أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - من يحكم المغرب ؟ من يحكم في المغرب ؟















المزيد.....



من يحكم المغرب ؟ من يحكم في المغرب ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7692 - 2023 / 8 / 3 - 15:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" مدير البوليس السياسي ، و ( صديق ومستشار ) الملك المدعو فؤاد الهمة ، قطعا الكنونكسيون عن منزلي ، فسأضطر للخروج وارسال هذه الدراسة من Cyber . فبجرائم بوليس الملك السياسي اصبحنا عبارة عن " منعدمي الحقوق " العبيد" .
" البنية التحتية " . " البنية السرية " . " الدولة العميقة " . " الحكومة العميقة " . " الحزب السري " . " القصر الملكي " ، " المخزن " .... الخ .
كم هو عجيب أمر النظام السياسي المخزني المغربي ، كنظام طقوسي ، تقليداني ، كهنوتي ، نيوبتريمونالي ، نيوبتريركي ، نيورعوي ، ( ثيوقراطي ) وما هو بثيوقراطي ، حداثي ، عصري ، وما هو لا بحداثي ، ولا بعصري ، بوليسي ، عسكري دكتاتوري ، نعم لأن الملك ، الأمير ، الراعي ، والامام ، هو رئيس أركان الحرب العامة ، وهو القائد الأعلى للجيش ..
فإذا بحثت عن الدولة العصرية ، الحداثية ، هل ستجدها طبعا في سلطنة الامارة والإمامة ، والرعوية التي تتناقض بالمطلق مع الدولة الحديثة الحداثية ، والدولة العصرية ، ربما قد نعتبر هذا من أكبر الاستثناءات التي يعرف بها نظام المخزن العلوي .
واذا بحثت أكثر ، ستكتشف انّ النظام المخزني المغربي ، هو نظام من نوع آخر ، لا علاقة تجمعه لا من قريب ولا من بعيد ، بالدولة العصرية ، والدولة الحداثية . بل ان نوع الطقوس السائدة داخل الدولة ، سواء في الجهة الرسمية ( القصر ) ( المخزن ) ، او جهة الرعايا ، هي التي تسود كل القيم العشائرية ، التقليدانية ، سواء في جهة المخزن الذي يحتكم في الحكم فقط الى نظام الإشارات المختلفة ( كالإشارة بين ولي العهد الحسن ، وضابط كلونيل بالحرس الملكي مؤخرا ههه ) ، والدالة على الاستيعاب ، والفهم العام لنظام الحكم في المغرب ، لان النظام لا يتعامل بالقوانين التي يخرقها كل يوم ويدوس عليها ، والذي ينتصر لعقد البيعة الكهنوتي غير المدبلج ، الذي يتنافى مع الدستور ، رغم انه دستور الملك الممنوح .. والرعية المفقرة رغم فقرها المدقع ، ورغم التجويع ، فحبها وتعلقها بالموروث المخزني في صورته العشائرية والطقوسية ، هو ما يعطي للدولة المخزنية صورتها التقليدية المتعارضة مع العصرنة ، والمتعارضة مع الحداثة .. فلم نقلق يوما ، حين خرجت كل الدولة المخزنية ( المحافظة ) في بداية حكم محمد السادس ، تتغنى بالحداثة ، وبالمجتمع العصري . لكن ظلت الحداثة لصيقة بالفكر الأسطوري الذي يُعظّم كل شيء ، ولو من حجم نملة . فكيف كل الدولة تتحدث عن نظام الحداثة ، وعن الدولة العصرية ، من دون مشروع سياسي متكامل ، يحدد حدود الحداثة والعصرنة المستحيلة في نظام مخزنولوجي ، وراثي ، جلبابي ، ويلبس السّلهام في المناسبات الخطيرة التي وحدها تعبر عن نوع النظام السائد بالبلد ( افتتاح دورة الخريف التشريعية في يوم الجمعة الثاني من شهر كل أكتوبر ) .. نعم الجميع المُسخّر شرع في الحديث الاستهلاكي عن الحداثة كموضة ، لكن لا احد تحدث عن الحداثة كثقافة ، وكمشروع أيديولوجي خاص ، يرفض ويتعارض مع النمط الخرافي في تضبيع الرعايا المجهلة ، الميّالة بتصرفاتها وفهمها الخرافي ، جهة التقليد والمخزنة ، والرافضة للحداثة وللعصرنة ، لأنها ومنذ المئات السنين كانت وظلت ولا تزال ، فقط رعية مخزنية للراعي الكبير ، الذي هو أمير المؤمنين ، الإمام المعظم " سبط الرسول الكريم " .. فهل سبق واثناء الحديث عن نظام الحداثة في بداية عهد محمد السادس ، ان تم طرح مشروع أيديولوجي حداثي في شكل نص شبيه بالدستور، وأُعطي لجميع المهتمين لتحليله ومعالجته ، بمناقشته نخبوياً وبسند شعبي ، وانخرطت الرعية بما لها من فهم ولو ضيق ، في هذا النقاش الذي ستصبح نتائجه عبارة عن خلاصة تحدد حدود " المشروع الأيديولوجي الحداثي " ، الذي سيرسم الوجه السياسي للدولة المخزنية ، المتعارضة مع كل خطوات الإصلاح والتغيير . لان القول بالإصلاح ، وبالحداثة ، والعصرنة ، هو قول بطرح الدستور الديمقراطي ، الذي ليس هو دستور الحاكم بأمر الله الاقطاعي ، لأنه سيكون دستور الشعب ، المرآة التي تعكس حقيقة نوع الحكم السائد ، ونوع الدولة السائدة .. ومرة أخرى كيف وفي فورة الحديث عن مشروع ( الحداثة ) ، ومحافظو " البنية التحتية ، او السرية " ، يجهلون كل شيء عن الحداثة ؟ . فهل جائز الحديث عن مشروع يطرح شكل الدولة القادمة ، دون ديباجته في كُرّاسات ، ليعطي للرعايا ، وللمهتمين ، والمحللين للشأن العام ، تحليله وتصنيفه درجات مع طقوس الدولة المخزنية ، التي هي واقع ولم تعد مجرد مشروع عندما انقلب ( محمد الخامس ) شكليا ، وفي الحقيقة الحسن الثاني ، على نظام السلطنة ، ليصبح دولة الملكية ، وغير الاسم لتبرير الفلسفة المخزنولوجية للقادم الجديد ، الملك ، بدل السلطان . في حين ظلت الدولة كما كانت ، مخزنية في شقها التقليدي ، او شقها ( العصري ) .
فمن قرأ مشروعا ( للحداثة وللعصرنة ) ، استغرق لوحده ما يسمى ب ( السجال السياسي ) ، انْ ينشر هذا المشروع للرأي العام ، الذي يجهل أي شيء عن ( مشروع ) ، لم يكن ابدا في الواقع ، وكان المبتغى هو اللعب على الوقت ، لان النظام عاجز ، وليس بأيديه شيء يعطيه للمغاربة الذين صدمهم انقلاب 16 مايو 2003 بالدارالبيضاء .. وكالحديث عن ( مشروع الحداثة ) الذي لم يكن أصلا ، هناك خلاصة ( النموذج التنموي ) الذي اعترف الملك محمد السادس بفشله ، رغم ان لا شيء فشل ، لأنه لم يكن هناك حقا مشروع يقنن محاور " النموذج التنموي " ، الذي انتهى الى ما انتهى له ( مشروع الحداثة ) الذي لم يكن ابدا .
وتزامنا مع هذه السياسة السياسوية التي انخرط فيها الجميع ، وبما فيهم الإسلام السياسوي ( جماعة العدل والإحسان ، وحزب العدالة والتنمية / المدونة ) ، وباستثناء اليسار الماركسي بكل الوانه وفروعه ( اليسار المتطرف ) ، سيصبح نبيل بنعبد الله ، وإدريس لشكر ، ومحمد الساسي ، ونبيلة منيب ، ومجاهد .. يؤيدون ويهللون لمشروع غير موجود ، ومساهمتهم وعبر الاثير ، كانت عبارة عن طلاسم في وجه الرعايا الجاهلة ، والفاقدة لأبجديات دراسة وتحليل مشروع أيديولوجي ضخم ، سيغير وجه الدولة ، إن تم تمريره بواسطة استفتاء .. وهو ما يعني مشروع مضمونه ، مراجعة المعنى من " الامارة " ، و " الامامة " ، و " الراعي الأول والكبير " ، و " السلطان في جلباب ملك " . أي ان مشروع الحداثة والعصرنة ، كان يستهدف السلطات التي يعطيها لرئيس الدولة أيا كانت صفاته ملكا او اميرا ، عقد البيعة الذي يعلو مرتبة على الدستور .. فهل سيقبل النظام المخزني الطقوسي ، فتح الباب لمشروع باسم الحداثة ، يساءله عن السلطات وعن الاختصاصات ، وخلق رقابة للثروة الوطنية ، التي يجب ان تخصص للشعب قبل غيره من الجهات التي طرحت ( مشروع الحداثة ) كألعوبة لتمييع النقاش ، طالما ان رئيس الدولة ، والمخزن على يقين باستحالة مراجعة الاختصاصات التي يعطيها عقد البيعة ، لأنها روحية وليست موضوعية . أي انها مستمدة من القرأن كلام الله ( الأصل ) ، وليست مستمدة من الإرث الديني العام ، الذي يستحيل المساس به تحت تأثير اتهام الردة والتكفير والفسق .. الى غير ذلك من أنواع السلاح الذي يستخدمه الإسلام السياسي لردع معارضيه ..
ونطرح التساؤل عن الجدوى من كل هذه الخبطة والعجينة ، التي كانت تستهدف ضمان حكم الملك الجديد ، الذي كان مهددا بمطالب جيوسياسية ، من قبيل الدولة الديمقراطية في صورتها " الملكية البرلمانية الكونية " وليست ذات الخصوصية المغربية ، أوفي صورتها " الجمهورية البرلمانية " ، لأنها كانت في اصلها مسرحية تلعب بإخراج المخزن العتيق ، بدعوى عدم وجود سقف محدد اذا أراد ( الشعب ) ذلك ، سينهي انقلاب 16 مايو 2003 ، كل أمل ولو كاذب في التغيير ، وسينجح المربع البوليسي بزعامة الجنرال حميدو لعنگري ، ومن وراءه فؤاد الهمة ، في الانتهاء من شعارات ك " ملك الفقراء " ، " والمفهوم الجديد للسلطة " ، " والديمقراطية بمعناها الواسع " ، وانقلب كل شيء ، حيث لم نعد نرى الملك الفقير المحبوب يعانق ذوي الحاجيات ، وبعد انْ كان ضمن الشعب ، اخرجه انقلابيو 16 مايو 2003 من جبة الشعب ، ليصبح نقيض الشعب ، وطبعا ارتمى بكل ما يملك في جب اعداء الدولة الديمقراطية ، الذين تظاهروا بتمثيلهم دور المخزن الجديد ، الوحيد يحافظ على النظام الملكي في صورته التقليدية ، ويحافظ على شخص محمد السادس ليس فقط كملك ، بل يحافظ عليه كأمير ، وإمام ، وراعي كبير ، وكسلطان ، في الاستحواد على السلطة ، التي لا علاقة لنظام السلطنة ، بالدولة العصرية / الملكية البرلمانية التي انقرض ( الداعون اليها ، ولو بالمواصفات المغربية من الساحة ) ..
وطبعا سيشرع الانقلابيون واسمائهم معروفة ، في الانتقام ، وفي الاعتداء ، فزوروا المحاضر البوليسية لرمي الناس في السجون ، و اثروا الثراء الفاحش الذي يلزم بحث قضائي من قضاة شرفاء ..
فبعد انقلاب 16 مايو 2003 ، سيتغير كل شيء ، خاصة وانّ اصرار هؤلاء على اخراج قانون الارهاب المَسْخرة ، حتى عادت حليمة الى عادتها القديمة . فتم قتل ذاك الجزء اليسير من أمل العيش ، في ظل نظام ديمقراطي ، لاول مرة في حياة المغاربة الرعايا المُفقّرين ، والمُجوّعين ، والمٌجهلّين ..
فهل انقلاب 16 مايو 2003 ، " تفجير الدارالبيضاء "، هو من مهد الطريق والساحة ، التي اصبحت فارغة من المناضلين الحقيقيين ، لبناء او لتشكيل " البنية السرية او التحتية " ، التي لم تكن ابدا سرية ، وادى الانقلاب هذا ، الى تغول طاقم البوليس السياسي بزعامة فؤاد الهمة الذي صفى علاقته مع الجنرال " حميدو لعنيگري " ، عندما انتصر له الملك على الجنرال ، خاصة استغلال فؤاد الهمة صداقته مع الملك منذ معهد " الكوليج رْوايال " . وبنطّاته ( المربع البوليسي الانقلابي ) ، وقفزاته الطائشة بسبب المستوى الاكثر من ضعيف ، سيصبح نظام محمد السادس ، وبعد ان جفف مغرب الداخل من المعارضة الرصينة والوطنية ( البارشوك ) ، اصبحت له معارضة مؤسسية ، تقودها دول ، منها من كان من أخلص أصدقاء الملك ، ليصبح من ألدّ اعداءه . وستتطور مطالب الخارج ليس في الدعوة الى الاصلاح ، رغم انهم يعرفون النظام كريها للاصلاح ، وسيصبح رأس محمد السادس ، ونظامه ، ومنهما جغرافية المغرب في الميزان ، اي مهددا من الخارج ، لا من الداخل .
ان عرض فيديو محمد السادس وهو سكران ثمل في شوارع باريس صباحا باكرا ليس بريئا ، ولم يكن بريئا ، بل كان ضمن مخطط اكبر من مخططات الانظمة السياسية المتصارعة بجنوب حوض البحر المتوسط . وسيأتي قرار الاتحاد الاوربي بتقريع شخص محمد السادس ، وتقريع نظامه البوليسي ، والتقريع انصب على محورين : محور الديمقراطية وحقوق الانسان . ومحور نزاع الصحراء الغربية ، الذي يعطيه الاوربيون اهتماما واهمية خاصة ، وخاصة وانه مكبل لشخص محمد السادس ، ولنظامه المهدد بالسقوط عند فقدانه للصحراء .. هذا دون تجاهل مواقف الاتحاد الاوربي ، كالبرلمان الاوربي المعارض ، والرافض لمغربية الصحراء ، والرافض لخيار وحل الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المخزني في ابريل 2007 ، وكانت الحملة الاوربية المسعورة ضد اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، قمة العداء ليس ضد الوحدة الترابية للمغرب ، بل ضد شخص محمد السادس الذي قدم المغرب للأصدقاء ، وللمقربين ، والمقربين من المقربين .. فعاثوا في المغرب ، وفي الشعب المغربي الخراب ، والأرض المحروقة ، فلم يكونوا ينظرون الى المغرب الجغرافية ، والى المغرب الشعب ، بل كانوا ينظرون الى المغرب الثروة ، والنهب ، والجري للاغتناء الفاحش السريع ، على حساب المغرب الذي يحتل المراتب الأخيرة في التصنيف الدولي حول التعليم والصحة ... وعلى حساب الشعب الذي فقروه اكثر من اللازم ، وليتحول المغربي الى بشر من دون كيان ، يقتات من الحاويات ، ويبكي الجوع والمرض وقلة الشيء ، و لينتقل في عهد محمد السادس من شعب الجبارين الى ( شعب ) المتسولين الفاقدين لبوصلة الاتجاه الصحيح . هذا دون ان ننسى مساهمة الولايات المتحدة الامريكية في تقريع نظام محمد السادس المخزني البوليسي ، حيث كان تقرير كتابة الدولة في الخارجية الامريكية ، اكثر وقعا ، وجرأة ، وتقدما عن قرار البرلمان الأوربي . فتقرير وزارة الخارجية الامريكية ، بدوره صب على محورين ، محور الديمقراطية الغير موجودة ، بتعارض النظام الديمقراطي مع النظام المخزني ، ومحور حقوق الانسان المداسة من قبل البوليس السياسي ، ورجال السلطة التابعين للإدارة السلطوية الطقوسية ، بتدابير فاقت انتهاكات حقوق الانسان في عهد حكم الحسن الثاني . ومثل البرلمان الأوربي الذي خصص جزءا من تقريره لأوضاع حقوق الانسان في الصحراء الغربية ، فتقرير الخارجية الامريكية ذهب ابعد عندما اعتبر جبهة البوليساريو كحركة تحرير ، وليست منظمة إرهابية ، ومثل الاتحاد الأوربي والبرلمان الأوربي ، دعا تقرير الخارجية الامريكية الى الحل الاممي ، والى المشروعية الدولية التي تحوم فقط حول الاستفتاء وتقرير المصير . ويكون تقرير الخارجية الامريكية ، وبالواضع الحاصل ، قد رمى عرض الحائط ما سمي في حينه ، باعتراف الرئيس الأمريكي Donald Trump بمغربية الصحراء ..
فمن يحكم في المغرب اليوم ، ومن يحكم المغرب اليوم ؟ . هل " البنية التحتية " . هل " الدولة العميقة " . هل " الحكومة العميقة " . هل " الحزب السري " . هل " القصر " . هل " شخص الملك " ؟ .
ان طرح التساؤل والسؤال عن من يحكم المغرب ، وعن من يحكم في المغرب ، ليس بالأمر الهين والسهل ، بالنسبة لمن يجهل ، او لم يستوعب أسس النظام السياسي المغربي ، او انّ ما كسبه من معارف كان سطحيا ، ولم يصل الى عمق واصل نظام الحكم ، من خلال المشروع الأيديولوجي الذي يبني عليه النظام المخزني حكمه . فالحديث عن أسس النظام السياسي ، هو حديث عن مشروعية النظام في الحكم ، من يحكم المغرب ، وحديث عن الفاعل المجسد للحكم ، أي من يحكم في المغرب . ففرق بين القول بمن يحكم المغرب ، وبين القول بمن يحكم المغرب . ورغم ربط الأسس التي يبني عليها نظام الحكم بشيء من الموضوعية والواقعية ، فان الاختلاف تحدده شخصية الفاعل في الحكم الذي هو الملك في لحظة معينة ، والأمير ، والراعي ، والامام في لحظات .. فتصبح أسس المشروعية رغم ارتباطها بالتاريخ ، فان الواقع بما يجري في قلب المملكة ، تختزله شخصية الحاكم ، ودهائه ، وتجربته ، وثقافته .. فطالما ان الذي على رأس الدولة شخص جامع ومانع ، فالقول بالسؤال . من يحكم المغرب ؟ . هنا الإجابة تكون الملك الذي يتقمص مرة شخصية ملك عصري وحتى ( حداثي ) عند مخاطبته ، وعند التعامل مع الخارج المسيحي اليهودي . لكن مرات ، خاصة اثناء التعامل مع الداخل ، يتقمص الشخص الحاكم باللباس المخزني ، الذي يستقي نصوصه وطقوسه من الإرث المخزني المستمد من اللاهوت ، خاصة عند الاختباء وراء الجملة المدغدغة للمشاعر ( سبط النبي الكريم ) ، لان المعنيين بالخطاب هنا ، ليسوا اوربيين ، ولا بمواطنين يتطلعون الى الثقافة الغربية ، التي تركز على المواطنة ، ولا تركز على الثيوقراطية التي من المفروض انّ أصحابها هم مجرد رعايا ، لم يرتقوا ولن يرتقوا ابدا الى درجة المواطن والمواطنة ، فأحرى الارتقاء الى درجة شعب .. وهنا لا ننسى ان اوربة عندما ثارت ، فثورتها كانت على الكنسية ، لصالح الدولة المدنية .
لكن عندما يكون الفاعل السياسي على رأس الدولة ضعيف التكوين ، ثقافة وتجربة ، فأكيد هنا ، ان شخص الحاكم في هذه الأوضاع ، يكون بيد المخزن الذي يُعدُّ الجهاز الأيديولوجي الذي يبلور فلسفة المخزن ، كجماعة تحكم وتمارس الحكم ، وإنْ كانت تغلف قراراتها وتصرفاتها الغير قانونية ، والمستنكرة من قبل الجميع ، بحصولها من قبل امير المؤمنين ، سبط الرسول الكريم . أي ان شخص الحاكم الفاعل السلبي في الحكم ، يكون رهينة عند أصحاب " الحل والعقد " المخزنيين الجدد . وطبعا رغم اعتبار وتصنيف الشخص الفاعل في الحكم ، بالحاكم الوحيد الأوحد في اقطاعية الحق الإلهي ، الاّ انه في الحقيقة ، يكون وضعه رهينا للجماعة المخزنية التي تستفرد بالحكم ، وأياً كانت صفات وعناوين الأشخاص ، التي تتصرف في السياسة الكبرى للدولة ، باسم الأمير الامام ، الذي لا يعتريه النقصان او الخطأ من حيث اتى . لذلك ففي العديد من الحالات ، فعندما تكون السلطة الممارسة من قبل المخزن باسم الملك رئيس المخزن ، ورغم ان هذه الممارسات ، او الإجراءات تسبب الظلم والاذى للرعية ، فالرعية لا تنزعج ولا تقلق من هكذا تصرفات حتى تلك التي تهدم فوق رؤوسهم مساكنهم ، ويختصرون موقفهم بالقول " الى كانْ هاذْ الشّي منْ عند سيدنا ، مرحبا به الف مرة " . او عندما يكون بوليس ، وجدرمة الملك ، والسلطات بصدد هدم دور ، او اخلاء ارض ... فرغم ان أعوان السلطة يستعملون القوة والعنف الأكثر فرطي ، فالرعايا لا تحتج ، لكنها ترفع شعارها المازوشي التلذذ بالتعذيب " عاش سيدنا / عاش الملك " . انه الاستثناء المغربي الحقيقي عند التلذذ بحلاوة بطش السلطة ، وعصا السلطة تكسر لهم الجماجم ، والاضلع . وعوض الاحتجاج ضد . يرفعون شعار مع ، وليس ضد " .
اذن عندما يكون الشخص الفاعل على رأس الدولة هو من يحكم ، وأياً كانت الصفة التي سيستخدمها عند ممارسة الحكم ، ملك ، او امير ، وامام ، وراعي كبير ، فالسؤال الذي يطرح لتحديد نوع الحكم ، هو من يحكم المغرب .. لكن عندما يكون الشخص الفاعل على رأس النظام مفعول به ، لا يحكم ، لكن يمارس الحكم باسمه ، يصبح السؤال الاجدر للإجابة عن نوعية الحاكم ، هو من يحكم في المغرب ؟ . فعند وجود الملك على رأس الدولة كإسم ، وتقليد متوارث ، لكنه فعليا لا يحكم ، أي لا يقرر ، ويقتصر دوره على البصم والتوقيع ، تبقى أي مقاربة للتقريب بين ملك او امير يحكم ، وبين ملك او امير يحكمون باسمه ، كافيا للإجابة عن من بيده سلطة القرار ، خاصة الاقتصادي والسياسي في الدولة ، لنصل الى تحديد جهة واحدة ، لا عدة جهات تختلف قوتها داخل المؤسسات ، بحسب شخصية الملك ، او الأمير ، او الامام الذي هو على راس النظام جسديا لا فكريا وثقافيا . ومن ثم فان القول ب " البنية التحتية " ، او " البنية السرية " ، او " الدولة العميقة " ، او " الحكومة العميقة " ، او " الحزب السري " ، او " القصر /المخزن " ، او " الملك " .... الخ ، لا يختلف في شيء عن طبيعة وشكل النظام القائم داخل الدولة القائمة ، التي هي الدولية العلوية . فالأشخاص الذين يشتبه في تكوينهم ل " البنية التحتية " ، او " السرية " ، او " الدولة العميقة " ، او " الحكومة العميقة " ، او " الحزب السري " ، او " القصر / الملك " ، او " المخزن " ... الخ ، هم نفس الأشخاص التي تتصرف في الحكم ، لكن دون ان يصبغوا على نفسهم الاطار الذي ينتمون اليه ، أي " البنية التحتية ، او السرية ، او الدولة العميقة ..... الخ . فهذه الألقاب يطلقها أولئك الذين يجهلون اصل ومشروعية الحكم في المغرب ، او ان معرفتهم به لا تتجاوز الف باء ..
ان طرح السؤال عن من يحكم المغرب ؟ ، ومن يحكم في المغرب ؟ ، لا يعني اننا بصدد مواجهة شكلين من أنظمة الحكم ، يحافظون على نفس الاسم والتسمية من حيث الممارسة والاختصاص ، لكن من يسميهم بمسميات يجهلها انفسهم الماسكون بالحكم ، هم الخارجين عن دائرة السلطة ، وعن مجال الحكم الذي وحده يحدد من يحكم المغرب بيد من حديد ، ومن يحكم في المغرب باسم اسم الحاكم الذي يقتصر دوره في البصم وفي التوقيع ..
لذا فان القول بإطارات تمارس الحكم ، ليس صحيحا على الاطلاق . لان من يقود الحكم في الدولة السلطانية التي تحتفظ بسلطات السلطنة التقليدية او العصرية ، باسم العنوان الجديد الملكية ، ليس احدا من هذه الاطارات المذكورة ، او التي ذكرت .. وربما ان الهدف من هذا الخلط بالنسبة للبعض ، هو التمييز بين الفاعل السياسي على رأس الدولة الملك ، الأمير ، والامام ، والسلطان ، وبين نظام الحكم الذي تمارسه جماعة تحت سلطة وبأوامر الحاكم الفعلي ، او تمارس السلطة باسمه ، وان كان دوره هنا يكون سلبيا ، لأنه يخضع لطقوس الجماعة المخزنية التي تتراوح بين التشدد وبين الرخاوة .. وفي كلتا الحالتين ، فان الاتيان بهذه الإطارات الغير دستورية ، والغير معاجلة بمقتضى عقد البيعة ، لأنه غير مكتوب ، هو تبرئة الحاكم من نتائج القرارات المضرة او المجحفة ، للوصول الى القول " انّ الملك زْوينْ غير اللّي دايْرينْ به خايْبينْ " .. في حين ان المسؤول الأول عن نتائج تصرفات الدولة ، سواء كان على رأسها حاكم فاعل أساسي فيها ، او يحكمها من خلال الجماعة التي تسيطر عليه ، يبقى وحده الملك ، الأمير ، الامام ، الراعي الكبير ، لان المعالجة تتم باسم الدولة ، وليس باسم الجماعة التي تذيب الحاكم في طقوسها ، وتتصرف باسمه ، او حين يتصرف كفاعل أساسي ، وحده يشكل مرجعية للحكم ، لا غيره ، وأياً كانت الصفة التي استعملها او يستعملها هذا الغير للبطش بالقرارات ( الملكية ) .
ان القول ب " البنية التحتية " ، او " البنية السرية " ، او " الدولة العميقة " ، او " الحكومة العميقة " ، او " الحزب السري " ... الخ ، لإعطاء النظام السياسي عنوانا لا يتماشى مع وظيفته كنظام تقليداني ، ثيوقراطي ، نيوبتريركي ، نيوبتريمونيالي " ، كمبرادوري ، طقوسي .. ، وهي عناوين لا تعكس حقيقية الصفات التي يتصف بها النظام ، تبقى خارجة عن المألوف ، والمتعارف عليه ، وتبقى كاجتهادات تتم في بيئة تتوفر على شروط وقواعد بعيدة كل البعد ، عن أنماط هذه الإطارات المتداولة في الحقل السياسي ، وقد تعتبر نوعا من الثقافة السياسية ، عندما ينخرط في تفسير المجال ، بعض أساتذة الكلية ، وبالضبط أساتذة العلوم السياسية ، وعلم السياسة ، وعلم الاجتماع السياسي ، والقانون الدستوري والأنظمة السياسية ( طبعا اقصد أساتذة السبعينات الرحمة عليهم ) ، لان الكثير من أصول الدولة ، وسندها ، للسلطات الاستثنائية التي تتوفر عليها ، سواء بالدستور الذي يركز الدولة في الملك ، لان الدستور لا يتحدث عن امارة امير المؤمنين ، او عن طريق عقد البيعة الذي يعطي للأمير، الامام ، والراعي الكبير ، سلطات استثنائية غير معروفة ، ولا توجد في دستور الملك الذي شرّع فيه الاختصاصات والسلطات التي لا يزاحمه فيها احد ، تبقى بعيدة كل البعد ، عن ملامسة مشروعية الحكم في المغرب ، وتبقى شاردة عن الأصل عندما تفسر نظام سلطاني ، مخزني ، طقوسي ، تقليداني ، باعتماد النظريات والمعايير الغربية ، التي ابدعت كثيرا في مجال الديمقراطية ، ومجال حقوق الانسان ، التي يقرع بسببهما النظام السياسي المغربي ، كنظام مخزني بوليسي ، من قبل الأنظمة الديمقراطية الغربية ، ومن قبل السياسيين والمثقفين الغربيين ، الذي رغم هضمهم لمشروعية الدولة المغربية ، فانهم يظلون عاجزين عن فهم طبيعة النظام المغربي ، باستعمال المعايير الغربية الديمقراطية التي تتناقض اصلا ، ليس فقط مع نص الدستور الذي يركز الدولة في شخص الملك ، ولا يتحدث اطلاقا عن مبدأ الفصل بين السلط ، بل وامام هذه العرقلة ، يضطر الغربيون الى التعامل مع النظام المغربي كظاهرة شاذة مفروضة ( وصف سفير فرنسا بالأمم المتحدة نوع العلاقة مع الدولة المخزنية ) ، لكنها ليست ابدية ولا ازلية ، لأنه عند تحقيق بعض الشروط ، يمكن الدفع باتجاه تغيير النظام العصي عن الفهم ، لصالح نظام يصبح سهلا ، وليس عسيرا عن الفهم وعن التعامل .
ان من يحكم في المغرب ، جهة واحدة ، لا اثنان ، ولا ثالثة ، ولا رابعة ... فاين فصول الدستور التي تتحدث عن " الدولة العميقة " ، و " الحكومة العميقة " ، و " الحزب السري " ، و " القصر " ؟ .... غير موجودة اطلاقا .. لكن يبقى من يحكم فعليا هو " المخزن " الذي يعكس ويمثل الجهاز الأيديولوجي للدولة المغربية ، خاصة الدولة العلوية .. رغم تعداد العناوين المسلطة عليها كما اسلفنا أعلاه ..
وكما انّ ما سُمّي بالدولة " العميقة " غير موجود ، فكذلك فان الإطارات الاخريات المرادفة " للدولة العميقة " غير موجود كذلك ..
في المغرب هناك جهاز واحد يحكم ، هو المخزن ، وهو وحده يتماشى مع السلطات الاستثنائية لعقد البيعة الغير مكتوب، سواء كان مخزنا قويا بسبب ضعف الفاعل السياسي رئيس جهاز المخزن ، لان الملك هنا يكون نقطة في بحر المخزن ، والقرارات تتخذ باسمه رغم انها فرضت عليه ، او بسبب موقعه الضعيف داخل جهاز المخزن ، يرضخ للجهاز المخزني الذي يسهر على سلامته ، والضامن للحقوق التي يستفيد منها كملك ، وامير ، وامام ، وراعي ، ومن ثم يحتفظ بدور الختم والبصم على القرارات المتخذة باسمه ، وانْ كانت قرارات تضر به بطريق غير مباشر ، عندما تتسبب بعض القرارات في استنهاض الرعية ضد الملك ، وقد يكون من وراء الاستنهاض هذا ، ثورة ، او انتفاضة ، قد تشكل تهديدا للنظام كنظام ، او لكل الدولة ( اصلاح التعليم وانتفاضة 23 مارس 1965 ) ، ( الزيادات في الاثمنة وانتفاضات يونيو 1981 و يناير 1984 ) ( الفساد وانقلاب الجيش في سنة 1971 ) ... او عندما يكون الفاعل الأساسي على رأس النظام المخزني ، هو من يحكم ويقرر بسبب ثقافته ، ودهائه ، وسلطته ، ودوره الأساس عند التحكم في كل جهاز المخزن ، الذي يتصرف بأوامر الملك ،او الامام ، او الراعي .. ، بحيث يكون الملك هنا ، هو المخزن ، وليس الملك فقط مجرد نقطة في بحر المخزن .
والدليل عن حكم جهاز المخزن ، المفلسف للجهاز الأيديولوجي للدولة العلوية ، وليس فقط لنظام من الأنظمة ، أنّ نفس الأشخاص تتواجد برئاسة الملك ، أيا كانت التسمية التي أعطيت للاطار ، سواء " الدولة العميقة " ، وهذه غير موجودة ، لان الموجود هو المخزن ، ونفس الشيء عندما يتحدثون عن " الحكومة العميقة " ، وعن " البنية التحتية " ، وعن " القصر " ... فلا يعقل ان يكون ( صديق ومستشار ) الملك فؤاد الهمة ، مرة واحدة في " الدولة العميقة " ، وفي " البيئة التحتية " ، وفي " الحكومة العميقة " ... لكن نفس الشخص ، ونفس الأشخاص يتواجدون في جهاز المخزن ، الذي يمثل الاطار الأيديولوجي للدولة العلوية ، سواء كان شخص الملك قويا كالحسن الثاني ، الذي جسد لوحده الجهاز المخزني ، او كان ضعيفا كمحمد السادس الذي مثل نقطة في بحر المخزن . هنا تجب الإشارة ، الى ان القول بملك ضعيف امام مخزن قوي ، لا يعني ان المخزن سينقلب على الملك الضعيف ، ويسحب منه الحكم و السلطة . بل ان أي تغيير يفكر فيه الأشخاص القوية في جهاز المخزن ، لا يمكنه ان ينجح دون موافقة الجيش ، والدرك الذي يحترم أقوياء المخزن ، فقط بسبب انتماءهم الى المخزن ، وبسبب قربهم من الملك الضعيف امام المخزن .. أمّا اذا تجرأ أقوياء المخزن لتغيير الملك ، او لإبعاده لأسباب ما ، وتسلم اختصاصاته ، فأكيد وقبل ان يرتد لهم طرف العين ، وليس فقط قبل ان يقوموا من مقامهم ، يكون الجيش والدرك ، قد وضع الجميع قربانا للمحاكمات ، باسم الانقلاب على رئيس جهاز المخزن ، وبسبب الخروج عن طقوس دار المخزن . لذا فان الانباء التي افاضت بالحديث عن " البنية التحتية " ، لا تختلف في شيء عن الانباء التي تتحدث عن " الدولة العميقة " ، و " الحكومة العميقة " ... الخ .. وهي إطارات ظلت مضرب الدردشة من قبل جزء من ( النخبة ) ، لتتوسع الدردشة الى أوساط أخرى ، ولتصبح حديث الساعة الذي يدردش دون امتلاك الحجة والاذلة التي تدين ..
قد يتساءل القارئ ، إنْ كانت هناك مبررات حقيقية وراء القيمة الخاصة التي يكتسيها طرح السؤال . من يحكم المغرب ؟ . ومن يحكم في المغرب ؟ . وهل المخزن بتاريخه السوسيولوجي والتاريخي ، قادر على الاستمرارية في فرض طاعته ، أم ان هناك معطيات جديدة تجعل من دولة المخزن ، تسير نحو تجديد آلياتها ، وهرمها ؟ . وهل التركيب والتعقيد الذي يتميز به المخزن ، قادر على جعل الدولة المخزنية تنفلت من الدورة الحلزونية ؟ .
ان القول بالمخزن ، هو القول بالدولة ، والقول بنظام حكم . طبعا دولة جامعة للثروة ، وجابية للضرائب ، وصاحبة سلطة قهرية . وبهذا المعنى يحق لنا ان نتساءل لنجيب أصحاب الإطارات المتعددة ، " الدولة العميقة " ، " البنية التحتية " ، " الحزب السري " ... الخ . كيف صار المخزن في زمن الديمقراطية وحقوق الانسان ، وثورة المعلوميات ، قادرا على فرض نفسه ، وفرض آلياته المتجددة ، وبمنطق معاصر كما يبدو ، ولو شكليا ؟ . وكيف صارت البُنى التي ارتكز عليها ، تحمل أسماء حداثية ، وكيف انتقلت التحالفات من الزوايا الى الأحزاب ؟ . وكيف اصبح ( الزعماء ) السياسيون الحزبيون مريدون جددا ؟ . وكيف ان الجميع من ( دعاة الملكية البرلمانية المغربية )، محمد الساسي ، نبيلة منيب ، بعمرو ... الخ ، رضخوا وقبلوا الاشتغال تحت سلطة المخزن ، لا الاشتغال معه ، أي ندا للند ؟ . أي يؤمنون بالمخزن اكثر من اللازم ، بل واكثر من الأحزاب التي كانوا يطلقون عليها تسمية " الأحزاب الإدارية " ، و " الأحزاب الملكية " ؟ . وحين يشارك حزب الطليعة في كل انتخابات المخزن ، وهي انتخابات رئيس المخزن الذي هو الملك ، هنا . الم تصبح الغاية من المشاركة ، هي الحصول على عضوية ببرلمان الملك ، والحصول على منصب موظف سامي برتبة وزير بإدارات الملك المختلفة ؟ .. فماذا تغير بين الامس واليوم ، والمخزن هو المخزن الذي يغير الوسائل وميكانزمات الاشتغال ، لكن أصلا لا يتبدل ولا يتغير ..
مما لا شك فيه ان النسيج المخزني بالمغرب ، لن يتم انتاجه محض صدفة ، او دفعة واحدة ، وانما كان نتيجة منطقية لتراكمات تاريخية ، وايديولوجية ، واجتماعية ، واقتصادية ، امتدت منذ استقلال Aix-les Bains ، الى تداعيات المحيط الدولي الحالي ، والمتميز بالتوتر ، والذي شكل فيه انقلاب 16 مايو 2003 بالدارالبيضاء ، إحدى تجلياته الأكثر صدمة ، لمغرب تدثر كثيرا وراء استثناءاته .. من حلقة العنف الدائرة بالعالم والمرتبطة بتطورات 11 شتنبر .. فالمخزن لا يعني فقط نوع الدولة ، بل ان كلمة المخزن إضافة الى ما سبق ، تعني الاستعمار والقمع .
لذا اذا عدنا شيئا ما الى التاريخ كباحثين ودارسين ، سنجد ان المخزن وطوال عدة قرون ، يمارس سياسة قمعية ومنهجية ، من اجل الحفاظ على أسس حكمه وتوطيدها . ولم يكن يتردد وفي حالات كثيرة من اعدام ، وقتل ، واغتيال خصومه السياسيين ، او المشكوك في ولاءهم اليه .
فبهذا الإرث الاستعماري القهري ، الذي زادت فيه سلطات الحماية الفرنسية ، فان ما يعيشه المغرب المخزني اليوم ، من إعادة ترسيم الحدود الفاصلة في مجموعة من المجالات ، يدل دلالة قاطعة على ان العجز الذي حول المغرب الى قاعات انتظار طويلة ، صار اليوم يهدد النسق السياسي ككل بالانفجار ، بعد ان صارت التناقضات الاقتصادية ، محور الصراع ، بعد ان خبا بريق التناقض الأيديولوجي بمظهره المخزني ، قبل استقلال Aix-les Bains ..
وبهذا المعنى فان الصراع الجاري اليوم هو صراع مخزني ، وليس بصراع " بنية تحتية " ، او " دولة عميقة " ، او " حكومة عميقة " ، او " حزب سري " .... الخ . فالصراع المخزني صار اليوم ذو بعد اقتصادي ، بين اقتصاد مخزني مهيمن ، واقتصاد ( برجوازي ) ( برجوازية ) ( وطنية ) آخذة في التصاعد ، ويطرح اكثر من تساؤل حول حقيقة المخزن الجديد ، وهو مخزن يتخذ من الهيمنة الاقتصادية عبر ( مؤسسات ) قوية ، قاطرة السيطرة على الحقل السياسي والاجتماعي ، وهي سيطرة تجد في عالم الدعم المالي للأحزاب ، بغية تدجينها وضمان ولاءها احدى اهم مرتكزاتها .
اما على المستوى الاجتماعي ، فان الوثيرة المتسارعة لإحداث المؤسسات ذات الطابع الاجتماعي ، سرعان ما اخذت موقع الدولة نفسها ، وباقي مكوناتها التي كثيرا ما تقف عاجزة عن مد يد المساعدة ، في حين تتدخل ( مؤسسات ) تحمل أسماء سلطانية مختلفة عوض الحكومة التي تسلم الكثير من اختصاصاتها لهذه المؤسسات السلطانية التي منها من يأخذ اسم الملك ، منها من يأخذ اسم احد الامراء والاميرات وهكذا .. حتى يظل المخزن فاعلا في كل المجالات وبكل المغرب .. لقد اصبح الملك محمد السادس وحده فاعلا سياسيا ، ووحده فاعلا اقتصاديا ، فتم تهميش الفعاليات صاحبة الاختصاص لتسجيل العجز خاصة في المجال الحكومي التي هي حكومة الملك ، وليرفع الشأن للمخزن وحده الذي ينزل بثقله ليعوض العجز الذي بلغته مكونات الدولة ، في مقابل تقوية المخزن وحده دون غيره .. وفي احدى خطاباته السابقة اثنى محمد السادس فقط على جهاز البوليس والسلطة والجيش والدرك ، دون القطاعات الأخرى رغم انها جزء من الدولة المخزنية .
ومن هنا فان سؤال الحكم في المغرب ، سؤال جوهري ، نظرا لارتباطه بمجموعة من المشروعيات تتعدد ما بين الديني التقليدي ، والحداثي والعصري ، ومن ثمة فان الامتيازات والتفاوتات التي تحظى بها النخبة المسيطرة ، لا يمكن فهمها الا في اطار توازنات اللعبة السياسية المخزنية من خلال المخزن دون غيره .
ان المخزن لا يتغير من حيث الأصل ، أي من حيث الجهاز المخزني الذي حافظ ويحافظ على قوة المخزن الضاربة ، لكن المخزن حتى لا يصبح ضحية مفعول بها من قبل الخصوم . فالمخزن يغير الوسائل والميكانيزمات في الاشتغال .. وكونه يصر على الأصل ، أي السلطة القهرية ، فقوته التي غيرت الوسائل ، زادت قوة وصلابة ، واصبح من كان يدعو الى قلب الدولة المخزنية ، وبناء الجمهورية ، من اكبر المخزنيين المدافعين عن المخزن .. فتم افراغ الساحة من المعارضة العقلانية والرزينة ، بعض القضاء على المعارضة الجذرية .. وبما فيها دور الضباط الذي اخذوا صفة الضباط الاحرار عندما خسروا انقلاب الجيش في سنة 1971 بدعوى محاربة الفساد ، وخسروا انقلاب 1972 ، المتضامن مع الضباط الذين تم اعدامهم من دون محاكمات ...
لقد نجح المخزن في ثلاثة محاور :
1 ) إضفاء المشروعية على نظام المخزن .
1 ) تجديد التحالف تحت سلطة ومظلة المخزن .
3 ) تقنين أساليب القمع السياسي والايديولوجي للحفاظ على دولة المخزن .
وبهذه الاستراتيجية ، جفف المخزن جيوب المعارضة الداخلية بكل اشكالها ، فتوحد الجميع خلفه لمواجهة المعارضة الخطيرة ، التي أصبحت معارضة خارجية ، لدول متنوعة تهدد اصل الدولة المخزنية برمتها .. وطبعا سيشكل نزاع الصحراء الغربية احد المحاور الرئيسية لهذا الصراع الذي اصبح دوليا .. فالعلاقة ومواقف الدول من نزاع الصحراء ، هي التي تفسر نوع المعارضة او الصراع الدائر من الدولة المركزية التي يرتبط وجودها ، وقوتها ، وضعفها بعلاقتها بالصحراء ، والدول المعارضة لمغربية الصحراء ، والرافضة لنظام ولدولة المخزن الذي اصبح اكثر من معزول دوليا ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أراك في عيون إخوتي الصغار .. أراك في دم الثوار
- قمة اللقاء الثانية الروسية الافريقية بسانبطرزبورگ
- أجهزة القمع في النظام المخزني : البوليس السياسي ، والجهاز ال ...
- الانتخابات الاسبانية وقضية الصحراء الغربية
- الواقع السياسي الراهن : محدداته المرحلية واحتمالاته المقبلة ...
- الدولة القمعية في المجتمعات المتخلفة ، بين آليات السيطرة وال ...
- ما هي القيمة المضافة ( للاعتراف ) الإسرائيلي بمغربية الصحراء ...
- من اعترف بمغربية الصحراء . هل الدولة الإسرائيلية ام بنجمين ن ...
- إنّ فرعون علا في الأرض ، وجعل أهلها شيعاً ، حتى يستمر لوحده ...
- الجنرال الجزائري شنقريحة يهدد بالحرب
- المفوضية الاوربية تعلن انّ تجديد اتفاق الصيد البحري مع النظا ...
- فشل محاولات جبهة البوليساريو
- الدولة المخزنية
- هل ما يجري من دمار في فرنسا حصل صدفة ؟
- لن يكون هناك تغيير من دون وجود ثقافة التغيير
- أشباه المثقفين من يقبضون العصا من الوسط
- سقوط الإمبراطورية الروسية
- بوليس المخابرات
- دعوى قضائية جديدة للقضاء الإسباني، للمطالبة بفتح تحقيق في جر ...
- البوليس السياسي من الاختطاف السياسي ، الى الاختفاء القسري .


المزيد.....




- غروزني تشهد افتتاح معرض لغنائم العملية العسكرية الروسية
- ماذا تخفي الزيارة السرية للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد إ ...
- ألمانيا- تأييد لتشديد القانون الجنائي لتحسين حماية السياسيين ...
- -ليس وقت الاحتفالات-.. رئيس بلدية تل أبيب يعلن إلغاء مسيرة ا ...
- روسيا.. العلماء يرصدون توهجا شمسيا قويا
- برلماني روسي: الناتو سيواصل إرسال عسكريين سرا إلى أوكرانيا
- كيم يهنئ بوتين بالذكرى 79 لانتصار روسيا في الحرب العالمية ال ...
- -في يوم اللا حمية العالمي-.. عواقب الصيام المتقطع
- اتفاقية التجارة الحرة بين الصين وصربيا تدخل حيز التنفيذ في ا ...
- للمرة الـ11.. البرلمان الأوكراني يمدد -حالة الحرب- والتعبئة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - من يحكم المغرب ؟ من يحكم في المغرب ؟