أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - مظفرْ النوابِ.. خاتمةُ شاعرٍ.. تنذرَ بثورةِ غضبٍ!














المزيد.....

مظفرْ النوابِ.. خاتمةُ شاعرٍ.. تنذرَ بثورةِ غضبٍ!


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 7281 - 2022 / 6 / 16 - 17:39
المحور: الادب والفن
    


حلّ على حضرة مدينتهِ بغداد التي طالما كانَ يتغزلُ بها، يومِ السبت، قادم من الإمارات جثمان الشاعر العراقي مظفر النواب بعد أن فارق صباح يوم الجمعة 20 أيار/ مايو 2022 الحياةَ في غربةٍ قاتلةٍ امتدت لعقودٍ... على أكتافِ شبابِ ثورة تشرينَ محمولاً، تُحيطَ بهِ جماهير غفيرةٌ منْ محبيه وعشاق شِعرهُ. وسط جمع كبير من الأقارب والأصدقاء وأصحاب الفكرِ والقلمِ والسياسة انتقل جثمانُ الفقيدِ إلى مثواهُ الأخيرِ. بذلك انطفأَ ضياءَ رمزٍ آخر من رموز العراق، كان يحلمُ بوطنٍ يحتضنهُ قبل أن تأتيه المنيةُ في الغربةِ.

ولِد المناضل الوطني والشاعر العراقي الكبير مظفر النواب في بغدادَ في 1 كانونَ الثاني/ يناير عام 1934، وأظهرَ موهبةً شعريةً منذُ سنٍّ مبكرةٍ. أكملَ دراستهُ الجامعيةَ في جامعةِ بغدادَ وأصبحَ مدرسا، لكنهُ طرد لأسبابٍ سياسيةٍ عام 1955. ولمواقفهِ السياسيةِ تعرضَ للاعتقالِ والتعذيبِ، وقدْ أصدرتْ محكمةً عراقيةً حكما بالإعدامِ بحقهِ بسبب إحدى قصائدهِ، وخففَ فيما بعد إلى السجن المؤبدِ. وفي سجنه الصحراوي (نقرةُ اَلسُّلَّمَانِ) أمضى وراء القضبان مدةً منْ الزمن ثُمَّ نقل إلى (سجن الحلة) جنوبَ بغداد، قبل أنْ يَفِرّ منه والاختفاء جنوبيَ العراق بين الفلاحينَ والبسطاءَ من الناسِ. وفي عامِ 1969 صدر بيانُ العفوِ عنْ المعارضينَ، فرجع إلى سلك التعليم، ثم غادر العراق، مودعا بغداد إلى بيروت ثم إلى دمشقَ، وتنقل بين العديدِ من العواصمِ العربيةِ والأوروبيةِ.

لم يترك الفقيدُ مناسبةً إلا وكشف عن غيظهِ تجاه النظام الديكتاتوري السابق، ولم ينثنِ عن نقدِ سياساتهِ وحروبهِ الهمجيةِ، التي أدخلت العراقَ في متاهاتٍ أوصلتهُ إلى ما هو عليه اليوم. إذ إن النمط الهمجي الذي سار عليه صدام، ومنذُ احتلالِ العراق في 2003 لا زال قائما، والعراقُ خربا ممزقا تعيثُ بمقدراتهِ ثلةً من الفاسدينَ والجهلةِ الذين أتى الاحتلال بهم ليحكموا بلدا عريقا ذا حضارةٍ تَمْتَدّ لأكثرَ من خمسة آلافِ سنةٍ على أسس طائفيةٍ لم يعرفها المجتمع العراقي.

وعلى الرغم من تعدد العناصر القيمية والمعنوية التي تجمعُ بين الفضاء الافتراضي للحدثِ ومفهوم الزمان والمكان الذي جعل الفقيدُ مظفر النواب يتكيفُ معَ ما كان ينتظرهُ في قادم الأيام. إلا أَنَّ خبر رحيله "المفاجئِ" على قدرِ كلمةِ "الموتِ" وأثرهِ البالغ، لم يكن للجميع مفاجئةٍ بالمعنى العام لفاجعة نهاية الحياة، بقدر ما كان خبرا مؤلما وحزينا بلا حدودٍ!... وعلى ما يبدو أَنَّ "مظفرا" كان أسير أحاسيسَ دفينةٍ لم يتمكن من اختزالها أو تجنبها، يقاومَ وحيدا لمواجهة النهاية بانضباطٍ وهدوءٍ. بفضل إرادتهِ وعنادهِ وهوَ يصارع المرض، تمكن من إعطاء الأمل لنفسه للبقاء على قيد الحياة بأقصى ما يمكن. لكن كما يبدو كمْ كان صعبا عليه أن يواجهَ تراتيل هواجس المرض، دون المقدرة على المشاركة لوضع حدٍّ لآلامِ "وطنِ وشعبِ" قهرهما العجزِ وشدة البلاء؟. بيد أن إبداعهُ اَلشِّعْرِيّ بقي وسيبقى، سبيلٌ، لمواجهةِ المشهد الدرامي ووضع نهاية له. نعمَ كُلّ تلكَ القصائدِ وذلكم الصوتُ الثائرُ، سيبقى كلمةَ وداعٍ مؤثرةٍ تذكر ب "الوطن" ومواجهة أزماته القاتلة بعنادٍ بعدَ مغادرته الحياة إلى عالم آخر ومن ثم قدسيةُ الخلودِ.

اليوم ونحن نودعُ رحيل الشاعر مُظَفَّر النواب والألم يعصرُ أفئدتنا، نستذكرُ الفقيد من زوايا مختلفةٍ، مقدرَتُهُ الشعريةُ، وما يتميزُ به أسلوبَهُ اَلشِّعْرِيّ من تجليات وظواهرَ إبداعية. أيضا كيف كان له أن يكون طرفا في سرد الأحداث السياسية والاجتماعية التي تعاني منها المجتمعاتُ، ليس على مستوى العراق فحسب، إنما على مستوى الوطن العربي أيضا. ليجسد في الغالب في أعمالهِ مكانةَ الوطنِ وحياة المجتمع. لكن القدر أسدل الستار على الفصل الأخير من حكايةِ شاعرٍ كبيرٍ كان بعيدا عن وطنٍ انكفأَ ازدهارهُ، قبل انتهائها بمشوارٍ.

ولعلي أختم بقولٍ: لا أريدُ أن أتحدث عن سنوات طويلةٍ تفاقمت فيها معاناة مظفر الصحيةِ ولا عن معاناته الجسدية والنفسية لدرجةٍ أصبحت الحياةُ فيها بالنسبةِ له، وهو المحبُ للحياةِ، بمثابة سجن انفرادي، تضّيقَ جدرانهُ الأربعةَ عليه الخناقُ... أقولُ كم نحن اليومَ بأمس الحاجة إليك يا أبا عادلاً، وكمْ من مقامٍ بلا حدود لك في نفوسنا.

أراد مظفر أخيرا أن يرقدَ براحةٍ وسلامٍ، ينعمَ بتربةٍ صغيرةٍ من أرض بلاده التي كان يعشقها وضحىْ من أجلها. لكن شعاعهُ الأدبي والفكري والوطني سيبقى خالداً على مرِ العصور.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الوطن والوطنية.. بين المنظور القيمي ومواقف احزاب السلط ...
- الدولة العراقية نحو المجهول.. فما العمل؟
- بسبب شحة المياه.. الاراضي الزراعية في العراق تتحول الى اراضٍ ...
- رواية -الطوفان الثاني-.. أزمنة وأماكن لم تغادر حتى تبدأ من ج ...
- السياسة والحروب تطرق مضاجع الثقافة من ابوابها الواسعة.
- على حافة الرصيف التمييز المفرط في مفردات الحياة اليومية
- على حافة الرصيف الغزاة من هيأ لنهب العراق وشعبه!
- الصراعات الطائفية وأزمة الانتخابات الرئاسية؟
- مع الذكرى التاسعة عشر لغزو العراق .. هل يستطيع الشباب ان ينه ...
- على حافة الرصيف 15
- النظام السياسي في العراق واعادة مفاهيم صدام الخطيرة إلى الأذ ...
- فيلم فاطمة -سيدة الجنة- دراما تاريخية مثيرة تحاكي عصرين مختل ...
- لماذا يمارس الاعلام دور الوسيط غير النزيه اثناء الازمات الدو ...
- أوجه التشابه والإختلاف في روايتي هيرمان هيسه وجميل الساعدي
- التضليل الإعلامي في السلم والحرب
- مهرجان برلين السينمائي -برليناله 72- الدولي 2022 ثقافة سينما ...
- نسخة جديدة من الفيلم الموسيقي الكلاسيكي -قصة الجانب الغربي-
- كيف خطط بوش وبلير للحرب في العراق
- تشكيل الحكومة الجديدة في حلبة المصارعة.. فما النتيجة المنتظر ...
- ماساة التعليم واستهداف الكفاءات والهجرة القسرية.. من المسؤول ...


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - مظفرْ النوابِ.. خاتمةُ شاعرٍ.. تنذرَ بثورةِ غضبٍ!