أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - العراق بين مصائب الأمس وثورة الجياع القادمة!














المزيد.....

العراق بين مصائب الأمس وثورة الجياع القادمة!


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 7420 - 2022 / 11 / 2 - 13:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهد العراق لأكثر من تسعة عشر عاما ولا يزال، جرائم قتل سياسي بحق الأبرياء، فقط لأنهم بدافع المسؤولية الأخلاقية والسياسية إزاء وطنهم وشعبهم، أبوا التواطؤ والصمت. فيما وقف العديد من أصحاب الكلمة والإعلاميين العراقيين يتفرجون غير معنيين بما يحل بالبلد من مصائب وخراب. والأغلبية الصامتة، هي أيضاً، لا تخرج عن صمتها إلا عندما تتضرر مصالحها الشخصية، يخرجون يتباكون. وهو رد فعل قد يكون منطقيا، إلا أنه مسلك غير طبيعي، كونه لا يتناغم مع "قضية" لها انفعالات عامة تتجذر في عمق المصالح الوطنية والعامة للمجتمع. وبسببها لم يعد الصمت ممكناً وﻻ مبرراً! ومفهوم "قضية" في هذه الحال ليس أمراً "مجازياً" مثيراً للجدل، إنما هدف أساسي، لمسألة واضحة من الناحية السياسية والوطنية. إطارها العام يتجسد في كيفية ترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية وضمان مصالح البلد وحقوق المواطنين العامة للأجيال الراهنة والقادمة، بعيداً عن ممارسة الدولة للعنف وجرائم القتل وملاحقة المواطنين واعتقالهم في أقبية الأمن والميليشيات المسلحة التابعة لأصحاب السلطة وأحزابها.

جاءت انتفاضة تشرين 2019 التي تحل اليوم ذكراها السنوية الثالثة. وما تلاها من تظاهرات في العديد من المدن العراقية للمطالبة على مستوى شعبي شامل بالحرّية والعدالة الاجتماعية، منسجمة وطنياً مع مفهوم "القضية" عندما رفعت شعارين هادفين "نريد وطناً"، و"نازل آخذ حقي". تكللت بالإطاحة برئيس الوزراء عادل عبد المهدي وحكومته عديمة الضمير والأخلاق، لفشلها في توفير أبسط الخدمات للمواطنين، إضافةً إلى عجزها عن تحقيق العدالة والأمن والاستقرار السياسي وإعادة إعمار البلاد.. لم ير العراق في تاريخه الحديث حكومةً متورطة في أعمال القتل والتمييز والنهب والخضوع لإرادات خارجية، إقليمية ودولية، مثل تورط حكومة عبد المهدي. وبات العراق في ظلّها مهدداً بالتجزئة والتشرذم والاحتراب. فألهبت الثورة مشاعر العراقيين في كل مكان. وخرج المواطنون كما هم اليوم إلى الشوارع احتجاجاً على سياسة الحكومات المتعاقبة المغرقة في الطائفية والفساد. وسقط خلال المواجهات الدامية مع مليشيات الأحزاب والأجهزة القمعية للسلطات العراقية المختلفة، الآلاف من الأبرياء بين قتيل وجريح. من أجل حريّة العراقيين وكرامتهم واستقلال وطنهم، وأصبحت دماؤهم ديناً في أعناق الأحياء، ولن تذهب هدراً!

وبينما تنحدر الأمور نحو الأسوأ، وترتفع أصوات الشرفاء في الداخل والخارج للتضامن مع المتظاهرين، يخرج البعض للدفاع عن الأحزاب المهيمنة على الدولة وسلطاتها الرئيسية الثلاث، بهدف تظليل الرأي العام فيما يتعلق الأمر بحقوق الأغلبية من العراقيين وارتباط ذلك بمفهوم "الوطن" والانتماء إليه، أو التغطية على الإشكاليات التي تعاني منها هذه القوى والأحزاب سيما "الإسلاموية". إذ إن السلوك السياسي للأحزاب المهيمنة على السلطة والقرار "الشيعية والسنية والكردية" لديها "إشكالية" إنما مشتركة، حول مفهوم "هوية الدولة والدولة الوطنية والمجتمع" التي لا تضع لها هذه الأحزاب أية اعتبارات قيمية، بقدر ما هو متعلق بمصالحها: من أن الصراع لا يقتصر على منازعة الدولة لشرعيتها السياسية والوطنية، بل يتجاوز التشكيك بهويتها. بمعنى أنها لا تؤمن بمفهوم "الوطن" جيوديموغراقياً، إنما بعقيدة الأيديولوجيا "الشعبوية" أو "الدولة الإسلامية" التي لا تفصلها حدود وتخضع للخلافة الرشيدة أو لولاية الفقيه.

هذه المواقف ليس محض وجهات نظر، لا صلة لها بأي توجيه من داخل المنظومات الشعبوية وخارجها، إنما بدافع الرمزية العقائدية، المادية والمعنوية. ليس الاعتراض على الاختلاف في وجهات النظر، إنما الاعتراض على جزئية السكوت على الظلم والطغيان واستبداد القوى الظلامية وتجاوزها على المبادئ العامة لحقوق المجتمع والدولة ومؤسساتها بشكل عام. والغريب إن أغلب الذين يتصدرون الدفاع عن أحزاب السلطة وشخوصها. من أولئك "المتأدلجين" الذين انخرطوا مع الحشر، وكان بعضهم عراباً للاحتلال، وما زال "يلغف" من كل ثريد خلافا للمألوف الذي يتميّز به الإعلامي والسياسي النزيه تجاه المشروع الوطني وصناعة إنسان المستقبل وتطور المجتمع وبناء الدولة المدنية الحديثة والدفاع عنها. بل جعل مهنته مسلكاً في غير محله للوصول إلى هدف انتهازي بالتأكيد. إلى غير ذلك، فإن المنهج السائد فيما يتعلق الأمر بالموقف من "مشروع الدولة ولا دولة"، لدى بعض العاملين في مجال الفكر والإعلام، لا ينسجم في أغلب الأحيان مع الأعراف والقيم المهنية التي تتطلب الموضوعية والأمانة الحرفية البينية المتوافقة مع مفهوم الوطنية وليس أي نمط يعج بالمتناقضات والمسالك في كل الاتجاهات.

إن إنارة الطريق أمام المجتمع في مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق ومجتمعاته المتعددة الثقافات، ونحن نقف على عتبة انطلاق الثورة التشرينية من جديد يعني: "الاقتراب بدافع الاهتمام للوصول إلى الحقيقة لخدمة المجتمع" كما يقول الفيلسوف "فيلهلم دِلتي" مسألة ضرورية. لكن "دوافع الاهتمام" كلٍّ في مجاله يجب أن يسمو بمستوى المسؤولية، بمهارة أخلاقية واعتبارية واسعة الشأن. لا إن يكون جَدَّفَا في غير موضعه بدافع انتهازي لا يستحق الاحترام. ليس المهم، حجم ما تقوم وكيف.. المهم، لماذا، ولمن، ومتى تفعل؟ لتكون قدر المسؤولية... اليوم نحن أمام ديماغوغية قديمة جديدة تعمل على إزاحة المسؤولية عن من ارتكبوا جرائم سياسية لا تغتفر بحق بلدنا ومجتمعاتنا لأكثر من تسعة عشر عاما من الضياع والتدهور والحرمان على يد مستبدين من طراز جديد ونظام حكم طائفي مقيت وشوفينية انتهازية... لا شك في أن هذا الواقع سوف لن يفضي بأي حال من الأحوال إلى شرعنة هذه الطبقة دراماتيكيا لإضفاء نوع من المصداقية على سلوكها وتبرير ما ارتكبته من خطايا بحق الشعب والوطن، إذ أن الثورة قادمة لا محال!!



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحائز على جائزة ابن رشد سعد سلوم.. يتحدى الإفتراضات التقليد ...
- متى تتوقف عجلة الرحلة السياسية المجزأة... وتستقر الأوضاع في ...
- لمنطقة الخضراء .. ودولة الصدر الفاضلة في مهب الريح
- دولة العصر.. أطفال العراق وشبابه بلا آفاق ومستقبل مفقود
- الاوضاع السياسية في العراق ... وإلى أين سيفضي احتقان الشارع؟
- البحث عن عقد اجتماعي جديد ضرورة ملحة
- من يتحمل حقا مسؤولية ما حدث للابرياء في منتجع سياحي في شمال ...
- ألا من حسيب لقتل الأبرياء في العراق؟..
- مظفرْ النوابِ.. خاتمةُ شاعرٍ.. تنذرَ بثورةِ غضبٍ!
- مفهوم الوطن والوطنية.. بين المنظور القيمي ومواقف احزاب السلط ...
- الدولة العراقية نحو المجهول.. فما العمل؟
- بسبب شحة المياه.. الاراضي الزراعية في العراق تتحول الى اراضٍ ...
- رواية -الطوفان الثاني-.. أزمنة وأماكن لم تغادر حتى تبدأ من ج ...
- السياسة والحروب تطرق مضاجع الثقافة من ابوابها الواسعة.
- على حافة الرصيف التمييز المفرط في مفردات الحياة اليومية
- على حافة الرصيف الغزاة من هيأ لنهب العراق وشعبه!
- الصراعات الطائفية وأزمة الانتخابات الرئاسية؟
- مع الذكرى التاسعة عشر لغزو العراق .. هل يستطيع الشباب ان ينه ...
- على حافة الرصيف 15
- النظام السياسي في العراق واعادة مفاهيم صدام الخطيرة إلى الأذ ...


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. شاهد ما فعله ضباط شرطة أمام منزل رجل في ...
- بعد فشل العلاقة.. شاهد كيف انتقم رجل من صديقته السابقة بعد ت ...
- هيئة المعابر بغزة ومصدر مصري ينفيان صحة إغلاق معبر رفح: يعمل ...
- لماذا يتسارع الوقت مع التقدم في السن؟
- بلجيكا تبدأ مناقشة فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل
- رداً على -تهديدات استفزازية- لمسؤولين غربيين .. روسيا تعلن إ ...
- تغطية مستمرة| الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح رفح ويدعو السكا ...
- غارات إسرائيلية ليلية تتسبب بمقل 22 فلسطينيا نصفهم نساء وأطف ...
- أول جولة أوروبية له منذ خمس سنوات.. بعد فرنسا، سيتوجه الرئيس ...
- قاض بولندي يستقيل من منصبه ويطلب اللجوء إلى بيلاروس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - العراق بين مصائب الأمس وثورة الجياع القادمة!