أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صبري الرابحي - أزمة القطاع العام و ربيع الليبرالية














المزيد.....

أزمة القطاع العام و ربيع الليبرالية


صبري الرابحي
كاتب تونسي

(Sabry Al-rabhy)


الحوار المتمدن-العدد: 7380 - 2022 / 9 / 23 - 12:53
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


غير بعيد عن الوضع العام المتردي و الباعث على القلق يعيش القطاع العام أزمة قد نعتبرها أزمة منتصف العمر بين إندثار الدولة الراعية و النيوليبرالية التي حولت كل شيء إلى متعامل رأس مالي في دورة إقتصادية مغلقة لا من باب مركزة الإقتصاد على شاكلة المنوال السوفياتي و إنما على شاكلة الوسط الإستثماري المنغلق على خيارات محدودة تحكمها البنوك و مؤسسات القرض بالحديد و النار.
الملاحظ خلال هذه الفترة هو إرتفاع أسهم التعليم الخاص حتى في سنوات التمدرس الأولى، فبعد أزمة الرأس مال الصحي التي كشفتها جائحة كورونا، صرنا نتحدث عن رأس مال تعليمي أصبح خيارا موجعا لعديد العائلات حتى ذات الدخل المتواضع منها دون التساؤل عن المحتوى البيداغوجي و النجاعة في صقل عقول أبنائها.
قد يستفيق التونسيون قريباً جداً على إختفاء المدرسة العمومية ليس إستتباعا لتهميش دورها التربوي-التعليمي فقط و إنما لتحول الحق في التعليم إلى حق نخبوي إجتماعيا على الأقل في ظل تحكم رأس المال في أبسط الحقوق المواطنية التي حسمتها دولة الإستقلال و كانت لزمن غير بعيد "مصعدا إجتماعيا" لمن نسيتهم الأرستقراطية ثم البورجوازية ساعة توزعت "الثروة" جهويا و عشائريا و قطاعيا.
هذه الأزمة في القطاع العام ككل يعمقها فقداننا كمواطنين للثقة في نوعية الخدمات المسداة في القطاع العام و التي للأسف أصبحت محكومة بندرة وسائل العمل و عدم تأطير منتسبيها حتى صرنا نتحدث عن غياب الأوراق البيضاء و آلات الطباعة و غياب الموارد البشرية اللازمة لتشغيل مصلحة إدارية بسيطة.
صرنا ننساق وراء التهميش المتعمد لمرافق الصحة و التعليم و نذهب إختياريا إلى القطاع الخاص نكاية في "الدولة" التي يغيب عنها ما يحضر لدى رأس المال المتحرر من كل شيء حتى من تشريعاتها البائسة..
هذه "الدولة" الراكنة إلى الخيارات اللاشعبية و إن كانت لا تستحي في المطلق من خياراتها الموجعة فإنه من الجلي أنها لا تستحي من تجهيل أبنائنا و التهاون في حقنا في الصحة العمومية ما دامت لم تستحي من قبل من تجويعنا.
الثابت إذن أن المال صار يحكم كل شيء و أن أي مساحة للرفاهية التي قد نستشعرها يوماً ليست سوى بروبغندا الليبرالية لإلهائنا عن وجهها البشع الذي إن كتب له أكل القطاع العام فإنه لن يتورع عن أكلنا جميعاً و إنتقاء الناجين منه وفقاً لأصولهم و أرصدتهم و ذلك هو ببساطة توحش الرأسمالية.
من ناحية أخرى فإن المدافعون عن تغول القطاع الخاص يجدون أنفسهم في خندق الإنتصار للإنفتاح و إقتصاد السوق و يصطدمون في العادة بهيمنة أطراف بعينها على جل القطاعات في إطار إقتسام السوق و تحالفات رأس المال التاريخية و التي تشكل بطريقة أو أخرى المشهد العام و تؤثر مباشرة في الواقع التونسي حتى أنها أصبحت محدداً رئيسياً في الحياة السياسية التي غزاها رجال الأعمال بأموالهم و غاب عنها المثقفون و أفكارهم حتى صارت بلا عنوان و لا تنظير.
المدافعون عن وجهة النظر هذه يصطدمون بحقيقة توحش الخيار الليبرالي في أعتى أزمات الأمم و آخرها جائحة كورونا التي جعلت من الحق في الحياة حقا نخبويا و حولت توفر سرير في المصحات الخاصة إلى ضربة حظ في ظل تزايد الطلب و إنتعاشة رأس المال في ربيع سطوته الإقتصادية و الذي تزامن مع خريف الإنسانية.
لقد أصبح الأمر أكثر من محير في ظل غياب الوعي السياسي و حالة النكران المرضي لجميل القطاع العام الذي أثث و لو بإمكانياته البسيطة فترة بناء الدولة الحديثة و ما زال يقف سنداً للطبقات الشعبية التي آن الأوان لشحذ وعيها الطبقي أمام خطر تغول سلطة رأس المال التي تجاوزت كل الخطوط الكلاسيكية التي رسمها المواطن و تطاولت على أبسط حقوقه المواطنية فلم يعد من الوارد مخاطبة إنسانية رؤوس الأموال بقدر مخاطبة أنانيتهم تأصيلا لفكر آدام سميث الذي كان و لا يزال عرابهم إلى ذلك فيما إكتفت الحكومات المتعاقبة بلعب دور الكاردينال الصامت أمام بوح الليبرالية بأنه يتوجب أن يكون لكل شيء ثمن، حتى لو كان الإنسان نفسه.



#صبري_الرابحي (هاشتاغ)       Sabry_Al-rabhy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس، أي طريق للجمهورية الإجتماعية؟
- تونس: السجال السياسي و حمى التضادد
- دستور سعيد أم دستور تونس الجديدة؟
- شيرين أبو عاقلة: حرة فلسطينية لن تصمت
- تونس:تواصل الأزمة و أزمة التواصل
- تونس.. الثورة المؤجلة الجزء الثالث
- تونس..الثورة المؤجلة-الجزء الثاني
- تونس.. الثورة المؤجلة
- تونس-زمن السكاكين في معابد العلم
- الوجه الآخر للنزاع المغاربي
- : -تونس، ديبلوماسية الحزب و الفرد في زمن الكورونا-
- تونس، وباء الكورونا أم الليبرالية؟
- تطرف النظام.. إلى أين؟
- جياع في خنادق السياسة
- إن لم تكن فلسطين قضيتك...فلست إنسانا
- تونس:الإعلام الرسمي المشهدي في العهدين
- إيفر غيفن-مصر و إدارة الأزمة
- فايروس كورونا... صديق الرأسمالية
- تونس: أسبوع الكيوي


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صبري الرابحي - أزمة القطاع العام و ربيع الليبرالية