أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لخضر خلفاوي - *سردية واقعية : الجانكي Janky و حرّمت أحبّك .. ما تحبّنيش!















المزيد.....

*سردية واقعية : الجانكي Janky و حرّمت أحبّك .. ما تحبّنيش!


لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 7703 - 2023 / 8 / 14 - 02:48
المحور: الادب والفن
    


—-
*كتب: لخضر خلفاوي*
——
لا يتوقف عالمي اليومي من استفزاز ملاحظاتي التي لا تنتهي، كلما قلت لنفسي ( يجب عليّ التوقف) عن استقراء طالع ماورائيات الرسائل الوجودية بكل تفاعلاتها اللحظية و اليومية كلّما وجدتني مورّطا أكثر ، فأكثر ..
الجانكي/ Janky مصطلح (أمريكو-أنجليزيفوني) و يعني عادة لوصف الأشياء الرديئة ، عديمة المصداقية ، القذرة أحيانا ، أو من جودة رديئة أو سيًئة .. المجتمعات الرأسمالية الغربية المادّية عمدت على توصيف كل شخص و فرد خاصة ب ( الجانكي) / ميئوس منه ، يخص كل من زاغ عن القوالب المجتمعية و أكوادها الثقافية التاريخية و الاقتصادية و ضرب مستسلما عرض الرفاه و الأطر و صار مدمن التشرّد و الشرب و المُخدّرات و العصيان في كل شيء !
هذه المرأة التي أعرف من سنين ترددها و تموقعها بين شوارع و أحياء المنطقة ( ضواحي باريس جنوبا ) معروف عنها أنها ذات ( سكن غير قار ) ، لم تكن في السابق كذلك .. "سولونج "/ Solange هي امرأة فرنسية من أصول قوقازية بجينات متداخلة غربية ..
-اسمها مشتق من اللاتينية و تحوم معانيه حول أجواء احتفالية اعتيادية تُقام بشكل دون انقطاع و علني أي ( سولونال Solennité ) ، معناه إظهار الاحتفال بشيء من الأهمية الكبرى المستدعية لشد انتباه العموم و الخواص . أسميها أنا حسب معجمي ب ( إشاعة الحدث علنا للإعلام مهما كانت طبيعته ) ..
-قبل سنوات لم تكن "سولونج" بهكذا حال كما اليوم في منتهى التسيّب و الانفلات من نفسها و من أكواد و أحكام المجتمع و أطره ! كانت امرأة حيوية ممتزجة ببصمة الغرابة في شخصيتها التي لا تُخطأ!
علاوة أنها كانت تتردد من حين لآخر على الحانات و تلتقي بأشخاص أغلبهم ذكور من نفس ملتها السلوكية و الطقوس ، شرب ، تدخين، تسكّع ، سُكر، حشيش و موسيقى. فكانت لما ينفضُّ من حولها خلان صدف حياتها تختلي بنفسها و بمذياعها التقليدي الذي تضعه في حقيبتها اليدوية أو تضعه جانبا و تثبته على موجات المحطات التي تذيع دون توقف الأغاني الغربية المختصة بطبوع محددة ك (الروك، الريغي ، الزوك و الآر آن بي ).
rock, le zouk, le reggae, le r’n’b
تجلس أحيانا في مقاعد عمومية مختلية بنفسها و مذياعها الكلاسيكي و أغانيها و تضع أغراضها الشخصية جانبا على الكرسي و تهيّئ سجائرها الملفوفة للخشخاش أو الحشيش ( المغربي الأصيل !) مصطحبة ذلك بقنينات أو جعّة الخمرة و تتماهى مع أدخنتها المخدرة و مشروباتها المُسكّرة و أغانيها التي تطير مع إيقاعها الصاخب إلى عوالمها الخاصة بها و هي تتمايل لساعات على ذات المقعد العمومي لا تُسيء و لا تؤذي -عدا نفسها - أحدًا و لا أحد يؤذيها. المقاعد لا تملّ أبدًا القاعدين ، أهلكَ و أصحابك هم يفعلون .. نعم و كذلك يفعلون ! هناك من يمضي حياته في محاولة بناء نفسه و ترميمها قدر المستطاع من التصدعات و الصدمات التي تحدثها الحياة له و يستمر رغم مشقة و صعوبة المقاومة و الثبات و هناك من يتعب من بناء نفسه و ترميمها و يترك التصدعات و الصدمات تزداد عمقا و هوة بينه و بين المجتمع حتى ينهار البناء بالكامل و هناك من يملّ من هكذا دور و يستسلم فيسارع بنفسه إلى مساعدة القوى و التيارات المضادة الهدامة لوجوده فيعين نفسه على هدمها لبنة، لبنة و تفصيل بعد تفصيل ، و يستمر بأرادته و رضاه في مزاولة لعبة الهدم الذاتية و لا يهمه في ذلك شيء ، بل يشرب على نخب التهاوي و التداعي و الإفلاس المفروض و الإرادي الخمر المصاحب و يدخّن و يحقن المُخدّرات كيلا يسمع أصوات سقوط و تهاوي أجزائه وسط موسيقى "الريغي " الصاخبة أو طابع ( الفولك folk / أو heavy metal /موسيقى المعدن الثقيل) . العزاء المستمر المبين إلى آخر أنقاض إنسان يسقط و للأبد !. إنها حفلة الهدم الذاتي التنكّرية و الإنفصالية المحضة.
-لم أكن اهتمّ بحالها و استوقف تفكيري لأجلها و أدقق في بعض تفاصيل حياتها و أنا انتظر مركبتي للتوجه إلى ركني في صبيحة يوم الأحد هذا ، فيكفيني أني رجل شديد الملاحظة و ثاقب القراءات لكل جامد و متحرك أثناء عبوري المتواصل في شوارع الحياة اليومية .. بل هي التي استوقفت فضولي و عجبي بشكل ملفت للغاية و طريف جدا !"حرمت أحبّك ما تحبنيش .. وابعد بقلبك وسيبني أعيش!" ..انتفض فضولي إليها و هي تجلس على مقعد موقف محطة لعبور وسيلة النقل في الاتجاه المعاكس لاتجاهي .. لقد كنت استمع متدبرا و سارحا في أفكاري بشكلي الإدماني و أنا في جلوس انتظاري .. ما سمعته من موسيقى أغنيتها هذا الصباح المرتفعة و المسموعة على بعد عشرات الأمتار لم يجعلني دون اكتراث لها ! لقد كانت تتماوج بجسدها و رأسها و تتمايل و في حالة ثانية متوازية تماما مع العالم أو الوجود ، متماهية و منتشية سجارة "الحشيش " ..( متحبنّيش!…حرمت أحبّك ما تحبنيش… وابعد بقلبك وسيبني أعيش!"
-ذهولي و مفاجأتي صاحبه الضحك المكتوم و التعجب من "سولونج " الأعجمية التي أصابها مسّ جزائري شرقي ، أنّى لها أن تختار هكذا أغنية و من دلّها على التركيز على ( ذبذبات إذاعة الشرق ) بباريس و ما مدى علاقة اختيارها و ذوقها لهذه الأغنية لأميرة الطرب العربي الراحلة ( وردة )؟.. الأغرب أنها كانت تحاول ترديد ما تسمعه من غناء وردة ، و هذا يدل على أنها متابعة و مداومة على هكذا طابع و إلا ما سَهُل عليها تقليد الكلمات .. الأمر يحتاج إلى اعتياد كبير و تمرّن و تآلف مع الموسيقى و الكلمات بالنسبة للمستمعين العرب فما بالكم بالذي هو ليس عربيا !!!؟.
ركبت عربة وسيلة نقلي الجماعية و أنا أردد في نفسي :
-لماذا يا أمة الله اخترت مقطع أغنية وردة كرسالة للعالم تطالبينه بتركهم لكِ أن تعيشي اختيارك و خياراتك و حرّمتِ على نفسك حبّ هذا العالم المادي الرأسمالي اللاإنساني القذر بالأنانية و الغرور .
و أحببت الضياع و الخمرة و الموسيقى و الحشيش !
"حرمت أحبّك ما تحبنيش .. وابعد بقلبك وسيبني أعيش!".. ظلت لدقائق هذه المقطوعة تتردد في أذني .. عجبا لشرقنا الذي لا يؤتمن فقد يلاحقها يظهر علينا بغتة من الغرب ! إنه إيقاع الساعة !!
كدتُ أن أخطئ أمام نادل مقهاي لما جاءني ليسجل طلبي : كِدتُ بدلا من طلب فنجان قهوتي المعتاد مع كوب ماء ، أقول له اعطني حشيش و سبني أعيش ! ما تحبنيش حرّمت أحبّك !
-
باريس الكبرى جنوبا
هذا الصباح:13/8/23



#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)       Lakhdar_Khelfaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (لصّادة!)
- *شكرا لكم -تهانيكم - بمناسبة ( عيد مِدادي) !
- *أنا حزين يا ريح رسول الله !
- *ومضة من تجربتي الإعلامية ( في القرن الماضي ) : سيّدُ العِنا ...
- *كاريكاتور سياسي من الألفية المنصرمة: (الجزائر) و تابوت الشّ ...
- *أفكار مع آية: (المعروف )
- *من تجربتي الإعلامية و الأدبية الشخصية: -شِراك-، وطني، -العر ...
- -قصاصة من مجلّد نضال فكري و ثقافي و إعلامي .
- *إطلالة على الماشي : عن رواية (عشرية الخنازير الدموية و أسمد ...
- *أفكار في تجربة الكتابة: حتى تكون كاتبا متزنا و ليس حاوية نف ...
- *أفكار فلسفية وجودية من الحياة: هل أنتم أضعف من هذه النبتة !
- *سردية تعبيرية فلسفية: تَخيّلوا!
- *أفكار فلسفية: مُعضلة الجوارية العميقة و التعوّد في العلاقات ...
- *أسئلة وجيهة في تجربة الكُتّاب العرب: الهوس و التجنيس و عقد ...
- *سردية واقعية: مُسعِف النّحل !
- *أفكار افتراضية ساخرة مُعاصرة:-..لا تحلُّ له من بعد؛ حتَّى ت ...
- *أفكار وجدانية: أفراحي لا أراها إلا و هي -مطرودة-!
- *أفكار في تجربة الكتابة: صدى الكاتب (الآخر)، و بصمات (الأنا) ...
- *أفكار: الأفظع أن تكون كاتبا مُلتزماً و مُخضرماً..
- *أفكار معاصرة: مفاهيم دقيقة لماهية عالم ( الافتراض) المبني ع ...


المزيد.....




- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...
- فيلم السرب 2024 بطولة احمد السقا كامل HD علي ايجي بست | EgyB ...
- أستراليا تستضيف المسابقة الدولية للمؤلفين الناطقين بالروسية ...
- بعد إطلاق صندوق -Big Time-.. مروان حامد يقيم الشراكة الفنية ...
- انطلاق مهرجان أفلام السعودية في مدينة الظهران
- “شاهد الحقيقة كامله hd”موعد عرض مسلسل المتوحش الحلقة 32 مترج ...
- -سترة العترة-.. مصادر إعلامية تكشف أسباب إنهاء دور الفنانة ا ...
- قصيدة (مصاصين الدم)الاهداء الى الشعب الفلسطينى .الشاعر مدحت ...
- هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لخضر خلفاوي - *سردية واقعية : الجانكي Janky و حرّمت أحبّك .. ما تحبّنيش!