أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - غويا في بوردو 1999(كارلوس ساورا):ارهاصات اللحظة الأخيرة















المزيد.....

غويا في بوردو 1999(كارلوس ساورا):ارهاصات اللحظة الأخيرة


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 7686 - 2023 / 7 / 28 - 02:51
المحور: الادب والفن
    


غويا،هو احد انبثاقات سلطة العقل التي كونت الشكل الفني الخارج عن المالوف غير التقليدي القريب من الجنون أحيانا،وهو الحافة المعقولة ما بين العقل والجنون،مثل الشكل السوريالي أو مسرح القسوة لآرتو...تلك الاشارات للمذاهب اللاعقلية التي خلقت حيرة واسعة في التمييز بين العقل والجنون،في المسافة الحقيقة بين العقل والجنون،بحيث أصبح الجنون منذ بدايات القرن العشرين متبوتقا داخل أشكال فنية لاقت صدى وقبولا واسعا باعتبارها شكلت الحداثة الحقيقية للفن الحديث...انها السلطة التي انبثقت عن لاعقل الفن،ذلك الاتجاه الذي حكم عليه بالعقلانية بالرغم من كل شيء حسب آراء ميشيل فوكو في تاريخ الجنون،والذي تناول في كتابه آنف الذكر لوحة ساحة المجانين لغويا بشيء من التفصيل...
المشهد الول في الفيلم توحي استلهاماته من غويا نفسه،فهناك رأس ثور مقطوع والفؤوس من حوله،والأرضية حمراء اشارة الى الدماء،بينما مسطبة تقطيع اللحم حاضرة في المشهد من خلف الثور...المشهد يتمدد أكثر واكثر...يوحي بهذا العالم أكثر وأكثر...بالتأكيد انه المسلخ ومن داخل جسد الثور المقطع ...ومن احشائه يتكون وجه غويا....
هذا المشهد هو تمهيد جميل لعوالم غويا ولوحاته التي ركزت على الجانب المعتم من المخيلة البشرية،وحاكت بشدة الشكل الانساني المشوه،والفيلم يستعرض اللحظات الأخيرة في حياة غويا في بوردو الفرنسية عندما كان على سرير الموت،ويسترجع الاشياء التي ليس من الممكن ان تنسى في حياته،على انه فيلم ليس عن الذاكرة أبد،بل طريقة استرجاعية لتسليط الضوء على حياة غويا...
يبدأ غويا برسم شكل حلزوني على ضباب النافذة:الشكل الحلزوني مثل الحياة نفسها
تأتي كيتيانا لتقوده الى الذاكرة،إلى ذاكرة المكان،أو إلى ذاكرة أصلا هي متكونة في عوالم داخلية...كيتيانا دوقة البا هي حب حياته...
فرصة هي الأعظم ان اكون رسام القصر ولكن المرشحين الآخرين يمتلكون مناصرين أقوياء،أولا علي ان اصنع اسما لي،وهذا يعني الحاجة الى التملق الى الآخرين بشكل كبير،هنا،في صالون أوسونا تجمع لأكثر الناس ذكاءا في اسبانيا،أفضل المثقفين،السياسيين الأكثر طموحا،والأكثر جمالا واناقة،يعجبني هذا العالم
علي أن اعترف بذلك،ولكني لا أصلح فيه...
هؤلاء الارستقراطيين والسياسيون والمفكرون،كلهم متأثرين بالثقافة الفرنسية ولديهم السلطة لتغيير بلدنا،هذه القوة أعطتني معنى للحياة...وتحقيقا لهذه الغاية باستخدام جهدي وفني بذلت أقصى جهدي...
وهكذا،ربما على نمط سيرة الحياة التوثيقية...يروي غويا حياته بنفسه
يتحدث عندما حاكى الموت ذات مرة في حياته وكيف اصبح أصما،وكيف كان يتامل أثناء هذا الاحتضار لوحة امامه على السرير،بحيث بدت ان هذه اللوحة تستيقظ وتتحرك الفتاة في اللوحة اليه...
من عوالم الاحتضار...من عوالم الاقتراب من الموت تبدأ العبقرية بالنطق
الصمم عزلني عن العالم...ولكن المخيلة
المخليلة مجموعة مع السبب،أهي ام الفنون ومصدر الروعة
يقول غويا في حوار مع ابنته حول قيمة المخيلة:
ألا تستطيعين سماع صرخة امرأة تبكي لأنهم قتلوا أبنها،ألا تستطيعين سماع صوت بكائها من الألم...
ألا يمكنك سماع صوت دوي مدفع والبنادق التي ترمي وعواء حيوان بري...اصغي
عليك ان تركزي أكثر يا روزيتو،عليك أن تبذلي جهدا....من دون مخيلة نحن لسنا أكثر من حيوانات
مع مخيلتك انت تستطيعين ارتكاب أسوأ جريمة ولايمكن لأحد ان يعاقبك،يمكنك ان ترتفعي الى السماء أو تسقطي الى الجحيم...
أن كوني كبيرة جدا او متناهية في الصغر،أن تكوني ذات عبقرية خلاقة أو ذات أحسن استراتيجية أو السياسية الأكثر نفوذا...هنا خط صغير وحيد يا صغيرتي،عليم ان تعرفي متى التوقف وإلا ستلتهمك العتمة والجنون...
هذا ما يدعى:الكآبة الناتجة عن الحماقة البشرية،المخيلة السوداوية حول الانسان نفسه
نحن حيوان ناطق بالمخيلة،والمخيلة هي من صناعة العقل....الجملتين هي مداخلة للناقد
ثم في حوار مع عودة صغيرة الى الماضي:
هل تعرفين ما الوحش الأكبر في الكون...
الانسان...فقط قسوة الانسان تفوق القسوة الموجودة في مملكة الحيوانات...الحيوانات بريئة من الوحشية التي ترتكبها،انها فقط تنبع من غريزتها،ولكن ومن الناحية الأخرى فالانسان يعلم عندما يوقع الأذى في الآخرين.
الصداع عند جويا،الصداع الرهيب،الرهيب جدا،يحرك بدوره تلك المخيلة الرهيبة القادمة من السوداوية غير المؤمنة بالعنصر البشري،بالخير البشري تجعله في الحلقة التاملية للاشياء...أنه عالم اختلاق الصور
غويا كان لابد ان يكون واضحا،وكان لابد ان يصاب بذلك الصداع الرهيب..هنا الحكمة الالهية في الاستكمال البشري...
يتناول الفيلم بشيء من التفصيل،حب غويا للأرستقراطية كاتيانا دوقة البا،وكيف وصل الى رسمها كموديل عارية،ويتطرق الى قصة تسميمها من قبل الملكة...
عندما تظهر في احد الصور..يبدا في الاكتشاف
أنه يبدو وكانه في مرآة...أحد شخصيات الصورة،أو،هل كل الصورة تبدو وكانها انعكاس في مرآة،أو كلاهما...؟!
منذ سنين وانا أبحث،لكن لم اعرف لماذا،كان هو ذلك،كل شيء فسر بوضوح واضح جلي واستنطق الالهام... بهذا الشكل كنت اريد ان ارسم...
هنا يبدو ان غويا أضاف البعد الرابع للفن،لرسمه الخاص،وهو الزمن،ونلاحظ ان الكثير من وجوه لوحات غويا على وشك التحول وعلى وشك الانقلاب...هو يحاكي لحظة الانقلاب الوجهية تلك من الصورة البشرية الى الصورة الكابوسية الوحشية،وكأن كافكا الأديب حاضرا في تصويره للواقع الكابوسي البشري.
أحد المشاهد الأخيرة من الفيلم،يستلهم كارلوس ساورا احد لوحات غويا من واقع حروب نابليون،ويجعل لوحة غويا تنطق وتتحرك...استلهم غويا من المآسي...من قسوة البشرية في عصره ومن كل العصور
ولكنها ارهاصات اللحظة الأخيرة...حياتي مضت مثل ومضة ريح
وهذا الشكل الحلزوني الذي رسمه في البداية يشير ربما الى دوامة سارتر،او ربما الى العود الأبدي عند نيتشة ...هو يشير باصبعه...يرسم ذلك الشكل في لحظاته الخيرة الأخيرة..
من هذا الشكل ،من هذه الاشكال التي تخضع العقل لمحاكمة طويلة بدأ الفن الحديث
بعد غويا...بدا الفن الحديث
30/03/2023



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لطيف ومنحط1999 (وودي الن):حكمة القدر
- إمرأة اخرى 1988(وودي ألن): مسرح الذات
- العلاقات الخطرة -بيير كوديرلوس دولاكلو: رواية اسيرة اللحظة ا ...
- اشتراكية 2010(جان لوك غودار):مقال صحفي
- نون يمسك بالنرد1971(ألن روب غرييه):عقلنة اللقطة
- عدن وما بعدها (ألن روب غرييه) 1970:ارتجال الواقع
- الفيلا الزرقاء1995(الن روب غرييه):تلك الاصوات التي تقود الى ...
- اللعب بالنار1975(ألن روب غرييه):محاولة اكتشاف
- حنا وأخواتها1986(وودي ألن): الطاولة التي تقف على ثلاثة ارجل
- Moebius2013 (كيم كي دك):الأوديبية التي تتحرك من خلف الظل
- ذوبان 2019:الفيلم الأخير الذي حققه كيم كي دك في حياته الدنيا
- مقت/اشمئزاز 1965:من ثلاثية الغرف المغلقة-رومان بولونسكي
- مستأجر 1976(رومان بولونسكي):لعنة الفراعنة
- الانزلاقات المتعاقبة للرغبة1974(آلن روب غرييه):نظرية نقدية-ن ...
- تس (Tess)1979 رومان بولونسكي:بين تس وجستن
- خيال حقيقي 2000 (كيم كي دك): أنا الآخر
- رهينة الوهم 2012:الفيلم الأخير لإليسو سوبيلا
- ضربة المباراة 2005:فيلم عن الاحتكام لوودي ألن
- العنوان مجهول 2001(كيم كي دك):العدو في الداخل
- معجزات صغيرة 1997(اليسو سوبيلا): الحياة هي الجانب الخارجي لل ...


المزيد.....




- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - غويا في بوردو 1999(كارلوس ساورا):ارهاصات اللحظة الأخيرة