أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري الرابحي - حمّى الإنقلابات وإعدام الديمقراطية














المزيد.....

حمّى الإنقلابات وإعدام الديمقراطية


صبري الرابحي
كاتب تونسي

(Sabry Al-rabhy)


الحوار المتمدن-العدد: 7711 - 2023 / 8 / 22 - 00:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان هتلر يعتقد أن الدعاية السياسية أو البروبغندا بإمكانها أن تحمي الرايخ المنبني على القومية وميثولوجيا التفوق على الآخرين فرسم لنفسه حدوداً إعتبارية لعرشه ما بين المدّ الشيوعي والمدّ الرأسمالي اللذان حاصرا تفوقه العسكري وجعلوا تسويته بالأرض أمراً مفروغاً منه بمجرد إقناعه بأنه لا يهزم عسكرياً وعرقياً فإنتهى إلى كائن محاصر بتبدد وهم القوة الصلبة التي لم تستطع الصمود أمام الواقعية السياسية التي فرضتها الأقطاب الكبرى أنذاك.
بمعنى أن سياسة الهروب إلى الأمام وتبني وهم السيطرة يجر صاحبه إلى إخفاقات كبرى لا يمكنه تجاوزها إلا بتحسس الوضع الإجتماعي والفهم الصحيح والواقعي للمتغيرات الداخلية والخارجية البلد.
من هذا المنطلق أخفقت جل الزعامات العربية التي كانت منتشية بجماهير المصفقين ولم تستوعب الدرس من التاريخ ولم تمكن المعارضة من دورها الأساسي كقوة جذب وتوازن أو تعديل في تجربة البناء المستدام وتحولت إلى أهواء فردية بدون بوصلة أو في أقصى الحالات إلى دوغمائية فردانية للزعيم الأوحد المتكفل بالتخطيط والتنفيذ بأي ثمن.
كان الهدف دائماً هو إفراغ المعارضات من محتواها وتحويلها إلى معارضات سجنية أو سرية أو متحررة تخدم النظام من حيث لا تعلم بشرعنة ممارساته والإكتفاء بالوجود في العلن.
لا يخفي الواقع السياسي اليوم في العالم إعادة تشكل الأنظمة على قاعدة التسلّح والتكتلات الإقتصادية مما يجعلها إما تابعة لهيمنة القوى الكبرى من حيث الموارد أو سوقاً منتعشة للأسلحة تخلق أعداءًا وهميين للتغطية على فشلها في التوحيد والنهضة مما خلق بيئة مستقرة للإصلاحيين الذين يحبذون التعامل مع النظام على مناوئته بالأساليب المشروعة للمعارضة.
مرّت الإنسانية بحروب أهلية جعلت من التفاوت الإقتصادي واقعًا مفروغًا منه وأفسحت المجال إلى إعادة تشكل الخرائط الجغرافية بين أقاليم واسعة تستفيد من التوتر وأخرى تداوم على عرقلة تقدمها في كل مرّة من خلال صناعة عدوّ وهمي تضيع الزمن السياسي المستحقّ للبناء في محاربته وتوليد العنف من وسط الخلافات الداخلية أو حتى الخارجية.
لماذا كل هذا السعي إلى حروب وهمية؟
لا يمكن لأي نظام سياسي فشل في تأسيس منوال تنموي متين أن يغطي عجزه ويتحمل مسؤوليته بالتخلي عن السلطة أو الإستنجاد بالتفكير الجماعي معارضة وموالاة لإقتسام أعباء الحكم.لذلك يصبح الحل الأسهل هو صناعة عدوّ وهمي سواءًا لمعارضته الفكرية أو حتى المسلحة والتي يدفع ضريبتها أتباع الطرفين دون الإنتباه إلى أن الخاسر الأكبر هو الوطن.
لذلك نجد دائماً العقل السياسي قاصراً على توليد الفكرة وتنفيذ المشاريع المستدامة لقناعته بأن الحكم دائم وأن التخلي ليس وارداً خاصة إذا ما داوم على سرديتي الإستقرار السياسي المقنّع والولاء الدائم للقوى الكبرى التي يأتمر بأمرتها للحفاظ على الحكم.
حمى الإنقلابات وعنف السلطة:
أصبحنا نسمع كثيراً عن الإنقلابات بعد أن صرنا نؤمن بتجذّر الممارسة الديمقراطية التي أظهرت التجربة أنها أقلّ كلفة على الدول.
لكن قيادات هذه الإنقلابات المبنية على القوى الصلبة تؤسس بالضرورة إلى غياب الرؤية الإقتصادية وتنبني فقط على إعادة تشكيل النظام أو ترميمه على قاعدة التوازنات العائلية أو القبلية أو حتى على قاعدة توازنات القوى داخل القوى الصلبة نفسها وهو ما كشفته التجربة السودانية مؤخراً.
أما عن عنف السلطة فإن الإجراءات الموالية للإنقلابات تنبني على قواعد الإستثناء الأمني والعسكري من حيث تمكين القوات المسلحة من الأخذ بزمام المبادرة السياسية التي تنشغل بالضرورة في مرحلة أولى بالترويج الديبلوماسي للإنقلاب لإكتساب الشرعية الدولية ثم الإنطلاق في التمكين السياسي وتنظيم الإنتخابات التي تبني بالضرورة الديمقراطية المعطوبة التي يكون هدفها بالضرورة "تمدين" سلطة الإنقلاب ودحر الصفة العسكرية عنها أو الترويج لكسرها للديكتاتورية في حالة الإنقلابات الدستورية التي عادة ما تحمل في طياتها مغالطة كبرى مبنية على المزاج المواطني المتقلب بين الحرية وسدّ حاجياته الغذائية لتتحول الديمقراطية إلى مطلب نخبوي يدخل في خانة الرفاهية وهو ما رأيناه في دول الربيع العربي.
دخول الإمبريالية على الخط:
جلّ الخطابات الإنقلابية تنبني على إعادة تشكيل المدّ الإمبريالي حيث فشلت أغلب السرديات المغتصبة للسلطة في التحوّل إلى حركات تحرّر تنفصل عن القوى الإستعمارية الكلاسيكية.
الدليل على ذلك ما حصل مؤخراً في بوركينا فاسو والتقارب المعلم بينها وبين روسيا كقطب عسكري مهم ومن ورائه المجموعة الإقتصادية "البريكس" التي وجدت طريقها إلى العمق الإفريقي الذي مازال أرضية خصبة للإنتفاع بموارده وفتح أسواق جديدة للتجارة العالمية والتسليح.
لكن التجربة أثبتت أن الدعم السياسي للإنقلابات يتحوّل سريعاً من شرعنته دوليًا إلى الهيمنة عليه وتوجيهه بما يخدم القوى الكبرى لا غير وأن التحرّر الحقيقي يبقى رهين القدرة على صناعة هويّة منفردة تفرض نفسها وتتخلص من التبعية الإستعمارية وتشاكس النظام العالمي الذين لن يسمح بظهور زعامات جديدة سواءًا تلك المبنية على القومية أو على العمق الإستراتيجي لبعض الدول لتلعب أدوارًا أكبر من حجمها في عالم إختار أقطابه مبكرًا وإنتقى بيادقه بعناية متناهية ويداوم على إكسائها بالديمقراطية للتغطية عن أطماعه المتزايدة في زيادة النفوذ وبسط الهيمنة بواسطة لاعبين جدد إختاروا إستنساخ تجربة هتلر مع فارق طفيف في التاريخ والمصير أحيانًا.



#صبري_الرابحي (هاشتاغ)       Sabry_Al-rabhy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف الهجرة: لعبة الإمبريالية وتكلفتها الإنسانية
- مواطن العالم: من العولمة إلى الذكاء الاصطناعي
- يا عمال العالم إتحدوا: من النداء إلى الضرورة
- في اليوم العالمي لمناهضتها، الإمبريالية تجدد نفسها
- المشهد التونسي و أزمة الديمقراطية
- تونس:الحوار بديلاً عن تواصل الأزمة
- كرة القدم بديلاً عن خيبات السياسة
- الإنتصار التونسي على الرجل الأبيض
- العربية السعودية أصلحت بعض عروبتنا المعطبة
- كرة القدم: من أقدام الفقراء إلى أحضان رأس المال
- تونس، موسم الهجرة بلا بوصلة
- تونس، البعض يذهب للديمقراطية مرتين
- أزمة القطاع العام و ربيع الليبرالية
- تونس، أي طريق للجمهورية الإجتماعية؟
- تونس: السجال السياسي و حمى التضادد
- دستور سعيد أم دستور تونس الجديدة؟
- شيرين أبو عاقلة: حرة فلسطينية لن تصمت
- تونس:تواصل الأزمة و أزمة التواصل
- تونس.. الثورة المؤجلة الجزء الثالث
- تونس..الثورة المؤجلة-الجزء الثاني


المزيد.....




- من تبريز إلى مشهد، كيف ستكون مراسم تشيع الرئيس الإيراني؟
- نيبينزيا: إسرائيل عازمة على الاستمرار بعمليتها العسكرية على ...
- سيناتور روسي: في غضون دقائق ستترك أوكرانيا بدون رئيس
- مادورو: الرئيس الإيراني كان أخي الأكبر ورمزا للثوري الطامح ل ...
- ماسك يؤيد مشاركة كينيدي جونيور في المناظرة مع بايدن وترامب
- الولايات المتحدة وإسرائيل تبحثان خيارات بديلة عن العملية في ...
- دول عدة تقدم التعازي بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد ا ...
- واشنطن تعلن أنها تقترب والرياض من التوصل إلى اتفاق دفاعي
- بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري الرابحي - حمّى الإنقلابات وإعدام الديمقراطية