورة الجياع القادمة!
- الحائز على جائزة ابن رشد سعد سلوم.. يتحدى الإفتراضات التقليد ...


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - هل بإمكان الشعب أن يضع حدا للسياسيين المنشغلين بالفساد وسرقة مال الدولة وممتلكاتها؟